عربي
Thursday 18th of April 2024
0
نفر 0

الغدير و الإمامة



إن كلمة (حديث الغدير) تتضمن إشارة إلى حادثة تاريخية وقعت في السنة الأخيرة من حياة الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله). وبالذات في الأشهر الأخيرة منها.

حيث إنه (صلى الله عليه وآله) قد حج حجته المعروفة بـ(حجة الوداع) فلما قضى مناسكه، انصرف راجعا إلى المدينة، ومعه جموع غفيرة تعد بعشرات الألوف من المسلمين، فلما بلغ موضعا يقال له: (غدير خم).

في منطقة الجحفة، التي هي بمثابة مفترق طرق، تتشعب منها طرق المصريين والمدنيين والعراقيين.

نزل جبرائيل عليه في ذلك الموضع، في يوم الخميس في الثامن عشر من ذي الحجة بقوله تعالى: (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك)، حيث أمره الله سبحانه أن يقيم عليا إماما لأمة، ويبلغهم أمر الله سبحانه فيه.

فما كان من الرسول (صلى الله عليه وآله) إلا أن أمر برد من تقدم من الناس، وحبس من تأخر منهم. ثم صلى بهم الظهر، وبعدها قام بهم خطيبا على أقتاب الإبل وذلك في حر الهاجرة. وأعلن، وهو آخذ بضبع على(عليه السلام) : أن عليا أمير المؤمنين، ووليهم، كولاية رسول الله (صلى الله عليه وآله) لهم. حيث قال: من كنت مولاه فعلى مولاه (قاله ثلاث أو أربع مرات) اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وأحب من أحبه، وأبغض من أبغضه، وانصر من نصره، واخذل من خذله.

فنزلت الآية الكريمة: (اليوم أكملت لكم دينكم، وأتممت عليكم نعمتي، ورضيت لكم الإسلام دينا).

ثم طفق القوم من الصحابة يهنئون أمير المؤمنين (عليه السلام)، وفي مقدمتهم الشيخان: أبو بكر وعمر وغيرهما من المعروفين من صحابة رسول الله (صلى الله عليه وآله)(1).هذه صورة موجزة عن هذه القضية ذكرناها توطئة، وتمهيدا للبحث الذي هو محط نظرنا، فإلى ما يلي من مطالب وصفحات.

 
توطئة وتمهيد

قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك، وإن لم تفعل، فما بلغت رسالته، والله يعصمك من الناس، إن الله لا يهدي القوم الكافرين)(2).

نزلت هذه الآية في حجة الوداع، لتؤكد على لزوم تبليغ النبي (صلى الله عليه وآله) ما أمر به من أمر الإمامة. وولاية علي (عليه السلام) على الناس. كما ذكرته المصادر الكثيرة. والروايات الموثوقة ولسنا هنا بصدد الحديث عن ذلك.

وقد يرى البعض: أن هذه الآية قد تضمنت تهديدا للرسول نفسه، بالعذاب والعقاب إن لم يبلغ ما أنزل إليه من ربه، وفي بعض الروايات: أنه (صلى الله عليه وآله) قد ذكر ذلك في خطبته للناس يوم الغدير، وستأتي بعض تلك الروايات إن شاء الله تعالى.

ولكننا نقول: إن التهديد الحقيقي موجه لفئات من الناس كان يخشاها الرسول، كما صرح هو نفسه (صلى الله عليه وآله) بذلك ولم يكن النبي (صلى الله عليه وآله) ممتنعا عن الإبلاغ. ولكنه كان ممنوعا منه، فالتهديد له – إن كان- فإنما هو من باب: (إياك أعني، واسمعي يا جارة).

وهذا بالذات، ما نريد توضيحه في هذا البحث، بالمقدار الذي يسمح لنا به المجال، والوقت فنقول:

 
الغدير، والإمامة

إن من يراجع كتب الحديث والتاريخ، يجدها طافحة بالنصوص والآثار الثابتة، والصحيحة، الدالة على إمامة علي أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام، ولسوف يجد أيضاً: أن النبي (صلى الله عليه وآله) لم يأل جهدا، ولم يدخر وسعا في تأكيد هذا الأمر، وتثبيته، وقطع دابر مختلف التعللات والمعاذير فيه، في كل زمان ومكان، وفي مختلف الظروف والأحوال، على مر العصور والدهور.

وقد استخدم في سبيل تحقيق هذا الهدف مختلف الطرق والأساليب التعبيرية وشتى المضامين: فعلا وقولا، تصريحا، وتلويحا، إثباتا ونفيا، وترغيبا وترهيبا، إلى غير ذلك مما يكاد لا يمكن حصره، في تنوعه، وفي مناسباته.

وقد توجت جميع تلك الجهود المضنية، والمتواصلة باحتفال جماهيري عام نصب فيه رسميا على (عليه السلام) في آخر حجة حجها رسول الله (صلى الله عليه وآله). وأخذت البيعة له فعلا من عشرات الألوف من المسلمين، الذين يرون نبيهم للمرة الأخيرة.

وقد كان ذلك في منطقة يقال لها (غدير خم) واشتهرت هذه الحادثة باسم هذا المكان. وهي أشهر من أن تذكر . وقد المحنا إلى ذلك في أول هذا البحث.

ولسنا هنا في صدد البحث عن وقائع ما جرى، واستعراض جزئياته، ولا نريد توثيقه بالمصادر والأسانيد، ولا البحث في دلالاته ومراميه المختلفة. فقد كفانا مؤونة ذلك العلماء الأبرار،جزاهم الله خير جزاء وأوفاه(3).

وإنما هدفنا هو الإلماح إلى حدث سبقه بفترة وجيزة، وهو ما حصل ـ تحديدا ـ في حجة الوداع، التي نصب فيها النبي (صلى الله عليه وآله) عليا إماما لأمة، وهو في طريق عودته منها إلى المدينة.

وذلك لأن التعرف على هذا الحدث الذي سبق قضية الغدير لسوف يمكننا من أن نستوضح جانبا من المغزى العميق الذي يكمن في قوله تعالى: (والله يعصمك من الناس)(4).

ولكننا قبل ذلك، لا بد لنا من إثارة بقض النقاط المفيدة في هذا المجال فنقول:

 
الحدث الخالد

أن من طبيعة الزمن في حركته نحو المستقبل، وابتعاده عن قضايا الماضي، وهو أن يؤثر في التقليل من أهمية الأحداث الكبيرة، التي يمر بها، وتمر به، ويساهم في أفولها شيئا فشيئا، حتى تصبح على حد الشبح البعيد البعيد، ثم قد ينتهي بها الأمر إلى أن تختفي عن مسرح الذكر والذاكرة، حتى كأن شيئا لم يكن.

ولا تحتاج كبريات الحوادث في قطعها لشوط كبير في هذا الاتجاه إلى أكثر من بضعة عقود من الزمن، مشحونة بالتغيرات والمفاجآت.

وحتى لو احتفظت بعض معالمها - لسبب أو لآخر - بشئ من الوضوح، ونالت قسطا من الاهتمام، فلا يرجع ذلك إلى أن لها دورا يذكر في حياة الإنسان وفي حركته، وإنما لأنها أصبحت تاريخا مجيدا يبعث الزهو والخيلاء لدى بعض الناس، الذين يرون في ذلك شيئا يشبه القيمة، أو يعطيهم بعضا من الاعتبار والمجد بنظرهم.

