عربي
Saturday 20th of April 2024
0
نفر 0

إدارة الأزمات.. فن الدفاع عن النفس للشركات

أصبحت الأزمات سمة من سمات الحياة المعاصرة. الأزمة هي ذلك الحدث السلبي الذي لا يمكن تجنبه أياً كانت درجة استعداد المنظمة، والذي يمكن أن يؤدي إلى تدميرها أو على الأقل إلحاق الضرر بها.
- نوعان من الأحداث:
هناك قول مأثور ينطبق على إدارة الأعمال، مؤداه: "الأحداث السيئة تأتي فجأة.. والأحداث الطيبة تأتي بالتدريج". وأنت كمدير ورجل أعمال تعرف مدى صدق هذا القول. فإذا ما رنّ جرس هاتف منزلك بعد منتصف الليل فإنك ستتوقع خبراً سيئا على الأرجح. فالأزمات لا تقع عادة إلا في أسوأ توقيت.
- خصائص الأزمة:
في بداية كل أزمة هناك شيء واحد مؤكد: لا أحد يعرف ما هو الوضع بالضبط. لكن الأزمة، بشكل عام، تتصف بالخصائص التالية:
- المفاجأة: تدخل مكتبك في الصباح لتجد جهاز الكمبيوتر قد توقف عن العمل، لتضيع كل الخطط والمعلومات التي قضيت في إعدادها أسابيع طويلة.
- نقص المعلومات: لا تعرف مَن المتسبب، ولا كيف تتصرف. كما أنها المرة الأولى التي تصادفك فيها مثل هذه الأزمة.
- تصاعد الأحداث: تتوالى الأحداث لتضيق الخناق عليك. فالجهاز لا يتوقف عن العمل إلا وقت الحاجة إليه. وجدار المدرسة لا يسقط إلا والطلبة في الداخل الخ.
- فقدان السيطرة: جميع أحداث الأزمة تقع خارج نطاق قدراتك وتوقعاتك وتشذ عن الروتين العادي للمؤسسة.
- حالة الذعر: حيث تصدر عن المدير القليل الخبرة ردّة فعل عنيفة، فينهى خدمة كل من له علاقة بوقوع الأزمة، أو يعمد إلى التشاجر مع معاونيه، أو يقدم استقالته.
- غياب الحل الجذري السريع: الأزمات لا تنتظر المدير حتى يتوصل إلى حل متأن، بل تهدد بتدمير سمعة الشركة وأصولها، في غمضة عين. وهنا لابد من المفاضلة بين عدد محدود من الحلول المكلفة لاختيار أقلها ضرراً.
- قائمة الأزمات:
عندما يشتد قلقك وتوترك، ينصحك علماء النفس وخبراء إدارة الضغوط بكتابة قائمة بالمشكلات التي تؤرقك. فرؤية هذه المشكلات على الورق ــ كما يقولون ــ تمنحك الإحساس بإمكانية إدارتها والسيطرة عليها. يمكنك أن تستخدم نفس الأسلوب لإدارة الأزمات. اكتب قائمة بالأزمات المحتملة، ثم حاول أن تضع لكل واحدة منها درجة احتمال معينة. حاول أن تحدد المهارات الخاصة التي يتطلبها التعامل مع كل أزمة. بعد ذلك ضع لنفسك درجة لقياس القدرة على التعامل مع هذه الأزمة بنجاح. في نهاية القائمة حاول أن تحدد حجم الفجوة، أي الفارق بين المهارات التي تستدعيها الأزمة والمهارات التي تمتلكها أنت وبين الموارد التي تحتاجها الأزمة وموارد الشركة/ القسم الذي تديره.
للوهلة الأولى قد تبدو مهمة وضع مثل هذه القائمة أمراً عسيراً، خاصة إذا ما حاولت أن تبدأ من فراغ. لكن عليك أن تصمم قائمة الأزمات التي تناسب موقعك في الشركة والعمليات والمهام التي تعتبر مسؤولاً عنها.
استعن بالنموذج الموجود أسفل الصفحة لتصميم قائمة الأزمات المحتملة، وهو نموذج تقريبي يمكن الإضافة إليه أو اختصاره طبقاً لاحتياجاتك. حيث أن قائمة الأزمات المحتملة تطول أو تقصر تبعاً للمهام المسندة إليك وبحجم مسؤولياتك في الشركة.
