عربي
Wednesday 24th of April 2024
0
نفر 0

الحكومة والمجتمع الأسلامي في عصر الغيبة

اللهم أذنت لي في دعاءك ومسألتك، فأسمع يا سميع مدحتي وأجب يا رحيم دعوتي، واقل يا غفورعثرتي، فكم ألهي من كربة قد فرجتها، وهموم قد كشفتها وعثرة قد أقلتها وحلقة بلاء قد فككتها.

بحثنا إن شاء الله تعالى في هذه المناسبة الشريفة يدور حول الأمام المهديٍ(عج).

إن قضية الأمام المهدي(عج) ذات جوانب و وجهات متعدده، وقد اخترت لكم الحديث عن جانب من تلك الجوانب، وهو جانب الحكومة والمجتمع الأسلامي في عصر الغيبة وكان اختياري لموضوع دراسة الأفات السياسية والإجتماعية في ثقافة الأنتظار (الأضرار والإنحرافات).

إن حالة الفراغ العقيدي والخواء الروحي التي تعاني منها البشرية اليوم هي التي تفسر لنا حالة التخبط والفوضى يتبعها القلق والأضطراب على الصعيدين النفسي والفكري، وهذا بدوره يفسر لنا سبب تردي الأخلاق والأنحدار المخيف في القيم والمبادئ الذي تمثله أغلبية المجتمعات الغربية وبعض المجتمعات المسلمة، فأن لغة القوة والعنف هي اللغة السائدة في يومنا هذا والقهر والأضطهاد علامات واضحه يمثلها الأرهاب والتشوش الحضاري والفكري مخلفا وراءه بصمات جلية على كافة مجالات الحياة.

فالأخلاق والقيم والمبادئ لايكاد يعتمد عليها إلا في مناسبات نادره وظروف خاصه، وفي خضم هذه الظروف المسحونه بالقلق والمحمله بالخوف مما قد يحمله الغد، وفي ظل مشاكل متعشبه وهواجس مخيفة يعاني منها المسلمون، وبعد أن حاول الغربيون بواسطه سبلهم الغير سليمه وأسالبيهم الملتويه وإعلامهم المشحون بالخبث والفساد الفكري تحت شعارات كبيره وعناوين خلابه للتأثير على فكر الأنسان المسلم، ومحاوله التأثير عليه وخاصة طبقة الشباب من ابناء الأمة الأسلامية.

في خضم هذه الأجواء يكون من واجب الأنسان المسلم ومن وراءه الحكومه والمجتمع الأسلامي في هذا الوقت العصيب وفي عصر الغيبه سلوك طريق التحدى الحضاري الذي تواجهه الأمه المسلمة في سبيل نشر حقائق الأسلام والمعارف والأحكام والمبادئ الأسلامية والمحافظه على الأخلاق والسلوك الأسلامي في مجالات الحياة المتنوعه، ورصد المتربصين بالإسلام ومحاولة كشف مكرهم وكيدهم والأخذ بيد الشباب لحمايتهم ومحاوله الوقوف الى جانبهم ومساندتهم والوصول الى الشباب بكافة الوسائل الممكنه، وتحذيرهم من وسائل الأعلام المضلله ولمعانها وإغراءاتها آخذين بنظر الأعتبار محاوله ايجاء وسائل ترابط بين الشباب وبين المجتمع الأسلامي وذالك بإيجاء طرق وحلول للتفاهم معهم سالكين بذالك طرق حواريه موضوعيه وشموليه بسيطه والتركيز على استقطاب الشباب الواعي المثقف والمحاوله من تذليل العقابت التي تقف بينهم وبين الجيل السابق وذالك بإيجاء طرق واساليب تتماشى مع العصر الحاضر والإنفتاح الفكري محاولين توعية الشباب وفتح نوافذ أمامهم حول معتقات الإسلام وبخاصة حول قضية الإمام المهدي المنتظر(عج).

ونحن من موقعنا حيث أننا نعيش في مجتمعات غربية بعيده كل البعد عن الأجواء الإسلامية وعن عقائد الأسلام القيمة، وجب علينا لفت أنظار الشباب الى هذه العقائد والسير على منهاج يدور حول عدة محاور هادفه وضاءه تطرح الفكر الإسلامي وتسلط الضوء على الفكر الإسلامي الشيعي والتركيز على الموضوعات الهامه مع تناول العرض والنقد والتحليل الموضوعي من خلال إقامة الحوار المفتوح معهم والمناقشات الأيجابية الحره واللتي بالتأكيد تأدي الى الحصول الى أفضل النتائج بعون الله تعالى ويكون ذالك من خلال عقد ندوات عقائدية واستضافة أساتذه ومفكرين من الحوزات العلمية ومحللين أصحاب كفاءه وحيازه علمية عاليه.

