عربي
Friday 19th of April 2024
0
نفر 0

حال المجتمع فى عصر الامام المهدى (عج)

حال المجتمع فى عصر الامام المهدى (عج)

 مقدمه
ان التحدث عن الامام المهدى(عج) یکون تحدثاً عن موضوع دینى عقائدى له غایه الاهمیه، وله الصله الکامله بالاسلام والمسلمین.
ان شخصیه الامام المهدى تعتبر حقیقه اسلامیه، ومساله من اهم المسائل الدینیه، وتعتبر من صمیم الدین الحنیف.
ولیس اسطوره کتبها الشیعه تسلیه لانفسهم ، وترویحاً عن قلوبهم. ولیست نظریه او فکره اختمرت فى بعض الاذهان تخفیفاً او تخدیراً للآلام التى کانت الشیعه تشعر بها من سوء تصرفات الحاکمین، کما ذکرها بعض المتفلسفین.
ولیس خرافه اختلقها القصاصون والصقوها بالاسلام، کما تصورها بعض الجهال ممن یدعى العلم والثقافه.
ولیس مهزله تاریخیه کى یسهتزئ بها المعاندون المستهترون.
بل انها حقیقه اسلامیه واقعیه، تلیق بالاهتمام، وتجدر بالدراسه والوعى، وتستحق کل تقدیر وانتباه.
انها امتداد للاسلام والقرآن، انها مساله جوهریه مهمه بشر بها القرآن الکریم، وتحدث عنها الرسول الاعظم(ص) فى مواطن کثیره ومناسبات عدیده، وبشر بها ائمه المسلمین(ع) شیعتهم، بل بشروا بها الامه الاسلامیه جمعاء.
وکتب عنها العلماء والمحدثون والمفسرون والمورخون على مر القرون، والفوا الکتب المفصله حول الموضوع بالذات.
اذن، فالموضوع استراتیجى جداً، فرید من نوعه، وحید فى ذاته، یمتاز بمزایا کبیره خاصه، کثر حوله النقاش، وتضاربت فى رحابه الآراء، وطاشت الاقلام، وطغت علیه الاقوال، فآمن به قوم، وتحیر قوم، وسکت آخرون، وسخرت طائفه من طائفه، کل ذلک حول شخصیه الامام المهدى(عج).
فالامام المهدى لیس من الذین قد اکل الدهر علیهم وشرب وصار نسیاً منسیاً، بل هو نداء الملایین، ومهوى افئده الاجیال، ومحط انظار الامم، ومعتقد آمال الشعوب.
وسوف یکون حدیثنا عن المهدى فى ثلاث نقاط:
بشائر القرآن عن الامام المهدى(عج).
2. بشائر السنه عن الامام المهدى(عج).
3. حیاه المجتمع فى عصر الامام المهدى(عج).
الفصل الاول
البشائر فى القرآن بالامام المهدى(عج)
القرآن الکریم، کتاب الله الذى لا یاتیه الباطل من بین یدیه ولا من خلفه.
فیه تبیان کل شئ، لا رطب ولا یابس الا فى کتاب مبین، ما فرطنا فى الکتاب من شئ، وهو آخر الکتب السماویه، کما ان الاسلام آخر الادیان.
اترى القرآن یسکت عن هذا الحادث الجلل الذى یعتبر تبدلاً عظیماً فى الحیاه؟!.
القرآن الذى اخبر عن غلبه الروم على الفرس، وعن قیام دوله الیهود بالتعاون مع الدول الکبرى.
القرآن الذى اخبر عن یاجوج وماجوج ومصیرهما فى المستقبل.
القرآن الکریم الذى اخبر عن امکانیه غزو الفضاء بقوله تعالى: (یَا مَعْشَرَ الجِنِّ وَالاِنسِ اِنِ اسْتَطَعْتُمْ اَن تَنفُذُوا مِنْ اَقْطَارِ السَّمَوَاتِ وَالاَرْضِ فَانفُذُوا لاَ تَنفُذُونَ اِلاَّ بِسُلْطَانٍ).[1]
اترى القرآن لا یخبر عن ظهور الامام المهدى واستیلائه على الحکم؟ کلا، ان القرآن الحکیم اخبر عن الامام المهدى(عج) وقیام حکومته فى مواضع عدیده وآیات متعدده.. نکتفى بآیه واحده منها هى:
(هُوَ الَّذِی اَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِینِ الحَقِّ لِیُظْهِرَهُ عَلَى الدِّینِ کُلِّهِ وَلَوْ کَرِهَ المُشْرِکُونَ).[2]
لقد تکررت هذه الآیه فى القرآن ثلاث مرات، مما یدل على اهمیه الموضوع.
