عربي
Thursday 25th of April 2024
0
نفر 0

الموت عند الاولياء و الصالحين

الطالب يعاني في دراسته مصاعب متعددة كابتعادة عن الأهل و الأحبة و عن الوطن أحيانا ، و كتقيده بجدران الصف و المدرسة . لكن الطريق الوحيد لسعادة هذا الطالب في المجتمع ، ينحصر في إنهاء دراسته بنجاح . و المزارع يتحمل في حقله أنواع الأتعاب ، و يعاني من ابتعاده عن أهله و أطفاله . لكن عمله في المزرعة ، هو الذي يوفر له وسيلة حياة مرضيه في كنف عائلته طول أيام السنة . و كيف يستقبل الموت أصحاب هذا الإتجاه الأخير ؟ ، هؤلاء يخافون من الموت ، و ينفرون منه إن كانوا قد أضاعوا عمرهم، وأتلفوا حياتهم، وارتكبوا المع
الموت عند الاولياء و الصالحين

الطالب يعاني في دراسته مصاعب متعددة كابتعادة عن الأهل و الأحبة و عن الوطن أحيانا ، و كتقيده بجدران الصف و المدرسة .

لكن الطريق الوحيد لسعادة هذا الطالب في المجتمع ، ينحصر في إنهاء دراسته بنجاح . و المزارع يتحمل في حقله أنواع الأتعاب ، و يعاني من ابتعاده عن أهله و أطفاله . لكن عمله في المزرعة ، هو الذي يوفر له وسيلة حياة مرضيه في كنف عائلته طول أيام السنة . و كيف يستقبل الموت أصحاب هذا الإتجاه الأخير ؟ ، هؤلاء يخافون من الموت ، و ينفرون منه إن كانوا قد أضاعوا عمرهم، وأتلفوا حياتهم، وارتكبوا المعاصي والآثام .. لكنهم يستقبلون الموت ببشر وسرور، ويترقبونه بفارغ الصبر ، إن كانوا قد أدوا ما عليهم من مسؤولية في الحياة ، و نجحوا في اجتياز المرحلة الدنيويه ، شأنهم في ذلك شأن الطالب الذي جد ، و اجتهد بنجاح في دراسته ، و يود بلهفة أن يعود إلى وطنه ، و إلى أحضان أهله و أحبائه . و كالمزارع الذي بذل غاية جهده في عمله ، و يأمل بشوق شديد أن ينتهي من عمله ، و يأخذ ما جنته يداه إلى بيته . هذا الطالب يصارع رغبته في العودة إلى وطنه قبل انتهاء دراسته ، و يأبى على نفسه أن يترك دراسته ناقصة . و هكذا المزارع لا يضحي بعمله و واجبه من أجل تحقيق أمله . شأن أولياء الله شأن هذا الطالب .. ينظرون بعين الشوق و الأمل إلى الموت باعتباره نقلة إلى العالم الآخر ، و هذا الأمل يعتمل في نفوسهم ، فلا يقر لهم قرار .. يقول علي -ع- :

" و لولا الأجل الذي كتب الله عليهم لم تستقر أرواحهم في أجسادهم طرفة عين شوقا إلى الثواب ، و خوفا من العقاب " ، ( الخطبة 193 ) ، و مع هذا .. فأولياء الله لايلقون بأنفسهم نحو الموت ، إذ يرون العمر فرصة وحيدة للعمل و التكامل ، و يعلمون انهم يستطيعون اجتياز مراحل أسمى على سلم التكامل ، إن استمروا على قيد الحياة .. فيطلبون من الله أن يطيل أعمارهم . و من هنا فلا تعارض بين شوق المؤمنين إلى الموت و طلبهم طول العمر . القرآن الكريم يخاطب اليهود الذين زعموا أنهم ( أولياء الله ) قائلا : " فَتَمَنَّوْا الْمَوْتَ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ "  ، ( الجمعة 6 ).

ثم يقول : « و َلاَ يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَ اللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ » ، ( الجمعة 7).

هؤلاء هم من النوع الذي أشرنا إليه آنفا في القسم الثالث من وجهات النظر إلى الموت . أولياء الله يعرضون عن طلب طول العمر في موضعين:

- الأول : حين يشعرون بعدم قدرتهم على إحراز مزيد من النجاح في حياتهم ، بل يحسون بتناقض بدلا من التكامل . يقول علي بن الحسين -عليه السلام - في دعائه : " إلهي و عمرّني ما دام عمري بذلة في طاعتك ، فان كان مرتعا للشيطان فاقبضني إليك " .

- الثاني : الشهادة ، فأولياء الله يطلبون من الله الموت في موضع الشهادة دونما شروط . لان الشهادة تنطوي على الخاصيتين معا : خاصية العمل ، و خاصية التكامل . و الحديث النبوي " فوق كل ذي بر بر، حتى يقتل في سبيل الله ، و إذا قتل في سبيل الله ، فليس فوقه بر " ، يؤكد هذه الحقيقة . و من هنا الإمام علي ، يكاد يطير فرحا حين يسمع من النبي أن مصيره الشهادة . و علي -عليه السلام - تحدث عن الموت كثيرا و مما قاله في هذا الصدد:

" و الله ما فجأني من الموت وارد كرهته و لا طالع أنكرته ، و ما كنت إلا كقارب ورد و طالب وجد " . هذه النظرة إلى الموت بلغت من العمق و الرسوخ في نفس ( علي ) ، بحيث رفع عقيرته حين هوى السيف على مفرق رأسه صبيحة التاسع عشر من رمضان مرددا : " فزت و رب الكعبة " !!

و الحسين بن علي -ع - يروي عن جده رسول الله -ص- انه قال له : " إن لك منزله عند الله لا تنالها إلا بالشهادة " .


source : tebyan
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

الوهابية ومجزرة الحرم الشريف
السيد أبو الحسن جلوة الزواري
الاسرة والغزو الثقافي
هل يمكن أن نكون سعداء في حياتنا؟
الإمام الصادق عليه السلام والتفسير العرفاني
تكوين الأسرة المسلمة
ماذا يحب الرجل في المرأه ..
كلامه عليه السلام في النساء – الثاني
الغناء والرقص زمن الدولة الاموية
قصة مريم في القرآن

 
user comment