عربي
Tuesday 19th of March 2024
0
نفر 0

حب الله

ادعى جمع من الحاضرین فی مجلس رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم أنّهم یحبّون الله، مع أنّ العمل بتعالیم الله کان أقلّ ظهوراً فی أعمالهم. فنزلت هاتان الآیتان بشأنهم.(1)
﴿قُلْ إِن کُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِی یُحْبِبْکُمُ اللّهُ وَیَغْفِرْ لَکُمْ ذُنُوبَکُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِیمٌ * قُلْ أَطِیعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ یُحِبُّ الْکَافِرِینَ﴾(2)
تقول الآیة أنّ الحبّ لا یکون بالارتباط والمیل القلبیّ فحسب، بل یجب أن تظهر آثاره فی عمل الإنسان. فإنّ دعوى الحبّ لله إذا کانت صادقة ینبغی أن تظهر وتتجلّى فی أعمال الشخص الّذی یدّعیه، هل یتبع النبیّ صلى الله علیه وآله وسلم حقّاً أم لا: ﴿قُلْ إِن کُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِی﴾.
فإنّ من آثار الحبّ واقعاً میل وانجذاب المحبّ نحو المحبوب، فی أقواله وأفعاله وأعماله، بحیث یستجیب المحبّ للمحبوب فی کلّ أوامره ونواهیه، وإلّا لو کان المحبّ للمحبوب عاصیاً ومتمرّداً، فهذه علامة على أنّ حبّه غیر حقیقیّ بل ادعائیّ لا یتجاوز لسانه.
وهذا لیس خاصّاً بمن نزلت فیهم الآیتان، بل یعمّ جمیع العصور والشعوب، فإنّ الذّین یدّعون محبّة النبیّ صلى الله علیه وآله وسلم والأئمّة علیهم السلام والمجاهدین والشهداء والصالحین والمتّقین, ولکنّ أعمالهم أبعد ما تکون عن مشابهة أولئک, هم کاذبون.
ورد عن الإمام الصادق علیه السلام أنّه قال: "ما أحبّ الله عزّ وجلّ من عصاه".
ثمّ قرأ الأبیات:
تعصی الإله وأنت تظهر حبّه***هذا لعمرک فی الفعال بدیع
لو کان حبّک صادقاً لأطعته***إنّ المحبّ لمن یحبّ مطیع(3)
إذا کنّا حقّاً نحبّ الله بحیث ظهرت آثار ذلک الحبّ فی أعمالنا وأخلاقنا، من خلال اتباع من فرض الله طاعته: ﴿قُلْ إِن کُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِی﴾, فإنّ الله تعالى سیحبّنا أیضاً بالمقابل: ﴿یُحْبِبْکُمُ اللّهُ﴾, وسوف تظهر آثار حبّه لنا من خلال غفران الذنوب، وشمولنا برحمته الّتی وسعت کلّ شیء: ﴿وَیَغْفِرْ لَکُمْ ذُنُوبَکُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِیمٌ﴾، وهذا معنى شفاعة نبیّنا صلى الله علیه وآله وسلم.

