عربي
Friday 29th of March 2024
0
نفر 0

الفصل التاسع عشر : نياحة المشايخ والصحابة والعظماء على الحسين (عليه السلام)

 

الفصل التاسع عشر

نياحة المشايخ والصحابة والعظماء على الحسين (عليه السلام)

أما حزن الصحابة المشايخ ومن على شاكلتهم، ونياحتهم على الإمام الشهيد (عليه السلام) في مختلف العصور والأدوار، فقد ملأت أخبارها بطون الكتب والأسفار، وتحدث بها الركبان، وتناقلتها الألسنة. وقد بدأ ذلك منذ وقوع الحادث المفجع وحتى الوقت الحاضر، ولم تقتصر هذه النياحات على فئة خاصة، من المشايخ، والصحابة، والأمراء والوزراء، والعلماء، والعظماء، والاماجد، بل شملت جميعهم. وفيما يلي نأتي على ذكر طائفة قليلة من أسماء هؤلاء الذين ناحوا على الحسين وبكوه ورثوه وحزنوا عليه، منذ اليوم الذي احتز رأسه في ساحة كربلاء، ثم نقل إلى الكوفة، ثم إلى دمشق وغيرها من المدن والأمصار وخاصة منهم من كان قريب عهد بتلك المجزرة الرهيبة..

1- جاء في (الصواعق المحرقة) لابن حجر، و(تذكرة الخواص) للسبط ابن الجوزي وغيرهما من رواة الحديث السنة:

انه روى ابن أبي الدنيا عند ذكر وضع رأس الحسين (عليه السلام) بين يدي ابن زياد في الكوفة ضربه ثنايا الإمام (عليه السلام) بالقضيب ما نصه:

(انه كان عند ابن زياد الصحابي زيد بن الأرقم، فقال لابن زياد: ارفع قضيبك، فو الله لطالما رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقبل ما بين هاتين الشفتين، ثم جعل زيد يبكي، فقال له ابن زياد: أبكى الله عينك، لولا انك شيخ قد خرفت لضربت عنقك، فنهض زيد وهو يقول: أيها الناس، أنتم العبيد بعد اليوم، قتلتم ابن فاطمة وأمرتم ابن مرجانة، والله ليقتلن خياركم وليستعبدن شراركم، فبعداً لمن رضي بالذل والعار، ثم قال: يا ابن زياد، لأحدثنك بما هو أغيظ عليك من هذا، رأيت رسول الله اقعد حسناً على فخذه اليمنى وحسينا على فخذنه اليسرى، ثم وضع يده على يافوخهما، ثم قال: اللهم إني استودعك إياهما وصالح المؤمنين. فكيف كانت وديعة النبي (صلى الله عليه وآله) عندك يا ابن زياد؟..).

ونقل هذا الحادث الطبري أيضاً بسنده عن حميد بن مسلم وأورده ابن الأثير في تاريخه باختصار، وكذا أبو حنيفه الدينوري في (الأخبار الطوال) وكذا (منتحب كنز العمال) للشيخ على الهندي، ولكن بعبارات قليلة الاختلاف.

2- ومن التابعين الذين بكوا الحسين بغزارة الحسن البصري، ففي (تذكرة الخواص) للبسط ابن الجوزي، قال الزهري:

(لما بلغ الحسن البصري قتل الحسين بكى حتى اختلج صدغاه، ثم قال: وأذل أمة قتلت ابن بنت نبيها، والله ليردن رأس الحسين إلى جسده ثم لينتقمن له جده وأبوه من ابن مرجانة).

