عربي
Thursday 28th of March 2024
0
نفر 0

معارك الرسل مع اممهم

(معارك الانبياء).

معارك الانبياء حول الربوبية :
ان تاريخ الشرائع السماوية يدل على ان جل الجبابرة الذين وقفوا بوجه الانبياء كان محور صراعهم (الربوبية ) لا (الخالقية ), فقد كان .
اكـثر اقوام الانبياء يقرون بان اللّه خالق جميع الموجودات وان كانوا قد يسمونه باسم آخر, مثل اليهود الذي يسمون اللّه (يهوه ), كما اخبر اللّه عنهم وقال تعالى :
ا ـ (ولئن سالتهم من خلق السموات والارض ليقولن اللّه ) (لقمان 25).
ب ـ (ولئن سالتهم من خلق السموات والارض ليقولن خلقهن العزيز العليم ) (الزخرف 9).
ج ـ (ولئن سالتهم من خلقهم ليقولن اللّه فانى يؤفكون ) (الزخرف 87).
ونبدا بذكر معركة كليم اللّه موسى (ع ) مع فرعون لوضوح ابعاد المعركة فيها:

موسى الكليم (ع ) وفرعون :
جـاء في القرآن الكريم مرات كثيرة ذكر قصة موسى الكليم (ع ) وطاغوت عصره فرعون , ومن جملتها ما جاء في سورة (النازعات ):
انـ فـرعون بعد ان حاججه موسى (ع ) وشاهد الايات الالهية التي كانت معه جمع جمعا عظيما من اهل مصر ونادى فيهم :
(انا ربكم الاعلى ) (النازعات 24).
وهو يعني من قوله هذا انه اذا كان للدجاج ـ مثلا ـ رب يملكه ويطعمه ويربيه ويسن نظاما لحياته , فان فرعون ـ ايضا ـ يقول (اليس لي ملك مصر وهذه الانهار تجري من تحتي ) (الزخرف 51).
ان فـرعـون مصر في ذلك الزمان كان يملك كل ما في مصر, وعلى هذا فانه كان يرى انه هو الذي يطعم المصريين , ويمدهم بما يحتاجون اليه كافة , اذا فهو الذي يربيهم , وهو الذي ينبغي ان يشرع نظاما لحياتهم , فاذا ما شرع : ان الاسرائيلي يجب ان يخدم المصري يكون ذلك شرعا ودينا يجب العمل بـه , واذا سن نظاما بذبح ابناء الاسرائيلين واستحياء نسائهم , فذلك دين يجب العمل به كان هذا معنى قـول فـرعون (انا ربكم الاعلى ) ولم يدع في قوله هذا انه خلق السموات والارض وما فيهما وما بينهما.
فـمـاذا كـان يـقـول لـه مـوسى الكليم (ع )؟ وما هي الرسالة التي امر هو واخوه هارون بتبليغها لفرعون ؟ ان اللّه سبحانه وتعالى عينها في خطابه اياهما وقال لهما:
(اذهـبـا الى فرعون انه طغى فاتياه فقولا انا رسولا ربك فارسل معنا بني اسرائيل ولا تعذبهم قد جئناك بية من ربك ) (طه 43 ـ 47).
يقول لهما في هذه الاية :
يـا مـوسى ويا هارون اذهبا الى فرعون فقولا انا رسولا ربك الذي انشاك ورباك واكملك , قولا له انت مخطى ء يا فرعون في ادعائك الربوبية , وان معنا آية وشاهدا من ربك على صدقنا.
وبـعـد مـشـاهدة فرعون آيات اللّه مع موسى كابره وحاججه وقال : ان كنتما لا تقبلان ربوبيتي , وتقولان ان الربوبية لغيري وعلينا ان ناخذ نظام الحياة منه , فمن هو هذا الرب ؟.
(فمن ربكما يا موسى ) (طه / 49).
اورد القرآن هنا بايجاز جواب موسى (ع ) لفرعون وقال :
(قال ربنا الذي اعطى كل شي ء خلقه ثم هدى ) (طه / 50).
اي اتـمـ خـلق كل شي ء وفصل تمام خلق الشي في سورة الاعلى حيث قال تعالى : (فسوى ), اي هياه لـقـبـول الـهـداية (ثم قدر) حياته (فهدى ) كل صنف من الخلق بما يتناسب وفطرته , وهدى صنف الانسان من الخلق بواسطة الرسل .
واراد فـرعون ان يلقي الشبهة في استدلال موسى (ع ) هذا, وقال : (فما بال القرون الاولى ) (طه 51), اي اذا كـان الـرب يـهدي الناس الى النظام الذي شرع لهم بواسطة الرسل فكيف هدى الرب القرون الاولى ؟ ومن هم الذين ارسلهم اليهم وكيف كانت شرائعهم ؟.
