عربي
Tuesday 19th of March 2024
0
نفر 0

محاولة اغتيال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في العقبة

محاولة اغتيال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في العقبة

محاولة اغتيال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في العقبة

لمَّا رجـع رسول الله قافلا من تبـوك إلى المدينة، حتَّى إذا كان ببعض الطريق، مكر به ناس من أصحابه، وتآمروا أن يطرحوه في العقبة([130]) وأرادوا أن يسلكوها معه لهذه الغاية، فأُخبِر رسول الله خبرهم، فقـال لأصحابه :من شاء منكم أن يأخذ بطـن الوادي فإنَّه أوسع لكم.

فأخذ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) العقبة، وأخذ الناسُ بطن الوادي إلاَّ النفر الذين أرادوا المكر به، فقد استعدوا وتلثموا، وأمر رسولُ الله (صلى الله عليه وآله وسلم)حذيفة بن اليمان وعمَّار بن ياسر فمشيا معه مشياً، وأمر عمّاراً أن يأخذ بزمام الناقة، وحذيفة يسوقها، فبينما هم يسيرون، إذ سمعوا وكزة القوم من ورائهم، قد غشوهم.

فغضب رسولُ الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأمر حذيفة أن يراهم، ويتعرَّف عليهم، فرجع ومعه محجن، فاستقبل وجوه رواحلهم، وضربها بالمحجن، وأبصر القومَ وهم متلثمون، فأُرعبوا حين أبصروا حذيفة، وظنُّوا أنَّ مكرهم قد ظهر، فأسرعوا حتَّى خالطوا الناس.

وأقبل حذيفة حتَّى أدرك رسول الله، فلمَّا أدركه، قال (صلى الله عليه وآله وسلم): إضرب الناقة يا حذيفة، وامش أنت يا عمَّار، فأسرعوا وخرجوا من العقبة، ينتظرون الناس.

فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) :يا حذيفة هل عرفت أحداً منهم؟

فقال حذيفة: عرفت راحلة فلان وفلان  ([131])، وكانت ظلمة الليل قد غشيتهم وهم متلثِّمون.

فقال رسولُ الله (صلى الله عليه وآله وسلم): هل عرفت ما شأنهم وما يريدون؟

قال حذيفة: لا يا رسول الله.

قال النبي  (صلى الله عليه وآله وسلم): فإنهم فكَّروا أن يسيروا معي، حتَّى إذا صرت في العقبة طرحوني فيها!

فقال حذيفة: فلا ترأف بهم إذا جاءك الناس.

قال: أكره أن يتحدَّث الناس، ويقولوا: إنَّ محمداً قتل أصحابه، ثمَّ سمَّاهم بأسمائهم([132]).

وفي كتاب أبان بن عثمان بن عفان، قال الأعمش: وكانوا اثني عشر، سبعة من قريش.

قال حذيفة: لو حدَّثتكم بحديث لكذبني ثلاثة أثلاثكم.

ففطن له شاب، فقال: من يصدّقك إذا كذبك ثلاثة أثلاثنا! فقال: إنَّ أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)كانوا يسألون رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)عن الخير، وكنت أسأله عن الشر.

فقيل له: ما حملك على ذلك؟

فقال حذيفة: إنَّه من عرف الشر، وقع في الخير([133]).

وقال الحسن بن على (عليه السلام): « يوم أوقفوا الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في العقبة ليستنفروا ناقته كانوا اثني عشر رجلا منهم أبو سفيان »([134]).

وذكر ابن عبد البر الأندلسي في كتابه الإستيعاب: كان أبو سفيان كهفاً للمنافقين منذ أسلم([135]).

وروى مسلم في صحيحه عن الوليد بن جميع عن أبي الطفيل: قال: وفي مسند حذيفة بن اليمان عن أبي الطفيل «كان بين رجل من أهل العقبة وبين حذيفة بعض ما يكون بين الناس، فقال: أنشدك الله، كم كان أصحاب العقبة؟ فقال له القوم أخبره إذ سألك؟

فقال حذيفة : كنا نخبر أنهم أربعة عشر، فإن كنت منهم فقد كان القوم خمسة عشر([136]).