وهذه الآیه لها تنزیل وتاویل، فالتفسیر او التنزیل للآیه: ان الله تعالى ارسل رسوله محمداً (بِالْهُدَى) من التوحید واخلاص العباده، (وَدِینِ الحَقِّ) وهو دین الاسلام (لِیُظْهِرَهُ) الظهور- هنا-: العلو بالغلبه بکل وضوح، قال تعالى: (کَیْفَ وَاِن یَظْهَرُوا عَلَیْکُمْ لاَ یَرْقُبُوا فِیکُمْ اِلاًّ وَلاَ ذِمَّهً).[3] اى: یغلبوکم ویظفروا بکم.
فمعنى: (لِیُظْهِرَهُ عَلَى الدِّینِ کُلِّهِ) اى یعلو ویغلب دین الحق على جمیع الادیان، فان کان هذا الکلام قد تحقق وکانت الاراده الالهیه قد تنجزت، فالمعنى ان الله تعالى قد ادحض وزیف جمیع الادیان الباطله والملل والشرائع المنحرفه، زیفها بالقرآن والاسلام، وبعباره اوضح: ان الاسلام قد ابطل ونسخ جمیع الادیان، ورد على کل ملحد او زندیق وعلى کل من یعبد شیئاً غیر الله.
اما اذا اردنا ان نتحدث عن الآیه على ضوء التاویل، فان هذا الهدف الالهى لم یتحقق بعد، فالمسلمون عددهم اقل من ربع سکان الارض، والبلاد الاسلامیه تحکمها قوانین غیر اسلامیه، بل تجد المسلمین فى بعض البلاد اقلیه مستضعفه لا تملک لنفسها نفعاً ولا ضراً، اذن فاین غلبه الحق على الباطل، واین قوله تعالى: (لِیُظْهِرَهُ عَلَى الدِّینِ کُلِّهِ) وفى اى زمان تحقق هذا المعنى؟.
ان ائمه اهل البیت(ع) ذکروا فى تاویل الآیه انها تتعلق بعصر الامام المهدى(عج) وظهوره.
واما الروایات الوارده عن ائمه اهل البیت فى تاویل الآیه فالیک بعضها:
فى کتاب مجمع البیان- فى تفسیر الآیه- عن عبابه انه سمع امیر المومنین الامام على بن ابی‌طالب(ع) یقول: (هُوَ الَّذِی اَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِینِ الْحَقِّ لِیُظْهِرَهُ عَلَى الدِّینِ کُلِّهِ) اظهر ذلک بعد؟ قالوا: نعم. قال(ع): کلا، فو الذى نفسى بیده حتى لا تبقى قریه الا وینادى فیها بشهاده ان لا اله الا الله بکرهً وعشیاً.
وفى تفسیر البرهان: فلا، والذى نفسى بیده حتى لا تبقى قریه الا ونودى فیها: بشهاده لا اله الا الله وان محمداً رسول الله بکرهً وعشیاً.
وفى تفسیر البرهان- ایضاً- عن ابن عباس فى قوله عز وجل: (لِیُظْهِرَهُ عَلَى الدِّینِ کُلِّهِ وَلَوْ کَرِهَ المُشْرِکُونَ) قال: لا یکون ذلک حتى لا یبقى یهودى ولا نصرانى ولا صاحب مله الا صار الى الاسلام، حتى تامن الشاه والذئب والبقره والاسد، والانسان والحیه، حتى لا تقرض فاره جرباً، وحتى توضع الجزیه ویکسر الصلیب ویقتل الخنزیر، وهو قوله تعالى: (لِیُظْهِرَهُ عَلَى الدِّینِ کُلِّهِ وَلَوْ کَرِهَ المُشْرِکُونَ) وذلک یکون عند قیام القائم(عج).