قال موسى (ع ):
(علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى ) (طه / 52).
ان علم اولئك القرون عند الرب مكتوب في كتاب لا يضل ولا ينسى , وفصل موسى (ع ) شرح صفات الرب وقال :
(الذي جعل لكم الارض مهدا وسلك لكم فيها سبلا وانزل من السماء ماء فاخرجنا به ازواجا من نبات شتى كلوا وارعوا انعامكم ان في ذلك لايات لاولي النهى ) (طه / 53 ـ 54).
فـي هذا المقطع ذكر القرآن احتجاج موسى (ع ) في مقابل قول فرعون (اليس لي ملك مصر وهذه الانـهار تجري من تحتي ) (الزخرف 51), وانه قال له وللملا من حوله : ان ربكم هو الخالق الذي خـلـق الارض وجـعلها بمقتضى ربوبيته مهدا للانسان وشق فيها طرقا للسير, ومنها ارض مصر, وانـزل مـن الـسماء المطر الذي يتكون منه الانهار, ومنها نهر النيل , وانه اخرج من الارض بسبب الماء نبات الارض متاعا للانسان والحيوان .
وافـحـم فـرعـون بهذا المنطق وتبلد واراد ان يلقي شبهة في حجج موسى البينات كما اخبر اللّه سـبـحانه وتعالى عن موقفه وقال : (ولقد اريناه آياتنا كلها) (طه 56) ـ الكونية العامة وما جاء بها موسى (ع ) من آيات خاصة ـ فكذب ـ فرعون ـ وابى وقال : (اجئتنا لتخرجنا من .
ارضنا بسحرك يا موسى فلناتينك بسحر مثله فاجعل بيننا وبينك موعدا لا نخلفه نحن ولا انت مكانا سوى ) (طه 57 ـ 58).
ان مـوسى كان من بني اسرائيل وهم غرباء في ارض مصر مستعبدون لاهلها, واراد فرعون بقوله (اجـئتـنـا لتخرجنا من ارضنا) ان يهيج الملا من حوله على موسى الغريب , وايضا القى الشبهة في آيـتي العصا واليد بقوله (بسحرك يا موسى ) وقد كان السحر منتشرا في ارض مصر, وفيها العدد الـكـثـير من اتباع فرعون , والسحر تخييل لا حقيقة له , وخداع للبصر والحواس , وقد يصل الى خـداع الاحـسـاس عندما يشاهد الانسان اشياء لا وجود لها, وكانت آية موسى من صنع قدرة اللّه سـبـحـانه وتعالى التي جعلت النار بردا وسلاما على ابراهيم (ع ), ولكن انى للعامة من الناس قوة تـمـييز الحق من الباطل والتخييل من الحقيقة , ثم ان الكثرة قد تغلب , ولهذا كله اقترح فرعون من مـوقـع القوة على موسى (ع ) وقال : (فلناتينك بسحر مثله فاجعل بيننا وبينك موعدا لا نخلفه نحن ولا انت مكانا سوى ) (طه 58).
ان فـرعـون تحدى موسى باستعلاء, وجعل لموسى (ع ) تعيين الموعد, وقبل موسى (ع ) التحدي واخـتـار الموعد يوم عيد من الاعياد الجامعة حيث ياخذ الناس فيه زينتهم , ويتجمعون في الميادين المكشوفة وقال : (موعدكم يوم الزينة وان يحشر الناس ضحى ) (طه 59).
والضحى انسب الاوقات في النهار (فتولى فرعون فجمع كيده ) (طه 60).
وجاء ذكر جانب آخر من مواجهة الكليم مع فرعون في سورة الشعراء, حيث اخبر اللّه سبحانه عن ارسـال موسى وهارون عليهما السلام الى فرعون ونتيجة المواجهة وقال : (فاتيا فرعون فقولا انا رسولا رب العالمين قال فرعون وما رب العالمين قال رب السموات والارض وما بينهما ان كنتم موقنين قال لمن حوله الا تستمعون قال ربكم ورب آبائكم الاولين قال ان رسولكم الذي ارسل اليكم لمجنون قال رب المشرق والمغرب وما بينهما ان كنتم تعقلون ) (الشعراء 16 ـ 28).
