عربي
Tuesday 23rd of April 2024
0
نفر 0

من أجوبة الامام السجاد علیه السلام

هذا غيض من فيض الذي سجله المؤرخون وأهل التراجم والسير من نصائح ومواعظ تعتبر سلماً إلى مرتقى الكمال ومنهجاً حياً لحياة جميع الناس وصلة وصل بين العبد وخالقه. ويعيش المؤمن بوحيها بعيداً عن غوغاء الدنيا وقريباً من الله تعالى.
من أجوبة الامام السجاد علیه السلام

هذا غيض من فيض الذي سجله المؤرخون وأهل التراجم والسير من نصائح ومواعظ تعتبر سلماً إلى مرتقى الكمال ومنهجاً حياً لحياة جميع الناس وصلة وصل بين العبد وخالقه. ويعيش المؤمن بوحيها بعيداً عن غوغاء الدنيا وقريباً من الله تعالى.
وهذه بعض ما ورد من أجوبة الإمام السجاد عن مسائل وردت عليه جاءت عن تفسير بعض آي الذكر الحكيم أو عن توضيح أمور فقهية تشريعية أو عن قضايا دينية وغيبية لا يحسن الرد عليها إلا أهل البيت، أهل العلم والمعرفة.

1- سئل (عليه السّلام) عن العصبية فأجاب:
العصبية هي التي يأثم عليها صاحبها فيرى الرجل شرار قومه خيراً من خيار قوم آخرين، وليس من العصبية أن يحب الرجل قومه ولكن العصبية أن يعين قومه على الظلم)(1)
العصبية هي التي فرقت بين العرب في الماضي وما زالت موجودة عند العرب وعند غيرهم في عصرنا الحاضر، عند الدول التي تسمي نفسها متحضرة حيث نجدها بأبشع صورها وأشكالها.ففي أمريكا مثلاً تمثلت العصبية البغيضة بين البيض والسود فصاحب البشرة السوداء محروم من كافة حقوقه التي يتمتع بها المواطن الأمريكي الآخر صاحب البشرة البيضاء. وكل ذنبه أن خَلْقه وشكله يختلفان عن خلق وشكل المواطن الأمريكي الأبيض كل ذلك بسبب العصبية البغيضة التي لا تقيم وزناً للإنسان في إنسانيته وكرامته وحريته.
أين هؤلاء من تعاليم الإسلام الإنسانية النبيلة؟ أين هؤلاء من الأخوة التي نادى بها الإسلام وطبقها المسلمون المؤمنون؟ يعتمد الإسلام في ميزانه العادل على مقياس تشريعي إلهي يقدر ما للمخلوق من حقوق فردية لا ينازعه فيها منازع، ويفرض عليه واجبات عليه تأديتها كاملة غير منقوصة.
قال الله تعالى في كتابه العزيز: (إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم)(2).
وقال الرسول الأكرم: (لا فرق بين عربي وأعجمي ولا بين أسود وأبيض إلا بالتقوى) فالتقوى في الإسلام هي الميزان فقط.
وقال أمير المؤمنين (عليه السّلام) في وصيته لمالك الأشتر قبل أن يتجه والياً على مصر: (...فإن لم يكونوا إخوة لك في الدين فهم أسوة لك في الخلق).
والإمام زين العابدين هو حفيد أمير المؤمنين سار على خطى أبيه وجده (عليهما السّلام). فقد رفض العصبية لأنها تفرق بين الناس وتوهن العلاقات الاجتماعية في المجتمع الواحد.
أما العصبية لقومه عندما يعينهم على الظلم فيبعدهم عنه ويمنعهم ليكونوا من الظالمين. لكن إذا أحبهم فهذا ليس من العصبية في شيء لأن بالمحبة تعمر الأوطان ويسعد بنو الإنسان ويعيش كل فرد وجماعة بسلم وأمان.

2- وسئل (عليه السّلام): أي الأعمال أفضل عند الله تعالى؟ فقال (عليه السّلام):
ما من عمل بعد معرفة الله ومعرفة رسوله أفضل من بغض الدنيا، وإن لذلك شعباً كثيرة وإن للمعاصي شعباً، فأول ما عصي الله به الكبر، وهو معصية إبليس حين أبى واستكبر وكان من الكافرين.والحسد وهو معصية ابن آدم حيث حسد أخاه فقتله، فتشعب من ذلك حب النساء، وحب الدنيا، وحب الرئاسة، وحب الراحة، وحب الكلام، وحب العلو، وحب الثروة، فصرن سبع خصال فاجتمعن كلهن في حب الدنيا، فقال الأنبياء والعلماء بعد معرفة ذلك: حب الدنيا رأس كل خطيئة، والدنيا دنيا بلاغ ودنيا ملعونة)(3).
والمراد من حب الدنيا الانغماس فيها والتلهي بملذاتها عن عبادة الله تعالى؛ علماً أن فيها ما يحصل به مرضاة الله عز وجل ويبلغ به إلى الآخرة وتدفع به الضرورة والكفاف لكل من عمل عملاً متقناً صالحاً يفيد نفسه ويفيد الآخرين.
والمراد من لعن الدنيا عندما تبعد الإنسان عن نيل السعادة وكسب الرحمات الإلهية.
وما أكثر الذين يحبون الدنيا في أيامنا هذه فانغمسوا بملذاتها ونسوا نعم الله، وجمعوا المال وبنوا الدور والقصور وعاشوا ليومهم فإذا أتت ساعتهم ندموا وتحسروا، ولات ساعة مندم.

