عربي
Friday 19th of April 2024
0
نفر 0

متى عرف الشيعة العقيدة الاثني عشرية؟

متى عرف الشيعة العقيدة الاثني عشرية؟

قوله : ان تحديد الأئمة (عليهم السلام) باثني عشر لم يكن له أثر عند الشيعة في القرن الثالث الهجري إذ لم يشر إليه النوبختي في كتابه فرق الشيعة ولا علي بن بابويه في كتابه الإمامة والتبصرة من الحيرة!
أقول : بل أشار إلى ذلك علي بن بابويه في مقدمة كتابه الإمامة والتبصرة وأشار إلى ذلك أيضا إبراهيم بن نوبخت في كتابه ياقوت الكلام وهو معاصر للنوبخـتي ، وفي ضوء ذلك فان العقيدة الاثني عشرية كانت معروفة في القرن الثالث الهجري بل قبل ذلك

 

 

 

 


نص الشبهة

  قال : وهذا (أي الاستدلال بحديث الاثني عشر إماماً) دليل متأخر . . بدأ المتكلمون يستخدمونه بعد اكثر من نصف قرن من الحيرة ، أي في القرن الرابع الهجري ، ولم يكن له أثر في القرن الثالث عند الشيعة الامامية حيث لم يشر إليه الشيخ علي بن بابويه الصدوق في كتابه (الامامة والتبصرة من الحيرة) كما لم يشر إليه النوبختي في كتابه (فرق الشيعة) ولا سعد بن عبد الله الاشعري في (المقالات والفرق) .
  من هنا لم يكن الاماميون يقولون بالعدد المحدود في الائمة ، ولم يكن حتى الذين قالوا بوجود (الامام محمد بن الحسن العسكري) يعتقدون في البداية انه خاتم الائمة ، وهذا هو النوبختي يقول في كتابه (فرق الشيعة) : (ان الامامة ستستمر في أعقاب الامام الثاني عشر إلى يوم القيامة) (انظر : المصدر : الفرقة التي قالت بوجود ولد للعسكري) . ونقل الكفعمي في (المصباح) عن الامام الرضا (عليه السلام) الدعاء التالي حول (صاحب الزمان) : (. . اللهم صل على ولاة عهده والائمة من بعده) (القمي : مفاتيح الجنان ص 542) (1) .

الرد على الشبهة
  أقول : في كلامه الانف الذكر عدة مواضع للتعليق :

أولا :
  قوله : (ان علي بن بابويه الصدوق (ت329هـ) لم يشر إلى دليل الاثني عشرية في كتابه الامامة والتبصرة ،) .
 ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الشورى العدد العاشر ص10-12 .

 
  غير صحيح . .
  إذ ان علي بن بابويه أشار إلى دليل الاثني عشرية في مقدمة كتابه وهي الطبعة التي نقل منها صاحب النشرة بعض النصوص فهو إما لم يقرأها أو تغافل عنها وأحال القارىء إلى متن الكتاب وهو ناقص إذ المخطوطة التي عثر عليها ثم طبعت كانت قد انتهت أحاديثها إلى إمامة الرضا (عليه السلام) . وقد حاول محقق الكتاب إكمالها ببعض الروايات من كتب الصدوق بروايته عن أبيه وإلى القارىء الكريم نص كلام علي بن بابويه في مقدمة كتابه .
  قال (رحمه الله) : ولو كان أمرهم (أي الائمة (عليهم السلام) مهملاً عن العدد وغفلاً لما وردت الاخبار الوافرة بأخذ الله ميثاقهم على الانبياء وسالف الصالحين من الامة . ويدلك على ذلك قول أبي عبد الله عليه السلام حين سئل عن نوح عليه السلام لما ذكر (استوت سفينته على الجودي بهم) : هل عرف نوح عددهم فقال : نعم وآدم (عليه السلام) .
  وكيف يختلف عدد يعرفه أبو البشر ومن درج من عترته والانبياء من عقبه . . . وأي تأويل يدخل على حديث اللوح وحديث الصحيفة المختومة والخبر الوارد عن جابر في صحيفة فاطمة عليها السلام (1) .
  فقوله (رحمه الله) «ولو كان أمرهم مهملاً عن العدد يردُّ فيه على الزيدية الذين قالوا ان حديث الاثني عشر موضوع وان عدد الائمة لا حصر له» .
  واستدلاله (رحمه الله) بحديث اللوح (2) وحديث الصحيفة المختومة والخبر الوارد عن جابر في صحيفة فاطمة (عليها السلام) يؤكد اعتقاده بصحتها وانه أوردها في متن كتابه وان خلت منها النسخة المطبوعة بسبب نقص المخطوطة التي عُثِرَ عليها .