وبـعد طلب فرعون آية من موسى (ع ) ورؤيته آيتي العصا واليد, (قال للملا حوله ان هذا لساحر عليم يريد ان يخرجكم من ارضكم .
بـسـحره فماذا تامرون قالوا ارجه واخاه وابعث في المدائن حاشرين ياتوك بكل سحار عليم فجمع السحرة لميقات يوم معلوم وقيل للناس هل انتم مجتمعون لعلنا نتبع السحرة ان كانوا هم الغالبين فلما جاء السحرة قالوا لفرعون ائن لنا لاجرا ان كنا نحن الغالبين قال نعم وانكم اذا لمن المقربين قال لهم مـوسى القوا ما انتم ملقون فالقوا حبالهم وعصيهم وقالوا بعزة فرعون انا لنحن الغالبون ) (الشعراء 34 ـ 44).
وفي سورة الاعراف :
(فلما القوا سحرا اعين الناس واسترهبوهم وجاءوا بسحر عظيم واوحينا الى موسى ان الق عصاك فـاذا هـي تـلـقـف ما يافكون والقي السحرة ساجدين قالوا آمنا برب العالمين رب موسى وهارون قال فـرعـون آمـنـتم به قبل ان آذن لكم ان هذا لمكر مكرتموه في المدينة لتخرجوا منها اهلها فسوف تـعلمون لاقطعن ايديكم وارجلكم من خلاف ثم لاصلبنكم اجمعين قالوا انا الى ربنا منقلبون وما تنقم منا الا ان آمنا بيات ربنا لما جاءتنا ربنا افرغ علينا صبرا وتوفنا مسلمين ) (الايات 116 ـ 126).
وفي سورة الشعراء:
(قال فرعون انه لكبيركم الذي علمكم السحر) (الاية 48).
في هذه الايات جاء عن لسان موسى انه قال لفرعون : انا رسولا ربك , جئناك بية من ربك .
وفي الايات الماضية حكى القرآن عن فرعون انه قال لاهل مصر: (انا ربكم الاعلى ).
وان موسى (ع ) اوحي اليه ان يقول لفرعون :
(انا رسولا ربك , جئناك بية من ربك ).
وان فرعون قال :
(فمن ربكما يا موسى ) وان موسى (ع ) قال له :
(ربنا الذي اعطى كل شي ء خلقه ثم هدى ).
وانه اجاب عن علم القرون الاولى انه :
(عند ربي الذي جعل لكم الارض مهدا).
وفي مورد آخر: فقولا له : (انا رسولا رب العالمين ).
وان فرعون قال : (وما رب العالمين ؟).
وان موسى (ع ) قال : (رب السموات والارض وما بينهما).
(ربكم ورب آبائكم الاولين ).
(رب المشرق والمغرب وما بينهما).
وان السحرة لما راوا آية العصا تلقف ما يافكون قالوا:
(آمنا برب العالمين رب موسى وهارون ).
وانهم قالوا لفرعون لما قال لهم لاقطعن ايديكم وارجلكم :
(لاضـيـر انـا الـى ربنا منقلبون وما تنقم منا الا ان آمنا بيات ربنا لما جاءتنا ربنا افرغ علينا صبرا وتوفنا مسلمين ).
يـتـضـح جـليا مما جاء في القرآن الكريم : ان مواجهة الرسولين موسى وهارون عليهما السلام مع فرعون وملئه قد تعددت وتعددت المحاورات .
بـيـن الـرسـولـين وبينه , كما تعددت الايات : الطوفان , والجراد, والقمل , والضفادع , والدم , وان الـمـحـاورات كـلـها كانت تدور حول الربوبية , وان الرسولين كانا يقولان : ربنا وربكم هو رب العالمين رب السموات والارض وما بينهما ورب القرون الاولى , رب المشرق والمغرب وما بينهما ورب آبـائكـم الاولـيـن , وان رب الـجميع واحد, وهو الذي اعطى كل شي ء خلقه ثم هدى , وان السحرة ادركوا ان سحرهم كان تخييلا لا حقيقة فيه , وان اثر السحر ينتهي , وان العصي والحبال ـ مثلا ـ التي كانت تموج في الساحة كالحيات كانت تعود الى حالتها الاولى عصيا وحبالا, ولكن آية الـعـصـا ابـتلعتها جميعا ولم يبق منها عين ولا اثر وهي خارجة عن قدرة غير خالقها رب العالمين فقالوا: آمنا برب العالمين , رب الرسولين موسى وهارون 8 الذي ارسلهما لهداية الناس .