وفى تفسیر البرهان على کتاب الکافى عن ابی‌الفضیل عن الامام ابی‌الحسن الکاظم(ع)، قلت: (هُوَ الَّذِی اَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِینِ الْحَقِّ لِیُظْهِرَهُ عَلَى الدِّینِ کُلِّهَِ)؟ قال(ع)؛ هو امر الله رسوله بالولایه والوصیه، والولایه: هى دین الحق. قلت: (لِیُظْهِرَهُ عَلَى الدِّینِ کُلِّه)؟ قال(ع): یظهره على جمیع الادیان عند قیام القائم(عج).
وروى القندوزى الحنفى فى کتابه (ینابیع الموده) والمجلسى(ره) فى کتابه (بحار الانوار) عن الامام الصادق(ع) فى تفسیر الآیه حدیثاً، اما ما ذکره القندوزى فهو کما یلى:
قال(ع): والله ما یجئ تاویلها حتى یخرج القائم المهدى(عج) فاذا خرج لم یبق مشرک الا کره خروجه، ولا یبقى کافر الا قتل.. الى آخر الحدیث.
واما ما ذکره المجلسى: فعن ابی‌بصیر قال: سالت اباعبدالله- الصادق-(ع) عن قوله تعالى فى کتابه: (هُوَ الَّذِی اَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِینِ الحَقِّ لِیُظْهِرَهُ عَلَى الدِّینِ کُلِّهِ وَلَوْ کَرِهَ المُشْرِکُونَ )فقال(ع): وبالله ما انزل تاویلها بعد. قلت: جعلت فداک ومتى نزل؟ قال: حتى یقوم القائم ان شاء الله، فاذا خرج القائم لم یبق مشرک.. الى آخر الحدیث.
اقول: نکتفى بهذه الآیه البینه الماوله بالامام المهدى(عج) والروایات الوارده حول تلک الآیه عند ائمه اهل البیت السابقین، واختم بتاویلها عن امام اهل البیت الحسنى الحسینى، وهو الامام المجدد السید محمد ماضى ابو العزائم(ره) حیث یشیر الى ان الاسلام سوف یعلو على کل دین تحقیقاً لوعده تعالى: (لِیُظْهِرَهُ عَلَى الدِّینِ کُلِّهِ)،[4] بعد ان یعلن امام دوله اهل البیت عن قیامها، واندحار کل خائن موالٍ للاعداء فى بلاد الاسلام، وانمحاء الکفر منها، فیقول(ره) فى کتابه الجفر:
     یُظهر الله دینه بامام          حقق الله بالقرآن انتصاره
     حول الحزب حزب رب قوى  آیه الذکر وضحت لى الاشاره
     سوف یاتى( وعد من الله حق)     فاقرانها بنصها والعباره
     کل خب مسارع فى الاعادى   سوف یبلى بنکبه او بغاره
     ینمحى الکفر من بلاد اضاءت    والکرام الابدال تمحو شراره
     وى لدیها یعلو على کل دین      دین ربى فاتلوا لنا اخباره
الفصل الثانى
البشائر فى الاحادیث النبویه بالامام المهدى(عج)
من العجیب ان اکثر الاحادیث الموجوده فى کتب اهل السنه حول الامام المهدى(عج) مرویه عن رسول الله(ص) باسانید متعدده ومضامین متنوعه.
فتاره یبشر رسول الله(ص) المسلمین بالامام المهدى(عج) فى ضمن الائمه الاثنى عشر، وانه هو الثانى عشر، وتاره اخرى یخبر عنه انه من ولد فاطمه الزهراء(س)، وانه من صلب الحسین(ع).
وستعرف فى الاسطر الآتیه ان الرسول(ص) کان یخبر عن الامام المهدى(عج) فى مناسبات عدیده ومواقف کثیره ومواطن حساسه جداً، مما یدل على اهمیه الموضوع غایه الاهمیه، والا فما الداعى الى هذا الاهتمام والى هذه العنایه بالموضوع، والالحاح والتکرار والترکیز فى الاخبار عن الامام المهدى(عج).
