عربي
Friday 26th of April 2024
0
نفر 0

شاعر وإمام

شاعر وإمام

الفرزدق: قال ابن خلكان: لمّا حجّ هشام بن عبد الملك في أيام أبيه، فطاف وجهد ان يصل إلى الحجر ليستلمه فلم يقدر عليه لكثرة الزحام، فنُصب له منبر وجلس عليه ينظر إلى الناس، ومعه جماعة من أعيان أهل الشام، فبينما هو كذلك إذ أقبل زين العابدين علي بن الحسين علي بن أبي طالب (رضي الله عنهم) وكان من أحسن الناس وجهاً، وأطيبهم أرجاً، فطاف بالبيت، فلما انتهى إلى الحجر تنحى له الناس حتى استلم، فقال رجل من أهل الشام: من هذا الذي قد هابه الناس هذه الهيبة؟ فقال هشام: لا أعرفه، فقال الشامي: من هذا يا أبا فراس(1)؟ فقال:
هـــــــــذا الــذي تعرف البطحاء وطأته***والبيــــــت يــــعرفه والحـــــل والحرمُ
هــــــــــذا ابـــــن خيـــر عباد الله كلّهم***هذا التقـــــيّ الـــنقيّ الطاهر العلمُ(2)
إذا رأتـــــــــــه قريــــــــش قال قائلها:***إلـــى مكــــــارم هـــــذا ينـــتهي الكرمُ
ينــــــــمى إلـى ذروة العزّ التي قصُرت***عـــــن نيــــــلها عرب الإسلام والعجمُ
يكـــــــــاد يمــــــــسكه عـــرفان راحته***ركـــــن الحـطيم إذا ما جاء يستلمُ(3)
فـــــــــي كــــــــفّه خيزران ريحه عبقُ***مـــــن كفّ اروع في عرنينه شممُ(4)
يُغــــــضي حيــــاءً ويُغضى من مهابته***فــــــــما يُـــــكلّم إلاّ حين يــــبتسمُ(5)
ينــــــشق نـــور الهدى عن نور غرّته***كالشمس ينجاب عن إشراقها القتمُ(6)
مشتــــــقة مـــــــن رســــول الله نبعته***طــــــابت عـناصره والخيم والشيمُ(7)
هـــــــــذا ابـــــن فاطمةٍ إن كنت جاهله***بجــــــدّه أنـــــــبياء الله قـــــــد ختموا
الله شــــــــــــرّفه قــــــــــــدماً وعظّمه***جــــــــرى بـــــــذاك له في لوحه القلمُ
فلــــــيس قـــــــولك مــــن هذا بضائره***العـــربُ تعرف من انكرت والعجمُ(8)
كلتـــــــــا يــــــــديه غيــاث عمّ نفعهما***تـــستوكفان ولا يــــــعروهما عدمُ(9)
سهــــــــل الخليـــــقة لا تُخشى بوادره***يـزينه اثنان حسن الخلق والشيمُ(10)
حمّـــــــال أثـــــــقال أقــــوام إذا فدحوا***حــــــلو الشمائل تحلو عنـده نعمُ(11)
مـــــــــا قــــــــال لا قــط إلاّ في تشهده***لــــــولا التـــشهد كانت لاءه نعمُ(12)
لا يُـــــــخلف الوعد مأمون نقــــــيـبته***رحـــــــــب الغـــــناء اريب حين يغترم
عـــــــــمّ البـــــرية بالإحسان فانقشعت***عنـــــها الغيابة والأملاق والعدمُ(13)
مــــــــن معـــــشر حبّهم دين وبغضهم***كفــــــــر وقــــــربهم مــنجى ومعتصمُ
إن عـــــــدّ أهــــــل التقى كانوا أئمتهم***أو قــــيل من خير أهل الأرض قيل همُ
لا يستـــــــطيع جـــــــــواد بـعد غايتهم***ولا يـــــــــدانيهم قــــــوم وإن كــرموا
هــــــــم الغـــيوث إذا ما أزمة أزمت***والأسد أسد الشرى والبأس محتدمُ(14)
لا يــــــــنقص العســر بسطاً من أكفّهم***ســـــــيّان ذلــــك ان اثروا وإن عدموا
مقــــــدّم بعــــــذ ذكــــــــــر الله ذكرهم***مــــــــن كل بـــــــدء ومختوم به الكلمُ
يـــــــأبى لهــــــم ان يحلّ الذمّ ساحتهم***خيـــــــر كــــــريم وأيـــد بالندى هضمُ
أيّ الخلائــــــق ليـــــــــست في رقابهم***لأوليــــــــــــة هــــــــذا أوله نـــــــــعمُ
مـــــــــــن يعــــرف الله يعرف أوّلية ذا***والديـــــــن مـــــن بيت هذا ناله الأممُ
فلما سمع هشام هذه القصيدة غضب وحبس الفرزدق، وانفذ إليه زين العابدين اثني عشر ألف درهم، فردها وقال: مدحته لله تعالى لا للعطاء، فقال: إنا أهل بيت إذا وهبنا شيئاً لا نستعيده، فقبلها(15).