ثانيا :
  لقد أشار إلى العقيدة الاثني عشرية أيضاً إبراهيم بن نوبخت (ت 320هـ) في كتابه (ياقوت الكلام) وهو اقدم كتاب كلامي عند الشيعة ومؤلفه من أعلام القرن الثالث
 ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الامامة والتبصرة ص 11-12 .
(2) سيأتي نصه في الفصل الثامن .

 
الهجري وهو معاصر لعلي بن بابويه وقد تلقاه الشيعة عنه بالقبول جيلاً بعد جيل حتى وصل إلى العلامة الحلي فافرد كتاباً في شرحه سماه أنوار الملكوت في شرح الياقوت وإلى القارىء الكريم نص كلام صاحب ياقوت الكلام وشرح العلامة الحلي له .
  قال إبراهيم بن نوبخت : «القول في إمامة الاحد عشر بعده (اي بعد علي (عليه السلام) نَقْلُ أصحابنا متواتراً النص عليهم بأسمائهم من الرسول (صلى الله عليه وآله) يدل على إمامتهم ، وكذلك نقل النص من إمام على إمام وكتب الانبياء سالفاً يدل عليهم وخصوصاً خبر مسروق يعترفون به» .
  وقال العلامة الحلي في شرح هذا الكلام :
  «أما إمامة باقي الائمة (عليهم السلام) فهي ظاهرة بعد إمامة علي (عليه السلام) وذلك من وجوه :
  أحدها : النص المتواتر عن النبي (صلى الله عليه وآله) على تعيينهم ، ونصبهم أئمة ، فقد نقل الشيعة بالتواتر ان النبي (صلى الله عليه وآله) قال : للحسين (عليه السلام)هذا ابني إمام ابن إمام أخو إمام أبو أئمة تسعة ، تاسعهم قائمهم ، وغير ذلك من الاخبار المتواترة .
  الثاني : ما نُقِل من النص على إمام من إمام يسبِقُه بالتواتر من الشيعة .
  الثالث : ان اساميهم والنص على إمامتهم موجودة في كتب الانبياء السالفة كالتوراة والانجيل .
  الرابع : ان أخبار الخصوم مشهورة في النص عليهم من النبي (صلى الله عليه وآله) لخبر مسروق عن عبد الله بن مسعود انه قال . . . عهد إلينا نبينا (صلى الله عليه وآله) ان يكون بعده اثنا عشر خليفة عدد نقباء بني إسرائيل وكذا ما نقل عن غيره» (1) (2)  .

ثالثا :
  ان مؤلِّفَيْ كتاب الفرق وكتاب المقالات على فرض تعددهما (3) كانا بصدد جمع
 ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سيأتي نصه في الفصل الثامن .
(2) انوار الملكوت ص229 .
(3) هناك جدل حول تعدد الكتابين ويرى أكثر من باحث أنهما كتاب واحد فقد ذهب العلامة الشيخ فضل الله الزنجاني إلى ان الكتاب للنوبختي ويرى الاستاذ عباس إقبال الاشتياني انه تأليف سعد بن عبد الله الاشعري المعاصر للنوبختي وذلك قبل العثور على كتاب المقالات والفرق للاشعري الذي نشره الدكتور جواد مشكور وبعد ان انتشر الكتابان كتب السيد محمد رضا الحسيني مقالا نشره في مجلة تراثنا العدد
 
الاقاويل في الفرق وما ينسب إليها ولم يكونا بصدد المناقشة والاستدلال ومن هنا لا ينبغي عد الكتابين مرآة تعكس الفكر الاستدلالي عند الفرق المذكورة وبالتالي فعدم ورود حديث الاثني عشر فيهما لا يعني شيئاً في قبال وروده في كتاب ياقوت الكلام وكتاب الامامة والتبصرة المعاصرين لهما المعدين للاستدلال على العقيدة الاثني عشرية .

