عربي
Tuesday 19th of March 2024
0
نفر 0

اطلالة على افكار المتخصصة النفسية الدكتورة سيماء الفردوسي

 

 

السيدة سيماء فردوسي من الشخصيات النشطة في مجال علم النفس والقضايا التربوية وهي تحمل شهادة الدكتوراه في علم النفس السريري من جامعة لندن وهي الان مديرة قسم علم النفس في كلية علوم التأهيل التابعة لجامعة بهشتي . وعندما نلقي نظره على الصحف الداخلية والمجلات وخاصة  المتعلقة  بالاسرة  كثيرا ما نشاهد كتابات وآراء هذه الدكتورة النشطة ، من هنا حاولنا بدورنا ان نوجه لها اسئلة خاصة تعنى بشؤون المرأة والطفل بالشكل الذي يناسب مجلتنا و قد استجابت لنا  مشكورة .

تعتقد الدكتورة الفردوسي ان نمو الطفل يرتبط بمجموعة من العوامل؛ منها نضج الجهاز العصبي وتكامله. فنمو الطفل بصورة عامة، مثل المشي، الجلوس، الزحف والتكلم يرتبط بهذا الجهاز، وهذا يعني اننا لانستطيع ان نؤثر على الطفل من هذه الناحية ونجعله ـ على سبيل المثال ـ يتمكن من المشي وهو في الشهر الرابع من عمره بدلا من ان يكون عمره سنة كاملة... ولكن عندما يصل المولود الى مرحلة من النمو العصبي حينذاك يمكن للمحيط والاشخاص الذين يعيشون فيه ان يؤثروا عليه. ولهذا نستطيع ان نؤكد وبشكل خاص هنا على دور عوامل المحيط وبالاخص دور الام الاساس في تربية الطفل ونموه.

نمو الطفل في الواقع يبدأ من فترة الحمل، فاذا تعرضت الام خلال فترة الحمل، وخاصة في الاشهر الثلاثة الاولى ـ التي تتشكل خلالها جميع اعضاء الجنين واجهزته ـ الى ضغوط ومشاكل نفسية فان هذا الامر يمكنه ان يؤثر على المولود ويخلق له مشاكل من الناحية الجسمية. فتناول الادوية وبالاخص الادوية الخاصة بمعالجة حالات الاضطراب والقلق ممنوعة منعا باتا على المرأة خلال فترة الحمل. الا ان عدد النساء اللاتي يعانين من حالات الاضطراب مع الاسف ليس بقليل وتعاطي هذه الادوية من الممكن ان يسبب عاهة لدى الطفل، والاصابة بالتسمم خلال فترة الحمل مضر جدا ايضا كما ان اصابة الام بامراض السكر والحصبة يمكنها ان تؤدي الى ان يولد الطفل اصم او اعمى او متخلفا عقليا. اضافة الى ان سلامة الروح والجسد والمستوى الدراسي للام كل منهما يلعب دورا مهما في نمو الجنين. فبعض حالات الوحام ايام الحمل خطيرة جدا مثل الرغبة في اكل التراب، فالمرأة المثقفة تعلم ان التراب لايؤكل لذا فهي ترفض حالة الوحام هذه.

 

فترة الحمل، وشعور المرأة بالقلق والاضطراب

 

تقسم الدكتورة الفردوسي حالات القلق والاضطرابات خلال فترة الحمل الى ثلاث مراحل، الاضطراب و القلق خلال الاشهر الثلاثة الاولى، والقلق خلال الاشهر الثانية، والقلق والاضطرابات خلال الاشهر الثلاثة الثالثة. في الاشهر الثلاثة الاولى تشعر المرأة بالقلق ازاء جنينها من حيث سلامته وعدمها.

وفي الاشهر الثلاثة الثانية تشعر الحامل بالقلق ازاء وضعها وظروفها كخوفها من السمنة، ومن ان تفقد رشاقتها، وقلقها حول جنس الجنين؛ هل هو ذكر أم انثى. واكثر قلقها في هذه المرحلة يحوم حول جنس الوليد. اما قلقها في الاشهر الثلاثة الاخيرة فيدور حول تكاليف الولادة، كما انها تبدأ تسأل نفسها: هل سأضع حملي بصورة طبيعية ام سأحتاج الى عملية قيصرية؟ تكاليف المستشفى وتكاليف المولود الجديد وغيرها، كل هذه الامور تجعل المرأة تشعر بالقلق خلال الاشهر الثلاثة الاخيرة من فترة الحمل. وهذا القلق وهذه المخاوف بدورها تؤثر على نمو الجنين ذلك لان جهازها العصبي مرتبط باعضائها الداخلية ومنها الغدد. فعندما تنزعج امرأة يؤثر هذا الامر على افرازات الغدد، وهذه الافرازات تدخل الام مباشرة، وبسبب ارتباط دم الام بالجنين ستنتقل هذه التغيرات الى الطفل ايضا.