السيد ناصر الأحسائي:
جـــميــــــل الصبر مفتــاح الفلاح***وعــــــقباه جــــــنـــاح للنجـــــاح
بـــه يلقى الضريع الصرف شهداً***جـــناح المجـــد من زاكي اللقاح
تســــــامت فيــــــه آل الله قــــدماً***بسوق النفــس في سوق الرباح
ولــــــولاه مــــــا فــــــازت كـرام***بحــــــسن الــذكر في يوم الكفاح
قــــــد اخــــــتاره فـــاشتاروه لما***صــــــت عــــــنه زائـــم بالجماح
كأنـــــصار الحسين بني المعالي***بنــــــاة المجــد في السبع البطاح
إذا ضــــــاق الخــناق لدى زحام***تــــــراءوا جــــــده مــرأى مزاح
وإن نــــــادتهم الهيجـــــا أجابوا***نــــــداء الـــــداع بالغرر الصباح
ففيــــــهم تضــرب الأمثال صبراً***بــه امتاز المراض من الصحاح
لقــــــد أورى بـــــه السجاد قدحاً***بــــــه نــــــال المعــلى من قداح
كما أدى له حــــــقاً عــــــظيمـــاً***نبــــــت عنه سماة أولى السماح
فمــــــا يعــــقوب ما أيوب صبراً***كــــــزين العــابدين فتى الصلاح
له صــــــوم الهجـــــير أجل عيد***وجــــــنح الليـل مصباح الصباح
لــــــه الشـــرف الأثيل بكل جيل***وعـنــــــه المــــدنسات بمنتزاح
لــــــه الأذكـار والدعوات أهنى***ورود فــــــي غـــبوق واصطباح
لــــــه الصبــر الجميل بكر رزؤ***تطيــــــش به الحلوم لدى الكلاح
حــــــلا مـــــن جوده جيد العالي***كــــــما تحــلو الغواني بالوشاح
وليــــــس لغــــــيره رزؤ كجـزؤ***اصــــــاب علاه في كل النواحي
عــــــلى أن ليـس عدل من أبيه***بمقتــــــله الشنيــــــع المستباح
عــــــلى أن ليس عدل من أخيه***عـــلـــى ذي الكرامات الصراح
عــــلى أن ليس عدل من عموم***سمـوا مجداً إلى شرف الضراح
ولا سيــــــما أبو الفضل المفدى***أبي الضيــــم ذو المجد الصحاح
عــــــلى أن ليس عدل من ذويه***تكفنهم أعــــــاصير الــــــريـــاح
عــــــلى أن ليس عدل من ذويه***تغسلهــــــا الدما عـوض القراح
عــــــلى أن ليس عدل من حريم***لــــــه تسبــــــى بأكـوار الرزاح
يشــــــاهد ما تكـــــابد من وثاق***وتشهيــــــر وضــــــرب وانتزاح
يطــــــاف بــــــرأس والده عليه***عــــــلى هـــون بأطراف الرماح
وبــــقرع بالعصى طوراً وطوراً***عــــــليه تستــــــدار كؤوس راح
يــــــرى الأطفال بين فطيم سهم***وريــــــان الحشا بدم الجــــــراح
ومكبــــــول دموع العين اشرب***ولا زاد ســــــوى طــــول المناح
فهــــــل أحداً أصيب ببعـض هذا***رضـــى ما كان في القدر المتاح
وكــم قاسى من الأعداء عظاماً***يضيــــــق بعــضها رحب البطاح
ولــــــم تكـــف ابن مروان قيود***بــــــيوم الطــــــف تؤذن باجتياح
فأشخــــــصه بأقــــــياد ثــــــقال***لأرض الشام محـفوظ برئ ساح
ألــــــم تقــــــرع مسامعـه عظاة***وما فيــــــه مــن الآي الوضاح
نعــــــم خــبث الأصول تجر طبعاً***لخــــــبث الفعـــل والشيم القباح
وليــــــس مصــــــدقاً صـدقاً لئيم***إذا مــــــا كان أكذب من سجاح
فأعقــــــب للــوليد الرجس ظلماً***أضــــاق به الرحاب عن افتتاح
فــــــدس لقتــــــله سمــــــاً نقيعاً***نيــــــاط القــــلب قطع بالشراح
تبــــــوّأ جــــــسمه منـــــه نحول***يجــــــدد بالغــــــدو وبالـــرواح
فــــــوا لهفــــــاه للسجاد مضنى***بــــــرته سمـــومه بري القداح
تذكــــــره السموم لظـــى سموم***يكــــــابده أبــــــوه لــدى الكفاح
فيسلــــــوا سمــــــه بلــظى أبيه***ومــــــا ذكـر السموم بمستراح
ويذكــــــر إذ تجــــــرحــه سموم***أبــــــاه حــــــين أثخـن بالجراح
إلــــــى أن سمـــه استوفى قواه***فأطــــــفأ منــــه مصباح الفلاح
قــــــضى السجـــاد مظلوماً بسم***فــــما طيب الكرى لي من مباح
قـــــضى السجاد فالصدقات سراً***تقــــــيم عــــــليه مــأدبة النياح
قـــضى السجاد فالدعوات تهمي***دمــــــوعاً منـــه تهمي بالمناح
قــــــضى عــــين الحياة في عين***عقــــــيب العـين تبخل بانسفاح
قـــضى قطب الوجود فكيف تبقى***بــــــنا الأفــــلاك دائمة السباح
قــــــضى فالحق منه في مضيق***وضيـــق الكفر منه في انفساح
وصـــــدر العلم في حرج اكتئاب***وصـدر الجهل منه في انشراح
وبــــــاب الــــرشد يبكي بانفلاق***وبــــــاب الغــــي يفرح بانفتاح
بكتــــــه الجــــامدات فلا عجيب***بأن يبــــــكي بألسنـــة الفصاح
وتبــــــكيه الوفود وما عـــــليها***وقــــــد فقد المرجى مـن جناح
ويبكيه السماح وغير بدع***إذا يبكي السماح على السماح (16)