الاحادیث المرویه عن رسول الله(ص) حول الامام کثیره جداً، ونقتطف بعضها رعایه لاسلوب البحث:
1. عن سعید بن جبیر عن ابن عباس قال: قال رسول الله(ص): (ان خلفائى واوصیائى وحجج الله على الخلق بعدى لاثنا عشر، اولهم اخى وآخرهم ولدى. قیل: یا رسول الله ومن اخوک؟ قال: على بن ابی‌طالب. قیل: ومن ولدک؟ قال: المهدى الذى یملوها- اى یملا الارض- قسطاً وعدلاً کما ملئت جوراً وظلماً، والذى بعثنى بالحق بشیراً لو لم یبق من الدنیا الا یوم واحد لطول الله ذلک الیوم حتى یخرج فیه ولدى المهدى، فینزل روح الله عیسى بن مریم فیصلى خلفه، وتشرق الارض بنور ربها، ویبلغ سلطانه المشرق والمغرب).
2. عن حذیفه قال: قال رسول الله(ص): (المهدى رجل من ولدى، وجهه کالکوکب الدرى).
3. عن الامام محمد بن على الباقر عن آبائه عن امیر المومنین الامام على بن ابی‌طالب (صلوات الله علیهم اجمعین) قال: قال رسول الله(ص): (المهدى من ولدى، یکون له غیبه، وحیره تضل فیها الامم، یاتى بذخیره الانبیاء(ع) فیملوها عدلاً وقسطاً کما ملئت جوراً وظلماً).
4. روى القندوزى الحنفى عن ابی‌بصیر عن الصادق جعفر بن محمد عن آبائه عن امیر المومنین الامام على بن ابی‌طالب(ع) قال: قال رسول الله(ص): (المهدى من ولدى، اسمه اسمى، وکنیته کنیتى، وهو اشبه الناس بى خَلقاً وخُلقاً، یکون له غیبه وحیره فى الامم حتى تضل الخلق عن ادیانهم، فعند ذلک یقبل کالشهاب الثاقب، فیملا الارض قسطاً وعدلاً کما ملئت ظلماً جوراً).
5. روى المجلسى عن الشیخ المفید عن ابی‌ایوب الانصارى قال: قال رسول الله(ص)- لفاطمه-: (والذى نفسى بیده لا بد لهذه الامه من مهدى، وهو والله من ولدى).
6. عن مکحول عن الامام على بن ابی‌طالب(ع) قال: قلت یا رسول الله امنا- آل محمد- المهدى ام من غیرنا؟ فقال رسول الله(ص): (لا، بل منا، بنا یختم الله الدین کما فتح الله بنا، وبنا ینقذون عن الفتنه کما انقذوا من الشرک، وبنا یولف الله بین قلوبهم بعد عداوه الفتنه اخواناً کما الف بین قلوبهم بعد عداوه الشرک، وبنا یصبحون بعد عداوه الفتنه اخواناً کما اصبحوا بعد عداوه الشرک اخواناً).
ان سوال الامام امیر المومنین على بن ابی‌طالب من رسول الله(ص) من قبیل تجاهل العارف، فهو یسال عما یعلم وکانه لا یعلم وذلک لغرض یقصده، وهذا النوع من الکلام وارد فى القرآن والاحادیث بل وفى العرف ایضاً قال تعالى: )وَمَا تِلْکَ بِیَمِینِکَ یَا مُوسَى( (طه: 17).
7. عن هشام بن سالم عن الامام الصادق جعفر بن محمد عن ابیه عن جده(ع) قال: قال رسول الله(ص): (القائم من ولدى، اسمه اسمى، وکنیته کنیتى، وشمائله شمائلى، وسنته سنتى، یقیم الناس على ملتى وشریعتى، ویدعوهم الى کتاب الله عز وجل، من اطاعه اطاعنى، ومن عصاه عصانى، ومن انکره فقد انکرنى، ومن کذبه فقد کذبه، ومن صدقه فقد صدقنى، الى الله اشکو المکذبین لى فى امره، والجاحدین لقوله فى شانه، والمضلین لامتى عن طریقته، وسیعلم الذین ظلموا اى منقلب ینقلبون).
