عربي
Tuesday 23rd of April 2024
0
نفر 0

المثل الأعلى

المثل الأعلى: هوالهدف الذي تتجه إليه نشاطات الإنسان وحركته في الحياة.

ولكل إنسان هدف في الحياة.. وهو لذلك له مثل أعلى.

وهذا المثل الأعلى بالتعبير القرآني هو «إله».

 

والحركة نحو «الله» ليست حركة جغرافية كما تتحرك من مدينة إلى مدينة، بل هي حركة تكاملية للتخلّق بأخلاق الله المطلقة من علم وعدل وقوة وحلم وحكمة ورحمة ورأفة و.. سائر صفات ربّ العالمين.

قد يكون هذا المثل الأعلى «صغيرًا» لا يتجاوز غرائز الإنسان الهابطة، أي لا يتجاوز «الهوى». ويكون إله الإنسان عندئذ هواه:(أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ)؟!

ومن كان مثله الأعلى هابطًا فإنه لا يستطيع أن يحقق حركة تكاملية. وهذا يصدق على الفرد ويصدق على المجتمع. وبالتعبير الحضاري، يفقد هذا الفرد ويفقد هذا المجتمع قدرة التطوير والإبداع والتكامل.

وقد يكون هذا المثل الأعلى «متوسطًا». أي يتضمن أهدافًا أبعد من الهوى. ومثل هذا المثل الأعلى قادر على تحريك الفرد والمجتمع شوطًا في الحياة، ثم تتوقف هذه الحركة لأن الأهداف فيه محدودة. وقد يۆدي هذا التوقف إلى تحطّم هذا المثل الأعلى، ويعود السائرون نحوه إلى أفراد يعيشون المثل الأعلى الصغير.

على سبيل المثال دعت الماركسية إلى مثل أعلى هو«العدالة» فتحركت شعوب نحوه، ثم مالبث هذا المثل الأعلى أن تلاشى بعد أن اتضح أنه غير قادر على تحقيق الأهداف المرجوّة.

هذا هو الإيمان الديني، إنه الإيمان الذي كان وراء بناء الحضارات الإنسانية وتطوّر البشرية على طريق كمالها المادي والمعنوي.

والقرآن يسمى مثل هذا المثل الأعلى بالسرابي. والبشر بطبيعتهم عطشى إلى مثل أعلى، فيكون اتجاههم نحو المثل الأعلى المتوسط اتجاهًا نحو السراب.

يقول القرآن بشأن الذين كفروا، أي بشأن الذين ابتعدوا عن طريق الله: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا ).

أما المثل الأعلى الذي يدعو إليه الدين فهو المثل الأعلى المطلق وهو «الله» سبحانه، وفي القرآن مثل هذا التعبير عن الله حيث يقول:(وَلِلّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَىَ ).

والإيمان بمثل هذا المثل الأعلى يدفع الإنسان نحو حركة تكاملية لا حدّ لها ولا وقفة فيها.. لأنها حركة نحو الله.

والحركة نحو «الله» ليست حركة جغرافية كما تتحرك من مدينة إلى مدينة، بل هي حركة تكاملية للتخلّق بأخلاق الله المطلقة من علم وعدل وقوة وحلم وحكمة ورحمة ورأفة و.. سائر صفات ربّ العالمين.

هذا هو الإيمان الديني، إنه الإيمان الذي كان وراء بناء الحضارات الإنسانية وتطوّر البشرية على طريق كمالها المادي والمعنوي.

هذه هي خلاصة دراسة الشهيد محمد باقر الصدر لنظرية القرآن بشأن سنن التاريخ.  (1)

 

ويرى الشهيد الصدر أن اتجاه المسيرة البشرية نحو الله يوحّد طموحاتها وغاياتها، لأنّ هذا المثل الأعلى يحمل كل صفات الكمال بشكلها المطلق، وهذه الصفات تشكل مۆشّرات على الطريق الطويل للإنسان نحو الله سبحانه وتعالى.

 

ثم إنّ الإيمان بهذا المثل الأعلى مقرون بالإيمان بالآخرة، والإيمان بالآخرة يشكل طاقة روحية ورصيدًا ووقودًا مستمرًا للإرادة البشرية على مرّ التاريخ.


source : محمد باقر الصدر، التفسير الموضوعي للقرآن الكريم.
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

فاطمة عليها السلام وليلة القدر
آثار الغيبة على الفرد والمجتمع وإفرازاتها
مدة حكم المهدي المنتظر
العمل الصالح
معالم " نهضة العلماء "
قصة استشهاد الامام جعفر بن محمد الصادق عليه ...
زيارة السيد عبد العظيم الحسني علیه السلام
التوسل بأُم البنين عليها‌السلام
الحب بعد الأربعين
الامام محمد الباقر علیه السلام

 
user comment