أبو أمل الربيعي
بالبشر وافى الكـــــائنات المـــــولد***والـــــذكريات غـــــدت بــــه تتجدد
وجـــــه الحـــــياة به تـــلألأ مشرقاً***والكـــــون عـــــاد بنـــــوره يـتوقد
واستنـــــشق الأحــياء طيب عبيره***فبـــــدت عـــــليهم جــــذوة لا تخمد
شمس الضحى خجلت فعادت نجمة***ما عــــاد يظهر في السماء الفرقد
يـــــوم بـــــه التـــاريخ طأطأ رأسه***وغـــــدت بـــــه أوراقـــــه تـتـبــدد
يـــــوم بـــــه السجـــاد أشرق نوره***الله أكبـــــر أي طـــــهـــــرٍ يـــــولد

السيد محمد جمال الهاشمي
مــــرج البحـران فخــراً وعـلاء***والتقـى النجــمان زهواً وسناءا
وارتــــمى الدهـــر على ظلّيهما***خــــائراً، قـــد هدّه الجري عياءا
هــــا هــــو الإيمان فـــي موكبه***يسبــــق التـاريخ حكماً وقضاءا
حــــرث الصحراء حتى أصبحت***تغــــمر الــــدنيا رفــاها ورخاءا
قــــرّب الإيــــمان مــــن أبعادها***فــــدنا للحــــق مـــا عنه تناءى
صهــــر الأفكــــار فـــي (بوتقةٍ)***أخــــرجتها في المعاني كيمياءا
وحــــدّ الإنســـــان فـي ناموسه***فـــمشى الناعل والحافي سواءا
فــــارس قـــــــد خــمدت نيرانها***وتـــلاشى عهدها الزاهي هباءا
أيــــن كســـرى أين عنه تاجه؟***أين - ايوان - به يزهو ادّعاءا؟
مــــزّق الحــــق بســــاطاً فوقه***كــــم مشى الباطل يزهو خيلاءا
يثــــرب يا مطــــلع الفجر الذي***بسنــــاه عـــادت الأرض سماءا
لــــكِ ذكــــر كــــلما مــــر على***مسمــــع الـدنيا له اهتزت ثناءا
إن تاريخــــك فــــي أحـــــداثـه***غــــمر الأجــــيال سحـر ورواءا
قــــاد جــــيش الله فـــي إيمانه***يهــــزم الكـــفر اقتحاماً وافتداءا
ومشــــت يــــثرب في أفراحها***نحــــوه تستقــبل النصر انتشاءا
هــــا هو الديوان في أعضائه***يمــــلأ العــــين جــــلالاً وبــهاءا
والسبــــايا وقــــفت خــــاشعة***تســــأل الأفــــق رجــالاً ونساءا
وفتــــاتين وما أبــــهاهـــــــما***يــــرمقان الحـفل كبراً وازدراءا
وهــــبّ الحــــق امتيازاً لهما***فتــــعالى اسمهمــــا فيه ارتقاءا
وتسامت - بنت كسرى - شرفاً*** - بابن طــــه ـ وتمـلّت كبرياءا
وتغــــنّى الــــوحي لمـــا التقيا***مــــرج البحــران فخراً وعلاءا
أدرتْ بنــــت الأساطيــــر بمــا***أسبــــغ الله عــــليها وأفـــــاءا
أدرت أن عــــلياً شبــــلهـــــــا***سيهــــز الــدهر صبراً وابتلاءا