لقد أخفى ناشر كتاب مسلم ذكر اسم ذلك الرجل وهو أبو موسى الأشعري، وذكره صاحب كتاب كنز العمال([137]) ولو كان من الأنصار لذكر اسمه حفظاً للأمانة؟!

ووفق رواية حذيفة بن اليمان كان في هؤلاء الرجال أبو بكر وعمر وعثمان وطلحة وسعد بن أبي وقاص([138]). إضافة للأشعري وأبي سفيان اللذين ذكرناهم.

وذكر البيهقي عن عروة بن الزبير قائلاً:

ورجع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قافلا من تبوك إلى المدينة، حتى إذا كان ببعض الطريق مَكَرَ برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ناسٌ من أصحابه فتآمروا ] على[ أن يطرحوه في عَقَبة في الطريق فلما بلغوا العقبة أرادوا أن يسلكوها معه، فلما غَشِيَهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)أُخْبرَ خبرهم.

فقال: من شاء منكم أن يأخذ بطن الوادي فإنه أوسَعُ لكم، وأخذ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)العقبة، وأخذ الناس بطن الوادي إلاّ النَفَرَ الذين مَكَرُوا برسولِ الله (صلى الله عليه وآله وسلم)لما سمعوا بذلك استعدُّوا وتلثَّموا، وقد هَمُّوا بأمر عظيم.

وأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حُذَيْفة بن اليمان، وَعمَّار بن ياسر، فمشيا معه مشياً، وأمر عماراً أَنْ يأخذ بزمامِ الناقة، وأمر حذيفة أن يسوقها فبينا هم يسيرون إذ سمعوا بالقوم من ورائهم قد غشوهم فغضِبَ رسولُ الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأمرَ حذيفة أن يردهم.

وأبصر حذيفة غضبَ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فرجع ومعه محجن، فاستقبل وجوه رواحلهم، فضربها ضَرْباً بالمحجن، وأبصر القومَ وهم متلثمون، لا يشعرُ إنما ذلك فِعْل المسافر، فَرعَّبهم الله عزّوجلّ حين أبصروا حذيفة، وظنوا أن مكرهم قد ظهرَ، فأسْرعوا حتى خالطوا الناسَ.

وأقبل حذيفة حتى أدرك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فلما أدْركه قال: اضرب الراحلة يا حذيفة، وامشِ أنت يا عَمَّارُ، فأسرعوا حتى استوى بأعلاها فخرجوا من العقبة ينتظرون الناس.

فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لحذيفة: هل عرفت من هؤلاء الرهط أو الركب، أحداً منهم؟

قال حذيفة: عرفت راحلةَ فلان وفلان، وكانت ظُلْمَةُ الليل، قد غشيتهم وهم متلثمون.

والمقطع الصحيح ذكره اليعقوبي أنّ حذيفة قال: إنّي لأعرف أسماءهم وأسماء آبائهم وقبائلهم([139]) والظاهر أنّ الناسخ هو الذي محا أسمائهم لأنّ القضية كانت شائعة إلى درجة إقدام ابن حزم الناصبي على ذكر أسمائهم.

فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): هل علمتم ما كان شأنُ الركب وما أرادوا؟

قالوا: لا والله يا رسول الله.

قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): فإنهم مكروا ليسيروا معي حتى إذا أظلمت في العقبة طرحوني منها.

قالوا: أفلا تأمرُ بهم يا رسول الله إذا جاءَك الناس فَتَضْرب أعناقهم؟

قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): أكره أن يتحدّث الناس ويقولوا إن محمداً قد وضع يده في أصحابه، فسماهم لهما، وقال: أُكتماهم([140]).

إذن كان حذيفة وعمار يعرفان أسماء المنافقين.

وقد قال علي (عليه السلام): ذاك امرؤ علم المعضلات والمفصّلات، وعلم أسماء المنافقين، إن تسألوه عنها تجدوه بها عالماً([141]).

