عربي
Friday 29th of March 2024
0
نفر 0

أهميّة الغدير في التاريخ

أهميّة الغدير في التاريخ

لا يستريب أيّ ذي مُسْكة في أنَّ شرف الشي ء بشرف غايته ، فعليه أنَّ أوّل ما تكسبه الغايات أهميّة كبرى من مواضيع التاريخ هو ما أُسِّس عليه دين ، أو جرت به نِحلة ، واعتلت عليه دعائمُ مذهب ، فدانت به أُمم ، وقامت به دول ، وجرى به ذكرٌمع الأبد ، ولذلك تجد أئمة التاريخ يتهالكون في ضبط مبادئ الأديان وتعاليمها ، وتقييدما يتبعها من دعايات ، وحروب ، وحكومات ، وولايات ، التي عليها نَسَلت الحُقُب والأعوام ، ومضت القرون الخالية ( سُنَّةَ اللَّهِ في الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْديلاً )، وإذا أهمل المؤرِّخ شيئاً من ذلك فقد أوجد في صحيفته فراغاً لا تسدّه أيّة مهمّة ، وجاء فيها بأمر خِداج؛ بُتِر أوّلُه ، ولا يُعلم مبدؤه ، وعسى أن يوجب ذلك جهلاً للقارئ في مصير الأمر ومنتهاه .

إنَّ واقعة غدير خُمّ هي من أهمّ تلك القضايا ؛ لما ابتنى عليها - وعلى كثير من الحُجج الدامغة - مذهبُ المقتصِّين أثر آل الرسول - صلوات اللَّه عليه وعليهم - وهم معدودون بالملايين ، وفيهم العلم والسؤدد ، والحكماء ، والعلماء ، والأماثل ، ونوابغ في علوم الأوائل والأواخر ، والملوك ، والساسة ، والأمراء ، والقادة ، والأدب الجمّ ،والفضل الكُثار ، وكتب قيِّمة في كلّ فنّ ، فإنْ يكن المؤرِّخ منهم فمن واجبه أن يفيض على أمّته نبأ بَدْء دعوته ، وإن يكن من غيرهم فلا يعدوه أن يذكرها بسيطة عندمايسرُد تاريخ أمّة كبيرة كهذه ، أويشفعها بما يرتئيه حول القضيّة من غميزة في الدلالة ،إن كان مزيج نفسه النزول على حكم العاطفة ، وما هنالك من نعرات طائفته ، على حين أنّه لا يتسنّى له غمزٌ في سندها ، فإنَّ ما ناء به نبيّ الإسلام يومَ الغدير من الدعوةإلى مفاد حديثه لم يختلف فيه اثنان ، وإن اختلفوا في مؤدّاه ؛ لأغراضٍ وشوائبَ غيرخافية على النابه البصير .
فذكرها من أئمّة المؤرِّخين :

البلاذري في أنساب الأشراف ،وابن قتيبة في المعارف والإمامة والسياسة ، والطبريّ في كتاب مفرد ، وابن زولاق الليثي المصري في تأليفه ، والخطيب البغدادي في تاريخه ، وابن عبدالبَرّ في الاستيعاب ،والشهرستاني في الملل والنحل ، وابن عساكر في تاريخه ، وياقوت الحَمَوي معجم الأدباء من الطبعةالأخيرة ، وابن الأثير في أُسد الغابة ، وابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ، وابن خلّكان في تاريخه ، واليافعي في مرآة الجنان ، وابن الشيخ البَلَوي في ألف باء، وابن كثيرالشامي في البداية والنهاية ، وابن خلدون في مقدّمةتاريخه ، وشمس الدين الذهبي في تذكرة الحفّاظ ، والنويري في نهاية الأَرَب في فنون الأَدَب ، وابن حجر العسقلاني في الإصابة وتهذيب التهذيب ، وابن الصبّاغ المالكي في الفصول المهمّة ، والمقريزي في الخطط ، وجلال الدين السيوطي في غير واحد من كتبه ، والقرماني الدمشقي في أخبارالدول ، ونور الدين الحَلَبي في السيرة الحَلَبيّة ، وغيرهم .

وهذا الشأن في علم التاريخ لا يقلّ عنه الشأن في فنّ الحديث ، فإنَّ المحدِّث إلى أيّ شطرٍ ولّى وجهه من فضاء فنِّه الواسع ، يجد عنده صحاحاً ومسانيدَ تثبت هذه المَأثُرة لوليّ أمر الدين عليه السلام ، ولم يزل الخَلَف يتلقّاه من سلفه حتى ينتهي الدور إلى جيل الصحابةالوعاة للخبر ، ويجد لها مع تعاقب الطبقات بَلَجاً ونوراً يَذهب بالأبصار ،فإن أغفل المحدِّث ما هذا شأنه ، فقد بخس للأمّة حقّاً ، وحرمها عن الكثير الطيّب ممّاأسدى إليها نبيُّها نبيّ الرحمة من برّه الواسع ، وهدايته لها إلى الطريقة المثلى .
فذكرها من أئمّة الحديث :