ولــــدته كــــوكباً مـــــن نوره***تكسب الشمس شعاعاً وضياءا
سيــــد تاه بــــه كســرى عُلىً***وبــــه بــــاهى النـــبي الأنبياءا
ورث التاجـين عــــدلاً وهدى***واعتلى العرشين تقوى ومضاءا
هــــام بالله خــــشوعاً فذوى***عــــوده فـي الحب خوفاً ورجاءا
ساجــــد لله لا يشغــــلـــــــــه***عــــنه مـا سرّ بني الدنيا وساءا
عــــرف الغــــاية من إيجاده***فسعــــى أن يـصهر الداء دواءا
أفــــرغ الــــروح مناجاة لها***يهتــــف الخـلد احتفالا واحتفاءا
صــــور حــــار بها الفن، فما***حــــد دنــــياها ابتداء وانتهاءا
زيــــنة العــــبّاد فــــي سيرته***يهتـــدي الدهر إذا مال التواءا
آه كــــم قاسى من الدهر وكم***صـارع الأحداث صبراً وعناءا
صاحــــب السبــــط أباه حينما***ثــــار للــــدين ووافى كربلاءا
فــــرأى مصــــرعه فــي فتية***غنموا الخلد، وعاشوا شهداءا
عيد ميلاد ابن سبط المصطفى***غــــمر الـدنيا سروراً وهناءا
جــــدّدت تــــاريخه مســـرورة***أمــــةٌ فــــاضت ولاء ووفـاءا
تــــنطوي الأجـيال في أحداثها***وهـي تزداد انتشاراً وانتشاءا
رامــــت الأحداث فــي ألعابها***أن يجـــف الحب عوداً ونماءا
هــــدمت أضرحــــة قــــدسية***ضمــــت الفجــر جلالا وجلاءا
فــــاستحال الحـبّ نوحاً ملهباً***واغـتدى الحق دموعاً ودماءا
وذكــــت شعــــلتها تحــرق ما***شـــاده الجهل غروراً وغباءا
وازدهــــت ثانــية في معرض***يبــــهر التـاريخ وضعا وبناءا
فجــــزى الله الأحـاسيس التي***لم تــــرد إلا مـن الله الجزاءا

السيد الحميري:
عجبت لكرّ صروف الزمــــــان***وأمـــر أبي خــــالد ذي البيان
ومــــن ردّه الأمــر لا ينثــــــني***إلى الطيب الطهر نور الجنان
عليُّ وما كان مــــن عــمّــــــه***بردّ الأمانة عـــــطف البــــيان
وتحكيــــمه حجــــراً أســــــوداً***وما كان من نطقه المستـــبان
بتسليم عــــمّ بغــيــــــر امتراء***إلى ابن أخ منطـقاً باللـــــسان
شهــــدت بــــذلك حــــــقاً كـــما***شهدت بتصـــديق آي القــــرآن
عــــــليّ إمامـــي ولا أمتــــري***وخلّيت قولي بكان وكان(17)

بشاربن برد(18):
أقــــــول لسجــــــاد عــليه جلالة***غــــــداً أريحــــياً عاشقاً للمكارم
من الفاطميين الدعاة إلى الهدى***جهاراً ومن يهديك مثل ابن فاطم
سراج لعـــين المستضيء وتارة***يكون ظلاماً للعدو المزاحم(19)

