عربي
Friday 19th of April 2024
0
نفر 0

حتمية ظهور المهدي المنتظر



أ ـ عند أهل بيت النبوة وأوليائهم (الشيعة):

أجمع أهل بيت النبوة وآل محمد وهم المصدر الموثوق لعلمي النبوة والكتاب على أنهم قد سمعوا ووعوا رسول الله وهو يتحدث ويؤكد وبكل وسائل التأكيد، ويبين وبكل طرق البيان حتمية ظهور الإمام المهدي المنتظر، وأنه صلى الله عليه وآله وسلم قد ركز على هذه الحتمية تركيزا خاصا، وأعطاها عناية خاصة، وأجمعوا أيضا على صحة وتواتر هذه الأحاديث عندهم، وأنها قد آلت إليهم من النبي كابرا عن كابر، وتناقلتها أجيالهم المباركة جيلا بعد جيل. وأهل بيت النبوة يعتبرون الإمام المهدي العظيم، أو الإمام أو العميد الثاني عشر من عمدائهم، أو عظمائهم أو أئمتهم، وأن ظهوره ترتيب وقدر إلهي محتوم ولا مفر من حدوثه.

وتبعا لإجماع أهل بيت النبوة وآل محمد أجمع موالوهم الذين يعتقدون بحقهم برئاسة الأمة (شيعتهم) على صحة وتواتر الأحاديث والروايات التي تتحدث عن حتمية ظهور الإمام المهدي المنتظر والتي رويت لهم عن طريق أئمة أهل بيت النبوة وتناقلوها جيلا عن جيل كما هي، واعتبروها من الكنوز والنفائس النادرة، التي تسموا بطبيعتها عن التعديل والتبديل والتحريف، فأورثها السلف للخلف كما أخذها، وأبعد من ذلك فإن شيعة أهل بيت النبوة، الذين تخرجوا من مدرسة الأئمة الأطهار ونهلوا منهم العلوم والمعارف الإسلامية اعتبروا الإمام المهدي ثاني عشر الأئمة الذين أهلهم الله وأعدهم لقيادة الأمة، وأمر رسوله بأن يعلن أسماءهم.

مع الأمر الإلهي بتأميرهم وإمامتهم، وأن رسول الله قد بلغ ما أوحي إليه من ربه، فأعلن الأمر الإلهي بإمارتهم، وسماهم بأسمائهم، وتسعة منهم يومذاك لم يولدوا بعد، وحدد زمن إمامة كل واحد منهم، وأمر المسلمين أن يسمعوا لهم ويطيعوا واعتبر القرآن هو الثقل الأكبر، وأئمة أهل بيت النبوة هم الثقل الأصغر، فإن لم يكن الأئمة الأعلام من أهل بيت النبوة هم الثقل الأصغر الذي عناه رسول الله، فمن عساه أن يكون!! ولكن المسلمين لم يسمعوا ولم يطيعوا، لأنهم غلبوا على أمرهم، فعرفوا الحق بقلوبهم، ولم تقو ألسنتهم وأيديهم على تغيير النقيض المفروض بالقوة والتغلب.

وما يعنينا أن شيعة أهل بيت النبوة المخلصين الذين تتلمذوا على يد الأئمة الأعلام وقالوا برئاستهم، يعتبرون الإمام المهدي المنتظر هو الإمام الثاني عشر من الأئمة الذين اختارهم الله، وسماهم الرسول بأسمائهم وحدد زمن إمامة كل واحد منهم، وهم موقنون أن الإمام المهدي موجود الآن بالفعل وسيظهر حتما باللحظة التي أمره بها الله، ووقت ظهوره كالساعة علمه عند الله وحده، وهم يعتبرون هذا الاعتقاد جزءا لا يتجزأ من عقيدتهم الدينية الإسلامية، والسمة البارزة المميزة لمذهبهم من دون المذاهب، فمن لا يعتقد بذلك فليس منهم.