8. عن ابن عباس قال: قال رسول الله(ص): (على بن ابی‌طالب امام امتى، وخلیفتى علیهم بعدى، ومن ولده القائم المنتظر الذى یملا الله عز وجل به الارض عدلاً وقسطاً کما ملئت جوراً وظلماً، والذى بعثنى بالحق بشیراً: ان الثابتین عن القول به لاعز- اى: اقل واندر- من الکبریت الاحمر).
9. عن ابی‌سعید الخدرى- فى حدیث طویل- قال: قال رسول(ص)- لفاطمه- یا بینه: انا اعطینا- اهل البیت- سبعاً لم یعطها احد قبلنا:
(1) نبینا خیر الانبیاء، وهو ابوک.
(2) ووصینا خیر الاوصیاء، وهو بعلک.
(3) وشهیدنا خیر الشهداء، وهو عم ابیک حمزه.
(4) ومنا من له جناحان خضیبان یطیر بهما فى الجنه، وهو ابن عمک جعفر.
(5 و6) ومنا سبطا هذه الامه، وهما ابناکِ الحسن والحسین.
(7) ومنا- والله الذى لا اله الا هو- مهدى هذه الامه، الذى یصلى خلفه عیسى ابن مریم، ثم ضرب بیده على منکب الحسین(ع) فقال: ومن هذا، ثلاثاً. اى قال(ص): من هذا ثلاث مرات. وفى کتاب البیان للشافعى الکنجى، قال(ص): (من هذا مهدى هذه الامه).
10. عن جابر بن عبد الله الانصارى قال: قال رسول الله(ص): (ینزل عیسى ابن مریم(ع) فیقول امیرهم المهدى: تعال صل بنا، فیقول: الا ان بعضکم على بعض امراء تکرمه من الله عز وجل لهذه الامه).
لقد مر علیک- فى الاحادیث النبویه- ان الرسول(ص) یحلف بنفسه، ویقول: (والذى بعثنى بالحق بشیراً) او (والذى نفسى بیده) او (منا- والله الذى لا اله الا هو- مهدى هذه الامه) کل ذلک تاکیداً لهذه الحقیقه، وتثبیتاً للموضوع، ولا یکتفى الرسول الصادق الامین(ص) بهذا حتى یقول: (لو لم یبق من الدنیا الا یوم واحد...) ویقصد(ص) ان هذا الامر کائن قطعاً وبلا شک، وحتى اذا طالت الازمنه، بل وحتى لو لم یبق من الدنیا الا یوم واحد فلا بد وان یظهر الامام المهدى(عج) وهذا منتهى المبالغه فى التاکید والتحقیق.
وقد سمعت وقرات ان الرسول(ص) یتحدث عن الامام المهدى بانه یملا الارض قسطاً وعدلاً، بعد ما ملئت ظلماً وجوراً. ولهذه الکلمه تحقیق وشرح.
اما ذکر الظلم والجور معاً، والقسط والعدل معاً- کما مر علیک الاحادیث- فمن الممکن ان یکون المقصود من قوله: (تملا ظلماً وجوراً) انتشار الظلم من عامه الناس، وانتشار الجور من الحکام. وان یکون المقصود من قوله: (یملوها قسطاً وعدلاً) القسط من الحکام والعدل من عامه الناس.
الفصل الثالث
حیاه المجتمع فى عصر الامام المهدى(عج)
یعتبر عصر الامام المهدى(عج)- بعد ظهوره وقیامه- من افضل عصور الکره الارضیه منذ خلق الله الارض، او منذ خلق الله آدم(ع).
ومن الصحیح ان نسمى عصر الامام المهدى(عج): عصر النور وعصر العلم، لا العصور التى تحت نعیشها الیوم، التى هى عصور ظلمات الجهل والفقر، والانحراف والفجائع، والجور والضلاله وامثال ذلک.
