عربي
Friday 29th of March 2024
0
نفر 0

مقتطفات من أخلاق الإمام الهادي

مقتطفات من أخلاق الإمام الهادي×

قال أبو هاشم الجعفري: أصابتني ضيقة شديدة فصرت الى أبي الحسن علي بن محمد × فأذن لي فلما جلست قال: يا أبا هاشم أي نعم الله عز وجل عليك تريد أن تؤدي شكرها.

قال أبو هاشم: فوجمت(فسكت) فلم ادر ما أقول له.

فابتدأ × فقال: رزقك الإيمان فحرم بدنك على النار ورزقك العافية فأعانتك على الطاعة ورزقك المقنوع فصانك عن التبذل، يا ابا هاشم انما ابتدأتك بهذا لأني ظننت انك تريد أن تشكو لي من نعل بك هذا وقد أمرت لك بمئة دينار فخذها.

وروى الغمام المنصوري عن عم أبيه قال: قال يوما الإمام علي بن محمد × يا أبا موسى أخرجت الى سر من رأى كرهاً ولو أخرجت عنها أخرجت كرهاً قال الراوي قلت: ولم يا سيدي؟ قال لطيب هوائها وعذوبة مائها وقلة دائها.

ثم قال تخرب سر من رأى حتى يكون فيها خان وبقال للمارة وعلامة تدارك خرابها تدارك العمارة في مشهدي من بعدي ([1])

 

رأي الشافعي في الإمام الجواد ×

كمال الدين محمد بن طلحة الشافعي من كبار علماء السنة قال في وصف الإمام × كان من الصدور الأكابر والرؤساء المعظمين ذا حشمة وجاه معروفاً بالزهد في الدنيا والإعراض عنها وقال في مطالب السؤول في مناقب آل الرسول وأما مناقبه فما اتسعت حلبات مجالها ولا امتدت أوقات آمالها بل قضت عليه الأقدار الإلهية بقلة بقائه في الدنيا بحكمها وأنجالها فقل في الدنيا مقامه، وعجل القدوم عليه زيارة حمامه، فلم تطل بها مدته ولا امتدت فيه أيامه غير أن الله عز وجل وعلا خصّه بمنقبة متألقة في مطامع التعظيم بارقة أنوارها مرتفعة في معارج التفضيل قيمة اقدراها بادية لعقول أهل المعرفة آية اثارها وهي وإن كانت صغيرة فدلالتها كبيرة.

وحدث جماعة من أهل أصفهان منهم أبو العباس احمد بن النضر وأبو جعفر محمد بن علوية قالوا: كان بأصفهان رجل يقال له عبد الرحمن وكان شيعياً قيل له  ما السبب الذي اوجب عليك القول بإمامة علي التقي دون غيره من أهل الزمان؟ قال: شاهدت ما أوجب علي وذلك إني كنت رجلاً فقيراً وكان لي لسان وجرأة  فأخرجني أهل أصفهان سنة من ا لسنين مع قوم آخرين الى باب المتوكل (قصر الخلافة) متظلمين (يطالبون بالإنصاف والعدل) فكنا بباب المتوكل يوماً إذ خرج الأمر بإحضار علي بن محمد بن الرضا × فقلت لبعض من حضر  من هذا الرجل الذي قد أمر باحضاره فقيل هذا رجل علوي تقول الرافضة بامامته ثم قال ويقدر أن المتوكل يحضره للقتل (سرت شائعات حول استدعائه لتصفيته) فقلت: لا ابرح من هنا حتى انظر الى هذا الرجل أي رجل هو؟

قال الراوي فأقبل راكبا على فرس وقد قام الناس يمنة الطريق ويسرتها صفين ينظرون اليه فلما رأيته وقع حبه في قلبي فجعلت ادعو في نفسي بأن يدفع الله عنه شر المتوكل فأقبل يسير بين الناس وهو ينظر الى عرف دابته (باتجاه رأس الفرس) لا ينظر يمنة ويسرة وأنا دائم الدعاء فلما صار الي(قربي) اقبل بوجهه الي وقال: استجاب الله دعاءك وطول عمرك وكثر مالك وولدك قال: فارتعدت ووقعت بين أصحابي فسألوني وهم يقولون: ما شأنك فقلت خير ولم اخبر


بذلك.