 

درجة ارتباط الطفل بامه بعد الولادة

 

في رأي الدكتورة الفردوسي انه لما كانت الام هي اول انسان يرتبط به الطفل فانه ينبغي ان تكون علاقتها بالطفل علاقة خاصة ومتينة وكما يقول العالم النفساني المعروف ((ساليفان)) يقول: ((في الواقع ان الانسان ينمو من خلال صلته وعلاقته بالآخرين والانسان السالم هو الذي يتمكن من اقامة رابطة سليمة.)) هذا الكلام في منتهى الصحة وذلك لان جميع المرضى النفسيين يعانون من مشكلة في مجال اقامة العلاقات السليمة والارتباط مع الآخرين. وفي الحقيقة ان جذور اكثر الامراض النفسية تنشأ من الارتباط والصلة الخاطئة بين الام والأبن، يعني ان لم تتعامل مع ابنها بصورة جيدة ولم يكن سلوكها معه سلوكا ثابتا، سيشعر الطفل بالانزعاج من نفسه، ويتصور انه سيّئ لهذا يعاملوه معاملة سيئة، وبهذا الشكل ستتولد لديه بالتدريج حالة من التشاؤم ازاء محيطه وبيئته وسيسيء الظن بكل شيء ويشك في كل شيء ايضا. جذور هذا المرض تعود الى نوع علاقة الام بطفلها، وصلتها به خلال فترة الرضاعة. وهنا يتبين لنا اذن دور الام الاساس في التربية النفسية للطفل.

يقال عادة بانه منذ ولادة الطفل يجب على الام ان تتكلم معه وان تداعبه عند الرضاعة وتنظر في عينيه يعني ان تقيم معه رابطة وترتبط به الى اقصى حد ممكن. الا ان الامهات مع الاسف اما انهن يجهلن هذه الامور او انهن لايجدن الفرصة ـ بسبب المشاكل الكثيرة ـ لتطبيقها والاهتمام بها. ففي احدى تحقيقاتنا سألنا عددا كبيرا من الامهات: ماذا تفعلن عندما ترضعن اطفالكن من صدوركن؟ وبماذا تفكرن؟ فاكثرهن يجبن هكذا: (انها فرصة لنفكر بمشاكلنا).

الدراسات التي قام بها (سلينجر) العالم النفساني المعروف في هذا المجال تبين بان الاطفال يفضلون الحليب الجاف على حليب امهاتهم اللاتي يشعرن بالاضطراب والقلق. يعني الى هذه الدرجة ترتبط الحالة النفسية للام بنمو الطفل..حليب الام طبعا يحتوي على فيتامينات كثيرة تصون الطفل من الاصابة بكثير من الامراض الميكروبية الا ان دوره الاهم ـ من الناحية النفسية ـ هو اقامة

 

الصلة بين الام والطفل.

 

المسألة الاخرى في اقامة الصلة السليمة بين الام والطفل هي اهمية حضور الام الى جانب الطفل بشكل ثابت ودائم. طبعا هذا لايعني ان تكون الام جنب طفلها طيلة ال (24) ساعة، وانما يكفي ان يشعر الطفل بان هناك شخصا باسم ـ الام ـ موجود الى جانبه دائما، ولهذا السبب نحن كلما التقينا بالمربين او المربيات أو المسؤولات المشرفات على الاطفال الذين فقدوا امهاتهم لسبب ما، كنا نوصيهن ان يخترن للاطفال بديلا ثابتا يحل محل الام.

هذا الامر يمكنه ان يُقلق الامهات اللاتي يزاولن العمل خارج البيت ويضطرن الى وضع اطفالهن في دور الحضانة.

ردا على هذا الامر يجب ان اقول ان على الامهات ان لايقلقن وذلك لان الاطفال سيعودون اليهن عند العصر وسيشرفن بانفسهن على الطفل مرة اخرى، وهذه الرابطة او الصلة ستظل محفوظة على هذا النمط بصورة دقيقة. والمسألة الاخرى هي ان فترة غياب الوالدين عن الطفل محدودة من ناحية علم النفس. على سبيل المثل اذا طالت غيبة الام او الأب اكثر من 6 اشهر، من حقنا ان نقلق لان هذا الامر سيؤثر على نمو الطفل من الناحية الجسمية ايضا. فعندما تترك الام طفلها ـ لأي سبب كان ـ سينتاب الطفل بعد ذهابها شيء من الاضطراب نسميه ((اضطراب الانفصال)) وذلك على ثلاث مراحل.

ان الانسان ينمو من خلال صلته وعلاقته بالآخرين.

