عربي
Thursday 25th of April 2024
0
نفر 0

الخمس

الخمس فريضة مالية تعبّدية، شرع القرآن الحكيم خطوطها العامة، وقامت السنة النبوية بتحديد تفصيلاتها وتطبيقاتها.
قال الله تعالى:
{واعلموا انّما غَنِمتُم من شيء فان لله خُمُسَهُ وللرسولِ ولذي القُربى واليتامى والمساكين وابن السّبيل ان كُنتُم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا يَومَ الفرقانِ يومَ التقى الجَمعانِ واللهُ على كل شيء قدير}. (الأنفال/41)
ويجب أن لا يفوتنا ونحن نتحدث عن هذا الموضوع أن نذكر ان الخمس هو أيضا فرع من فروع الزكاة، كما أن الصدقات الواجبة هي فرع من فروع الزكاة أيضا.
فمصطلح الزكاة في القرآن ينطبق على فريضة الخمس، كما ينطبق على فريضة الصدقات الواجبة التي تحدث القرآن عنها بقوله:
{إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم}. (التوبة/60)
وقد أُطلق اسم الزكاة على هاتين الفريضتين لأنها طهارة للنفس الانسانية، وتنمية للمال، وتطهير له، وبذا يكون الخمس هو المصداق الثاني من مصاديق الزكاة، لأنه زكاة للمال، كما أن الصدقات الواجبة زكاة للمال أيضا، وسمي بهذا الاسم نسبة الى المقدار الحسابي الذي يؤخذ من الاموال.
فنسبته هي (5/1) اذ يؤخذ خمس المال، ويدفع الى مستحقيه، ويبقى أربعة أخماس للمالك.
ولقد جاء اسم هذه الفريضة (الخُمس) في الإسلام مقابل حصة الرئاسة من المغانم في الجاهلية التي تسمى (المرباع)، وهي حصة من كل أربع حصص.
ولم يكن المسلمون الأوائل، ولا المؤرخون والمحدثون والفقهاء الأوائل ليميزوا بين الخمس والزكاة كفريضتين مختلفتين، بل كانوا يميزون بين فريضة الصدقات الواجبة وبين الخمس، ويدخلونها جميعا تحت عنوان الزكاة.
لذلك كانوا يستعملون عبارة: ديوان الصدقات الواجبة التي حددتها الآية:
{إنّما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليهم حكيم}. (التوبة/60)
بصورة خاصة الا في العرف المتأخر وقد كتب أحد العلماء الباحثين بهذا الخصوص يقول: (جعل الإسلام لهم الرئاسة الخمس بدل الربع في الجاهلية، وقلل مقداره، وكثر أصحابه، فجعله سهما لله، وسهما للرسول، وسهما لذوي قربى الرسول، وثلاثة أسهم لليتامى والمساكين وابن السبيل من فقراء أقرباء الرسول، وجعل الخمس لازما لكل ما غنموا من شيء عامة، ولم يخصصه بما غنموا في الحرب، وسماه الخمس مقابل المرباع في الجاهلية)
ولما كان مفهوم الزكاة مساوقا لحق الله في المال ـ كما أشرنا اليه فيما سبق ـ فحيث ما ورد في القرآن الكريم حث على أداء الزكاة في ما يتوفر على ثلاثين آية، فهو حث على أداء الصدقات الواجبة والخمس المفروض في كل ما غنمه الانسان.
(وقد شرح الله حقه في المال في آيتين: آية الصدقة وآية الخمس)(25).
وتساهم فريضة الخمس مساهمة فعالة في اقامة العدالة الاقتصادية، وتنظيم التوزيع المالي، وانعاش الحياة الاجتماعية في المجتمع الإسلامي، لأن فريضة الخمس تدر واردا ضخما يفوق وارد الصدقات، وهي تقسم الي قسمين:قسم لله ولرسوله، وهو حصة الدولة الإسلامية، كما يعبر عنه الان في مصطلحاتنا.اما القسم الثاني فهو القسم الذي يعطى منه من ينتسب الى بني هاشم، كما يعطى غيرهم من الزكاة، وبالقدر الذي يسد حاجتهم ويكفيهم، أما الفائض من هذا السهم، فيعاد الى خزينة الدولة الإسلامية، لتتصرف فيه الدولة، وتنفقه في المجالات المناسبة.وقد تواردت الاحاديث والنصوص الكثيرة في السنة المطهرة، وكلها تؤكد وتشرح وجوب وكيفية استيفاء وصرف الخمس، نذكر منها ما ورد:
