عربي
Thursday 25th of April 2024
0
نفر 0

بحوث تمهيدية لتفسيرآية العصمة من الناس

الفصل الاول بحوث تمهيدية لتفسيرآية العصمة من الناس .

 

خلاصة آيات الغدير الثلاث

امـر اللّه تـعالى رسوله (ص ) قبل حجة الوداع , ان يدل امته على حجهم , كما دلهم على صلاتهم , وزكاتهم , وصومهم , وان يدلهم على امامهم من بعده ويعلن عهده الى وصيه من عترته , وينصبه علما لامته لانه تعالى لم يقبض نبيا من انبيائه (ع ) الابعد ان يكمل له دينه , ويورث الكتاب الالهي لوصيه , وينصبه علما لامته .

ودعا النبي (ص ) المسلمين الى الحج معه , ليعلمهم مناسك حجهم , ويقيم لهم عليا (ع ) علما من بعده ولـكـنـه كـان يـخشى ان تعارض ذلك قريش , لحسدها القديم لبني هاشم , وان يطعنوا في نبوته , ويـتـهموه بانه يريد تاسيس ملك لاسرته كملك كسرى وقيصر فيؤدي ذلك الى حدوث حركة ردة في الامة .

وحـج النبي (ص ) حجة الوداع , وبلغ الامة فريضة الحج , وخطب في مكة وعرفات ومنى خمس خطب بين فيها للامة معالم دينها , وبشرها بالائمة الاثني عشر من اهل بيته (ع ) , وشدد على انه لا امان للمسلمين من الضلال الا بالتمسك بالثقلين : القرآن والعترة .

كما حذرهم من الائمة المضلين , واصحابه الذين سينقلبون من بعده على اعقابهم , فيمنعهم اللّه تعالى من ورود حوضه يوم القيامة .

وبسبب حساسية قريش , لم يكرس النبي (ص ) ولاية العترة الطاهرة بشكل رسمي ولم ياخذ البيعة من المسلمين لعلي (ع ).

وفي طريق عودته (ص ) من حجة الوداع نزل عليه جبرئيل (ع ) بقوله تعالى بالاية الاولى ( يا ايها الـرسـول بلغ ما انزل اليك من ربك الخ ) فاوقف النبي (ص )المسلمين في الجحفة عند غدير خم , وبـلغهم ما امره به ربه , واصعد عليا (ع ) معه على المنبر , ورفع بيده معلنا ولايته من بعده , وامر ان تنصب له خيمة , وان يهنئه المسلمون بالولاية , فهنؤوه وبايعوه فنزلت عند ذلك آية اكمال الدين واتمام النعمة بولاية العترة الطاهرة , وهي قوله تعالى : اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا الخ وذلك في يوم الغدير الثامن عشر من ذي الحجة .

وقـبـل وصول النبي (ص ) الى المدينة وبعده , بدات تحركات قريش والمنافقين ,ولكن اللّه تعالى احـبطها , وعصم رسوله من ارتداد الامة على نبوته في حياته , وذلك بوسائل متعددة , كان منها ان انزل العقاب على عدد من المعترضين على النبي (ص ), وكان احدهم جابر بن النضر بن الحارث من بني عبد الدار , الذي كان ابوه زعيم بني عبد الدار , وحامل لوا قريش يوم بدر.

قال ابو عبيد الهروي في كتابه غريب القرآن :.

لـمـا بـلـغ رسـول اللّه صلى اللّه عليه وسلم غدير خم ما بلغ , وشاع ذلك في البلاد ,اتى جابر بن النضر بن الحارث بن كلدة العبدري , فقال : يـا محمد امرتنا من الله ان نشهد ان لا اله الا الله وانك رسول الله ,وبالصلاة و الصوم والحج والـزكـاة , فقبلنا منك ثم لم ترض بذلك , حتى رفعت بضبع ابن عمك ففضلته علينا وقلت : من كنت مولاه فعلي مولاه فقال رسول اللّه (ص ) : واللّه الذي لا اله الا هو , ان هذا من اللّه .

فولى جابر يريد راحلته وهو يقول : اللهم ان كان ما يقول محمد حقا فامطر عليناحجارة من السما او ائتـنا بعذاب اليم وانزل اللّه تعالى : سال سائل بعذاب واقع الخ .

ومع ان عددا من مصادر السنيين توافقنا على تفسير الايات الثلاث بقصة الغديرواعلان النبي (ص ) ولاية علي والعترة الطاهرة (ع ) ولكن اكثر مفسريهم ومحدثيهم فسروها بوجوه اخرى , متعددة ومتضاربة , كما سترى .

لذلك حررنا بعض البحوث التمهيدية اللازمة لتفسير هذه الايات الكريمة .

البحـث الاول خلافة النبي (ص ) كانت مطروحة في حياته

 

مـضـافا الى منطق الامور , توجد ادلة ملموسة تدل على ان الخلافة وولاية الامربعد النبي (ص ) كانت مطروحة من اول بعثته والى آخر حياته الشريفة , وان الكلام كان يجري في من يخلفه بشكل طبيعي لا كما تقول مصادر السنيين من ان النبي (ص ) لم يوص الى احد , وان المسلمين لم يطرحوا هذا الموضوع معه ابدا , ولاسالوه عنه حتى مجرد سؤال وهذه الادلة غير ما ثبت من نصوص النبي (ص ) على امامة العترة من بعده (ع ).

الـدلـيـل الاول : مـاورد في سيرة النبي (ص ) من انه كان يعرض نفسه على القبائل في اول بعثته , ويـطلب منها ان تحميه لكي يبلغ رسالة ربه وان بعض القبائل قبلت عرضه بشرط ان يكون الامر لها من بعده , فاجابها النبي (ص ) بانه مجرد رسول والامر ليس له , بل هو للّه تعالى يجعله لمن يريد وابـرز مـا وجدنا من ذلك : حديث بني عامر بن صعصعة , وحديث كندة ,وكلاهما في اول البعثة , وحديث عامر بن الطفيل , وهو في اواخر حياة النبي (ص ) ـ ففي سيرة ابن هشام : 2 / 289:.

اتى بني عامر بن صعصعة فدعاهم الى اللّه عز وجل , وعرض عليهم نفسه , فقال له رجل منهم يقال له بيحرة بن فراس : واللّه لو اني اخذت هذا الفتى من قريش لاكلت به العرب , ثم قال له : ارايت ان نحن بايعناك على امرك , ثم اظهرك اللّه على من خالفك , ايكون لنا الامر من بعدك ؟.

قال : الامر الى اللّه , يضعه حيث يشا.

قال فقال له : افنهدف نحورنا للعرب دونك , فاذا اظهرك اللّه كان الامر لغيرنا فابوا عليه .