إن تصميم قائمة الأزمات المحتملة ووضع الخطط لإداراتها هو عمل يشبه شراء بوليصة تأمين. فإذا لم تستخدمها فهذا يعني أن شركتك في حالة طيبة ووضع تنافسي جديد.
- أبعاد الأزمة:
ليست الحوادث من قبيل انهيار جدران المصنع أو انقطاع التيار الكهربائي لأكثر من 24 ساعة هي وحدها التي تندرج تحت مصطلح أزمة. فهذه الأزمات تجلب للشركة قدراً من تعاطف الرأي العام والحكومة وتصبح فرصة لمزيد من العلاقات الإيجابية. لكن هناك أنواعاً من الأزمات التي تنفجر بفعل فاعل والتي ينتهزها المنافسون للانقضاض عليك ، وهي أزمات لا يمكن رؤية أي جانب إيجابي فيها.
هذا النوع من الأزمات لا يحدث من تلقاء نفسه. هنا تكون الأزمة أزمة علاقات بالدرجة الأولى، أزمة بين الشخصية الاعتبارية لشركتك والشخصيات الأخرى في المجتمع. التحسب للأزمات يعني الاستعداد للأسوأ. والأسوأ لم يكن قط من عمل الظروف الطبيعية وحدها. بل قد يكون أحياناً من فعل الإنسان، الذي قد يصنع الأزمة بقصد أو بدون قصد.
وهناك بُعدان لهذا النوع من الأزمات، هما:
1- مشكلة: وهي نوع من التغيير المفاجئ غير المحسوب. وتتطلب مزيجاً فعالاً من مهارات التخطيط والاحتواء والتوقع لدى الإدارة.
2- صراع: ويتضمن اصطدام مصالح أو إرادة طرفين أو أكثر. وهو يتطلب مهارات خاصة لإدراة الصراع والتفاوض.
- جذور الأزمة.. هل تمتد داخل شركتك؟
هذا يعني أن هناك شخص أو مجموعة أشخاص يحركون الأزمات التي تعصف بشركتك، ويديرونها.
هنا تكون الخطوة الأولى لمواجهة الأزمات وإدارتها، وهي فهم أساليب عمل هؤلاء الأشخاص ومصالحهم ومواقعهم ودراسة قدراتهم وإمكانية تحييدهم. قد يكون هؤلاء الأشخاص من العاملين معك أو من مورديك أو عملائك.
فمدير القسم الذي ينشر ثقافة العنف أو الرشوة والمحسوبية داخل الشركة قد يتسبب في إشعال أزمة بين العاملين، والعميل الذي يهرع إلى أقرب محامي ليقاضيك إثر تضرره من استخدام منتجاتك قد يتسبب في أزمة تسيء إلى صورة شركتك أمام الرأي العام. والمتظاهرون الذين يقذفون أبواب شركتك بالحجارة قد يتسببون في مقاطعة الجمهور لمنتجاتك.
هذه مجرد أمثلة لأفراد ومجموعات لديها مفاهيم ومناهج عمل ومصالح خاصة تختلف عن تلك التي تحكم مصلحة شركتك، بل تتعارض معها في معظم الأحيان.
في مثل هذه الحالات عليك أن تحلل بدقة أسلوب عمل هؤلاء الأشخاص لتستطيع أن تصون شركتك من هجماتهم.
- أزمات مع أطراف خارجية:
الأزمات الخارجية التي تتعرض لها الشركات هي تلك التي لاتجد معها مناصاً من الدخول في صراع مع أطراف تهدف إلى الإضرار بمصالح الشركة.
يجدر بك أن تنظر إلى هذا الصراع على أنه صراع حياة أو موت. فإذا خسرت الحرب أمام أحد الأطراف اجتمعت الأطراف الأخرى حول المنتصر لتفتك بشركتك.
مثل هذه الأزمات ما يلي:
1 ـ دعوى قضائية:
هنا قد يكون الهدف الأساسي لصاحب الدعوى القضائية هو الحصول على المال. بينما يكون هدفه الثانوي هو التعريض بشركتك وتشويه صورتها أمام الرأي العام.