وانطلاقاً من الکلمه الحکیمه المشهوره: (تعرف الاشیاء باضدادها) یمکن لنا ان ندرک شیئاً من ازدهار ذلک العصر، وجمال الحیاه فى ذلک الزمان، وحلاوه العیش فى تلک السنوات، بالقاء نظره خاطفه الى الوضع الماساوى الذى نعیشه فى الوقت الحاضر:
انظر الى المجتمع الذى نعیشه الیوم، وانظر الى المکاره التى عکرت الحیاه على الناس، وسلبتهم لذه العیش وحلاوه الحیاه، من انواع الحرمان: فهذا محروم من المال، والآخر محروم من دار یسکنها، او حانوت یتجر فیه، او مال یومن به حیاته وحیاه عائلته، او یداوى نفسه او من یتعلق به، فترى المشاکل محیطه بالحیاه. والازمات تسد الابواب على الناس، من فقد الحریات: حریه السکن، او السفر، او التجاره، او العمل، او الاقامه، او الخطابه، او الکتابه والتالیف، وابداء الراى وغیرها!.
ومن زوال الامن والامان، فالانسان یخاف على حیاته وعلى امواله وعلى عائلته، والضعفاء یخافون من الاقویاء، والاغنیاء یتجبرون على الفقراء، وانتشار العقد النفسیه التى لا تعد ولا تحصى مضاعفاتها!.
ثم انظر الى الفقر والمجاعه التى یعیشها اکثر البشر فى العالم، والامراض الناتجه من سوء التغذیه، وخاصه بین الاطفال... وهکذا وهلم جراً.
انظر الى الناس والى نواقص حیاتهم ومحرومیاتهم، واهدار کراماتهم، ومآسیهم ومصائبهم ومشاکلهم، فالسجون مملوءه بالملایین، والحروب تاکل وتسحق وتمزق وتدمر وتحرق.
بعد هذا العرض الخاطف... اقلب مظاهر الحیاه کلها- مائه بالمائه- عند قیام الامام المهدى(عج) فالفقر یرحل عن المجتمع البشرى، والحرمان یزول عن الناس، والعقد النفسیه تنحل، والاحزان تنقلب افراحا. وجحیم الحیاه ینقلب نعیما، والذبول المستولى على الوجوه تتبدل طراوه ونضاره، والخوف یرتفع، والامان یسود العالم، والعداله تخیم على رووس البشر، والظلم یتبخر، فلا ترى ظالما ولا مظلوما، والمسلمون تتحقق امنیاتهم، والسلام یشمل الکره الارضیه، والاسلام ینتشر فى کل بقعه من بقاع الارض، فلا یعیش على وجه الارض الا من یشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله(ص).
کل ذلک.. ببرکات نهضه الامام المهدى(عج) وقیامه وانجازاته، وخطواته الاصلاحیه، ومشاریعه العمرانیه، وتعالیمه القیمه، وتطبیقه للقوانین الالهیه.
ولیس من السهل: الاحاطه بانجازات الامام المهدى(عج) والاطلاع علیها بصوره مفصله، حین قیامه ونهضته، لان المفاسد والمآسى والمصائب والمنکرات والانحرافات المنتشره فى المجتمعات البشریه عدد نجوم السماء، لا تعد ولا تحصى!.
ویجب ان نعلم ان اکثر الانحرافات انما تحدث بسبب القوانین الجائره، التى هى خلاصه ادمغه الهیئه الحاکمه الظالمه.. تلک القوانین التى سلبت من البشر الحریه والکرامه، فکانت النتیجه: انتشار الجهل والفقر، والحرمان والمشاکل، والذنوب والجرائم والفجائع، وغیرها من مظاهر الشر!!.
نعم.. ان القوانین المنحرفه هى التى تسبب الفحشاء والسرقه والقتل والجوع وغیر ذلک فى المجتمعات، فاذا ازیلت تلک القوانین العوجاء وحلت مکانها الاحکام الالهیه فان المجتمعات تنقلب الى الرخاء والرفاه والصلاح والاعتدال.
وینبغى ان لا ننسى ان مئات الاحادیث- الوارده عن الرسول(ص) وعن اهل البیت(ع) المذکوره فى کتب الشیعه والسنه والتى قد تجاوزت حد التواتر- قد صرحت بان الامام المهدى(عج) یملا الارض قسطاً وعدلاً بعد ان تملا ظلماً وجوراً.
وهذه الکمیه الکثیره من الاحادیث ترکز على نقطتین:
الاولى: ان الامام المهدى یملا الارض قسطاً وعدلاً.