ب ـ عند الخلفاء التاريخيين وأوليائهم (أهل السنة):

روى العلماء الأعلام من أولياء الخلافة التاريخية أحاديث الرسول التي تتحدث عن حتمية ظهور الإمام المهدي بنفس المنهاج والطريقة التي رووا فيها أحكام الإسلام التي بين أيديهم من صلاة وصيام وحج وزكاة وغيرها من الأمور الدينية، وقد وزنوا تلك الأحاديث بنفس الموازين التي وزنوا بها الأحاديث النبوية المروية عن رسول الله والتي تتعلق بأصول الدين وأحكامه الأساسية، وأكدوا صحة وتواتر الأحاديث المتعلقة بحتمية ظهور المهدي المنتظر عندهم، وقد وثقنا ذلك في الباب السابق، ثم جزموا بأن هذه الأحاديث قد صدرت عن رسول الله بالفعل، وأنها جزء لا يتجزء من الهدي النبوي والبيان النبوي، ومن المحال عقلا أن يتحدث الرسول عن أمور غيبية، وحوادث لم تقع بعلمه أو اجتهاده الشخصي (محمد البشر) ولا بد أن تكون هذه الأحاديث من الوحي الإلهي وقد كرر الله تعالى.

بلسان النبي القول: (إن أتبع إلا ما يوحى إلي)، وطالما أنها وحي فهي جزء لا يتجزأ من دين الإسلام ومضامينه ومفاهيمه ومعارفه، شأنها شأن غيرها من الأمور الدينية من صلاة وصوم وزكاة... هذه هي النتيجة التي توصلت إليها الأكثرية الساحقة من أهل السنة، فهم موقنون بحتمية ظهور المهدي المنتظر، وهم لا يرون ما يوجب الشك بحتمية هذه الظهور لأن هذه المعلومة وصلتهم بنفس الدقة والمعايير والموازين التي وصلت فيها أحكام الدين.

إجماع الأمة الإسلامية على حتمية ظهور المهدي:

الأمة الإسلامية بعد وفاة النبي تكونت عمليا من فرقتين: أولهما أهل بيت النبوة والقلة المؤمنة التي والتهم قناعة وتعبدا وهم (الشيعة) الحقيقية، والفرقة الآخرة تتكون من الخلفاء ومن الأكثرية الساحقة التي والتهم طمعا بما في أيديهم، أو خوفا من بطشهم أو رغبة أو رهبة ويعرفون (بأهل السنة) هذه هي الأمة مجتمعة وقد لاحظت من السياق السابق بأن أهل بيت النبوة ومن والاهم وهم الفرقة الأولى موقنون بحتمية ظهور الإمام المهدي المنتظر ويعدون هذا اليقين جزءا من الدين.

أما الفرقة الثانية وهم أهل السنة فقد توصلوا لذات النتيجة، وتيقنوا دينيا من حتمية ظهور المهدي المنتظر.

وهكذا نكون أمام إجماع شامل للأمة بمختلف توجهاتها على حتمية ظهور الإمام المهدي المنتظر. وحتى الذين لم يرق لهم بأن يكون المهدي من أهل بيت النبوة، قالوا بحتمية ظهور المهدي، واعتبروا عيسى ابن مريم هو المهدي المنتظر، مستندين على خبر ورد من مجهول يمني لم ير رسول الله ولم ير أصحابه. وهذا يعني أن الاعتقاد عند المسلمين بحتمية ظهور المهدي عقيدة دينية.

وقناعة عامة وراسخة في القلوب.

نماذج من الأحاديث النبوية التي رواها علماء أهل السنة والتي تؤكد حتمية ظهور المهدي:

1 ـ قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا تنقضي الأيام ولا يذهب الدهر حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي)... (راجع مسند أحمد ج 1 ص 376 ـ 377 و 430.

و 448، وسنن أبي داود ج 4 ص 107 ح 4282، والبزار ج 1 ص 281 على ما في هامش الطبراني وصحيح الترمذي ج 4 ص 505 ح 2230، والطبراني الكبير ج 20 ص 164 ـ 165، وحلية الأولياء، وكنز العمال ج 14 ص 263، ومعجم الإمام المهدي ج 1 ص 116 وتجد فيه هذه المراجع والعشرات من مراجع هذا الحديث أيضا).

