عربي
Thursday 18th of April 2024
0
نفر 0

أوّل‌ من‌ كُنِّي‌ بأبي‌ تراب‌

أوّل‌ من‌ كُنِّي‌ بأبي‌ تراب‌:

نعود اءلي‌' التراب‌ ولكن‌ بحال‌ٍ آخر، فلقد كُنّي‌َ علي‌(ع) بأبي‌ تراب‌ نسبة‌ًاءلي‌' قول‌ رسول‌ الله6 له‌.

ففي‌ غزوة‌ العشيرة‌ في‌ السنة‌ الثانية‌ للهجرة‌ المباركة‌ وجد النبي‌6علياً نائماً علي‌' الارض‌ والتراب‌ يعلو بدنه‌ الطاهر، فأيقظه‌ قائلاً له‌: «قم‌ ياأبا تراب‌». «ولعل‌ّ من‌ أجل‌ شرف‌ التراب‌ وقداسته‌ وعظيم‌ خيراته‌وبركاته‌ ما كنّي‌' به‌ رسول‌ الله6 وصيَّه‌ وأحب‌ الخلق‌ اءليه‌ علياً(ع) بأبي‌تراب‌، وكانت‌ هذه‌  أحب‌ الكني‌' اءلي‌' أمير المؤمنين‌(ع)».

وذكر صاحب‌ الغدير في‌ الجزء السادس‌ قائلاً: «وأخرج‌ الطبراني‌ في‌الاوسط‌ والكبير باءسناده‌ عن‌ أبي‌ الطفيل‌ قال‌: جاء النبي‌ُّ6 وعلي‌(ع)نائم‌ في‌ التراب‌ فقال‌: ]اءن‌ّ أحق‌َّ أسمائك‌ أبو تراب‌، أنت‌ أبو تراب‌[، وذكره‌الهيثمي‌ في‌ مجمع‌ الزوائد (9/100) فقال‌: رجاله‌ ثُقات‌.

 

أئمة‌ أهل‌ البيت‌: والتربة‌ الطاهرة‌:

باشر الائمة‌ الاطهار : توجيه‌ شيعتهم‌ اءلي‌' التربة‌ الحسينية‌ بعداستشهاد سيد الشهداء(ع) حيث‌ أخذ الاءمام‌ زين‌ العابدين‌(ع) قبضة‌ من‌تراب‌ مقتل‌ أبيه‌(ع) وصرّها في‌ قطعة‌ قماش‌ٍ وأخذها معه‌.

ولَفت‌َ النظر اءلي‌' شرف‌ هذه‌ التربة‌ وميزتها الاءمام‌ الباقر(ع) من‌ بعده‌.

وباتساع‌ دائرة‌ مدرسة‌ الاءمام‌ الصادق‌(ع) وانتشار طلبته‌ أكَّد الاءمام‌(ع)علي‌' أهمّية‌ هذه‌ التربة‌ وقدسيتها، «واءذا كان‌ من‌ حق‌ الارض‌ السجود عليهاوعدم‌ السجود علي‌' غيرها، أفليس‌ من‌ الافضل‌ والاحري‌' أن‌ يكون‌السجود علي‌' أفضل‌ وأطهرِ تربة‌ٍ من‌ الارض‌ وهي‌ التربة‌ الحسينة‌»؟

قال‌ الصادق‌(ع): «السجود علي‌' طين‌ قبر الحسين‌(ع) ينوِّر اءلي‌' الارض‌السابعة‌».

وعن‌ الحسن‌ بن‌ محمد الديلمي‌ في‌ الاءرشاد قال‌: «كان‌ الصادق‌(ع) لايسجد اءلاّ علي‌' تربة‌ الحسين‌ تذلّلاً لله واستكانة‌ً اءليه‌».

وعن‌ محمد بن‌ الحسن‌ في‌ (المصباح‌) باءسناده‌ عن‌ معاوية‌ بن‌عمار قال‌: «كان‌ لابي‌ عبدالله(ع) خريطة‌ ديباج‌ٍ صفراء فيها تربة‌ أبي‌عبدالله(ع)، فكان‌ اءذا حضرته‌ الصلاة‌ صبّه‌ علي‌' سجّادته‌ وسجد عليها، ثم‌قال‌(ع): «اءن‌ّ السجود علي‌' تربة‌ أبي‌ عبدالله(ع) يخرق‌ الحُجُب‌ السبعة‌».

أمّا الاءمام‌ الرضا(ع) فكان‌ يعرف‌ تربة‌ جدّه‌ الحسين‌(ع) بشمِّها فقط‌،وهي‌ تحرّك‌ فيه‌ الاشجان‌ والاحزان‌، وتذّكره‌ بمصابه‌ وأهل‌ بيته‌، وهتك‌حرمته‌، وحرق‌ خيام‌ عماته‌، وفرارهن‌ في‌ البراري‌ ثم‌ ما جري‌' عليهم‌ من‌ذل‌ٍّ وسبي‌ٍ موجع‌.