الثانیه: بعد ان تملا ظلماً وجوراً.
فیمن لنا ان نقول: ان الجمله الثانیه عله للجمله الاولى.
وبعباره اوضح: ان ظهور الامام المهدى(عج) یکون اذا امتلات الارض بانواع الظلم والجور، فالحکام یظلمون الشعوب، والاقویاء یظلمون الضعفاء، والرجل یظلم زوجته وبالعکس، والاولاد یظلمون الوالدینٍ وبالعکس، والجیران یظلم بعضهم بعضاً، والاجیر یظلم من استاجره وبالعکس، ویشمل الظلم الارامل والایتام والضعفاء، بل وحتى الحیوانات، فلا ترى الا ظالماً او مظلوماً، بل یتجاوز الظلم الى حد الجور، فالبرئ یقتل مظلوماً، ثم یمنع اهله من البکاء علیه، او تشییع جنازته!!.
وقد حدث فى زماننا- فى بعض البلاد- ان بعض الحکومات البائده کانت تقتل الابریاء ظلماً. فاذا جاء اهل المقتول لاستلام جنازه القتیل کانت الحکومه تاخذ منهم قیمه الطلقات الناریه- التى قتلوا بها ذلک المسکین- باضعاف قیمتها، وذلک بعد ان یفتشوا جنازه القتیل لاحصاء مکان الطلقاء الناریه فى جسده، ثم کانوا یسلمون الجثه الى ذویها!!.
او کان یصادرون الاموال ظلماً وبغیاً، ثم لا یسمحون لصاحب تلک الاموال ان یتکلم بکلمه واحده، او یتظلم الى احد، او یشکو مصائبه الى احد!!.
ان هذه المآسى والضغوط- وملایین من امثالها- هى التى تهیئ المجتمعات للانفجار والثوره ضد الطبقه الحاکمه الظالمه، فاذا قام من یقود الثوره فان الملایین من المظلومین یتبعونه ویویدونه بصدور رحبه- ویبدون استعدادهم لموازرته، ویقفون الى جانبه ولو الى حد الموت، لان تلک الحیاه التى یعیشونها تکون مکروهه مبغوضه عندهم.
وهذه الامور تکون کمقدمه تمهیدیه لنهضه الامام المهدى(ص) وقیامه بنشر العدل والقسط فى جمیع المجتمعات البشریه.
ولیس معنى ذلک ان المسلمین یتکاسلون ویتقاعسون عن العمل وبذل النشاط فلا یتکلمون ولا یکتبون ولا یعملون شیئاً- کهدایه الناس ومکافحه الظلم- ظناً منهم ان ذلک یوخر ظهور الامام المهدى(عج).
کلا... لان هدایه الناس ومکافحه الظلم واجبه، من باب (الامر بالمعروف والنهى عن المنکر) ولا توثر فى تاخیر ظهور الامام او تاخره، حتى اذا ظهر الامام المهدى(عج) وجد رجالاً لا عیالاً!!.
اعود الى حدیثى عما یقوم به الامام المهدى من الانجازات والخطوات الاصلاحیه فاقول:
ان حیاه البشر لها جوانب عدیده ونواحى متعدده، وجمیع تلک النواحى والجوانب یمکن ان ینتشر فیها الفساد، ولذلک فان الامام المهدى(عج) یقوم بانجازات عامه واسعه النطاق، لاصلاح جمیع تلک الجوانب والنواحى.
ویستفاد من الاحادیث الکثیره ان تطوراً عظیماً وتبدلاً کبیراً سوف یحدث فى المجتمعات البشریه کلها- فى ارجاء الکره الارضیه- وسوف تتغیر صور الحیاه الى صوره اخرى رائعه، فى جمیع مظاهرها ومرافقها.