معنى الحبّ

فالحبّ: هو الوداد والمحبّة والمیل الشدید، ویُقابله البغض والتنفّر. والتحبّب هو إظهار الودّ والحبّ.(4)
فالحبّ: هو المیل القلبیّ والباطنیّ نحو المحبوب، فلا یکون الشیء محبوباً إلاّ إذا مالت النفس إلیه. وهذا المیل ذو درجات ومراتب، فإذا قوی هذا المیل واشتدّ سُمّی عشقاً.(5)
أی أنّ الحبّ هو تعلّق خاصّ وانجذاب مخصوص شعوریّ بین الإنسان وبین کماله.(6)
فمحبّة العبد لله تعالى لِما أنّ الذّات الإلهیّة هی الکمال المطلق غیر المتناهی، والإنسان مفطور على حبّ الکمال والمیل نحو کماله المطلق، ولا یرضى بکمال محدود حتّى یطلب کمالاً آخر أشدّ وجوداً وأکثر کمالاً.
وأما محبّة الله عبده فلِما أنّ الذات تحبّ آثارها، وصاحب الکمالات والأسماء الحسنى یحبّ مظاهر کماله وتجلّیات أسمائه، وکلّما کان الأثر أکثر دلالةً على ذی الأثر، والمظاهر على الکامل المطلق، اشتدّ الحبّ، والأثر لا یکون أکثر دلالةً على الذات إلّا بالطاعة والفناء بها، وکذا المظاهر والتجلّیات لا یشتدّ تجلّیها وظهورها إلّا بالقرب من المتجلّی والظاهر. فأحبّ الموجودات إلى الله تعالى هو أقربهم إلیه من حیث الکمال والمظهریّة والتجلّی، وهو النبیّ الأکرم صلى الله علیه وآله وسلم.

درجات الحبّ

لمّا کان الحبّ عبارة عن تعلّق وجودیّ بین المحبّ والمحبوب، فهو یسری فی جمیع الموجودات، وهو من المفاهیم المشکّکة أی له مراتب متفاوتة من حیث الشدّة والضعف والدرجة والمرتبة، لذا مراتب الحبّ عدیدة ویمکن ذکر بعضها:
الدرجة الأولى: وهی ادعاء الحبّ على مستوى اللسان. وهذا لیس حبّاً حقیقیّاً، ولیس درجة أو مرتبة حقیقیّة.
الدرجة الثانیة: وهی الحبّ بمعنى التعلّق القلبی والمیل النفسیّ، وهذا قد یکون منشؤه العصبیّة والشعور بالانتماء، ولیس هذا هو الحبّ المطلوب.
الدرجة الثالثة: الحبّ القلبیّ الحقیقیّ، بحیث یسری الحبّ من القلب إلى سائر الجوارح، فتظهر آثار هذا الحبّ فی عمل الإنسان وأخلاقه وسیرته، وهذا هو الحبّ المطلوب.
وقد یشتدّ هذا الحبّ من خلال المتابعة والالتزام بالتعالیم النبویّة، حتّى یصیر المحبوب مقدمّاً على الأولاد والعشیرة والممتلکات والتجارات وغیر ذلک، قال تعالى: ﴿وَالَّذِینَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا لِّلّهِ﴾(7)، وقال تعالى: ﴿لَا تَجِدُ قَوْمًا یُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْیَوْمِ الْآخِرِ یُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ کَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِیرَتَهُمْ﴾(8).
حب النبیّ صلى الله علیه وآله وسلم بالعمل بأخلاقه
لما کان النبیّ محمّد صلى الله علیه وآله وسلم حبیب الله تعالى, فکلّ من یدّعی المحبّة لله لزمه حبّ النبیّ صلى الله علیه وآله وسلم واتباعه -کما سبق, ومحبّته إنّما تکون بمتابعته وسلوک سبیله, قولاً وعملاً وخُلُقاً وسیرةً وعقیدةً، ولا تصدق دعوى المحبّة إلّا بهذا, فمن لم یکن له من أخلاقه وسیرته صلى الله علیه وآله وسلم نصیب، لم یکن له من المحبّة نصیب، وإذا تابعه حقّ المتابعة ناسب باطنه وسرّه وقلبه ونفسه باطن النبیّ صلى الله علیه وآله وسلم وسرّه وقلبه ونفسه.
من تجلّیات الحبّ لرسول الله صلى الله علیه وآله وسلم
إنّش لحبّ رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم تجلّیات وعلامات عدّة، منها:

1- طاعة الله والعمل الصالح الموصل لمحبّة الله

یقول الله تعالى: ﴿قُلْ أَطِیعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ یُحِبُّ الْکَافِرِینَ﴾(9).
أی ما دمتم تدّعون الحبّ لله, إذاً اتبعوا أمر الله ورسوله صلى الله علیه وآله وسلم, وإن لم تفعلوا فلستم تحبّون الله, والله لا یحبّ هؤلاء﴿فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ یُحِبُّ الْکَافِرِینَ﴾(10).
ویستفاد من الآیة أنّ إطاعة الله وإطاعة رسوله لا تنفصلان, وأن إطاعة الرسول صلى الله علیه وآله وسلم هی إطاعة الله, وإطاعة الله هی إطاعة رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم.
ولطاعة الله والرسول صلى الله علیه وآله وسلم آثار عدیدة، منها:
أ- دخول الجنّة، قال تعالى: ﴿وَمَن یُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ یُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِی مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِینَ فِیهَا وَذَلِکَ الْفَوْزُ الْعَظِیمُ﴾(11).
ب- مرافقة النبیّین علیهم السلام والصدّیقین والشهداء، قال تعالى: ﴿وَمَن یُطِعِ اللّهَ﴾.
ج- الفوز، قال تعالى: ﴿وَمَن یُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَیَخْشَ اللَّهَ وَیَتَّقْهِ فَأُوْلَئِکَ هُمُ الْفَائِزُونَ﴾(12).

2- العمل بتعالیم وآداب الإسلام

فإنّ من علامة المحبّ العمل بما یحبّه محبوبه ویقرّبه منه، روى جابر عن أبی جعفر علیه السلام قال: قال لی: "یا جابر أیکتفی من ینتحل التشیّع أن یقول بحبّنا أهل البیت، فوالله ما شیعتنا إلّا من اتقى الله وأطاعه، وما کانوا یعرفون یا جابر إلّا بالتواضع والتخشّع والأمانة، وکثرة ذکر الله والصوم والصلاة والبر بالوالدین، والتعاهد للجیران من الفقراء وأهل المسکنة والغارمین والأیتام، وصدق الحدیث وتلاوة القرآن، وکفّ الألسن عن الناس إلّا من خیر، وکانوا أمناء عشائرهم فی الأشیاء".
قال جابر: فقلت: یا ابن رسول الله ما نعرف الیوم أحداً بهذه الصفة، فقال:
"یا جابر لا تذهبنّ بک المذاهب حسب الرجل أن یقول: أحبّ علیّاً وأتولاه ثمّ لا یکون مع ذلک فعّالاً؟ فلو قال: إنّی أحبّ رسول الله، فرسول الله صلى الله علیه وآله وسلم خیرٌ من علیّ علیه السلام ، ثمّ لا یتّبع سیرته ولا یعمل بسنّته، ما نفعه حبّه إیّاه شیئاً، فاتقوا الله واعملوا لما عند الله، لیس بین الله وبین أحد قرابة، أحبّ العباد إلى الله عزّ وجلّ (وأکرمهم علیه) أتقاهم وأعملهم بطاعته، یا جابر والله ما یتقرّب إلى الله تبارک وتعالى إلّا بالطاعة وما معنا براءة من النار ولا على الله لأحد من حجّة، من کان لله مطیعاً فهو لنا ولیّ، ومن کان لله عاصیاً فهو لنا عدوّ، وما تنال ولایتنا إلّا بالعمل والورع"(13).
یقول الإمام الخمینی قدس سره: "إنّ ادعاء المحبّة من دون دلیل وبیّنة لا یکون مقبولاً، إذ لا یمکن أن أکون صدیقک وأضمر لک الحبّ والإخلاص، ثمّ أقوم بکلّ ما هو مناقض لرغباتک وأهدافک. إنّ شجرة المحبّة تنتج وتثمر فی الإنسان المحبّ، والعمل حسب درجة المحبّة ومستواها. فإذا لم تحمل تلک الشجرة هذه الثمرة فلا بدّ من معرفة أنّها لم تکن محبّة حقیقیّة، وإنّما هی محبّة وهمیّة.. فمحبّ أهل البیت علیهم السلام هو الّذی یشارکهم فی أهدافهم، ویعمل على ضوء أخبارهم وآثارهم... وإنّ المؤمن إذا لم یعمل بمتطلّبات الإیمان وما تستدعیه محبّة الله وأولیائه، لما کان مؤمناً ومحبّاً، وإنّ هذا الإیمان الشکلیّ والمحبّة الجوفاء من دون جوهر ومضمون"(14).