حذيفة لا يصلي على المنافقين

وحذيفة لم يخبر أحداً بأسماء المنافقين، لكنه لم يصلِّ عليهم ! والمقصود بهم هنا مجموعة المهاجمين للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في العقبة.

قال حذيفة: مرَّ بي عمر بن الخطاب وأنا جالس في المسجد فقال لي:

يا حذيفة! إنّ فلاناً([142]) قد مات فاشهده.

ثم مضى، إذ كاد أن يخرج من المسجد، التفت إليَّ فرآني وأنا جالس فعرف، فرجع إليَّ فقال: يا حذيفة أنشدك الله أمن القوم أنا؟

قلت: اللهم لا ولن أبرئ أحداً بعدك.

قال: فرأيت عيني عمر جاءتا([143]).

أي عرف عمر عدم رغبة حذيفة بالصلاة على جثمان أبي بكر. ولو صرح حذيفة باسم عمر فى مجموعة منافقى العقبة لقتله.

واستمر عمر وأصحابه في التجسس على الشاهدين والعارفين بأسماء منافقي العقبة لتصفيتهم جسدياً وهذه عادة معروفة في حوادث التأريخ. فروى ابن عساكر: « دخل عبدالرحمن على أمِّ سلمة رضي الله عنها، فقالت:

سمعت النبي (صلى الله عليه وآله) يقول : إنَّ من أصحابي لمن لا يراني بعد أن أموت أبداً، فخرج عبد الرحمن من عندها مذعوراً، حتى دخل على عمر، فقال له : اسمع ما تقول أمُّك، فقام عمر حتى دخل عليها، فسألها، ثمَّ قال أنشدِك الله أمنهم أنا ؟

قالت: لا ولن أُبرئ بعدك أحداً([144]).

وكان ابن عوف وعمر من رجال العقبة([145])، لذلك ذعرا من قول أُم سلمة وتركا شغلهما وجاءا اليها يسألانها.

والظاهر أنَّ عمر كان خائفاً جداً من هذا الموضوع بحيث سأل عنه حذيفة وأمَّ سلمة! ولقد وقع حذيفة وأمُّ سلمة في حرج شديد من سؤال عمر الخطير لهما وأنّ هذا الحرج يتضح من قولهما له : لن أبرئ بعدك أحداً.

و قال نافع بن جبير بن مطعم بن نوفل القرشي (وأبوه كان من اعداء النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)): « لم يخبر رسولُ الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بأسماء المنافقين، الذين بخسوا به ليلة العقبة بتبوك غير حذيفة، وهم اثنا عشر رجلا »([146]).

ولقد أضافوا إلى حديث ابن عساكر شيئاً لم يكن موجوداً في أصله، وهو: ليس فيهم قرشي، وكلهم من الأنصار أو من حلفائهم! ليبعدوا الجريمة عن قريش، ويضعوها على عاتق الأنصار، كما فعلوا ذلك في حوادث عديدة: اذ ادعوا قيام العباس بن عبدالمطلب بسقي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)شرابا قبل موته ([147])، في حين قاموا هم بسقي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)الشراب القاتل ،ومنها السقيفة إذ اتهموا زوراً سعد بن عبادة بمحاولة اغتصاب السلطة فى حين قاموا هم باغتصاب السلطة  ([148]) .

وقال حذيفة: لو كنت على شاطئ نهر، وقد مددت يدي لأغرف منه، فحدَّثتكم بكل ما أعلم، ما وصلت يدي إلى فمي حتى أُقتل([149]).

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

أزمة الحكم في الحجاز:
الوهابيون واهل البيت عليهم السلام
أسباب انتشار المذهب الشيعي؟
هل كان ابو علي بن سينا شيعي المذهب؟
مقامات أهل البيت عليهم السلام في سوريه
الأدلّة على إسلام أبي طالب؟
معاناة الشيعة في عهد معاوية
افتتح البخاري صحيحه بالطعن في النبي صلى الله ...
في كربلاء أفكار تنبض بالحياة
إشتياق الجنّة للشيعة

 
user comment