3- الأخذ بالجوهر وليس بحسن المنظر:
سئل عن ذلك (عليه السّلام) فأجاب: إذا رأيتم الرجل قد حسن سمته وهديه وتمادى في منطقه وتخاضع في حركاته فرويداً لا يغرنكم فما أكثر من يعجزه تناول الدنيا وركوب الحرام منها لضعف نيته ومهانته وجبن قلبه، فنصب الدين فخاً لها فهو لا يزال يختل الناس بظاهرة فإن تمكن من حرام اقتحمه، وإذا وجدتموه يعف عن المال الحرام فرويداً لا يغرنكم فإن شهوات الخلق مختلفة فما أكثر من يتأبى عن الحرام وإن كثر ويحمل على نفسه شوهاء قبيحة فيأتي فيها محرماً. فإذا رأيتموه كذلك فرويداً لا يغرنكم حتى تنظروا عقدة عقله فما أكثر من ترك ذلك أجمع ثم لا يرجع إلى عقل متين فيكون ما يفسده بجهله أكثر مما يصلحه بعقله.
فإذا وجدتم عقله متيناً فرويداً لا يغرنكم حتى تنظروا أيكون هواه على عقله أم يكون عقله على هواه وكيف محبته للرياسة الباطلة وزهده فيها فإن في الناس من يترك الدنيا للدنيا ويرى أن لذة الرياسة الباطلة أفضل من رياسة الأموال والنعم المباحة المحللة، فيترك ذلك أجمع طلباً للرياسة حتى إذا قيل له: اتق الله، أخذته العزة بالإثم! فحسبه جهنم وبئس المهاد فهو يخبط خبط عشواء يقوده أول باطله إلى أبعد غايات الخسارة ويمد به بعد طلبه لما لا يقدر في طغيانه، فهو يحل ما حرم الله ويحرم ما أحل الله لا يبالي ما فات من دينه إذا سلمت له الرياسة التي شقي من أجلها فأولئك الذين غضب الله عليهم ولعنهم وأعد لهم عذاباً أليماً.
بعد أن حذّرنا (عليه السّلام) من هذا النوع من الرجال الذين أحبوا الرياسة الباطلة واخذتهم العزة بالإثم فغضب الله عليهم ولعنهم دعانا لنقتدي بالرجل الذي جعل هواه تبعاً لأمر الله فقال: ولكن الرجل كل الرجل الذي جعل هواه تبعاً لأمر الله وقواه مبذولة في قضاء الله يرى الذل مع الحق أقرب إلى عز الأبد مع العز في الباطل ويعلم أن قليل ما يحتمله من ضرائها يؤديه إلى دوام النعيم في دار لا تبيد ولا تنفد وإن كثيراً ما يلحقه.يا زهري من لم يكن عقله من أكمل ما فيه كان هلاكه من أيسر ما فيه. يا زهري عليك أن تجعل المسلمين منك بمنزلة أهل بيتك، فكبيرهم بمنزلة والدك وتربك منهم بمنزلة أخيك فأي هؤلاء تحب أن تظلم، وأي هؤلاء تحب أن تدعو عليه، وأي هؤلاء تحب أن تهتك ستره. وإن عرض لك إبليس لعنه الله بأن لك فضلاً على أحد من أهل القبلة فانظر إن كان أكبر منك، فقل قد سبقني بالإيمان والعمل الصالح، فهو خير مني، وإن كان أصغر منك فقل قد سبقته بالمعاصي والذنوب فهو خير مني، وإن كان تربك فقل أنا على يقين من ذنبي وفي شك من أمره، فما لي أدع يقيني لشكي. وإن رأيت المسلمين يعظمونك ويوقرونك ويبجلونك فقل هذا فضل اخذوا به، وإن رأيت منهم جفاءً وانقباضاً فقل هذا لذنب أحدثته فإنك إذا فعلت ذلك سهل الله عليك عيشك وكثر أصدقاؤك وقل أعداؤك وفرحت بما يكون من برهم ولم تأسف على ما يكون من جفائهم.ثم تابع قائلاً (عليه السّلام):
واعلم أن أكرم الناس على الناس من كان خيره عليهم فايضاً وكان عنهم مستغنياً متعففاً، وأكرم الناس عليهم من كان مستعففاً عنهم وإن كان إليهم محتاجاً فإنما أهل الدنيا يتعقبون الأموال فمن لم يزدحمهم فيما يتعقبونه كرم عليهم ومن لم يزاحمهم ومكنهم من بعضها كان أعز وأكرم)(4).

4- وهذه بعض أجوبته (عليه السّلام) عن فقه الشريعة وتفسير بعض آي الذكر الحكيم.
منها قال الزهري: دخلت على علي بن الحسين فقال لي: يا زهري من أين جئت؟
قلت: من المسجد.
قال: فيم كنتم؟
قلت: تذاكرنا أمر الصوم، فاجتمع رأيي ورأي أصحابي على أنه ليس من الصوم واجب إلا صوم شهر رمضان. فقال: يا زهري ليس كما قلتم، إن الصوم على أربعين وجهاً. فعشرة أوجه منها واجبة كوجوب شهر رمضان وعشرة أوجه منها صيامهن حرام، وأربعة عشر وجهاً منها صاحبها فيها بالخيار، إن شاء صام وإن شاء أفطر وصوم الإذن على ثلاثة أوجه: صوم التأديب وصوم الإباحة وصوم السفر والمرض.
قلت: فسرهن لي جعلت فداك.
قال(عليه السّلام): أما الواجب: فصيام شهر رمضان، وصيام شهرين متتابعين لمن أفطر يوماً من شهر رمضان متعمداً. وصيام شهرين متتابعين في قتل الخطأ لمن يجد العتق واجب، قال عز وجل: (ومن قتل مؤمناً خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله... فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله..)(5). وصيام شهرين متتابعين في كفارة الظهار لمن لم يجد العتق واجب، قال الله تبارك وتعالى:(والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ذلكم توعظون به والله بما تعملون خبير)(6)
وصيام ثلاثة أيام في كفارة اليمين واجب لمن لم يجد إلا طعام، قال الله تبارك وتعالى: (فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم)(7). كل ذلك متتابع وليس بمتفرق.
وصيام أذى الحلق واجب، حلق الرأس. قال الله تبارك وتعالى: (فمن كان منكم مريضاً أ, به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك)(8) وصاحبها فيها بالخيار وإن صام ثلاثاً.
وصوم دم المتعة واجب لمن لم يجد الهدي. قال الله تبارك وتعالى: (فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة) (9)
من سرائها إن اتبع هواه يؤديه إلى العذاب.

5- وسئل (عليه السّلام) عن يوم القيامة فقال:
(إذا كان يوم القيامة جمع الله الأولين والآخرين، وجمع ما خلق في صعيد واحد، ثم نزلت ملائكة السماء الدنيا وأحاطت بهم صفاً، وضرب حولهم سرادق من النار، ثم نزلت ملائكة السماء الثانية فأحاطوا بالسرادق، ثم ضرب حولهم سرادق من نار، ثم نزلت ملائكة السماء الثالثة فأحاطوا بالسرادق، ثم ضرب حولهم سرادق من نار، حتى عد ملائكة سبع سماوات وسبع سرادقات، وصعق الرجل فلما أفاق قيل له: يا بن رسول الله فأين علي وشيعته؟
قال: على كثبان المسك يؤتون بالطعام والشراب، لا يحزنهم ذلك)(10)
ولما بيّن (عليه السّلام) أهوال يوم القيامة والقصاص من الظالم للمظلوم قام رجل وقال: يا بن رسول الله إذا كان للمؤمن على الكافر مظلمة فأي شيء يأخذ منه وهو من أهل النار؟ فقال (عليه السّلام): يطرح عن المسلم من سيئاته بقدر ما له على الكافر، فيعذب الكافر بها مع عذابه بكفره.
قال: فإن كان للمسلم على المسلم مظلمة فما يأخذ منه؟ فقال (عليه السّلام): يؤخذ من حسنات الظالم ويدفع للمظلوم وإن لم يكن له حسنات يؤخذ من سيئات المظلوم على الظالم)(11)
جواب مسدد كامل شامل لا يشوبه شائبة يعبر تعبيراً سليماً عن رأي قائلة، والإمام السجاد كعادته في كل أجوبته، ولا غرو فهو إمام معصوم من جامعة أهل البيت مؤهل بعلوم خاصة علوية تزود بها من أبيه وجديه (عليهم السّلام)، وهكذا كان شأن الأئمة المعصومين الذين أتوا بعده. لقد أوجدهم الله جل شأنه رحمة للعالمين وقيضهم أعلاماً يقتدى بهم ويقتفى أثرهم. فبهم قامت الدعوة الإسلامية وبهم تطورت الحياة الاجتماعية.