فانصرفنا  بعد ذلك الى أصفهان ففتح الله  علي وجوهاً من المال حتى أنا اليوم أغلق بابي (البيت) ما قيمته إلف إلف (مليون) درهم سوى مالي خارج داري ورزقت عشرة من الأولاد وقد بلغت الآن من عمري نيّفاً (3ـ 9) وسبعين سنة وأنا أقول بإمامة الرجل على الذي علم ما في قلبي واستجاب الله دعاءه فيّ وروى هبة الله بن ابي منصور الموصلي أنه كان بديار ربيعة كاتب نصراني وكان من أهل كفر توثا يسمى يوسف بن يعقوب وكان بينه وبين والدي صداقة. قال (الراوي) فوافى (جاء) فنزل عند والدي فقال له ما شأنك في هذا الوقت؟

قال ادعيت(استدعيت) الى حضرة المتوكل (مقابلة المتوكل) ولا أدري ما يراد مني إلا اني اشتريت نفسي من الله بمئة دينار وقد حملتها لعلي بن محمد بن الرضا × معي فقال له والدي قد وفقت في هذا.

قال: وخرج الى حضرة المتوكل وانصرف الينا (جاء الينا) بعد أيام قلائل فرحاً مستبشـراً فقال له والدي: حدثني حديثك قال: صرت الى سرّ من رأى وما دخلتها قط (لم ازرها من قبل) فنزلت في دار (فندق) وقلت (في نفسه): احب أن أوصل المئة الى أبن الرضا × قبل ذهابي الى باب المتوكل وقبل أن يعرف أحد قدومي قال: فعرفت أن المتوكل قد منعه من الركوب وأنه ملازم لداره فقلت: كيف أصنع؟ رجل نصراني يسأل عن دار ابن الرضا × لا آمن أن يبدر بي فيكون ذلك زيادة فيما أحاذره.

قال: ففكرت ساعة في ذلك فوقع في قلبي أن اركب حماري وأخرج في البلد ولا أمنعه من حيث يذهب لعلي أقف على معرفة داره من غير أن أسأل أحداً قال: فجعلت الدنانير في كاغذة وجعلتها في كمي وركبت فكان الحمار يتخرق الشوارع والأسواق يمر حيث يشاء الى أن صرت الى باب دار فوقف الحمار فجهدت أن يزول فلم يزل، فقلت للغلام : سل لمن هذه الدار فقيل: هذه دار ابن الرضا ! فقلت: الله اكبر دلالة والله مقنعة.

قال: وإذا خادم أسود ق خرج فقال : انت يوسف بن يعقوب؟ قلت: نعم قال: انزل فنزلت فأقعدني في الدهليز فدخل فقلت في نفسي: هذه دلالة أخرى من أين عرف هذا الغلام اسمي وليس في هذا البلد من يعرفني ولا دخلته قط.

قال: فخرج الخادم فقال: مائة دينار التي في كمك في الكاغذ هاتها ! فناولته إياها قلت: وهذه ثالثة ثم رجع إلي وقال: ادخل فدخلت إليه وهو في مجلسه وحده فقال: يا يوسف ما آن لك؟ فقلت: يا مولاي قد بان لي من البرهان ما فيه كفاية لمن اكتفى، فقال: هيهات إنك لا تسلم ولكن سيسلم ولدك فلان، وهو من شيعتنا، يا يوسف إن أقواماً يزعمون أن ولايتنا لا تنفع أمثالكم كذبوا ولله إنها لتنفع أمثالك امض فيما وافيت له فانك سترى ما تحب قال: فمضيت إلى باب المتوكل فقلت كل ما أردت فانصرفت.

قال هبة الله: فلقيت ابنه بعد هذا يعني بعد موت والده والله وهو مسلم حسن التشيع فأخبرني أن أباه مات على النصرانية، وأنه أسلم بعد موت أبيه وكان يقول: أنا بشارة مولاي × .

وروى أبو هاشم الجعفري أنه ظهر برجل من أهل سر من رأى برص فتنغض عليه عيشه  فجلس يوماً إلى أبي علي الفهري فشكا إليه حاله فقال له: لو تعرضت يوماً لأبي الحسن (تقف في طريقه) علي بن محمد بن الرضا × فسألته أن يدعوا لك رجوت إن يزول عنك؟

فجلس له يوماً في الطريق وقت منصرفه من دار المتوكل، فلما رآه قام ليدنو منه فيسأله ذلك فقال الإمام تنحّ عافاك الله وأشار بيده تنح عافاك الله تنح عافاك الله ثلاث مرات فأبعد (ابتعد) الرجل ولم يجسر أن يدنو منه وانصرف، فلقي الفهري فعرفه الحال وما قال: فقال (الفهري) قد دعا لك قبل أن تسأل فامض فأنك ستعافى فانصرف الرجل إلى بيته فبات تلك الليلة فلما أصبح لم ير على بدنه شيئاً من ذلك.

