عربي
Wednesday 24th of April 2024
0
نفر 0

الغيرة بين الرجل والمرأة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين وأصحابه المنتجبين

روى الشيخ الكليني بسنده عن الإمام الصادق عليه السلام : ( إن الله تبارك وتعالى غيور يحب كل غيور ، ولَغيْرته حرم الفواحش ظاهرها وباطنها ) [1] .

الغيور : من الغَيْرة وهي الحمية والأَنَفة . يقال : رجل غيور وامرأة غيور .. بلا هاء .

غَيْرة الله

وقيل الغَيْرة : عبارة عن تغير القلب وهيجان الحفيظة بسبب هتك الحريم ، وهذا على الله تعالى مستحيل ، فهو كناية عن منعه الفواحش والمبالغة فيه مجازاً لأن الغيور يمنع حريمه .

وقيل : الغيرة حمية وأنفة وغيرته تعالى محمولة على المبالغة في إظهار غضبه على من يرتكب الفواحش وإنزال العقوبة .

فالله غيور على دينه .. على مقدساته .. على ما أمر به ونهى عنه .

غَيْرة المرأة

الروايات تؤكد أن الغيرة للرجل وقد أودعها الله فيه وإذا تخلى عنها فعن وظيفته ومسؤوليته تخلى ، بينما المرأة لم يودع فيها الغَيْرة ولم يفطرها عليها . الغيرة من المرأة ناشئة من أمر طبيعي غريزي وفطري ، بل الحالة الموجودة عندها ناشئة من عوامل خارجية كالحسد وقلة الإيمان ، وهذا ما ورد عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال : ( إن الله عز وجل لم يجعل الغَيْرة للنساء وإنما تغار المنكرات منهن ، فأما المؤمنات فلا ، إنما جعل الله الغيرة للرجال لأنه أحل للرجال أربعاً وما ملكت يمينه ولم يجعل للمرأة إلا زوجها فإذا أرادت معه غيرة كانت عند الله زانية ) [2]

فما يوجد عند النساء حالة خارجة عن القانون الإلهي وإن كان قد يطلق عليها غيرة .

غَيْرة النساء من الحسد

فعن الإمام الباقر عليه السلام : ( غيرة النساء الحسد والحسد هو أصل الكفر .. إن النساء إذا غرن غضبن وإذا غضبن كفرن إلا المسلمات منهن ) [3] .

إن الحسد هو السبب الوحيد في غيرة أكثرية النساء عندما يتصرف زوجها تصرفاً لا ترغب فيه وبالأخص حول الزواج الثاني أو الثالث .

من النوادر

ولكن ينبغي الوقوف بكل موضوعية وأن جانب الحسد لا يجب أن يعمم على الكل فيهمن ، بل ربما يكون السبب في غيرتها على زوجها من الزواج الثاني ناشيء من محبتها له وقوة علاقتها به فلذلك لا تتمكن أن يغيب أو يبتعد عنها وهذا ما أشارت إليه الرواية التي رواها إسحاق بن عمار قال : قلت لأبي عبدالله الصادق عليه السلام : ( المرأة تغار على الرجل تؤذيه . قال : ذلك من الحب ) [4] .

فقد تكون الزوجة بعيدة عن الحسد ولكن يكون الدافع لها في معارضته أو عدم تحمل فعله سببه الحب الكامن في قلبها له .

الامتحان الصعب

إن الزوجة الصالحة تمر في حياتها الزوجية بامتحانات صعبة ومن أهم تلك الامتحانات موقفها من زوجها عندما يتزوج الزواج الثاني ، ومن ضرتها التي سوف تشاركها في زوجها .. إنه موقف صعب قد لا تنجح فيه إلا القليلات من النساء . فقد حدّث خالد القلانسي قال : ذكر رجل لأبي عبدالله الصادق عليه السلام امرأته فأحسن عليها الثناء فقال له أبو عبدالله عليه السلام : ( أغرتها قال : لا ، قال : فأغرها . فأغارها فثبتت ، فقال لأبي عبدالله عليه السلام : إني أغرتها فثبتت ، فقال : هي كما تقول ) [5] .

ومعنى سؤال الإمام من الرجل : أغرتها ؟ أي هل تزوجت عليها أو ذكرت لها الزواج الثاني . ولما امتحنها وثبتت على ما هي عليه ، أمر الإمام الزوج على مدحه لزوجته .

إن مثل هذه المرأة وإن كانت غير معدمة وموجودة إلا أنهن قليلات جداً .

غَيْرة الرجل

إن بعض الصفات بين الرجل والمرأة تتعاكس فقد تكون الصفة في الرجل حسنة ومكرمة ومن محاسن الأخلاق فيه .. إلا أنها عند المرأة تكون صفة سيئة فلا ينبغي لها أن تتصف بتلك الصفة ولو اتصفت بها لكانت منقصة ومذمة وقد تكون الصفة في المرأة حسنة إلا أنها في الرجل مذمة .

فمن القسم الأول : الكرم والشجاعة والغَيْرة ففي الرجل مدح وثناء وفي المرأة مذمة ونقص .

ومن القسم الثاني : البخل والجبن فإنها من الصفات الحسنة للمرأة ولكنها من الصفات السيئة في الرجل .