ابن حماد:
وراهب أهل البيت كان ولم يزل***يلقــــــب بالسجــاد حسن التعبد
يقضي بطول الصوم طول نهاره***منــيباً ويفني ليله بالتهجد(20)

القاضي ابن قادوس(21):
أنــت الإمام الآمر العدل الذي***خبــــــب البــراق لجدّه جبريل
الفاضل الأطراف لم يرد فيهم***إلا إمــــــام طــاهر وبتــــــول
أنتم خزائن غامضات علومه***وإليــــــكم التحــريم والتحليل
فعلى الملائك أن تؤدي وحيه***وعليكم التبين والتأويل(22)

الأربلي:
إمام هدى فــــــاق البــــــرية كلها***بأبنائه خـــير الورى وجــــــدوده
فطارفه فــــــي فــــــضله وعـلائه***وسؤدده من مجــــــده كتــــــلـيده
لــــــه شـــرف فوق النجوم محله***أقرَّ به حتــــــى لســــــان حسوده
ونعمى يد لو قيس بالغيث بعضها***تبــــينت بخـلا في السحاب وجوده
وأصل كريم طاب فرعاً فـأصبحت***تحــــــار العقول من نضارة عوده
ونفس براها الله من نور قــدسه***فأدركت المكنون قبل وجوده(23)

الشيخ الفتوني:
هـــذا الذي ضمّن الفرقان مدحته***هــذا الذي ترهب الآساد صولته
هذا الـــذي تحسد الأمطار منحته***هــذا الذي تعرف البطحاء وطأته

والبيت يعرفه والحل والحرم
هذا ابن من زينوا الدنيا بفخرهم***وأوضحوا ديننا في صبح علمهم
واخصبوا عيشنا في قطر جودهم***هــــــذا ابـن خير عباد الله كلهم
هذا التقي النقي الطاهر العلم

الشيخ أحمد النحوي:
يا رب كــــــاتم فــــــضل ليـــــس ينكتم***والشمس لــــــم تمحـــها غيم ولا قتم
والحــــــاسدون لمــــــن زادت عنايته***عقباهم الخزي في الدنيا وإن عظموا
أما رأيت هــــــشاماً إذ أتى الحجر الـ***ـسامــــــي ليــــــلثمــه والناس تزدحم
أقــــــام كــــــرسيّه كيــــــما يخـف له***بعــــــض الـــزحام عسى يدنو فيستلم
فــــــلم يفده وقــــــد ســــــدت مذاهبه***فــــــلم يــــــكن يستــطع يخطو له قدم
فــمذ أتــــــى الحبر زين العابدين إما***م التابعــــــين الــــــذي دانـت له الأمم
فــــــاخرج النــــــاس إجـــلالاً لهيبته***حــــــتى كـــــــأن لم يكن منهم بها إرم
تجــــــاهلاً قـــــال من هذا فقال له: ***أهــــــل المعــــــارف من أقوالهم حكم
(هذا الذي تعرف البطحاء وطأته)

الشيخ إبراهيم بن يحيى العاملي الطيبي(24)
حسب الفتى من حطام الدهر والنشب***ما صــــــان مــــاء محياه عن الطلب
هبــــــني حــــــويت كنوز المال قاطبة***أليــــــس غــــاية حاويها إلى العطب
خــــــفض عـــليك فإن العيش معركة***والــــــناس ما بـين مسلوب ومستلب
لا خــــــير فــي هذه الدنيا وإن سلمت***ولا سلامــــــة مـــــن همّ ومن نصب
بيــــــنا تــرى المرء طليقاً في أعنتها***إذ راح يحجــــــل فـــي قيد من النوب
إليــــــك عـن حية الوادي فقـــد كمنت***لـــــــو كنت تعلم بين الماء والعشب
فكــــــم تـــــرشفت سماً من مراشفها***وأنــــــت تحــسبه ضرباً من الضرب
وطالمــــــا جــــــرّدت مــن ملكه ملكاً***قـــــد كان من قبل في أثوابه القشب
وكــــــم لهــــــا من قتيل في عشيرته***صــــــبراً عــــــلى رغـم أم برّة وأب
وحــــــسبنا عـــــبرة عبراء ما فعلت***بأنجـــــم الدهر أهل الفضل والحسب
أودت بأحــــــمد خــير الخلق ثم رمت***وصيّــــــه بســــــهام الغـدر من كثب
وبــــــزّت البـــــضعة الزهراء نحلتها***وارثها بعــــــد ردّ الصــــدق بالكذب
وأفـــــرغت سمّها في المجتبى حسنٍ***ومزّقــــــت صنـــه بالسمر والقضب
وصــــــار فـي أسرها السجاد مرتهناً***وأركبــــــته عــــــلى عار من القتب
زيــــن العباد عليّ الشأن من شهدت***بفــــــضله ألســــــن الأقـلام والكتب
بــــــدر التــــــمام الـــذي مولاه كوّنه***مـــن نوره قبل خلق السبعة الشهب
أغــــــر أبلــــــج لا تعــــــزى نقيــبته***يــــوماً لغير نبي أو وصي نبي(25)

