عربي
Thursday 28th of March 2024
0
نفر 0

النقد الكلامي في التفسير

1 ـ المباحث الكلامية وأهميتها في التفسير:
يقوم الدين، وأي معتقد آخر، على أسس عقائدية ثابتة تشكل محور مبادئه ومفاهيمه ونظمه ومناهجه في الفكر والعمل، وتشكل هذه الأسس والمعتقدات الإطار الذي تفهم وتدرس داخله كل ما يتعلق بذلك الدين من نظرات وأفكار ومفاهيم وسلوكيات، إذ لا يمكن لمبدأ أن يناقض نفسه أو معتقد ان يخالف رأيه.
ومن هنا كان أمراً طبيعياً أن ندرس نصوص الإسلام، من آيات كريمة وأحاديث شريفة في ضوء تلك الأسس العقائدية وبما يتلائم مع دلالاتها.
وهذه المعتقدات ليس بغريبة عن تلك النصوص، فهي وإن قامت بأدلة العقل واهتديت إليها خطوات العقول، إلا أنها متوافقة مع الكتاب والسنة ومتعاضدة معهما، إذ هي دلت على التوحيد والإيمان بالله تعالى وكتبه ورسله، والإسلام رسخ هذا الإيمان وشدّ أركانه بالهدى ونوّره بنور الوحي وبيان الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم).
وقد جاءت الآيات القرآنية لتثبيت معنىً واحد في الأساس، وهو الدعاء إلى عبادة الله تعالى، ومن ثم تفرع هذا المعنى إلى معان ثلاثة:
الأول: تقرير الوحدانية لله الواحد الحق، ونفي الشريك والولد عنه، وما يترتب على ذلك من تنزيهه عن صفات المخلوقين وتشبيهه بهم.
الثاني: تقرير النبوة للنبي محمد(صلى الله عليه وآله وسلم) وإثبات رسالته إليهم جميعاً ونفي ما ادعوه عليه من أنه كاذب أو مجنون أو يعلمه بشر وما أشبه ذلك من كفرهم وعنادهم.
الثالث: إثبات أمر البعث والدار الآخرة والرد على من أنكر ذلك(1).
ومن هنا كانت هذه الأصول والثوابت العقائدية وما يتفرع عنها معياراً يقاس بها صحة الرأي أو الرواية ليقبل ما كان منسجماً معها ويترك ما كان مخالفاً لها، لأنها تمثل في الواقع حصيلة ما اتفقت عليه العقول والنقول وثمرة ما جاهدت لأجله.
لذا عد ابن الجوزي مناقضة الأصول أحد علائم الحديث المختلق، إذ قال: «ما أحسن قول القائل: إذا رأيت الحديث يباين المعقول، أو يخالف المنقول، أو ينقاض الأصول، فاعلم انه موضوع»(2).
وقد عد الآلوسي من جملة ما يتوقف عليه التفسير: علم الكلام، فيما يجوز على الله وما يجب له وما يستحيل عليه والنظر في النبوة، إذ «لولاه يقع المفسر في ورطات»(3).
وربما كان الجهل بتلك الأصول والأخذ بظواهر الآيات دون التدبر فيها سبباً للفهم الخاطئ للقرآن والتعثر في إدراك معانيه، وفي ذلك يقول الراغب: «كثيراً ما يجيء ألفاظ في الظاهر كالمتنافي عند من لم يتدرب بالبراهين العقلية والعلوم الحقيقية...»(4).
وقد كان جهل قوم من الإخباريين، الذين ينقلون الأخبار دون تحقيق وتمحيص، ويأخذون بظواهر الكلام دون فهم ووعي، أن، قالوا بمقتضى الحسّ في الصفات، «إذ ليس لهم حظ من علم المعقولات التي يعرف بها ما يجوز على الله تعالى، وما يستحيل، فإن علم المعقولات يصرف ظواهر المنقولات عن التشبيه، فإذا عدموها تصرفوا في النقل بمقتضى الحسّ» (5).
وأول الأصول التي يجب رعايتها ولا يمكن الحياد عنها: توحيد الله تعالى وتنزيهه عن التشبيه والتجسيم والجهة والحركة والصعود والنزول... وكل ما يشبهه بخلقه.
فكان من قواعد العلماء في ذلك:
«كل شيء يوهم الكفر والتجسيم فلا يضاف إلى الباري تعالى سبحانه، لا حقيقةً ولا مجازاً»(6).
«كل صفة يستحيل حقيقتها على الله تعالى تفسر بلازمها»(7).
«جميع الأعراض النفسانية ـ الرحمة والفرح والسرور والغضب والحياء والمكر والاستهزاء ـ لها أوائل وغايات مثاله: الغضب، فإن أوله غليان دم القلب، وغايته إرادة إيصال الضرر إلى المغضوب عليه، فلفظ الغضب في حق الله لا يحمل على أوله الذي هو غليان دم القلب، بل على غرضه الذي هو إرادة الأضرار...»(8) وهكذا في بقية الأعراض فلا تحمل على أساس وقوع الانفعال في ذات الله تعالى المنزهة عن ذلك.
وفي ذلك يقول أبو إسحاق الشيرازي: «إذا روى الثقة الخبر رد بأمور، منها: ان يكون مخالفاً لموجبات العقول، مثل الأخبار التي تروى في التشبيه، فيعلم بطلانه وانه لا أصل له، لان الشرع انما يَرد بمجوزات العقول، واما مستحيلات العقول فلا، فإذا ورد شيء من ذلك ولم يمكن تأويله يعلم أنه موضوع وكذب»(9).
وقس على ذلك ما سواها من الأصول المتفق عليها والمشتقة من دلائل العقول والنقول، فإذا ورد في التفسير رواية تتنافى مع هذه الأصول، فان كان هناك متسع لتأويلها تأويلاً مقبولاً تتحمله ظاهر الرواية، أولت بما لا يعارض تلك الأصول، وإلا ردت الرواية ولم يؤخذ بها، والحال مع الرأي بشكل أولى فلا يقبل منه ما تعارض مع الأصول.
بقي أمر وهو أنّ هذه الأصول منسجمة مع كل القرآن ومتوافقة معه، بل هي مشتقة منه، وإنما تجري في الآيات المتشابهات والروايات المتشابهة لإزالة التشابه الطارئ عليها عند الناس، فتأتي هذه الأصول لترفع التشابه وترد القول المخالف لتلك الأصول الاعتقادية.
وهذا بطبيعته لا يتنافى مع ما ذهب إليه الشيخ محمد عبده من أن القرآن هو الميزان الذي توزن به العقائد لتعرف قيمتها، لا العكس(10)، فإنه يحذر بذلك من حمل الآراء على القرآن، لتفهم الآيات من خلال إفهام بشرية مشوهة أو أفكار دخيلة عليه، غير مشتقة منه.
والواقع الذي نلمسه أن المباحث الكلامية قد ظهرت منذ صدر الإسلام، إذ تساءل بعضهم عن بعض مسائل التوحيد والصفات.