6- نتابع سرد بعض أجوبته المسددة والكافية الوافية.
سئل (عليه السّلام): لِمَ أوتم النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) من أبويه؟ فقال (عليه السّلام): لئلا يوجب عليه حق لمخلوق)(12)
وقيل له: ما أشد بغض قريش لأبيك؟ فقال (عليه السّلام): لأنه أورد أولهم النار، وألزم آخرهم العار)(13)

7- وبعد وقعة كربلاء :
رجع (عليه السّلام) إلى المدينة فوقف عليه إبراهيم بن طلحة بن عبيد الله فقال متشمتاً: من الغالب؟ قال (عليه السّلام): إذا
دخل وقت الصلاة فأذن وأقم تعرف الغالب)(14)

8- وفي الحسد والصبر والصوم : روى الإمام الباقر (عليه السّلام) أن الزهري، محمد بن مسلم بن شهاب، دخل على الإمام زين العابدين (عليه السّلام) كئيباً حزيناً فقال له: ما بالك مغموماً؟ قال: يا بن رسول الله فما امتحنت به من حساد نعمي والطامعين فيَّ ممن أرجوه ومن أحسنت إليه فيخلف ظني.فقال علي بن الحسين (عليه السّلام): احفظ عليك لسانك تملك به إخوانك. قال الزهري: إني أحسن إليهم بما يبدر من كلامي.
فقال (عليه السّلام): هيهات، هيهات إياك أن تعجب بذلك وإياك أن تتكلم بما يسبق إلى القلوب إنكاره وإن كان عندك اعتذاره فليس كل ما تسمعه شراً يمكنك أن توسعه عذراً.
وصوم جزاء الصيد واجب. قال الله تبارك وتعالى: (ومن قتله منكم متعمداً فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هدياً بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياماً ليذوق وبال أمره...)(15)
ثم قال (عليه السّلام): أوَتدري كيف يكون عدل ذلك صياماً يا زهري؟ فقلت: لا أدري.
قال: تقوّم الصيد قيمة، ثم تفض تلك القيمة على البر، ثم يكال ذلك البر أصواعاً فيصوم لكل نصف صاع يوماً.
وصوم النذر واجب وصوم الاعتكاف واجب.
وأما الصوم الحرام: فصوم يوم الفطر، وصوم الأضحى وثلاثة أيام من أيام التشريق، وصوم يوم الشك أمرنا به ونهينا عنه، أمرنا به أن نصومه مع شعبان ونهينا أن ينفرد الرجل بصيامه في اليوم الذي يشك فيه الناس.
قلت: جعلت فداك فإن لم يكن صام من شعبان شيئاً كيف يصنع؟
قال: ينوي ليلة الشك أنه صائم من شعبان، فإن كان من شهر رمضان أجزأ عنه، وإن كان من شعبان لم يضر.
قلت: وكيف يجزي صوم تطوع عن فريضة.
قال: لو أن رجلاً صام يوماً من شهر رمضان تطوعاً وهو لا يدري ولا يعلم أنه من شهر رمضان، ثم علم بعد ذلك أجزأ عنه، لأن الفرض إنما وقع على اليوم بعينه وصوم الوصال حرام، وصوم الصمت حرام، وصوم النذر للمعصية حرام، وصوم الدهر حرام(16)
وأما الصوم الذي صاحبه فيه بالخيار: فصوم يوم الجمعة والخميس والاثنين، وصوم أيام البيض، وصوم ستة أيام من شوال بعد شهر رمضان، ويوم عرفة، ويوم عاشوراء كل ذلك صاحبة فيه بالخيار، إن شاء صام، وأن شاء أفطر.
وأما صوم الإذن: فإن المرأة لا تصوم تطوعاً إلا بإذن زوجها والعبد لا يصوم تطوعاً إلا بإذن سيده، والضيف لا يصوم تطوعاً إلا بإذن صاحبه، قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): فمن نزل على قوم فلا يصومن تطوعاً إلا بإذنهم.
وأما صوم التأديب: فإنه يؤمر الصبي إذا راهق بالصوم تأديباً وليس بفرض، وكذلك من فطر لعلة من أول النهار ثم قوي بعد ذلك أمر بالإمساك بقية يومه تأديباً وليس بفرض وكذلك المسافر إذا أكل من أول النهار ثم قدم أهله أمر بالإمساك بقية يومه تأديباً وليس بفرض؟
وأما صوم الإباحة: فمن أكل أو شرب أو تقيأ من غير تعمد فقد أباح الله ذلك له وأجزأ عنه صومه.
وأما صوم السفر والمرض: فإن العامة اختلفت فيه، فقال قوم: يصوم. وقال قوم: لا يصوم، وقال قومٍ: إن شاء صام وإن شاء فطر. وأما نحن فنقول: يفطر في الحالين جميعاً فإن صام في السفر أو في حال.
المرض فعليه القضاء في ذلك لأن الله عز وجل يقول: (فمن كان منكم مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر)(17)
ومن تفسيراته لآي الذكر الحكيم قال في تفسير قوله تعالى: (ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون) (18)
(ولكم) ينادي امة محمدصلی الله علیه وآله وسلم . (في القصاص حياة) ذلك أن من هم بالقتل وعرف أنه يقتص منه يكف عن القتل، فكان ذلك حياة للذي هم بقتله، وحياة لهذا الجاني الذي أراد أن يقتل، وحياة لغيرهما من الناس إذا علموا أن القصاص واجب فلا يجسرون على القتل مخافة القصاص.(يا أولي الألباب) يا ذوي العقول. لعلكم تتقون: لعلكم ترجعون إلى الخط السليم وتتقون الله تعالى.