3- وممن بكى الحسين وكان قد رآه قبل استشهاده (أم سلمه) زوجة النبي (صلى الله عليه وآله) والربيع بن خيثم، وأنس بن مالك وغيرهم. فقد جاء في الصفحة (67) من كتاب (إقناع اللائم) ما عبارته: (وفي تذكرة الخواص: ذكر ابن سعد عن أم سلمة إنها لما بلغها قتل الحسين قالت: أوفعلوها؟ ملأ الله قبورهم ناراً ثم بكت حتى غشي عليها..). ونقل هذا الخبر في (الصواعق المحرقة) لأبن حجر ويستطرد (إقناع اللائم) فيقول: (ومن الصحابة الذين بكوا الحسين أنس بن مالك، ففي الصواعق المحرقة: ولما حمل رأسه - رأس الحسين- لأبن زياد، جعله في طست، وجعل يضرب ثناياه بقضيب ويدخله في أنفه، ويقول: ما رأيت مثل هذا حسناً، إنه كان لحسن الثغر، وكان عنده أنس بن مالك فبكى وقال: أشبههم برسول الله) وروى هذا الحديث الترمذي وغيره.

4- وفي الصفحة (71) من (إقناع اللائم) ما نصه: (ومن الأولى الذين بكوا على الحسين الربيع بن خيثم. ففي (تذكره الخواص) للسبط ابن الجوزي الحنفي ما نصه: (قال الزهري: لما بلغ الربيع بن خيثم قتل الحسين بكى وقال: لقد قتلوا فتية لو رآهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأحبهم وأطعمهم بيده، وأجلسهم على فخذه).

5- وجاء في الصفحة (156) من الكتاب نفسه ما عبارته: (وقال جعفر بن عفان وهو من أصحاب الصادق جعفر بن محمد يرثي الحسين:

لــبـيـك عـلـى الإســلام مـن كـان بـاكياً          فـقـد ضـيـعـت أحـكــامـه اسـتـحـلـــــت

غــداة حــســـيـن لـلــرمــاح دريــئــــة          وقــــد نــهــلـت مـنـه السـيوف وغـلت

وغــودر فـي الـصـحــراء لـحـماً مبدداً          عـلــيـه عــتـاق الــطـيـر بـاتـت وظـلت

فـمــا نـصــرتــه أمــة الـسـوء أذراعـاً          لـقـــد طـاشـت الأحـــلام مـنـهـا وضلت

الإبـــل مـحــوا أنــوارهـم بــأكـفــهــــم          فـــلا ســمـعـــت تـــلك الأكــف وشــلت

ونـــاداهــم جــهـــداً بــحـــق مـحــمـــد          فــــإن ابـــنــه مـــن نـفـسه حيث حلت

فـــلا حـفـظـــوا قــربى النبي ولا رعوا          وزلـت بـهـم أقـــدامـهــم واسـتـزلــــت

أذاقـــتـــه حـــر الـقـتـــل أمـة جــــــده          هــــفـــت نـعــلـهـــا فـي كـربلاء وزلت

فــلا قــــدس الـــرحـمـــن أمــة جــــده          وإن هــــي صــــامــــت لــلإلـه وصلت

كــمـــا فـجــعـــت بـنـت الـنـبـي بنسلها          وكــانــوا حـمـاة الـحرب حيث استقلت

6- وممن بكى الحسين ورثاه الإمام الشافعي، ففي الصفحة (157) من الكتاب نفسه ما عبارته:

(وفي البحار: عن بعض كتب المناقب القديمة، أخبرني سيد الحفاظ أبو شهر دار بن شيرويه الديملي عن محي السنة أبي الفتح أحاد قال: أنشدني أبو الطيب البابلي، أنشدني أبو النجم بدر بن إبراهيم بالدينور، للشافعي محمد بن إدريس، وفي ينابيع المودة قال الحافظ جمال الدين الزرندي المدني في كتاب (معراج الوصول في معرفة آل الرسول)، نقل أبو القاسم الفضل بن محمد المستحلي، إن القاضي أبا بكر سهل بن محمد حدثه قال، قال، أبو القاسم بن الطيب، بلغني أن الشافعي أنشد هذه الأبيات (أقول)، وأوردها ابن شهرآشوب في المناقب للشافعي، وهي:

تـــــأول غـــمـــي والـــفــــؤاد كـئـيــب          وأورق نــــومـــــي والــــرقــاد غريب

ومـمـا نــفــي نــومــي وشـيـب لـمـتـي          تـصــــاريـــف أيـــــام لــهــن خـطـوب

فـمـن مـبـلـــغ عـنــي الـحـسين رسالة          وأذكـــــر بــهـــا أنـــفــس وقـــلـــــوب