ولكن قضية الغدير، رغم مرور الدهور والأحقاب، وبعد ألف وأربع مئة سنة زاخرة بالتقلبات العجيبة، وبالقضايا الغريبة، ومشحونة بالحروب والكوراث، بالعجيب من القضايا والحوادث .

ورغم المحاولات الجادة، والمتتابعة للتعتيم علنها، وإرهاقها بالتعليلات غير المعقولة، باردة كانت أو ساخنة، بهدف حرفها عن خطها القويم، وعن الاتجاه الصحيح والسليم..

وكذلك رغم ما عاناه ويعانيه المهتمون بها من اضطهاد وغربة، وتشريد ومحنة، وما يصب على رؤوسهم من بلايا ومصائب، وكوارث ونوائب.

نعم رغم ذلك كله وسواه، فإن هذه الحادثة بما تمثله من قضية كبرى للإيمان وللإنسان، قد بقيت ولسوف تبقى القضية الأكثر حساسية وأهمية، لأنها الأكثر صلة بالإيمان وبالإنسان، ولأنها الأعنق تأثيرا في حياة هذا الكائن، وفي بنية شخصيته من الداخل، وعلى علاقاته بكل من وما يحيط به، أو يمت إليه بأدنى صلة أو رابطة من الخارج.

وهي كذلك القضية الأكثر مساسا وارتباطا بمستقبل هذا الإنسان، وبمصيره، إن في الدنيا، وإن في الآخرة.

وهذا بالذات هو السر في احتفاظ هذه القضية بكل حيويتها، وحساسيتها بالنسبة إليه، على مر الدهور، وتعاقب العصور، ولسوف تبقى كذلك كما سيتضح فيما يأتي.

مفتاح الحل

وإذا كان الأمر كذلك فلا يبقى مجال لما قد يثيره البعض، من أنه: سواء أكان الحق في ذلك لعلي (عليه السلام)، وقد اغتصب منه، وأقصي عن منصب هو له، أم لم يكن الأمر كذلك، فإن هذه القضية قد تجاوزتها الأحداث، وأصبحت تاريخا يحكيه البعض، وينساه آخرون، كأي حدث تاريخي آخر..

فلم يعد الوقوف عندها والاهتمام بها مجديا، ولا خفياً، إن لم نقل: إن فيه ما يوجب الفرقة، ويرسخ التباعد، بما يثيره من كوامن وضغائن.

لا ليس ثمة مجال لهذا القول، فإن قضية الغدير، لا تزال ولسوف تبقى هي القضية الأساسية والرئيسة بالنسبة للمسلمين جميعا، بل وحتى بالنسبة لغيرهم أيضا.

وهي المفتاح للباب الذي لا بد من الدخول منه لحل المشاكل المستعصية الكبرى، وبعث وبناء الإسلام وقوته وحيويته.

وبدون ذلك، فإن على الجميع أن يستعدوا للمزيد من المصائب، وأن يقبلوا- شاؤا أم أبوا - باستمرار حالة الضعف والتقهقر، بل وانهيار بناء الإسلام الشامخ.

 
خلافة أم إمامة‍‍ ‍‍‍‍‍‍‌‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍

وذلك لأن القضية لا تقتصر على أن تكون مجرد قضية خلافة وحكم، أي قضية: أن يحكم هذا، أو يحكم ذاك، لسنوات معدودة، وينتهي الأمر - وربما يقال إن الذين تصدوا للحكم، واستأثروا به لأنفسهم قد قصدوا ذلك، ولكننا نجد شواهد كثيرة قد لا تساعد على هذا الفهم الساذج للأمور.

لا..لا يقتصر الأمر على ذلك، وإنما هو يتجاوزه لما هو أهم وأخطر، حيث قد عمل الحكام الأمويون على تكريس مفهوم الإمامة والخلافة الإلهية في كل شخصية تصدت للحكم .. وذلك في نطاق تقديم العديد من الضوابط والمعايير، المستندة إلى مبررات ذات طابع عقائدي في ظاهره يتم على أساسها اضطهاد الفكر والاعتقاد المخالف، والتخلص من رجالاته بطريقة أو بأخرى.

وقد سرت تلك المفاهيم المخترعة في الناس، وأصبحت أمرا واقعا، لا مفر منه ولا مهرب، ولا ملجأ منه ولا منجى، وتفرقت الفرق، وتحزبت الأحزاب، رغم أن غير الشيعة من أرباب الفرق والمذاهب الإسلامية يعتقدون بالخلفاء أكثر مما يعتقدن الشيعة في أئمتهم ويمارسون ذلك عملا، ولكنهم ينكرون ذلك، ولا يعترفون به، كما أنهم ينكرون على الشيعة اعتقادهم في أئمتهم ما هو أخف من ذلك وأيسر.

دور الإمامة في بناء الإنسان والحياة

وليس من الغريب القول بأن قضية الإمامة والموقف منها هو الذي يحدد مسار الإنسان واتجاهه في هذه الحياة وعلى أساس هذا التحديد، والمعرفة والاعتراف يتحدد مصيره، ويرسم مستقبله، وبذلك تقوم حياته، فيكون سعيد أو شقيا، في خط الإسلام وهداه، أو في متاهات الجاهلية وظلماتها كما أشير إليه في الحديث الشريف: (من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية) أو ما بمعناه(5).

فعلى أساس الاعتقاد بالإمامة يجسد الإنسان على صعيد الواقع، والعمل، مفهوم الأسوة والقدوة، الذي هو حالة طبيعية، يقوم عليها - من حيث يشعر أو لا يشعر - بناء وجوده وتكوين شخصيته، منذ طفولته.

وعلى أساس هذا الاعتقاد، وذلك الموقف – أيضا - يختار أهدافه، ويختار السبل التي يرى أنها توصلة إليها.

كما أن لذلك تأثيره الكبير في تكوينه النفسي، والروحي، والتربوي، وفي حصوله على خصائصه الإنسانية وفي حفاظه على ما لديه منها.

والإمامة هي التي تبين له الحق من الباطل، والحسن من القبيح، والضار من النافع.

وعلى أساس الالتزام بخطها يرتبط بهذا الإنسان أو بذاك، ويتعاون معه، ويتكامل، أو لا يفعل ذلك.

كما أنها هي التي تقدم للإنسان المعايير والنظم، والمنطلقات التي لا بد أن يلتزم بها، وينطلق منها، ويتعامل ويتخذ المواقف - إحجاما أو إقداما - على أساسها.

أضف إلى ذلك أنها تتدخل في حياته الخاصة، وفي ثقافته، وفي أسلوبه وفي كيفية تفكيره.

ومن الإمام يأخذ معالم الدين وتفسير القرآن، وخصائص العقائد ودقائق المعارف. وهذا بالذات هو السر في أننا نجد إنسانا يأخذ معالم دينه من شخص دون آخر، ويجعل هذا أسوته وقدوته دون ذاك.