9- في الدیات : قال سعيد بن المسيب: سألت علي بن الحسين (عليهم السّلام) عن رجل ضرب امرأة برجله فطرحت ما في بطنها ميتاً.فقال (عليه السّلام): إذا كان نطفة فإن عليه عشرين ديناراً، وهي التي وقعت في الرحم، واستقرت فيه أربعين يوماً.
وإن طرحت وهو علقة، فإن عليه أربعين ديناراً، وهي التي وقعت في الرحم واستقرت فيه ثمانين يوماً.
وإن طرحته مضغة فإن عليه ستين ديناراً، وهي التي وقعت في الرحم واستقرت فيه مائة وعشرين يوماً.
وإن طرحته وهو نسمة مخلقة، له لحم وعظم، مرتل الجوارح وقد نفخ فيه روح الحياة والبقاء، فإن عليه دية كاملة(19)
لقد ذكر (عليه السّلام) جميع الأحوال التي يمر بها الجنين من النطفة إلى الولادة ولم يترك واحدة منها، ولا غرو فهو إمام معصوم لا يسهى ولا ينسى.
وسئل (عليه السّلام): من أعظم الناس خطراً؟
فقال: من لم ير الدنيا خطراً لنفسه(20)

10- شرائع الدين : وعن أبي مالك قال: قلت لعلي بن الحسين (عليه السّلام):أخبرني بجميع شرائع الدين.
قال: قول الحق، والحكم بالعدل، والوفاء بالعهد(21)
فتأمل معي هداك الله إلى هذا الإيجاز وهذه البلاغة وهذا التكثيف في المعنى والبعد في الدلالة، والإحاطة الشاملة بتسديد الجواب، والتسلسل المنطقي.فالذي يقول الحق ويعرف حدوده لا بد وأن يحكم بالعدل ويعلم أصوله وقواعده لا بد وأن يفي بالعهد.
والذي يفي بالعهد ويحكم بالعدل ويقول الحق لا بد وأن يكون من المؤمنين الصالحين الذين كسبوا رضا الله بأعمالهم الصالحة. وسمعوا قوله تعالى: (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنين) (22)
من روائع حكمه:
الحكمة هي ثمرة تجارب طويلة وحصيلة نظر ثاقب في أمور الحياة، وبصيرة نافذة في قضايا الناس وأخلاقهم.
والحكمة تأمل هادئ في سعي الإنسان وفي الغاية التي ينشدها والنهاية التي يترقبها، كما هي إحساس دقيق في جميع فروع الحياة البشرية.
والحكمة هي إحساس بكل ما تتفتق به الحياة من ولادة أفكار تزهر وتعقد وتثمر على هذه الأرض التي منها وإليها الإنسان، وهي تأخذ زخماً في النمو والعطاء من إبداع الإنسان وحسن فهمه لأسرار الوجود.
تأخذ الحكمة غذائها من الماضي وتتلون بألوان الحاضر وتكون منارة مشعة يستضيء بنور هديها المستقبل.
والحكمة في صدر الإسلام، كغيرها من الحكم، دليل واضح على رقي عقلية العلماء، أوصياء على الأمة الإسلامية وأمناء على مسيرتها في طريق الخير والصلاح، ولا سيما الأئمة المعصومين أئمة الهدى الذين أخذوا على عاتقهم مسؤولية نشر الدعوة الإسلامية وتقويم الانحراف لتسير في الطريق الصحيح الذي رسمه الرسول الأعظم. والعلماء الحكماء هم ورثة الأنبياء منهم الإمام زين العابدين:
تدل حكم الإمام (عليه السّلام) على أصالة في الرأي، وتطور في الفكر، وإبداع في العطاء، وهي تحكي خلاصة التجارب التي ظفر بها الإمام في حياته، ولا تقتصر على جانب خاص من جوانب الحياة وإنما كانت شاملة لجميع مناحيها. لقد نظر الإمام (عليه السّلام) الحكيم بعمق وشمول إلى جميع شؤون الإنسان فوضع الحلول الحاسمة لجميع قضاياه وشؤونه. وهذه بعض ما أثر عنه من غرر حكمه الحية الخالدة التي يفيد منها كل إنسان في حياته الخاصة والعامة. قال (عليه السّلام):

1- (من كرمت عليه نفسه هانت عليه الدنيا)(23)
حكمة رائعة تحكي واقع الأحرار في كل زمان الذين هانت عليهم الدنيا من أجل عزتهم وكرامتهم، نفوسهم أبية ومواقفهم شريفة، فلم يخضعوا للذل والهوان ولم يسكتوا عن الظلم والطغيان بل قاوموا بكل ما لديهم من قوة، وجاهدوا بأغلى ما عندهم بالمال والبنين والأنفس، وكان على رأسهم أبو الأحرار وسيد الشهداء الإمام الحسين (عليه السّلام) الذي كرمت عليه نفسه فاستهان الدنيا وما عليها، ولم يصانع الظالمين، ولم يمالئ المنحرفين بل حمل راية الكرامة الإنسانية، راية جديه، أمير المؤمنين وخاتم النبيين حتى استشهد مرفوع الرأس، موفور الكرامة.
الامام الحسين (عليه السّلام) لبس درع الرسالة فوجد في كل حلقة فيه نبضة قلب يتفجر عزيمة، والعزيمة تشع كضوء يتماوج بألف لون. قال الإمام الحسين كلمة ملتزمة تقول: الموت البطولي، الشهادة من أجل الحق، كلمة جده محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) التي كتبها من فوح القرآن، وقالها من بوح جسده ذي القلب السماوي ليعبر الضفة قبالة والده أمير المؤمنين، فريد الدهور في حب الحق الأعلى.
لقد قدم الإمام الحسين منهجاً جديداً في ممارسة الحياة، منهج النضال الشريف من أجل صون حياة الإنسان.
والإمام السجاد مضى على خط أبيه يناضل من أجل الحق، ويقول كما قال أخو الأوس لابن عمه عندما لقيه وهو يريد نصرة رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال له: أين تذهب فإنك مقتول، فقال:
سأمضي وما بالموت عار على الفتى إذا ما نوى خيراً وجاهد مسلماً وواسى رجالاً صالحين بنفسه وخالف مثبوراً وفارق مجرما فإن عشت لم أندم وإن مت لم أُلم كفى بك ذلاً أن تعيش وترغما(24)

2- ومن حكمه (عليه السّلام) قوله:
(ضل من ليس له حليم يرشده، وذل من ليس له سفيه يعضده...)(25)
قد يتعثر الإنسان في خطاه إذا لم يكن له حليم يرشده في المعضلات التي تعترضه في حياته، فيتعثر في خطاه وينزلق في متاهات سحيقة، وقد يذل إذا لم يكن له سفيه يذب عنه ويعضده.

3- وقال (عليه السّلام): (ويل لمن غلبت آحاده أعشاره).سئل الإمام الصادق عن معنى هذا الحديث فقال (عليه السّلام): (أما سمعت الله عز وجل يقول: (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها، ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها)(26)
فالحسنة الواحدة من عملها كتبت له عشراً، والسيئة الواحدة إذا عملها كتبت له واحدة، فنعوذ بالله ممن يرتكب في يوم واحد عشر سيئات ولا تكون له حسنة واحدة فتغلب سيئاته حسناته(27)

4- وقال (عليه السّلام): (طلب الحوائج إلى الناس مذلة للحياة ومذهبة للحياء، واستخفاف بالوقار، وهو الفقر الحاضر وقلة طلب الحوائج من الناس هو الغني الحاضر...)(28)
إن طلب ما في أيدي الناس خضوع لهم مما يوجب الذل والهوان وذهاب الحياء، وهو دليل ضعف في نفس السائل أما الإنسان العزيز هو الذي يصون نفسه وكرامته ولا يطلب حاجاته إلا من ربه فهو يرزق من يشاء وبيده الخير وهو على كل شيء قدير.