وختم الزاد الحلوى وأحلى الكلام آخره وحلاوة الكلام تكون في طلب الحقائق من ينابيع الإسلام الصافية وذالك بالتركيز على استلهام روح القرآن المجيد ومحاولة إقامة حلقات لشرح وتفسير آي القرآن المجيد وتعويد الشباب الرجوع الى الآيات القرآنية وروايات النبي محمد(ص) وأهل البيت(ع) والتي وزنها وزن القرآن الكريم حيث إنها تخاطب الناس كل الناس في كل العصور.

وقد قال الأمام علي(ع): أصحاب المهدي شباب لاكهول فيهم، إلا مثل كحل العين والملح في الزاد، واقل الزاد الملح.[1]

فياشباب الأسلام الغيارى انهضوا بمسؤوليتكم وكونوا انصار الله، انصار للمهدى(عج) الذي سيملأ العالم عدلاً وقسطاً، عيشوا حلاوة الأنتظار، كونوا مع الحق فالحق لابد منتصر على الباطل.

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صلي على محمّد و آل محمّد، اللهم إنا نرغبُ اليك في دولة كريمة تُعز بها الإسلام وأهله وتُزلُ بها النفاق وأهله، وتجعلنا فيها من الدعاة الى طاعتك والقادة الى سبيلك.

الصبي القادم من رَحم البشارات، يحمل ملامح النبؤات الغابرة، يحمل ُمن موسى بن عمران خشيتهُ لفرعون، وكان يبحثُ عنه جنيناً... ويحملُ من المسيح عيسى بن مريم كلماتهُ في المهد صبياً، ويحمل من نوح عمرهُ الطويل، ومن إبراهيم فأسهُ التي هشمَ بها وجوه الآلهه المزيفة، ومن محمد الآمين(ص) إسمه وكنيته ورسالته.[2]

وأما إسماعيل فقد سمعتُ قولك فيه، وها أنذا أُباركهُ وأنميّه واكثر عدده جداً جداً، ويلد اثني عشر رئيساً، واجعلهُ امةً عظيمةً.[3]

قال الإمام الحسن العسكري(ع) لأحمد بن إسحاق الأشعري:

يا أحمد بن إسحاق ان الله تبارك وتعالى لم يخل الأرض منذ خلق آدم(ع) ولا يُخليها الى ان تقوم الساعة من حجةٍ على خلقهِ، بهِ يدفعُ البلا عن أهل الأرض وبهِ ينزلُ الغيثُ، وبه تخرج بركات الأرض...يا أحمد بن إسحاق بن إسحاق مثلهُ في هذه الأمة مثيل الخضر(ع) ومثله مثل ذي القرنيين(ع) ...و الله ليغيبن غيبة لا ينجو فيها من الهلكةِ إلا من ثبتهُ الله عزوجل على القول بأمامته ووفقهُ الله للدعاء بتعجيل فرجه.

التفت الإمام الحسن(ع) الى ابنه وقد انفلق عمود الفجر الصادق من يوم 8 ربيع الاول، سنة 260 هجرية، المصادف 31 كانون الأول عام 873 ميلادية:

بُنّي الحبيب: أنت صاحب الزمان... أنت المهدي الذي بشرَ بكَ الرسول... وأخبر بكَ..إسمك إسمه وكنيَتُكَ كنيتُهُ. وهذا هو عهدُ ابائي قد جاء... وفي تللك اللحظات الندية بالدموع شعر الصبي بأن قلبهُ يُضيء بنورٍ قادم من قلب السماوات... سوف تواجهكَ المحن... يا بشارة الأنبياء... وسوف تطاردُكَ رياح الزمهرير... كفراشة جاءت تبشر بالدفء والربيع... اهٍ أيها الآمل القادم من رحم النبؤات الغابرة!!

يا بُنّي: ان الله جل ثناؤه لم يكن ليخْلي أرضهُ وأهل الجد من طاعتهِ وعبادته بلا حُجةِ يُستعلى بها، وامام يؤتَمُ بهِ، ويقتدى بسبيل سُنتهُ ومنهاج قصده.