إذن .. فموضوع الغدير، ونصب الإمام للناس، وتعريفهم به، لا يمكن أن يكون على حد تنصيب خليفة، أو حاكم، أو ما إلى ذلك، بل الأمر أكبر وأخطر من ذلك كما أنه ليس حدثا عابرا فرضته بعض الظروف، لا يلبث أن ينتهي ويتلاشى تبعا لتلاشي وانتهاء الظروف التي فرضته أو أوجدته، وليصبح في جملة ما يحتضنه التاريخ من أحداث كبيرة، وصغيرة، لا يختلف عنها في شيء، ولا أثر له في الحياة الحاضرة إلا بمقدار ما يبعثه من زهو، واعتزاز، أو يتركه من مرارة وألم على مستوى المشاعر والانفعالات لا أكثر.

بل أمر الإمامة، هو الذي يمس في الصميم حقيقة هذا الإنسان، ومصيره ومستقبله، ودنياه وآخرته، ويؤثر في مختلف جهات وجوده وحياته.

ومعنى ذلك هو أنه لا بد من حسم الموقف في هذا الأمر ليكون الإنسان على بصيرة من أمره يموت ميتة جاهلية. كما تقدم عن الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله).

واشتراط الحديث الشريف تحصيل معرفة الإمام في النجاة من الهلكة وذلك في صيغة عامة تشمل كل إنسان حتى ولو لم يكن يعتنق الإسلام، حيث قال: (من مات ولم يعرف إمام زمانه..) ولم يقل: إذا مات المسلم ولم.

إن هذا الاشتراط يوضح لنا: أن تجاهل قضية الإمامة، وعدم حسم الأمر في موضوع الأسوة والقدوة يساوي رفضها، وإبعادها عن محيط الحياة والإنسان في كونه يوجب الميتة الجاهلية، ويترك آثاره السلبية المهلكة والمبيدة، على مجمل حياة هذا الكائن وعلى مستقبله ومصيره، في الدنيا والآخرة.

ومما يدل على ذلك، ويثبته ويؤكده: أنه تعالى قد اعتبر عدم إبلاغ أمر الإمامة إلى الناس، يساوي عدم إبلاغ الرسالة نفسها من الأساس، وذلك يعني: أنه لا يمكن التسامح فيها ولا المحاباة، ولا مجال لإبعاده وتعطيلها لأن ذلك يعني إبعاد الدين وتعطيله، ومنعه من أن يكون هو سيد الموقف، وصاحب القرار في حياة الإنسان، وفي مجمل مواقفه.

 
فما بلغت رسالته

وبعد أن عرفنا: أن الفضية ليست قضية شخص، وإنما هي قضية الرسالة، أن تكون، أو لا تكون، حتى لقد قال تعالى، مخاطبا نبيه (صلى الله عليه وآله)، في مجال الحث على حسم أمر الإمامة (وإن لم تفعل فما بلغت رسالته) بعد أن عرف ذلك .. فإن المنع من إبلاغ الرسالة والإمامة معناه حرمان الإنسان من الهداية الإلهية، والرعاية الربانية، وليس هناك جريمة أعظم ولا أخطر من ذلك.

وهنا لا بد من إلقاء نظرة على ما كانت عليه الحال في زمن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله)، فيما يرتبط بهذه النقطة بالذات، لنتعرف على أولئك الناس الذين حاولوا منع الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) من إبلاغ أمر الإمامة إلى الناس وذلك في الفصل التالي.

 
الموتورون، الحاقدون، المعارضون

إننا إذا رجعنا إلى القرآن الكريم، فسوف نجد أنه قد أفصح لنا عن وجود فئات من الناس، كانت تقف في وجه الرسول (صلى الله عليه وآله) مباشرة، وتمنعه من بيان أمر الإمامة وإقامة الحجة فيها، حتى احتاج (صلى الله عليه وآله ) إلى طلب العصمة من الله سبحانه، ليتمكن من مواجهة هؤلاء، وكبح جماحهم.

فمن هم هؤلاء الأشرار الأفاكون، والعتاة المجرمون. الذين يجترؤون على مقام النبوة الأقدس، ويقفون في وجه إبلاغ أوامر الله، وأحكامه.

الجواب

إن كتب التاريخ والحديث، والسيرة زاخرة بالشواهد والدلائل القاطعة، والبراهين الساطعة، التي تكشف لنا القناع عن وجه هؤلاء، وتظهر مدى تصميمهم على رفض هذا الأمر، ومحاربة، وطمسه ومنابذته،بكل ما أوتوا من حول وقوة..

ونحن في مقام التعريف بهم، والدلالة عليهم نبادر إلى القول: إنهم – للأسف - قوم رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وحاربته وهو غض طري العود، ثم حاربته بعد أن ضرب بجرانه، وعملت على زعزعة أركانه، حينما أرادت حرمانه من العنصر الضروري والأهم للحياة وللاستمرار، والبقاء وأعني به عنصر الإمامة والقيادة.

والنصوص التالية خير شاهد على سياسات قريش هذه . فلنقرأها بتمعن، وصبر، وأناة.

 
النصوص الصريحة

قال عثمان بن عفان لابن عباس:

(لقد علمت: أن الأمر لكم، ولكن قومكم دفعوكم عنه) ثم تذكر الرواية له كلاما آخر، وجواب ابن عباس له، فكان مما قال: (فأما صرف قومنا عنا الأمر، فعن حسد - قد والله - عرفته، وبغي، - والله - علمته بيننا وبين قومنا)(6).وحين ظهرت نتائج الشورى التي عينها عمر بن الخطاب، قال رجل من بني مخزوم لعمار: (ما أنت وتأمير قريش لأنفسها).

ثم تستمر الرواية إلى أن تذكر: أن المقداد قال: (تالله، ما رأيت مثل ما أتي إلى أهل هذا البيت. وأعجبا لقريش، لقد تركت رجلا، ما أقول، ولا أعلم أحدا أقضى بالعدل )(7) وخطب أبو الهيثم بن التيهان بين يدي أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، فقال: (إن حسد قريش إياك على وجهين، أما خيارهم فتمنوا أن يكونوا مثلك منافسة في الملأ، وارتفاع الدرجة. وأما شرارهم فحسدوك حسدا أنغل القلوب، وأحبط الأعمال، وذلك أنهم رأوا عليك نعمة قدمك إليها الحظ، وأخرهم عنها الحرمان، فلم يرضوا أن يلحقوك حتى طلبوا أن يسبقوك، فبعدت - والله - عليهم الغاية، وأسقط المضمار، فلما تقدمتهم بالسبق. وعجزوا عن اللحاق بك بلغوا منك ما رأيت، وكنت والله أحق قريش بشكر قريش..)(8).

وعمرو بن عثمان بن عفان أيضا قال: (ما سمعت كاليوم إن بقي من عبد المطلب على وجه الأرض أحد بعد قتل الخليفة عثمان - إلى أن قال: - فيا ذلاه، أن يكون حسن وسائر بني عبد المطلب - قتلة عثمان - أحياء يمشون على مناكب الأرض..)(9).

يقولون هذا مع أنهم يعلمون: أن الحسن (عليه السلام) كان يدافع عن عثمان وهو محاصر في داره.

وعن علي بن الحسين (عليه السلام)، أنه قال: ما بمكة والمدينة عشرون رجلا يحبنا(10).

ودخل العباس على رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال: يا رسول الله، إنا لنخرج فنرى قريشا تحدث، فإذا رأونا سكتوا. فغضب رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ودر عرق بين عينيه(11).

