عربي
Thursday 25th of April 2024
0
نفر 0

الرسول وعاشوراء تحت مجهر واشنطن! (2)

كان بمقدور أي قارئ أو محلل أن يدّعي أن الحديث عن خطة أميركية لاستهداف فئة دينية أو جماعة سياسية يندرج ضمن نظرية المؤامرة، لولا أن مايكل برانت، كبير مساعدي المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية \"سي أي إي\" وعضو قسم شؤون الشيعة في الوكالة، يؤكد \" نظرية المؤامرة\" بكشفه تفاصيل مثيرة تسلط الضوء على أساليب الإدارة الأميركية في مواجهة الشيعة، في كتاب صدر في الولايات المتحدة تحت عنوان \"خطة لتقسيم وتقويض الدين\" A plan to Devide and Desolate Theology.
ويشير برانت الى أن الـ\"سي أي إي\" خصصت مبلغ 900 مليون دولار لـ\"مكافحة التشيع في العالم\"، استنادا إلى جملة أبحاث ودراسات بدأتها وكالة الاستخبارات منذ اندلاع الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 بعد أن \"ألحقت الثورة ضربات ماحقة بسياستنا في العالم الإسلامي. وبعد فشلنا في الأعوام الأولى من الثورة باحتوائها، وتزايد الصحوة الإسلامية وانتشار الكراهية ضد الغرب وظهور الحماسة الثورية لدى الشيعة في الدول المختلفة؛ خاصة لبنان والعراق والكويت والبحرين وباكستان، حيث عقد كبار مسؤولي الاستخبارات المركزية اجتماعا حضره ممثلون عن الاستخبارات البريطانية أيضا\"، نظرا لخبرة البريطانيين التاريخية في التعامل مع الجماعات الدينية في الشرق الأوسط.
توصلت أجهزة الاستخبارات الأميركية إلى أن استشهاد الإمام الحسين ساهم في تفجير الثورة الإسلامية في إيران يتابع المسؤول الأمني الأميركي أن واشنطن توصلت، بعيد مؤتمر أمني أميركي ـ بريطاني مشترك عام 1983، إلى أن الثورة الإيرانية \"ليست نتيجة طبيعية لسياسات الشاه فقط، بل إن ثمة عوامل وحقائق أخرى أسهمت في تفجيرها؛ أهمها القيادة السياسية للمرجعية الدينية الشيعية واستشهاد الإمام الحسين، حفيد نبي الإسلام محمد قبل 1400 عام؛ وهي الذكرى التي يحييها الشيعة منذ قرون، إذ أن هذين العاملين يميزان الشيعة عن سائر المسلمين\".
ويضيف برانت أن وكالة الاستخبارات المركزية قررت، بعيد الثورة الإسلامية، \"تأسيس شعبة خاصة لدراسة الإسلام الشيعي وتخصيص 40 مليون دولار كميزانية أولية\"، على أن يتم تقسيم المخطط إلى ثلاث مراحل:
* \"جمع المعلومات\" حول عقائد الشيعة.
* \"أهداف قصيرة الأمد، وتتمثل في إثارة الخلافات بين الشيعة والسنة\"، لحرف انتباه الشيعة عن السياسة الأميركية.
* \"أهداف بعيدة المدى\"، وتتمثل في \"القضاء على التشيع\".
وتستوجب المرحلة الأولى \"إيفاد باحثين إلى المناطق التي يوجد فيها الشيعة\". وفي هذا الإطار يشير الكتاب إلى أن 6 أكاديميين أميركيين \"أجروا أبحاثا في باكستان حول مراسم العزاء، وحصلوا على درجة الدكتوراه في هذا الشأن. كما أن سيدة يابانية أجرت أبحاثا في مدينة كويتا الباكستانية على قوم الهزارة والشيعة هناك وحصلت على الدكتوراه\" في هذا الموضوع.
ويتابع برانت أن الـ\"سي أي إي\" توصلت، بعد إجراء الأبحاث اللازمة، إلى جملة من النتائج على الصعد التالية:
1. المرجعية: إن المراجع الشيعة يشكلون الرافد الرئيسي لهذا المذهب، فهؤلاء لم يبايعوا طوال تاريخ التشيع حاكما غير إسلامي. وبسبب فتوى لمرجع ديني (أي آية الله الشيرازي) لم تستطع بريطانيا النفوذ إلى إيران مطلع القرن الماضي. كما اضطر (الرئيس العراقي السابق) صدام حسين إلى تضييق الخناق على أكبر مركز علمي للشيعة (أي الحوزة العلمية في النجف الأشرف) بعد أن فشل في السيطرة عليه. وهناك مدينة قم في إيران التي قضت على عرش الشاه وتخوض اليوم مواجهة مع الولايات المتحدة. وفي لبنان أرغمت نهضة الإمام موسى الصدر جيوش الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا على الفرار من لبنان، واليوم هناك حزب الله الذي يعد أكبر عقبة تقف بوجه إسرائيل. ونستنتج من ذلك أنه من غير المفيد الدخول في مواجهة مباشرة مع الشيعة لذلك يجب اتخاذ إجراءات خلف الكواليس. يجب تجنيد الأشخاص الذين هم على خلاف عقائدي مع الشيعة، وجمع الأشخاص المحدودي الثقافة أو الأمّيين وتقويتهم ليدخلوا في مواجهة مع الشيعة. يجب تشويه صورة الشيعة وجعلهم غير مقبولين لدى العوام من الناس.
من غير المفيد الدخول في مواجهة مباشرة مع الشيعة لذلك يجب اتخاذ إجراءات خلف الكواليس كذلك تشويه سمعة المراجع وعلماء الدين عبر الشائعات ونحوها كي يفقدوا مكانتهم عند الناس ويزول تأثيرهم.
2. عاشوراء ومراسم العزاء: يحيي الشيعة ذكرى عاشوراء بمراسم العزاء. وبمناسبة واقعة كربلاء يجتمع الشيعة ليلقي عليهم أحد كلمة بالمناسبة ويستمعوا إليه. ومن ثم يقوم الحضور بمراسم العزاء. إن هذا الخطيب وهؤلاء المستمعين يحظون بأهمية بالنسبة لنا، لأن المطالبة بالحرية ومحاربة الباطل تنطلق من مجالس العزاء هذه، لذلك فإننا خصصنا عشرات الملايين من الدولارات لاحتواء الخطباء والمستمعين والنفوذ من خلالهم إلى داخل مراسم العزاء. كذلك العمل على العبث بثقافة (الشهادة) والاستشهاد، وأن نحرف المفاهيم بحيث يبدو للناظر أن الشيعة ليسوا سوى طائفة جاهلة تهوى الخرافات، وهذا يكون عبر الدعم المالي لبعض الخطباء والمداحين والمؤسسين الرئيسيين لمجالس عاشوراء، فإن فيهم النفعيين ومحبي الشهرة.
يجب إيجاد أو إدارة الدعاة الذين لا يملكون معلومات ومعرفة كافية عن عقائد الشيعة، واستخدام أفراد من الشيعة يمكن من خلالهم استهداف عقائد الشيعة وتهميشها وإظهار أنها من اختراع مراجع الشيعة. وكذلك إضافة وحفظ تقاليد تتنافى وعقائد الشيعة في ما يخص مراسم العزاء. يجب تقديم مراسم العزاء بشكل يشعر من خلاله أفراد المجتمع بأن الشيعة هم مجموعة من الأناس الجهلة وعبدة الأوهام ليتحول بذلك مذهب التشيع من مذهب ذي منطق إلى مذهب صوفي محض وإفراغه من الداخل. فضلا عن وضع برامج دقيقة وبعيدة المدى للترويج لمقولة كفر الشيعة بنحو يُفتى بالجهاد ضدهم في الوقت المناسب.
3. إنجاز أبحاث ودراسات: يجب صرف أموال طائلة من أجل ذلك لإرباك الشيعة وتحريضهم ضد المرجعية. ويُتوقع بذلك أن تتصاعد احتجاجات الشيعة ضد المرجعية ووضع نهاية للمرجعية الشيعية التي كانت لحد الآن تشكل سدا منيعا أمامنا على أيدي الشيعة أنفسهم.
وإذ يتحدث الكتاب عن أسماء مجموعات أصولية تم دعمها سرا، على امتداد العالم الإسلامي بهدف مواجهة الشيعة، يكشف أن المشروع الأميركي لحظ العام 2010 كآخر موعد لـ\"تحطيم قوة الشيعة الأساسية\"، اعتمادا على القاعدة الجديدة \"فرّق والغٍ\" بعدما أثبت التكتيك القديم \"فرق تسد\" فشله على ضوء التجربة البريطانية.

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

الجنة لمن زارها
لـمـــاذا كــــتـم جـمـــاعـــــة مــن ...
غزة
من وصايا الإمام الباقر (عليه السلام)
منزلة القرآن الكريم في خطب أمير المؤمنين في نهج ...
آراء المستشرقين ومواقفهم من القرآن
فضلِ السَّخاء و الجود
من هم الذين يحبهم الله؟
الحسد والسعایة
حجّ الإمام الكاظم(عليه السلام)

 
user comment