عربي
Thursday 18th of April 2024
0
نفر 0

الإمام عليّ يصف العهد الجاهليّ

وقد وصف الإمامُ عليّ أميرُ المؤمنين ( عليه السلام ) تلك الحالة في خطبه ، وحيث أنه عاصر ذروة ذلك الوضع المأساوي ووصفه وصفاً دقيقاً لذلك ينبغي أنْ نقف عند كلامه قليلا ليتبين لنا جيداً ما كان عليه العربُ إبّان عهد الرسالة الإسلامية المباركة : قال ( عليه السلام ) في الخطبة ( الثانية ) من نهج البلاغة : « ... وأشْهَدُ أنَّ مُحمَّداً عَبدَهُ وَرَسوله أرْسَلَهُ بالدينِ المَشْهُور والعِلَم الماثور والكِتاب المَسْطُور والنُّور الساطِع ، والضِياء اللامع ، والأمر الصادع إزاحة للشُبهات واحتجاجاً بالبَّيِنات وَتَحْذيراً بالآيات ، وتَخْويفاً بالمُثلات (1) والناسُ في فتن انْجَذَم (2) فيها حَبْلُ الدِّينِ ، وتزَعْزَعتْ سَواري (3) اليَقْينِ واْختَلَفَ النَجْرُ (4) ، وتَشتَّتَ الأمرُ وَضاقَ الَمخْرَجُ ، وعَمِيَ المَصْدَرُ فالهُدى خامِلٌ ، والعَمى شامِلٌ ، عُصِيَ الرَّحْمانُ و نُصِرَ الشَيْطانُ وَخُذِلَ الإيْمانُ فَانْهارَت دَعائِمهُ ، وتَنكَّرَتْ مَعالِمُهُ وَدَرَست (5) سُبُلُه وعَفَت شُركه (6) أطاعُوا الشَيْطانَ فَسلكُوا مسالِكه ، وورَدُوا مناهِلَه (7) بِهِمْ سارتْ أعلامُه ، وقامَ لِواؤُهْ في فِتَن داستْهُمْ بأَخْفافِها (8) ووَطئَتْهُمْ بِأَظْلافِها (9) وقامَتْ عَلى سَنابِكِها (10) فَهُمْ فيها تئهون حائرُونَ جاهِلُونَ مَفْتُونُونَ في خَيْر دار وَشَرِّ جِيْران نُومُهُمْ سُهُودٌ وَكُحْلُهمْ دُمُوعٌ بأَرْض عالِمُهْا مُلْجَمٌ وجاهِلُها مُكرَمٌ.
   
وقال في الخطبة ( التاسعة والثمانين ) أيضاً : « أرْسَلَهُ صلّى اللّه عليه وآله عَلى حِين فَتْرَة مِنَ الرُّسُلِ وَطُول هَجْعة من الاُمَم واعْتزام (11) مِنَ الفِتَن وانْتِشار مِن الاُمور وَتلظٍّ (12) مِنَ الحرُوب والدُّنْيا كاسِفَةُ النُّور ظاهِرَةُ الغُرُور عَلى حينِ اْصفِرار مِنَ وَرَقها وأَياس مِنْ ثَمَرها واغْورار (1) مِنْ مائها قَد دَرَسَت مَنارُ الْهُدى وَظَهَرَتْ أَعلامُ الرَّدى فَهِيَ مُتَجَهِّمَة (13) لأهْلِها عابِسةٌ فيْ وَجْه طالِبها ثَمَرُها الفِتْنَةِ وَطَعامُها الجيْفَةُ (14) وشعارُها الخوفُ وَدثارُها السَيْفُ ».
   
وَقالَ في الخطبة ( السادسة والعشرين ) : « إنَّ اللّه بَعَث مُحمَّداً صلى الله عليه وآله وسلم نَذيراً لِلعالَمِين وأمِيْناً عَلى التَّنْزيْل وَانتُم مَعشَر العَرَب عَلى شَرِّ دين وَفي شَرِّ دار مُنِيخُونَ (15) بَيْنَ حِجارَة خَشِن (16) وحَيّات صُمٍّ (17) تَشربُونَ الكَدِرَ وَتَأَكُلُونَ الجَشِبَ (18) وَتَسْفِكُونَ دِماءكُمْ وتقطعُونَ أَرْحامَكُمْ الاْصنامُ فيكُم مَنْصوبَة وَالآثامُ بِكُمْ مَعْصُوبَة (19)».
  