الغيرة في الرجل

الغيرة كما تقدم في تعريفها هي الحمية والأنفة والمحافظة على المقدسات وعدم هتك الحريم ، وهذا مطلوب عقلاً وشرعاً بل وفطرياً ، فإن الرجل مفطور على هذا ويتناسب مع وظيفته بل هذه الصفة مما أودعها الله في الرجل فإذا استعملها فإنه يكون مستقيم الفطرة وعندما يتخلف عنها فإنه قد تخلف عن فطرته وعن واجباته . فالرجل له موقفان إيجابي وسلبي :

الموقف الإيجابي : وهو عندما يقوم بمسؤولياته وواجباته وهذا ما يستحق المدح والثناء كما عن الإمام الصادق عليه السلام : ( ليس الغيرة إلا للرجال وأما النساء فإنما ذلك منهن حسد والغيرة للرجال ولذلك حرم الله على النساء إلا زوجها وأحل للرجال أربعاً وإن الله أكرم أن يبتليهن بالغيرة ويحل للرجال معها ثلاثاً ) [6] .

وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( كان إبراهيم عليه السلام غيوراً وأنا أغير منه ، وجدع الله أنف من لا يغار من المؤمنين و المسلمين ) [7] .

الموقف السلبي : وهو عندما يتأخر عن وظيفته وواجباته ولم يغر في موضع الغيرة ففي هذه الحالة يكون مذموماً والنبي صلى الله عليه وآله وسلم يدعو عليه وأن الله يجدع أنفه وذلك إما من باب الكناية عن الذل والهوان اللذان يلحقانه في حياته عندما تسلب منه الغَيْرة أو الدعوة عليه بالهلاك فإن من سلبت منه غيرته لا فائدة في حياته وهو إلى الشر أقرب منه إلى الخير المنكوس لذلك قد ورد عن الإمام الصادق عليه السلام : ( إذا لم يغر الرجل فهو منكوس القلب ) [8] .

أي مكبوب لا يستقر فيه الخير مثل الإناء المكبوب على وجهه لا يستقر فيه شيء أو أن صفات هذا الرجل وأخلاقه تغيرت حينما لم يغر فأصبح لا فائدة فيه .

النساء في الأسواق

الأسواق الشعبية أصبحت النساء فيها أكثر من الرجال وصرن يزاحمن الرجال وهذا من المنكر الذي يجب إنكاره . فعن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال : يا أهل العراق نبئت أن نساءكم يدافعن الرجال في الطريق أما تستحيون ؟ وفي حديث آخر أن أمير المؤمنين عليه السلام قال : ( أما تستحيون ولا تغارون نساءكم يخرجن إلى الأسواق ويزاحمن العلوج ) [9] .

العلوج : مفرده عِلج : وهو الرجل الضخم من كفار العجم .

الغيرة في غير موضعها

إذا استعملت الغيرة في غير موضعها أدت إلى نتائج عكسية فعن أمير المؤمنين عليه السلام في رسالته إلى الإمام الحسن عليه السلام انه قال : ( إياك والتغاير في غير موضع الغيرة فإن ذلك يدعو الصحيحة منهن إلى السقم ولكن احكم أمرهن فإن رأيت عيباً فعجل النكير على الصغير والكبير ، فإن تعينت منهن الريب فيعظم الذنب ويهون العتب ) [10] .

وينبغي للزوج أن لا يبالغ في الغيرة وأن يكون دقيقاً في ذلك ولا يستعمل الغيرة إلا في موضعها بل ينبغي له أن يتغافل عن بعض الأمور ولا يكثر التفتيش وتجسس البواطن فقد نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن تتبع ، وفي لفظ آخر أن يبحث عن عورات النساء وفي الحديث عن عيسى عليه السلام : ( لا تكثر الغيرة على أهلك فترمي بالسوء أجلك ) [11] .

وفي الحديث النبوي : ( من الغيرة ما يحب الله ومنها ما يكره الله : فأما ما يحب الله فالغيرة في الريبة ، وأما ما يكره فالغيرة في غير الريبة ) [12] .

مسؤولية الرجل

الرجال مع زوجاتهم بين إفراط وتفريط من حيث الغيرة وعدمها فقسم يبلغ إلى الافراط فيها ويستعملها في غير موضعها وهذا ما تقدم ولكن الأكثر من الأزواج هو ترك الغيرة مطلقاً وقد انسلخوا من رجولتهم كما تقدم وهذا له أسباب عديدة :

1- إذا كان الزوج يستعمل الفواحش من الزنا وغيرها فإن الغيرة سوف تذهب منه ولا يغار على أهله .

2- أكل الحرام فإنه يذهب الغيرة .

3- أكل النجس .

4- ظلم العباد .

5- عدم الإيمان فإن من لا إيمان له فلا غيرة له فقد ورد في الحديث : ( الغيرة من الإيمان ) [13] .

والحمد لله رب العالمين والصلاة ولسلام على محمد وآله الطاهرين وأصحابه المنتجبين .

[1] الكافي ج5 ص535 .

[2] الكافي ج5 ص505 .

[3] نفس المصدر .

[4] الكافي ج5 ص505 .

[5] نفس المصدر .

[6] الكافي ج5 ص505 .

[7] الكافي ج5 ص536 والمحاسن للبرقي ص115 .

[8] الكافي ج5 ص536 .

[9] الكافي ج5 ص537 .

[10] الكافي ج5 ص537 .

[11] التحفة السنية للسيد عبدالله الجزائري ص281 مخطوط .

[12] كنز العمال ح 7067 .

[13] من لا يحضره الفقيه ج3 ص444 .

source : http://alradhy.com
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

كرامة النفس في القرآن والحديث
الشيخ حسين قلي الهمداني
مبادئ بناء المجتمع في الاسلام
العلاقة المثالية.. بين الرجل والمرأة
كتائب الحسين تصل إلى عدن ومفاجئات في الساحة ...
جريمة انفجار مسجد الامام الصادق (ع) لطخت جبین ...
ما سر عداء الرجل الشرقي للرومانسية؟!
قائد الثورة: شعوب اليمن والبحرين وفلسطين مظلومة ...
اختیار الزوجین
أصول الدين عند الشيعة

 
user comment