فلما صدر الناس , رجعت بنو عامر الى شيخ لهم , قد كانت ادركته السن حتى لايقدر ان يوافى معهم المواسم , فكانوا اذا رجعوا اليه حدثوه بما يكون في ذلك الموسم , فلما قدموا عليه ذلك العام سالهم عـما كان في موسمهم , فقالوا : جانا فتى من قريش ثم احد بني عبد المطلب , يزعم انه نبي يدعونا الـى ان نمنعه ونقوم معه ونخرج به الى بلادنا , قال : فوضع الشيخ يديه على راسه , ثم قال : يا بني عـامـر هل لها من تلاف ؟ وانها لحق , فاين رايكم كان عنكم ورواه الـطـبري في تاريخه :2 / 84 , وابن كثير في سيرته : 2 / 158 , وحكاه في الغدير : 7 /134 , عـن سـيـرة ابـن هـشام : 2 / 32 , والروض الانف : 1 / 264 , وبهجة المحافل لعماد الـديـن الـعـامري 1 / 128 , والسيرة الحلبية : 2 / 3 , وسيرة زيني دحلان : 1 / 302 , بهامش الحلبية ,وحياة محمد لهيكل / 152.

واما حديث قبيلة كندة , فرواه ابن كثير في سيرته : 2 / 159 قال :.

قال عبد اللّه بن الاجلح : وحدثني ابي عن اشياخ قومه , ان كندة قالت له : ان ظفرت تجعل لنا الملك من بعدك ؟.

فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : ان الملك للّه , يجعله حيث يشافقالوا :لا حاجة لنا فيما جئتنا به واما حديث عامر بن الطفيل شيخ مشايخ قبائل غطفان , فرواه ابن كثير ايضا في سيرته : 4 /114 , قال :.

عن ابن عباس ان اربد بن قيس بن جز بن خالد بن جعفر بن كلاب , وعامر بن الطفيل بن مالك , قدما المدينة على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم , فانتهيا اليه وهو جالس , فجلسا بين يديه : فقال عامر بن الطفيل :.

ـ يا محمد , ما تجعل لي ان اسلمت ؟.

ـ فـقـال رسـول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : لك ما للمسلمين وعليك ما عليهم ـقال عامر : اتجعل لي الامر ان اسلمت , من بعدك ؟.

ـ فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : ليس ذلك لك , ولا لقومك , ولكن لك اعنة الخيل .

ـ قال : انا الان في اعنة خيل نجد , اجعل لي الوبر , ولك المدر.

ـ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : لا.

ـ فلما قفل من عنده , قال عامر : اما واللّه لاملانها عليك خيلا ورجالا ـ فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : يمنعك اللّه .

ـ وفـي ص 112 , قـال : وكـان عـامـر بن الطفيل قد اتى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ,فقال : اخـيرك بين ثلاث خصال : يكون لك اهل السهل ويكون لي اهل الوبر , واكون خليفتك من بعدك , او اغزوك بغطفان بالف اشقر والف شقرا قـال فطعن ( اصيب بالطاعون ) في بيت امراة فقال : اغدة كغدة البعير , وموت في بيت امراة من بني فلان الدليل الثاني : ان بيعة النبي (ص ) للانصار تضمنت ثلاثة شروط:.

الاول : ان يحموه مما يحمون منه انفسهم .

الثاني : ان يحموا اهل بيته وذريته مما يحمون منه اهل بيوتهم وذراريهم الثالث : ان لا ينازعوا الامر اهله .

وهذا يعني ان يطيعوا من يختاره اللّه تعالى للقيادة بعد نبيه (ص ) , وان مبداالاختيار الالهي للائمة بعد النبي (ص ) كان مفروغا عنه من اول الرسالة .

وقـد وفـت الانـصـار بـالشرط الاول خير وفا , ولكنها حنثت بالشرطين الاخيرين حنثا سيئا مع الاسف ـ ففي صحيح البخاري : 8 / 122.

عـن عبادة بن الصامت قال : بايعنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على السمع والطاعة في المنشط والمكره , وان لا ننازع الامر اهله , وان نقوم او نقول بالحق حيثما كنا , لا نخاف في اللّه لومة لائم .

ـ ورواه مسلم : 6 / 16 والنسائي : 7 / 137 , بعدة روايات , وعقد بابا بعنوان .

( باب البيعة على ان لا ننازع الامر اهله ).

ـ ورواه ابـن ماجة : 2 / 957 , واحمد : 5 / 316 , وفي ص 415 وقال ( قال سفيان : زادبعض الناس : ما لم تروا كفرا بواحا ) ورواه البيهقي في سننه : 8 / 145.

ورووا روايـات فيها الزيادة التي ذكرها سفيان , وزيادة اخرى كما في صحيح البخاري : 8 / 88 قال : دعانا النبي صلى اللّه عليه وسلم فبايعنا , فقال فيما اخذ علينا ان بايعناعلى السمع والطاعة في مـنـشطنا ومكرهنا , وعسرنا ويسرنا , واثرة علينا , وان لاننازع الامر اهله , الا ان تروا كفرا بواحا , عندكم من اللّه فيه برهان انتهى .

ورواه البيهقي في سننه : 8 / 145.

ـ وروى احـمـد فـي مـسنده : 5 / 321 : عن عبادة بن الصامت قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : عليك السمع والطاعة , في عسرك ويسرك , ومنشطك ومكرهك ,واثرة عليك , ولا تنازع الامر اهله , وان رايت انه لك انتهى .

وهاتان الزيادتان محل شك , لان البيعة كانت قبل الهجرة , ولم يكن فيها استثنامن الطاعة , ولم تكن مسالة اثرة القرشيين على الانصار مطروحة ابدا الا بعد بيعة ابي بكر , واعتراض رئيس الانصار صـاحـب الـسقيفة سعد بن عبادة , وما جرى له وهذايوجب الاطمئنان بان زيادتي الاستثنا والاثرة نشاتا من جو علاقة الانصار مع الخلافة القرشية بعد وفاة النبي (ص ).

ويـلاحـظ ان الـصـحاح القرشية اكثرت من رواية شرط النبي (ص ) على الانصار ان لا ينازعوا الامر اهله , لاجل ان تحتج عليهم بانهم لا سهم لهم في الخلافة القرشية ولكنها لم ترو شرط النبي (ص ) عـلـى الانصار ان يمنعوا اهل بيته وذريته ممايمنعون منه اهليهم , لان ذلك في غير مصلحة الخلافة القرشية , التي هاجمت بيت فاطمة وعلي (ع ) , واشعلت فيه النار لتحرقه بمن فيه , ان لم يخرجوا ويبايعوا ـ قال في مجمع الزوائد : 6 / 49.

عـن عبادة بن الصامت ان اسعد بن زرارة قال : يا ايها الناس , هل تدرون على ماتبايعون محمدا صلى اللّه عـلـيه وسلم ؟ انكم تبايعونه ان تحاربوا العرب والعجم ,والجن والانس لمن حارب , وسلم لمن سالم .

قالوا : يارسول اللّه اشترط.

قال : تبايعوني على ان : تشهدوا ان لا اله الا اللّه , واني رسول اللّه , وتقيموا الصلاة وتؤتوا الزكاة , والسمع والطاعة , وان لا تنازعوا الامر اهله , وان تمنعوني مماتمنعون منه انفسكم واهليكم .