معارك ابراهيم (ع ) حول توحيد الالوهية والربوبية :
قبل عصر موسى الكليم (ع ) بدهر, جاهد ابراهيم الخليل انواعا من الشرك في عصره منها:

ا ـ جهاده في توحيد الالوهية :
حـكى اللّه خبر جهاد ابراهيم مع قومه في توحيد الالوهية في سورة الانبياء والشعراء والصافات , في كل منها حكى عن جانب من خبر جهاده وكيف حاججهم في ما يعتقدون , وانه انتهى الامر بكسره آلهتهم والقائهم اياه في النار, وكيف جعل اللّه النار عليه بردا وسلاما, ونترك الحديث حوله لندرس في ما ياتي ما فعله في شان توحيد الربوبية باذنه تعالى :
(قالوا ءانت فعلت هذا بلهتنا يا ابراهيم قال بل فعله كبيرهم هذا فاسالوهم ان كانوا ينطقون ).
اي فـعـله كبيرهم فاسالوهم ان كانوا ينطقون ولما كانت الاصنام لا تنطق فان كبيرهم لم يكسرها هاهنا كلم الخليل قومه .
اخـبر اللّه عن محاججة ابراهيم (ع ) مع من اتخذوا الكواكب اربابا, ولم يخبرنا باي معنى اتخذوها اربـابـا, وقـد وجـدنا في اخبار المشركين ان منهم من كان لا يفرق بين الرب والاله , وان الانبياء والرسل (ص ) كانوا يجاهدون مشركي اممهم في توحيد الربوبية كما بيناه سابقا.
وقد اخبر اللّه عما جرى لابراهيم (ع ) مع عبدة الكواكب في سورة الانعام , وقال :
(وكـذلـك نـري ابراهيم ملكوت السموات والارض وليكون من الموقنين فلما جن عليه الليل راى كـوكبا قال هذا ربي فلما افل قال لا احب الافلين فلما راى القمر بازغا قال هذا ربي فلما افل قال لئن لم يهدني ربي لاكونن من القوم الضالين فلما راى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا اكبر فلما افلت قال يـاقـوم انـي بري ء مما تشركون اني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والارض حنيفا وما انا من المشركين وحاجه قومه قال اتحاجوني في اللّه وقد هدان ولا اخاف ما تشركون به الا ان يشاء ربي شيئا وسع ربي كل شي ء علما افلا تتذكرون ) (الايات 75 ـ 80).
كـلـم الـخـليل هنا عباد الكواكب من قومه بلغتهم في معنى الرب , وكان قوله (هذا ربي ) للكواكب والقمر والشمس على سبيل التورية .
والاستفهام , اي اهذا ربي ؟ مثل قوله لعباد الاصنام عندما كسر اصنامهم وسالوه .