وسئل الإمام السجاد (عليه السلام ) - وابن عباس أيضا: ما أشد بغض قريش لأبيك؟!.

قال: لأنه أورد أولهم النار، وألزم آخرهم العار(12).

وعن ابن عباس: قال عثمان لعلي (عليه السلام ): (ما ذنبي إذا لم يحبك قريش، وقد قتلت منهم سبعين رجلا،كأن وجوههم سيوف الذهب)(13).

وقريب منه ما روي أن ابن عمر ، قد قاله لعلي أمير المؤمنين (عليه السلام) أيضا(14).

وروي أن العباس قال لرسول الله (صلى الله عليه وآله) : إن قريشا، جلسوا، فتذكروا أحسابهم، فجعلوا مثلك مثل نخلة في كبوة من الأرض، فقال (صلى الله عليه وآله).. الخ . وحسب نص آخر: أن ناسا من الأنصار جاؤوا إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فقالوا: إنا لنسمع من قزمك، حتى يقول القائل منهم: إنما مثل محمد مثل نخلة(15).

ويقولون أيضا: قد كان هوى قريش كافة ما عطا بني هاشم في عثمان(16). وقال المقداد: وآ عجبا لقريش، ودفعهم هذا الأمر عن أهل بيت نبيهم(17).

وقال الثقفي: كانت قريش كلها على خلافة مع بني أمية(18). وبعد بيعة عثمان تكلم عمار، فذكر أن قريشا هي التي صرفت هذا الأمر عن أهل البيت، ثم قال المقداد لعبد الرحمن بن عوف: (يا عبد الرحمن، أعجب من قريش،, إنما تطولهم على الناس بفضل أهل هذا البيت، قد اجتمعوا على نزع سلطان رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعده من أيديهم. أما وأيم الله يا عبد الرحمن، لو أجد على قريش أنصارا لقاتلتهم كقتالي إياهم مع النبي عليه الصلاة والسلام يوم بدر)(19). (وبعد أن بايع الناس عليا (عليه السلام) قام أبو الهيثم، وعمار وأبو أيوب، وسهل بن حنيف، وجماعة معهم، فدخلوا على علي (عليه السلام)، فقالوا: يا أمير المؤمنين أنظر في أمرك، وعاتب قومك هذا الحي من قريش، فإنهم قد نقضوا عهدك، واخلفوا وعدك، ودهونا في السر إلى رفضك)(20)، كما أن البراء بن عازب عد ذكر: أنه حين توفي رسول الله (صلى الله عليه وآله) تخوف أن تتمالأ قريش على إخراج هذا الأمر عن بني هاشم(21). وروي: أن النبي (صلى الله عليه وآله) قد قال لعلي (عليه السلام)، إن الأمة ستغدر بك بعدي(22). كما أنه (صلى الله عليه وآله) قد أخبر أمير المؤمنين، بأن في صدور أقوام ضغائن، لا يبدونها له إلا بعده، وفي بعض المصادر: أن ذلك كان منه (صلى الله عليه وآله) حين حضرته الوفاة(23).

 
الخليفة الثاني يتحدث أيضا

قال عمر لابن عباس وهو يتحدث عن سبب صرف الأمر عن علي (عليه السلام): (والله، ما فعلنا الذي فعلنا معه عن عداوة، ولكن استصغرناه، وخشينا أن لا يجتمع عليه العرب، وقريش، لما قد وترها)(24). وقال لابن عباس أيضا: (كرهت قريش أن تجمع لكم النبوة والخلافة، فتجفخوا الناس جفخا(25)، فنظرت قريش لأنفسها، فاختارت، ووفقت، فأصابت)(26). وفي موقف آخر له أيضا معه، قال الخليفة له: (استصغر العرب سنه). كما أنه قد صرح أيضا بأن قومه قد أبوه(27).

وفي مناسبة أخرى قال له: (لا، ورب هذه البنية، لا تجتمع عليه قريش أبدا)(28). وقال أيضا لابن عباس: (إن عليا لأحق الناس بها، ولكن قريشا لا تحتمله)(29).

 
قريش في كلمات علي (عليه السلام)

وإذا رجعنا إلى كلمات أمير المؤمنين (عليه الصلاة والسلام) نفسه، فإننا نجده يحمل قريشا مسؤولية كل المصائب والرزايا والبلايا التي واجهها هو وكل المخلصين بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله) ولاسيما فيما أرتبط بأمر الخلافة، وما نشأ عن ذلك من مزق، في جسم الأمة، وتوزع في أهوائها. ثم ما كان من تقاتل وتناحر، وانحراف عن خط الإسلام وعن مفاهيمه وأحكامه؟‍ وإلى يوم يبعثون.

ونذكر من كلماته (عليه السلام) هنا، ما يلي:

قال (عليه السلام): (اللهم أخز قريشا، فإنها منعتني حقي، وغصبتني أمري)(30).

وعنه (عليه السلام): (فجزى قريشا عني الجوازي، فإنهم ظلموني حقي، واغتصبوني سلطان ابن أمي)(31).

وفي النهج البلاغة وغيره قال (عليه السلام): (اللهم إني أستعديك على قريش ومن أعانهم، فإنهم قطعوا رحمي، وصغروا عظيم منزلتي، وأجمعوا على منازعتي أمرا هو لي ثم قالوا: ألا في الحق أن تأخذه، وفي الحق أن تتركه).

وزاد في نص آخر: (فاصبر كمدا، أو فمت متأسفا حنقا، وأيم الله لو استطاعوا أن يدفعوا قرابتي - كما قطعوا سنتي ـ لفعلوا - ولكن لم يجدوا إلى ذلك سبيلا)(32).

وفي خطبة له (عليه السلام)، يذكر فيها فتنة بني أمية، ثم ما يفعله المهدي (عليه السلام) بهم، يقول: (فعند ذلك تود قريش بالدنيا وما فيها، لو يرونني مقاما واحدا، ولو قدر جزر جزور، لأقبل منهم ما أطلب اليوم بعضه، فلا يعطونيه)(33). وعنه (عليه السلام): (حتى لقد قالت قريش: ابن أبي طالب رجل شجاع, ولكن لا علم له بالحرب)(34).

وقال (عليه السلام): (إني لأعلم ما في أنفسهم، إن الناس ينظرون إلى قريش، وقريش تنظر في صلاح شأنها، فتقول، إن ولي الأمر بنو هاشم لم يخرج منهم أبدا، وما كان في غيرهم فهو متداول في بطون قريش)(35).

وقال(عليه السلام): (إن العرب كرهت أمر محمد (صلى الله عليه وآله) وحسدته على ما آتاه الله من فضله، واستطالت أيامه، حتى قذفت زوجته، ونفرت به ناقته، مع عظيم إحسانه إليها، وجسيم مننه عندها، وأجمعت مذ كان حيا على صرف الأمر عن أهل بيته بعد موته.

ولولا أن قريشا جعلت اسمه ذريعة إلى الرياسة، وسلما إلى العز والإمرة، لما عبدت الله بعد موته يوما ولا واحدا، ولا ارتدت في حافرتها، وعاد قارحها جذعا وبازلها بكرا(36).