وعـن حسين بن علي قال : جات الانصار تبايع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على العقبة فقال : يا علي قم فبايعهم , فقال علي : ما ابايعهم يا رسول اللّه ؟.

قـال : عـلـى ان يطاع اللّه ولا يعصى , وعلى ان تمنعوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم واهل بيته وذريته , مما تمنعون منه انفسكم وذراريكم انتهى .

وستاتي روايته من مصادر اخرى في ( مهمة نبينا (ص ) في التبليغ ).

الدليل الثالث : حديث الدار المعروف , الذي ورد في تفسير قوله تعالى ( وانذرعشيرتك الاقربين ).

ولا بـد هنا من التنبيه على امر مهم , وهو ان مدوني السيرة النبوية الشريفة طمسوا مرحلة دعوة بني هاشم من السيرة , مع انها منصوصة في القرآن , واخترعوابدلها مرحلة ما قبل بيت الارقم , وما بعد بيت الارقم ورووا فيها الصحيح وغيرالصحيح , والمعقول وغير المعقول وتـدل الايـة الـكريمة على ان اللّه تعالى امر رسوله (ص ) في المرحلة الاولى ان يدعو بني هاشم فقط فماذا فعل النبي (ص ) في هذه المرحلة ؟.

وهل استمرت مدتها شهورا , او سنوات , حتى نزل الامر بتوسيع نطاق الدعوة ؟.

ومـا مـعـنـى الامـر الالهي : ان تكون نبوة الرسول (ص ) اولا لبني هاشم خاصة ,وبعدها لقريش والعرب والناس عامة ؟.

ومـا مـعنى ان قريشا اتخذت قرارا بمحاصرة بني هاشم , فالتفوا جميعا حول النبي (ص ) , مؤمنهم وكافرهم , وتحملوا الحصار الشامل الذي استمر من السنة السادسة او السابعة , الى السنة الحادية عشرة للبعثة ولم يقل احد منهم آخ ومـا مـعنى انه عندما كانت تقع شدائد على المسلمين , لا ينهض بحملها الا بنوهاشم ؟ المسلمون جميعا في احد , ولم يثبت غير بني هاشم ثم انهزموا في حنين وهم عشرة آلاف فلم يثبت غير بني هاشم ان هـذه الـحـقائق والظواهر تفسر الحديث الذي روته مصادرنا ( بعثت الى اهل بيتي خاصة , والى الناس عامة ).

كـمـا تدل آية ( انذر عشيرتك الاقربين ) على ان انذار بني هاشم كان مبرمجا من اللّه تعالى ويدل حـديـث الدار على ان تعيين وصي النبي (ص ) وخليفته من بينهم ,كان عملا مبكرا , من ضمن ذلك البرنامج .

ـ فقد قال السيوطي في الدر المنثور : 5 / 97.

واخرج ابن اسحق , وابن جرير , وابن ابي حاتم , وابن مردويه , وابو نعيم ,والبيهقي في الدلائل , مـن طـرق , عـن عـلي (رض ) قال : لما نزلت هذه الاية على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : وانـذر عـشيرتك الاقربين , دعاني رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال : ياعلي ان اللّه امرني ان انذر عشيرتي الاقربين فضقت بذلك ذرعا , وعرفت اني مهما ابادؤهم بهذا الامر ارى منهم ما اكره , فـصـمـت عـلـيها حتى جا جبريل فقال : يامحمد انك ان لم تفعل ماتؤمر به يعذبك ربك , فاصنع لي صاعامن طعام , واجعل عليه رجل شاة , واجعل لنا عسا من لبن , ثم اجمع لي بني عبدالمطلب , حتى اكلمهم وابلغ ما امرت به .

فـفـعـلـت ما امرني به ثم دعوتهم له , وهم يومئذ اربعون رجلا يزيدون رجلا اوينقصونه , فيهم اعمامه ابو طالب وحمزة والعباس وابو لهب , فلما اجتمعوا اليه دعاني بالطعام الذي صنعت لهم فجئت بـه , فـلـمـا وضـعته تناول النبي صلى اللّه عليه وسلم بضعة من اللحم فشقها باسنانه , ثم القاها في نواحي الصحفة , ثم قال : كلوابسم اللّه , فاكل القوم حتى نهلوا عنه , ما ترى الا آثار اصابعهم واللّه ان كان الرجل الواحد لياكل ما قدمت لجميعهم .

ثم قال : اسق القوم ياعلي , فجئتهم بذلك العس فشربوا منه حتى روواجميعا وايم اللّه ان كان الرجل منهم ليشرب مثله فـلـمـا اراد الـنـبـي صلى اللّه عليه وسلم ان يكلمهم بدره ابو لهب الى الكلام , فقال :لقد سحركم صاحبكم فـلـمـا كـان الغد قال : يا علي ان هذا الرجل قد سبقني الى ما سمعت من القول ,فتفرق القوم قبل ان اكـلمهم , فعد لنا بمثل الذي صنعت بالامس من الطعام والشراب , ثم اجمعهم لي , ففعلت ثم جمعتهم , ثـم دعـاني بالطعام فقربته , ففعل كما فعل بالامس , فاكلوا وشربوا حتى نهلوا , ثم تكلم النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال :.

يـا بني عبد المطلب اني واللّه ما اعلم احدا في العرب جا قومه بافضل مماجئنكم به , اني قد جئتكم بخير الدنيا والاخرة , وقد امرني اللّه ان ادعوكم اليه ,فايكم يوازرني على امري هذا ؟.

فقلت وانا احدثهم سنا : انه انا , فقام القوم يضحكون .

ثـم رواهـا الـسيوطي بسند آخر عن ابن مردويه عن البرا بن عازب , قال : لما نزلت هذه الاية : وانـذر عـشـيرتك الاقربين , جمع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بني عبدالمطلب , وهم يومئذ اربعون رجلا الخ انتهى .

ولـكن السيوطي بتر الحديث هنا , ولم يذكر بقية كلام النبي (ص ) وهو اسلوب داب رواة خلافة قـريـش عـلـى ارتكابه في حديث الدار , لان بقية الحديث تقول ان اللّه امر رسوله من ذلك اليوم ان يختار وزيره وخليفته من عشيرته الاقربين ـ قال الاميني في الغدير : 1 / 207.

وهـا نحن نذكر لفظ الطبري بنصه حتى يتبين الرشد من الغي قال في تاريخه : 2 /217 من الطبعة الاولـى : انـي قـد جـئتـكـم بخير الدنيا والاخرة , وقد امرني اللّه تعالى ان ادعوكم اليه , فايكم يوازرني على هذا الامر , على ان يكون اخي ووصيي وخليفتي فيكم ؟.

قـال : فاحجم القوم عنها جميعا , وقلت واني لاحدثهم سنا وارمصهم عيناواعظمهم بطنا واحمشهم ساقا : انا يا نبي اللّه اكون وزيرك عليه .