السيد ميرزا صالح القزويني(26):
بنفسي كماة مـــــن لؤي بن غالب***تعــــــادى عــــــليها للعـداة كتائب
وكـم حاربتهم آل حرب وما اكتفوا***بحرب رسول الله عن أن يحاربوا
هم غـــصبوهم إرثــــهم من أبيهم***وقد نصبوا البغضاء بغياً وناصبوا
ومن عجب إن خضبت من دمائهم***ضباها بيوم الطف وهي الخواضب
فيا لعليل فــــــي القيـــــود مغــــلّل***تــــــرامى بـه نحو الشئام الركائب
وكــــــل الرزايا دون أرزائك التي***بهــا انهمرت من مقلتيك السحائب
وأنــــــت أميــــــن الله وابن أمينه***عـــــلى خلقه العافي به والمعاقب
كـظمت على بلواك غيضك شاكراً***وقـد زُلزلت منها الجبال الشناخب
ودسّ إليـــــك السم غدراً بمشرب***هشـــام فلا ساغت لديه المشارب
فيــــــا لإمــــــام محـكم الذكر بعده***قــــــد انطمست علامه والأخاشب
ويا لسقــــــيم غـــــاله السم بعدما***عــــلى سقمه قد أنحلته المصائب
ويا لفــــــقيد قــــــد أقـــامت مآتماً***عــــليه المعالي وهي ثكلى نوادب
وقـــــد قرّح الأجفان فهي سوارب***وبــــــرّح الأحــــشاء فهن لواهب
ومــــــات قــــــوام للعـــلى ومقوّم***وجــــــبّ سنـــــام للفخار وغارب
ولله أكنــــــاف البقــــــيع فــكم بها***كــــــواكب مــن آل النبي غوارب
حــــوت منهم ما ليس تحويه بقعة***ونــــــالت بهم ما لم تنله الكواكب
فبــــــوركت أرضــاً كل يوم وليلة***تطــــــوف مــن الأملاك فيك كتائب
وفيك الجبال الشم حلماً هوامــــد***وفيــــك البحور الفعم جوداً نواضب
وهم صفوة الباري وهم خير عترةٍ***بها يرحم الباري الورى ويعاقب(27)

الشيخ عبد المنعم الفرطوسي
قرحت جفونك من قــــــذى وسهــاد***إن لــــــم تفـــــض لمصيبة السجاد
فأسل فؤادك من جــــــفونك أدمعــاً***وأقــــــدح حـــشاك من الأسى بزناد
وانــــــدب إمـــــاماً طاهراً هو سيد***للساجدين وزينــــــة العــــــبّـــــــــاد
ما أبقـــــت البلوى ضناً من جسمه***وهــــــو العـــليل سوى خــيال بادي
ملقى على النطع الذي فوق الثرى***القــــــوة منــــــه بقســــــوة وعــناد
يــــــرنو لأيــــــتام تضـــــــج أمامه***وتعــــــج إعــــــوالاً وراء الحــادي
ولصبــــــية تـــدمي السياط متونها***فتــــــصاغ أطــــــواقاً عــلى الأجياد
ولنســــــوة فــــوق النياق حواسر***تسبــــــى بأســــــر أراذلٍ وأعـــادي
ويــــــرى جبــين السبط بدراً كاملاً***يــــــزهو بأفــــــق الــــــذابل الميّاد
والنـــــار يلهب في الخيام سعيرها***حــــــتى استحــــــال ضرامها لرماد
لهــــــفي عــــــليه يئن فـي أغلاله***بــــــين العــــــدى ويقـــــاد بالأصفاد
مضنى وجامعة الحديد بنحــــــــره***غــــــلّ يعــــــاني منــــــه شــــر قياد
تحــــــدوا به الأضغان من بلدٍ إلى***بلــــــدٍ وتــــــسلمه إلــــــى الأحـــقاد
والشــــــام إن الشــــام أفنى قلبه***ألمــــــا وآل بصــــــبره لنــــــفـــــــاد
لم يلق فيه سوى القطيعة والعدى***وشماتــــــة الأعــــــداء والحـــــساد
ســـــل عنه طيبة هل بها طابت له***بعــــــد الحــــــسين نــــــواظر برقاد
هــــــل ذاق طعم الزاد طول حياته***إلا ويمــــــزج دمعــــــه بــــالــــــزاد
أودى بــــــه فجــــــنى وليــد أميةٍ***وهــــــو الخـــــبث على وليد الهادي
حتــــــى قــــضى سماً وملأ فؤاده***ألــــــمٌ تحــــــزّ مــــــداه كــــــل فؤاد