ثم فتح الله عليها الفتوح، فأثرت بعد الفاقة، وتمولت بعد الجهد والمخمصة، فحسن في عيونها من الإسلام ما كان سمجا، وثبت في قلوب كثير منها من الدين ما كان مضطربا، وقالت: لولا أنه حق لما كان كذا.

ثم نبست تلك الفتوح إلى آراء ولاتها، وحسن تدبير الأمراء القائمين بها، فتأكد عند الناس نباهة قوم، وخمول آخرين، فكنا نحن ممن خمل ذكره، وخبت ناره، وانقطع صوته وصيته، حتى أكل الدهر علينا وشرب)(37).

وفي نص آخر عنه (عليه السلام) أنه قال: (فلما رق أمرنا طمعت رعيان البهم من قريش فينا)(38).

وعنه (عليه السلام): (يا بني عبد المطلب، إن قومكن عادوكم بعد وفاة النبي، كعدواتهم النبي في حياته، وإن يطع قومكم لا تؤمروا أبدا).

وعنه صلوات الله وسلامه عليه: (ما رأيت منذ بعث الله محمدا رخاء، لقد أخافتني قريش صغيرا، وأنصبتني كبيرا، حتى قبض الله رسوله، فكانت الطامة الكبرى).

وقال له رجل يوم صفين: لم دفعكم عن قومكم هذا الأمر، وكنتم أعلم الناس بالكتاب والسنة؟!.

فقال (عليه السلام): (كانت إمرة شحت عليها نفوس قوم، وسخت عنها نفوس آخرين).

كما أنه (عليه السلام) قد كتب لأخيه عقيل في رسالة جوابية له: (فإن قريشا قد اجتمعت على حرب أخيك اجتماعها على حرب رسول الله (صلى الله عليه وآله) قبل اليوم، وجهلوا حقي، وجحدوا فضلي، ونصبوا لي الحرب، وجدوا في إطفاء نور الله، اللهم فاجز قريشا عني بفعالها، فقد قطعت رحمي، وظاهرت علي). وفي بعض المصادر ذكر (العرب) بدل قريش(39).

وأما بالنسبة لمعاوية الخليفة الأموي، فقد أخبر (عليه السلام): أنه لو استطاع لم يترك من بني هاشم نافخ ضرمة(40).

وبعد فإن الأمام الحسن (عليه السلام) قد ذكر في خطبة له أن قريشا هي المسؤولة عن موضوع إبعاد أهل البيت عن الخلافة، فراجع(41).

 
بعض ما قاله المعتزلي:

هذا .. وقد أكد المعتزلي هذه الحقيقة في مواضع من شرحه لنهج البلاغة. ونحن نذكر هنا فقرات من كلامه، ونحيل من أراد المزيد على ذلك الكتاب، فنقول:

قال المعتزلي: (إن قريشا اجتمعت على حربه منذ بويع، بغضا له وحسداً، وحقداً ، فاصفقوا كلهم يداً واحدة على شقاقه وحربه، كما كانت في ابتداء الإسلام مع رسول الله (صلى الله عليه وآله)،لم تخرم حاله من حاله أبداً)(42).

وقال: (إنه رأى من بغض الناس له، وانحرافهم عنه، وميلهم عليه، وثوران الأحقاد التي كانت في أنفسهم، واحتدام النيران التي كانت في قلوبهم وتذكروا الترات التي وترهم فيما قبل بها، والدماء التي سفكها منهم، وأراقها ـ إلى أن قال: وانحراف قوم آخرين عنه للحسد الذي كان عندهم له في حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله) لشدة اختصاصه له وتعظيمه إياه، وما قال فيه فأكثر من النصوص الدالة على رفعة شأنه، وعلى مكانه، وما اختص به من مصاهرته وأخوته، ونحو ذلك من أحوله.

وتنكر قوم آخرين له، لنسبتهم إليه العجب والتيه - كما زعموا - واحتقاره العرب، واستصغاره الناس، كما عددوه عليه، وإن كانوا عندنا كاذبين، ولكنه قول قيل، وأمر ذكر)(43).

وقال: (فقد رأيت انتقاض العرب عليه من أقطارها، حين بويع بالخلافة، بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) بخمس وعشرين سنة، وفي دون هذه المدة تنسى الأحقاد، وتموت الثارات، وتبرد الأكباد الحامية، وتسلوا القلوب الواجدة، ويعدم قرن من الناس، ويوجد قرن، ولا يبقى من أرباب تلك الشحناء والبغضاء إلا الأقل).

فكانت حاله بعد هذه المدة الطويلة مع قريش كأنها حاله لو أفضت الخلافة إليه يوم وفاة ابن عمه (صلى الله عليه وآله) من إظهار ما في النفوس، وهيجان ما في القلوب، حتى إن الأخلاف من قريش، والأحداث والفتيان، الذين لم يشهدوا وقائعه وفتكاته في أسلافهم وآبائهم، فعلوا به ما لو كانت الأسلاف أحياء لقصرت عن فعله، وتقاعست من بلوغ شأوه)(44).

وقال: (اجتهدت قريش كلها، من مبدأ الأمر في إهمال ذكره، وستر فضائله، وتغطيه خصائصه، حتى محي فضله ومرتبته من صدور الإسلام)(45).

وقال: (إن قريشا كلها كانت تبغضه أشد البغض - إلى أن قال: ولست ألوم العرب، ولاسيما قريشا في بغضها له، وانحرافها عنه، فإنه وترها، وسفك دماءها، وكشف القناع في منابذته. ونفوس العرب وأكبادها كما تعلم !؟)(46).

وهذا وقد أشار إلى بغض قريش ومنابذتها له في مواضع عديدة أخرى من كتابه، فليراجعها من أراد(47).

وبعد ما تقدم: فإن الوقت قد حان للوقوف على حقيقة موقف هؤلاء مما جرى في قضية (الغدير)، والظرف الذي كان يواجهه الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) مع هؤلاء، في هذه المناسبة بالذات.

 

الرسول (صلى الله عليه وآله) والمتآمرون

ونحن إذا رجعنا إلى كلمات الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله)، المنقولة لنا بصور متعددة، وفي موارد مختلفة، فإننا نجد، أنه (صلى الله عليه وآله) كان يؤكد على معرفته بنوايا المتآمرين من قومه قريش تجاه أهل بيته عموماً، وأمير المؤمنين علي (عليه السلام) بصورة خاصة، وقد تقدم عنه (صلى الله عليه وآله) بعض من ذلك، وما تركناه أكثر من أن يحاط به بسهولة، ويسر، لكثرته، وتنوعه.

ويكفي أن نذكر هنا: أن تأخيره إبلاغ ما أنزل غليه في شأن الإمامة والولاية، قد كان بسبب المعارضة الكبيرة التي يجدها لدى قريش، التي كانت لا تتورع عن إتهام شخص الرسول (صلى الله عليه وآله)، والطعن في نزاهته، وفي خلوص عمله ونيته.

وقد صلحت طائفة من النصوص المتقدمة بأن قريشاً كانت رائدة هذا الإتجاه، وهي التي تتصدى وتتحدى، وإليك نموذجا أخر من تصريحات الرسول (صلى الله عليه وآله) الدالة على معرفته بهؤلاء المتآمرين، ووقوفه على حقيقة نواياهم في خصوص هذا الأمر. وبالنسبة لقضية الغدير بالذات.