ورغم انه من غير المحتمل أن يرفض المدعي صاحب الدعوى القضائية تسوية القضية مقابل مبلغ من المال تدفعه له، إلا أن هذا الأسلوب ليس هو الأمثل في كثير من الحالات. فغالباً ما سينظر الرأي العام لشركتك على أنها اشترت من المدعي سكوته مقابل المال. لأنه لو كان الحق في جانبك لم تكن لتلجأ لذلك. ويعتمد قرار الإدارة في هذه الحالة على الموازنة بين مركز الشركة ومركز الخصم والأثر المتوقع على الرأي العام.
2 ـ المقاطعة:
إنتبه لمن يهددون بمقاطعة منتجاتك. فكل ما يريدونه هو إحداث ضجة كبيرة ليحصلوا على تغطية إعلامية جيدة لمساندتهم، ولفت الأنظار إليهم.
لايهدف أصحاب حركات المقاطعة، في الغالب لتحقيق ربح مادي. ولذا يجدر بك الابتعاد عن محاولة التسوية المالية وإلا شهروا بك أكثر وأكثر، وذلك على العكس من أسلوب التعامل مع أصحاب الدعاوى القضائية.
رغم ذلك، ليس عليك أن تقدم أية تنازلات إلا بعد دراسة الوزن الترجيحي لمن يهددون بمقاطعة منتجاتك، فإذا كانوا مجرد مجموعة من الأفراد دون سند قانوني أو اجتماعي كافي فقد يجدر بك ألا تعيرهم أي اهتمام، ولكن دون أن تسخر منهم، وهذا مثلاً هو أسلوب تعامل سفراء الدول مع مسيرات الاحتجاج أمام مبنى سفاراتهم.
أمّا إذا تمتع أصحاب الحركة بسند قانوني أو اجتماعي قوي، فقد يكون من الأفضل الاعتراف لهم بما يطلبون.
3 ـ حملات الإعلام المضادة:
يفضل في حالة التعامل مع وسائل الإعلام أن تكسبها إلى جانبك منذ البداية. فالعديد من المسؤولين عن تشغيل هذه الأداة الرهيبة لا يهتمون بالبحث عن الحقيقة الكاملة بقدر ما يندفعون للتعبير عن مشاعرهم أو مشاعر مروجي الإشاعات الذين يذهبون إليهم بقصص تسيء لشركتك. فإذا كانوا يشعرون بوجودك ويتفهمون موقفك وشخصيتك فلن يصدقوا كل ما يلقي به مروجو الإشاعات عنك.
- الخطر من الداخل:
يوماً بعد يوم تزداد المسافة بين الحلم والواقع. فمع تقدم بعض الدول، يزداد مواطنو الدول المجاورة تعاسة لا لشيء إلا لأن دولهم لم تحرز مزيداً من الرخاء. وللعاملين داخل الشركة مشاعر مماثلة. فإذا ما فشلت الخطة التسويقية في تحقيق 50% من أهدافها، يظن بعض العاملين أنها لن تحقق من الخطة التالية سوى 25% من الأهداف. وهكذا حتى أصبح العامل يلوم الشركة برمتها عندما يفشل في تنفيذ مهمته الفردية.
إنّ الفشل في الأحوال العادية يدفع لمزيد من الفشل، خاصة إذا كان مصحوباً بنجاح المنافسين.
فإذا ما تأصلت ثقافة الفشل واليأس داخل شركتك، ستجد أن المهام تصمم بحيث تصيب العامل بأكبر قدر ممكن من التوتر، وأن النظام يطبق لاقتناص الفرص لمعاقبة العاملين على الأخطاء بدلاً من مكافأتهم على حسن البلاء. في مثل هذه البيئة تركد الاتصالات وتعشش العناكب في زواياها المظلمة لتزيدها ظلاماً. يتحول كل يوم من أيام مثل هذه الشركات إلى أزمة.. أزمة للنجاة من الموت. فكل حركة من حركات المنافسين هي ضربة قاضية وكل تغير في ظروف السوق هو انقلاب. فالعلاقة بين اليأس والفشل والخوف علاقة وثيقة يتولد عنها شيء واحد هو الأزمة.
- أزمات بسبب العاملين:
إن جوهر الإدارة هو إدارة الأفراد للقيام بالعمل، ولذا يجد المدير نفسه مشغولاً بمشكلات تختلف كثيراً عن مشكلات الصيانة والبرمجة التي ما كانت لتشغل جل وقته لو أنه استخدم طاقماً من الروبوتات الآلية، بدلاً من الآدميين.
