عربي
Thursday 25th of April 2024
0
نفر 0

تتويج الإمام المهدي ( عليه السلام )

تتويج الإمام المهدي ( عليه السلام )

تتويج من ؟

بعد شهادة الإمام العسكري ( عليه السلام ) في الثامن من ربيع الأوّل عام 260 هـ ، توّج ابنه الإمام المهدي ( عليه السلام ) بتاج الخلافة والإمامة للمسلمين في التاسع من ربيع الأوّل عام 260 هـ .

فرحة التتويج :

تفرح الشيعة في مثل هذا اليوم ، وتقيم الاحتفالات لهذا التتويج ، وذلك لأنّه أوّل يوم من إمامة وخلافة منجي البشرية ، وآخر الحجج لله على أرضه .

وتأمل أن يعجّل الله تعالى فرج إمام زمانها الإمام المهدي المنتظر ( عليه السلام ) في أقرب وقت ممكن ، ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد ما ملئت ظلماً وجوراً ، كما بشَّر بذلك جدُّه محمّد ( صلى الله عليه وآله ) في أحاديث متواترة ، نقلتها كتب المسلمين سنّة وشيعة .

عمره ( عليه السلام ) عند التتويج :

تسلّم الإمام المهدي ( عليه السلام ) مهام الإمامة وهو ابن خمس سنين ، فهو بذلك يكون أصغر الأئمّة ( عليهم السلام ) سنّاً عند توليه الإمامة ، وليس هذا بدعاً من الأُمور في تاريخ الأنبياء والرسل ، وأئمّة أهل البيت ( عليهم السلام ) .

فقد سبق الإمام المهدي ( عليه السلام ) بعض أنبياء الله تعالى ، كعيسى ويحيى ( عليهما السلام ) وفق نص القرآن الكريم بعمر ثمان سنين ، وسبقه جدّه الإمام الهادي ( عليه السلام ) لتسلّم الإمامة وكان عمره ثماني سنين ، وسبقه الإمام الجواد ( عليه السلام ) وعمره الشريف سبع أو تسع سنين .

فلا يؤثّر صغر السن في قابلية الإفاضة الربانية على الشخص ؛ ولذا نرى الذين ترجموا للإمام المهدي ( عليه السلام ) من علماء المذاهب الإسلامية قد اعتبروا تسلّمه للإمامة وهو في هذا السن ـ خمس سنين ـ أمراً عادياً في سيرة الأئمّة ( عليهم السلام ) .

قال ابن حجر الهيثمي الشافعي في ذيل ترجمته للإمام الحسن العسكري ( عليه السلام ) : ( ولم يخلّف ـ الإمام العسكري ـ غير ولده أبي القاسم محمّد الحجّة ، وعمره عند وفاة أبيه خمس سنين ، لكن آتاه الله فيها الحكمة ) (1) .

وقال الشيخ عبد الرحمن الجامي الحنفي في مرآة الأسرار ، في ترجمة الإمام المهدي ( عليه السلام ) : ( وكان عمره عند وفاة والده الإمام الحسن العسكري خمس سنين ، وجلس على مسند الإمامة ، وكما أعطى الحق تعالى يحيى بن زكريا الحكمة والكرامة في حال الطفولية ، وأوصل عيسى بن مريم إلى المرتبة العالية في زمن الصبا ، كذلك هو في صغر السن ، جعله الله إماماً ، وخوارق العادات الظاهرة له ليست قليلة بحيث يسعها هذا المختصر ) (2) .

ومن يلاحظ هذا الشيخ الأخير الجامي الحنفي يستند إلى تجارب الأنبياء السابقين ( عليهم السلام ) التي تنفي أن يستبعد أحد الإمامة عن الصغير مادام الإمام مخصوصاً ومسدّداً من الله تعالى في صغره بالكرامات فضلاً عن كبره ، لا يمكن صدورها عن غير الإمام ، وقد كان جملة منها في زمان إمامة أبيه ( عليه السلام) ، وبعضها الآخر في زمان إمامته ( عليه السلام ) .

وكان أوّل مهامه بعد تسلّمه الإمامة الصلاة على أبيه الإمام العسكري ( عليه السلام ) في داره ، وقبل إخراج جسده الطاهر إلى الصلاة الرسمية التي خطّطتها السلطة الجائرة آنذاك ، وكان ذلك أمراً مهماً في إثبات إمامته المباركة ، حيث لا يصلّي على الإمام المعصوم إلاّ الإمام المعصوم .

مستحبات هذا اليوم :

يستحب في هذا اليوم الإنفاق والإطعام ، والتوسعة في نفقة العيال ، فقد روي أنّه من أنفق في اليوم شيئاً غفر الله له ذنوبه ، ويستحب لبس الجديد ، والشكر والعبادة ، وهو يوم نفي الهموم والغموم والأحزان .

الغيبة الصغرى وفائدته ( عليه السلام ) في الغيبة :

وفي مثل هذا اليوم غائب الإمام المهدي ( عليه السلام ) عن أنظار الناس ، وبدأت بغيابه الغيبة الصغرى التي استمرت سبعين عاماً ، وهنا لا بأس أن نبيّن فائدة الإمام المهدي ( عليه السلام ) في زمن الغيبة .