فـاخـذ بـرقبتي ثم قال : ان هذا اخي ووصيي وخليفتي فيكم , فاسمعوا له واطيعوا قال : فقام القوم يضحكون , ويقولون لابي طالب : قد امرك ان تسمع لابنك وتطيع .

ـ وقال الاميني : 2 / 279.

وبـهـذا الـلفظ اخرجه ابو جعفر الاسكافي المتكلم المعتزلي البغدادي , المتوفى240 , في كتابه نقض العثمانية , وقال : انه روي في الخبر الصحيح .

ورواه الفقيه برهان الدين في ( انبا نجبا الابنا ) / 46 ـ 48.

وابن الاثير في الكامل 2 / 24.

وابو الفدا عماد الدين الدمشقي في تاريخه 1 / 116.

وشهاب الدين الخفاجي في شرح الشفا للقاضي عياض 3 / 37 ( وبتر آخره ).

وقال : ذكر في دلايل البيهقي وغيره بسند صحيح .

والخازن علا الدين البغدادي في تفسيره / 390.

والحافظ السيوطي في جمع الجوامع , كما في ترتيبه 6 / 392.

وفي / 397 , عن الحفاظ الستة : ابن اسحاق , وابن جرير , وابن ابي حاتم , وابن مردويه ,وابي نعيم , والبيهقي .

وابن ابي الحديد في شرح نهج البلاغة 3 / 254 انتهى .

ثـم شـكـا صـاحـب الغدير من الذين حرفوا الحديث لارضا قريش , ومنهم الطبري الذي رواه في تفسيره بنفس سنده المتقدم في تاريخه , ولكنه ابهم كلام النبي (ص )في حق علي (ع ) فقال : ثم قال : ان هذا اخي , وكذا وكذا وتبعه على ذلك ابن كثير في البداية والنهاية : 3 /40 , وفي تفسيره : 3 / 351 انتهى .

ـ وقال في هامش بحار الانوار : 32 / 272 : وناهيك من ذلك مؤاخاته مع رسول اللّه (ص ) بامر من اللّه عز وجل في بد الاسلام حين نزل قوله تعالى : وانذر عشيرتك الاقربين راجع تاريخ الطبرى : 2 / 321 , كامل ابن الاثير : 2 / 24 , تاريخ ابي الفدا : 1 /116 , والنهج الحديدي : 3 / 254 , ومسند الامام ابن حنبل : 1 / 159 , وجمع الجوامع ترتيبه :6 / 408 , وكنز العمال : 6 / 401.

وهذه المؤاخاة مع انها كانت بامر اللّه عز وجل , انما تحققت بصورة البيعة والمعاهدة ( الحلف ) ولم يـكـن لـلـنـبي (ص ) ان ياخذ اخا ووزيرا وصاحبا وخليفة غيره , ولا لعلي ان يقصر في مؤازرته ونـصـرتـه والـنـصح له ولدينه , كمؤازرة هارون لموسى على ما حكاه اللّه عز وجل في القرآن الكريم .

ولذلك ترى رسول اللّه (ص ) حين يؤاخي بعد ذلك المجلس بين المهاجرين بمكة , فيؤاخي بين كل رجـل وشـقـيقه وشكله : يؤاخي بين عمر وابي بكر , وبين عثمان وعبد الرحمن بن عوف , وبين الـزبير وعبد اللّه بن مسعود , وبين عبيدة بن الحارث وبلال , وبين مصعب بن عمير وسعد بن ابي وقـاص , وبين ابي عبيدة بن الجراح وسالم مولى ابي حذيفة , وبين حمزة بن عبد المطلب وزيد بن حـارثة الكلبي ( راجع سيرة ابن هشام : 1 / 504 المحبر/ 71 ـ 70 البلاذرى : 1 / 270 ) يقول لعلي (ع ) :والذى بعثني بالحق نبيا ما اخرتك الا لنفسي , فانت مني بمزلة هرون من موسى الاانه لا نبي بعدي , وانت اخي ووارثي , وانت معي في قصري في الحنة .

ثـم قـال له : واذا ذاكرك احد فقل : انا عبد اللّه واخو رسوله , ولا يدعيها بعدي الاكاذب مفتر ( الرياض النضرة : 2 / 168 منتخب كنز العمال : 5 / 45 و 46).

ولذلك نفسه تراه (ص ) حينما عرض نفسه على القبائل فلم يرفعوا اليه رؤوسهم , ثم عرض نفسه عـلـى بني عامر بن صعصعة قال رجل منهم يقال له بيحرة بن فراس بن عبد اللّه بن سلمة الخير بن قـشـير بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة : واللّه لواني اخذت هذا الفتى من قريش لاكلت به الـعرب , ثم قال لرسول اللّه : ارايت ان بايعناك على امرك ثم اظهرك اللّه على من خالفك , ايكون لنا الامر من بعدك ؟قال : الامر الى اللّه يضعه حيث يشا.

قال فقال له : افنهدف نحورنا للعرب دونك , فاذا اظهرك اللّه كان الامر لغيرنا , لاحاجة لنا بامرك , فابوا عليه ( راجع سيرة ابن هشام : 1 / 424 الروض الانف : 1 / 264بهجة المحافل : 1 / 128 , سيرة زيني دحلان : 1 / 302 السيرة الحلبية : 2 / 3 ) فلولا انه (ص ) كان تعاهد مع علي (ع ) بـالـخلافة والوصاية بامر من اللّه عز وجل قبل ذلك ,لما ردهم بهذا الكلام المؤيس , وهو بحاجة ماسة من نصرة امثالهم انتهى .

ـ وفي دعائم الاسلام للقاضي النعمان المغربي : 1 / 15.

وروينا ايضا عن علي بن ابي طالب صلى اللّه عليه انه قال : لما انزل اللّه عز وجل :وانذر عشيرتك الاقـربـين , جمع رسول اللّه (ص ) بني عبد المطلب على فخذ شاة وقدح من لبن , وان فيهم يومئد عشرة ليس منهم رجل الا ان ياكل الجذعة ويشرب الفرق , وهم بضع واربعون رجلا , فاكلوا حتى صدروا وشربوا حتى ارتووا , وفيهم يومئذ ابو لهب , فقال لهم رسول اللّه (ص ):.

يـا بـني عبد المطلب اطيعوني تكونوا ملوك الارض وحكامها , ان اللّه لم يبعث نبياالا جعل له وصيا ووزيرا ووارثا واخا ووليا , فايكم يكون وصيي ووارثي ووليي واخي ووزيري ؟.

فسكتوا , فجعل يعرض ذلك عليهم رجلا رجلا , ليس منهم احد يقبله , حتى لم يبق منهم احد غيري , وانا يومئذ من احدثهم سنا , فعرض علي فقلت : انا يا رسول اللّه فقال : نعم , انت يا علي .