وأرجو يا بُنّي أنْ تكون أحد من أعدهُ الله نشر الحق، وطي الباطل، وإعلاء الدين، واطفاء الضلال.

فعليك يا بُنّي بلزوم خوافي الأرض وتتبعِ أقصاها، فأن لكل ولي من اولياء الله عدداً مقارعاً، وحفداً منازعاً فلا يوحشنك ذلك... أسكـُُن في البراري البعيدة... وفي الجبال الوعرة.. ليحرسنك الله يا بُنّي.

إن الإنتظار الإيجابي هو الإنتظار المطلوب لأنهُ يبعث في القلوب المؤمنة الطمأنية و السلام... وجاءت البشارات لتمُد المستضعفين بروح الصمود والمقاومة، فالتفائُل هو انفس مايملكهُ الذي ينظر الى الغد فيراهُ ملئ بواحات خضراء مليئة بالوان الربيع الرائعة.[4]

اليكُم أيها الشباب. يا شباب الإسلام، يا منار المستقبل، يا بناة الغد، اليكم يا احبتي أهدي كلماتي المتواضعة هذه..

الشباب دائماً يتساءلون، وذلك لأنهم في حالة من التجدد المستمر. لذا فأن جيل الشباب محمل باسئلة كثيرة عما يرتبط به من قريب وبعيد و علينا دائماً أن نستوعب هموم الشباب والأمر الأكثر أهمية في حياة الشباب هو البحث عن السعادة والنجاح والطريق اليهما غالباً طريقاً مهماً لا يكتشفونهُ غالباً إلا بعد جهدٍ وعناء وتأخر وسبب هذا التأخر يكون اما قوة وسائل الإعلام المضللة ولمعانها وإغرائها أو عدم التمكن من الوصول بسهولة، هذا بالإضافة الى مظاهر الدُنيا الخلابة الخطط الماكرة والمكائد المهرة من قبل أعداء الإسلام لأستقطاب الشباب ومحاولة التأثير عليهم بكل الوسائل لحمل الخبيثة ومحاولة التأثير على فكر الإسلام المسلم، قال تعالى في كتابه العزيز...

(يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ* هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ).[5]

وبالإضافة الى ذلك عدم تفهم أغلب العلماء لحاجات الشباب المتغيرة في الوقت الحاضر وذلك للتباعد الموجود بين الشباب والعلماء وعدم مواكبة مشاكلهم وهمومهم وغياب لغة التفاهم بين الطرفين. ولكن مهما كانت العقبات كؤوده والتواصل صعب فان المسؤولية الدينية تناديهم الى حيث الواجب والقيام بالمستطاع ومحاولة خلق امكانيه العمل لهداية الشباب الى الطريق القويم والى دين الحق.

نعم لابد من التسليم بأن جيل الشباب اليوم بالرغم من كثرة عددهم فأن مسائلهم وإحتياجاتهم كثيرة ايضاً، فقد أصبح الشباب اليوم بين طرفي المقص، حيث المستحدثات وتفرعاتها من جهة وجميع مايوجهه الإستعمار من المكائد والمفاسد المدروسة و الموجهه بثقافاتها المختلقة الى الشباب من جهة آخرى.

ولنا أن ننادي في شبابنا نداء الفطرة الصعبة التقية، نداء استغاثه وإستنهاض، نداء محبة و توجُش، نداء بفتح امامهم ونبذ التفرق والإختلاف... نداء يُرجعْ الشباب الى فطرتهم السليمة حيث إنها الركيزة اللأهم لأنقاذهم من كل المخاطر المُحدقة لهم وهذا كلهُ يتم بتسديد من الباري عزوجل، انه ولي التوفيق.

وأتوجه الآن الى ان أتحدث عن أحوال المسلمين في بلاد المهجر بلاد الغربة بصورة عامة وعن أحوال الشباب بصورة خاصة المسلمين في بلاد الغربة وخاصة في البلاد الغربية.

يعيشون حياة تختلف بعض الإختلاف عن حياة في البلدان الإسلامية حيث انهم بالإضافة الى بعد المسافة فانهم بعيدون عن الأحداث وما يجري ي بلدانهم وبلاد المسلمين من مشاكل على كافة الاصعدة الا ما يصلهم من خلال محطات التلفاز، ماتبثهُ الإقمار الاصطناعية ومن خلال شبكة الانترنت. وهذا طبعاً غير كافي للإطلاع على مجريات الأحداث ومايجري في البلدان الإسلامية بالإضافة الى أن مجرى الحياة مختلف عنه في الدول الغربية وذلك من جميع النواحي الأقتصادية و الإجتماعية.

