عربي
Tuesday 23rd of April 2024
0
نفر 0

بين "جان دارك" و "آيات القرمزي"

بين

"هناك الكثير من النساء خلدهن التاريخ لمواقف بطولية اتخذنها، عجز الرجال عن اتخاذها ، فتربعن بكل جدارة على عرش الكبرياء والشرف والمجد والسؤدد ، وتحولن الى مدارس للبشرية ، نساء ورجال ، ومشاعل تنير درب الاحرار من كل ملة ودين ، ومصدر الهام للعباقرة والمفكرين، فكفى ببضعة رسول الله ، فاطمة الزهراء (ع) اسوة وبعقيلة الهاشمين زينب الكبرى (ع) قدوة ، للرجال قبل النساء ، للمجاهدين والاحرار و الشرفاء في كل مكان ، فسيدة نساء العالم وابنتها بطلة كربلاء سجلتا على هام التاريخ مواقف لا تمحى الا بعد ان يطوي الله الارض وما عليها".
 

ماجد حاتمي


 

من منا لايسمع صدى كلمات زينب بنت الامام على ابن ابي طالب ،وهي في مجلس يزيد ، اسيرة ، طيف بها من بلد الى بلد مع الايتام والارامل والرؤوس ، بعد ان فقدت الاخوة والاحبة والناصر ، " ولئن جرت علي الدواهي مخاطبتك إني لأستصغر قدرك واستعظم تقريعك واستكثر توبيخك، لكن العيون عبرى والصدور حرى.ألا فالعجب كل العجب لقتل حزب الله النجباء بحزب الشيطان الطلقاء، فهذه الأيدي تنطف من دمائنا والأفواه تتحلب من لحومنا، وتلك الجثث الطواهر الزواكي تنتابها العواسل وتعفرها أمهات الفراعل، ولئن اتخذتنا مغنما لتجدنا وشيكا مغرما حين لا تجد إلا ما قدمت، وما ربك بظلام للعبيد، فإلى الله المشتكى وعليه المعول. فكد كيدك واسع سعيك وناصب جهدك، والله لا تمحو ذكرنا ولا تميت وحينا ولا تدرك أمدنا، ولا يرحض عنك عارها، وهل رأيك إلا فند، وأيامك إلا عدد وجمعك إلا بدد، يوم ينادي المنادي (ألا لعنة الله على الظالمين).فالحمد لله الذي ختم لأولنا بالسعادة والمغفرة ولآخرنا بالشهادة والرحمة".

اذن ليس غريبا ان يناصب المستبدون على مدى التاريخ هذه المدرسة واساتذتها وخريجيها العداء ، فدوام هذه المدرسة يعنى تنغيص عيش المستبدين ، واستحضار مبادئها وتحقيق اهدافها والاسترشاد برموزها ، هو الخطر الاكيد على دولة الظلم والظالمين .

**آيات القرمزي خريجة مدرسة اهل البيت (ع)

من احدث خريجي هذه المدرسة والذي واجه ذات المصير الذي واجهه السابقون من خريجيها ، هي الشاعرة البحرينية آيات القرمزي، التي نجحت وبأمتياز بالامتحان التطبيقي في الدرس الزينبي الخالد ، حيث وقفت كمولاتها ، مثل الطود الشامخ وهي تشير باصبعها الى عنوان الظلم دون خوف او وجل ، في موقف ترتعد فرائص الرجال ان تقفه ، فكانت كما اراد الصلب الشامخ والرحم الطاهر الطاهر ان تكون .. اية .. بل ايات. والاية تعني من بين ماتعنى المعجزة والعلامة والبرهان والعبرة والدليل و.. كل هذه المعاني كانت ايات.

**لماذا جان دارك ؟

كثيرا ما كانت تقفز الى ذهني ذكرى جان دارك ، القديسة الفرنسية الشابة التي ناضلت من اجل استقلال بلدها من الاستعمار الانجليزي ، وانا افكر بالكتابة عن اية البحرين ، آيات القرمزي ، لوجود تشابه يكاد يكون مذهلا بين تجربة بطلتنا وتجربة بطلة فرنسا ، الامر الذي يكشف مدى تشابه التجارب الانسانية القائمة على ذات الطبائع الواحدة ، وهي نفور الانسان من الظلم والاستبداد والاحتلال والاستعمار والتمييز والعنصرية والخيانة والخنوع والذلة ، وعشقه للحرية والتحرر والاستقلال والكرامة والشرف والرفعة والتقدم .

**من هي جان دارك ؟

قبل المرور على ما يجمع رمز البحرين ورمز فرنسا نمر مرور سريعا على اهم مراحل حياة جان دارك ، لتكون المقارنة مفهومة للقاريء الكريم .