رابعا :
  أما ما ينسبه صاحب النشرة إلى النوبختي في فرق الشيعة من انه يقول باستمرار الامامة في أعقاب الامام الثاني عشر إلى يوم القيامة .
فهو محض ادعاء . .
  وهو مبني على التوهم في فهم عبارة النوبختي ، ونصها : «وقالت الفرقة الثانية عشرة وهم (الامامية) لله عز وجل في الارض حجة من ولد الحسن بن علي وأمر الله بالغ وهو وصي أبيه على المنهاج الاول والسنن الماضية ولا تكون الامامة في أخوين بعد الحسن والحسين (عليهما السلام) ولا يجوز ذلك ولا تكون إلا في عقب الحسن بن علي إلى ان ينقضي الخلق متصلاً ذلك ما اتصلت أمور الله تعالى» .
  وقد وضح النوبختي نفسه ما يريد حين قال بعد ذلك : «فنحن مستسلمون بالماضي وإمامته مقرون بوفاته معترفون بان له خلفاً قائماً من صلبه وان خلفه هو الامام من بعده حتى يظهر ويعلن امره كما ظهر وعلن أمر من مضى قبله من آبائه ويأذن الله في ذلك » ، وفي لفظ الكتاب المنسوب لسعد بن عبد الله الاشعري : «فنحن متمسكون بإمامة الحسن بن علي مقرون بوفاته مؤمنون بان له خلفاً من صلبه متدينون بذلك وانه الامام من بعد أبيه الحسن بن علي وانه في هذه الحالة مستتر خائف مغمور مأمور بذلك حتى يأذن الله عز وجل له فيظهر ويعلن امره . . . وقوله بعد ذلك وقد
 ــــــــــــــــــــــــــــ
الاول السنة الاولى 1405 ص 29-51 يؤيد فيه رأي الاشتياني وذهب إلى ان كتاب فرق الشيعة المطبوع باسم النوبختي هونسخة مختصرة من كتاب المقالات والفرق للاشعري . أقول ان كون الكتابين كتابا واحدا أمر لا ينبغي التردد فيه وإنما الكلام حول مؤلفه هل هوالنوبختي أم الاشعري أو شخص آخر .

 
رويت الاخبار الكثيرة الصحيحة ان القائم تخفى على الناس ولادته ويخمل ذكره» . . .
  ولو فرض صحة قول صاحب النشرة ان يكون للنوبختي صاحب كتاب فرق الشيعة مثل ذلك الرأي الذي افتراه عليه لعُرِف عنه وسُجِّل عليه من قبل علماء الشيعة كالشيخ الصدوق والشيخ المفيد وهما قريبان من عصر النوبختي وكلاهما كان قد تصدى للشبهات التي أثيرت على العقيدة بالاثني عشر إماماً ، وبخاصة ان الشيخ المفيد قد ذكر في كتابه العيون و المحاسن (ص321) الفرقة التي تقول بأن الامام بعد الحسن العسكري هو ابنه محمد ولكنه قد مات وسيحيى في آخر الزمان ويقوم بالسيف .
  نعم ذكر ابن النديم ان أبا سهل إسماعيل بن علي النوبختي كان يرى ان الامام هو محمد بن الحسن ثم مات في الغيبة واستمرت في ولده إلى يوم القيامة وذكر ان رأيه هذا لم يسبقه إليه أحد (1) غير ان المحقق التستري «رحمه الله» يبرىء ساحة أبي سهل من ذلك الرأي لعدم اعتبار ابن النديم في ما ينفرد به (2)  ، ويؤيد قول التستري عدم ذكر الشيخ الصدوق ذلك عن أبي سهل مع العلم انه كان معاصراً لابن النديم وكان معنياً برد الشبهات حول الغيبة وكذلك الحال في الشيخ المفيد مع أنه كان معنياً بأمثالها .

خامسا :
  أما ما نقله صاحب النشرة عن الكفعمي من دعاء منسوب للامام الرضا  (عليه السلام) فهو دعاء غير محقَّق النسبة للامام الرضا (عليه السلام) ، والاصل فيه رواية موضوعة سيأتي الكلام عليها .
 ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الفهرست لابن النديم ص 225 .
(2) انظر قاموس الرجال ج2/ص87 ترجمة إسماعيل بن علي (أبي سهل النوبختي) . وفي الفصل العشرين من مقدمته قال التستري (رح) ان فهرست ابن النديم لا يكون بذاك الاعتبار لانه كان وراقا ينقل عن الكتب والكتب يقع فيها التصحيف كثيرا فبدل أبا بكر الجعابي محمد بن عمر بـ عمر بن محمد ، وتوهم في علي بن إسماعيل بن شعيب بن ميثم انه علي بن اسماعيل بن ميثم ، وتوهم انه أول متكلمي الشيعة مع انه كان من تلاميذ هشام بن الحكم وتوهم في يقطين والد علي بن يقطين انه كان إماميا يحمل الاموال إلى الامام الصادق (عليه السلام) ونُمَّ خبره إلى المنصور والمهدي فصرف الله كيدهما عنه مع ان ابنه علي بن يقطين إنما كان إماميا يحمل الاموال إلى الكاظم (عليه السلام) ونم خبره إلى هارون وأما يقطين فكان من وجوه الدعاة إلى بني العباس ومن الناصبين للصادق (عليه السلام) ، وتوهم في الفضل بن شاذان الرازي العامي هو الفضل بن شاذان النيشابوري الامامي . قاموس الرجال ج1ص51 .