5- وقال (عليه السّلام): (الكريم يبتهج بفضله، واللئيم يفتر بملكه..)(29)
تصف هذه الكلمة واقع الكريم واللئيم. فالكريم يفرح ويبتهج بما يسديه إلى الناس من فضل وإحسان، إحسان بالمال أو اليد أو اللسان، ذلك أن اليد العليا خير من اليد السفلى. أما اللئيم الذي لا فضل عنده من هذا فإنه يفخر بما يملكه من الأموال والأمتعة فقط التي سرعان ما تتحول إلى تراب بعد قليل أو كثير. فالذي يبقى ويدوم هو العمل الصالح والكلمة الطيبة والإحسان إلى الآخرين من قلب طيب وروح فاضلة ونفس خيرة، أما المال والمتاع فهو غرض زائل، عمره قصير، يؤول أمره إلى تراب وصاحبه ليست لديه أية صفة كريمة أو نزعة شريفة يعتز بها ويفتخر.

6- وقال (عليه السّلام): (خير مفاتيح الأمور الصدق، وخير خواتيهما الوفاء...)(30)
التحلي بالصدق من أنبل الصفات وأكرمها، والصادق إنسان وقور يعيش بين قومه وأهله محبوباً كريماً. ولا نعرف صفة أفضل تكفل استقرار المجتمع الإنساني وتضمن الثقة بين المواطنين مثل الصدق. لذلك اعتبره الدين الإسلامي أساساً ثابتاً من الفضائل التي تبنى عليها المجتمعات في الأمم الراقية.
لذلك دعا الله المؤمنين للتخلق به فقال سبحانه مخاطبهم: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً)(31)
وقد دعانا الرسول الكريم إلى قول الصدق جميع أعمالنا وأقوالنا وتصرفاتنا فقال (صلّى الله عليه وآله وسلّم): (عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً، وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً)(32). وقال أحد الشعراء:
الصدق في أقوالنا أقوى لنا والكذب في أفعالنا أفعى لنا وخير خواتيم الأمور الوفاء. وأفضل ما تحدث به القرآن الكريم عن الوفاء وصفة تبارك وتعالى ذاته القدسية بالوفاء فقال سبحانه: (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة، يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون، وعداً عليه حقاً في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله..)(33)
كما نوه القرآن الكريم بسمو فضيلة الوفاء حين جعلها صفة الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين. فقال تعالى في سورة النجم: (وإبراهيم الذي وفّى) وللوفاء شأن يذكر وخبر يؤثر عند أئمة هذه الأمة وأعلامها المؤمنين الصادقين أمثال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب الذي نام في فراش الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) مسلماً نفسه للموت في أي لحظة يهاجم بها أعداء الرسول منزله غير آبه بما سيحدث ولو كان الموت، الموت في سبيل إنقاذ رسول الله. إنه الفداء الصادق والوفاء المخلص.
قال أمير المؤمنين (عليه السّلام): (إن الوفاء توأم الصدق، ولا أعلم جُنَّة أوفى منه، ولا يغدر من علم كيف المرجع، ولقد أصبحنا في زمان قد اتخذ أكثر أهله الغدر كيساً، ونسبهم أهل الجهل إلى حسن الحيلة. ما لهم قاتلهم الله؟ قد يرى الحوَّل القُلَّب وجه الحيلة ودونه مانع من أمر الله ونهيه فيدعها رأي عين بعد القدرة عليها وينتهز فرصتها من لا حريجة له في الدين)(34)
ولهذا أكد الإمام زين العابدين (عليه السّلام) على لزوم التجلي بالصدق والوفاء لأنهما من أسمى الصفات التي يشرف بها الإنسان المسلم.

7- وقال (عليه السّلام): (عجبت لمن يحتمي الطعام لمضرته، ولا يحتمي من الذنب لمعرته)(35)
الجسد وعاء للروح وعلى الإنسان أن يحافظ على كليهما فالروح الطاهرة النظيفة يجب أن يحضر لها جسد طاهر نظيف والحمية من الذنوب، وما يلحقها من مآثم وعار أولى للمسلم العاقل من الحمية من الطعام المضر للجسد، ذلك أن مضرة الجسد علاجها سهل وموعدها قريب، أما مضرة الروح فإنها تجر الويل والشقاء في دار الآخرة التي هي دار الخلود والبقاء.

8- وقال (عليه السّلام): (إذا قدرت على عدوك فاجعل العفو شكراً للمقدرة عليه، فإن العفو عن قدرة، فضل من الكرم..).
العفو عند المقدرة دليل شرف النفس وسعة حلمها، وهو ضرب من الكرم العظيم، أما الانتقام فإنه ينم عن لؤم وخسة في الطبع والسلوك.

9- قال (عليه السّلام) في الكلام المسموح والكلام المسموع ليس لك أن تتكلم بما شئت لأن الله تعالى يقول: (ولا تقف ما ليس لك به علم)(36)
وليس لك أن تسمع ما شئت لأن الله عز وجل يقول: (إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً)(37) كل إنسان مسؤول عن الكلام الذي يتكلم به أمام نفسه وأمام ربه وأمام الناس. لأن الكلمة إذا تكلم بها المتكلم خرجت عن طاعته ولم تبق ملك يده، لكنه قبل التكلم بها يملكها. ورب كلمة أحدثت صلحاً ووفاقاً بين شخصين أو بين شعبين، ورب كلمة جرت حرباً وأعقبها ويلات ومصائب. من هنا كان وصفه تعالى للكلمة الطيبة والكلمة الخبيثة(38). قال تعالى:(ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة... ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض)(39). فالإسلام حدد الكلام المسموح به الذي يتكلم به الإنسان وذلك فيما يرجع إلى تدبير شؤونه في معاملاته، وسائر أغراضه الأخرى المباحة. أما الكلام الذي يهدف منه صاحبه إلى ترويج الباطل وقول الزور فإنه حرام بلا ريب ويحاسب عليه.وكما حدد الإسلام الكلام المسموح حدد أيضاً الكلام المسموع. الكلام الذي يسمعه الإنسان، وهو الكلام الطيب، فاستماع الغيبة منهي عنه واستماع الفحش منهي أيضاً عنه، ذلك أن الإنسان يحاسب على أحاسيسه القلبية ومشاعره النفسية.
وقد سئل الجاحظ عن صفات الإنسان العاقل فأجاب (هو الذي يعلم متى يتكلم وكيف يتكلم ومع من يتكلم). إن الله تعالى أرسل رسله الكرام ليتكلموا وينشروا الدعوة الإسلامية في أرجاء الأرض، وأرسل أئمة الهدى ليتكلموا ويثبتوا الحق ويجاهدوا في سبيل الله. والعلماء في شتى بقاع الأرض عليهم بالكلام ليعلموا الجاهلين وينشروا المعرفة. أما الذي يعلم ولا يعمل بما يعلم هو كالجاهل.
لكن هؤلاء الأنبياء والأوصياء والعلماء تكلموا الكلام الطيب، الكلام المفيد الذي يرغب كل إنسان عاقل على سماعه. والكلام الطيب هو من أثمن ما يلقى على السمع، بل هو فاكهة الحياة على حد قول الإمام زين العابدين (عليه السّلام) حيث قال: (لكل شيء فاكهة، وفاكهة السمع الكلام الحسن).