1 ـ في مسند أحمد بن حنبل: (أن رجلاً من مزينة سأل رسول الله مسائل جاء فيها: فالكنز نجده في الحزب والارام، فقال رسول الله (ص): فيه، وفي الركاز الخمس)(26).والركاز: قطع ذهب وفضة تخرج من الأرض أو المعدن واحده الركزة، كأنه ركز في الأرض(27).
2 ـ وكتب رسول الله (ص) كتابا لجهينة بن يزيد جاء فيه: (ان لكم بطون الأرض، وسهولها، وتلاع الأودية، وظهورها، على أن ترعوا نباتها، وتشربوا ماءها، على أن تؤدوا الخمس)(28).
3 ـ وقال أحد أصحاب الإمام محمد الباقر (ع): سألته عن معادن الذهب والفضة والصفر والحديد والرصاص، فقال: عليها الخمس جميعا.
4 ـ سئل الإمام الصادق (ع) عن العنبر وغوص اللؤلؤ فقال: (عليه الخمس).
وسئل عن الكنز، كم فيه؟ قال: (الخمس).
وسئل عن المعادن، كم فيها؟ قال: (الخمس).
وسئل عن الرصاص والصفر والحديد وما كان من المعادن، كم فيها؟ قال: يؤخذ منها كما يؤخذ من معادن الذهب والفضة.
5 ـ روى الإمام الصادق (ع) أن رجلا أتى الإمام عليا(ع) فقال: (يا أمير المؤمنين اني أصبت مالا لا أعرف حلاله من حرامه، فقال: اخرج الخمس من ذلك المال فان الله تعالى قد رضي من المال بالخمس، واجتنب ما كان صاحبه يعمله)(29).
وجاء عن الإمام محمد الباقر (ع) قوله: (ايما ذمي اشترى من مسلم أرضا فان عليه الخمس)(30).وسئل الإمام علي بن موسى الرضا (ع) عن الخمس، فقال: (في كل ما أفاد الناس من قليل أو كثير)(31).وسئل الإمام أبو الحسن الثالث (ع) عن كيفية اخراج الخمس فأجاب: (الخمس مما يفضل من مؤنته)(32).
فهذه النصوص، وكثير من أمثالها، والتي لا يتسع بحثنا الموجز هذا لتقصّيها وتدوينها، هي
الأدلة الشرعية التي اعتمدها الفقهاء والعلماء في الحكم بودوب الخمس وبيان الأشياء التي يجب فيها، وفيما يلي نذكر من آراء المتقدمين رأي القاضي أبي يوسف يعقوب ابن ابراهيم في
كتابه المشهور (كتاب الخراج).قال أبو يوسف: (في كل ما اصيب من المعادن من قليل أو كثير الخمس)(33).(ولو أن رجلا أصاب في معدن أقل من وزن مائتي درهم فضة، أو أقل من وزن عشرين مثقالا ذهبا، فان فيه الخمس، ليس هذا على موضع الزكاة، انما هو على موضع الغنائم)(34).(انما الخمس في الذهب الخالص، وفي الفضة الخالصة، والحديد، والنحاس، والرصاص)(35).(وأما الركاز فهو الذهب والفضة الذي خلقه الله عزوجل في الأرض يوم خلقت، فيه أيضا الخمس، فمن أصاب كنزا عاديا في غير ذلك أحد، فيه ذهب، أو فضة، أو جوهر، أو ثياب فإن في ذلك الخمس).(وأربعة أخماس للذي اصابه، وهو بمنزلة الغنيمة يغنمها المسلمون فتخمس، وما بقي لهم)(36).وقال: (وسألت أمير المؤمنين عما يخرج من البحر من حلية وعنبر، فان فيما يخرج من البحر من الحلية والعنبر الخمس)(37).وكتب الماوردي في كتابه (الأحكام السلطانية والولايات الدينية) في الخمس يقول: (وأما المعادن فهي من الأموال الظاهرة، واختلف الفقهاء فيما تجب فيه الزكاة منها، فأوجبها أبو حنيفة في كل ما ينطبع من فضة وذهب وصفر ونحاس، واسقطها عما لا ينطبع من مائع وحجر، وأوجبها أبو يوسف فيما يستعمل منها حلية، كالجواهر، وعلى مذهب الشافعي، تجب في معادن الفضة والذهب خاصة، اذا بلغ المأخوذ من كل واحد منهما بعد السبك والتصفية نصابا، ففي قدر المأخوذ من زكاته ثلاثة أقاويل: احدهما ربع العشر كالمقتنى من الذهب والفضة، والقول الثاني الخمس كالركاز، والقول الثالث يعتبر حاله، فان كثرت مؤونته ففيه ربع العشر، وان قلت مؤونته فبه الخمس)(38).وهكذا نعرف من الروايات والنصوص الفقهية أن الخمس واجب اخراجه من المال الذي يكسبه الإنسان عند توفر الشروط الشرعية المشترطة فيه،وليس في غنائم الحرب خاصة.