 

أمثلة وشواهد

1- قال الطبرسي: (قد اشتهرت الروايات عن أبي جعفر، وأبي عبدالله (عليهما السلام): أن الله أوحى إلى نبيه (صلى الله عليه وآله): أن يستخلف علياً (عليه السلام)، فكان يخاف أن يشق ذلك جماعة من أصحابه، فأنزل الله هذه الآية تشجيعاً له على القيام بما أمره الله بأدائه)(48).

والمراد بـهذه الآية قوله تعالى: (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك).

2- عنه (صلى الله عليه وآله): أنه لما أمر بإبلاغ أمر الإمامة قال: (إن قومي قريبي عهد بالجاهلية، وفيهم تنافس وفخر، وما منهم رجل إلا وقد وتره وليّهم، وإني أخاف، فأنزل الله: (يا أيّها الرسول بلّغ)(49).

3- عن ابن عباس إنّه (صلى الله عليه وآله) قال في غدير خم: (إن الله أرسلني إليكم برسالة وإني ضقت بها ذرعاً، مخافة أن تتهموني، وتكذبوني، حتى عاتبني ربي بوعيد أنزله علي بعد وعيد)(50).

4- عن الحسن أيضاً: (إن الله بعثني برسالة، فضقت بها ذرعاً، وعرفت: أن الناس مكذبي، فوعدني لأبلغنّ أو ليعذبني، فإنزل الله: (يا أيها الرسول بلّغ ما أنزل إليك)(51).

5- عن ابن عباس ،وجابر الأنصاري، قالا: أمر الله تعالى محمداً (صلى الله عليه وآله): أن ينصب علياً للناس، فيخبرهم بولايته، فتخوف النبي (صلى الله عليه وآله) أن يقولوا: حابى ابن عمه، وأن يطعنوا في ذلك فأوحى الله: (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك)(52).

6- عن جابر نن عبد الله: (أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) نزل بخم، فتنحى الناس عنه، ونزل معه علي بن أبي طالب، فشقّ على النبي تأخر الناس، فأمر علياً فجمعهم، فلمّا اجتمعوا قام فيهم، متوسد (يد) علي بن أبي طالب، فحمد الله، واثنى عليه، ثم قال: (قال الناس، إنه قد كرهت تخلفكم عني حتى خيّل إلي: أنه ليس شجرة أبغض إليكم من شجرة تليني)(53).

7- ويقول نص آخر: إنه لما أمر (صلى الله عليه وآله) بنصب علي (عليه السلام): (خشي رسول الله (صلى الله عليه وآله) من قومه، وأهل النفاق، والشقاق: أن يتفرقوا ويرجعوا جاهلية لما عرف من عداوتهم، ولما ينطوي عليه أنفسهم لعلي (عليه السلام) من العدواة والبغضاء، وسأل جبرئيل ان يسأل ربّه العصمة من الناس).

ثم تذكر الرواية: (أنه انتظر ذلك حتى بلغ مسجد الخيف. فجاءه جبرئيل، فأمره بذلك مرة أخرى، ولم يأته بالعصمة، ثم جاء مرة أخرى في كراع الغميم ـ موضع بين مكة والمدينة ـ وأمره بذلك، ولكنه لم يأته بالعصمة.

ثم لما بلغ عدير خم جاءه بالعصمة، فخطب (صلى الله عليه وآله) الناس، فأخبرهم: أن جبرئيل هبط إليه ثلاث مرات يأمره عن الله تعالى، بنصب علي (عليه السلام) إماماً ووليّاً للناس ـ إلى أن قال: - وسألت جبرئيل: ان يستعفي لي عن تبليغ ذلك إليكم ـ ايها الناس ـ لعلمي بقلة المتقين، وكثرة المنافقين، وإدغال الآثمين، وختل المستهزئين بالاسلام، الذين وصفهم الله في كتاله بأنهم: يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم، ويحسبونه هيناً، وهو عند الله عظيم. وكثرة أذاهم لي في غير مرّة، حتى سمّوني أذناً، وزعموا: أنّي كذلك لكثرة ملازمته إيّاي، وإقبالي عليه، حتى أنزل الله عز وجل في ذلك قرآناً: (ومنهم الذين يؤذون النبي، ويقولون هو أذن).

إلى أن قال، ولو شئت أن أسميهم باسمائهم لسميت، وأن أومي إليهم بأعيانهم لأومأت، وأن أدل عليهم لفعلت. ولكني والله في أمورهم تكرّمت(54).

8- عن مجاهد، قال: (لما نزلت: (بلّغ ما أنزل إليك من ربك). قال: يا رب، إنما أنا واحد كيف أصنع، يجتمع عليّ الناس؟ فنزلت (وإن لم تفعل فما بلغت رسالته)(55).

9- قال إبن رستم الطبري: (فلما قضى حجة وصار بغدير خم، وذلك يوم الثامن عشر من ذي الحجة، أمره الله عز وجل بإظهار أمر علي، فكأنه أمسك لما عرف من كراهة الناس لذلك، إشفاقاً على الدين، وخوفاً من ارتداد القوم، فأنزل الله (يا أيها الرسول بلّغ ما أنزل إليك)(56).

10- وفي حديث مناشدة علي (عليه السلام) للناس بحديث الغدير، أيّام عثمان، شهد ابن أرقم، والبراء بن عزب، وأبو ذر، والمقداد، أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال، وهو قائم على المنبر، وعلي (عليه السلام) إلى جنبه: (أيها الناس،أن الله عز ودل أمرني أن أنصب لكم إمامكم، والقائم فيكم بعدي، ووصي، وخليفتي، والذي فرض الله عز وجل على المؤمنين في كتابه طاعته، فقرب(57) بطاعته طاعتي، وأمركم بولايته، وإني راجعت ربّي خشية طعن أهل النفاق، وتكذيبهم، فأوعدني لأبلغها، أو ليعذبني)(58).

وعند سليم بن قيس: (إن الله عز وجل أرسلني برسالة ضاق بها صدري، وظننت الناس يكذبوني، وأوعدني)(59).

11- وعن ابن عباس: لما أمر النبي (صلى الله عليه وآله) أن يقوم بعلى ابن أبي طالب المقام الذي قام به، فانطلق النبي (صلى الله عليه وآله) إلى مكة، فقال: رأيت الناس حديثي عهد بكفر ـ بجاهلية ـ ومتى أفعل هذا به، يقولوا: صنع هذا بابن عمّه ثم مضى حتى قضى حجة الوداع(60).

وعن زيد بن علي، قال: لما جاء جبرئيل بأمر الولاية ضاق النبي (صلى الله عليه وآله) بذلك ذرعاً، وقال: قومي حديثوا عهد بجاهليّة، فنزلت الآية(61).

12- وروي: انه (صلى الله عليه وآله) لما إنتهى إلى غدير خم (نزل عليه جبرئيل، وأمره أن يقيم علياً، وينصبه إماماً للناس. فقال: إن أمتي حديثوا عهد بالجاهلية. فنزل عليه: إنها عزيمة لا رخصة فيها، ونزلت الآية: (وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس)(62).