عن‌ حكيم‌ بن‌ داود، عن‌ سلمة‌، عن‌ أحمد بن‌ اءسحاق‌ القزويني‌ عن‌أبي‌ بكار قال‌: «أخذت‌ُ من‌ التربة‌ التي‌ عند رأس‌ قبر الحسين‌ بن‌ علي‌(ع)فاءنّها طينة‌ حمراء، فدخلت‌ علي‌' الرضا(ع) فعرضتها عليه‌، فأخذها في‌ كفّه‌ثم‌ شمّها ثم‌ بكي‌' حتي‌ جرت‌ دموعه‌، ثم‌ قال‌: «هذه‌ تربة‌ جدّي‌».

بصريح‌ العبارة‌ قال‌ الاءمام‌ الرضا(ع): «هذه‌ تربة‌ جدّي‌»، أي‌ أن‌ّ لهاخاصيتها الفريدة‌، وأنّها للحسين‌(ع) فقط‌، وأنّها تراب‌ كربلاء الشهادة‌والاءيثار، وأنّها رمز لانتصار الحق‌ علي‌' الظلم‌ والعبودية‌.

اءن‌ّ هذه‌ التربة‌ لها أسرار اءلهية‌، وكرامات‌ ربانية‌، فهي‌ تجعل‌ الساجدعليها في‌ صلاته‌ يتذكر عظمة‌ فداء الحسين‌(ع) ودمه‌ الطاهر الذي‌ سال‌عليها.

فأيّة‌ قدسية‌ٍ عظيمة‌ٍ تحملها تلك‌ الطينة‌ الطبيعية‌ والتي‌ يقول‌الصادق‌(ع) بحقها: «السجود علي‌' طين‌ قبر الحسين‌(ع) ينوِّر اءلي‌' الارضين‌ السبع‌،ومن‌ كانت‌ معه‌ سبحة‌ من‌ طين‌ قبر الحسين‌(ع) كتب‌ مسبِّحاً واءن‌ لم‌ يسبّح‌ بها»؟

 

الاعتقاد:

هناك‌ ملاحظة‌ لابدّ من‌ الاءشارة‌ اءليها بشأن‌ مسألة‌ الشفاء بالتربة‌الحسينية‌، فكل‌ّ شي‌ءٍ حاصل‌ في‌ ذلك‌ مع‌ الاعتقاد أولاً، واءلاّ فلا يكون‌هناك‌ أمرٌ ما اءلاّ خلافه‌.

فهذه‌ التربة‌ الشافية‌ هي‌ كرامة‌ من‌ الله جل‌َّ شأنه‌ للاءمام‌ الحسين‌(ع)،وكذلك‌ موضع‌ قدسيتها، فقد روي‌ عن‌ ابن‌ أبي‌ يعفور قال‌: قلت‌ لابي‌عبدالله(ع): يأخذ الاءنسان‌ من‌ طين‌ قبر الحسين‌(ع) فينتفع‌ به‌ ويأخذ غيره‌فلا ينتفع‌ به‌! فقال‌: «واللهِ الذي‌ لا اءله‌ اءلاّ هو ما يأخذه‌ أحد وهو يري‌' أن‌ّ الله ينفعه‌ به‌اءلاّ نفعه‌ الله به‌».

اءذن‌ فالانتفاع‌ بها لا يكون‌ اءلاّ مع‌ الاءيمان‌ بأن‌ّ الله جل‌ّ شأنه‌ سوف‌يشفيه‌ ببركة‌ الحسين‌(ع) ودمائه‌ الزكية‌.

 

تراب‌ القارورة‌ والدم‌ العبيط‌:

ذكرت‌ الروايات‌ الواردة‌ في‌ كتبنا المعتبرة‌ وغيرها «أن‌َّ جبرئيل‌ جاء اءلي‌'النبي‌ِّ6 بالتربة‌ الّتي‌ يقتل‌ عليها الحسين‌(ع)، قال‌ أبو جعفر(ع): فهي‌ عندنا».

وحسب‌ ما وصلنا أن‌ّ هذه‌ التربة‌ وضعها رسول‌ الله6 في‌ قارورة‌ٍخاصة‌ وأودعها عند اُم‌ّ سلمة‌2، فقد ورد عن‌ ابن‌ عباس‌ قوله‌: «بينا أناراقد في‌ منزلي‌ اءذ سمعت‌ صُراخاً عظيماً عالياً من‌ بيت‌ اُم‌ِّ سلمة‌ زوج‌النبي‌6 فخرجت‌ يتوجّه‌ بي‌ قائدي‌ اءلي‌' منزلها، وأقبل‌ أهل‌ المدينة‌ اءليهامن‌ الرِّجال‌ والنساء.

