عربي
Friday 29th of March 2024
0
نفر 0

المجتمع الإسلامي في كلمة القائد

بسم الله الرحمن الرحيم
المجتمع الإسلامي في كلمة القائد

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا أبي القاسم المصطفى محمد وعلى آله الأطيبين الأطهرين المنتجبين سيّما بقية الله في الأرضين.

إنني اشعر بسرور غامر، وأحمد الله تعالى على توفيقه لي بالحضور بين هذا الحشد الودود والمخلص والمؤمن والمتدين من أهالي يزد الأعزاء وأن أقوم بهذا الواجب الذي ظل يثقل كاهلي منذ فترة طويلة وهو أن آتي إليكم وأن أكون بينكم أيها المواطنون الأعزاء.

إنّ مدينتكم ومحافظتكم ـ أيها الأخوة والأخوات الأعزاء ـ هي مركز للعلوم والفنون والعمل والمثابرة والإبداع، كما أنها مركز للإيمان والعقيدة الدينية.

لقد كان أهالي يزد طوال فترات تاريخنا المعاصر مثالاً للموهبة والنجابة والإيمان والعقيدة والقدرة على العمل والخلاقية والحركة والتأهب على شتى الميادين بشكل لم نعهد له مثيلاً بين أبناء شعبنا الإيراني، وهو ما لاحظناه دائماً، سواء أكان ذلك قبل قيام الثورة أو بعد انتصارها، فلقد سجل أهالي يزد انتصارات باهرة في ساحات الدفاع المقدس وعلى صعيد الدفاع عن هوية الثورة الإسلامية، وحتى بعد انتهاء مرحلة الدفاع المقدس والى يومنا هذا فلقد سجلوا حضوراً فاعلاً في مجال الدفاع عن القيم التي كانت عرضة لهجمات الأعداء السياسية والثقافية.

فعلى كافة هذه الأصعدة كان أهالي يزد دائماً على أهبة الاستعداد والتوثب للعمل، وكانوا مثالاً للصبر والتحمل والعزم والإرادة التي لا تخفى على كل ذي بصر وبصيرة.

إنني لا أنسى تلك الأيام التي عشناها قبل انتصار الثورة الإسلامية، حيث كان جميع المواطنين الإيرانيين يعملون جاهدين قدر المستطاع على بلوغ هذه النهضة الكبرى أهدافها السامية.

ففي تلك الأيام قمت بزيارة إلى مدينة يزد، فلم أتمالك نفسي من الحيرة والدهشة جراء ما شاهدته في هذه المدينة، لقد كانت جماهير المدينة تموج ثورة وحماساً دون أن تفقد ما ينبغي من نظام وانضباط وتماسك ورباطة جأش، وكان المرحوم آية الله الشهيد الصدوقي كما شاهدته آنذاك مثالاً لرجل الدين البارز، كما بدا قائداً دينياً وسياسياً وثقافياً وثورياً من الطراز الأول في مدينة يزد وفي كافة مدن ومناطق هذه المحافظة.

لقد أمضيت عدة أيام في يزد، واطلعت على أوضاع المدينة، وكنت حينها قادماً من المنفى، وكان قد قُدُّر لي أن أزور عدداً من المدن الأخرى، إلا أن الأوضاع في يزد كانت استثنائية بلا إغراق ولا مبالغة.

إنّ من اللازم قدر المستطاع أن أتحدث إليكم والى أبناء الشعب الإيراني بصدق وإخلاص حول مناقب أهالي يزد الأعزاء كما عرفتهم وبما يختلج في صدري من مشاعر وأحاسيس.

لقد دأبت دائماً على كافة زياراتي للمدن الإيرانية على التأكيد بأن على شعبنا ـ ذلك الشعب الذي يتمتع بتاريخ حضاري وعلمي وثقافي وسياسي عريق ـ أن يتعرف بدقة تامة على هويته وشخصيته وتاريخه وأهمية مدنه، وأن يقدّر ما يحظى به من خصائص، ومن هنا يأتي الحديث حول مميز ات أهالي يزد ومواطنيها.

أيها الأعزاء، لقد حاول أعداء هذا الشعب خلال عقود طويلة مسخ هوية هذا الشعب وتزييف تاريخه والقضاء على حضارته.

لقد اساءوا فهمنا، وعاملونا كشعب بلا تاريخ ولا ماضِ حضاري ولا جذور تضرب في عمق القِدَم، وكأننا لم نحظ بكل هذا العدد الهائل من العلماء والمفكرين والفنانين على مر الحقب التاريخية. وللأسف الشديد فقد وقع بعضنا في حبائلهم وخُدعوا بترّهاتهم وصدّقوا بأقاويل الأعداء الكاذبة حول الأمة الإيرانية والشعب الإيراني.

إنّ مدينة يزد، وكما أشرت سابقاً، هي مدينة العلم، وإذا ما أتينا على ذكر علماء يزد في مختلف العلوم، ولاسيما العلوم الدينية، لاستغرق ذلك ساعات وساعات حتى لو توخينا الإيجاز واكتفينا بمجرد ذكر الأسماء.

إنّ هذا لا يتعلق بالماضي فحسب، بل إنه يمتد الى عصرنا هذا، فثمة رعيل كبير من العلماء من الأعلام والشخصيات والوجوه البارزة من عظماء هذه المحافظة الذين حظينا بمعرفتهم خلال دراستنا الدينية وأثناء نشاطاتنا الاجتماعية.