ولدت جان دارك وأسمها الحقيقي جانيت ، عام 1412 في قرية دومرمي شمال شرق فرنسا ، ونشأت في احضان عائلة دينية ، تحولت وهي في عمر 13 ربيعا الى رمز من رموز مقاومة الاحتلال الانجليزي لفرنسا ، خلال حرب المائة عام بين البلدين (1337- 1453) . واستطاعت جان دارك وهي في عمر 13 عاما عندما قادت جيشا صغيرا ، ان ترفع حصار قوات الاحتلال الانجليزي عن مدينة اورليانز الفرنسية عام 1429. الا انها وقعت اسيرة في 23 مايو 1430 في ايدي البورجينيين ، نسبة الى جنود دوق بورجوني ، العميل الفرنسي للمحتل الانجليزي ، فقاموا ببيعها الى الانجليز ، الذين حركوا عملاءهم في الكنسية ورعاعهم والمتعصبين الحمقى والمرتزقة بهدف التخلص من جان دارك ، فشنوا حملة شعواء ضدها ، انتهت بمحاكمتها على ايدي قساوسة حاقدين وعملاء للمستعمر في محكمة ترأسها اسقف بيير كوشون ، حيث اتهمت بانها ملحدة ومهرطقة ومرتدة وساحرة وحكم عليها بالموت حرقا . ونفذ الحكم في 30 مايو 1431 ، وقبل ان تحرق جان دارك شدوها الى شجرة ومزقوا جسدها وهي لم تتجاوز ال19 ربيعا.

ولكن بعد زوال الاحتلال الانجليزي عن فرنسا ورحيل اذنابهم من العملاء ، تم تطويبها كمسيحية ومن ثم تلقيبها بالقديسة جان دارك وتناول سيرتها المبدعون والكتاب في جميع العالم وكتب حولها شيللر مسرحية "عذراء اورليانز" وانتجت حولها الافلام مثل فيلم"الام جان دارك" ، الذي يعتبر من اشهر 100 فيلم في السينما العالمية.

** اوجه التشابه

- على المستوي الشخصي لم يتجاوز عمر جان دارك عندما حرقها عملاء الاحتلال الانجليزي لفرنسا 19 ربيعا ، فيما لم يتجاوز عمر لؤلؤة البحرين حين اعتقالها عشرين ربيعا. فجان دارك وايات القرمزي واجهتا الاستبداد والظلم وهما في عمر الورود.

- على مستوى التجربة واجه الرمزان تحديين ، الاول يتمثل بالاستبداد والعملاء والتحدي الثاني تمثل بالاحتلال ، فجان دارك واجهت المستبدين والعملاء كما واجهت المحتل الانجليزي ، في المقابل واجهت لؤلؤة البحرين ايات القرمزي ، الاستبداد والمتجنسين سياسيا والبلطجية كما واجهت الاحتلال السعودي لبلدها.

- واجهت جان دارك عدوا خطيرا كان سببا في تأخر اوروبا كلها على مدى قرون ،وهذا العدو هو العلماء السوء والمتاجرين بالدين والمتعصبين ، فكانوا يناصبونها العداء طمعا وحقدا وحسدا ، ومثل ذلك تواجه ايات القرمزي ، فيكفي ان يتصفح المرء المواقع المختلفة على الانترنيت حتى يدرك مدى حجم الظلم الذي يمارس ضد الدين من خلال استخدام سلاح الطائفية المقيت ، الذي اهدر ومازال يهدر طاقات المسلمين ، للتهجم على بطلة البحرين آيات القرمزي "الشيعية".

- ابشع ما واجهته جان دارك والذي فاق قساوة و وحشية الحكم الصادر ضدها والذي انتهى بموتها حرقا وهي حية ، تلك الهجمة الشرسة التي روج لها الانجليز من خلال عملائهم والعلماء السوء وتجار الدين والخونة ، والتي لم تنطل الا على البسطاء والسذج من الشعب الفرنسي ، حيث وصفت الة الكذب ، جان دارك بابشع الصفات والنعوت كالجنون والسحر والهرطقة والارتداد والكفر والالحاد للنيل من سمعتها . وفي حالة ايات القرمزي ، يصعق الانسان من هول مايرى ويقرأ على شبكة الانترنيت بشأن لؤلؤة البحرين المظلومة. فهل يعقل ان يصل الامر ان تجند جهات في البحرين والسعودية جيوشا جرارة ، من الاعلاميين المرتزقة ، الذين باعوا ضمائرهم لدولار النفط والشيطان ، والحاقدين والموتورين والمرضى النفسيين والمكبوتين واراذل الناس ، للنيل فقط من سمعة ايات القرمزي ؟.

ان المرء يذهل وهو يقرأ عناوين ضخمة اصبحت ثابتة على مواقع البحث على الانترنيت ، فيكفي كتابة اسم آيات القرمزي فاذا بالخيارات تظهر امامك مثل ايات القرمزي دون حجاب ، او في صور فاضحة ، او .... ولكن حبل الكذب قصير ، فعندما تنقر على تلك الجمل التي اعدت سلفا فلا تظهر اي صورة تتطابق مع تلك العبارات النابية، ولكن في المقابل تتكشف خيوط مؤامرة خبيثة قذرة تهدف للنيل من سمعة فتاة مسلمة مجاهدة صابرة ، وهو فعل لايقدم عليه الا ابناء الشوارع والافاقين ومقطوعي النسب وعبدة المال والدنيا .