3- زیارة رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم

لا یخفى على أحد ما للزیارة من ترسیخ علاقة أو ارتباط وتعلّق بمن نزوره، فکیف لو کان رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم ، فإنّه الوسیلة إلى الله والشعیرة الّتی أُمرنا بتعظیمها: ﴿ذَلِکَ وَمَن یُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾(15).
وقد ورد فی فضل وثواب زیارة النبیّ صلى الله علیه وآله وسلم روایات عدّة، منها ما عن الإمام الرضا علیه السلام: یا أبا الصلت إنّ الله فضّل نبیّه محمّداً صلى الله علیه وآله وسلم على جمیع خلقه من النبیّین والملائکة، وجعل طاعته طاعته، ومتابعته متابعته، وزیارته فی الدنیا والآخرة زیارته، فقال: ﴿مَّنْ یُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ﴾(16)، وقال رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم: "من زارنی فی حیاتی أو بعد موتی فقد زار الله"(17).
وعن الإمام أبی عبد الله علیه السلام قال: "قال رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم: من أتانی زائراً کنت شفیعه یوم القیامة"(18).
وعن الإمام أبی عبد الله علیه السلام قال: "بینا الحسین بن علیّ فی حجر رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم إذ رفع رأسه فقال: یا أبه ما لمن زارک بعد موتک؟ فقال: یا بنیّ من أتانی زائراً بعد موتی فله الجنّة، ومن أتى أباک زائراً بعد موته فله الجنّة، ومن أتى أخاک زائراً بعد موته فله الجنّة. ومن أتاک زائراً بعد موتک فله الجنّة"(19).
عن الإمام محمّد بن علیّ بن الحسین علیهم السلام قال: "قال رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم: من زارنی أو زار أحداً من ذریّتی زرته یوم القیامة فأنقذته من أهوالها"(20).

4- دفع الأذى عنه صلى الله علیه وآله وسلم

یقول صلى الله علیه وآله وسلم: "ما أوذی نبیّ مثل ما أوذیت"(21).
فقد نال صلى الله علیه وآله وسلم من أمّته- أعمّ من کفّارهم ومؤمنیهم ومنافقیهم- من المصائب
والمحن وأنواع الزجر والأذى ما لیس فی وسع أحد أن یتحمّله إلّا نفسه الشریفة(22).
وهو - أرواحنا فداه - ما زال یتمّ توجیه الأذى والإساءة إلیه حتّى بعد رحیله صلى الله علیه وآله وسلم ، کما فی زماننا هذا، سواء من قبل أعدائه أم من قبل بعض ممّن یدّعون اتباعه ومحبّته.
وکذلک ما نال عترته صلى الله علیه وآله وسلم وأهل بیته بعد ارتحاله من قتل وظلم وجور.
فمن کان یدّعی الاتباع والمحبّة للنبیّ صلى الله علیه وآله وسلم لا ینبغی أن یظلم ویکفّر غیره من المسلمین باسم النبیّ صلى الله علیه وآله وسلم الّذی قال الله عنه: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاکَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِینَ﴾(23)، وعلى المسلمین منع إساءة المنکرین لنبوّته صلى الله علیه وآله وسلم ، فکیف یقومون هم بالإساءة؟!