وقد حدد الامام ابو العزائم(ع) مکان اعلان دوله الامام المهدى(عج) فى کتابه الجفر فقال:
     فیک تبیان و نور ساطع         یملا الارض هدى یعلو القرآن
     هکذا فى مصر غیب غامض   یمحو کل الظلم من کل مکان
ثم یکشف الامام ابو العزائم ان هذا الامام من ذریته، بل هو صورته الذى یظهر الله الدین على یدیه، فیقول(ع):
     یعقب الظلمه نور ساطع      قد یعاد الدین للبدء یصان
     یحفظ الدین بافراد لهم       رتبه السبق زماناً ومکان
     صوره الختم وهم منى ولى  لم یکن بعد وان طال الزمان
     تشرق الانوار من مصدرها    تجمع الافراد مـن عال ودان
ثم یبشرنا الامام ابو العزائم بفتح الکنز العظیم بارض مصر، حیث یکثر الخیر والبرکات، ویحسن اقتداء الناس برسول الله(ص)، فیقول(ع):
     یفتح الکنز یکثر المال حتى    قد یرى الناس زخرفاً سحابا
    فاشکروا الله یکثر الخیر فیکم   واذکروه فى حضره او غیابا
    واقتدوا بالحبیب خیر نبى      تمنحون التقریب والانتسابا
التوصیات
1. ان ظهور الامام المهدى(عج) بصوره مفاجئه دون تحدید زمن مخصوص او وقت معین، یدعو کل مومن الى ان یکون على حاله من الاستقامه على الشریعه، والتقید باوامرها ونواهیها، والابتعاد عن ظلم الآخرین، او غصب حقوقهم، لان ظهور الامام المهدى یعنى قیام دولته وهى التى ینتصف فیها للمظلوم من الظالم، ویبسط فیها العدل.
2. ان یکون کل مومن فى حاله طوارئ مستمره من حیث التهیو للانضمام الى جیش الامام المهدى، والاستعداد العالى للتضحیه فى سبیل فرض هیمنه الامام الکامله، وبسط سلطته على الارض لاقامه شرع الله تعالى، وهذا الشعور یخلق عند المومنین حاله من التآزر والتعاون، ورص الصفوف والانسجام.
3. ان یقوم کل مومن بتحمل مسئولیاته، وخاصه فى مجال الامر بالمعروف والنهى عن المنکر، فتکون الامه متحصنه متحفزه، اذ لا یمکن تقید انصار الامام المهدى بالانتظار فحسب، دون الامر بالمعروف والنهى عن المنکر، والتقدم العلمى فى شتى المجالات، استعداداً لبناء دوله الاسلام الکبرى، وتهیئه قواعدها حتى ظهور الامام المهدى(عج).
4. ان تعیش الامه حاله الشعور بالعزه والکرامه، فلا تطاطئ راسها لاعداء الله تعالى، ولا تذلُّ لجبروتهم وطغیانهم، لذلک فهى تانف من الذل والهوان، وتستصغر قوى الاستکبار، وتستحقر کل ما یملکون من عُدهٍ وعَدد لکمال ثقتها ان النصر من عند الله، لا بکثره عَدد، ولا بقوه عُدد.. وهذا الشعور سیخلق دافعاً قویاً للمقاومه والصمود والتضحیه، وهذا هو الذى یخوف اعداء الله واعداء الاسلام.
5. نبذ کل الاقلام الماجوره التى تشکک فى عقیده الامام المهدى، وکذلک نبذ الفرق والتیارات الضاله والهدامه، التى تروج للاعتقادات الفاسده مثل: البابیه والبهائیه والقادیانیه والوهابیه والعلمانیه.. لذلک کان من الواجب الاسلامى التنبیه الى خطر هذه الفرق والتیارات، وتوعیه المسلمین باهدافها وغایاتها، وتحصینهم بالایمان الصحیح الذى امر به القرآن الکریم، والسنه المطهره، ومدرسه اهل البیت(ع).

1]. الرحمن: 33.
[2]. التوبه: 33.
[3]. التوبه: 8.
[4]. الفتح: 28.

 

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

دروس من مواقف أبي ذر (رضوان الله علیه)
الإمام الصادق (ع)
الشيعة الإمامية
إبليس هل کان من الملائکه؟
آيات ومعجزات خاصة بالمهدي المنتظر
اُسلوب التعامل مع المنافقين
شعر الإمام الحسين
معرفة الله تعالى أساس إنساني
لهفي عليك.. يا أبا عبدالله
القرآن و القواعد

 
user comment