2 ـ قال رسول الله: (لو لم يبق من الدهر إلا يوم لبعث الله رجل من أهل بيتي يملؤها عدلا كما ملئت جورا). (راجع ابن أبي شيبة ج 15 ص 198 ح 19494، وأبو داود ج 4 ص 107 ح 4283، والبزار ج 1 ص 104، وتذكرة الخواص ص 364، وعقد الدرر ص 18، وبيان الشافعي ص 482، ومقدمة ابن خلدون ص 248، وفتن ابن كثير ج 1 ص 37، والجامع الصغير ج 2 ص 438، وكنز العمال ج 14 ص 267، والصواعق المحرقة ص 163، ومعجم أحاديث الإمام المهدي حيث تجد هذه المراجع وعشرات المراجع إلى جانبها).

3 ـ قال رسول الله: (لو لم يبق من الدنيا إلا ليلة لملك فيها رجل من أهل بيتي...). (راجع ابن حبان ج 7 ص 576 ح 5922، والطبراني في الكبير ج 10 ص 161 و 164، والطبراني في الصغير ج 2 ص 148، وحلية الأولياء ج 5 ص 75، وعقد الدرر ص 18، والحاوي للسيوطي ج 2 ص 59، والصواعق المحرقة لابن حجر ص 163 نقلا عن أحمد بن حنبل وأبي داود والترمذي، وراجع معجم أحاديث الإمام المهدي ج 1 ص 123 وما فوق تجد الكثير من المراجع).

4 ـ قال رسول الله: (المهدي حق وهو من ولد فاطمة). (راجع تاريخ البخاري ج 3 ص 46، وصحيح مسلم على ما في إسعاف الراغبين، وأبو داود ج 4 ص 107 ح 4284، وابن ماجة ج 2 ص 1368، والنسائي على ما في إسعاف الراغبين، وجامع الأصول ج 11 ص 49، وعقد الدرر ص 15، ومشكاة المصابيح ج 3 ص 24، والجامع الصغير ج 2 ص 672 والدر المنثور ج 6 ص 449، وصواعق ابن حجر ص 163، وقال: ومن ذلك ما أخرجه أبو داود، وابن ماجة، ومسلم، والنسائي، والبيهقي وآخرون، راجع معجم أحاديث الإمام.

المهدي ج 1 ص 137 ـ 145 تجد أكثر من ستين مرجعا).

5 ـ قال صلى الله عليه وآله وسلم: (فلو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يأتيهم رجل من أهل بيتي، تكون الملائكة بين يديه، ويظهر الإسلام). (راجع صحيح الترمذي على ما في تحفة الأشراف، والديلمي على ما في كنز العمال، وتذكرة القرطبي ص 700، وتحفة الأشراف ج 9 ص 428، وكنز العمال ج 14 ص 269، ومعجم أحاديث الإمام المهدي ص 156 ـ 157 ج 1).

6 ـ قال صلى الله عليه وآله وسلم: (لا تقوم الساعة حتى يخرج عليهم رجل من أهل بيتي فيضربهم حتى يرجعوا إلى الحق)... (أبو يعلى ج 12 ص 19 ح 6665، مجمع الزوائد ج 7 ص 15، مقدمة ابن خلدون ص 254، والحاوي للسيوطي ج 2 ص 62 ـ، راجع معجم أحاديث الإمام المهدي ج 1 ص 261).

7 ـ قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (يا علي لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يملك رجل من عترتك يقال له المهدي يهدي إلى الله عز وجل ويهتدي به العرب). (منتخب الأثر للرازي ص 189، ض 2 ب 5 ج 2، وإثبات الهداة ج 2 ص 574، ودلائل الإمامة ص 250، ومعجم أحاديث الإمام المهدي ج 1 ص 165).

8 ـ قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا تذهب الدنيا حتى يبعث الله رجلا من أهل بيتي...).

(راجع ابن أبي شيبة ج 15 ص 198، والكنى والأسماء ج 1 ص 107، والطبراني الكبير ج 10 ص 163، والدارقطني، والحاكم ج 4 ص 442، ومعجم أحاديث المهدي ج 1 ص 168 ـ 169).