وأما الآن، فإننا نجد أن محافظة يزد سجلت أعلى نسبة من بين المشاركين في اختبارات الالتحاق بالجامعات على مستوى البلاد خلال الأربعة عشر عاماً الماضية.

إنّ هذا ليس بالشيء القليل، وهو إن دل على شيء فإنما يدل على الموهبة العلمية وعلى كثرة علماء المستقبل والنخب العلمية والعقول النابغة التي يمكن أن تغير من مسير الثورة الإسلامية وأن تمثل منعطفاً عظيماً في مستقبل هذا البلد.

إنّ على شباب يزد ورجالها ونسائها وعلماء الدين فيها ومثقفيها وأساتذتها أن يعرفوا قيمة هذه النعمة وأن يشكروا الله عليها، وهذا ما لا يكون إلا باكتشافها واستثمارها وتوظيفها في شتى ميادين الحياة.

لقد كانت تجربة أهالي يزد أثناء الدفاع المقدس تجربة ناجحة، فهم لم يكتفوا بالجلوس في منازلهم والدعاء بالنصر للمقاتلين، بل سجلوا حضورهم في الجبهات.

إنني لا أنسى أن كتيبة الغدير ومقرّ غدير اليزديين كانا من أفضل وأقوى وأخطر المواقع القتالية وأكثرها نظماً وانضباطاً من بين كافة المواقع العسكرية التي شاهدناها في جبهات القتال.

إنّ شهداءكم الأبرار ومعوقيكم الأبطال وأسراكم الأحرار وعوائكم التي تحصنت بالصبر والصمود لمن أوضح الأدلة على حضوركم الباسل في ساحات الأخطار تلبيةً لنداء الكفاح والجهاد.

إنكم الأفضل في الجامعات، وفي ميادين الحرب، وفي حقول الصناعة والزراعة رغم جفاف هذه المنطقة وصحراوية هذا الإقليم.

إنّ أحدكم لو عثر على عين ماء نائية لبذل جهده في استخدام مائها من أجل حقل يرويه أو مزرعة يسقيها أو بستان يغرسه ليجني ثماره مع الآخرين. إنها لقيمة كبرى، وإنها القدرة على تحمل المشاق.

لقد شاهدت بساتين في العراق بين كربلاء والنجف منذ خمسين عاماً، وكان كافة العراقيين يعلمون أنها من غرس اليزديين. لقد كانوا يقولون بأن اليزديين جاءوا من إيران وقاموا بغرس هذه البساتين بين كربلاء والنجف في منطقة ظن البعض أنها مستعصية على الاصلاح والزراعة.

لقد كانت هذه صفتهم أينما ذهبوا وحلّوا ، وهي التحمل الذي لا ينفك عن الرضا والقناعة.

لقد تحدثت كثيراً مع أبناء شعبنا الأعزاء حول ظاهرة الإسراف وضرورة تجنبها، وإن مدينتكم ومحافظتكم لخير نموذج ومثال على اجتناب الإسراف والتبذير.

وإنني لأقول بين قوسين إنها لطبيعة فطر عليها أهالي يزد، بشرط عدم التشبه بطبقات الأشراف، فهذا مرض عُضال يصيب الأخلاق النبيلة ويؤثر على الصفات الحميدة، ولربما غيّرها وقضى عليها، فعلينا نحن أبناء الشعب الإيراني ألا نقع أسرى في شباك تلك الصفة الذميمة.

لقد فُطر أهالي يزد على القناعة والجد في العمل، وهذا فضلاً عن تلك الموهبة الطبيعية في كافة المجالات المصقولة بالتفوق العلمي والفني.

إنّ هذه الآثار المعمارية، وهذا المجمّع المعماري الفائق الجمال الذي يغمرنا الآن ببهائه، بما في ذلك مجموعة أمير چخماق(1) والمسجد الجامع وما عدا ذلك من الآثار المعمارية والفنية في شتى جوانب هذه المدينة وهذه المحافظة لخير دليل على ذلك الذوق الفني الرفيع الذي يمكن أن تتمتع به مدينة أو محافظة أخرى من الأصالة والتراث العريق في كافة مراحل التاريخ وأحقابه الممتدة؛ حسناً، وكأنني أردت من وراء كل ذلك التمهيد لحديثي معكم والذي يدور باختصار حول الثقة بالنفس.

إنّ الثقة بالنفس لمن أبرز خصال اليزديين؛ وأن كل ما تشاهدونه في تلك المدن البعيدة وفي ديار الغربة وفي البيداء الواقعة ما بين كربلاء والنجف وفي كل مكان يحل فيه أحد المواطنين اليزديين من إنتاج وإصلاح وإعمار وتوفير للثروة لمن الأدلة الواضحة على أنه نابع من الثقة بالنفس فضلاً عما يدعمها من الصفات الإيجابية الأخرى.

إنني أريد أن أقول لكم ولكل المواطنين الإير انيين أن أحد أهم الأدوية الروحية والفكرية التي يحتاج إليها شعبنا والتي ينبغي


source : abna
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

علماء السنة يجيزون لعن يزيد بن معاوية
آية اليوم يئس الذين ومسألة الإمام
العقل والروح مسيرة إحيائية واحدة
اليوم الآخر في القرآن الكريم
الرعية في عهد الإمام علي (عليه السلام) لمالك ...
بغض بعض الصحابة لعلي(عليه السلام)
هل ان عيسی عليه السلام ابن الله جل وعلا
كيف يجزى الانسان بثار عمله في الدنيا
المعاد (1)
الامام علي (ع ) يرفض المبايعة على سيرة الشيخين :

 
user comment