فـلـما انصرفوا قال لهم ابو لهب : لو لم تستدلوا على سحر صاحبكم الا بما رايتم ,اتاكم بفخذ شاة وقدح من لبن فشبعتم ورويتم ولا بـد ان تكون حادثة دعوة النبي (ص ) لبني هاشم قد شاعت في قريش , ثم في العرب , فقالوا ان الـنـبـي الجديد جمع عشيرته وانذرهم ودعاهم الى دينه , وانه طلب منهم شخصا يكون له وزيرا وخليفة من بعده , فاجابه ابن عمه الشاب الغلام فاتخذه وزيرا وخليفة فـهـذه النصوص تدل على ان ولاية الامر بعد النبي (ص ) كانت مطروحة ومنظورة للناس , من اول بعثته الى آخر حياته (ص ) وان كل الناس كانوا يعرفون ان مشروع النبوة ودعوة الناس اليها , هو مـشـروع تـكـويـن دولة يراسها النبي (ص ) , وتحتاج الى خليفة له بعده ولذلك كان ممثلو القبائل يـحاولون ان ياخذوا منه وعدا بان يكون لهم الامر من بعده , ومنهم ممثلون لقبائل يمانية وعدنانية , وزعـيـم قـبـائل نـجـدالـمـتنقلة فكيف يصدق عاقل ما زعمه زعما قريش , من انهم لم يطرحوا مسالة الخلافة مع النبي (ص ) , حتى بصيغة سؤال عن الحكم الشرعي وواجب المسلمين من بعده وكـيـف يـقـبل عاقل انهم يروون عنه (ص ) احاديث عن مستقبل الامة في كل الامور ,الا في امر الخلافة والامام الشرعي من بعده ؟

البحـث الثانـي النبي (ص ) يبشر بالائمة الاثني عشر من بعده

 

فـي اعـتـقادنا ان ولاية الامر بعد النبي (ص ) كانت امرا مفروغا عنه عنده (ص ) ,وان اللّه تعالى امـره ان يبلغ الامة ولاية عترته من بعده , كما هي سنته تعالى في انبيائه , ان يورث عترتهم الكتاب والحكم والنبوة .

ونبينا (ص ) افضلهم , ولا نبوة بعده , بل امامة ووراثة الكتاب .

وعـتـرتـه وذريته (ص ) افضل من ذريات جميع الانبيا (ع ) وقد طهرهم اللّه تعالى واصطفاهم , واورثـهم الحكم والكتاب ( ذرية بعضها من بعض واللّه سميع عليم ثم اورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا ).

وقد كان النبي (ص ) طوال نبوته يبلغ ولاية عترته بالحكمة والتدريج , والتلويح والتصريح , لعلمه بحسد قريش لبني هاشم , وخططها لابعادهم عن الحكم بعده ,بل قد لمس (ص ) مرات عديدة عنف قريش ضدهم , فاجابهم بغضب نبوي وكانت حجة الوداع فرصة مناسبة للنبي (ص ) لكي يبلغ الامة ولاية الامر لعترته رسميا على اوسع نطاق , حيث لم يبق بعد تبليغ الفرائض والاحكام , واتساع الدولة الاسلامية , والمخاطر المحيطة بها , واعلان النبي (ص ) قرب رحيله الى ربه الا ان يرتب امر الحكم من بعده .

بـل تـدل النصوص ومنطق الامور , على ان ذلك كان هو الهم الاكبر للنبي (ص )في حجة الوداع , وان قـريـشـا كـانـت تعرف جيدا ماذا يريد النبي (ص ) , وتعمل لمنع اعلان ذلك فـعاليتها في حجة الوداع لمنع تكريس ولاية علي والعترة (ع ) بشكل رسمي , واخذ البيعة لهم من الامة ولا يـتـسـع هذا البحث للاستدلال على المفردات التي ذكرناها وكل مفردة منهاعليها عدة ادلة بل نـكـتـفـي هنا باستطلاع خطب النبي (ص ) في حجة الوداع فقدذكرت المصادر انه (ص ) خطب خـمـس خـطب غير خطبة الغدير , وكان من حق هذه الخطب النبوية ان تنقلها المصادر كاملة غير مـنـقوصة , لان المستمعين كانوا عشرات الالوف ولكنك تراها مجزاة مقتضبة , خاصة في الصحاح المعتمدة رسميا عندالخلافة القرشية قال في السيرة الحلبية : 3 / 333:.

خطب صلى اللّه عليه وسلم في الحج خمس خطب : الاولى يوم السابع من ذي الحجة بمكة , والثانية يـوم عـرفـة , والثالثة يوم النحر بمنى , والرابعة يوم القر بمنى ,والخامسة يوم النفر الاول بمنى ايضا انتهى .

وقـد راجـعـنـا نصوص هذه الخطب من اكثر من مئة مصدر , فوجدنا فيها الغرائب والعجائب , من التعارض والتضارب , والمؤشرات والادلة على تدخلات قريش ورواتها في نصوصها وكـل ذنب خطب الوداع ان النبي (ص ) امر المسلمين فيها باطاعة اهل بيته من بعده , وحذرهم من الاختلاف بعد ما جاهم العلم بغيا بينهم , واقام عليهم الحجة ,كاملة غير منقوصة ولـكن رغم كل التعتيم القرشي , فقد وصلنا منها في المصادر القرشية نفسها , مافيه بلاغ لمن اراد معرفة اوامر نبيه , وتاكيده على الالتزام بقيادة عترته الطاهرين من بعده صلى اللّه عليه وعليهم .

ونـذكـر مـنها فيما يلي : حديث الائمة الاثني عشر , حيث اتفق الجميع على ان النبي (ص ) طرح قضيتهم في خطبه على المسلمين في حجة الوداع ثـم نـسـتعرض اهم ما تضمنته الخطب الشريفة من محاور , ومنها حديث الثقلين :الكتاب والعترة , وحديث : حوض النبي (ص ) , والصحابة الذين يمنعون من الورودعليه , ويؤمر بهم الى النار ـ روى البخاري في صحيحه : 8 / 127:.

جـابر بن سمرة قال : سمعت النبي صلى اللّه عليه وسلم يقول : يكون اثنا عشراميرا , فقال كلمة لم اسمعها , فقال ابي : انه قال : كلهم من قريش ـ وفي صحيح مسلم : 6 / 3:.

جـابـر بن سمرة يقول : سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول : لا يزال الاسلام عزيزا الى اثني عشر خليفة , ثم قال كلمة لم افهمها , فقلت لابي : ما قال ؟فقال : كلهم من قريش ثم روى مسلم رواية ثانية نحوها قال فيها ( ثم تكلم بشئ لم افهمه ).

ثـم روى ثـالثة , جا فيها ( لا يزال هذا الدين عزيزا منيعا الى اثني عشر خليفة ,فقال كلمة صمنيها الناس ولـم يـصرح البخاري ان هذا الحديث جز من خطبة حجة الوداع في عرفات ,وقد قلده غيره في ذلك , ولكن عددا من المصادر نصت عليه فـفـي مـسـنـد احمد : 5 / 93 و 96 و 99 ( عن جابر بن سمرة قال : خطبنا رسول اللّه صلى اللّه عـلـيه وسلم بعرفات , فقال ) وفي ص 87 (يقول في حجة الوداع ) وفي ص 99 منه ( وقال المقدمي في حديثه : سمعت رسول اللّه (ص ) يخطب بمنى )انتهى .