10- وقال (عليه السّلام) في الحسد والحقد: (الحسود لا ينال شرفاً، والحقود يموت كمداً..)(40)
يعد الحسد من أقبح الرذائل الخلقية التي تحل في نفس الحسود فتنكد عليه عيشه لأنه يتمنى زوال كل ما يشاهد من نعم أسبغها الله على عباده إلى نفسه وحده فلا يميز بين أخ وصديق أو جار ورفيق. يحب الخير لنفسه دون غيره.
وكم نرى مثل هؤلاء النموذج الفاسد في المجتمع المادي الصرف حيث تحل الأنانية القاتلة محل المحبة السالمة، وتسود البغضاء والحقد بدل التآلف والإيثار. والحسود فقد الثقة بنفسه واستشعر بالعجز يسيطر عليه ويحول بينه وبين تحقيق غاياته. لذلك نهى الله تعالى عن الحسد وناشد عباده فقال سبحانه: (ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض..)(41)
فلماذا الحسد والتحاسد، فكل إنسان وما تكسب يداه وكل فرد وما يحقق بفضل فكره وجهده واجتهاده من هنا كان التفاضل بين بني البشر. فمن أراد السعادة فليسع إليها فلا عوائق تحول بينه وبينها إذا ما صمم بنية طيبة وقلب سليم (فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور)(42)
وفي موضع آخر من القرآن الكريم أمر الله بالاستعاذة بالله من الحاسد قال سبحانه: (قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق ومن شر النفاثات في العقد ومن شر حاسد إذا حسد)(43). والحقيقة أن الحاسد يستثير منا الشفقة لما يلاقيه من ألم نفساني الذي هو أشد وطأة عليه من الألم الجسدي. فهو قلق دائماً لا يستلذ بطعم العيش، ولا يستمتع بلذة النوم، غريب بين الناس، منعزل عن الأحباب والأصحاب، وهل تحلو الحياة بدونهم؟!.
والحسد لا يؤثر إلا في أصحابه كالنار تأكل بعضها البعض إن لم تجد ما تأكله. قال أحد الشعراء:
إصبر على حسد الحسود فإن صبرك قاتله
فالنار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله
فعلى الإنسان أن يستمتع بما يصادفه في حياته من مسرات ويؤدي العمل الذي يجب عليه أداؤه بجد وإتقان دون أي مقارنة بينه وبين من هو أسعد منه حظاً، بل عليه أن ينظر إلى من هو دونه ليدرك فضل الله عليه. وفي هذا المجال قال رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم): (إذا نظر أحدكم إلى من فضل عليه في المال والخلق فلينظر إلى من هو أسفل منه ممن فضل عليه)(44). وعليه أن يدعو فيقول:
يا رب: ساعدني على أن أرى الناحية الأخرى من الصورة ولا تتركني أتهم أخصامي بأنهم خونة لأنهم اختلفوا معي في الرأي.
يا رب: علمني أن أحب الناس كما أحب نفسي.. وعلمني أن أحاسب نفسي كما أحاسب الناس.
يا رب: علمني أن التسامح هو أكبر مراتب القوة، وأن حب الانتقام هو أول مظاهر الضعف، إنك سميع مجيب.
وقال (صلّى الله عليه وآله وسلّم): (إن العفو لا يزيد العبد إلا عزاً، فاعفوا يعزكم الله، وإن التواضع لا يزيد العبد إلا رفعة فتواضعوا يرفعكم الله، وإن الصدقة لا تزيد المال إلا إنماءً فتصدقوا يزدكم الله).
وسئل جعفر بن محمد (عليه السّلام) في التواضع فقال: (رأس الخير التواضع وهو أن ترضى من المجلس بدون شرفك، وأن تسلم على من لقيت، وتترك المراء وإن كنت محقاً)(45)
وقال الحكماء ثمرة القناعة الراحة وثمرة التواضع المحبة. وقالوا: التواضع كالوهدة يجتمع فيها قطرها وقطر غيرها. إن التواضع نعمة إلهية، ونفحة طيبة، وصفة إنسانية نبيلة فطوبى لمن تحلى بالتواضع مع رفعة قدره وسموه ذاته، والجدير بكل من تحلى بهذه الصفة الكريمة أن يكون في الصفوف الأولى من عالمنا هذا المتحضر.
وما يجدر الإشارة إليه أننا أصبحنا في عصرنا الحاضر المتحضر نرى الكثيرين من أفراد الأمة يتصدرون المجالس ليشار إليهم بالبنان، ويتبجحون في أساليب كلامهم ليظهروا عظمتهم ويرموا بهالة من التقديس والتوقير في نفوس مستمعيهم. والحقيقة أن التقديس منهم براء، والعظمة منهم في عزاء، والمجد والرفعة بعيدان عنهم على حد سواء. وقال الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم): (أفضل الرجال من تواضع عن رفعة وزهد عن قدرة، وأنصف عن قوة)(46)
ومما روي عن الإمام زين العابدين (عليه السّلام) قال: لامه عبد الملك بن مروان لأنه تزوج أم ولد لبعض الأنصار فكتب إليه الإمام (عليه السّلام): (إن الله قد رفع بالإسلام الخسيسة، وأتم النقيصة، وأكرم به من اللؤم، فلا عار على مسلم، هذا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قد تزوج أمته وامرأة عبده)(47)
أدعو الله تعالى فأقول: (يا رب إذا أعطيتني مالاً لا تأخذ سعادتي، وإذا أعطيتني قوة لا تطفئ سراج بصيرتي، وإذا أعطيتني تواضعاً لا تأخذ اعتزازي بكرامتي.)