 

الخلاصة :
  وهكذا يتضح خطأ دعوى صاحب النشرة من كون العقيدة الاثني عشرية لم يكن لها أثر عند الشيعة في القرن الثالث الهجري ، إذ أغفل أو تغافل عن مقدمة كتاب علي بن بابويه وعن كتاب إبراهيم بن نوبخت وكلا المؤلفين من علماء الشيعة ومن رجال القرن الثالث الهجري ، حيث وردت في هذين الكتابين بشكل صريح وواضح الاشارة إلى العقيدة الاثني عشرية ، هذا مضافاً إلى فهمه لعبارة النوبختي كما يرغب ويشتهي وسيأتي في الفصل السابع والثامن ما يثبت وجود أحاديث الاثني عشر عند الشيعة في عهد الائمة الاحد عشر ويأتي أيضاً في الفصل التاسع ان تحديد الائمة بعد الرسول (صلى الله عليه وآله)باثني عشر مما بشرت به الكتب السابقة جنباً الى جنب مع البشارة بالنبي (صلى الله عليه وآله) .


 

 

 

الحلقة الأولى

الفصل الثاني
  الوصية لكل إمام من الاثني عشر بعهد خاص من النبي (صلى الله عليه وآله)

قوله : ان الأئمة لم يكونوا يعلمون بأسماء أوصيائهم من بعدهم إلا قرب وفاتهم!
أقول : قد جاء في الروايات الصحيحة عن الإمام الصادق (عليه السلام) انه قال لأصحابه : أترون ان الأمر إلينا نضعه فيمن شئنا؟ كلا والله انه عهد من رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى علي (ثم) إلى رجل فرجل إلى ان ينتهي إلى صاحب هذا الأمر .

 

 


نص الشبهة
  قال : تشير روايات كثيرة يذكرها الصفار في بصائر الدرجات والكليني في (الكافي) والحميري في (قرب الاسناد) والعياشي في (تفسيره) والمفيد في (الارشاد) والحر العاملي في (إثبات الهداة) وغيرهم إلى ان الائمة أنفسهم لم يكونوا يعرفون بحكاية القائمة المسبقة المعدة منذ زمان رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعدم معرفتهم بإمامتهم أو بإمامة الامام اللاحق من بعدهم إلا قرب وفاتهم . فضلا عن الشيعة أو الامامية أنفسهم الذين كانوا يقضون في حيرة واختلاف بعد وفاة كل إمام وكانوا يتوسلون بكل إمام ان يعين اللاحق بعده ويسميه بوضوح لكي لا يموتوا وهم لا يعرفون الامام الجديد . يروي الصفار في (بصائر الدرجات) ص 473 باب (ان الائمة يعلمون إلى من يوصون قبل وفاتهم مما يعلمهم الله) : حديثا عن الامام الصادق يقول فيه : (ما مات عالم حتى يعلمه الله إلى من يوصي) ، كما يرويه الكليني في الكافي ج1ص 277 ، ويروي أيضا عنه (عليه السلام) : (لا يموت الامام حتى يعلم من بعده فيوصي إليه) وهو ما يدل على عدم معرفة الائمة من قبل بأسماء خلفائهم ، أو بوجود قائمة مسبقة بهم وقد ذهب الصفار والصدوق والكليني ابعد من ذلك فرووا عن أبي عبد الله انه قال : (ان الامام اللاحق يعرف إمامته وينتهي إليه الامر في آخر دقيقة من حياة الاول) (البصائر 478 والامامة والتبصرة من الحيرة باب 19 ص 84 والكافي ج1 ص 275) (1) .

الرد على الشبهة
  أقول : لقد أخطأ صاحب النشرة في فهم بعض الروايات التي ذكرها ، وحمل بعضها الاخر بسبب إجماله على ما يشتهي وكان ينبغي ان يفهمه في ضوء مجموعة أخرى من
 ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الشورى العدد العاشر ص11 .