وقد جاءت معالجتها في القرآن الكريم، خصوصاً ما كان يطرحه أهل الكتاب. وكمثال على ذلك: ما رواه الطبري بسنده عن سعيد، قال: أتى رهط من اليهود لنبي الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، فقالوا: يا محمد، هذا الله خلق الخلق، فمن خلقه؟ فغضب النبي حتى انتـُقـِع لونه، ثم ساورهم غضباً لربه، فجاءه جبريل فسكنه، وقال: أخفض عليك جناحك يا محمد، وجاء من الله جواب ما سألوه عنه، قال: يقول الله تبارك وتعالى: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ) ) (الإخلاص/1 ـ 4)، فلما تلاها عليهم النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)، قالوا: صف لنا ربك؟ كيف خلقه؟ وكيف عضده؟ وكيف ذراعه؟ فغضب النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) أشد من غضبه الأول، ثم ساورهم فأتاه جبريل، فقال مثل مقالته، وأتاه بجواب ما سألوه عنه: (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) (الزمر/67)(11).
وشكلت المباحث الكلامية مادة كبيرة في كتب التفسير المدونة الأولى التي وصلت بأيدينا، وسائر كتب التفسير ـ حتى يومنا الحاضر ـ بتوسع أو اختصار، وسنعرض فيما يأتي نماذج من المسائل الكلامية المطروحة فيها.
2 ـ نماذج من النقد الكلامي:
1 ـ روى الطبري بسنده عن عامر، قال: حدثني عبد الله بن الحارث بن نوفل، عن كعب أنه أخبره أن الله تبارك وتعالى قسم رؤيته وكلامه بين موسى ومحمد، فكلمه موسى مرتين، ورآه محمد مرتين، قال: فأتى مسروق عائشة، فقال: يا أم المؤمنين، هل رأى محمد ربه؟ فقالت: سبحان الله لقد قف شعري لما قلت، أين أنت من ثلاثة، من حدثك بهن فقد كذب: من أخبرك أن محمداً رأى ربه فقد كذب، ثم قرأت (لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) (الأنعام/103)، (وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ) (الشورى/51)، ومن أخبرك ما في غد فقد كذب، ثم تلت آخر سورة لقمان: (إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) (لقمان/34)، ومن أخبرك أن محمداً كتم شيئاً من الوحي فقد كذب، ثم قرأت(يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) (المائدة/67)، قالت: ولكنه رأى جبريل(عليه السلام) في صورته مرتين)(12).
2 ـ في تفسير قوله تعالى: (قال عيسى بن مريم اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيداً لأولنا وأخرنا وارزقنا وأنت خير الرازقين) (المائدة/114).
قال الطبري: «وقد اختلف في المائدة، هل نزلت عليهم أم لا؟...».
وبعد ما ذكر عدة روايات بالمعنيين صوب القول بأن المائدة قد أنزلت بناءً على بعض الروايات ولأن «الله لا يخلف وعده ولا يقع في خبره الخلف، وقد قال تعالى مخبراً عن إجابة نبيه عيسى حين سأله ما سأله من ذلك :(إني منزلها) وغير جائز أن يقول تعالى ذكره إني منزلها عليكم، ثم لا ينزلها، لأن ذلك منه تعالى خبر، ولا يكون منه خلاف ما يخبره. ولو جاز أن يقول: إني منزلها عليكم، ثم لا ينزلها عليهم، جاز أن يقول: (فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ) ثم يكفر منهم بعد ذلك فلا يعذبه، فلا يكون لوعده ولا لوعيده حقيقة ولا صحة، وغير جائز أن يوصف ربنا تعالى بذلك»(13).
فهو يستند بذلك إلى معنىً عقيدي بأن الله صادق لا يخلف وعده، وجاءت بهذا عدة آيات(14).
3 ـ وينقل الزمخشري قصة سليمان، والتي ذكرها الطبري وغيره من المفسرين، وفيها أن سليمان عمل تمثالاً لزوجته على صورة أبيها، فكانت تسجد له مع ولائدها، ثم إن الشيطان تمثل بصورة سليمان وسرق خاتمه وجلس على كرسيه وفجر بنسائه... الخ، مما جاء في ذيل تفسير قوله تعالى: (وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ)(ص/34) (15).
وقد استنكر الزمخشري القصة وانتقدها لأن الله تعالى لا يسلط شياطينه حتى يفعلوا ما فعلوا ـ لأن الله لا يصدر منه القبيح ولا يأمر به ـ، كما إن الأنبياء منزهون عن أن يأذنوا بالسجود لتمثال أو صورة، فقال :«ولقد أبى العلماء المتقنون قبوله، وقالوا هذا من أباطيل اليهود، والشياطين لا يتمكنون من مثل هذه الأفاعيل وتسليط الله إياهم على عباده حتى يقعوا في تغيير الأحكام، وعلى نساء الأنبياء حتى يفجروا بهن قبيح، وأما اتخاذ التماثيل فيجوز أن تختلف فيه الشرائع، ألا ترى إلى قوله: (من محاريب وتماثيل) وأما السجود للصورة فلا يظن بنبي الله أن يأذن فيه، وإذا كان بغير علمه فلا عليه»(16).
ويرد ابن كثير القصة إلى أصولها الإسرائيلية، لأن ما نسب فيها من منكرات لا تتفق مع نبوة سليمان، ورغم تصريحه بأن إسنادها إلى ابن عباس قوي إلا انه يرجح أنه أخذها ـ إن صح عنه ـ من أهل الكتاب، إذ أنهم لا يعتقدون نبوته، ولذا يكذبون عليه بهذه المنكرات... وينفي أن يكون الفجور قد وقع بنسائه، بل عصمهن الله منه تشريفاً وتكريماً لنبيه، وقال: «وقد رويت هذه القصة مطولة عن جماعة من السلف ـ رضي الله عنهم - كسعيد بن المسيب وزيد بن أسلم، وجماعة آخرين، وكلها متلقاة عن أهل الكتاب، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب»(17).
4 ـ وفي تفسير قوله تعالى: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي...) (البقرة/260).
ذكر ابن عطية رأي الجمهور في أن إبراهيم (عليه السلام) لم يكن شاكاً في إحياء الله للموتى قط، وإنما طلب المعاينة. ثم قال: «وترجم الطبري في تفسيره، فقال: وقال آخرون سأل ذلك ربه لأنه شك في قدرة الله على إحياء الموتى. وأخل تحت الترجمة عن ابن عباس أنه قال: ما في القرآن آية أرجى عندي منها، وذكر عن عطاء بن أبي رباح أنه قال: دخل قلب إبراهيم بعض ما يدخل قلوب الناس، فقال: (رب أرني كيف تحيي الموتى)؟ وذكر حديث أبي هريرة أن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) قال: نحن أحق بالشك من إبراهيم. ثم رجح الطبري هذا القول الذي يجري مع ظاهر الحديث، وقال: إن إبراهيم لما رأى الجيفة تأكل منها الحيتان ودواب البر ألقى الشيطان في نفسه، فقال: متى يجمع الله هذه من بطون هؤلاء؟».