من آثار اتباع ومحبّة الرسول صلى الله علیه وآله وسلم

1- محبّة الله

النبیّ الأکرم صلى الله علیه وآله وسلم هو مظهر المحبّة الإلهیّة، فیلزم أن یکون للمتابع والمطیع للنبیّ صلى الله علیه وآله وسلم قسط من محبّة الله تعالى بقدر نصیبه من المتابعة والطاعة، فیلقی اللّه تعالى محبّته علیه بواسطة محبّة النبیّ صلى الله علیه وآله وسلم ، فیصیر محبوباً لله، ومحبّاً له، ولو لم یتابع النبیّ صلى الله علیه وآله وسلم بل خالفه، ابتعد عن وصف المحبوبیّة وزالت المحبّة عن قلبه، إذ لو لم یحبّه اللّه تعالى لم یکن محبّاً له، فیقع فی الکفر: ﴿فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ یُحِبُّ الْکَافِرِینَ﴾(24). عن الإمام الصادق علیه السلام: "من سرّه أن یعلم أنّ الله یحبّه فلیعمل بطاعة الله ولیتّبعنا، ألم یسمع قول الله عزّ وجلّ لنبیّه صلى الله علیه وآله وسلم ﴿قُلْ إِن کُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِی یُحْبِبْکُمُ اللّهُ وَیَغْفِرْ لَکُمْ ذُنُوبَکُمْ﴾(25)؟، والله لا یطیع الله عبد أبداً إلّا أدخل الله علیه فی طاعته اتباعنا، ولا والله لا یتبعنا عبد أبداً إلّا أحبّه الله، ولا والله لا یدع أحد اتباعنا أبداً إلّا أبغضنا، ولا والله لا یبغضنا أحد أبداً إلّا عصى الله، ومن مات عاصیاً لله أخزاه الله وأکبّه على وجهه فی النار"(26).
وعنه علیه السلام:" فمن أحبّ الله أحبّه الله عزّ وجلّ، ومن أحبّه الله عزّ وجلّ کان من الآمنین"(27).

2- غفران الذنوب

قال تعالى: ﴿إِنَّ اللّهَ یُحِبُّ التَّوَّابِینَ وَیُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِینَ﴾(28).
إذا أحبّ الله عبداً غفر له ذنوبه وشملته رحمته، لأنّ محبّة الله عبده رضاه عنه، وهو سبب لغفران ذنوبه وکمال فوزه بالسعادة العظمى وکمال نور إیمانه ووجوب الجنّة له، فإذاً من آثار محبّة النبیّ صلى الله علیه وآله وسلم غفران الذنوب.
عن الإمام أبی جعفر علیه السلام عن أمیر المؤمنین علیه السلام - فی خطبة له - قال: "وقال فی محکم کتابه: ﴿مَّنْ یُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاکَ عَلَیْهِمْ حَفِیظًا﴾(29) فقرن طاعته بطاعته، ومعصیته بمعصیته، فکان ذلک دلیلاً على ما فوّض إلیه، وشاهداً له على من اتبعه وعصاه. وبیّن ذلک فی غیر موضع من الکتاب العظیم، فقال تبارک وتعالى فی التحریض على اتباعه، والترغیب فی تصدیقه والقبول لدعوته: ﴿قُلْ إِن کُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِی یُحْبِبْکُمُ اللّهُ وَیَغْفِرْ لَکُمْ ذُنُوبَکُمْ﴾(30) فاتباعه صلى الله علیه وآله وسلم محبّة الله، ورضاه غفران الذنوب وکمال الفوز ووجوب الجنّة، وفی التولی عنه والإعراض محادّة الله وغضبه وسخطه. والبعد منه سکن النار، وذلک قوله تعالى: ﴿وَمَن یَکْفُرْ بِهِ مِنَ الأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ﴾(31) یعنی الجحود به والعصیان له"(32).