11- وقال (عليه السّلام):( لا حسب لقرشي ولا عربي إلا بالتواضع)(48)
من الأخلاق الإسلامية الفاضلة التواضع فهو كما نعلم من القرآن الكريم، نعمة سماوية تحصّن صاحبها بالجلالة والوقار، وتجنبه الوقوع في المزالق والأخطار. لأن المتواضع يكون قد أرضى ربه سبحانه وتعالى وأرضى عباده عز وجل، فكثر محبوه، وقل مبغضوه، وارتاحت نفسه، وصفا عيشه، واستراح من التفكير في اختيار صدور المجالس كما يفعل أهل الكبر والخيلاء في عصرنا الحاضر، بزعمهم أن عنوان الشخص بمجلسه وليس بتقدير جلسائه له. هؤلاء قد نسوا أنه لا رافع لمن وضعه الله سبحانه، ولا واضع لمن رفعه، وكل شيء بمشيئته سبحانه قال تعالى:(اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير)(49)
والمتواضع لا بد وأن يكون لين الجانب، طيب السيرة، حسن السريرة، مثاباً من الله، محبوباً من عباد الله لذلك دعا الله جل جلاله رسوله الكريم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ليتواضع ويلين جانبه مع الناس. قال تعالى: (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لا نفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر..)(50)
ومن عجيب الأمر أن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كان من أجمع لدواعي الترفع التي كانت سائدة عند قومه آنذاك، وكان في الوقت نفسه أدناهم إلى التواضع ذلك أنه كان أوسط(51) الناس نسباً وأوفرهم حسباً، وأسخاهم، وأشجعهم، وأذكاهم، وأفصحهم، وهذه كلها من دواعي الترفع. ومن تواضعه أنه كان يرقع الثوب، ويجلس على الأرض، ويخسف النعل ويجيب دعوة المملوك.
قال أنس بن مالك: (كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يعود المريض، ويتبع الجنائز، ويجيب دعوة المملوك، ويركب الحمار، وقد رأيته يوم حنين على حمار خطامه ليف)(52)

12- البر تحفة:
إنه يوصي أحد أبنائه أن يكون مطيعاً له صادقاً صالحاً، براً به فالبر تحفة كبيرة، لأن الله أوصى الابن بأبيه، ولم يوصِ الأب بابنه ولعله بذلك يشير إلى الآية الكريمة: (وبالوالدين إحساناً) فهو يقول (عليه السّلام): يا بني إن الله رضيني لك ولم يرضك لي، فأوصاك بي ولم يوصني بك عليك بالبر فإنه تحفة كبيرة.

13- وقال (عليه السّلام):
(يا بني أنظر خمسة فلا تصاحبهم ولا تحادثهم ولا ترافقهم في طريق، فقال: من هم يا أبتاه؟ فقال: إياك ومصاحبة الكذاب فهو بمنزلة السراب يقرب لك البعيد ويبعد لك القريب، وإياك ومصاحبة الفاسق فإنه يبيعك بأكلة وما دونها، فقال له ولده: وما دونها؟ قال: يطمع فيها ولا ينالها. وإياك ومصاحبة البخيل فإنه يخذلك فيما أنت أحوج ما تكون إليه؛ وإياك ومصاحبة الأحمق فإنه يريد أن ينفعك فيضرك. وإياك ومصاحبة القاطع لرحمه فإني وجدته ملعوناً في كتاب الله).يحدد لنا الإمام (عليه السّلام) في حكمه الإصلاحية الاجتماعية كيفية المصاحبة وكيفية التعاطي مع شريحة معينة من الناس كالكذاب والفاسق والبخيل والأحمق والقاطع لرحمه، حيث ينهى أبناءه عن مصاحبة مثل أولئك الناس أو محادثتهم أو مرافقتهم. لأنه يجد الكذاب كالسراب يقرب البعيد ويبعد القريب، والفاسق يبيع صاحبه بأكلة وما دونها. والبخيل يخذل صاحبه وهو بأمس الحاجة إليه، أما الأحمق فإنه يضر بصاحبه وهو يريد منفعته. بينما القاطع لرحمه يجده الإمام ملعوناً في كتاب الله.
وفي هذا يكون الإمام (عليه السّلام) قد حدد دور هذه المصاحبة حتى يحصّن المرء نفسه من كل شائبة، وحتى لا يترك مجالاً لأصابع الاتهام بأن تشير نحوه قاصده إياه بما ليس فيه. فالابتعاد عن مثل هؤلاء البشر الفاسدين، هو صون للنفس ووقاية لها من أوبئة معنوية فاسدة تحط من قدرها اجتماعياً وإنسانياً.

أفضل الكلمات:

1- سأل رجل الإمام زين العابدين (عليه السّلام) عن السكوت والكلام، أيهما أفضل؟ فقال (عليه السّلام):
(لكل واحد منهما آفات، فإذا سلما من الآفات، فالكلام أفضل وانبرى إليه شخص فقال له: كيف ذاك يا بن رسول الله؟.
فأجابه (عليه السّلام):إن الله سبحانه لم يبعث الأنبياء والأوصياء بالسكوت، إنما بعثهم بالكلام، ولا استحقت الجنة بالسكوت، إنما ذلك كله بالكلام، وما كنت لأعدل القمر بالشمس)(53)
فيا سبحان الله إنه سليل أهل البيت وابن رسول الله ولا يتكلم إلا بأفضل الكلمات وأحكم الجوابات.

2- ومن كلماته الحكيمة:
قال (عليه السّلام):
(من مأمنه يؤتى الحذر، يكتفى اللبيب بوحي الحديث، وينبو البيان عن قلب الجاهل، ولا ينتفع بالقول، وإن كان بليغاً مع سوء الاستماع..)(54)
إنها كلمة خالدة رائعة بليغة يعني بها:
أ - إن من يقيم حرساً مكثفاً للحفاظ على حياته كما يفعل الرؤساء والملوك والوزراء، فإن ما يحذرونه يأتي على الأكثر من أولئك الحراس، فإنهم هم الذين يفتكون بهم كما وقع ذلك كثيراً مع بعض الخلفاء والملوك(55)
ب - إن اللبيب المتفتح يفهم الأمور الغامضة في الحديث من وحي ذهنه وقرائن الأحوال ولا يحتاج إلى الشرح المستفيض والبسط في القول.
ج - البيان بعيد عن قلب الجاهل ولا يصل إليه لأنه قد ران عليه الجهل فصده عن فهم الأمور. وقد وصف تعالى هؤلاء: (لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون)(56)
د - بلاغة القول وحكمته لا ينتفع بهما مع سوء الاستماع وإنما ينتفع بهما مع الإصغاء.
وكما أن هناك فن القول هناك أيضاً فن الإصغاء، فالمتكلم البليغ ليس أفضل من المستمع الفهيم.

3- وحدة الأديان:
سأل رجل الإمام (عليه السّلام) عن الإطار الجامع بين الأديان السماوية، فقال:
(قول الحق، والحكم بالعدل، والوفاء بالعهد..)(57)
هذه القواسم الثلاثة: الحق والعدل والوفاء تشترك فيها الأديان السماوية جميعها لأنها قوام الحياة الاجتماعية وقد رفع شعارها جميع الأنبياء والمرسلين.

4- من حكم الإنجيل:
قال (عليه السّلام) لأصحابه: (مكتوب في الإنجيل، لا تطلبوا علم ما لا تعلمون، ولا تعملوا إلا بما عُلّمتم، فإن العلم إذا لم يعمل به لم يزد صاحبه إلا كفراً، ولم يزد من الله إلا بعداً)(58)
لا نفع لعلم محصور في صدر صاحبه، ولا نفع لمال مخزون في خزانة مالكه، وإنه ليس من الحق في شيء أن يعلم الإنسان ولا يعلمه لمن حوله من الناس، فإن ذلك لا يزيده إلا بعداً من الله.