الأشياء التي يجب فيها الخمس

اتضح لنا من سياق البحث السابق، ومن النصوص والأدلة التي عرضناها آنفا الأشياء التي يجب فيها الخمس،ونعود هنا،فندونها بشكل مفصل كالآتي:
1 ـ غنائم الحرب: وهو ما يكسبه المسلمون في قتال الكفار من الأموال المنقولة وغير المنقولة (39) سواء في حرب الدعوة الى الإسلام، أو في حرب الدفاع ضد هجوم الكفار فإذا وقعت الحرب بين المسلمين وأعدائهم، واستولى المسلمون على الأموال والاسلحة والآلات والممتلكات... الخ، فعندئذ تعتبر غنيمة، وتقسم الى خمسة أقسام:
قسم منها (الخُمس) (20%) يعطى للرسول أو للامام (رئيس الدولة الإسلامية العادل) ليقوم بصرفه وتوزيعه وفق ما جاء في الآية الكريمة:{واعلموا انما غَنِمتم من شيء فان لله خُمُسَهُ وللرسول ولذي القُربى واليتامى والمساكين وابن السبيل ان كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفُرقان يوم التقى الجمعان والله على كل شيء قدير).(الأنفال/41)
أما الأربعة أخماس الباقية فتقسم بالسوية على المجاهدين الذين اشتركوا في الحرب ضد العدو الكافر الذي أخذت منه الغنائم.
2 ـ المعدن: ويجب الخمس في المعادن التي تستخرج من باطن الأرض، كالذهب والفضة والنفط والكبريت والحديد... الخ.ويشترط في المعدن الذي يجب فيه الخمس أن يبلغ النصاب، وهو قيمة خمسة عشر مثقالا صيرفيا من الذهب، فان كان المعدن المستخرج من الأرض قيمته أقل من هذا المقدار، فلا يجب فيه الخمس.أما إذا بلغت قيمته خمسة عشر مثقالا صيرفيا من الذهب، فيجب على مالك المعدن المستخرج أن يدفع خمسه (20%) لتصرف في الجهات التي حددتها الآية الكريمة.
3 ـ الكنز: وهو المال المذخور في موضع ما، كالارض والجدار... الخ، فاذا عثر شخص أو شركة، أو أي أحد على كنز مذخور، وجب على من يكتشف هذا الكنز، ويملكه، أن يدفع خمسه إلى مستحقي الخمس، ويتملك العاثر على الكنز أربعة أخماسه الباقية، شريطة أن لا يكون هذا الكنز لمسلم حيا كان أم ميتا.فاذا علم أن ملكية هذا الكنز تعود الى مسلم معروف، فلا يجوز له أخذ الكنز، وتجب اعادته الى مالكه، أو لورثته، ان كانوا موجودين فان لم يكن له ورثة تصدق به نيابة عن مالكه، أما اذا كان المسلم قديما من أجيال ماضية، ولم يعرف له ورثة، فيصح في هذه الحالة تملك الكنز، ويجب دفع خمسه (20%)، ويشترط في وجوب الخمس في الكنز أن تبلغ قيمة الكنز حد نصاب الزكاة في الذهب والفضة، وهما (خمسة عشر مثقالا صيرفيا من الذهب) أو مئتا درهم من الفضة.
تنبيه: إذا استخرج شخص أو عدة أشخاص كنزا قد بلغت قيمته مقدار النصاب أو أكثر، وكان الكنز يحتاج الى نفقة مالية لاستخراجه وتصفيته، فان الخمس في هذه الحال يدفع من المال المتبقي بعد اخراج التكاليف والمصروفات.
إلا ان النصاب يحسب قبل استثناء تكاليف الاخراج.