المرحلة الاولى: الاعتراض، يعني ان الطفل يصرخ ويبكي. المرحلة الثانية: اليأس والمرحلة الثالثة: اللامبالاة، ويعني انه حتى اذا عادت الام ايضا فان الطفل سوف لايهتم بها في الظاهر ولكنه يظل يعاني في باطنه. وعندما يصل الطفل الى هذه المرحلة ـ مرحلة اللامبالاة ـ تتصور بعض الامهات خطأً ان الطفل قد تعوّد على غيابهن في حين ان الطفل يمر بمرحلة حساسة من حياته.

وحسب رؤية الدكتورة الفردوسي ان الشعور بالامان احدى الرغبات والاهداف الاساسية للبشر. في هذا المجال يقول العالم النفساني المعروف (آدلر): كل الكائنات تسعى وتثابر في سبيل الوصول الى درجة الامان واذا تعرض الشعور بالامن الى الخطر فمن الممكن ان يتعرض الانسان في ما بعد الى مشاكل من الناحية المعنوية والنفسية، يعني يعتبر اساس جميع هذه الامراض بسبب فقدان مسألة الشعور بالامان.

لكن كيف يمكننا ان نجد هذا الشعور بالامان، فهذا له قصة طويلة، فالشعور بالامن يبدأ منذ الطفولة ومنذ ايام الرضاعة، كما ان اسلوب تعامل الوالدين، والتمييز بين الاطفال، وعدم الاهتمام بشخصية الطفل، وترتيبه بين الاطفال ـ يعني كونه الطفل الاولى او الثاني او الاخير ـ كل هذه الامور لها تأثير على مدى شعور الانسان بالأمان. اما مدى حاجة الام الى الشعور بالامان فهذا يتطلب بحثا طويلا وعريضا. والحقيقة ان عدم الشعور بالامان ناجم عن عدم تأمين بعض الاحتياجات، فالمرأة بحاجة الى ان تشعر بالامان في حياتها الزوجية وفي العمل ، وفي حياتها الاجتماعية.

تعتبر الدكتورة الفردوسي ان تعدد المشاغل والاعمال مشكلة كبرى للمرأة. فالعمل خارج البيت، وادارة شؤون الحياة الزوجية، ومداراة احد المسنين والاعتناء به سواء كانت الام او ام الزوج، وادارة شؤون البيت وغيرها فكل عمل وكل دور من هذه الادوار يترك تأثيراته الخاصة على اعصاب المرأة، لكن مع الاسف قلما يهتم بمثل هذه القضايا. وقد بينت الدراسات بان اهم دور تؤديه المرأة هو دورها في داخل اسرتها، فإذا شعرت المرأة بالامان في هذه البؤرة فذلك هو الامر المهم الذي لايضر معه ان تكون لها اعمال اخر كثيرة خارج البيت فهذه الاعمال لاتترك تأثيرا كبيرا على اعصابها مهما كانت متعددة، وهناك نماذج كثيرة تدل على صحة هذا الامر.

و تضيف سيماء الفردوسي بان دور الرجل في الاشراف على زوجته الحامل والعناية بها، افضل من دور الطبيب المعالج، لان الطبيب لايمكنه ان يدخل الشعور بالامان النفسي والمعنوي لدى المرأة ولكن الرجل يمكنه ان يشعر المرأة به، وبتعبير آخر ان دور الرجل في خلق الشعور بالامان لدى المرأة مهم للغاية.

 

نمو الطفل في الواقع يبدأ من فترة الحمل، فاذا تعرضت الام خلال فترة الحمل، وخاصة في الاشهر الثلاثة الاولى ـ التي تتشكل خلالها جميع اعضاء الجنين واجهزته ـ الى ضغوط ومشاكل نفسية فان هذا الامر يمكنه ان يؤثر على المولود ويخلق له مشاكل من الناحية الجسمية. فتناول الادوية وبالاخص الادوية الخاصة بمعالجة حالات الاضطراب والقلق ممنوعة منعا باتا على المرأة.

المسألة الاخرى في اقامة الصلة السليمة بين الام والطفل هي اهمية حضور الام الى جانب الطفل بشكل ثابت ودائم. طبعا هذا لايعني ان تكون الام جنب طفلها طيلة ال (24) ساعة، وانما يكفي ان يشعر الطفل بان هناك شخصا باسم ـ الام ـ موجود الى جانبه دائما.

دور الام في تربية شخصية الطفل تبدأ من فترة الحمل وجذور أكثر الأمراض النفسية تنشأ من الارتباط والصلة الخاطئة بين الأم والطفل.

 


source : الشیعه
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

القرآن الكريم ورأيه حول المرأة
إلى السيدة رقية عليها السلام
يا ليتَنا كنّا مَعكم
5شعبان ولادة الامام زين العابدين(ع)
الإمام المهدي (عج) في روايات أهل السنّة
آثار الغيبة على الفرد والمجتمع وإفرازاتها
في شكر الله تعالى
تفضيل الصحابة كثيرة
أهمية التربية في الإسلام
تعدد المذاهب والفرق سمة وحالة لازمة ثابتة في ...

 
user comment