5- خصال رفيعة:
أرفع ما يتصف به المسلم من صفات والتي يكمل بها إسلامه. قال (عليه السّلام): (أربع من كن فيه كمل إسلامه، ومحصت عنه ذنوبه، ولقي ربه عز وجل وهو عنه راض:من وفى لله عز وجل بما يجعل على نفسه للناس، وصدق لسانه مع الناس، واستحيا من كل قبيح عند الله وعند الناس وحسن خلقه مع أهله..)(59)
المسلم الذي يتصف بهذه الصفات هو المؤمن حقاً المستكمل إيمانه، الذي يلقى الله وهو راض عنه.

6- صفات المؤمن:
قال الإمام (عليه السّلام): (علامات المؤمن خمس: فقال له طاووس اليماني: وما هي يا بن رسول الله؟ قال: الورع في الخلوة، والصدقة في القلة، والصبر عند المصيبة، والحلم عند الغضب، والصدق عند الخوف)(60)
وهذه الصفات الخمس على المؤمن أن يتصف بها ليكون بذلك من عباد الله الصالحين الذين أترعت نفوسهم بالتقوى وأشعبت عقولهم بالإيمان، وأنتجت أيديهم العمل المتقن الصالح، وملئت صدورهم بوحي العقيدة، ونطقت ألسنتهم بزيت الحكمة.

7- الصبر:
حث الإمام (عليه السّلام) المسلمين على الصبر فقال: (الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، ولا إيمان لمن لا صبر له..)(61)
لا بد لكل إنسان من أن يصادف في حياته خطوباً كثيرة وأحداثاً صعبة تداهمه في كل حين فعليه أن يتذرع بالصبر على هذه المكاره ويرجئ الأمور إلى الله تعالى، راضياً بما قسم له لأن ذلك من جوهر الإيمان.
وقال الحكماء من صبر ظفر، وقالوا أيضاً: الصبر مفتاح الفرج. وما من خطب جلل إلا وحله بيد الله تعالى. فالمؤمن يقتنع بما يصيبه من محن ومصائب ويصبر حتى بإرادة العلي القدير.

8- القناعة:
قال (عليه السّلام) في القناعة: (من قنع بما قسم الله فهو من أغنى الناس..)(62)
القناعة في الإسلام من أسمى الصفات الإنسانية، والرجل القنوع يستريح من هموم الدنيا ويرجئها إلى الله عز وجل والقناعة كنز لا يفنى، ومن قنع بما قسم الله هو من أغنى الناس وأعظمهم راحة وأقلهم هماً.
لكن هناك من لا يقنع بما وصل إليه بل يجد بكل ما أعطي من قوة للاستزادة والإفادة. من هذه الشريحة الاجتماعية طلاب العلم وطلاب المال فهم دائماً في طلب الزيادة. وقد وصفهم أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب (عليه السّلام) فقال: (منهومان لا يشبعان طالب علم وطالب مال).
المصادر :
1- كشف الغمة، ص207
2- سورة الحجرات: الآية10
3- أصول الكافي ص152. وأئمتنا لعلي محمد علي دخيّل، ص304
4- زين العابدين للمقرم، ص160
5- سورة النساء: الآية 92
6- سورة المجادلة: الآية2
7- سورة المائدة: الآية 79
8- سورة البقرة: الآية 196
9- سورة البقرة: الآية 196
10- بحار الأنوار، ج3، ص242
11- زين العابدين للمقرم، ص145
12- كشف الغمة، ص207
13- أعيان الشيعة، ج4، ص527. وكشف الغمة، ص207
14- زين العابدين للمقرم، ص370
15- سورة المائدة: الآية 59
16- صوم الوصال: أي يصوم يوماً وليلة. وصوم الصمت: أن ينوي أن يصوم ساكتاً، وصوم الدهر: محرم لأنه يتضمن صيام الأيام المحرمة كالأعياد
17- الخصال، ص 527/ البقرة : 184
18- سورة البقرة: الآية 179
19- المناقب، ج2، ص259
20- فضائل الإمام علي للشيخ محمد جواد مغنية، ص219
21- الخصال، ص113
22- سورة التوبة: الآية 105
23- تحف العقول، ص278
24- أعيان الشيعة، ج4، ص186. وتاريخ الطبري، ج3، ص280
25- زين العابدين للقرشي، ص101
26- سورة الأنعام، الآية 160
27- معاني الأخبار للشيخ الصدوق / زين العابدين للقرشي، ص 101
28- زين العابدين للقرشي، ص104
29- المصدر نفسه
30- زين العابدين للقرشي، ص106
31- سورة الأحزاب: الآية70
32- رواه مسلم
33- سورة التوبة: الآية111
34- نهج البلاغة، ج1، ص88. والجُنَّة: الوقاية. اتخذوا الغدر كيساً: أي عدوه من باب التعقل وحسن الحيلة. الحوَّل القُلَّب: البصر بتحويل الأمور وتقليبها، أي أنه يصرف الحيلة ولكنه لا يفعلها خشية الله تعالى. والحريجة: التحرج أي تجنب الآثام خشية الله سبحانه وتعالى.
35- زين العابدين للقرشي، ص107. والمعرة: العار والفضيحة
36- سورة الإسراء: الآية 36
37- سورة الإسراء: الآية 36
38- زين العابدين للقرشي، ص111
39- سورة إبراهيم، الآية 24-26
40- زين العابدين للقرشي، ص108
41- سورة النساء: الآية32
42- سورة الملك: الآية 15
43- سورة الفلق
44- رواه البخاري
45- نهاية الأرب للنويري
46- العقد الفريد، ج2
47- عيون الأخبار للدينوري، ص8
48- تحف العقول، ص67. / الكافي في باب الطاعة والتقوى
49- سورة آل عمران: الآية 26
50- سورة آل عمران: الآية 159
51- أوسط: أعلى وأحسن الأمور أوساطها أي أعلاها
52- نهاية الأرب للنويري
53- الاحتجاج، ص172
54- زين العابدين للقرشي، ص69
55- المتوكل الخليفة العباسي غدر به حراسه من الأتراك
56- سورة الأعراف: الآية 179
57- الخصال، ص109
58- أصول الكافي
59- الخصال، ص203
60- الخصال، ص245
61- أصول الكافي، ج2، ص89
62- وسائل الشيعة، ج11، ص304. والفصول المهمة، ص


source : rasekhoon
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

قالت السيدة الزهراء (س) في الخطبة الفدكية: "طاعتنا ...
ما الذي قاله الإمام الباقر عليه السلام حول صفات ...
قراءة جديدة في كتاب نهج البلاغة
كلمات في الإمام الرضا ( ع )
الزهراء بعد الرسول الله صلوات الله عليهما
قم وأهلها فی روایات أهل البیت (علیهم السلام)
النص على إمامته
المسيح.. في كربلاء
معاشرة فاطمة ( عليها السلام ) للإمام علي ( عليه ...
البعثة النبوية المباركة

 
user comment