عربي
Friday 19th of April 2024
0
نفر 0

الفصل العاشر : أهل الكوفة ينوحون على الحسين (عليه السلام) وأهله

 

الفصل العاشر

أهل الكوفة ينوحون على الحسين (عليه السلام) وأهله

قلت في الفصل الثامن: أن عمر بن سعد بارح أرض المعركة (كربلاء) قبيل ظهيرة الحادي عشر من محرم، ومعه سبايا سيد الشهداء (عليه السلام) من النساء والأطفال، وفي مقدمتهم الإمام العليل علي بن الحسين زين العابدين و(72) رأساً من رؤوس الطف، سائراً بهم إلى الكوفة حيث قصر أميره عبيد الله بن زياد:

وفيما يلي وصف لما جرى على السبايا منذ وصولها إلى ضواحي الكوفة، ومدة مكوثها وحتى خروجها منها قاصدة الشام، وما لاقاه ركب هذه السبايا من أهل الكوفة من نياحة وعزاء ومناحة:

1- جاء في الصفحة (145) من كتاب (مقتل سيد الأوصياء ونجله سيد الشهداء) المار ذكره ما لفظه: ثم أمر عمر بن سعد بأن تسير سبايا آل محمد (صلى الله عليه وآله) إلى الكوفة. فلما دخلت السبايا الكوفة اجتمع الناس للنظر إليها، فأشرفت امرأة من أهل الكوفة على الأسارى وسألت النساء وقالت: من أي الأسارى أنتن؟ فأجبنها نحن أسارى آل محمد (صلى الله عليه وآله)، فنزلت من شرفتها وجمعت لهن أزراً ومقانع وضج أهل الكوفة بالبكاء. فقال لهم الإمام زين العابدين: أتنوحون وتبكون من أجلنا، فمن الذي قتلنا؟ وفي هذه الأثناء خطبت زينب، ثم فاطمة بنت سيد الشهداء، ثم أم كلثوم بنت الإمام علي (عليه السلام) ثم الإمام زين العابدين. وبعد كل خطبة كان الناس يضجون بالبكاء والنحيب، ونشرت النساء شعورهن، وخمشن وجوههن، ولطمن خدودهن، ودعون بالويل والثبور، وبكى الرجال والأطفال والنساء، فلم ير باك وباكية أكثر من ذلك اليوم.

2- قال الشيخ المفيد في (إرشاده) ما نصه: (ولما وصل رأس الحسين من كربلاء إلى الكوفة ووصل ابن سعد في غد يوم وصوله ومعه بنات الحسين وأهله، جلس ابن زياد في مقر الإمارة فأذن للناس أذناً عاماً، وأمر بإحضار الرأس فوضع بين يديه، فجعل ينظر إليه ويبتسم وفي يده قضيب يضرب به ثناياه، وكان عنده أنس بن مالك فبكى وقال: كان أشبههم برسول الله (صلى الله عليه وآله). وكان إلى جانبه زيد بن أرقم صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو شيخ كبير، فلما رآه يضرب بالقضيب ثناياه قال له: ارفع قضيبك عن هاتين الشفتين، فوالله الذي لا إله غيره لقد رأيت شفتي رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما لا أحصيه كثره تقبلهما، ثم انتحب باكياً. فقال له ابن زياد: أبكى الله عيناك، أتبكي لفتح الله: والله لولا أنك شيخ قد خرفت وذهب عقلك لضربت عنقك. فنهض زيد بن أرقم وهو يقول: أيها الناس أنتم العبيد بعد اليوم، قتلتم ابن فاطمة وأمرتم ابن مرجانة، والله ليقتلن خياركم، وليستعبدن شراركم، فبعداً لمن يرضى بالذل والعار..) ويستطرد المفيد في (إرشاده) بوصف مثول بقية الأسرى من آل الحسين (عليه السلام) بين يدي ابن زياد، وقوله لزينب: قد شفى الله نفسي من طاغيتك والعصاة من أهل بيتك. فيقول المفيد: (فرقت زينب وبكت وقالت: لعمري لقد قتلت كهلي....) إلى آخر الحديث. هذا وقد أستمر عويل ونحيب وبكاء ونواح أهل الكوفة من الرجال والنساء على مرأى من السبايا والأسارى، وأسقط في أيدي أهل الكوفة من هول الفاجعة وذهلوا. وقد عمت هذه النوائح على سبايا الحسين (عليه السلام) الأوساط الكوفية طيلة أيام مكوثها فيها.

3- جاء في الصفحة (123) من كتاب (المجالس السنية) السابق الذكر بعد أن يذكر المؤلف تفصيل الخطبة التي ألقتها فاطمة الصغرى بنت الإمام الشهيد (عليه السلام) على الكوفيين ما نصه: (وقبيل انتهائها من الخطبة ارتفعت أصوات الكوفيين بالبكاء والنحيب وقالوا: حسبك يا ابنة الطيبين فقد أحرقت قلوبنا، وأنضجت نحورنا، وأضمرت أجوافنا، فسكتت...).

4- وفي الصفحة (124) منه ما نصه:

(لما جاء بالسبايا من أهل البيت إلى الكوفة، خطبت أم كلثوم بنت علي (عليه السلام) في ذلك اليوم من وراء كلتها، رافعة صوتها بالبكاء).

ثم قال المؤلف ـ بعد أن ذكر خطبتها ما عبارته: (فضج الناس بالبكاء والنحيب، ونشر النساء شعورهن، ووضعن التراب على رؤوسهن وخمشن وجوههن، ولطمن خدودهن ودعون بالويل والثبور، وبكى الرجال فلم ير باك وباكية أكثر من ذلك اليوم..) ثم يستطرد الكتاب مشيراً إلى خطبة الإمام زين العابدين مخاطباً الناس ويقول: (فارتفعت أصوات الناس بالبكاء من كل ناحية، وقال بعضهم لبعض: هلكتم وما تعلمون).