ب ـ جهاد ابراهيم (ع ) في توحيد الربوبية بمعنى تربية الاجسام :
كان كثير من البشر في العصور القديمة يعتقدون بتاثير الكواكب على عالمنا هذا وما فيه من انسان وحيوان ونبات بانزال المطر وحبسه , ونشر السعادة والشقاء للانسان , والجدب والرخاء والصحة والـمرض في مجتمعه , وكثرة الموت وقلته للانسان والحيوان والنبات , ونشر المحبة او النفور بـيـن الاثـنين , او القاء محبة انسان في نفوس الاخرين , وما شاكل كل هذه الامور, ومن ثم يجرون بعض الطقوس العبادية مع تبخير العود ذي الرائحة الطيبة وسائر الروائح العطرة , ويتلون اورادا وادعـية ويطلبون منها الخير ودفع الشر, وقد قرات شيئا ذلك في مخطوط منسوب للسكاكي (ت 626 هــ): فـيـه انـواع مـن الـطـلاسـم وادعية ومناجاة لبعض الكواكب مثل الزهرة والمريخ وغـيـرهـما, واحيانا في الخطاب لبعضهم يخاطب باسم الرب , ولم يثبت عندي ان الكتاب من تاليف الـسـكـاكي وذكر ابن النديم ـ ايضا ـ في اخبار الصائبة من المقالة التاسعة من الفهرست عن بعض فرق الصابئة انهم يعبدون بعض الكواكب ولهم طقوس خاصة بهم ((120)) .