إمام الشافعية أبو عبداللَّه محمد بن إدريس الشافعي كما في نهاية ابن الأثير ، وإمام الحنابلة أحمد بن حنبل في مسنده ومناقبه ، وابن ماجة في سننه ، والترمذي في صحيحه ، والنسائي في الخصائص ، وأبو يعلى الموصلي في مسنده ، والبغوي في السنن ، والدولابي في الكنى والأسماء ، والطحاوي في مشكل الآثار ،والحاكم في المستدرك ، وابن المغازلي الشافعي في المناقب ، وابن مندة الأصبهاني بعدّة طرق في تأليفه ، والخطيب الخوارزمي في المناقب ومقتل الإمام السبط عليه السلام ، والكنجي في كفاية الطالب ، ومحبّ الدين الطبريّ في الرياض النضرة وذخائر العقبى ، والحمّوئي في فرائد السمطين ، والهيثميّ في مجمع الزوائد ، والذهبي في التلخيص ، والجَزْري في أسنى المطالب ، وأبو العبّاس القسطلاني في المواهب اللدنيّة ، والمتّقي الهندي في كنز العمّال ، والهَرَويّ القاري في المرقاة في شرح المشكاة ، وتاج الدين المناوي في كنوز الحقائق في حديث خير الخلائق وفيض القدير ، والشيخاني القادري في الصراطالسويّ في مناقب آل النبيّ ، وباكثير المكّي في وسيلة المآل في مناقب الآل ، وأبو عبداللَّه الزرقاني المالكي في شرح المواهب ، وابن حمزةالدمشقي الحنفي في كتاب البيان والتعريف ، وغيرهم .

كما أنَّ المفسِّر نُصْبُ عينيه آيٌ من القرآن الكريم نازلة في هذه المسألة يرى

من واجبه الإفاضة بما جاء في نزولها وتفسيرها ، ولا يرضى لنفسه أن يكون عمله مبتوراً ، وسعيه مُخدَجاً ، فذكرها من أئمّة التفسير : الطبريّ في تفسيره ،والثعلبي في تفسيره ، والواحدي في أسباب النزول ، والقرطبي في تفسيره ، وأبو السعود في تفسيره ، والفخرالرازي في تفسيره الكبير ، وابن كثير الشامي في تفسيره ، والنيسابوري : المتوفّى في القرن الثامن في تفسيره ، وجلال الدين السيوطي في تفسيره ، والخطيب الشربيني في تفسيره ، والآلوسي البغدادي في تفسيره ، وغيرهم .

والمتكلّم حين يقيم البراهين في كلّ مسألة من مسائل علم الكلام ، إذا انتهى به السير إلى مسألة الإمامة ، فلا مُنتدح له من التعرّض لحديث الغدير حجّةً على المُدّعى أو نقلاً لحجّة الخصم ، وإن أردفه بالمناقشة في الحساب عند الدلالة ، كالقاضي أبي بكرالباقلّاني البصري في التمهيد ، والقاضي عبدالرحمن الإيجي الشافعي في المواقف ، والسيِّد الشريف الجرجاني في شرح المواقف ، والبيضاوي في طوالع الأنوار ، وشمس الدين الأصفهاني في مطالع الأنظار ، والتفتازاني في شرح المقاصد ،والقوْشَجي المولى علاء الدين في شرح التجريد . وهذا لفظهم :

إنَّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قد جمع الناس يوم غدير خُمّ - موضع بين مكة والمدينة بالجُحْفة

- وذلك بعد رجوعه من حجّة الوداع ، وكان يوماً صائفاً حتى إنَّ الرجل لَيضع رداءه تحت قدميه من شدّة الحرّ ، وجمع الرحال ، وصعد عليها ، وقال مخاطباً : « معاشرَالمسلمين ألستُ أولى بكم من أنفسكم ؟ قالوا : اللّهمّ بلى .

قال : من كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه ، أللّهمّ والِ من والاه ، وعادِ من عاداه ، وانصُرْمن نَصره ، واخذُلْ من خَذله » .

ومن المتكلّمين القاضي النجم محمد الشافعي في بديع المعاني ،وجلال الدين السيوطي في أربعينه ، ومفتي الشام حامد بن عليّ العمادي في الصلات الفاخرة بالأحاديث المتواترة ، والآلوسي البغدادي في نثر اللآلي ،وغيرهم .

واللغويّ لا يجد مُنتدَحاً من الإيعاز إلى حديث الغدير عند إفاضة القول في معنى ( المولى ) أو ( الخُمّ ) أو ( الغدير ) أو ( الوليّ ) ، كابن دُرَيد محمد بن الحسن في جمهرته ، وابن الأثير في النهاية ، والحموي في معجم البلدان في ( خُمّ ) ، والزبيدي الحنفي في تاج العروس ، والنبهاني في المجموعة النبهانية .

 


source : www.tebyan.net
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

عصر ظهور المذاهب الاسلامية
واقع ﺍﻏﺘﻴﺎﻝ ﻋﺎﺋﺸﺔ
أمير المؤمنين شهيد المحراب
كربلاء ؛ حديث الحق والباطل
الشيعة وإحياؤهم ليوم عاشوراء
في تقدم الشيعة في علم الصرف ، وفيه صحائف -2
تأملات وعبر من حياة أيوب (ع)
تاريخ الثورة -6
من مناظرات الامام الصادق(عليه السلام)
من خير الناس بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله ...

 
user comment