3- الشفاعة

قال رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم: "أُعطیت خمساً لم یعطها أحد قبلی: جعلت لی الأرض مسجداً وطهوراً، ونصرت بالرعب، وأحلّ لی المغنم، وأعطیت جوامع الکلم، وأعطیت الشفاعة"(33).
وسُئل الإمام أبو عبد الله علیه السلام عن شفاعة النبیّ صلى الله علیه وآله وسلم یوم القیامة، قال: "یلجم الناس یوم القیامة العرق فیقولون: انطلقوا بنا إلى آدم یشفع لنا عند ربّه، فیأتون آدم فیقولون: اشفع لنا عند ربّک، فیقول: إنّ لی ذنباً وخطیئة فعلیکم بنوح، فیأتون نوحاً فیردّهم إلى من یلیه، ویردّهم کلّ نبیّ إلى من یلیه حتّى ینتهون إلى عیسى فیقول: علیکم بمحمّد رسول الله فیعرضون أنفسهم علیه ویسألونه فیقول: انطلقوا، فینطلق بهم إلى باب الجنّة، ویستقبل باب الرحمن ویخرّ ساجداً فیمکث ما شاء الله فیقول الله عزّ وجلّ: ارفع رأسک واشفع تُشفع وسل تُعط، وذلک قوله: ﴿عَسَى أَن یَبْعَثَکَ رَبُّکَ مَقَامًا مَّحْمُودًا﴾(34)
وعن الإمام علیّ بن موسى الرضا، عن آبائه علیهم السلام ، عن أمیر المؤمنین صلوات الله علیه قال: قال رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم: "أربعة أنالهم شفیع یوم القیامة: المکرم لذرّیّتی، والقاضی لهم حوائجهم، والساعی فی أمورهم ما اضطرّوا إلیه، والمحبّ لهم بقلبه ولسانه عندما اضطرّوا"(35)
المصادر : 
1- الأمثل فی تفسیر کتاب الله المنزل, الشیخ ناصر مکارم الشیرازی, ج2، ص 468
2- سورة آل عمران، الآیة:31.
3- البرهان فی تفسیر القرآن، السید هاشم البحرانی، ج 1، ص611.
4- لسان العرب لابن منظور، ج 1، ص 289.
5- مـجمع البحرین للشیخ فخر الدین الطریحی، ج1، ص 442.
6- تفسیر المیزان، العلامة الطباطبائی، ج1، ص 410.
7- سورة البقرة، الآیة: 165.
8- سورة المجادلة، الآیة: 22.
9- سورة آل عمران، الآیة:32.
10- سورة آل عمران، الآیة:32.
11- سورة النساء، الآیة:13.
12- سورة النور، الآیة: 52.
13- الکافی، الشیخ الکلینی، ج2، ص75.
14- الأربعون حدیثاً، الإمام الخمینیّ قدس سره، ص 512.
15- سورة الحجّ، الآیة: 32.
16- سورة النساء، الآیة: 80.
17- وسائل الشیعة، الحرّ العاملی، ج14، ص 325.
18- میزان الحکمة، ج14، ص 333.
19- میزان الحکمة ، ج14، ص 329.
20- میزان الحکمة ، ج14، ص 332.
21- بحار الأنوار، العلامة المجلسی، ج39، ص 56.
22- تفسیر المیزان، العلامة الطباطبائی، ج6، ص 53
23- سورة الأنبیاء، الآیة: 107.
24- سورة آل عمران، الآیة:32.
25- سورة آل عمران، الآیة:31.
26- الکافی، الشیخ الکلینی، ج8، ص 14.
27- الخصال، الشیخ الصدوق، ص188.
28- سورة البقرة، الآیة: 222.
29- سورة النساء، الآیة: 80.
30- سورة آل عمران، الآیة:31.
31- سورة هود، الآیة: 17.
32- البرهان فی تفسیر القرآن، السید هاشم البحرانی، ج 3، ص96.
33- بحار الأنوار، العلامة المجلسی، ج8، ص 38.
34- سورة الإسراء، الآیة: 79.
35- میزان الحگمة، ج8، ص 49.

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

يا ليتَنا كنّا مَعكم
5شعبان ولادة الامام زين العابدين(ع)
الإمام المهدي (عج) في روايات أهل السنّة
آثار الغيبة على الفرد والمجتمع وإفرازاتها
في شكر الله تعالى
تفضيل الصحابة كثيرة
أهمية التربية في الإسلام
تعدد المذاهب والفرق سمة وحالة لازمة ثابتة في ...
مراتب صلة الرحم
الصراع على السلطة بين الأصهب والأبقع

 
user comment