عربي
Friday 19th of April 2024
0
نفر 0

آداب الطریق

إن للطرقات التی یسیر علیها الإنسان آداباً کثیرة اهتم الإسلام ببیانها وحثّ على الإلتزام بها فی العدید من النصوص الشرعیة، لاعتبارات عدیدة.. فالذی یراعی آدا
آداب الطریق

إن للطرقات التی یسیر علیها الإنسان آداباً کثیرة اهتم الإسلام ببیانها وحثّ على الإلتزام بها فی العدید من النصوص الشرعیة، لاعتبارات عدیدة..
فالذی یراعی آداب الطریق هو فی الحقیقة یبتعد عن الأنانیة وحب الذات لیعیش فی رحاب حب المجتمع کله وإرادة الخیر لکل عابر یعبر الطریق، وهو فی نفس الوقت یقدم صورة جمیلة عن المجتمع الذی یعیش فیه..
فالذی یدخل فی مجتمع ما، فإن أول ما یراه هو الشارع بنظافته وترتیبه وسلوک العابرین فیه، فإن ذلک کله سیکشف له عن طبیعة هذا المجتمع وحضارة أهله، من هنا نفهم تأکید الإسلام على کل هذه المفردات التفصیلیة، فإن الطرق هی النافذة التی ینظر المراقبون منها إلى مظاهر حیاة المسلمین العامة ویأخذون من خلالها انطباعا عن طریقة عیشهم، ویستکشفون منها ثقافتهم إذ التصرفات التی تصدر من الشخص إنما تنم عن ثقافته التی یحملها...
فما هی تلک الآداب التی أکد الإسلام على رعایتها؟
هناک العدید من الآداب التی وردت، نذکر جملة منها:

1-المحافظة على نظافة الطریق‌
لقد اهتم الإسلام بالنظافة اهتماماً بالغا وجعل من الآداب الإسلامیة الحفاظ على النظافة فی سائر ما یرتبط بالحیاة التی یعیشها الإنسان المؤمن، سواء بما یتعلق بنفسه، أو فیما یتعلق بلباسه، أو بیته وطریقه.
ففی الحدیث عن النبی صلى الله علیه وآله وسلم: (بئس العبد القاذورة)(1).
وفی الحدیث عن النبی الأکرم صلى الله علیه وآله وسلم: (هلک المتقذرون)(2).
والهلاک کما یکون على المستوى المادی حیث یجلب الأمراض والحیاة الردیئة، فإنه کذلک یؤثر على الجانب المعنوی للإنسان.
روی عن النبی الأکرم صلى الله علیه وآله وسلم: (إن الله طیب یحب الطیب نظیف یحب النظافة)(3).
فالنظافة لا تنحصر آثارها بالجانب المادی بل تتعدى ذلک وتصبح سبباً من اسباب الحب الإلهی.
وقد روی عن الإمام الرضا علیه السلام: (من أخلاق الأنبیاء التنظف)(4).
وهذه الروایة تدل على أمرین: فهی تشیر إلى أن النظافة کانت على الدوام منهجاً ینتهجه الأنبیاء "علیهم السلام" وسیرة عرفهم الناس بها، وتشیر کذلک إلى أن النظافة هی مفردة من المفردات الأخلاقیة، فالنظافة تعدت الظاهر لتصل إلى الباطن فی آثارها.
فأیها المؤمن العزیز، إن کنت تسیر على نهج الأنبیاء وترغب بمکارم الأخلاق فاعلم بأن النظافة والحفاظ علیها هی نهج الأنبیاء ومفردة من مفردات الأخلاق فالتزم بها.