ولما كان هذا المعنى الذي رجّحه الطبري وفقاً للروايات المذكورة يتضمن بروز الشك في قلب النبي إبراهيم(عليه السلام)، كما يثير ظاهر رواية أبي هريرة الشبهة في إيمان النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)، لذا فإن ابن عطية لم يرتض هذا الأمر وردّه بناءً على القول بعصمة الأنبياء، قال: «فالشكّ يبعد على من ثبتت قدمه في الإيمان فقط، فكيف بمرتبة النبوة والخلة، والأنبياء معصومون من الكبائر ومن الصغائر التي فيها رذيلة إجماعاً». مبيِّناً أنّ الآية لا تتضمّن هذا المعنى من الشكّ، بل هي من باب السؤال عن كيفية هيئة الإحياء.
فقال: «وإذا تأملت سؤاله(عليه السلام) وسائر ألفاظ الآية لم تعط شكـّّاً، وذلك أنّ الاستفهام بكيف إنّما هو عن حال شيء موجود متقرِّر عند السائل والمسؤول...».
وأوّل ابن عطية حديث أبي هريرة بما لا يتنافى مع عصمة الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال: «وأما قول النبي (صلي الله عليه وآله): نحن أحقّ بالشك من إبراهيم، فمعناه: أنه لو كان شك لكنا نحن أحق به ونحن لا نشكّ، فإبراهيم(عليه السلام) أحرى أن لا يشكّ، فالحديث مبني على نفي الشكّ عن إبراهيم. والذي روي فيه عن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال: ذلك محض الإيمان إنّما هو في الخواطر الجارية التي لا تثبت، وأمّا الشكّ فهو توقّف بين أمرين لا مزية لأحدهما على الآخر، وذلك هو المنفي عن الخليل(عليه السلام)»(18).
5 ـ ويُنكر القرطبي قصّة الملكين هاروت وماروت ـ وهي من الإسرائيليات ـ ونزولهما إلى الأرض وارتكابهما الفواحش مع امرأة اسمها الزهرة، وعروجها إلى السماء فمسخت كوكوباً!!... الخ، ينكر القرطبي هذه القصة لأنّها تتنافى مع الاعتقاد بعصمة الملائكة، فيقول: «هذا كلّه ضعيف،وبعيد عن ابن عمر ـ الذي نسبت الرواية إليه ـ وغيره، لا يصح منه شيء، فإنه قول تدفعه الأصول في الملائكة الذين هم أمناء الله على وحية، وسفراؤه إلى رسله: (لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)، (.. بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ * لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ)، (يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ)»(19).
ويردّ كثير من المفسِّرين روايات قصة النبي داود وتزوّجه بأوريا، بعدما دفع بزوجها إلى مقدّمة جيشه ليقتل(20)... يردّها المفسِّرون لأنّها لا تتفق مع مبدأ عصمة الأنبياء وعدالتهم وتنزيههم، وأنّ ما نسب إلى النبيّ داود لا يليق بآحاد الناس، فضلاً عن الأنبياء، ومنصب النبوة أشرف المناصب وأعلاها. وقد ذكرنا شطراً من ردودهم في بحث الإسرائيليات.
بقي أمر، وهو وجود الاختلاف في بعض الاصول، كما في عصمة الأنبياء، مثلاً، فقد اتفقوا على عدم وقوع الكبائر من الأنبياء، أمّا الصغائر، فقال المعتزلة بوقوعها من قبلهم قبل النبوة وفي حالها (21)، وذهب الإمامية إلى عدم جواز شيء من المعاصي والذنوب عليهم، كبيراً كان أوصغيراً(22)، أمّا الجمهور من أهل السنّة فذهبوا إلى «عصمة الأنبياء من الكبائر.. ومن الصغائر عند المحققين منهم» على ما حكاه الطاهر ابن عاشور وهو المختار عنده(23).
ومثل هذا الاختلاف موجود في كثير من الأصول، فقد يتفقون في بعضها ويختلفون في البعض الآخر، وكان هذا محور كثير من المباحث التفسيرية بين الأشاعرة والمعتزلة، والتي ظهرت بشكل واضح في تفسير (الكشاف) للزمخشري المعتزلي، ونقد الفخر الرازي لآرائه في (التفسير الكبير).
3 ـ التفسير المذهبي والنقد المذهبي:
لا يستطيع انسان أن ينكر توزّع المسلمين إلى طوائف وفرق على اجتهادات مختلفة وآراء متنوعة، سواء كان على صعيد المذاهب الفقهية، كالمذاهب الأربعة إضافة إلى الإمامية والزيدية والظاهرية والإباضية، أم على صعيد الاعتقاد: سنّة وشيعة، أشعرية ومعتزلة...الخ.
ومن الطبيعي أن تدّعي كل فرقة أنّها هي الناجية وأنّها هي الطائفة الحقـّة، ولو لا اعتقادها ذاك لما اختارت ذلك الطريق، وإن كانت معظم الطرق موروثة، فالناس ترث دينها ومذهبها، كما ترث انتماءها العرقي والقبلي، وعلى هذا فغالب العصبيات هي عصبيات نفسية أكثرممّا هي دينية أو اعتقادية.
إلا أنّ الأمر الخاطئ والظاهرة الغلط في كل ما ورثناه وشهدناه من خلافات دينية وصراعات مذهبية هو أن تصم كل فرقة الآخرين بالضلال والابتداع، وتلعن كل أمة أختها بدل أن تناقش رأيها وتخطئ نظرها على أساس الدليل والبرهان، وتعذرها فيما ذهبت إليه من رأي.
ولابد هنا أن نقول إنّ ما شهدناه من تراشق بالسهام وتبادل بالاتهام ووصم بالكفر والانحراف، والضلالة والابتداع، كان من آثار التخلّف والتحجّر، والتعصّب والهوى، ولم يكن قط من نتاج الإسلام القائم على التسامح وعدم الإكراه في الدين، ولعل ما نشهده اليوم من قتل وتخريب للمسلمين وديارهم باسم الإسلام عبر التيارات التكفيرية ما هو إلا نتاج ذلك المنهج التاريخي من التعامل مع الآراء الأخرى والاجتهادات المختلفة.
ولم تسلم فرقة من هذا المنهج في التعامل، فقد ذكر ابن الجوزي في (الموضوعات) أحاديث في مدح وذم أئمة المذاهب الأربعة وضعها جهلة القوم ومتعصبيهم، كلّ لدعم مذهبه والحطـّ من المذاهب الأخرى.
وهكذا تجد كل حزب بما لديهم فرحون، وتجد في كل أمّة طائفة من ضعفاء الإيمان يستعينون بكل الوسائل تحت باب «الدفاع عن الطائفة او المذهب» حتى أنّ بعض الفرق كانت ترى جواز الوضع في الحديث نصرة لمذهبهم(24)، ومن نماذج ذلك: ما ذكره الذهبي عن نعيم بن حمّاد بن معاوية (ت: 227هـ) قال: وكان يضع الحديث في تقوية السنّة وحكايات في ثلب أبي حنيفة وكان صلباً في السنّة(25).