 
الاحاديث أوضح منه وأكثر صراحة .
أما الرواية التي أخطأ في فهمها خطأً فاحشاً فهي رواية صفوان الاتية :
قال صفوان : قلت للرضا (عليه السلام) اخبرني عن الامام متى يعلم انه إمام أحين يبلغه ان صاحبه قد مات أو حين يمضي مثل أبي الحسن قبض ببغداد وأنت هنا قال يعلم ذلك حين يمضي صاحبه ، قلت بأي شىء قال يلهمه الله (1) .
  فمن الواضح ان قول الرضا (عليه السلام) يعلم حين يمضي صاحبه جواب لسؤال عن الامام اللاحق كيف يعرف ان الامر انتهى إليه ومراد السائل حالة التصدي للامامة من اللاحق باعتبار لا يكون إمامان إلا وأحدهما صامت وباعتبار ان الامام السابق قد يموت في مكان بعيد ويستغرق وصول خبر موته مدة طويلة كما في حالة موت الامام الكاظم (عليه السلام) في السجن في بغداد وكان وصيه الرضا (عليه السلام) في المدينة ، أو موت الرضا (عليه السلام)في خراسان وكان وصيه الجواد (عليه السلام) في المدينة ، وهكذايتضح ان الرواية تتحدث عن جواب سؤال متى يتصدى الامام اللاحق للامامة ويضطلع بمهماتها فعلاً ؟ ولم تكن تتحدث عن سؤال متى يعرف الامام اللاحق انه قد جاءت النصوص فيه والوصية عليه من الامام السابق .
  وبعبارة أخرى توجد قضيتان :
  الاولى : قضية النص على الامام اللاحق من الامام السابق وهذه قد تحصل في سن مبكرة من عمر الامام السابق كما ستأتي الامثلة على ذلك .
  الثانية : قضية اضطلاع الوصي بمهمات الامامة فعلاً وتحصل في اللحظة التي يتوفى فيها الامام اللاحق وليس في اللحظة التي يصل فيها خبر موته مهما بعدت المسافات التي تفصل بينهما ويحصل علمه بموت الامام السابق بإلهام من الله تعالى عبر ملائكته .
  أما الرواية المجملة التي كان يجب عليه ان يفهمها في ضوء غيرها فهي قوله (عليه السلام) : (لا يموت الامام حتى يعلم من بعده فيوصي إليه) وهذه ونظائرها ينبغي ان يرجع في
 ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الكافي ج1 /381 ج4 .

 
فهمها إلى الروايات الاكثر وضوحاً وتفصيلاً وهي كثيرة منها رواية الكليني والصفار عن عمرو بن مصعب وعمرو بن الاشعث وأبي بصير وسدير ومعاوية بن عمار ان أبا عبد الله (عليه السلام) قال لهم ولغيرهم «أترون ان الموصي منا يوصي إلى من يريد لا والله ولكنه عهد معهود من رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى رجل فرجل حتى انتهى إلى نفسه» . وفي لفظ آخر إلى ان ينتهي إلى صاحب هذا الامر (1) .
  وفي ضوء ذلك يكون معنى الرواية المجملة هو ان الامام السابق لا يموت من دون وصية وتعريف بالامام الذي يكون بعده .
  أما قول صاحب النشرة : (ان الامام السابق لا يعرف إمامة الامام اللاحق من بعده إلا قرب وفاته) .
  فهو غير صحيح . .
  وتكذبه رواية العهد من رسول الله (صلى الله عليه وآله) على رجل رجل الآنفة الذكر .
  وتكذبه أيضاً روايات النص على أبي الحسن موسى (عليه السلام) من أبيه الصادق (عليه السلام) كما في رواية صفوان الجَمّال ، قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن صاحب هذا الامر فقال ان صاحب هذا الامر لا يلهو ولا يلعب (2) واقبل أبو الحسن موسى وهو صغير ومعه عَناق (3) مكية وهو يقول لها : أسجدي لربك فأخذه أبو عبد الله (عليه السلام) وضمه إليه وقال : بأبي وأمي من لا يلهو ولا يلعب ورواية يعقوب السراج التي تشير إلى النص على الامام الكاظم وهو في المهد (4) وقريب من معناها روايات آخر .
  وكذلك روايات النص على الرضا (عليه السلام) وولده الجواد من الامام الكاظم (عليه السلام) ، بعضها كان منه (عليه السلام) وهو في الحبس كما في رواية الحسين بن المختار (5) وبعضها قبل الحبس كما في رواية محمد بن سنان (ت220 هـ) قال دخلت على أبي الحسن موسى (عليه السلام) من قبل ان يقدم العراق بسنة وعلي ابنه جالس بين يديه فنظر اليَّ فقال يا محمد أما انه
 ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الكافي ج 1 ص 277 الروايات 1-4 . وأيضا بصائر الدرجات للصفار ص470 الروايات 1-10 ، 12 .
(2) الكافي ج1 ص 311 الرواية 15 .
(3) العَناق بفتح العين الانثى من المعز وخصصها بعضهم بما لم يتم له سنة (لسان العرب) .
(4) الكافي ج1ص 310 الرواية 11 .
(5) الكافي ج1 ص 313 .