13- وفي رواية عن الإمام الباقر(عليه السلام) جاء فيها أنه حين نزلت آية إكمال الدين بولاية علي (عليه السلام): (قال عند ذلك رسول الله: إن أمتي حديثوا عهد بالجاهلية، ومتى أخبرهم بهذا في ابن عمي، يقول قائل، ويقول قائل. فقلت في نفسي من غير أن ينطلق لساني، فأتتني عزيمة من الله بتلة أوعدني: إن لم ابلغ أن يعذبني فنزلت (يا أيها الرسول بلّغ ما أنزل إليك)(63).

وفي بعض الروايات: إنه (صلى الله عليه وآله) إنما أخر نصبه (عليه السلام) فرقاً من الناس، أو لمكان الناس(64).

 

ممن الخوف يا ترى

14- عن: (ضاق بها ذرعاً، وكان يهاب قريشاً، فازال الله بهذه الآية تلك الهيبة)(65).

يريد: أن الرسول (صلى الله عليه وآله) ضاق ذرعاً وخاف قريشاُ بالنسبة لبلاغ أمر الإمامة، فأزال الله بآية: (والله يعصمك من الناس) خوفه بذلك.

 

المتآمرون

هذا غيض من فيض مما يدل على دور المتآمرين من قريش، ومن يدور في فلكها في صرف الأمر عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، وتصميمهم على ذلك، لأسباب أشير إلى بعضها في ما نقلناه من كلمات ونصوص.

وفي مقدمة هذه الأسباب حرص قريش على الوصول إلى السلطة، وحقدها على أمير المؤمنين (عليه السلام) لما قد وترها في سبيل الله والدين.

وكل ما تقدم يفسر لنا السر فيما صدر من هؤلاء الحاقدين من صخب وضجيج، حينما أراد الرسول (صلى الله عليه وآله) في منى وعرفات: أن يبلغ الناس أمر الإمامة، ودورها، وأهميتها، وعدد الأئمة، وأنهم إثنا عشر إماماً، وغير ذلك.

حيث قد تخوفوا من أن يكون قد أراد تنصيب علي (عليه السلام) إماماً للناس بعده. فكان التصدي منهم. الذي انتهى بالتهديد الإلهي. فإضطر المتآمرون إلى السكوت في الظاهر على مضض، ولكنهم ظلوا في الباطن يمكرون، ويتآمرون، (ويمكرون ويمكر الله، والله خير الماكرين)(66).

66- سورة الانفال الآية 30.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- راجع: الغدير للعلامة الأميني ج1، ص 9 – 12 وغيرها من الصفحات.

2- سورة المائدة الآية 67.

3- راجع: كتاب الغدير للعلامة الأميني، وكتاب دلائل الصدق، والمراجعات.

4- سورة المائدة الآية 67.

5- راجع: الغدير ج 1، ص 390 عن التفتازاني في شرح المقاصد ج2، ص 275، وكنز الكراكجي: ص151، والمناقب لإبن شهرآشوب ج3 ص217، ومجمع الزاوئد ج5، ص 224 و 225 و219 و218، ومسند أحمد ج 4، ص 96 ، والبحار ج 23، ص92 و 88 و 8 – و 89 وفي هوامشه عن الاختصاص: 269 ، وعن إكمال الدين: ص 230 و 231 ، وعن عيون أخبار الرضا (عليه السلام): ص 219 ، ومنتخب الأثر: ص15 عن الجمع بين الصحيحين والحاكم.

6- قاموس الرجال ج 6، ص 37، وشرح النهج للمعتزلي ج 9، ص 9، والموفقيات: ص 606.

7- قاموس الرجال ج 6، ص 385 ـ 385، وشرح النهج للمعتزلي ج 12، ص 266 و ج 9 ص 57 ـ 58، وفي كلمات المقداد رحمه الله عبارات أخرى صريحة في ذلك، فلتراجع.

8- الأوائل ج 1، ص 316 ـ 317.

9- الاحتجاج ج 1 ص 403، والبحار ج 44، ص 71.

10- شرح النهج للمعتزلي ج 4، ص104، والبحار ج 46، ص 143 وعن الطبعة الحجرية ج 8، ص 676 و 730، وراجع: الغارات ج 2، ص 573.

11- مسند أحمد ج 4، ص 164 و ج 1، ص 208، وراجع ص 210، وسنن ابن ماجة ج 1، ص 50، وحياة الصحابة ج 2، ص487 و 488، ونل الأبرار: ص 34 - 35، وراجع: تاريخ المدينة ج 2، ص 239 و 640, ومستدرك الحاكم ج 3، ص 333، وتلخيصه للذهبي، بهامش نفس الصفحة، ومنحة المعبود ج 2، ص147 ومجمع الزوائد ج 9 ص 269 والجامع الصحيح للترمذي ج 5 ص 652، وصححه، وأسد الغابة ج 3، ص 110، وكنز العمال ج 13، ص 90 و 88 ـ 89 و 83, و ج 16، ص 254 و 135 و 128 عن عدد من المصادر ونقله بعض الأعلام عن الكامل لابن عدي ج 6، ص 1885، وعن المصنف لابن أبي شيبة ج 12، ص 108، وعن المعرفة والتاريخ ج 1، ص 497 , 499. والبحار ج 8، ص 151 الطبعة الحجرية.

12- نثر الدر لآبي ج 1، ص 304 والمناقب لابن شهرآشوب ج 3، ص 220 والبحار الطبعة الحجرية ج 8، ص 151.

13- معرفة الصحابة لأبي نعيم الورق 22 مخطوط في مكتبة طوب قبوسراي رقم 1 ص497 /أ، والجمل ص 99 وشرح النهج المعتزلي ج 9، ص 23.

14- المناقب لابن شهرآشوب ج 3، ص 220.

15- راجع مسند أحمد ج 4، ص 166، ولسان العرب ج 15، ص 213، والبحار ج 36 ص 294، والنهاية ج 4، ص 146. وفي الكامل لابن عدي ج 2، ص 665: أن القائل هو أبو سفيان وفي البحار ج 36، ص 278, 294: أن القائل هو عمر بن الخطاب. والكبا: الكناسة، والتراب الذي يكنس.

16- شرح النهج للمعتزلي ج 9، ص 52.

17- تاريخ اليعقوبي ج 2، ص 163.

18- الغارات ج 2، ص 570، وراجع 554.

19- مروج الذهب ج 2، ص 343.

20- شرح النهج لابن أبي الحديد، المعتزلي ج 2، ص 39 ـ 40.

21- شرح النهج لابن أبي الحديد المعتزلي ج 2، ص 51.

22- نزل الأبرار: ص 261، وتاريخ بغداد ج11، ص 216، ومستدرك الحاكم ج 3، ص 142، وتلخيصه للذهبي، بهامش نفس الصفحة، وعن كنز العمال ج 6، ص 73، والبحار ـ طبعة حجرية ـ ج 8، ص 629.