إنّ من الطبيعي أن نجد بعض الميل في التفسير عند ذي وذاك من المفسّرين إلى ما يراه ويعتقده، فإنّ التفسير مهما بلغ من قوة والتزام لا يمكن أن يخلوا من اللون الشخصي، ولذا كان التفريق بين النص المقدّس والتفسير الذي هو محاولة بشرية لفهم هذا النص الإلهي، ومن هنا جاز انتقاد التفسير، لأنّه انتقاد لبشر حاولوا فهم القرآن، دون أن يمسّ ذلك بقدسيّة القرآن وموقعه السامي.
بل إنّ الذهبي راح إلى أبعد من ذلك، فقال باللون الشخصي للتفسير بالمأثور، لأنّ فيه اختيار وانتخاب، وبالتالي ذوق ورأي شخصي، وهذا واضح في سائر التفاسير(26).
إنّ وجود اللون الشخصي والنظر المذهبي أمر طبيعي في سائر المؤلفات، وليس التفسير باستثناء منها، ولا يمكن أن يدّع أحد العصمة من ذلك مهما حاول، ولذلك فإنّك تجد تلوّناً في مناهج المفسِّرين واختلافاً في الرؤى وتعدداً في الطرائق، ولم يخل الصحابة من الاختلاف، ولم ينكروه ولا استنكروه، ولعل الاختلاف ممّا يثري الفكر ويُنمِّيه، ولو كان وظيفة المفسِّر أن يستنسخ ما كتبه سابقوه من دون اجتهاد ورأي، لما كانت بأيدينا اليوم هذه الثروة الضخمة والمكتبة العملاقة من علوم القرآن وتفسيره.
ولكن يجب الحذر على أي حال من أن يكون حمل الآراء والمعتقدات على القرآن منهجاً، بحيث يكاد يكون ذلك التفسير لوناً من ألوان التفسير بالرأي المنهي عنه والمذموم.
فالرأي إمّا أن يستنبط من القرآن ويطلّ من خلاله على مشارف الحياة وقضاياه المختلفة، أو أن يعرض الرأي على القرآن ليعلم صحّته وميزان صوابه، ويكون القرآن هو الميزان والمعيار في كلا الحالتين.
ولا يصحّ في الحالة الثانية أن نحشر آراءنا حشراً في القرآن ولا أن نؤول الآيات لما يوافق نظرنا، وإنّما يكون المنهج صحيحاً بفهم القرآن، الفهم السليم الواضح في المسألة المبتلى بها، ثمّ عرض الأفكار على ذلك الفهم لمعرفة درجة التطابق والانسجام، أو المخالفة والافتراق.
وفي ذلك يقول الشيخ محمد عبده: «إذا وزّنا ما في أدمغتنا من الاعتقاد بكتاب الله تعالى، من غير أن ندخلها أوّلاً فيه، يظهر لنا كوننا مهتدين او ضالّين وأمّا إذا أدخلنا ما في أدمغتنا في القرآن وحشرناها فيه أوّلاً فلا يمكننا أن نعرف الهداية من الضلال، لاختلاط الموزون بالميزان، فلا يدرى ما هو الموزون به. أريد أن يكون القرآن أصلاً تحمل عليه المذاهب والآراء في الدين، لا أن تكون المذاهب أصلاً والقرآن هو الذي يحمل عليها، ويرجع بالتأويل أو التحريف إليها، كما جرى عليه المخذولون وتاه فيه الضالّون»(27).
إنّ منهج الطعن الشخصي في المفسِّر لا المفسّر، والتعامل مع الذوات لا الموضوعات، والذي نجده عند كثير من الكتاب القدماء حتى يومنا الحاضر، والذي يبرز في طريقة تصنيفهم للتفاسير والمفسّرين على أساس السنّة والابتداع، والتعامل معها بهذا النحو...، إن هذه الطريقة في الحكم القبلي على الكاتب والكتاب من خارجه، بناءً على الموقف من رأيه واعتقاده، تفتقد الحكم مصداقيته وتجعله منحازاً منذ البدء، وتلغي إمكانية النظر المحايد في محتويات الكتاب.
والواقع أن لا أحد من المفسرين بفوق أن يخطئ، ولا أحد مستثنى من النقد، ولكن النقد يجب أن يتوجّه إلى القول القائل لا القائل. فهذا تفسير الطبري الذي وصفه ابن تيمية بأنه أصح التفاسير، ويقول عنه بأنه «يذكر مقالات السلف بالأسانيد الثابتة، وليس فيه بدعة، ولا ينقل عن المتهمين..»(28)... تفسير ابن جرير هذا هو نفسه الذي يقول عنه الدكتور الذهبي بأنه: «يروي في تفسيره أباطيل كثيرة يردّها الشرع ولا يقبلها العقل...»(29).
فلا كلام ابن تيمية يمنع من نقد تفسير الطبري، ولا كلام الذهبي يؤدي إلى الحطّ من قيمته وإلغاء جلاله وقدره، وإنما كلاهما يدفعاننا إلى عدم تقديس مفسّر وإنزال تفسيره مرتبة غير قابلة للمسّ، ولا التهكم بتفسير آخر جهد جهده وأعطى ثمرة حياته للقرآن، بمقدار ما وعى وفهم منه؟
أما الاتهام بالابتداع تحت عنوان : التفسير بالرأي غير المحمود والمذهبي الذي يحمل القرآن على رأيه..الخ(30) مما نجده وللأسف في كثير من الكتب التي درست التفسير ومناهج المفسّرين.. هذا الاتهام لم يسلم منه أحد، فحتى الطبري الذي عدّه ابن تيمية أقرب التفاسير إلى كتاب الله وسنة نبيّه، لم يسلم من نقد بعض الحنابلة المعاصرين له، والذين كانوا يظهرون له كراهية شديدة، والذين رموه بمحابرهم، وهاجم داره عامتهم وقذفوها بالحجارة حتى صار على بابه كالتل العظيم، ولزم أن يركب آلاف الجنود لحمايته من حنق العامة عليه، ليس إلا أنه عقـّب على التفسير المألوف عندهم، لقوله تعالى: (ومن اللّيل فتهجّد به عسى أن يبعثك ربّك مقاماً محموداً) (الإسراء/79)، والقائل بأنّ المراد من ذلك هو أن الله يقعد النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) معه على العرش جزءاً له على تهجده... عقب الطبري بقوله: إنّ حديث الجلوس على العرش محال، ثم أنشد:
سبحان من ليس له أنيس*****ولا له في عرشه جليس
فكان من أمره ما كان(31). وقد ذكر ابن كثير في تاريخه شطراً من معاناة الطبري ببغداد من الحنابلة المعاصرين له، ومنعهم الناس من الاجتماع به وسماع الحديث منه، ومن ثم أنه دفن في داره لأن «بعض عوام الحنابلة ورعاعهم منعوا دفنه نهاراً ونسبوه إلى الرفض، ومن الجهلة من رماه بالإلحاد..» رغم أنه كان أحد أئمة الإسلام علماً وعملاً بكتاب الله وسنة رسوله...(32).