2-إفساح الطریق‌
إن الطریق فی الأساس وضعت للاستفادة منها فی المرور، وهی حق عام للمارّة جمیعاً لا تخص شخصاً دون الآخر، وتضییق الطریق علیهم هو سلب لحقهم هذا، لذلک ینبغی إفساح الطریق أمامهم فلا یقف فی الطریق بشکل یضیقها.
وعن أمیر المؤمنین فی وصیته للإمام الحسن "علیهما السلام": (إیاک والجلوس فی الطرقات)(5).
ومع ازدحام السیارات أصبحنا کثیراً ما نبتلى بمسائل الطریق وتضییقها على الناس، خصوصاً فی المدن المزدحمة فعلیک أن تحذر وتتجنب وضع سیارتک فی مکان مزدحم فیضیق الطریق على الناس! ولا تحترم
حقهم بالمرور بحریة، وحاول أن لا تفتح حدیثاً عبر نافذة سیارتک مع شخص آخر وقد توقفت فی منتصف الشارع، وحاول کذلک أن لا تنزل بضاعة تخصک على الرصیف الذی أعد لسلوک المارة... وغیرها من العوائق الکثیرة التی تضیق الطریق وتزاحم المارّة، وقد أمرنا بإزالتها.
وکذلک لا تضع ما یعیق حرکة المرور، بل من اللازم رفع أی شی‌ء یؤدی إلى أذیة المارة وتعثرهم، وقد أعد الله (عز وجل) لمن یتحلى بهذا الأدب ویسهل عبور المارة أجرا عظیما کما جاء فی الأحادیث الشریفة.
فعن الرسول الأکرم صلى الله علیه وآله وسلم:
(دخل عبد الجنة بغصن من شوک کان على طریق المسلمین فأماطه(6) عنه)(7).
وفی حدیث آخر عنه "صلى الله علیه وآله: "إن على کل مسلم فی کل یوم صدقه".
قیل من یطیق ذلک؟ قال علیه السلام: (إماطتک الأذى عن الطریق صدقة)(8)
بل أمرنا أن نصلح الطریق، وإصلاحها جزاؤه رفع العذاب کما جاء فی بعض الأحادیث الشریفة.
روی عن رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم:
(مرَّ عیسى بن مریم علیه السلام بقبرٍ یعذب صاحبه ثم مر به من قابل فإذا هو لیس یعذب فقال یا رب مررت بهذا القبر عام أول وهو یعذب ومررت به العام ولیس یعذب؟ فأوحى الله جل جلاله إلیه: یا روح الله قد أدرک له ولد صالح فأصلح طریقا وآوى یتیما فغفرت له بما عمل ابنه)(9).
فلاحظ قیمة هذا العمل الذی تعدت برکته الابن لتصل إلى الأب المتوفی وکانت سبباً فی رفع الذاب عنه!
ومن خلال ما تقدم نعرف أن المؤمن یحمل هم الناس حتى الحجر من طریقهم والزجاج من طریق صغارهم...

3-اجتناب ما ینافی المروءة
هناک أمور لا تتناسب مع الشخصیة المتزنة عرفا، والله تعالى یرید للمؤمن أن یکون متزنا فی سلوکه واجتماعیاته، ومن هنا أکد الشرع المقدس على جملة أمور ینبغی على المؤمن وضعها فی محلها واجتنابها فی الأماکن العامة سیما فی الطرقات، حیث یعتبر فعلها فی الطرقات منافیاً للاتزان.
من هذه الأمور:
تناول الطعام: حیث ورد کراهیته فی الشارع.
فعن الإمام الکاظم لما سئل عن السفلة، قال علیه السلام: "الذی یأکل فی الأسواق".
مضغ اللبان (العلک): لما فیه من استخفاف.
ففی الحدیث عن الإمام الباقر علیه السلام:
(.. والخذف بالحصى ومضغ الکندر فی المجالس وعلى ظهر الطریق من عمل قوم لوط)(10)
القهقهة والضحک بصوت عالٍ: وقد وصفها أهل البیت "علیهم السلام" أنها من عمل الشیطان.
ففی الحدیث عن أبی عبد الله علیه السلام: (القهقهة من الشیطان)(11)
وإنما ینبغی ترکها حفظا لماء الوجه وبهاء المؤمن.
ففی الحدیث الآخر عنه علیه السلام: (کثرة الضحک تذهب بماء الوجه)(12)