- جان دارك وآيات القرمزي ، شاء قدرهما ان يخضعا لمحاكم تضحك الثكالى ، فالقديسة جان دارك حكمت عليها محكمة دينية بالارتداد والكفر فيما القضاة كانوا يتقاضون رواتبهم من المحتل ،اما ايات القرمزي فهي تحاكم امام محكمة عسكرية!!! قضاتها جنرالات !!! . ولكن لا ادري كيف تحاكم الكلمة ويحاكم الشعر وتحاكم فتاة لايتجاوز عمرها 20 ربيعا ، سلاحها الحروف ، امام مثل هذه المحكمة !!! .

** اوجه الاختلاف

- قادت جان دارك جيشا قاتلت به المحتل والعملاء ، وكان سلاحها السيف والرمح ،اما الشاعرة ايات القرمزي فواجهت الاحتلال والاستبداد بالكلمة وظلت وفية لها ولم تتجاوزها ، لاعتقاد راسخ منها ان الاغلبية في البحرين ليست بحاجة الى سلاح لتغيير الاوضاع والوصول بالبلاد الى بر الامن الامان والاستقلال والاستقرار ، فطبيعة الاشياء هي التي تفرض نفسها في النهاية ، ولايمكن ان يقف المثلث على راسه مهما طال الزمان.

- في حالة جان دارك ، نجح العملاء والمحتلون في التخلص منها وحرقها بعد الصاق كل تلك التهم الكاذبة بها ،ولكن في حالة ايات القرمزي ، لن يكون الامر كذلك بالمرة ، فلن ينجح المحتلون والمستبدون من تحقيق هدفهم في اسكات صوت آيات القرمزي ،صوت الثورة البحرينية ، فهم اعجز من ان ينالوا منها ، فوراء لؤلؤة البحرين اغلبية الشعب البحريني وجميع الاحرار في العالم وفي مقدمتهم اخوتها في شباب ثورات تونس ومصر وليبيا واليمن ، يتابعون اخبارها ويترصدون كل حركات وسكنات السلطة وطريقة تعاملها مع ايات البحرين ، فايات القرمزي تحولت بفضل صمودها الى رمز للحرية والتحرر والاستقلال والكرامة و العزة الشرف ، وليست رمزا لثورة البحرين فقط ، فهي اكبر من هذا الرمز بكثير ، الامر الذي يجب ان يدفع سلطان البحرين الى التفكير الف مرة قبل اتخاذ اي قرار يمكن ان يعرض حياة ايات القرمزي للخطر.

- للاسف وقع بعض الفرنسيين في فخ الهجمة الاعلامية والنفسية التي شنها المحتلون واذنابهم وصدقوا رواية الهرطقة والسحر التي الصقت بجان دارك ، ولكن كل ما قالته الة الكذب التابعة للاستبداد والاحتلال حول ايات القرمزي لم تنطل على البحرينيين فحسب ، بل زادت من شعبية لؤلؤة البحرين ، ليس في البحرين فحسب بل في العالم اجمع ، وجعلتها اكثر تألقا و وهجا ونقاء وصفاء ، فالحمد لله الذي جعل اعدائنا من الحمقى.

** لمثل آيات ينحني قبل الكبرياء الشرف

مادامت آيات القرمزي قابعة في غياهب سجون الاستبداد ، ومادامت الجهات التي تناصب ثورة الشعب البحريني العداء ، سادرة في غيها ، ومادام اشباه الرجال العاملين بأوامر هذه الجهات ، بهذا المستوى من الخسة والدناءة التي ظهروا عليها ، وهم يتعرضون بهذا الشكل المقزز لشرف ايات البحرينيين ، يجب ان نتوقع ان تخرج من جعبتهم النتنة ، حكايات وروايات واعترافات وحتى صور ملفقة ، يحاولون من خلال المس بسمعة بطلة البحرين ، فتوقع ان يخرج العطر من المياه الاسنة هو توقع ليس في محله ،فالاناء ينضح مافيه ، ولكن مهما فعلوا ، يبقى الشرف يستجدي الطهر عند اطراف عباءة أيات القرمزي.


source : ابنا
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

ألمانیون یزورون مسجداً لمعرفة الإسلام
توافد مستمر لمواکب العزاء الى الصحن الحسینی ...
سیدة ترکیة في الـ69 من العمر تحفظ القرآن
رسالة سماحة الأستاذ حسين انصاريان إلى الشعب ...
قال رسول الله (ص):مَنْ منّ الله عليه بمعرفة أهل ...
كازاخستان ترفض مطالبات برفع الحظر عن الحجاب في ...
طائرات سعودية تدمر مسجد الامام الهادي (ع) بالكامل ...
مؤتمر حول "دور الفكر الإسلامي في صحة الأسرة" ...
سماحة العلامة انصاريان :قال الصادق جعفر بن محمّد ...
المصحف التتارى هو أغلى وثاني أكبر مصحف في العالم

 
user comment