قـــتـيل بـــلا جــــرم كــأن قــمــيـصـــه          صـبــيـغ بـــمـــاء الأرجـــوان خضيب

ولـلـسـيـف أعـــوال ولـلـرمــح رنـــــة          ولـلـخـيـل مــــن بـعــد الـصـهيل نحيب

تـزلـــزلـت الـــدنـــــيـــا لآل مـــحــمــد          وكـــــــادت لـــــهـــم صم الجبال تذوب

وغـــادرت نـجـوم واقـشـعـرت كواكب          وهـتــك أسـتـــار وشـــــق جـــيــــــوب

يــــصـلـى عـلى المبعوث من آل هاشم          ويــــقـــرى شـــكــواه إن ذا الـعــجيب

نــصـلــى عـلـى الـمختار من آل هاشم          ويــؤذى ابـــنــــه أن ذا الـــــغـريـــــب

لـئـــن كـــان ذنــبــي حــــب آل مـحمد          فــــذلك ذنــــب لــســـت عـــنــه أتـوب

هــم شـفـعائـي يـوم حـشري ومـوقـفي          إذا مـــــا بـــدت لـلـنـاظـريـن خـطــوب

7- وقال مؤلف (إقناع اللائم) في الصفحة (159) ما نصه: (قال السبط ابن الجوزي الحنفي في تذكرة الخواص: ذكر جدي في كتاب التبصرة: قال: إنما سار الحسين إلى القوم، لأنه رأى الشريعة قد أشرفت فجد في رفع قواعد أصلها، فلما حصروه فقالوا، انزل على حكم ابن زياد، فقال: لا أفعل وأختار القتل على الذل. وهكذا النفوس الأبية ثم أنشد جدي رحمه الله تعالى،

ولـــــمـا رأوا بــعــــض الـحـيـاة مـذلة          عــلـيــهــم وعــز الـمـوت غـيـر محرم

أبـــوا أن يـذوقـوا الـعـيش والذل واقع          عـلـيـه ومــــاتــوا مــيـتـــة لـم تــذمــم

ولا عــجــب لـلأســـدان ظــفـرت بـهــا          كــــلاب الأعـــادي مــن فصيح وأعجم

فـحـربة وحـشـى سـقـت حـمرة الورى          وحـتـف عـــلى مــن حـسـام ابـن ملجم

8- جاء في الصفحة (22) من تاريخ (الكامل) لأبن الأثير، المجلد الثامن، في حوادث سنة (294) هـ، ما نصه: (لما توفي القداح قام بعده ابنه أحمد، وصحبه إنسان يقال له: رستم بن راذان النجار، من أهل الكوفة، وكانا يقصدان المشاهد. وكان باليمن رجل أسمه: محمد بن الفضل، كثير المال، والعشيرة، من أهل الجند، يتشيع. فجاء إلى مشهد الحسين بن علي يزوره، فرآه أحمد ورستم يبكي كثيراً، فلما خرج أجتمع به أحمد وطمع فيه لما رأى من بكائه، وألقى إليه مذهبه فقبله، وسير معه النجار إلى اليمن...إلخ).

9- في الصفحة (522) من كتاب (مقاتل الطالبيين ) السالف الذكر، في حوادث السنة (199) هـ عند قصة لحاق أبو السرايا السري بن المنصور محمد بن إبراهيم بن إسماعيل طباطبا، وقيامهما ضد السلطة العباسية، قوله: (وأقبل أبو السرايا على طريق البر حتى ورد عين التمر - وهي شفاثا الحالية بالعراق - في فوارس معه لا راجل فيهم وأخذ على النهرين حتى ورد إلى نينوى، فجاء إلى قبر الحسين (عليه السلام) قال نصر بن مزاحم: فحدثني رجل من أهل المدائن: قال: إني لعند قبر الحسين في تلك الليلة وكانت ليلة ذات ريح ورعد ومطر، إذ بفرسان قد أقبلوا فترجوا، ودخلوا إلى القبر، فسلموا، وأطال رجل منهم الزيارة، ثم جعل يتمثل أبيات منصور بن الزبرقان الثمري وهو يبكي:

نـفــــسي فــداء الــحـســيــن يـوم عـدا          إلـى الـمـنـايــــا عـــد وإلا قـــــافـــــــل

ثم أقبل علي، وقال: ممن الرجل؟ قلت، رجل من الدهاقين من أهل المدائن.

