عربي
Friday 29th of March 2024
0
نفر 0

نجاة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) من منافقي العقبة

نجاة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) من منافقي العقبة

لما كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في غزوة تبوك ، مرَّ على عقبة – والعقبة هي المرقى الصعب الوَعر الضيِّق في الجبل – وتُسَمَّى عقبة ذي فتق .

وقد رام المنافقون قتل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عليها بنفر ناقته فيها ، فنـزل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قبل العقبة ، وقبل منتصف الليل الأخير أمر رسول الله بالرحيل ، وأمر مناديه فنادى : ألا يسبق رسول الله أحد إلى العقبة ، ولا يطأها حتى يجاوزها رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) .

ثم أمر حذيفة أن يقعد في أصل العقبة ، فينظر من يمرّ بها ويخبر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) .

فقال حذيفة : يا رسول الله ، إني أتبين الشرَّ في وجوه رؤساء عسكرك ، وإني أخاف إن قعدت في أصل الجبل .

وجاء منهم من أخاف أن يتقدمك إلى هناك للتدبير عليك ، فَيَحِسّ بي ويكشف عنِّي فيعرفني ، ويعرف موضعي من نصيحتك فَيَتَّهِمُنِي ، ويخافني فيقتلني .

فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ( إنّك إذا بلغت أصل العقبة ، فاقصد أكبر صخرة هناك إلى جانب أصل العقبة ) .

فأدى حذيفة الرسالة ، وجاء الأربعة والعشرون على جمالهم ، يقول بعضهم لبعض : من رأيتموه هاهنا كائناً من كان فاقتلوه لِئَلاَّ يخبروا محمداً أنهم قد رأونا هاهنا فينكص – يرجع – ، ولا يصعد هذه العقبة إلا نهاراً ، فيبطل تدبيرنا عليه ، وسمعها حذيفة ، واستقصوا فلم يجدوا أحداً .

وكان الله تعالى قد ستر حذيفة بالحجر عنهم فتفرَّقوا ، فبعضهم صعد على الجبل وعدل عن الطريق المسلوك ، وبعضهم وقف على سفح الجبل عن يمين وشمال ، وهم يقولون : الآن ترون محمداً كيف أغراه بأن يمنع الناس عن صعود العقبة حتى يقطعها هو لنخلو به هاهنا فنمضي فيه تدبيرنا وأصحابه عنه بمعزل ، وكل ذلك يوصله الله تعالى إلى إذن حذيفة ويعيه .

فلما تمكن القوم على الجبل حيث أرادوا ، نهض حذيفة وانطلق إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) حتى انقضَّ بين يديه ، فأخبر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بما رأى وسمع .

فقال له رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ( أَوَعَرفتَهُم بِوُجُوهِهِم ) ؟

قال حذيفة : يا رسول الله كانوا متلثمين – ما يوضع على الأنف وما حوله من ثوب أو نقاب – وكنت أعرف أكثرهم بجمالهم .

فلما فتَّشـوا الموضع فلم يجدوا أحداً ، أحدروا اللثام فرأيت وجوههم وعرفتهم بأعيانهم ، وأسمائهم : فلان وفلان وفلان .. حتى عدَّ أربعة وعشرين .

فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ( إنهض بنا يا حذيفة أنت وسلمان وعمار ، وتوكلوا على الله ، فإذا جزنا الثنية – الطريق العالي من الجبل – الصعبة فأذنوا للناس أن يتبعونا ) .

فصعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وهو على ناقته ، وحذيفة وسلمان وعمار أحدهما آخذ بزمام ناقته يقودها ، والآخر خلفها يسوقها ، وعمار إلى جانبها ، والقوم على جِمَالهم ، منبثون حوالي الثنية على تلك العقبات .

وقد جعل الذين فوق الطريق حجارة في دباب فدحرجوها من فوق لينفروا الناقة برسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وتقع به في المهوى الذي يهول الناظر إذا نظر إليه من بُعد .

فلما قربت الدباب من ناقة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) جاوزتها ، ثم سقطت في جانب المهوى ، وناقة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) كأنها لا تحسّ بشيء من تلك القعقات التي كانت للدباب .

ثم قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لعمار : ( اصعد إلى الجبل فاضرب – بعصاك هذه – وجوه رواحلهم فارم بها ) .

ففعل ذلك عمار ، فنفرت بهم رواحلهم وسقط بعضهم فانكسر عضده ، ومنهم من انكسرت رجله ومنهم من انكسر جنبه ، واشتدَّت لذلك أوجاعهم ،  فلمّا جبرت واندملت ، بقيت عليهم آثار الكسر إلى أن ماتوا .

ولذلك قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لحذيفة : إنه أعلم الناس بالمنافقين ، لقعوده في أصل الجبل ومشاهدته من مرَّ سابقاً لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) .

وعاد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : إلى المدينة سالماً وألبس الله الخزي من دبَّرَ عليه .

 

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

مؤاخاة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بين ...
النبي (صلى الله عليه وآله) في روايات أهل بيته ...
بعثة رسول الله ( صلى الله عليه وآله )
زواجه
أين دفن النبي(صلى الله عليه وآله وسلّم) في بيت ...
مأتم الميلاد.. أول مأتم أقامه الرسول الأعظم(صلى ...
أخلاقيات الرسول الأعظم مع المرأة
نشأته
رأيٌ في ذكرى وفاة الرسول الأكرم (ص)
الرسول والرسالة في شعر أبي طالب (ع)

 
user comment