وسـتـعـرف ان الـنبي (ص ) كرر هذا الموضوع المهم في عرفات , وفي منى عندالجمرة , وفي مسجد الخيف ثم اعلنه شرعيا وصريحا في غدير خم فـمـا هي قصة الائمة الاثني عشر ؟ ولماذا طرحها النبي (ص ) على اكبر تجمع للمسلمين , وهو يودع امته ؟ يـجـيبك البخاري : ان هؤلا ليسوا ائمة بعد النبي (ص ) تجب طاعتهم , بل هم امرا صالحون سوف يكونون في امته في زمن ما , وانه (ص ) قد اخبر امته بمااخبره اللّه تعالى من امرهم , وانهم جميعا مـن قريش , لا من بني هاشم وحدهم , بل من البضع وعشرين قبيلة التي تتكون منها قريش فيهم من الانصار , ولا من قبائل العرب الاخرى , ولا من غير العرب وهذا كل ما في الامر وتسال البخاري : لماذا اخبر النبي (ص ) امته في حجة الوداع في عرفات بهؤلاالاثني عشر ؟ وما هو الامر العملي الذي يترتب على ذلك ؟ يـجيبك البخاري : بان الموضوع مجرد اخبار فقط , فقد احب النبي (ص ) ان يخبر امته بذلك , لكي تانس به فكانه مجرد خبر صحفي ليس فيه اي عنصر عملي والنتيجة : ان البخاري لم يرو في صحيحه في الائمة الاثني عشر الا هذه الرواية اليتيمة المبهمة , التي لا يمكنك ان تفهمها انت ولا قومك روايـات عـديدة , واضحة مفهومة , تبين كيف احترمها النبي (ص ) , وارسل معها من يساعدها على احرامها وعمرتها امـا مـسلم فكان اكرم من البخاري قليلا , لانه اختار رواية يفهم منها ان هؤلاالاثني عشر هم خلفا يحكمون بعد النبي (ص ) ويـفـرح المسلم بحديث مسلم هذا , لانه يعني ان اللّه تعالى قد حل مشكلة الحكم في الامة بعد نبيه (ص ) , فهؤلا ائمة معينون من اللّه تعالى على لسان نبيه ,ويستمدون شرعيتهم من هذا التعيين , ولا يحتاج الامر الى سقيفة واختلافات , ثم الى صراع دموي على الحكم من صدر الاسلام الى يومنا هذا وملايين الضحاياوانقسامات في الامة ادت الى تراكم ضعفها الى ان انهارت خلافتها وخلفاؤها ولـكـن رواية مسلم تقول : كلا لم تحل المشكلة , لان النبي (ص ) اخبر عنهم اخبارا مجملا يـخـبـر المسلمين عن هويتهم واسمائهم ؟ ولم يساله احد من عشرات الالوف الذين اخبرهم بهذا الـمـوضوع الخطير : من هم يا رسول اللّه ؟ الامر بلا منازع ؟ يـقـول مـسـلم كما قال البخاري : كلا ,كلا انهم فقط اناس ربانيون , يعز اللّه بهم الاسلام وهم من قريش من قريش وهكذا لا يمكنك ان تصل من البخاري ومسلم الى نتيجة مقنعة في امر هؤلاالائمة الاثني عشر فقد اقـفـل الشيخان علي

وروى في نفس الصفحة عن نفس الراوي جابر بن سمرة قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : يكون بعدي اثنا عشر خليفة , كلهم من قريش قال ثم رجع الى منزله , فاتته قريش فقالوا : ثم يكون ماذا ؟ قال : ثم يكون الهرج انتهى .

فـفي الروايتين كلمة ( بعدي ) والمفهوم منها انهم يكونون بعده مباشرة , والثانية تكشف عن اهتمام قـريـش بـالـموضوع , وسؤالهم عن هؤلا الائمة الربانيين , وان القصة في المدينة , لا في حجة الوداع , فاحفظ ذلك لما ياتي وقد وردت كلمة بعدي , ومن بعدي , في عدد من روايات الحديث , منها مارواه احمد ايضا في : 5 / 94 , عن نفس الرواي ( يكون بعدي اثنا عشر اميرا , ثم لا ادري ما قال بعد ذلك , فسالت القوم ).

وفـي : 5 / 99 و 108 عـن الـسوائي ايضا ( يكون من بعدي اثنا عشر اميرا , فتكلم فخفي علي , فسالت الذي يليني او الى جنبي , فقال : كلهم من قريش ).

وفي سنن الترمذي : 3 /340.

( يكون من بعدي اثنا عشر اميرا , قال : ثم تكلم بشئ لم افهمه , فسالت الذي يليني , فقال قال : كلهم من قريش ).

وفـي تـاريخ البخاري : 1 / 446 رقم 1426 : عن جابر بن سمرة ايضا انه سمع النبي قال :يكون بعدي اثنا عشر خليفة انتهى .

وفي الصواعق المحرقة لابن حجر /20 قال :.

خرج ابو القاسم البغوي بسند حسن , عن عبد اللّه بن عمر رضي اللّه عنهما قال :سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول : يكون خلفي اثنا عشر خليفة انتهى .

اذن , فـقـد طـرح النبي (ص ) في حجة الوداع امر الحكم من بعده , واخبر عن ربه عز وجل بان حكم الامة الشرعي يكون لاثني عشر ولكن ذلك لا يحل المشكلة , بقدر ما يفتح باب الاسئلة على قريش ورواتها:.

السؤال الاول : لماذا نرى ان روايات هذه القضية الضخمة تكاد تكون محصورة عندهم براو واحد , هـو جـابـر الـسوائي , الذي كان صغيرا في حجة الوداع , ولعله كان صبيا ابن عشر سنوات يـسمعها غيره ؟ الم يروها غيره من كل الصحابة الذين كانوا حاضرين ؟ رواية جابر فازت لانها احسن رواية ملائمة للخلافة القرشية , فاعتمدتها , وسمحت بتدوينها 0الـسـؤال الـثـانـي : كان المسلمون يسالون النبي (ص ) عن صغير الامور وكبيرها ,حتى في اثنا خـطـبته , وهذه الروايات تقول انه اخبرهم بامر عقائدي , عملي ,مصيري , مستقبلي , وتدعي انه ابهمه ابهاما , ثم لا تذكر ان احدا من المسلمين ساله عن هؤلا الائمة الربانيين , وما هو واجب الامة تجاههم ؟ واذا كـانـت ( قـريـش ) قـد ذهبت الى النبي (ص ) في بيته في المدينة , كما يقول نفس الراوي , وطـرقـت عـليه بابه لتساله عما يكون بعد هؤلا الاثني عشر , فهل يعقل انها لم تساله عنهم , وعما يكون في زمانهم وهل تعلم ان قريشا في المدينة تعني عمر وابا بكر فقط ؟ وهل يعقل ان احدا من المسلمين في حجة الوداع , لم يسال النبي (ص ) عنهم ,ولا عما يكون قبلهم , وبعدهم , وعن واجب الامة تجاههم ؟ الـسـؤال الثالث : لماذا خفيت على الراوي الكلمة الحساسة , التي تحدد هوية الائمة الاثني عشر , حتى سال عنها الراوي القريبين منه ؟.