أما بالنسبة للشباب، فسأتكلم عنهم من خلال تجربتي حيث انني أم لخمسة أولاد، إثنان منهم ذكور وثلاث أناث وأعمارهم مختلفة فتتراوح مابين الثانية عشر والثامنة والعشرين وهم الذكور تتوسطهم ثلاث فتيات أعمارهم هنَ السابعة عشر والتاسعة عشر والرابعة والعشرين. نحن نعيش في دولة نيوزلندا وهي دولة نائية من حيث المسافة ومن حيث البعد عن البلاد الإسلامية. وكان وصولنا الى نيوزلندا في عام 1996 ميلادية، أي قبل احد عشر عام. وخلال هذه السنوات مررنا بعدة مراحل ابتداء بالوصول الى المجهول حيث أن السنوات الاولى كانت مليئة بالمتناقضات حيث البلد الغريب، والثقافات المختلفة والأديان الكثيرة المتشعبة، واللغات ، والعادات والقوانين و... الخ. وان ننسى ساعة هبوط الطائرة الى المطار النيوزلندي كيف إنهمرت الدموع ساخنة من عيني حيث اني كنت بصحبة خمسة أولاد ينتظرهم المجهول... وخلال فترة إقامتنا في هذه الدولة مررنا بعدة مراحل. إبتداءاً بمرحلة الوصول حيث كانت السنوات الإولى سنوات مليئة بالمتناقضات حيث البلد الغريب والثقافات والعادات والقوانين المختلفة والاديان الكثيرة و المتشعبة و... الخ.

لكن والحمد لله في الأيام الأولى من وصولنا بدأنا السؤال عن أي مركز إسلامي أو حسينية أو أي شيء أو مكان له إرتباط بآل البيت(ع)، وقد وفقنا الله سبحانهُ وتعالى الى حسينية آل البيت(ع) وكانت هي الملاذ والمنبع الصافي والمنهل العذب والأرض الخصبة لنا ولأولادنا ولكل أتباع آهل البيت عليهم السلام. وبدأت مرحلة التكيف والتعايش حيث أن البلد مليء بالأديان المختلفة والملحدين والكثير من الناس ليس لهم دين أو معتقد، حيثُ حرية إختيار الأديان والمعتقدات والثقافات وهكذا بدأت مرحلة التكيف مع هذا البلد والمجتمع الغربي.

والشباب المسلم في هذا البلد يعاني الكثير، وأول المعانات تكمن في الإختلاف الجذري بين الدين الإسلامي ومبادئه وإخلاقياته وبين أخلاق و ثقافة البلد الجديد. وبالطبع فإن معاناتهم تتجاوز الحد في الوصف وقد مَن عليَ الله في مطلع هذا العام بزيارة البلد العزيز ايران ووفقني لزيارة العتبات والمشاهد المقدسة. وقد لمست الفرق الكبير بين ان يدرج الإنسان في بلاد المسلمين والذين يترعرعون في بلاد الغربة. ولكن نطلب من الباري عز وجل أن يوفقنا لأداء هذه الأمانة بحق أولادنا وديننا وبلادنا ان شاء تعالى.

في جمهورية إيران الإسلامية وبعد نجاح الثورة الإسلامية بدأ الإهتمام لعقيدة الإمام المنتظر في الإرتفاع وقد حصل هذا أيضاً في بلدان العالم الإسلامي حيث بدأ الحديث عنه وبدأ الناس بالقراءة والمتابعة و التألق. وهذا ما حصل أيضأ في بلاد غير المسلمين ومن فئات غير مسلمة. وقد صدرت أعمال إعلامية كثيرة حول الإمام المهدي عليه السلام والذي يتعلق بعقيدة المهدية مباشرة، فإن أنتاج فيلم (نوسترا داموس) والذي كان بثهُ خلال الشبكات التلفزيونية الأمريكية وعلى مدى ثلاثة أشهر متواصلة وكان الفلم يحكي قصة حياة مُنجم وطبيب فرنسي وهو (ميشيل نوستر آدموس) الذي عاش قبل 500 سنة وكان قد كتب نبؤات متعددة عن المستقبل وأهم ما يبرز منها هو نبوءته بظهور حفيد النبي محمد(ص) والذي سوف يوحد رآية المسلمين تحت رايته وبأنهُ سينتصر على الأوربيين، وأنهُ سيدمر المدن العظيمة في الأرض.