23- راجع المصادر التالية: تذكرة الخواص: ص45 ـ 46، كفاية الطالب: ص272، وفرائد السمطين ج 1 ص 152، والبحارج 28، ص 53 ـ 54 وكتاب سليم بن قيس: ص 22، ومجمع الزوائد ج 9، ص 118 عن البزار والطبراني وأبي يعلى، والمناقب للخوارزمي ص 26 وتاريخ بغداد ج 12 ص 398 ومقتل الحسين للخوارزمي: ج1، ص 36، وترجمة الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) ـ من تاريخ دمشق، بتحقيق المحمودي ج 2، ص 322 ـ 325، ونور الأبصار: ص 79، وميزان الاعتدال ج 3، ص355 وشرح النهج للمعتزلي ج 4، ص 107، وكنز العمال ج 15، ص 156 عن ابن النجار وأبي الشيخ والمستدرك والبزار وابن الجوزي والخطيب وأبي يعلى، وكفاية الأثر: ص124 و 158.

24- الغدير ج 1، ص 389 عن محاضرات الراغب، والبحار ج 8، ص 209 ـ الطبعة الحجرية.

25- الجفخ: التكبر.

26- قاموس الرجال ج 6، ص 33 و 403، وقال: رواه الطبري في أحوال عمر، والمسترشد في إمامة علي (عليه السلام): ص 167 وشرح النهج للمعتزلي ج 12، ص 53, وراجع ص 9 وعبر بـ(قومكم) وفيه: (إنهم ينظرون إليه نظر الثور إلى جازره)، وراجع ج 2، ص58 والإيضاح: ص 199.

27- راجع: شرح النهج للمعتزلي ج 12، ص 46 وراجع ج 2، ص 58 و81، وفي هامشه عن الرياض النضرة ج2، ص173، وراجع: بهج الصباغة ج 4، ص 361، وقاموس الرجال ج 7، ص 201 و ج 6، ص 35 عن الموفقيات.

28- شرح النهج ج 12، ص 20 و21 عن كتاب بغداد لأحمد بن أبي طاهر، وراجع ج 12، ص 79 و85 و86 و84 و80 و82, وكشف الغنة ج 2، ص49، وقاموس الرجال ج 6، ص398 وج 7، ص188، وبهج الصباغة ج 6، ص 244 وج 4 ص 381، ونقل عن البحار- طبع كمباني ـ ج 8، ص213, 266 و292، وعن ناسخ التواريخ (الجزء المتعلق بالخلفاء): ص 72 ـ 80.

29- تاريخ اليعقوبي ج 2، ص 158، وقاموس الرجال ج 6، ص 36 عنه.

30- شرح النهج، للمعتزلي ج 9، ص 306.

31- المصدر السابق.

32- راجع نهج البلاغة ج 2، ص 227، والمسترشد في إمامة علي (عليه السلام): ص 80 وشرح النهج المعتزلي ج 4، ص 104 وج 6 ص 69، راجع: البحار الطبعة الحجرية ج 8، ص 730 , 672 والغارات ج 2، ص 570.

33- نهج البلاغة ج 1 ص 184.

34- الأغاني ج 15، ص 45, ونهج البلاغة ج 1 ص 66.

35- راجع: قاموس الرجال ج 6، ص 384 و385، وشرج النهج للمعتزلي ج 12، ص 266 ج 9، ص 57 و58.

36- البازل من الإبل: الذي قطر نابه.

37- شرح النهج للمعتزلي ج 20، ص 298 و 299.

38- الأمالي ، للشيخ المفيد: ص 324.

39- راجع الإمامة والسياسة ج 1، ص 56، وراجع المصادر التالية: الغارات ج 2، ص 431، وشرح النهج للمعتزلي ج 2، ص 199 وراجع ج 16، ص 148 ـ 152 وأنساب الأشراف ج 2، ص 75 بتحقيق المحمودي، والأغاني ج 15، ص 46، ونهج البلاغة ج 3، ص 68، والدرجات الرفيعة: ص 156، وعن البحار ـ طبعة حجرية ـ ج8، ص 621 و 673، وراجع أيضا نهج السعادة ج 5، ص 302، وراجع: جمهرة رسائل العرب ج 1، ص 595. والعبارات في المصادر متفاوتة فيلاحظ ذلك.

40- تفسير العياشي ج 2، ص 81، والبحار ج 32، ص 592، وعيون الأخبار - لابن قتيبة ـ ج 1، ص 181.

41- راجع: شرح للمعتزلي ج 16 ص 24 و 33.

42- شرح النهج ج 16، ص 151.

43- شرح النهج ج11، ص 112 و 113.

44- شرح النهج ج 11، ص 114.

45- شرح النهج ج 8، ص 18.

46- شرح النهج ج 14، ص 299.

47- راجع شرح النهج ج 9، ص 28 و29 و52 وج 4، ص 74 - 104.

48- مجمع البيان ج 3 ص 223.

49- شواهد التنزيل ج 1، ص 191.

50- شواهد التنزيل ج 1 ص 193.

51- الدر المثور ج 2، ص 193 وص 298 عن أبي الشيخ.

52- راجع: مجمع البيان ج 3، ص 223، وتفسير العياشي ج 1، ص 331، وتفسير البرهان ج 1، ص 489، وشواهد التنزيل ج 1، ص192، والغدير ج 1، ص 219 و 223 و 377 عن المجمع، وعن روح المعاني ج 2، ص 348.

53- راجع: مناقب علي بن أبي طالب: لإبن المغازلي: ص 25 والعمدة: لإبن البطريق ص 107، والغدير ج 1، ص 22 عنه وعن الثعلبي في تفسيره، كما في ضياء العالمين.

54- الاحتجاج ج 1، ص 69 و70 و73 و74، وراجع: روضة الواعظين: 90 و 92 والبرهان ج 1، ص 437 ـ 438 والغدير ج 1، ص 215 ـ 216 عن كتاب (الولاية) للطبري.

55- الدر المنثور ج 2، ص 298 عن إبن أبي حاتم، عبد بن حميد وإبن جرير.

56- المسترشد في إمامة علي (عليه السلام): ص 94 ـ 95.

57- لعل الصحيح: فقرن.

58- غرائد السمطين ج1، ص 315 و 316، والغدير ج 1 ص 165 ـ 166 عنه، وإكمال الدين ج 1، ص 277 وراجع البرهان ج 1، ص445 و 444 وسليم بن قيس: 149، وثمة بعض الإختلاف في التعبير.

59- سليم بن قيس: ص 148، والبرهان ج 1، ص 444 و 445، والغدير ج 1، ص 196 عن سليم بن قيس.

60- الغدير ج 1، ص 51 ـ 52 و217 و 378، عن كنز العمال ج 6، ص 153 عن المحاملي في أماليه، وعن شمس الأخبار ص 38، عن أمالي المرشد بالله، وراجع كشف الغمة ج 1، ص 318 وغير ذلك.

61- الغدير ج 1، ص 217 عن كشف الغمة ج 1، ص 317.

62- اعلام الورى: ص 132.

63- البرهان في تفسير القرآن ج 1، ص 488، والكافي ج 1، ص 230.

64- تفسير العياشي ج 1، ص 332 والبرهان (تفسير) ج 1، ص 489.

65- مجمع البيان ج 3، ص 223.


source : http://www.abp-ashura.com
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

أساليب القرآن للحث علی التکافل
دعاء ابی حمزة الثمالی
يا ليتَنا كنّا مَعكم
أولويات التغيير والمنظور الاسلامي
مقتل الحسين ( ع )
المهدي المنتظر في القرآن الكريم
زيارة أم البنين عليها السلام
دعاء ادریس
الخصائص الحسنيّة (3)
أهمية التربية في الإسلام

 
user comment