ثم رووها عن النبي (ص ) في المدينة ايضا , فخفيت نفس الكلمة ثـم لماذا تؤكد مصادر الخلافة القرشية على نقل الكلمة المفقودة عن سمرة وعن عمر بن الخطاب فقط ؟ الـيـس مـن حق الباحث ان يشك في الامر وان يبحث بنفسه عن هذه كلمة السرالمفقودة في اسواق الحديث والتاريخ ؟ سنحاول في الملاحظات والمسائل التالية , تسليط الضؤ على هذا السر المفقود

الاولى : هل ان اصل كلهم من قريش : كلهم من عترتي

 

ماهو السبب في غياب الكلمة على الراوي ؟ ومن الذي ساله عنها فشهد له بها؟.

ـ جا في مسند احمد : 5 / 100 و 107 ان الراوي لم يفهم الكلمة , وخفيت عليه قال .

( ثم قال كلمة لم افهمها قلت لابي ما قال ؟ قال : قال كلهم من قريش ).

ـ وفي مستدرك الحاكم : 3 / 617 ( وقال كلمة خفيت علي , وكان ابي ادنى اليه مجلسا مني فقلت ما قال ؟ فقال كلهم من قريش ).

ـ وفـي مسند احمد : 5 / 90 و98 ان النبي (ص ) اخفاها وخفض بها صوته , وهمس بها همسا قـال كلمة خفية لم افهمها , قال قلت لابي ما قال ؟ قال قال كلهم من قريش )ـ وفي مستدرك الحاكم : 3 / 618 ( ثـم قـال كلمة وخفض بها صوته , فقلت لعمي وكان امامي : ما قال ياعم ؟ قال قال يابني : كلهم من ظقريش ).

ـ وفي معجم الطبراني الكبير : 2 / 213 ـ 214 ح 1794.

عن جابر بن سمرة عن النبي قال : يكون لهذه الامة اثنا عشر قيما , لا يضرهم من خذلهم , ثم همس رسول اللّه (ص ) بكلمة لم اسمعها , فقلت لابي ما الكلمة التي همس بها النبي صلى اللّه عليه وسلم ؟ قال ابي : كلهم من قريش ).

بـينما تقول روايات اخرى ان الذى ضيع الكلمة هم الناس , فالناس ـ المحرمون لربهم في عرفات , المودعون لنبيهم (ص ) , المنتظرون لكل كلمة تصدر منه ـ صارواكانهم في سوق حراج , وصار فـيـهـم مـشاغبون يلغطون عند الكلمة الحساسة ليضيعوهاعلى المؤمنين , فيضجون , ويكبرون , ويتكلمون , ويلغطون , ويقومون , ويقعدون ـ ففي سنن ابي داود : 2 / 309 ( قال فكبر الناس , وضجوا , ثم قال كلمة خفية , قلت لابي يا ابة ما قال ؟ قال كلهم من قريش ) ومثله في مسند احمد : 5 / 98.

ـ وفي مسند احمد : 5 / 98 ( ثم قال كلمة اصمنيها الناس , فقلت لابي ما قال ؟ قال :كلهم من قريش ) وفي رواية مسلم المتقدمة ( صمنيها الناس ).

وفي ص 93 ( وضج الناس ).

وفي ص 99 ( فسمعته يقول : لن يزال هذا الامر عزيزا ظاهرا , حتى يملك اثنا عشركلهم ثم لغط القوم وتكلموا , فلم افهم قوله بعد كلهم , فقلت لابي يا ابتاه ما بعدكلهم ؟ قال : كلهم من قريش ).

وفي نفس الصفحة ( لا يزال هذا الدين عزيزا منيعا , ينصرون على من ناواهم عليه الى اثني عشر خليفة قال فجعل الناس يقومون ويقعدون ) اما الذين سالهم جابر بن سمرة عن الكلمة , فتقول اكثر الروايات انه سال اباه سمرة , فتكون الشهادة بـتـوسيع دائرة الائمة من هاشم الى قريش , متوقفة على وثاقة سمرة ايضا البخاري ومسلم , وغيرهما.

ولـكن في رواية احمد : 5 / 92 ( بعدي اثنا عشر اميرا , ثم لا ادري ما قال بعد ذلك ,فسالت القوم كلهم فقالوا : قال كلهم من قريش ) ونحوه في ص 90 , وفي ص 108 ( يكون بعدي اثنا عشر اميرا , قـال ثـم تـكـلـم فـخفي على ما قال , قال فسالت بعض القوم , اوالذي يلي , ما قال ؟ قال : كلهم من قريش ).

ـ وفي : 5 / 99 ( فخفي علي فسالت الذي يليني ) ونحوه في : 5 / 108.

ـ وفـي مـعجم الطبراني الكبير : 2 / 277 ح 2044 , ان ابن سمرة قال ان القوم زعموازعما ان الـنـبـي (ص ) قال انهم من قريش اميرا , ثم تكلم بشئ لم اسمعه , فزعم القوم انه قال : كلهم من قريش ).

والواقع انه يصعب على الانسان ان يقبل خفا اهم كلمة عن الائمة الذين بشربهم النبي (ص ) , وفي مثل ذلك الجو الهادئ المنصت في عرفات الموضوع هـذا وقـد روى ابن سمرة نفسه ان النبي (ص ) كان يخطب وهو راكب على ناقته ,وهذا يعني انه كان حريصا على ان يوصل صوته الى الجميع ففي مسند احمد : 5 / 87 ( ثم خفي من قول رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم , قال وكان ابي اقرب الى راحلة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم مني بل رووا انه النبي (ص ) امر شخصا جهوري الصوت , فكان يلقي خطبته جملة جملة , ويامره ان ( يصرخ ) بها ليسمعها الناس ـ ففي مجمع الزوائد : 3 / 270.

عـن عبد اللّه بن الزبير قال : كان ربيعة بن امية بن خلف الجمحي وهو الذي كان يصرخ يوم عرفة تـحـت ناقة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم , وقال له رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : اصرخ ـ وكان صيتا ـ ايها الناس اتدرون اي شهر هذا ؟ فصرخ ,فقالوا: نعم الشهر الحرام , قال فان اللّه عز وجل قد حرم عليكم دماكم واموالكم الى ان تلقوا ربكم كحرمة شهركم هذا.

ثم قال : اصرخ : هل تدرون اي بلد هذا الخ .