5- روى ابن طاووس الحسيني في كتابه (اللهوف في قتلى الطفوف) هذه الرواية:

(إنه لما جاء بسبايا أهل البيت إلى الكوفة جعل أهل الكوفة ينوحون ويبكون. قال بشر بن خزيم الأسدي: ونظرت إلى زينب بنت علي (عليه السلام) يومئذ فلم أرى خفرة أنطق منها، كأنها تفرغ عن لسان أمير المؤمنين (عليه السلام) وقد أومأت إلى الناس أن اسكتوا فارتدت الأنفاس وسكنت الأجراس، ثم قالت: الحمد لله، والصلاة على محمد وآله الطاهرين. أما بعد، يا أهل الكوفة فلا راقت الدمعة ولا قطعت الرنه....) إلى آخر الخطبة. ويستطرد ابن طاووس بعد نقل الخطبة كلها ويقول نقلاً عن بشر: ( فو الله لقد رأيت الناس يومئذ حيارى يبكون، وقد وضعوا أيديهم في أفواههم. ورأيت شيخاً واقفاً إلى جانبي يبكي حتى خضلت لحيته وهو يقول: بأبي أنتم وأمي، كهولكم خير الكهول، وشبابكم خير الشباب، ونساؤكم خير النساء، ونسلكم خير نسل، لا يخزي...).

6- جاء في كتاب (الصواعق المحرقة) لأبن حجر قوله: (ومن الصحابة الذين بكوا الحسين أنس بن مالك، فإنه لما حمل رأس الحسين لابن زياد في الكوفة، جعله في طست، وجعل يضرب ثناياه بقضيب ويدخله في أنفه ويقول: ما رأيت مثل هذا حسناً، إنه كان لحسن الثغر. وكان عنده أنس فبكى وقال: كان أشبههم برسول الله (صلى الله عليه وآله).

وروى هذا الحادث الترمذي، وكذا كتاب ( تذكرة الخواص) للسبط ابن الجوزي، وكذا البخاري عن ابن سيرين.

7- جاء في الصفحتين (137و137) من كتاب (نهضة الحسين) عند وصفه وصول السبايا والأسرى إلى الكوفة ما نصه: (وأهل الكوفة في عِبرة وعَبرة من هذا المشهد الغريب، يضجون ويعجون، مما جرى على آل الرسول (صلى الله عليه وآله) وفيهم من يناول الأطفال بعض الخبز والتمر رأفة ورحمة. فحري بالحرة الهاشمية- زينب سليلة الرسول- أن تصرخ بهم وتقول. أن الصدقة محرمة علينا أهل البيت. ونساء الأزقة والسطوح باكيات على هؤلاء.

قال خزيمة الأسدي: دخلت الكوفة فصادفت منصرف علي بن الحسين بالذرية من كربلاء إلى ابن زياد فرأيت نساء الكوفة يومئذ قياماً يندبن متهتكات الجيوب، وسمعت علي بن الحسين وهو يقول بصوت ضئيل قد نحل من شدة المرض: يا أهل الكوفة، أتبكون علينا فمن قتلنا غيركم؟) ويستطرد كاتب (نهضة الحسين) نقلاً عن خزيمة قوله:

( فو الله لقد رأيت الناس يومئذ حيارى يبكون وقد وضعوا أيديهم في أفواههم...).

8- وذكرت الدكتورة بنت الشاطئ (وهي عائشة بنت عبد الرحمن) في الصفحة (734) من (موسوعة آل النبي) ما نصه:(ودخل الموكب الكوفة. ووقفت الجموع محتشدة تشهد نساء البيت النبوي في طريقهن إلى عبيد الله بن زياد، وسمعت آهة من هنا، وشهقة من هناك، وكلمة من هنالك، رثاء وعزاء. ورأيت نساء الكوفة قياماً يندبن مخترقات الجيوب، وبكى الباكون الكريمات المستذلات.

فلم تطق زينب على ذلك صبراً، لم تطق أن ترى أهل الكوفة يبكون الحسين وآله وهم ضحاياهم، ويرثون بنات الرسول وما انتهك حرمتهن سواهم).

ثم تستطرد بنت الشاطئ فتقول:

(حتى استقرت عينا زينب على أولئك الباكين فأشارت إليهم أن اسكتوا، فطأطأ برؤوسهم، خزيا وندماً إلى حين مضت هي تقول...) الخ:

(ثم تنقل هذا المؤلفة الباحثة فقرات من خطبة زينب في الكوفة وتقول:

(قال من سمعها: فلم أرى والله خفرة أنطق منها، كأنما تنزع عن لسان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب. فلا والله ما أتمت حديثها حتى ضج الناس بالبكاء. وذهلوا وسقط ما في أيديهم من هول المحنة الدهماء...).


source : اهل بیت
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

الموالي و اعدادهم من قبل الائمة ـ عليهم السلام .
المقال الذي سبب أزمة فى مصر
مناظرة الشيخ المفيد مع أبي القاسم الداركي في حكم ...
الليلة الوحيدة في التأريخ
الحكومة البويهية والتشيع .
تاريخٌ يلازم الناشئة العراقية
ما المقصود بليلة الهرير؟
عید الاضحی المبارك
المحاولات اليهودية لعرقلة انتشار الإسلام
في رحاب نهج البلاغة (الإمام علي عليه السلام ...

 
user comment