وقال ( عليه السلام ) في الخطبة ( الثالثة والثلاثين ) : « إنَّ اللّه بعثَ مُحمَّداً صلى الله عليه وآله وسلم ولَيسَ اَحدٌ مِنَ العَرب يقراُ كِتاباً ولا يدّعي نُبوة فساق الناس حتّى بوَّأَهُمْ محلَّتهُمْ (20) وَبلَّغهُمْ مَنجاتَهُمْ فَاستقامَتْ قَناتُهُمْ (21) واطمأَنَّت صفاتُهُمْ ».
  
وقال في الخطبة ( الخامسة والتسعين ) أيضاً :   « ... بَعَثَهُ صلّى اللّه عليه وآله والنّاسُ ضُلالٌ في حَيْرَة وَحاطِبُونَ في فِتْنَة قَد اسْتَهْوَتْهُمْ الأَهْواء وَاسْتَزَلَّتْهُمْ الْكِبْرياء وَاسْتَخَفَّتْهُمْ (22) الجاهِليَّةُ الجَهْلاء حُيارى في زلْزال مِنَ الأَمْر وَبَلاء مِنَ الْجَهْلِ فَبالَغَ صلى الله عليه وآله وسلم في النَّصِيْحَةِ وَمَضى عَلى الطَّريْقَةِ وَدَعا إلى الْحِكْمَةِ وَالْمَوعِظَةِ الْحَسَنَةِ ».
  
وقال ( عليه السلام ) : في الخطبة ( السادسة والتسعين ) أيضاً :     « ... مُسْتَقَرُّهُ خَيْرُ مُسْتَقَرٍّ وَمَنْبَتُهُ أشْرَفُ مَنْبَت في مَعادِنِ الْكَرامَة وَمَماهِدِ (23) السَّلامَةِ قَدْ صُرفَتْ نَحْوَهُ أَفْئدةُ الأَبرار وَثُنِّيَتْ إلَيْهِ أزمَّةِ الأَبْصار دَفَنَ اللّه بِهِ الضَّغائِنَ وَأطْفأَ بِهِ الثَّوائرَ (24) أَلَّف بِه إخْواناً وَفَرَّقَ بِهِ أقْراناً اَعزَّ بِهِ الذّلة وَأَذَلِّ بِهِ الْعِزَّة كَلامُهُ بَيانٌ وَصَمْتُهُ لِسان ».
   
وقال ( عليه السلام ) في الخطبة ( 151 ) أيضاً : « ... أضاءتْ بِه صلى الله عليه وآله وسلم البلاد بَعْدَ الضَّلالَةِ المُظْلِمَةِ والْجهالَةِ الغالِبَةِ والْجَفْوَة الْجافِيَةِ وَالنّاسُ يسْتَحِلُّونَ الْحَريمَ وَيَسْتَذِلُّونَ الْحَكِيْمَ يَحْيونَ عَلى فَتْرَة (25) وَيَمُوتُونَ عَلى كَفْرّة ».
   
وقال في الخطبة ( 198 ) : « .. ثُمَّ إنَّ اللّه سُبْحانَهُ بَعَثَ مُحَمَّداً صلى الله عليه وآله وسلم بِالْحَقِّ حِيْن دَنا مِنَ الدُّنْيا الإنْقِطاعُ وَأقْبَلَ مِنَ الاخِرَة الإطّلاع (26) وَاَظْلَمَتْ بَهْجَتُها بَعْدَ إشْراق وَقامَتْ بأهْلِها عَلى ساق وَخَشُنَ مِنها مِهادٌ (27) وَأَزفَ (28) منها قيادٌ في انْقِطاع مِنْ مدّتها وَاقْتِراب مِنْ أَشْراطِها (29) وَتَصَرُّم (30) مِنْ أَهْلِها وانْفِصام (31) مِنْ حَلْقَتِها وَانْتِشار (32) مِنْ سببها وَعَفاء (33) مِنْ أعْلامِها وَتَكَشُّف مِنْ عَوْراتِها وَقِصَر مِنْ طُولِها ».
   