الشيخ أحمد النحوي (28)
بأبــــــــــي أبيَّ الضيم لا يعطي العدى***حــــــــــذر المنيـــــــــة منه فضل قياد
بأبــــــــــي فـــــريداً أسلمته يد الردى***فــــــــــي دار غــــــربته لجمع أعادي
حتى هــــــوى ثبت الجنان إلى الثرى***مــــــــــن فـــــوق مفتول الذراع جواد
يا رأس مفترس الضياغم من الوغى***كــــــــــيف انــــــثنيت فريسة الأوغاد
مـــا إن بقيت من الهوان على الثرى***ملقــــــــــىً ثــــــــلاثاً في ربى ووهاد
إلا لــــــــــكي تــــقضي عليك صلاتها***زمــــــــــر المــــلائك فوق سبع شداد
لهــــــــــفي لرأسك وهو يرفع مشرقاً***كالبــــــــــدر فــــــــــوق الذابل المياد
يتــــــــــلو الكــتاب وما سمعت بواعظٍ***تخــــــــــذ القـــــنا بــدلاً عن الأعواد
والهـــــفتاه على خزانة علمك السجاد***وهــــــــــو يقــــــــــاد فــــي الأصفاد
ما لي أراك ودع عــــــــــينك جــــــامدٌ***أو مــــــــــا سمعــــت بمحنة السجاد
قــــــــــلبوه عــــــن نطع مسجىً فوقه***فبــــــــــكت لـــــــه أملاك سبع شداد
ويصــــــــــيح واذلاّه أيــــــن عشيرتي***وســــــــــراة قــومي أين أهل ودادي
منــــــــــهم خــــلت تلك الديار وبعدهم***نعــــــــــب الغــــــــرائب بفرقةٍ وبعاد
أتــــــــــرى يعــــود لنا الزمان بقربكم***هيهــــــــــات مـــــا للقرب من ميعاد
المصادر :
1- أبو فراس، همام بن غالب بن صعصعة، التميمي. أبوه سيد بني تميم، وأحد اسخيائهم. وفد الفرزدق مع أبيه على أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال أبوه للإمام (عليه السلام) ان ابني هذا شاعر. فقال (عليه السلام): علمه القرآن. يقول الفرزدق: فحفظت القرآن الكريم. يقول ابن شبرمة: كان الفرزدق أشعر الناس. ويقول الزركلي: كان يقال: لولا الفرزدق لذهب ثلث لغة العرب، ولولاه شعره لذهب نصف أخبار الناس. وفاته سنة 110.
2- البطحاء: الأرض المستوية. والمراد: بطحاء مكة.
3- ركن الحطيم: هو ما بين الركن الذي فيه الحجر الأسود، وبين الباب، سمّي حطيماً لأن الناس يزدحمون فيه على الدعاء ويحطم بعضهم بعضاً.
4- عبق ـ به الطيب عبقا: ظهرت ريحه بثوبه أو بدنه. الأروع ـ من الرجال: من يعجبك حسنه. والعرنين: ما صلب من عظم الأنف حيث يكون الشمم. وعرانين القوم: ساداتهم وأشرافهم، ويقال: هم شم العرانين: أعزّة أباة. والشمم: ارتفاع في قصبة الأنف مع استواء أعلاه، واشراف الأرنبة قليلاً.
5- يغضي: يسكت ويصبر. ويغضى من مهابته: ادناه الجفون بعضها من بعض. والمراد: يعتري الناظر إليه ذلك هيبة له واجلالاً.
6- ينجاب: يبتعد. والقتم: الغبار الأسود.
7- نبعته: المنبع: مخرج الماء ونحوه، ويقال: هو من نبعة كريمة، ماجد الأصل. والخيم: السجيّة والطبيعة. والشيم ـ جمع شيمة: الغريزة والطبيعة والجبلة التي خلق الإنسان عليها.
8- بضائره: لا يضره ولا ينقص ذلك من مكانته.
9- الغياث: الإعانة والنصرة. ووكف الماء: سال وقطر. ولا يعروهما: لا يصيبهما.