ومن الظاهر بأن وراء صناعة هذا الفلم يختفي الكثير من أعداء الإسلام وأغلبهم من اليهود، وكان من الواضح أن الهدف الأساسي منه هو تعبئة الشعوب الأوربية بصورة عامة والشعب الأمريكي بشكل خاص ضد المسلمين، وإعتبار أن الدين الإسلامي والمسلمين يهددان الغرب وحضارته، إذا لاحظنا الزيادات التي كانوا قد أضافوها الى نبوءة نوستر أدموس فإنهم أضافوا بأن أمريكا بعد الهزيمة التي يوقعها الإمام المهدي(عج)، وتدمير مدينة واشنطن وأعداد آخرى من المدن بواسطة صواريخ الإمام عليه السلام، فإنها ستتوصل الى عقد إتفاقية مع روسيا وذلك لمواجهته وتحقيق النصرعليه.

يبدو أن مؤلف الكتاب الذي حُول الى فلم كان قد إطلع على المصادر الإسلامية التي تتكلم عن الإمام المهدي عليه السلام وأنهُ قد تعرف على بعض علماء الإسلام فقد عاش فترة من الزمن في إيطاليا وجنوب فرنسا والأندلس.

لكن هذا الكتاب سرعان ما انتشر بعد إنتصار الثورة الإسلامية وظهرت الطبعات والتفاسير العديدة والشروح بآلاف النسخ بل الملايين.

أن اهم ما يتقلق الغربين هو شعورهم بخطى البعث الإسلامي الذي يهددهم ويهدد مصالحهم التي يمتلكونها من خلال تسلطهم على الشعوب المسلمة، وهذا ما جعلهم يسارعون الى إنتهاز أي معلومة إعلامية جديدة ليعلنوا الى شعوبهم عن منافذ الخطر، وذلك بلفت إنتباههم الى البلاد الإسلامية وخاصة إيران، مصر، العراق، مكة المكرمة، وذلك للحصول على تأييد الشعوب والتي هم في غنى عنها ولكنه مجرد تأييد شكلي لتنفيذ خططهم الإستعمارية.

أما بالنسبة لليهود فإن هدفهم الأساسي هو تنبيه الدول الغربيه من خطر المسلمين مُتخذين من أنفسهم خطوط دفاعية عن الدول الغربية.

اذن فإن أعداء الإسلام يجدون انفسهم مضطرون لبث الدعاية للإمام المهدي(عج)، ونحن نتوقع أن يزداد إضطرارهم هذا وذلك لمحاولة منهم لمواجهة زيادة المد الإسلامي، الذي ينتظر بشوق ولهفة الى القائد الذي وعدهم الله سبحانه وتعالى بظهور أمره في يوم ما ان شاء الله وهم يجهلون أنهم بعملهم هذا يقومون بالتمهيد للحجة عجل الله فرجه الشريف وبنفس الوقت فإن هذه الامور تبعث في روح الشباب كل وسائل الشوق والتحفز.[6]

نعم لقد قمت بزيارة دولة ايران في شهر يناير وكان شعوري لا يوصف حيث انني شعرت ، وهذا حسب تقديري ما يشعر به كل مسلم، حيث موالي لآل البيت(ع) مواكب لحركة وعقيدة الامام المهدي المنتظر(ع)، نعم لقد شعرت بأنك في إيران تشعر وتحس بحضور المهدي(عج)، وأن حضوره هو الحضور الاكبر بين القادة والناس، فإنك تشعر وهذا ما يهتز له القلب فرحاً بأن الإمام(ع) هو القائد الحقيقي للثورة والدولة. وقد لفت نظري روح الشباب المتأججة وحيويتهم الفائقة ونشاطهم الدؤوب ورغباتهم الكبيرة في العيش تحت ظل اسمه الامام وحكومة الإمام ودولة الأيام، سالكين كل السبل التي تؤدي الى إقامة مجتمع منتظر بمعنى الكلمة، وذلك الإنتظار الإيجابي الذي يتطلبه منهم هذا الزمان منهم كأنهم يعيشون زمن الإمام، وكأن الإمام متواجد بينهم وكأنهم سيلتقون به عن قريب، وكأنه معهم يراقب نشاطاتهم وتحركاتهم، ويواكب سيرهم، وتحس أن الإمام(ع) هو السيّد الحاضر بقدسه، فهو يعيش في ضمائر الناس في شعاراتهم، مؤسساتهم، وأسواقهم، في أسماء أبنائهم، في أرواحهم، فهم يتوقون اليه إشتياق يقوق التصور، ويذوبون شوقاً اليه، وهذا يمثل مخزون الحب وكل آيات التقديس الذي يملأ قلوب شيعة الإمام وقلوب المسلمين عامة، وهذا امر فريد من نوعه، وشعبية لا يوجد لها نظير ، ويوماً بعد يوم تزداد هذه المشاعر في قلوب المحبين وفي قلب متيم مشتاق.