لاشكّ ولا ريب أنّ الإمام المهدي ( عليه السلام ) حجّة الله تعالى على الخلق ، بمعنى أنّ الله تعالى يحتجّ به على عباده يوم القيامة ، وعليه فالحجّية مهمّة من مهام الإمام ووظائفه .

فغيابه ( عليه السلام ) عن أنظار الخلق ـ بمعنى أنّ الخلق لا يراه بينما هو يراهم ـ لا يضرّ على هذا المعنى من الحجّية ، فهو ناظر إلى أعمالنا ، ومطّلع عليها .

وإن قلنا : إنّ معنى الحجّية هو الالتزام بأقوال الإمام ( عليه السلام ) ، وأوامره ونواهيه ، والعمل عليها ، فغيابه ( عليه السلام ) أيضاً لا يضرّ ، إذ يكفي في صحّة إطلاق الحجّية بهذا المعنى هو التزام المؤمن ، بأنّه إذا صدر أمر أو نهي من الإمام سوف يطبّقه ، ويسير على نهجه ، سواء صدر ذلك فعلاً أو لم يصدر ، كما في زمن الغيبة .

علماً أنّ وجود الإمام ( عليه السلام ) لا يقتصر على الحجّية ، بل له مهام وفوائد ووظائف أُخرى كثيرة جدّاً ، بحيث يكون الانتفاع به كالشمس إذا غيّبتها السحاب ، كما ورد ذلك في روايات أهل البيت ( عليهم السلام ) .

فقد سئل النبي ( صلى الله عليه وآله ) عن كيفية الانتفاع بالإمام المهدي ( عليه السلام ) في غيبته فقال : « إي والذي بعثني بالنبوّة ، إنّهم يستضيئون بنوره ، وينتفعون بولايته في غيبته ، كانتفاع الناس بالشمس ، وإن تجلّلها السحاب » (3) .

وروي عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) أنّه قال ـ بعد أن سئل عن كيفية انتفاع الناس بالحجّة الغائب المستور ـ : « كما ينتفعون بالشمس إذا سترها السحاب » (4) .

وروي أنّه خرج من الناحية المقدّسة إلى إسحاق بن يعقوب على يد محمّد بن عثمان : « وأمّا وجه الانتفاع بي في غيبتي ، فكالانتفاع بالشمس إذا غيّبها عن الأبصار السحاب » (5) .

فيمكن أن يقال : إنّ الشبه بين مهدي هذه الأُمّة ، وبين الشمس المجلّلة بالسحاب من عدّة وجوه :

1ـ المهدي ( عليه السلام ) كالشمس في عموم النفع ، فنور الوجود والعلم والهداية يصل إلى الخلق بتوسّطه .

2ـ إنّ منكر وجود المهدي ( عليه السلام ) كمنكر وجود الشمس إذا غيّبها السحاب عن الأبصار .

3ـ إنّ الشمس المحجوبة بالسحاب مع انتفاع الناس بها ينتظرون في كلّ آن انكشاف السحاب عنها ، وظهورها ليكون انتفاعهم بها أكثر ، فكذلك في أيّام غيبته ( عليه السلام ) ، ينتظر المخلصون من شيعته خروجه ، وظهوره في كلّ وقت وزمان ولا ييأسون منه .

4ـ إنّ الشمس قد تخرج من السحاب على البعض دون الآخر ، فكذلك يمكن أن يظهر في غيبته لبعض الخلق دون البعض .

5ـ إنّ شعاع الشمس يدخل البيوت بقدر ما فيها من النوافذ ، وبقدر ما يرتفع عنها من الموانع ، فكذلك الخلق إنّما ينتفعون بأنوار هدايته بقدر ما يرفعون الموانع عن حواسّهم ومشاعرهم ، من الشهوات النفسية والعلائق الجسمانية ، والالتزام بأوامر الله والتجنّب عن معاصيه ، إلى أن ينتهي الأمر حيث يكون بمنزلة مَن هو تحت السماء يحيط به شعاع الشمس من جميع جوانبه بغير حجاب .

ــــــــــــــ

1ـ الصواعق المحرقة : 208 ، الباب الحادي عشر ، الفصل الثالث .

2ـ أعيان الشيعة 2 / 69 .

3ـ كمال الدين وتمام النعمة : 253 .

4ـ المصدر السابق : 207 .

5ـ المصدر السابق : 485 .

 

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

الى كل شيعي يامن اشتغلتم بالدنيا العجوز الفانية
الظهور المبارك والشرائط الموضوعية
دعاء معرفة الإمام المهدي ( عليه السلام )
تساؤلات مهدوية
الشيعة والإمام المهدي عليه السلام
أحاديث.. في الإمام المهديّ 1
الحياة في عصرالامام المهدي عليه السلام
كرامات الإمام المهدي ( عليه السلام ) في مسجد ...
اللقاء بالإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف
المحور الثالث: مواجهة التحديات بعد نجاح الثورة ...

 
user comment