وقال ( عليه السلام ) في الخطبة ( 213 ) : « اَرْسَلَهُ بِالضِّياء وَقَدَّمَهُ في الاْصْطِفاء فَرتَقِّ (34) به المَفاتِقَ (35) وَساوَرَ (36) بِه المُغالِبَ وَذَلَّلَ بِه الصُّعُوبَة وَسَهِّل بِهِ الحُزُونَةَ (37) حَتّى سَرَّحَ الضَّلالَ عَنْ يمين وَشِمال ».
  
وقال في الخطبة ( 191 ) :  « وَاشهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُه ابْتَعَيْه وَالنّاسُ يَضربُون في غَمْرة (38) وَيَمُوجُونَ في حَيْرَة قَدْ قادَتْهُمْ أزمَّةُ الحَيْنِ (40) وَاستَغْلَقَتْ عَلى أَفْئدَتِهِمْ أقْفالُ الرَّيْنِ » (41).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ المثلات : العقوبات.
2 ـ انجذم : انقطع.
3 ـ السواري : الدعائم.
4 ـ النجر : الأصل.
5 ـ درست : انطمست.
6 ـ الشُرك : الطُرق.
7 ـ المنهل : مورد النهر.
8 ـ الخف : هو للبعير كالقدم للإنسان.
9 ـ الظلف : للبقر والشاة كالخفّ للبعير والقدم للإنسان.
10 ـ السنابك : طرف الحافر.
11 ـ اعتزم الفرس : إذا مرّ جامحاً.
12 ـ تلظٍّ : تَلَهُّب.
13 ـ اغورار الماء : ذهابه.
14 ـ تجهّمه : استقبله بوجه كريه.
15 ـ إشارة إلى أكل العرب للميتة من شدة الاضطرار.
16 ـ منيخون : مقيمون.
17 ـ الخُشّن : جمع خشناء من الخشونة.
18 ـ الُصمّ : الّتي لا تسمع لعدم انزجارها بالاصوات.
19 ـ الجشِب : الطعام الغليظ.
20 ـ معصوبة : مشدودة.
21 ـ بَوّأهم محلَّهُمْ : أنزلَهم منزلتهم.
22 ـ القناة : العود كناية عن القوة.
23 ـ استخفتّهم : طيّشَتْهُمْ.
24 ـ الممهَد : ما يُبسَط فيه الفراش.
25 ـ الثائرة : العدواة.
26 ـ على فترة : على خلوّ من الشرائع.
27 ـ الاطّلاع : الإتيان.
28 ـ خشونة المهاد : كناية عن شدّة آلام الدنيا.
29 ـ ازف : قرب.
30 ـ الشَرط : العلامة.
31 ـ التصرّم : التقطّع.
32 ـ الانفصام : الانقطاع.
33 ـ انتشار الأسباب : تبدّدها حتّى لا تُضبّط.
34 ـ عفاء الأعلام : اندراسها.
35 ـ رتق : سدّ به الفتقَ.
36 ـ المفاتق : مواضع الفتق.
37 ـ ساور : ثاوبَ.
38 ـ الحزونة : غلظ في الارض.
39 ـ الغَمرة : الماء الكثير.
40 ـ الحين : الهلاك.
41 ـ الرين : التغطية.


source : اهل بیت
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

الليلة الوحيدة في التأريخ
الحكومة البويهية والتشيع .
تاريخٌ يلازم الناشئة العراقية
ما المقصود بليلة الهرير؟
عید الاضحی المبارك
المحاولات اليهودية لعرقلة انتشار الإسلام
في رحاب نهج البلاغة (الإمام علي عليه السلام ...
لماذا هاجر الحسين (ع) من المدينة ؟
مکاتبات علي عليه السلام ومعاوية
نقش الخواتيم لدى الأئمة (عليهم السلام)

 
user comment