وهذه الصورة من صور معاناة علماء الإسلام ومصلحيه في كل زمان، وهو نتاج منهج متطرّف ومتعصّب قائم على أساس التكفير والتفسيق والاتهام بالابتداع للرأي الآخر، وهو منهج غير محمود ويجب اجتنابه، فالواجب أن يكون رائدنا الحق «فبالحق تعرف الرجال لا بالرجال يعرف الحق» كما يقول على بن أبي طالب، ولندع مجالاً لتعدد الأفكار وتنوع الآراء، ونقدها وتغيرها، «فقد رجع الكثير من أعلام الأئمة عن آراء رأوها، بل عن مذاهب كانوا قد ذهبوا إليها، ولعلك لا تجهل أن للشافعي مذهباً قديماً ومذهباً جديداً، وأن الخلاف في لواحق العقائد والأصول، كثير الشبه بالخلاف في الأحكام والفروع»(33).
وقال الزرقاني أيضاً: «غير أنا نسترعي نظرك هنا إلى كلمة أهل البِـدَع والأهواء، ونريد أن تكون موفقاً في حكمك على أية طائفة أو أي شخص ببدعة أو هَوَى؛ وإلا خيـِف عليك أن تكون أنت صاحب البدعة والهوى في حكمك. (ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله. إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب)(ص/26).
وقال تحت عنوان (غلطة التعصب للرأي): «واعلم أن هناك أفراداًُ بل أقواماً تعصبوا لآرائهم ومذاهبهم، وزعموا أن من خالف هذه الآراء والمذاهب كان مبتدعاً متبعاً لهواه، ولو كان متأوّلاً تأويلاً سائغاً يتسع له الدليل والبرهان؛ كأن رأيهم ومذهبهم هو المقياس والميزان، أو كأنه الكتاب والسنة والإسلام. وهكذا استزلهم الشيطان وأعماهم الغرور...»(34).
4- نموذج من النقد المذهبي:
رغم الجهد الكبير الذي بذله الدكتور الذهبي في كتابه (التفسير والمفسرون) إلا أنه لم يخلوا من أخطاء منهجية، وقع فيها. فقد قسّم الذهبي التفاسير، إلى: كتب التفسير بالرأي الجائز، والتفسير بالرأي المذموم أو تفسير الفرق المبتدعة، بحسب تعبيره، وحذر في مواضع كثيرة من كتابه (التفسير والمفسّرون) من التفسير بالرأي (غير الجائز) واعتبر التفسير المذهبي مثالاً له. واعتبر القسم الأول منحصراً بتفاسير أهل السنة والجماعة(35)، وقصد بذلك الأشعرية منهم، وحشر تفاسير سائر الفرق الأخرى في القسم الثاني، وهو على أيّ حال تصنيف قائم على أساس مذهبي، لا موضوعي، إذ وضع الذهبي معايير معيّنة ومفترضات لا يتفق بشأنها علماء السنة، فضلاً عن سائر المسلمين، لتقييم أي تفسير، فمن وافق تلك سلم، ومن خالفها كان مبتدعاً(36)، لذا كان من الضروري أن نتعرّض لنماذج منها، كأمثلة للنقد المذهبي.
أولاً- رؤية الله:
اعتقد الذهبي برؤية الله تعالى يوم القيامة، وذلك لأخذه بظاهر بعض الآيات الواردة بهذا الشأن كقوله تعالى :(وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة) (القيامة/22-23)، واستناداً إلى بعض الروايات من أن الله – تعالى – يظهر للناس يوم القيامة كما يظهر البدر ليلة تمامه، فيرونه بأعين رؤوسهم(37).
لذا فإن الذهبي اعتبر كل من أول الآيات القرآنية - خلافاً لما يعتقده هو في الرؤية- فقد فسّر القرآن برأيه متعصباً لمذهبه، حتى لو كانت هذه التأويلات ممّا تحتمله اللغة وتستند إلى آيات محكمة أخرى، مع أن غرض هؤلاء نفي التشبيه عن الله تعالى وتنزيهه، علماً بأن هذه المسألة مختلف فيها، وقد قال باستحالة الرؤية مجاهد، وهم من أوثق تلاميذ ابن عباس(38)، وفي تفسير قوله تعالى: (إلى ربها ناظرة)، روي الطبري عنه، قال تنتظر منه الثواب، وفي رواية : تنتظر الثواب من ربها لا يراه من خلقه شيء. وأخرى: تنتظر رزقه وفضله. وعن منصور: كان أناس يقولون في حديث: فيرون ربهم، فقلت لمجاهد: إن ناساً يقولون إنه يُرى، قال: يرى ولا يراه شي(39).
والمعتزلة يربطون قضية نفي الرؤية بقضية التوحيد ونفي الجسمية عن الله، ذلك أن إثبات امكانية رؤية الله يقتضي كونه في جهة ومتحيزاً في مكان، ولذلك سعوا إلى نفي ذلك بأي صورة من الصور، لا في الدنيا ولا في الآخرة، وهم يستندون في ذلك إلى قوله تعالى: (لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير) (الأنعام/103)، إذ يقول الزمخشري: «إن الأبصار لا تتعلق له ولا تدركه لأنه متعالٍ أن يكون مبصراً في ذاته، لأن الأبصار إنما تتعلق بما كان في جهة أصلاً، أو تابعاً كالأجسام والهيئات، (وهو يدرك الأبصار) وهو للطف إدراكه للمدركات يدرك تلك الجواهر اللطيفة –الأبصار- التي لا يدركها مدرك (وهو اللطيف) يلطف عن أن تدركه الأبصار (الخبير) بكل لطيف يدرك الأبصار لا تلطف عن إدراكه»(40).
والذهبي أولا يُبين أن التوحيد أساس عقيدة الاعتزال، فيقول في بيان أصول المعتزلة: «أما التوحيد فهو لبّ مذهبهم واُسّ نحلتهم، وقد بنوا على هذا الأصل: استحالة رؤية الله سبحانه وتعالى يوم القيامة، وأن الصفات ليست شيئاً غير الذات، وأن القرآن مخلوق لله تعالى»(41).
ثم أنه يتهمهم بأنهم يفسرون القرآن وفق مذهبهم، ويصرفون ظواهر الآيات عن معانيها، كما في مسألة الرؤية، فيقول: «فمثلاً الآيات التي تدلّ على رؤية الله تعالى... نجد المعتزلة ينظرون إليها بعين غير العين التي ينظر بها أهل السنة، ويحاولون بكل ما يستطيعون أن يطبّقوا مبدأهم اللغوي، حتى يتخلـّّصوا من الورطة التي أوقعهم فيها ظاهر اللفظ الكريم، فإذا بهم يقولون: إن النظر إلى الله معناه الرجاء والتوقع للنعمة والكرامة، واستدلوا على ذلك بأن النظر إلى الشيء في العربية ليس مختصاً بالرؤية المادية...»(42).
ويتابع الذهبي هذا الموضوع كأول المعايير لتقييم التفاسير، ويناقش المفسرين واحداً بعد الآخر، فمن لا يقول برؤية الله، فقد فسّر الآيات تفسيراً مذهبياً (مبتدعاً)(43)، فهم عندما يدرس (تنزيه القرآن عن المطاعن للقاضي عبد الجبار، يقول:«ولما كان المعتزلة لا يجوّزون وقوع رؤية الله في الآخرة، فإن صاحبنا قد تخلّص من كل آية تجوّز وقوع الرؤية» (44).