10- بوادره ـ جمع بادرة: ما يبدر من رجل عند غضبه من خطأ، يقال: فلان لا تخشى بوادره: كناية عن حلمه.
11- حمال أثقال: ربما ثقل عليهم دفع الديّات المتوجبة عليهم وشبهها، فيقصدون أهل الجود والكرام يتحملونها عنهم.
12- ما قال: لا: يريد انه لا يرد أحداً عن حاجته، بل يسرع لتلبيتها. والمراد: وصفه بمنتهى الكرم.
13- انقشع ـ السحاب: تصدع واقلع. والغيابة ـ من كل شيء قعره. والإملاق: الفقر.
14- الأزمة: الشدة والقحط والتسري: موضع كثير الأسد. ويقال: هم أسد الشرى: اشداء شجعان. والبأس: الشدة في الحرب. واحتدمت الحرب: اشتدت.
15- وفيات الأعيان ج 6 ص / 97.
16- رياض المدح والرثاء ص 560-563.
17- أعلام الورى: 254، الأبيات في القصة التي ذكرها الطبرسي في أعلام الورى وجماعة من أهل السير، وهي: أن السيد كان يقول بالكيسانية - وهم فرقة تقول بإمامة محمد بن الحنفية رضوان الله عليه - وبعد واقعة كربلاء، ورجوع الإمام زين العابدين (عليه السلام)، اتفق الإمام وعمه محمد على أن يطلبا من الحجر الأسود أن يسلّم على الإمام منهما؛ فتقدم محمد وسلم على الحجر فمل يرد عليه، وتقدم الإمام زين العابدين (عليه السلام) فسلم عليه الحجر بمسمع من جماعة من المسلمين فرجع كل من قال بإمامة محمد بما فيهم السيد فنظم القصيدة.
18- ابن برد، ولد أعمى؛ هو من مشاهير شعراء العصر العباسي. وفاته 167.
19- مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 156.
20- مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 152.
21- جلال الدين، أبو الفتح محمود بن القاضي إسماعيل المصري. من أهل العلم والأدب، له ديوان شعر، وفاته 551.
22- الغدير ج 4 ص 339.
23- كشف الغمة ج 2 ص 327.
24- من كبار العلماء، وفحول الشعراء، ووالد لأسرة تميزت بغرر الشعر وجيده. درس في النجف عند السيد محمد مهدي بحر العلوم، والشيخ جعفر كاشف الغطاء، ثم سكن دمشق وفيها وفاته سنة 1214.
25- المجالس السنية ج 2 ص 310
26- عالم، شاعر، زعيم، من بيت علم ومجد وشرف؛ وهو أحد أركان النهضة العلمية، والحركة الأدبية في أواخر القرن الثالث عشر، وفاته في النجف الأشرف عام 1304
27- شعراء الحلة ج 3 ص 108
28- الشيخ أحمد النحوي مرجع هام في العلم والأدب واللغة ولد في النجف ونشأ فيها وسكن الحلة وكربلاء من أساتذته السيد بحر العلوم والشيخ كاشف الغطاء وله ديوان شعر جمعه العلامة السماوي. توفي سنة 1183هـ في الحلة ودفن في النجف

 


source : .www.rasekhoon.net
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

عبد المطلب جد النبي ( صلى الله عليه وآله )
مسلم بن عقيل ( عليه السلام ) (1)
قبسات من أخلاق رسول الله (ص)
كرم الامام الحسين ( عليه السلام )
ليس في البكاء على الحسين(عليه السلام) بدعة
عقيل بن أبي طالب ( رضي الله عنه ) (1)
رأفة الإمام الرضا بزوار قبره
الشهيد الحسين بن علي بن الحسن المثلث من أحفاد ...
الارهاب في عهد الامام العسکري عليه السلام
أفضلية ارض كربلاء على الکعبة

 
user comment