وعـن ابـن عباس فلما وقف رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بعرفة امر ربيعة بن امية بن خلف فقام تحت ثدي ناقته , وكان رجلا صيتا فقال : اصرخ ايها الناس اتدرون اي شهر هذا الخ رواه الطبراني في الكبير ورجاله ثقات انتهى .

والذي يزيد في الشك انهم رووا الحديث عن نفس هذا الراوي بعدة صيغ غيرمتشابهة , ولكن الكلمة المفقودة في الجميع تبقى نفسها لا تتغير.

بل رووا عنه انه صدر من النبي (ص ) في المدينة , وليس في حجة الوداع في عرفات ولكن الكلمة المفقودة تبقى نفسها , وهي هوية الائمة الاثني عشر ـ ففي مسند احمد : 5 / 97 و 107.

عن جابر بن سمرة قال : جئت انا وابي الى النبي صلى اللّه عليه وسلم وهو يقول :لا يزال هذا الامر صالحا حتى يكون اثنا عشر اميرا , ثم قال كلمة لم افهمها , فقلت لابي : ما قال ؟ قال : كلهم من قريش انتهى .

ثـم رووه عنه , والنبي (ص ) يخطب في المسجد النبوي في المدينة , وهو مسجدصغير محدود , ولكن الكلمة نفسها بقيت خفية على جابر بن سمرة حتى سال عنهاالخليفة القرشي عمر بن الخطاب فاخبره بها ـ فـفـي مـعجم الطبراني الكبير : 2 / 286 ح 2073 عن جابر بن سمرة ( قال سمعت رسول اللّه (ص ) وهـو يخطب على المنبر ويقول : اثنا عشر قيما من قريش , لايضرهم عداوة من عاداهم , قال فالتفت خلفي , فاذا انا بعمر بن الخطاب (رض )وابي , في ناس , فاثبتوا لي الحديث كما سمعت ) انتهى .

ـ وقـال عنه في مجمع الزوائد : 5 / 191 : رواه البزار عن جابر بن سمرة وحده , وزادفيه : ثم رجـع يـعني النبي صلى اللّه عليه وسلم الى بيته , فاتيته فقلت : ثم يكون ماذا ؟قال : ثم يكون الهرج ورجاله ثقات انتهى .

فصار الحديث : اثني عشر قيما والناس يعادونهم وصار الذي اثبت له هوية هؤلا القيمين على الامة جـمـاعـة فـيـهم عمر وابوه المفقودة , لكنها ما زالت نفسها مفقودة والاعـجب من الجميع انهم رووا الحديث عن راو آخر , هو ابو جحيفة , فخفيت عليه نفس الكلمة ايضا ـ ففي مستدرك الحاكم : 3 / 618.

عن عون بن ابي جحيفة عن ابيه قال : كنت مع عمي عند النبي (ص ) فقال : لايزال امر امتي صالحا حتى يمضي اثنا عشر خليفة , ثم قال كلمة وخفض بها صوته ,فقلت لعمي وكان امامي : ماقال ياعم ؟ قـال قـال يابني : كلهم من قريش انتهى وقال عنه في مجمع الزوائد :5 / 190 : رواه الطبراني في الاوسط والكبير , والبزار , ورجال الطبراني رجال الصحيح انتهى .

نجد انفسنا هنا امام ظاهرة لا مثيل لها في كل احاديث النبي (ص ) مـما يدل على ان امر هذا الحديث مهم جدا , وان نصه وظروفه ليست طبيعية وان في الامر سرا , يكمن في كلمة قريش ويـرى الـبـاحـث من حقه ان يحتمل ان الراوي الاصلي للحديث هو عمر , وهوالذي صححه لهذا الصبي جابر بن سمرة واثبته له , وامره ان يرويه هكذا فـقـد روى هذا الحديث الخزاز القمي الرازي في كتابه كفاية الاثر / 90 , عن عمروحده , بدون ابن سمرة وابيه , وبدون ابي جحيفة وعمه , قال :.

حـدثـنـا ابـو الـمفضل محمد بن عبد اللّه قال : حدثنا الحسن بن علي زكريا العدوي ,عن شيث بن غـرقـده العدوي قال : حدثنا ابو بكر محمد بن العلا قال : حدثنااسماعيل بن صبيح اليشكري , عن شـريـك بن عبد اللّه , عن المفضل بن حصين , عن عمر بن الخطاب قال : سمعت رسول اللّه (ص ) يقول : الائمة بعدي اثنا عشر , ثم اخفى صوته فسمعته يقول : كلهم من قريش .

قـال ابـو الـمفضل : هذا غريب لا اعرفه الا عن الحسن بن علي بن زكريا البصري بهذا الاسناد , وكـتـبت عنه ببجارا يوم الاربعا , وكان يوم العاشور , وكان من اصحاب الحديث الا انه كان ثقة في الحديث انتهى .

الثانية : لا يصح الوعد الالهي بقيادة مجهولة

 

ان الوعد النبوي بالاثني عشر من بعده , وعد الهي من لدن حكيم خبير بائمة بعدرسوله (ص ) , كما هي سنته تعالى في الامم السابقة , ورحمة بهذه الامة لحل .

اصعب مشكلة تواجهها الامم بعد انبيائها على الاطلاق فهل تقبل عقولنا ان اللّه تعالى قد امر رسوله (ص ) بان يدل امته على قادة مجهولين ؟ نـحن نرى ان اللّه تعالى قد وعد الامم السابقة على لسان عيسى (ع ) برسول ياتي من بعده باكثر من خمس مئة سنة , ومع ذلك سماه باسمه فقال ( ياتي من بعدي اسمه احمد ) (ص ) , فكيف يعقل ان يعد خـاتـمة الامم على لسان نبيها بقادتهاالربانيين ( القيمين على الامة ) ثم لا يسمي اولهم على الاقل , ولا يـسـمـي اسرتهم ,بل يكتفي بالقول انهم من بضع وعشرين قبيلة متنازعة على الامور الصغيرة التي هي اقل من السلطة ورئاسة الدولة بلاف المرات ؟ ان الـتـصـديق بذلك يعني نسبة عدم الحكمة الى اللّه عز وجل , والى ساحة رسوله الحكيم المنزه (ص ) نعم قد يكون من المصلحة في بعض الاخبارات النبوية ان يبدا النبي (ص )بالقائها عامة تثير السؤال , حـتـى اذا ساله الناس عنها بينها لهم , ليكون بيانها بعدسؤالهم اوقع لها في نفوسهم ولكن اين اسئلة المسلمين عن هؤلا الائمة , واجوبة نبيهم (ص ) انك لا تجدها الا في مصادر احاديث الشيعة

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

البداء والإرادة المُناظرة الخامسة -3
الحثّ على الجهاد
الکفارات في الاسلام
التقية في الاسلام
رسـالة الحـقوق
اثر التقوى في الحياة الزوجية
آل البيت عند الشيعة
رزية يوم الخميس ق (1)
ما جاء في المنع عن التوقيت والتسمية لصاحب الامر ...
من هو النبي المرسل؟ ومن هم الأنبياء؟ وما هي ...

 
user comment