من هنا زمن هذا المنطلق علينا نحن كمسؤولين ومربين وآباء، وخاصة إننا نعيش في بلاد الغُربة، غُربة الدين والوطن، غُربة الثقافة الإسلامية، غُربة الأخلاق والمبادئ الإسلامية، غُربة الكلمة الهادفة، غـُربة الروح وغُربة المشاعر، علينا أن نستثمر مبادئنا، نستثمر عقيدتنا، نستثمر سموّ رسالتنا الإسلامية، كل الإستثمار في سبيل نشر عقائدنا بنشر أخلاق الرسول(ص) وآهل بيته الطاهرين(ع). علينا إستلهام روح الإسلام السامية، علينا زرع الخير في القلوب وخاصةً القلوب الشابة، علينا إستثمار العلماء والعاملون لنهضة الأمة، علينا إستغلال هذا الإشتراك المعنوي في عقيدةالمهدي عليه السلام، ونشره بين جميع المسلمين على جميع الأصعدة، ثم يجب تحفيز إستثمار العلماء لهذه العقيدة ومن يتبعهم من العاملون في سبيل نهضة هذه الأمة، لأن عقيدتنا ذات تأثير معنوي حيوي في حشود المسلمين، فهي من شأنها رفع مستوى الإيمان بالإمام المهدي(عج) ويؤكد الله تعالى بالنصر المحتم. وهذا بدوره يرفع المعنويات في مقاومة أعداء الأمة الإسلامية، والتمهيد للإمام(عج) والغرض من هذا هو إعطاء فكرة عن ماهية الروح التي تعيش بها الاوساط الشيعية التي نمت عبر السنوات والأجيال المتلاحقة وما يراد منها من تربية الآباء و الأمهات حيث تمخضت عن مخزون عظيم من الحب والتقديس والتطلع الى ظهور إمام الزمان(عج).

والان ناتي الى جانب التركيز على مسألة تعويد الشباب على الرجوع الى آيات القرآن المجيد وروايات آهل بيت العصمة(ع)، والتأمل فيها أو إستنباط المطالب والدقائق بالتأمل والتعمّق في روايات آهل البيت(ع) والتي هي وزنها وزن القرآن الكريم.

حيث إننا نلاحظ في القرآن الكريم ثلاثة مذاهب في مسائل قيّمة للإنسان.

أولا: المذهب البدوي ـ والذي يتوضح من خلال ذكر الآيات التي تتكلم عن الاعراب ومنهجهم الذي إتبعوه في التعامل مع الرسالة الإسلامية ومع الرسول(ص).

ثانياً: المذهب المادي التي اتخذته الفرق المعادية للنبي(ص) والأنبياء(ع) والذي يتخذهُ أتباع الحضارة المادية.

وثالثاً: المذهب الإسلامي، الذي توضحه آيات القرآن الكريم التي تُكرّم الإنسان وتوجهه الى عظمة ما يحمله من علم عقلي وروحي وعملي.