- بين إدارة الأفراد وإدارة الوظائف:
هناك الآلآف من القصص الواقعية التي تعبر عن إهمال بوادر الأزمات والتقليل من شأنها، حتى تطل بوجهها السافر لتدمر الشركة وتحطم سمعتها.
يجب ألا ننسى أزمة "بنك بارينجر" التي تسبب فيها أهم موظفي البنك وأكثرهم نشاطاً، حين تورط في تعاملات ومضاربات مشبوهة بودائع العملاء، ولم يحالفه الحظ فأضاع أموال البنك والعملاء.
فهل ما زلت تعتقد أن مهمتك هي إدارة الوظائف لا إدارة الأفراد وثقافتهم؟
- أزمات متعلقة بالمنتج:
مع هذه الوفرة من المنتجات الاستهلاكية والغذائية يصعب استبعاد حدوث الأزمات، خاصة تلك الناجمة عن تناول أغذية فاسدة أو ضارة بالبيئة... إلخ.
- دورة حياة الأزمة:
يوحي تحليل الأزمات بوجود دورة حياة للأزمة: فكل منها تبدأ عند لحظة معينة، ثم تشتد بسرعة ثم تخبو حتى تنتهي. وفي هذا تماثل مع النموذج البيولوجي لمراحل حياة الكائن الحي، عبر الميلاد، والنمو، والنضج، والموت. ويمكننا بالتالي بناء نموذج افتراضي لدورة حياة الأزمة، يمكن التحكم من خلاله بالأزمة وإدارة تبعاتها.
- إجهاض الأزمة:
يعني هذا المصطلح القضاء على الأزمة قبل أن تولد ، وذلك بإزالة أسبابها المحتملة. كان الحكيم الهندي (يوجي) يقول: "إذا رأيت حجراً في الطريق فأزله، ولا تنتظر حتى تتعثر به".
يتطلب هذا أن تتقبل القد وتزن التحذيرات وتدرسها دون إهمال. وفي تقييمك للإنذارات والتحذيرات، لا تعتمد على المكلفين بإطلاق صفارات الإنذار فقط، فسؤال هؤلاء عما إذا كانت هناك أزمة وشيكة أم لا هو بمثابة سؤال فأر أين ذهب بالجبنة.
- النموذج النظري لإدارة الأزمة:
إذا فشلت في إجهاض الأزمة فليس أمامك سوى إدارة دورة حياتها، وبمعدل أسرع من معدل تفاقمها وتطورها تلك هي الحقيقة الأولى للتعامل مع الأزمات. ومن الناحية النظرية تنقسم دورة حياة الأزمة في علاقتها بالمؤسسة إلى المراحل التالية:
2 - مرحلة ما قبل الأزمة:
تركز جهود الإدارة في هذه المرحلة على أداء المهام التالية:
- مسح البيئة واستشعار الأزمات المحتملة (الجنينية) التي قد تنفجر في المستقبل.
- جمع المعلومات عن هذه الأزمات أو المشكلات، وتقييم درجة خطورتها.
- اتخاذ الإجراءات الوقائية لمنع ولادة الأزمة.
- أخذ العبرة من خبرات الآخرين.
من الواضح أن مهام إدارة الأزمات في هذه المرحلة تتركز على الوقاية من الأزمة. فعقب أزمة "ماكدونالدز" قامت شركة "ستاربكس" الشهيرة و"دنكن دونتس" بإعادة تقييم طريقة تقديم القهوة لعملائها. أما مطاعم "ويندوز" فقد أوقفت بيع الشيكولاتة الساخنة بصفة مؤقتة.
2 ـ مرحلة تفاقم الأزمة:
تتفاقم الأزمة من تلقاء نفسها دون حاجة لمساعدة الإدارة. إلا أن هناك بعض البيئات الإدارية التي تفضلها الأزمات دون غيرها. تتميز هذه البيئات الإدارية بعدد من السمات التالية:
- ضعف الشبكات الاتصالية بين الإدارات ومواقع العمل.
- بطء عملية صنع القرار والبيروقراطية.
- إهمال دراسة المنافسين وعدم وضوح الأهداف الاستراتيجية وتخلف بحوث التسويق.
- ضعف روح الانتماء وخفوت الحماس وسيادة اللامبالاة (والأنا مالية).