وعندما يدرس (أمالي الشيخ المرتضى) يضرب من قول المرتضى بنفي الرؤية مثالاً على التعصب المذهبي، إذ يصف المرتضى أنه «يقف من الآيات التي تعارضه موقفاً يلتزم فيه مخالفة ظاهر القرآن، ويفضّل فيه التفاسير الملتوية لبعض الألفاظ على ما يتبادر منها إرضاءً لعقيدته وتمشّياً مع مذهبه»(45).
وكذلك فعل مع الزمخشري، فهو يقول: «وكذلك نرى الزمخشري... إذا مرّ بلفظ يشتبه عليه ظاهره ولا يتفق مع مذهبه، يحاول بكل جهوده أن يبطل هذا المعنى الظاهر وأن يثبت للفظ معنى آخر موجوداً في اللغة، فمثلاً نراه تعرّض لتفسير قوله في الآيتين (22،23) من سورة القيامة: (وجوه يومئذٍ ناضرة*إلى ربها ناظرة) يتخلص من المعني الظاهر لكلمة ناظرة؛ لأنه لا يتفق مع مذهبه الذي يقول برؤية الله تعالى...» (46).
فيستنكر الذهبي أي تفسير آخر للرؤية – غير الرؤية بالعين الباصرة- حتى ولو كان هذا التفسير موجوداً في اللغة، وكذلك لم يرتض حمل الآيات المتشابهة على الآيات المحكمة، كحمل تلك الآيات على قوله تعالى: (لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار) (الأنعام/103)(47).
وتابع الذهبي هذا الموضوع مع عدد آخر من المفسرين، فعند دراسته لتفسير (مجمع البيان) للشيخ الطبرسي قال:« كذلك يقول الطبرسي بما يقول به المعتزلة من عدم جواز رؤية الله ووقوعها في الآخرة، ولهذا نراه يفسر قوله تعالى في الآيتين (22،23) من سورة القيامة... بما يتفق ومذهبه...»(48).
ثانياً – الكرسي:
ولما كان الله يُرى – بحسب رأي الذهبي – فلا يمنع أن يكون له عرش وكرسي (سرير)، هكذا فإن الذهبي حمل على مفسري المعتزلة والشيعة؛ لأنهم أوّلوا الكرسي بالعلم والقدرة... إذ عد الذهبي ذلك ميلاً بالعبارات القرآنية إلى ناحية المذهب والعقيدة، فينقل عن ابن قتيبة رأيه في ذلك: «وفسّروا – أي المعتزلة – القرآن بأعجب تفسير، يريدون أن يردّوه إلى مذهبهم، ويملوا التأويل على نحلهم، فقال فريق منهم في قوله تعالى: (وسع كرسيه السماوات والأرض) (البقرة/255)، أي عمله... يستوحشون أن يجعلوا لله تعالى كرسياً أو سريراً!! ويجعلون العرش شيئاً آخر، والعرب لا تعرف من العرش إلا السّرير...»(49).
هذا وقد فشّر الطبري (الكرسي) بالعلم، فبعد ما تعرّض لسائر الآراء في المسألة، قال: «وأما الذي يدل على صحته ظاهر القرآن فقول ابن عباس الذي رواه جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عنه أنه قال: هو علمه، وذلك لدلالة قوله تعالى ذكره: (ولا يؤده حفظهما) على أن ذلك كذلك، فأخبر أنه لا يؤوده حفظ ما علم، وما أحاط به مما في السماوات والأرض، وكما أخبر عن ملائكته أنهم قالوا في دعائهم: (ربنا وسعت كل شيء رحمةً وعلماً) (عافر/7)، فأخبر تعالى ذكره أن علمه وسع كل شيء، فكذلك قوله: (وسع كرسيه السماوات والأرض). وأصل الكرسي: العلم، ومنه قيل للصحيفة يكون فيها علم مكتوب كـُرّاسة، ومنه قول الراجز في صفة قانص:
حتى إذا ما احتازها تكرّسا
يعني عَلِمَ. ومنه يقال للعلماء: الكراسي، لأنهم المعتمد عليهم، كما يقال: أوتاد الأرض، يعني بذلك أنهم العلماء الذين تصلح به الأرض، ومنه قول الشاعر:
يحف بهم بيض الوجوه وعصبة*****كراسيّ بالأحداث حين تنوبُ
يعني بذلك علماء بحوادث الأمور ونوازلها...»(50).
وهكذا تابع الذهبي موضوع الكرسي، وموقف المفسرين (المبتدعة!!) منه: هل يقولون بالمعاني الظاهرة للعرش والكرسي، ام يؤوّلون هذه المعاني؟ لذا تابع هذا الموضوع مع الزمخشري وغيره من المفسرين (51).
ثالثاً – سحر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم):
يعتقد الذهبي أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قد سُحِر وأثر فيه السحر بما لا يخدش جانب نبوّته، وأن تأثير السحر عليه لا يعدو أن يكون مرضاً بدنياً كالعقد عن النساء!! كما أنه يعتقد أن شيطاناً من الجن عرض للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو في الصلاة يريد أن يشغله عنها، فأمكنه الله منه!!
ويعتمد في ذلك على بعض الأحاديث التي أخرجها البخاري ومسلم (52). ولكنه يغالي في عقيدته تلك حتى يجعل منها ركناً هاماً يحاكم بها غيره ممن ينفي وقوع السحر على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولو كان ذلك من باب التنزيه وحفظ الله له.
ويعتبر الذهبي من ينكر ذلك مفسراً مبتدعاً، فهو من الذين يفسرون القرآن «على ضوء ما أنكروه من الحقائق الدينية الثابتة...» وكأنهم ينكرون منقبة من مناقب الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، لا أنهم يريدون تنزيهه ودفع الطعن والاتهام عنه، مع اعترافه بأن بعض أهل السنّة ينكر أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قد سحر(53).
ففي معرض حديثه عن المعتزلة واتجاههم العقلي في التفسير، قال: «وكان من وراء ذلك أن تمرّد المعتزلة - في حرية مطلقة من كل قيد- على الاعتقاد بالسحر والسحرة، وما يدور حول ذلك، وبلغ بهم الأمر أن أنكروا، أو تأوّلوا ما صح من الأحاديث التي تصرّح بأن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) قد سُحر، ولم يقفوا طويلاً أمام ما يعارضهم من سورة الفلق، بل تخلـّصوا بتأويلات ثلاثة ذكرها الزمخشري في كشافه (ج2/ص568) (54).
وراح الذهبي – كسابق عهده - يتابع هذا الأمر مع مختلف المفسّرين (بالرأي المذموم) أو (تفسير الفرق المبتدعة) - كما يسمّيهم-، ويجد أن من مبتدعات هؤلاء إنكارهم وقوع السحر على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). فها هو يقول عن الطبرسي: «والطبرسي ينكر حقيقة السحر ولا يقول به، ويُخالف جمهور أهل السنة في ذلك، ويردّ أدلتهم وينكر حديث البخاري في سحر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)...» (55).