4 ـ ما يخرج من البحر بالغوص كالجواهر والدرر، ويشترط في
وجوب الخمس فيها ان تبلغ قيمتها دينارا من الذهب أو أكثر من ذلك. وكذا العنبر المستخرج بالغوص. اما ما يجنى من وجه الماء من العنبر أو من الساحل فحكمه حكم المعادن.(40)
5 ـ الأرض التي اشتراها الذمي من المسلم: إذا اشترى الذمي (الكيهودي والنصراني المسالم) أرضا، أو انتقلت ملكيتها من المسلم الى الذمي بأية طريقة كانت، فيجب على الذمي أن يدفع خمس الأرض، أو خمس القيمة الكلية للأرض.
ويقصد بالأرض، أي أرض كانت، سواء الزراعية منها أم غير الزراعية، والتي عليها منشآت كالبيوت والأسواق، أم التي ليس عليها شيء.
6 ـ المال المخلوط بالحرام: إذا امتلك الشخص مالا، وعرف أن فيه شيئا من الحرام، وجب عليه أن يعيد المال الحرام إلى أصحابه ان كان يعرف مقدار المال وصاحبه، أما اذا لم يعرف صاحب المال، ولكنه عرف مقدار المال الحرام، وجب عليه أن يتصدّق بهذا المال نيابة عن مالكه بعد أخذ الاذن من الحاكم الشرعي.
أما اذا عرف صاحب المال، ولم يعرف مقدار المالن وجب عليه
التصالح مع المالك الشرعي.
أما ان كان لا يعرف مقدار المال، ولا يعرف صاحبه، ولكنه يعرف أن مالا حراما قد اختلط مع ماله، فعندئذ يجب عليه اخراج خمس مجموع المال المختلط، وصرفه في مجالاته التي يجب أن يصرف فيها.
7 ـ المال الفائض عن الحاجة السنوية: يشترط الإسلام ـ حسب تنظيمه المالي ـ علىكل مسلم مكلف أن تكون له ميزانية سنوية، وحساب مالي منظم، ليعرف وارده ومصروفاته ومقدار النقص الحاصل في ميزانيته، أو الزيادة المتوفرة لديه، ليقرر موقفه المالي، فيعرف أن كان عليه واجب الى، كالخمس والزكاة والحج... الخ، فيؤديه، أو كان وارده لا يكفيه، فيعرف مقدار النقص الحاصل في ميزانيته السنوية، فتوم الدولة الإسلامية بسد هذا النقص من واردات الزكاة أو الخمس، أو من واردات بيت المال الأخرى، كل ذلك ليكون الوضع المالي والاقتصادي في المجتمع الإسلامي وضعا منظما ومحسوبا.والمسلم المؤمن حريص على ضبط حسابه المالي السنوي لأنه يؤمن بأن الزكاة والخمس عبادات مالية يجب عليه أداؤها والتخلص من تبعاتها.فالمسلم يجب عليه أن يحسب خلال عام كامل كل وارداته من الزراعة والصناعة والتجارة والأعمال الوظيفية والمكاسب المختلفة الأخرى كالطب والهندسة والتعليم... الخ، ليثبت مجموع وارداته السنوية منها.ثم يحسب مجموع مصروفاته السنوية التي ينفقها هو وعياله من الطعام والشراب واللباس والسكن والزواج والتعليم والحج والسفر والأثاث والأدوات التي يحتاجها والنفقات المختلفة الأخرى، فيستخرجها من وارده السنوي، فاذا زاد عنده شيء على مصروفاته السنوية، وجب عليه أن يخرج منه الخمس (20%) سواء كان هذا الفائض نقودا، أم ممتلكات أخرى، ويجوز له أن يدفع الخمس نقودا أو مواد عينية أخرى.