3 ـ مرحلة إدارة الأزمة:
ويمكن أن يطلق عليها مرحلة "احتواء الأزمة"، وهي تشمل المهام الآتية:
- الاعتراف بالأزمة: كثيراً ما نتجاهل البوادر الأولى للأزمة فالانخفاض الحاد في رقم الإيرادات يرجع إلى كساد الموسم بصفة عامة، وتكاسل الموظفين يعود إلى حرارة الجو. تستمر هذه التبريرات تتوالى حتى تجد نفسك أمام الأزمة وقد تفاقمت، لذا كن مستعداً دائماً، فكما قال أحد مدرسي الكيمياء: "أحذر عندما تشم غازاً عديم الرائحة، فمن المحتمل أن يكون أول أكسيد الكربون".
- تخصيص موارد معينة وفريق بعينة للتعامل المباشر مع الأزمة.
- حشد الجهود والمساعدات الخارجية المساندة.
- وضع خطة طارئة للتغلب على الأزمة بشكل جذري وسريع.
4 ـ مرحلة ما بعد الأزمة:
- التعلم من الخبرات السابقة وتحديث خطة إدارة الأزمات بناء على التغذية الراجعة من الأزمة الأخيرة، بما يضع الأسس اللازمة لوضع خطة جديدة للوقاية من الأزمات، ولإدخال التعديلات على الخطة القائمة.
- تقييم تأثير الأزمة على العلاقات والاتصالات بالعملاء والأطراف الخارجية.
- تقييم تأثير الأزمة على العلاقات الداخلية وثقافة بيئة العمل.
- تكوين فريق الأزمات:
تتجلى الحاجة للإدارة خلال أوقات الأزمات. وفي هذا يقول الرئيس الأمريكي جيفرسون: "كثيراً ما أشقاني التفكير في إحدى المشكلات العويصة، حتى ساعات متأخرة من الليل، فلابد أجد مخرجاً سوى إعلام الرئيس بها، ولكن عندما أستيقظ في الصباح أتذكر أني أنا الرئيس".
إن غالبية السياسات والإجراءات تم تصميمها للتعامل مع الحالات الاعتيادية، وغالبيتها لا تصح للتعامل مع الأزمات. وأحد أسباب ذلك هو عدم وجود فريق مخصص للتعامل مع الأزمات.
عند انفجار الأزمة يجب الحرص على التدخل المباشر لأعلى شخصية في الهيئة الإدارية. في معظم حالات الأزمات يجب أن تخرج هذه الشخصية لتلقي بالتصريحات وتتعامل مع الأطراف الأخرى. ولم تحدث حالة نجحت فيها المؤسسة في احتواء الأزمة احتواء تاماً دون التدخل المباشر لهذه الشخصية.
يدفعنا هذا للتوصية بمركزية صناعة القرارات أثناء الأزمات. ولكن لا يجب أن تتم مركزية صناعة القرارات على حساب سرعة التعامل والتفاوض مع الأطراف الأخرى. فإحدى المميزات التي كانت للجانب الأمريكي على الجانب السوفيتي طوال تاريخهما التفاوضي، هي سرعة صناعة عملية القرار لدى الجانب الأمريكي عنها لدى الجانب السوفيتي الذي يقيد فيه الحزب سلطات الرئيس.
- الصف الإداري الأول:
يتكون فريق إدارة الأزمات من رؤساء الصف الإداري الأول على أن يستعينوا بالرؤساء التنفيذيين في المتابعة وتحصيل المعلومات الضرورية للعمل وتعزيز شبكة الاتصالات. وإن كان جل العمل التخطيطي والتنفيذي يجب أن يقوم به طاقم الصف الإداري الأول.
خير دليل على فعالية هذا الأسلوب هو نجاح "لي إياكوكا" ـ الإداري الأول لشركة "كرايسلر" ــ والذي كان يسوق لمنتجاته ويخاطب العملاء بنفسه، ويبذل لهم الوعود ويعتذر عن الهفوات.
لكن هذا لا يعني أن مجرد تواجد الشخصية الإدارية الأكبر يكفي وحده لفك لعنة الأزمة، فهذه الشخصية الإدارية يجب أن تتمتع بالقبول، وأن يري فيها الآخرون المصداقية اللازمة. فيها هو "داريل جيتس" رئيس شرطة لوس أنجيليس يتدخل في الأحداث الدامية التي هزت المدينة عقب عرض شريط فيديو يصور أفراداً من الشرطة يعذبون الزنجي "روني كنج" بعد القبض عليه.