وروى داود بن القاسم الجعفري أبو هاشم قال: دخلت عليه بسر من رأى وأنا أريد الحج لأودعه، فخرج معي فلما انتهى إلى آخر الحاجز نزل، فنزلت معه، فخط بيده الأرض خطة شبيهة بالدائرة، ثم قال لي: يا عم خذ ما ما في هذه يكون في نفقتك، وتستعين به على حجك، فضربت بيدي فإذا كان سبيكة ذهب فكان فيها مائتا مثقال.

وروى أيوب بن نوح قال: كتبت إلى أبي الحسن× أن لي حملاً فادع الله أن يرزقني ابناً فكتب إلي: إذا ولد فسمه محمداً، قال: فولد ابن فسميته محمد([2]).

قال: وكان ليحيى بن زكريا حمل فكتب إليه : أن لي حملاً فادع الله أن يرزقني ابنا فكتب إليه : رب ابنة خير من ابن، فولدت له ابنة.

عن أيوب بن نوح قال: كتبت إلى أبي الحسن× : قد تعرض لي جعفر بن عبد الواحد القاضي وكان يؤذيني بالكوفة أشكو إليه ما ينالني منه من الأذى فكتب إلي: تكفى أمره إلى شهرين، فعزل  القاضي عن الكوفة في شهرين واسترحت منه([3])

قال فتح بن يزيد الجرجاني: ضمني وأبا الحسن× الطريق منصرفي من مكة إلى خراسان، وهو صائر الى العراق فسمعته وهو يقول: من اتقى الله يتقى، ومن أطاع الله يطاع.

قال: فتلطفت في الوصول إليه فسلمت عليه فرد علي السلام وأمرني بالجلوس وأول ما ابتدأني به أن قال: يا فتح من أطاع الخالق لم يبال بسخط المخلوق، ومن اسخط الخالق فأيقن أن يحل به الخالق سخط المخلوق، وإن الخالق لا يوصف إلا بما وصف به نفسه، وأنى يوصف الخالق الذي يعجز الحواس أن تدركه، والأوهام أن تناله، والخطرات أن تحده، والأبصار عن الإحاطة به.

جل عما يصفه الواصفون، وتعالى عما ينعته الناعتون، نأى في قربه، وقرب في نأيه، فهو في نأيه قريب، وفي قربه بعيد كيّف الكيف فلا يقال كيف وأيّن ألاين فلا يقال أين، إذهو منقطع الكيفية والاينية.

هو الواحد الصمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد، فجل جلاله بل كيف يوصف بكنهه محمد ’ وقد قرنه الجليل باسمه، وشركه في عطائه وأوجب لمن أطاعه جزاء طاعته، إذ يقول وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله وقال: يحكي قول من ترك طاعته، وهو يعذبه بين إطباق نيرانها وسرابيل قطرانها >يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا< أم كيف يوصف بكنهه من قرن الجليل طاعتهم بطاعة رسوله حيث قال: >أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم< وقال: ولو ردوه الى الرسول وإلى أولي الأمر منهم وقال: > أن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات الى أهلها وقال: > فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون<.

يا فتح كما لا يوصف الجليل جل جلاله والرسول, والخليل، وولد البتول فكذلك لا يوصف المؤمن المسلم لأمرنا، فنبينا أفضل الأنبياء، وخليلنا أفضل الأخلاء (وصينا) أكرم الأوصياء واسمهما أفضل الأسماء وكنيتهما أفضل الكنى وأحلاها، لو لم يجالسنا إلا كفو لم يجالسنا أحد، ولو لم يزوجنا إلا كفو لم يزوجنا أحد.

 






([1])  وقد تحققت بنور الإمام وذلك بعد إن أصبحت بغداد عاصمة مرة أخرى وهجرها الناس عائدين الى بغداد  وذلك بعد سنة 279هـ

([2]) كشف الغمه ج 3 ص 246.

([3]) المصدر نفسه ص 247.

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

أحداث ليلة ضرب الرأس الشريف لأمير المؤمنين
أهل البيت القدوة الصالحة والنموذج الأمثل
القدسية والعظمة
فلسفة تسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام
ذِكر عليٍّ عبادة
الإمام الحسين عليه‌السلام والسلفية
أهل البيت^ الحبل المتصل بين الخالق والمخلوق
السیده رقیه بنت الحسین علیها السلام
شروط الإمام
فاطمة هي فاطمة.. وما أدراك ما فاطمة

 
user comment