ج ـ جهاد ابراهيم (ع )في امر توحيد الرب المشرع للنظام :
اخبر اللّه عن ذلك وقال في سورة البقرة :
(الم تر الى الذي حاج ابراهيم في ربه ان آتاه اللّه الملك اذ قال ابراهيم ربي الذي يحيي ويميت قال انا احيي واميت قال ابراهيم فان اللّه ياتي بالشمس من المشرق فات بها من المغرب فبهت الذي كفر ) (الاية 258).
انـ مـنـطق الخليل في هذه الاية هو منطق القرآن في سورة الاعلى , وان الرب هو اللّه الذي خلق فـسوى والذي قدر فهدى , وان مثل جميع الخلق في ذلك مثل المرعى الذي اخرجه الرب ثم جعله يابسا احوى , اي انشا الحياة للموجودات ثم اماتها.
كـان اسـتـدلال ابـراهيم قويا وواضحا, واراد طاغوت عصره ان يغشي هذا الاستدلال بغطاء من التضليل , فقال :
ان كانت الربوبية لمن يحيي ويميت فاني احي واميت , وامر بسجين محكوم بالاعدام فاطلق سراحه , وبانسان بري ء عابر طريق .
فاعدم , وبذلك القى الشبهة في نفوس الملا حوله .
ولـم يسترسل ابراهيم (ع ) في الجدال معه في معنى الاحياء والاماتة بل احتج على الطاغوت بامر مـحسوس واضح الدلالة على زيف دعوى الطاغوت , وقال : فان ربي اللّه ياتي بالشمس من المشرق , فان كنت ربا فغير هذا النظام وات بالشمس من المغرب , فبهت الذي كفر.
كـان شرك طاغوت عصر ابراهيم (ع ) من نوع شرك طاغوت عصر موسى (ع ), كلاهما ادعيا الربوبية بمعنى ان لهما حق تشريع نظام الحياة للانسان , تشابهت دعواهما وتشابه جواب الرسولين 8 لهما وقالا: ان رب الانسان الذي شرع له نظام الحياة هو رب جميع الموجودات والذي انشا حياة الـمـوجودات وسن لها نظاما لادامة وجودها في الحياة , وهداها كيف تديم حياتها وفق ما سن لها من نظام , وهو الذي يميت كل الاحياء.
كـان هـذا مـنـطـق ابراهيم (ع ) في دعوته للتوحيد مع المشركين كما اخبر اللّه عنه في سورة الشعراء, وقال :
(فـانـهـم عدو لي الا رب العالمين الذي خلقني فهو يهدين ) اذا قال موسى (ع ) لفرعون : (ربنا الذي اعـطى كـلـ شـي ء خلقه ثم هدى ) (كما قال جده ابراهيم (ع ) لقومه (رب العالمين الذي خلقني فهو يهدين ) (الايات 79 ـ 82).
ثم شرح ابراهيم ربوبية اللّه وقال :
(والذي هو يطعمني ويسقين واذا مرضت فهو يشفين والذي يميتني ثم يحييني والذي اطمع ان يغفر لي خطئتي يوم الدين ) (الشعراء 79).
والقرآن حين يكرر اخبار محاججات الرسل مع اقوامهم الرسل مع اقوامهم يذكر في كل مرة جانبا مـن احـتجاجهم وفق مناسبة ما جاء في السورة من توجيه فكري وارشاد لمن كان حول الرسول من مسلمين ومشركين ويهود ونصارى وليس القرآن كتاب تاريخ كي يورد الخبر مسلسلا كما وقع .
بـعـد دراستنا معارك الانبياء ومعرفتنا ان جل معاركهم كانت حول ربوبية رب العالمين , اي ان رب الـعـالـمـيـن هو رب الانسان الذي يقدر حياته ويشرع له نظاما يتناسب وفطرته , وان اسمه دين الاسـلام الذي اوحى به الى جميع رسله وقاموا بتبليغه الى الناس , يتجه الينا السؤال عن معنى نسخ شريعة بعض الرسل بشريعة رسول آخر, وهذا ما نحاول درسه في بحث النسخ في مسيرة الانبياء الاتي بحوله تعالى .
(9).

النسخ في مسيرة الرسل اصحاب الشرائع
ا ـ وحدة شرايع آدم ونوح وابراهيم ومحمد (ص ).
ب ـ مصطلحا النسخ والاية ومعناهما.
ج ـ تفسير آية (ما ننسخ من آية ).
وآية (واذا بدلنا آية مكان آية ).
د ـ شريعة موسى كانت خاصة لبني اسرائيل .
هـ ـ انتهاء امد شريعة موسى ببعثة خاتم الانبياء.
فـي هـذا البحث ندرس من مسيرة الرسل اصحاب الشرائع ما يوضح لنا امر النسخ في شرائعهم من خـلال اخـبـارهم في القرآن الكريم ومصادر الدراسات الاسلامية , ومن ثم لا نذكر امر من بادت امـمهم , مثل هود, وصالح وشعيب (ع ), بل نخص بالذكر من بقيت شرائعهم من بعدهم , وهم كل من : آدم , ونوح , وابراهيم , وموسى , وعيسى , ومحمد (ص ), حسب تسلسلهم الزمني كما ياتي بيانه :
ـ 1 ـ.

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

بغض بعض الصحابة لعلي(عليه السلام)
هل ان عيسی عليه السلام ابن الله جل وعلا
كيف يجزى الانسان بثار عمله في الدنيا
المعاد (1)
الامام علي (ع ) يرفض المبايعة على سيرة الشيخين :
بعض مصادر حديث ( لا فتى إلا علي .... )
مسألة عدالة الصحابة باختصار
الآيات النافية لاِمكان الرؤية
إجتهاد عمر في آيات الخمر
ما معنى الحديث القائل "الحسود لا يسود"؟ هل هو ...

 
user comment