 
سيكون في هذه السنة حركة فلا تجزع قال قلت وما يكون جعلت فداك فقال أصير إلى الطاغية أما انه لا يبدأني منه سوء ولا من الذي يكون بعده (المراد بالطاغية المهدي العباسي وبالذي يكون بعده الهادي العباسي) ثم أشار إلى ابنه علي (عليه السلام)وقال من ظلم ابني هذا حقه وجحد إمامته من بعدي كان كمن ظلم علي بن أبي طالب (عليه السلام) حقه وجحد إمامته بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، قال ابن سنان فقلت والله لئن مدَّ الله لي في العمر لاسلمن له حقه ولاقِرَّنَّ له بإمامته قال صدقت يا محمد يمد الله في عمرك وتسلم له حقه وتقر بإمامته وإمامة من يكون من بعده قال قلت ومن ذاك قال محمد ابنه : قلت له الرضا والتسليم (1) .
  فالامام الكاظم (عليه السلام) هنا لا ينص على الرضا (عليه السلام) فقط بل يخبر باسم الامام بعد الرضا (عليه السلام) .
  وكذلك روايات النص على الجواد من أبيه الرضا (عليهما السلام) كما في رواية الحسن بن بشار قال كتب ابن قياما إلى أبي الحسن (عليه السلام)كتابا يقول فيه كيف تكون إماماً وليس لك ولد ؟ فأجابه أبو الحسن الرضا : وما علمك انه لا يكون لي ولد ! والله لا تنقضي الايام والليالي حتى يرزقني الله ولداً ذكراً يفرق به بين الحق والباطل (2) .
  وفي رواية أبي يحيى الصنعاني قال : كنت عند أبي الحسن الرضا (عليهما السلام) فجيء بابنه أبي جعفر (عليه السلام) وهو صغير فقال : هذا المولود الذي لم يولد مولود اعظم بركة على شيعتنا منه (3) .
  وفي رواية صفوان بن يحيى قال قلت للرضا (عليه السلام) قد كنا نسألك قبل ان يهب الله لك أبا جعفر (عليه السلام) فكنت تقول يهب الله لي غلاما فقد وهبه الله لك فاقر عيوننا فلا أرانا إليه يومك فان كان كون فإلى من ؟ فأشار بيده إلى أبي جعفر (عليه السلام) وهو قائم بين يديه ، فقلت جعلت فداك هذا ابن ثلاث سنين! فقال : «وما يضره من ذلك فقد قام عيسى (عليه السلام)بالحجة وهو ابن ثلاث سنين» (وفي نسخة إرشاد المفيد وإعلام الورى ابن اقل من
 ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الكافي ج1 319 الرواية 16 .
(2) الكافي ج1 ص 230 الرواية4 .
(3) الكافي ج1ص321 الرواية 9 .

 
ثلاث سنين) (1)

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

السؤال : بعد الصلاة على محمّد وآله الطيبين ...
السؤال : إمامة أيّ من الأئمّة (عليهم السلام) كانت ...
من هي سكينة بنت الحسين ؟ وممن تزوجت ؟ وهل أنجبت ؟ ...
السؤال : عقلي يمنعني من تقبيل الأضرحة ويقول : هذه ...
السؤال : هل يجوز البكاء على الميّت القريب جدّاً ، ...
كيف يستفيد الخطيب من نهج البلاغة
السؤال : ما الفرق بين الشيعة والسنّة ؟
السؤال : هل يدخلون الجنّة أهل السنّة ?
السؤال: هل حقّاً أنّ عمر بن عبد العزيز ، وهارون ...
السؤال : أنا من السنّة ولست شيعياً ، ولكن أُريد أن ...

 
user comment