ولم ينكر الطبرسي حقيقة السحر ولا أثبته، ونقل الأقوال فيه بعنوان (وقيل... وقيل)، ولكنه يردّ الأخبار في وقوع السحر على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مستنداًَ إلى أن وقوع السحر عليه كان من مدعيات الكفار، وقد حكى الله تعالى على لسانهم قولهم (إن تتبعون إلا رجلاً مسحوراً) (الفرقان/8)، منزّها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عن كل صفة نقص تنفر عن قبول قوله، فإنه «حجة الله على خلقه وصفوته على بريّته» (56).
وتابع الذهبي الأمر مع بقية المفسرين، حيثما كان لأحدهم نظر في هذا الموضوع، فتحت عنوان: (تأثـّر الجصّاص بمذهب المعتزلة)، ذكر أن الجصّاص – الحنفي – ينكر حديث البخاري في سحر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ويقرّر أنه من وضع الملاحدة (57).
وتحت عنوان: (إنكاره لبعض الأحاديث الصحيحة) عند دراسته لتفسير الأستاذ الإمام محمد عبده، قال: «ثم راح الشيخ – رحمة الله – يرد ما جاء من الروايات في سحر الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)...» (58).
أما الأستاذ محمد عبده، فهو يردّ تلك الأحاديث على أساس معارضتها لصريح القرآن بنفي السحر عنه، وأن وقوع السحر على النبي يتعارض مع عصمته، وأن أخبار الآحاد على فرض صحتها لا يؤخذ بها في العقائد، فيقول: «وقد رووا هاهنا أحاديث في أن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) سحره لبيد بن أعصم وأثر سحره فيه حتى كان يخيّل أنه يفعل الشيء وهو لا يفعله أو يأتي شيئاً وهو لا يأتيه، وأن الله أنبأه بذلك وأخرجت موادّ السحر من بئر وعوفي (صلي الله عليه وآله) مما كان نزل به من ذلك ونزلت السورة».
وقال: «ولايخفى أن تأثير السحر في نفسه (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى يصل به الأمر إلى أن يظن أنه يفعل شيئاً وهو لا يفعله، ليس من قبيل تأثير الأمراض في الأبدان. بل هو ماسّ بالعقل آخذ بالروح، وهو مما يصدّق قول المشركين فيه: (إن تتبعون إلا رجلاً مسحوراً) (الإسراء/47). وليس المسحور عندهم إلا مَن خولط في عقله وخيّل له أنّ شيئاً يقع وهو لا يقع، فيخيّل إليه أنه يوحى إليه ولا يوحى إليه».
قال: «وقال كثير من المقلـّدين الذين لا يعقلون ما هي النبوة ولا ما يجب لها: إن الخبر بتأثير السحر في النفس الشريفة قد صحّ، فيلزم الاعتقاد به. وعدم التصديق به من بدع المبتدعين، لأنه ضرب من إنكار السحر، وقد جاء القرآن بصحّة السحر!!».
قال: «فانظر كيف ينقلب الدين الصحيح والحقّ الصريح في نظر المقلـّد بدعةَ، نعوذ بالله، يحتجّ بالقرآن على ثبوت السحر، ويعرض عن القرآن في نفيه السحر عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) وعدّة من افتراء المشركين عليه. ويؤوّل في هذه ولا يؤول في تلك! مع أن الذي قصده المشركون ظاهر، لأنهم كانوا يقولون: إن الشيطان يلابسه، وملابسة الشيطان تعرف بالسحر عندهم وضرب من ضروبه، وهو بعينه أثر السحر الذي نسب إلى لبيد، فإنه قد خالط عقله وإدراكه في زعمهم».
قال: «والذي يجب اعتقاده أن القرآن مقطوع به وأنه كتاب الله بالتواتر عن المعصوم (صلى الله عليه وآله وسلم) فهو الذي يجب الاعتقاد بما يثبته وعدم الاعتقاد بما ينفيه، وقد جاء بنفي السحر عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) حيث نسب القول بإثبات حصول السحر له إلى المشركين أعدائه ووبّخهم على زعمهم هذا، فإذن هو ليس بمسحور قطعاً. وأما الحديث فعلى فرض صحّته هو آحاد والآحاد لا يؤخذ بها في باب العقائد، وعصمة النبي من تأثير السحر في عقله عقيدة من العقائد، ولا يؤخذ في نفيها عنه إلا باليقين، ولا يجوز أن يؤخذ فيها بالظن والمظنون. على أن الحديث الذي يصل إلينا من طريق الآحاد إنما يحصّل الظن عند من صحّ عنده، أما من قامت له الأدلة على أنه غير صحيح فلا تقوم به عليه حجة. وعلى أيّ حال فلنا بل علينا أن نفوّض الأمر في الحديث ولا نحكـّمه في عقيدتنا، ونأخذ بنص الكتاب وبدليل العقل، فإنه إذا خولط النبي في عقله كما زعموا، جاز عليه أن يظن أنه بلـّغ شيئاً وهو لم يبلـّغه، وأن شيئاً نزل عليه وهو لم ينزل عليه والأمر ظاهر لا يحتاج إلى بيان» (59).
وعلى غرار الشيخ عبده، جرى المفسّر المضطلع سيد قطب، قال: «هذه الروايات تخالف أصول العصمة النبوية في الفعل والتبليغ ولا تستقيم مع الاعتقاد بأن كل فعل من أفعاله (صلى الله عليه وآله وسلم) وكل قول من أقواله سنّة وشريعة. كما أنها تصطدم بنفي القرآن عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه مسحور، وتكذيب المشركين فيما كانوا يدّعونه من هذا الإفك. ومن ثم نستبعد هذه الروايات، وأحاديث الآحاد لا يؤخذ بها في أمر العقيدة، والمرجع هو القرآن. والتواتر شرط للأخذ بالأحاديث في أصول الاعتقاد، وهذه الروايات ليست من المتواتر، فضلاً عن أنّ نزول هاتين السورتين في مكـّة هو الراجح، مما يوهن أساس الروايات الأخرى» (60).
ولكن الذهبي – رغم كل هذه الدلائل والبيّنات – يصرّ على وقوع السحر؛ لأن هذا الحديث الذي يردّه الأستاذ الإمام – محمد عبده – رواه البخاري وغيره من أصحاب الكتب الصحيحة – وإن تعارضَ مع القرآن- ، ثم يحاول الذهبي توجيه الحديث توجيهاً أبشع منه، فيتحدّث عن أن السحر كان له تأثير في المسائل الجنسية للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) – والعياذ بالله - ، فيقول: «فإن السحر الذي اُصيبَ به (صلى الله عليه وآله وسلم) كان من قبيل الأمراض التي تعرض للبدن بدون أن تؤثر على شيء من العقل، وقد قالوا إن ما فعله لبيد بن الأعصم بالنبي(صلى الله عليه وآله وسلم) من السحر لا يعدو أن يكون نوعاً من أنواع العقد عن النساء، وهو الذي يسمونه (رباطاً)، فكان يخيـّل إليه أن عنده قدرة على إتيان إحدى نسائه، فإذا ما همّ بحاجته عجزَ عن ذلك...» (61).