4-خدمة المسافرین‌

لقد أکد الإسلام على خدمة الناس وقضاء حوائج المؤمنین، والإنسان فی السفر تکثر حاجاته المادیة والمعنویة، نتیجة الإرهاق الجسدی الذی یعانیه فی السفر والإرهاق المعنوی الذی قد یتعرض له خصوصاً مع وجود صحبة غیر ملائمة فی السفر، لذا یعتبر السفر من الحالات الاستثنائیة التی یحتاج فیها الإنسان لید تأخذ بیده وتمسح عناء الطریق عن جبینه، من هنا نجد الروایات تلفت أنظارنا نحو هؤلاء الناس وتحثنا على إعانتهم بما یمکن قربة لله تعالى سیما فی الأسفار الطویلة وقد رتب الله سبحانه وتعالى على هذا العمل أجرا عظیما فوق ما یتصوره الإنسان.
فعن النبی صلى الله علیه وآله وسلم:
(من بنى على ظهر طریق مأوى عابر سبیل بعثه الله یوم القیامة على نجیب من در وجوهر ووجهه یضی‌ء لأهل الجمع نورا حتى یزاحم إبراهیم الخلیل فی قبته، فیقول أهل الجمع: هذا ملک من الملائکة لم نر مثله قط، ودخل فی شفاعته من أهل الجنة أربعون ألف ألف رجل، ومن حفر بئرا للماء حتى استنبط ماءها فبذلها للمسلمین کان له کأجر من توضأ منها وصلى وکان له بعدد کل شعرة لمن شرب منها من إنسان أو بهیمة أو سبع أو طیر عتق ألف رقبة وورد حوض القدس یوم القیامة ودخل فی شفاعته عدد النجوم.
فقیل یا رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم وما حوض القدس؟
قال صلى الله علیه وآله وسلم: حوضی حوضی ثلاثاً)(13).
وفی الحدیث عنه صلى الله علیه وآله وسلم:
(من حفر بئرا أو حوضا فی صحراء صلّت علیه ملائکة السماء، وکان له بکل من شرب منه من إنسان أو طیر أو بهیمة ألف ألف حسنة متقبلة وألف رقبة من ولد إسماعیل وألف بدنة وکان حقا على الله أن یسکنه حظیرة القدس)(14).
 

المصادر :
1- میزان الحکمة، ح 20317.
2- میزان الحکمة، ح 20318.
3- میزان الحکمة، ح 20314.
4- میزان الحکمة، ح 20330.
5- الأمالی للشیخ المفید، ص‌222.
6- أماطه: أی رفعه.
7- الخصال، ج‌1، ص‌32، ح 111.
8- مستدرک الوسائل، ج‌2، ص‌402، باب 19، الحدیث 6.
9- أمالی الشیخ الصدوق، ص‌512، المجلس 77، حدیث 8.
10- من لا یحضره الفقیه،، ج‌1، ص‌260.
11- الکافی، ج‌2، ص‌664.
12- الکافی، ج‌2، ص‌664.
13- مرآة الکمال ج‌2، ص‌348 347.
14- مستدرک الوسائل، ج‌2، ص‌402، باب 20، حدیث 1.


source : rasekhoon
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

مبادئ المعرفة ومعرفة الوجود والإنسان لدى الإمام ...
أعمال الليلة الاولى من شهر رمضان المبارك
خصائص الأسرة المسلمة
مؤتمر مبلغي المجمع العالمي لأهل البيت (ع) في ...
الحُضور في مواضع التهم
إصدار كتاب "ضوابط الاصول" في 6 مجلدات
الجزع على الميت
ابن حجر و التوسّل
من هم المخلدون في النار؟
فضائح القساوسة الجنسية ...الزواج الطريق الاسلم

 
user comment