تحليل موجز للأحاديث التي رواها علماء أهل السنة الأعلام حول حتمية ظهور المهدي:

إن أي إنسان ـ مهما كانت ثقافته ـ يقرأ الأحاديث التي رواها علماء أهل السنة الأعلام حول حتمية ظهور المهدي يكتشف ويحس إحساسا عميقا بجزم النبي وتأكيده على حتمية ظهور المهدي، ويبدو هذا جليا بالنماذج التي سقناها من 1 ـ 8 فالنبي يؤكد بمناسبات متعددة وبصيغ مختلفة: (بأن الأيام لن تنقضي ولن يذهب الدهر... وأن الساعة لن تقوم،... وأن الدنيا لن تذهب... حتى يبعث المهدي وهذه الصيغ الثلاث التي تؤكد بعضها، وتفسر بعضها، وتفصح عن أعلى درجات البيان ومراتب التأكيد تصب مجتمعة ومنفردة في خانة حتمية الظهور، وزيادة في التأكيد والبيان، وإفاضة للحجة الدامغة، وترسيخا للمعنى في القلوب يؤكد النبي، بأنه: (لو لم يبق من الدنيا إلا ليلة... أو من الدهر إلا يوم... أو لم يبق من الدنيا إلا يوم.... لبعث الله المهدي في تلك الليلة! ولملك المهدي تلك الليلة ولطول الله ذلك اليوم حتى يظهر المهدي ويملك). ارجع للنماذج الثمانية الآنفة وأعد قراءتها...

أهل السنة يعتقدون أن النبي ليس معصوما في كل شيء، ويقولون إنه يتحدث في الغضب والرضى، فلا ينبغي أن يحمل كل كلامه على محمل الجد وينسبون إلى النبي القول: (أنتم أعلم بشؤون دنياكم)، وينسبون إليه أمورا كثيرة، وقد وثقنا كل ذلك في كتابنا (المواجهة) والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا المقام هو: (طالما أن الأمة بشقيها مجتمعة قد أجمعت وجزمت، بأن الأحاديث النبوية التي تحدثت عن حتمية ظهور الإمام المهدي المنتظر قد صدرت حتما من رسول الله، فهل يعقل أن تكون: (اجتهادا منه) أو تحليلا شخصيا منه صلى الله عليه وآله وسلم، أو أنها وحي إلهي!!!؟ (ويلكم لا تفتروا على الله كذبا فيسحتكم بعذاب...) (سورة طه، آية 62). كان رسول الله قبل أن يؤتى شرف النبوة يعرف بين قومه بالصادق، والصادق هو الذي لا يكذب، أفحين شرفه الله بالنبوة، وأمره أن يتبع ما يوحى إليه (يجتهد) في ما لا علم له به، أو يحلل تحليلات شخصية تحتمل الصدق والكذب!!!! ثم ما هي حاجته للاجتهادات والتحليلات الشخصية وعنده الوحي!!! ثم كيف يجتهد ويحلل ويضمن الصواب في حوادث تقع بعد عشرات القرون!!! إن رسول الله أجل وأرفع وأعظم مما يصفون، وما ردنا على تجديفهم الآثم إلا حشرا لهم، وإقامة للحجة العقلية عليهم كأنهم لم يقرأوا كتاب الله:

(ولو تقول علينا بعض الأقاويل * لأخذنا منه باليمين * ثم لقطعنا منه الوتين) (سورة الحاقة، الآيات: 44 ـ 45 ـ 46) ويبقى المعقول والمنطقي الوحيد المنسجم مع صدق النبي وقربه من الله أنه صلى الله عليه وآله وسلم قد تلقى معلومة حتمية ظهور.

المهدي المنتظر بالوحي من الله تعالى، مع الأمر بالتبشير به وإعلان هذه الحقيقة الغيبية القادمة لا محالة..

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

شعر الإمام الحسين
معرفة الله تعالى أساس إنساني
لهفي عليك.. يا أبا عبدالله
القرآن و القواعد
التعامل مع القرآن بين الواقع والمفروض
علاج الامراض النفسیة بذکر الله
هدم قبور البقيع ..............القصة الكاملة
الحرب العالمية في عصر الظهور
الإمام الحسن العسكري (ع) والتمهيد لولادة وغيبة ...
إنّ الحسين (عليه السلام) مصباح الهدى وسفينة ...

 
user comment