وما ذكرناه من نماذج للمعايير التي استند إليها الذهبي في الحكم على التفاسير بالإبتداع كفاية عن استقصاء غيرها، وعلى أي حال فإن هذا النهج كان له جذوره التاريخية، ولكن المؤسف أن يسير عليه المتأخرون في عصر تطورت فيه الأفكار وتنوّرت فيه العقول.
***************
الهوامش
(1) الشاطبي، الموافقات، ج3 : 268.
(2) السيوطي، تدريب الراوي :180.
(3) الآلوسي، المصدر السابق، ج1 : 9.
(4) الراغب، مقدمة جامع التفاسير : 68.
(5) ابن الجوزي، دفع شبه التشبيه بأكف التنزيه :73. انظر: ابن تيمية حياته عقائدة،صائب عبد الحميد :132.
(6)الزركشي، البرهان، ج2 :87.
(7) السيوطي، الإتقان، ج1 :657.
(8) المصدر نفسه.
(9) الشيرازي، الوصول إلى علم الأصول :76.
(10) الذهبي، التفسير والمفسرون، ج2 : 612.
(11) الطبري، جامع البيان، ج12 :32 ،(الزمر/67).
(12) البخاري، الصحيح، ج4 : 1840، كتاب التفسير،باب تفسير سورة النجم، ح4574.
(13) الطبري، المصدر السابق، ج5 : 165.
(14) منها: (الحج/47) و(الروم/6).
(15) المصدر نفسه، ج12 : 169 ،(البقرة/144).
(16) الزمخشري، المصدر السابق، ج2 : 285.
(17) ابن كثير، التفسير، ج7 : 201.
(18) أبو محمد عبد الحق، ابن عطية الأندلسي، المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، ج1، ط1، بيروت، دار الكتب العلمية، 1422هـ - 2001م :353.
(19) القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، ج2 : 52.
(20) ذكرها الطبري مفصلة من دون أن يعقـّب عليها: ج12 : 156، (سورة ص/24).
(21) علي بن الحسين، الشريف المرتضى، تنزيه الأنبياء، ط2، النجف الأشرف، المطبعة الحيدرية، 1379 هـ - 1960م :3.
(22) المصدر نفسه.
(23) ابن عاشور، التحرير والتنوير، ج23 : 138.
(24) ابن الجوزي، الموضوعات، ج1 :16،65.
(25) المصدر نفسه.
(26) الذهبي، التفسير والمفسرون، ج1 : 158.
(27) الذهبي، التفسير والمفسرون، ج2 : 612.
(28) الفخرالرازي، التفسير الكبير، ج2 : 255.
(29) الذهبي، الإسرائيليات في التفسير والحديث : 125.
(30) اُنظر: الذهبي، التفسير والمفسرون، وعلى نهجه سار كثيرون.
(31) جولد تسيهر، مذاهب التفسير الإسلامي، ترجمة: د. عبد الحليم النجار، بيروت، دار اقرأ، 2001م : 116،123.
(32) ابن كثير، البداية والنهاية : 167.
(33) الزرقاني، مناهل العرفان، ج2 : 50.
(34) المصدر نفسه، ج2 : 40 – 41.
(35) الذهبي، التفسير والمفسرون، ج1 : 366.
(36) يبدو أنّ اتهام البعض البعض الآخر بالابتداع له جذور تاريخية، ولكنا لا نجد له أمثلة في صدر الإسلام، فلا نجد عند الصحابة تداولاً لمثل هذا الإتهام، ومن المفيد جداً أن تختص دراسة ببحث جذور هذه الظاهرة «التكفيرية» التي ندفع اليوم ثمنها غالياً من سمعة الإسلام ودماء المسلمين.
(37) السيوطي، الدرّ المنثور، ج8 :350-360.
(38) وقد عدّه ابن تيمية من أعلم الناس في التفسير. (التفسير الكبير، ج2 : 212). مع أن ابن تيمية يرى أن من علائم الابتداع نفي الرؤية (المصدر نفسه: 223 – 255).
(39) الطبري، المصدر السابق، ج14 : 193، تفسيره للآية، وإن كان الطبري رجّح معنى: تنظر إلى خالقها، ولكنه على أي حال قدم القول بأن أهل التأويل اختلفوا في ذلك، ولم ينسب من قال بعدم الرؤية إلى الابتداع.
(40) الزمخشري، المصدر السابق، ج2 : 41-42. وانظر المزيد عن آراء المعتزلة حول الرؤية : د. نصر حامد، أبو زيد، الاتجاه العقلي في التفسير، ط4، بيروت، المركز الثقافي العربي، 1998م : 190-215.
(41) الذهبي، التفسير والمفسرون، ج1 : 369.
(42) المصدر نفسه :375.
(43) المصدر نفسه : 375 ، 404 ، 445 ، 455، 467. وج2 : 141 ، 197 ، 212 ، 248.
(44) المصدر نفسه، ج1 : 397.
(45) المصدر نفسه : 404.
(46) المصدر نفسه : 445.
(47) المصدر نفسه : 445.
(48) المصدر نفسه : 441.
(49) المصدر نفسه : 378.
(50) الطبري، المصدر السابق، ج3 : 15.
(51) المصدر نفسه : 450.
(52) البخاري، الصحيح، ج5، باب السحر : 2137، ح5430. و: صحيح مسلم، كتاب السلام، باب السحر، ح2189، ص 900.
وفيهما حدّثت عائشة، قالت: سحر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) غلام يهودي يخدمه يقال له لبيد بن أعصم، حتى كان (صلى الله عليه وآله وسلم) يخيّل إليه أنه يفعل الشيء ولا يفعله، وفي لفظ آخر: سحر حتى كان يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهنّ، وفي رواية الإمام أحمد، قالت: لبث النبي ستـّة أشهر يرى أنه يأتي ولا يأتي (مستند أحمد، ج6 : 57،63،96). وقال سفيان: هذا أشد ما يكون من السحر (البخاري، ج7 : 29، باب هل يستخرج السحر، ح5432).
(53) الذهبي، التفسير والمفسرون، ج1 :382.
(54) المصدر نفسه: 382.
(55) المصدر نفسه، ج2 : 146.
(56) الطبرسي، مجمع البيان، ج1 : 262.
(57)الذهبي، التفسير والمفسرون، ج2 : 483.
(58) المصدر نفسه : 630.
(59) محمد عبده، تفسير القرآن الكريم (جزء عم)، ط 3، مصر، الجمعية الخيرية الإسلامية، 1341هـ :181-183.
(60) سيد، قطب، في ظلال القرآن، ج7، ط9، بيروت، دار الشروق، 1400هـ - 1980م :710. انظر: التفسير الأثري: 241-244.
(61) الذهبي، التفسير والمفسرون، ج2 : 632.


source : البلاغ
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

الفرق بين علوم القرآن والتفسير
وتسلّط‌ ارباب‌ السوء
اليقين والقناعة والصبر والشکر
القصيدة التائية لدعبل الخزاعي
في رحاب أدعية الإمام الحسين (عليه السلام)
أقوال أهل البيت عليهم السلام في شهر رمضان
آيات ومعجزات خاصة بالمهدي المنتظر
علي الأكبر شبيه الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)
أوصاف جهنم في القرآن الكريم
ألقاب الإمام الرضا عليه السلام

 
user comment