لكن شخصية "داريل جيتس" المتزمتة والرافضة للاعتراف بالخطأ أو للاعتذار وتهدئه مشاعر الجماهير الثائرة، زادت من التمرد. وكانت النتيجة خسائر تزيد عن 800 مليون دولار، نتيجة تحطيم الممتلكات أثناء أحداث الشغب وامتناع بعض أفراد الشرطة عن منع هذه الأحداث، تعبيراً عن امتعاضهم.
إن ما يريده جمهور الناس عقب الأزمة، هو شخصية ذات مصداقية تعبر عن قدرتها على قيادة الأمور إلى بر الأمان. وكما أن هناك وقتاً آخر لإرخاء العنان. وكما يعرف المدير الذكي متى يقفز إلى منصب الديكتاتور ليفرض أوامره المركزية على الجميع، عليه أيضاً أن يعرف متى يمثل دور الغائب، ويرخي العنان دون أن يفلته.
- القواعد السبعة لإدارة الأزمات:
1 ـ أحذر الكذب واحذر نشر كل الحقائق أمام كل الناس: لا تنس انه خلال الأزمة يكون الناس على استعداد تام لتصديق الأسوأ، فأي محاولة للكذب ستبدو واضحة للعيان. أحذر أيضاً أن تقع في مصيدة الإدلاء بكل الحقائق، بل أقصر هذا على مجموعة معينة من أولي الثقة.
2 ـ لا تضع نفسك محل المتهم الذي يطلب البراءة، وإلا سيطالب الناس برأسك. الجدير أن تعرض بشجاعة قدرتك على إنقاذ الموقف والوعد بتصحيح الأخطاء مع اتخاذ خطوات فعلية لذلك.
3 ـ كن مركزياً في صناعة القرار وتنفيذه، على أن يكون الرأي شورى بين أكبر عدد ممكن من ذوي العقل الراجح.
4 ـ تعزيز العلاقات وقنوات الاتصال مع الخصوم ومع المساندين وتوسيع دائرة المساندة. لا تشكك في أي من مسانديك، فالوقت ليس وقت لوم وعتاب، بل وقت لاستنفار الهمم وحشد الجهود. وفر العتاب والحساب لما بعد الأزمة. ولا تتوقع ممن معك إلا أقصى جهد. احفزهم وأشعل فيهم الحماس دائماً، وحذار أن تلجأ إلى الصراخ والصوت العالي. وفّر الحماية والأمان لأعوانك ومساعديك، ولا تبخل بأي شيء.
5 ـ دراسة مصالح ومناهج عمل الأطراف الأخرى المتورطة في الأزمة، والتنبؤ باستجابتها، وأخذ زمام المبادرة منها. فإذا ما حددت ماذا يريد الطرف الآخر بدقة، وحددت اعتبارات الرأي العام يمكنك أن تبني دفاعك على المبادرة بدلاً من ردود الأفعال.
6 ـ إدارة الأزمات هي إدارة لسمعة الشركة واسمها في المقام الأول.
7 ـ التوقع والمبادرة وعدم التهاون في إطفاء جميع الحرائق المشتعلة حتى الصغيرة منها.
حاول دائماً أن تخمد الحرائق قبل اشتعالها واضطرامها، وذلك بأن تستمع لجميع أبواق التحذير، وتطور بداخلك القدرة على استشعار بدايات الشرر. تذكر أن "ناسا" عندما تطلق مكوكاً للمريخ، فإنها لا تطلقه على الموقع الذي هو فيه الآن، بل على الموقع الذي سيكون فيه وقت وصول المكوك. تفهم هذه الحقيقة، وأسب توقعاتك بالطريقة التالية: إذا وقع الحدث (س) في وقت (ص) فهل سنكون في موقف يسمح لنا بالتعامل معه؟


source : البلاغ
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

خديجة الكبرى (عليها السَّلام) حبيبة رسول الله ...
التقشف في ایطاليا
في الدعاء لأخيك بظهر الغيب
علي الأكبر شبيه الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)
تربية أطفالنا في ظلّ الإسلام
الإيمان بالإمام المهدي (عج)
حديث الغدير في مصادر أهل السنة
عصمة الأنبياء (عليهم السلام) عند المذاهب ...
خصال الإمام
أدعية الإمام الرضا ( عليه السلام )

 
user comment