عربي
Thursday 28th of March 2024
0
نفر 0

فصل الدين عن السياسة

إننا ربما عدنا – من ناحية منهجية – بسبب ما نعانيه اليوم من انتشار الذهنية الغربية ، التي تؤمن بفصل الدين عن السياسة لدى الكثير من أبناء أمتنا. ربما عدنا ملزم
فصل الدين عن السياسة

إننا ربما عدنا – من ناحية منهجية – بسبب ما نعانيه اليوم من انتشار الذهنية الغربية ، التي تؤمن بفصل الدين عن السياسة لدى الكثير من أبناء أمتنا.

ربما عدنا ملزمين ، بأن نشير في مداخل بحوثنا حول الحكم الإسلامي إلى ما في هذه النظرة من مفارقة ، تبعدنا تماماً عن واقع الإسلام ، الذي لايعترف بفصل الدين عن السياسة ، و إنما يعتبر السياسة جزءاً من الدين ، و الذي يعد ذلك من ضرورياته ، التي لاتحتاج – بطبيعتها – إلى أكثر من الالتفات و التنبه إليها . و لعل ما نلمسه من واقع ذلك باستقراء التشريع الإسلامي ، و بقراءة تاريخ الحكومات الإسلامية كافٍ في لفت النظر إليه ، و في التنبه عليه.

على أن فقهاءنا – و بخاصة المعاصرين منهم – أكدوا كثيراً على جانبي ، اشتمال الإسلام على النظم الكاملة ، التي منها النظام السياسي ، و لزوم القيام بتطبيقها كاملة . و لعله لما يرونه من شيوع هذه الذهنية الغربية لدى أبناء المسلمين..

يقول السيد الحكيم جواباً للسؤال التالي ، الذي وجّه لجملة من مراجع التقليد بتاريخ ( 26/3/1379 هـ  ) حينما حاول أعداء الإسلام إثارة الغبار حول توفر الإسلام على نظام كامل للحياة ، مستغلين فرصة عدم تطبيقه ، و عدم فهم الأمة له نتيجة فصله عن الدولة ، و إبعاده عن مناهج التربية و التعليم .

و السؤال هو : ( هل في الإسلام نظام متكامل شامل ، يتناول جميع مظاهر الحياة بالتنظيم ، و جميع مشاكل الإنسان بالحل الصحيح الناجع ، و يعنى بشؤون الفرد و المجتمع عناية تامة في مختلف ، و شتى مجالات الاقتصاد و السياسة و الاجتماع و غيرها؟..) ، ( و هل الدعوة إلى تطبيق هذا النظام الإسلامي واجبة على المسلمين ) ، يقول – دام ظله العالي - : ( نعم .. في الإسلام النظام الكامل على النهج المذكور في السؤال ، و يتضح ذلك بالسبر و النظر في الأوضاع ، التي كان عليها المسلمون في العصور الأولى ) .

- ( و تجب الدعوة إلى هذا التطبيق ) ؟

و يقول السيد ميرزا عبد الهادي الشيرازي جواباً للسؤال المتقدم : (لاريب في أن دين الإسلام هو النظام الأتم الأكمل ، لما فيه الحل الصحيح لجميع مشاكل الإنسان في جميع الأعصار و الأدوار ) .

_ ( و يجب الدعوة إلى تطبيقه) ؟

و يقول السيد ميرزا مهدي الشيرازي جواباً للسؤال المتقدم أيضاً : ( نعم .. الإسلام نظام متكامل شامل لجميع مظاهر الحياة ، و يحل جميع مشاكل الإنسان ، بأفضل حل ، لم يسبقه في ذلك سابق ، و لايلحقه فيه لاحق ، صالح للتطبيق في جميع الأزمنة و الأمكنة ، قال الله تعالى : ( اليوم أكملت لكم دينكم ، و أتممت عليكم نعمتي ، و رضيت لكم الإسلام ديناً ) ، و الدعوات إلى تطبيق الإسلام واجبة على جميع المسلمين ، قال الله تعالى : (ادع إلى سبيل ربّك بالحكمة و الموعظة الحسنة و جادلهم بالّتي هي أحسن ) ، .. ) .

و يقول السيد البروجردي : ( لايبقى شك لمن تتبع قوانين الإسلام و ضوابطه ، في أنه دين سياسي اجتماعي ، و ليست أحكامه مقصورة على العباديات المحضة المشروعة لتكميل الأفراد ، و تأمين السعادة في الآخرة ، بل يكون أكثر أحكامه مربوطة بسياسة المدن ، و تنظيم الاجتماع ، و تأمين سعادة هذه النشأة ، أو جامعة للحسينين ، و مرتبطة بالنشأتين ، و ذلك كأحكام المعاملات و السياسات من الحدود و القصاص و الديات و الأحكام القضائية المشروعة لفصل الخصومات ، و الأحكام الكثيرة الواردة لتأمين الماليات ، التي يتوقف عليها حفظ دولة الإسلام كالأخماس و الزكوات و نحوها.. ، و لأجل ذلك اتفق الخاصة و العامة على أنه يلزم في محيط الإسلام وجود سائس و زعيم يدبر أمور المسلمين ، بل هو من ضروريات الإسلام ).

و يقول – قدس سره – أيضاً : ( لايخفى أن سياسة المدن و تأمين الجهات الاجتماعية في دين الإسلام ، لم تكن منحازة عن الجهات الروحانية ، و الشؤون المربوطة بتبليغ الأحكام و إرشاد المسلمين ، بل كانت السياسة فيه من الصدر الأول مختلطة بالديانة و من شؤونها ، فكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) بنفسه يدبر أمور المسلمين ، و يسوسهم ، و يرجع إليه في فصل الخصومات ، و ينصب الحكام للولايات ، و يطلب منهم الأخماس و الزكوات و نحوهما من الماليات . و هكذا كانت سيرة الخلفاء من بعده من الراشدين و غيرهم، حتى أمير المؤمنين (عليه السلام) ، فإنه بعد ما تصدى للخلافة الظاهرية ، كان يقوم بأمر المسلمين ، و ينصب الحكام و القضاة للولايات.

و كانوا في بادئ الأمر يعملون بوظائف السياسة في مراكز الإرشاد و الهداية كالمساجد ، فكان إمام المسجد بنفسه أميراً لهم ، و بعد ذلك كانوا يبنون المسجد الجامع قرب دار الإمارة ، و كان الخلفاء و الأمراء بأنفسهم يقيمون الجمعات و الأعياد ، بل و يدبرون أمر الحج أيضاً ، حيث أن العبادات الثلاث مع كونها عبادات قد احتوت على فوائد سياسية ، لايوجد نظيرها في غيرها ، كما لايخفى على من تدبر . و هذا النحو من الخلط بين الجهات الروحية و الفوائد السياسية من خصائص دين الإسلام و امتيازاته ) .


source : tebyan
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

الفرق بين علوم القرآن والتفسير
وتسلّط‌ ارباب‌ السوء
اليقين والقناعة والصبر والشکر
القصيدة التائية لدعبل الخزاعي
في رحاب أدعية الإمام الحسين (عليه السلام)
أقوال أهل البيت عليهم السلام في شهر رمضان
آيات ومعجزات خاصة بالمهدي المنتظر
علي الأكبر شبيه الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)
أوصاف جهنم في القرآن الكريم
ألقاب الإمام الرضا عليه السلام

 
user comment