ونحن في عالمنا الإسلامي اليوم نعيش تحت تأثير البداوة والمادية الغربية و الإبتعاد عن الآخلاق وعن المبادئ الإسلامية السامية نازحين نحو تلك البداوة و المادية وذلك في نظراتنا الى الأنبياء و الرسل والائمة والأولياء والصالحين و المؤمنين والى شعوبنا الإسلامية بل الى أنفسنا نحن أيضاً. حيث أوجد التخبط الحضاري والسيطرة الغربية في مجتمعاتنا ظروفاً إقتصادية وإجتماعية وسياسية قاسرة ليس فيها أي إحترام للإنسان، وتحولت آذهان الناس الى بدوية وسطحية ليس فيها آي معنى من معاني التعمّق، وصرنا نرى في الأنبياء والآئمة الشيء الظاهري فقط بدون النظر والتفكر والتعمّق بعقلياتهم الفدّه وروحياتهم العالية ناسين بذلك آيات القرآن الكريم التي تتحدث عن نورهم وتجسيد عقولهم عوالمهم الروحية العالية، حيث قال الله تعالى في كتابه الكريم في سورة النور «مَثلُ نوره كمشكاةٍ فيها مصباح المصباحُ في زجاجة الزجاجة كأنها كوكبٌ دُرّيٌ».[7]

والآن سنتطرق الى ما هو واجب على المسلمين وعلى شباب الأمة بصورة خاصة خلال فترة الإنتظار وفي زمن غيبة الإمام المهدي(عج) فهنالك جملة من الأعمال التي ينبغي للمسلمين عملها وأداؤها وبخاصة شباب المسلمين وهو أن يكون لكل مسلم واع ٍ مُدرك لقضية الإمام روحي له الفداء ـ ان يكون لهُ موقف إراده ضد ما يشاهد من فسادوإنحراف وظلم، وان يشعر بالمسؤولية إتجاه مجتمعه وان يأمر بالمعروف في مواقف الأمر بالمعروف وبنهى عن المنكر في مواقف النهي عن المنكر وان لا يتخذ موقف الصامت والخنوع إزاء مايجري من الظلم والإنحراف دون أن يكون له آي موقف تحدّي ومقاومة لكل ما يستلزم ذلك من بذل الغالي والنفيس في سبيل إعلاء كلمة الله ونصرة الحقّ وعلى المسلمين الشيعة أن ينهضوا بالعبئ وحدهم وأن يرتفعوا الى مستوى المسؤولية في التمهيد الى لحظة الحضور والظهور.

قال الله تعالى في كتابه المجيد، (كُنتُمْ خَيرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ)[8]حيثُ أنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يحتل مساحة واسعة وهامة في التشريع الإسلمي وهو في طليعة الواجبات الإجتماعية ومن هنا وجب على كل مسلم ترسيخت في قلبه حقائق الإسلام ان تكون عقيدة القدرة على الإعتراض على الظلم في كل مكان وزمان، ورفض الفساد والعدوان بكل مايملك من وسائل ممكنة، وكذلك يجب على المجتمع الإسلامي في كل البلاد الإسلامية والغير إسلامية يعني اينما تواجد المسلمون وخاصة ً في البلاد الغربية حيثُ إنها بعيدة بعيدة عن تعاليم و عقائد الإسلام، فعلى المجتمع الإسلامي ترسيخ عقيدة التوحيد في النفوس و غرس عبادة الله تعالى وحدهُ في القلوب والدعوة الى الخير و الى عمل الخير والجهاد في سبيل الله في كافة مجالات الحياة. فالقرآن الكريم و كذلك الأحاديث النبوية الشريفة وأحاديث آهل البيت عليهم السلام تزدهر بهذه النماذج في الأمثلة التي ترفع هذه الجوانب في حياة المسلمين، قال تعالى:

(وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يدْعُونَ إِلَى الْخَيرِ وَيأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَينْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ).[9]

فللإنتظار معنى واسع وشامل وسامي ومن أجل القاء الضوء على هذه المسائل أمور يجب الوقوف عندها و التمعُن فيها و العمل بها وذلك فإن الأحاديث تُشير الى أعمال كبيرة و مهام شاقة ينهض بها الإمام(ع) وهي تطهير الأرض من الفساد وقلع كل جذور الظلم، ومحو آي أثر للكفر و الإلحاد بحيث يحيى الناس بمستوى واحد تحت راية الإمام الخفـّاقة، راية التوحيد، راية الإسلام و السلام وهذا كله يحتاج الى إستعداد بشري و وعي إنساني يسمو و يعلو الى قبول هذه الأفكار الوضّاءة متلازماً مع الحماس و القناعة. لذا ينبغي التعرّف على شروط الظهور أولا ً. وما يتوجب على المسلمين القيام بهِ ثانياً، وفهم معنى الإنتظار. حيثُ انّ أحاديث آهل البيت عليهم السلام تـُشير الى انّ إصلاح النفس هو في مقدمة الواجبات والوظائف التي ينبغي للمسلم القيام بها.[10]