10- في الصفحة (21) من كتاب (مدينة الحسين) المار ذكره ما عبارته:

(روى الطوسي في أماليه، بسنده عن أبي علي القماري: ومما يجب الإشارة إليه في هذه الفترة من الزمن: أنه في حوادث أواسط المائة الثانية من الهجرة سأل أحد المسيحيين المدعو يوحنا بن سرافيون بن موسى بن سريع أحد زملائه من المسلمين، لمن هذا القبر الذي يحجه المسلمين على شاطئ الفرات؟ فقيل له: قبر الإمام الشهيد المظلوم أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) قتيل الطف. فعند ذلك خرج يوحنا قاصداً كربلاء في صفوف الزائرين، وشاهد ما يعمله المسلمون المحبون لأهل البيت، من النياح والبكاء عند القبر المطهر، ثم يتبركون بتربة القبر... وعلى أثره استسلم يوحنا وأخذ يزور قبر الحسين كل مرة مع الزائرين والوافدين الذين يقصدون زيارة قبر الحسين (عليه السلام)).

11- وفي الصفحة (110) من الكتاب نفسه ما عبارته: (كما روى ابن الأثير: إنه وفد إلى كربلاء، صبيحة يوم العرفة سنة (296) هـ، أحد أقطاب الشعوبيين المدعو أحمد بن عبد الله القداح بن ميمون الديصان وبرفقته أحد دعاتهم، المدعو رستم بن الحسين النجار بن جوشب بن دادان الكوفي، وصادف عند وصولهم الحائر وجود محمد بن الفضل اليماني، الذي كان قادماً من اليمن لزيارة قبر الحسين، ومحمد هذا من رجال المال والثراء والعشيرة في اليمن، يتبعه كثير من الجند والخيل، فشاهده يكثر البكاء عند قبر الحسين، فأستغل ابن قداح كثرة بكائه. ولما اتنهى من الزيارة وهم بالخروج من الحائر تبعه حتى اجتمع إليه وأفشى له سره، معلناً مطالبته بدم الحسين، الأمر الذي دعى بمحمد أن يطاوعه وراح يشد أزرهم بماله ورجاله، فتعاقدوا على بث الدعاية للخليفة الفاطمي، محمد بن عبيد الله، بن أحمد بن حسين بن عبد الله بن محمد، بن أسمعيل، بن الإمام جعفر الصادق، القائم بالقيروان).

12- وجاء في الصفحة (119) من الكتاب نفسه ما هو آت، عند ذكر زيارة الأمير دبيس، بن صدقة، بن منصور بن دبيس، بن علي، بن فريد، أبو الأغر الأسدي للمرقد الحسيني سنة (513) هـ فقال:

(قال: ولما ورد كربلاء دخل إلى الحائر الحسيني باكياً حافياً، متضرعاً إلى الله أن يمن عليه بالتوفيق، وينصره على أعدائه...).

هذه نبذة موجزة جداً عن أسماء بعض الصحابة والتابعين والأمراء وغيرهم ممن زاروا قبر الحسين بكربلاء وبكوه ورثوه، جئت بها على سبيل الإيجاز، إذ لو أردت إيراد التفاصيل في هذا الفصل لطال بي الكلام.


source : اهل بیت
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

في تقدم الشيعة في علم الصرف ، وفيه صحائف -2
تأملات وعبر من حياة أيوب (ع)
تاريخ الثورة -6
من مناظرات الامام الصادق(عليه السلام)
من خير الناس بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله ...
الكعبة‌
صموئيل النبي (ع)
خطبة الإمام الحسين ( عليه السلام ) الأولى يوم ...
حقيقة معنى الانتقال من الأمويين الى العباسيين
خالد بن الوليد و الطوق في الجيد

 
user comment