كيف يصرف الخمس

قال تعالى:
{واعلموا انما غَنِمتم من شيء فان لله خُمُسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل ان كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان والله على كل شيء قدير}.(الأنفال/41)الآية الكريمة واضحة صريحة في تحديد الجهات التي يصرف فيها الخمس الذي يتجمع من كل ما يغنم، أي يربح ويحصل عليه سواء من غنائم الحرب أم من المعادن والكنوز والصناعة والتجارة والمهن والحرف المختلفة... الخ.
فكل هذه الأموال المتجمعة من الخمس تقسم في وقتنا الحاضر الى قسمين:
1 ـ سهم الله ورسوله والإمام: وتعود هذه الأسهم جميعا الى الإمام، وهي وارد من واردات الدولة الإسلامية، ولها أن تنفقها في كل مجال ترى فيه النفع والصالح العام باذن الإمام، أو من ينوب عنه، كالمساجد، والمدارس، والجامعات، ونشر العلوم، والدعوة الإسلامية، وتسليح الجيش، وانشاء الطرق، والجسور، ومساعدة الفقراء... الخ.
2 ـ سهم الفقراء والايتام والمساكين وابناء السبيل من بني هاشم، فانه يعطى لهم لأنهم لا يعطون من مال الصدقات (الزكاة) وهم كل من ينتسب الى هاشم جد الرسول(ص) في الماضي والحاضر والمستقبل.
فهم يعطون من الخمس بقدر حاجتهم، كما يعطى غيرهم من الزكاة، ثم يضاف المتبقي من الخمس الى خزينة الدولة الإسلامية.فقد روى محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبيه قال: ( سمعت عليا رضي الله عنه يقول: قلت: يا رسول الله، ان رأيت أن توليني حقنا من الخمس فاقسمه في حياتك كي لا ينازعناه أحد بعدك فأفعل، قال: ففعل، قال: فولانيه رسول الله فقسمته في حياته)(26).وحدث محمد بن اسحاق عن الزهري أن نجدة كتب الى ابن عباس رضي الله تعالى عنه، يسأله عن سهم ذوي القربى: (لمن هو؟ فكتب اليه ابن عباس: كتبت الي تسألني عن سهم ذوي القربى لمن هو؟ وهو لنا، وأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه دعانا أن ننكح منه أيمنا، ونقضي منه عن مغرمنا، ونخدم منه عائلتنا، فأبينا إلا أن يسلمه لنا وأبى ذلك علينا).(41)عن زكريا بن مالك الجعفي، عن الإمام جعفر الصادق(ع)، أنه سأله عن قول الله عزّوجلّ:({واعلموا انما غنمتم من شيء فان لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل}.فقال: اما خمس الله عزّ وجلّ فللرسول يضعه في سبيل الله، وأما خمس الرسول فلأقاربه، وخمس ذوي القربى فهم أقربائه (أقرباؤه) وحدها، واليتامى، يتامى أهل بيته فجعل هذه الأربعة اسهم فيهم، وأما المساكين، وابن السبيل، فقد عرفت إنا لا نأكل الصدقة، ولا تحل لنا، فهي للمساكين وابن السبيل).(42)
واذاً ففهي عصرنا الحاضر يقسم الخمس الى قسمين، قسم للامام، وهي وارد من واردات الدولة الإسلامية، ولها أن تنفقها في كل مجال ترى فيه النفع والصالح العام باذن الإمام، أو من ينوب عنه، ويسمى سهم الإمام، ويعطى سهم الإمام الى الفقيه العادل، ليصرفه في مجالات الخدمة الدينية، كنشر العلوم، والدعوة الإسلامية، وفي مجال الصالح العام للمسلمين.

من أحكام الخمس
1 ـ الظاهر عدم اشتراط البلوغ والحرية والعقل في ثبوت الخمس في الكنز والغوص والمعدن، والحلال المختلط بالحرام، والأرض التي يشتريها الذمي من المسلم، وفي تعلقه بأرباح المكاسب للطفل اشكال، والاظهر ذلك(43).
2 ـ الظاهر ان راس مال التجارة ليس من المؤونة المستثناة، فيجب اخراج خمسه، وكذا ما يحتاجه الصانع من الآت الصناعة، والزارع من الآت الزراعة، فيجب اخراج خمس ثمنها، وإذا نقصت آخر السنة يجبر النقص من الربح ان كان له ربح في تلك السنة، ولا يجبر من أرباح السنين الآتية(44).
3 ـ إذا أخرج شخص خمس مال معين، فلا يجب اخراج الخمس من هذا المال مرة أخرى في السنوات القادمى، فهو يخمس مرة واحدة، وليس كل عام كما في الزكاة.

وقسم يعطى منه الهاشميون، الموجودون حالياً، حاجتهم، كما يعطى غيرهم من الزكاة.

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

آداب الحجاب الإسلامي
التقلید والاجتهاد والمجتهد
ُ تَحْرِيمِ الْإِعْجَابِ بِالنَّفْسِ وَ ...
بَابُ كَرَاهَةِ الطَّهَارَةِ بِمَاءٍ أُسْخِنَ ...
بَابُ طَهَارَةِ سُؤْرِ السِّنَّوْرِ وَ عَدَمِ ...
مقدمات الإحرام
الصلاة عبادة وتربية
إتمَام الحجج في تفسير مَدلول ولا جدَال في الحَج
الوقف فـي نقاط
ما قيمة الحركات التي نؤديها أثناء الصلاة؟

 
user comment