فالتحلي بالأخلاق الحسنة، وتربية النفس وإمتثال أوامر القرآن الكريم ونواهيه، والبحث عن الحكم الشرعي ومحاولة تطبيقه في الحياة اليومية، و السعي في حل المشكلات الإجتماعية، ومكافحة الفـُقر و البطالة وتكديس الثروات، والإنفتاح على الحضارة الحديثة و الإستفادة من تقنيات العصر الحديث، وهذا هو الإنتظار المطلوب فإن المنتظرين على هذه الطريقة سيكون لهم ثواب الشهداء، أما من يقف مكتوف الأيدي ليس لهُ هَم ولا شُغل سوى الإختلاف و التناحر مُدّعين إنهم ينتظرون الإمام بالدعاء بتعجيل الفرج فقط من دون بذل أي جهد في محاولة لتمهيد الطريق أمام حكومة الإسلام العالمية، حكومة الإمام المهدي(عج) فلا يمكن أن يضاف الى قائمة المنتظرين. فالإنتظار إنتظار بالروح و العقل و العمل وهذا هو الإنتظار الحقّ. وفي حديث للإمام الصادق(ع) في قوله «ليعدّن أحدكم لخروج القائم(عج) ولو سهماً».[11]

وفي حديث للإمام الباقر(ع) «أن مُجرّد العزم على نـُصرة المهدي(عج)» يعادل في ثوابه ثواب الإستشهاد معه:

القائل منكم إن أدركتُ قائم آل محمد نصرتـُهُ كان كالمُقارع معه بسيفه بل كالشهيد معه.[12]

وفي حديث للصادق(ع) يجعل فيه الإنتظار في مُستوى الشهادة لله بالوحدانية وللرسول(ص) بالنبوة، ألا أ ُخبركم بما لا يقبل الله عزوجل من العباد إلا بهِ؟ شهادة ألا اله الله وأن محمدً عبدهُ و رسولهُ و الإقرار بما أمر الله والولاية لنا و البراءة من اعدائنا (يعني الائمة(ع) خاصة) و التسليم لهم والوَرع و الإجتهاد و الطمأنينة و الإنتظار للقائم عليه السلام.[13]

المصادر:


الشمس وراء السحاب، كمال السيّد.

عصر الظهور، الشيخ علي الكوراني العاملي.

الحق المبين في معرفة المعصومين(ع)، علي الكوراني العاملي.

بحارالأنوار.

كمال الدين.

الغيبة النعمانية.

سفر التكوين 17/20 بالإسناد الى الكتاب المقدس تحت المجهر عوده مهاويش الاردني.

خلاصة كتاب حوارات حول المنقذ، العلامة الشيخ إبراهيم الاميني، ترجمة كمال السيّد.



--------------------------------------------------------------------------------

[1]. بحارالأنوار، ج52، ص333.

[2]. الشمس وراء السحاب، كمال السيّد، ص138.

[3]. سفر التكوين 17/20 بالإسناد الى الكتاب المقدس «تحت المجهر» عوده مهاويش الاردني، 152.

[4]. خلاصة كتاب حوارات حول المنقذ، العلامة الشيخ إبراهيم الاميني، ترجمة كمال السيّد.

[5]. سورة الصف / 8ـ9.

[6]. عصر الظهور، الشيخ علي الكوراني العاملي.

[7]. مقتبس من كتاب «الحق المبين في معرفة المعصومين:»، علي الكوراني العاملي.

[8]. سورة آل‌عمران / 110.

[9]. سورة آل‌عمران / 104.

[10]. حوارت حول المنقذ، العلامة الشيخ ابراهيم الأمين.

[11]. بحارالأنوار، ج52، ص366.

[12]. كمال‌الدين، ج2، ص357.

[13]. الغيبة النعمانية، ص106.

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

ما تنبأ به الامام!
حج فی احادیث الامام الخمینی قدس سره (1)
في معرفة الأئمة ع
أواصر المحبة
استشهاد النبي الرسول محمد(ص) اغتيالا بالسم
هجرة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وثورة الحسين ...
إرادة الله شـــــاءت
أحد الزائرين يعود بصره اليه بفضل كرامة أمير ...
كربلاء ملحمة تتجدد
باب المحرم، من رمى، من قتل

 
user comment