فلمّا انتهيت‌ اءليها قلت‌: يا اُم‌َّ المؤمنين‌، مالَك‌ِ تصرخين‌ وتستغيثين‌؟فلم‌ تجبني‌، وأقبلت‌ علي‌' النسوة‌ الهاشميّات‌ وقالت‌: يا بنات‌ عبدالمطّلب‌،اسعدين‌َ وابكين‌ معي‌؛ فقد قُتل‌ واللهِ سيّدُكُن‌َّ وسيد شباب‌ أهل‌ الجنة‌، قدوالله قتل‌ سبط‌ رسول‌ الله وريحانته‌ الحسين‌، فقلت‌: يا اُم‌َّ المؤمنين‌، ومن‌أين‌ علمت‌ ذلك‌؟ قالت‌: رأيت‌ رسول‌ الله6 في‌ المنام‌ السّاعة‌ شَعثاًمذعوراً فسألته‌ عن‌ شأنه‌ ذلك‌؟ فقال‌: قتل‌ ابني‌ الحسين‌(ع) وأهل‌ بيته‌اليوم‌، فدفنتهم‌، والسّاعة‌ فرغت‌ من‌ دفنهم‌.

قالت‌: فقمت‌ حتّي‌' دخلت‌ البيت‌ وأنا لا أكاد أن‌ أغفل‌، فنظرت‌ فاءذابتربة‌ الحسين‌ الّتي‌ أتي‌' بها جبرئيل‌ من‌ كربلاء فقال‌: اءذا صارت‌ هذه‌ التربة‌دماً فقد قتل‌ ابنك‌ وأعطانيها النبي‌ُّ فقال‌: اجعلي‌ هذه‌ التربة‌ في‌ زجاجة‌ٍ، أوقال‌ في‌ قارورة‌ٍ ولتكن‌ عندك‌، فاءذا صارت‌ دماً عبيطاً فقد قتل‌ الحسين‌،فرأيت‌ القارورة‌ الا´ن‌ وقد صارت‌ دماً عبيطاً تفور.

قال‌: فأخذت‌ اُم‌ُّ سلمة‌ من‌ ذلك‌ الدَّم‌ فلطخت‌ به‌ وجهها، وجعلت‌ ذلك‌اليوم‌ مأتماً ومناحة‌ً علي‌' الحسين‌(ع)، فجاءت‌ الركبان‌ بخبره‌ وأنّه‌ قتل‌ في‌ذلك‌ اليوم‌».

وفي‌ اُسد الغابة‌ جاءت‌ الرواية‌ بصورة‌ٍ مختلفة‌ٍ عن‌ الاولي‌'، حيث‌ وردعن‌ ابن‌ عباس‌ قوله‌: «رأيت‌ رسول‌ الله فيما يري‌' النائم‌ نصف‌ النهار وهوقائم‌ أشعث‌ أغبر بيده‌ قارورة‌ فيها دم‌، فقلت‌: بأبي‌ أنت‌ واُمّي‌ يا رسول‌ الله،ما هذا الدم‌؟ قال‌: هذا دم‌ الحسين‌، لم‌ أَزل‌ أَلتقطه‌ منذ اليوم‌، فَوُجدِ قد قتل‌في‌ ذلك‌ اليوم‌».

علي‌ أي‌ّ حال‌ٍ كيفما كانت‌ الرواية‌ ـ رغم‌ اعتقادنا بصحة‌ الاُولي‌' ـحيث‌ جاء في‌ الادعية‌ الواردة‌ عن‌ الائمة‌ الاطهار : التي‌ ذكروا أنّها تُقرأمع‌ طلب‌ الاستشفاء بالتربة‌ الطاهرة‌، عبارة‌ ]وبحق‌ِّ الملك‌ الذي‌ أخذها[ أوفي‌ عبارة‌ٍ اُخري‌ ]بحق‌ِّ الملك‌ الذي‌ قبضها[، والملك‌ المقصود هوجبرائيل‌.

فالثابت‌ هنا أن‌ّ هناك‌ قارورة‌ أودعها النبي‌6 عند اُم‌ سلمة‌، فيهاتراب‌ من‌ كربلاء، والحقيقة‌ أن‌ّ التراب‌ هو جزء من‌ التراب‌ الذي‌ ذبح‌ عليه‌الحسين‌ الشهيد(ع)، وقد جلبه‌ جبرائيل‌ للرسول‌ الكريم‌6، وأخبره‌ عن‌الله سبحانه‌ وتعالي‌ بماهيته‌ ومقتل‌ الاءمام‌ الحسين‌(ع) عليه‌.

والشي‌ء الملفت‌ للنظر والمحيّر للعقل‌ هو الارتباط‌ بين‌ تراب‌ كربلاءوالدم‌.

والمثير هنا لماذا تحوّل‌ ما في‌ القارورة‌ اءلي‌ دم‌ يفور بعد أن‌ كان‌ تراباًبخصائصه‌ الطبيعية‌؟

الحقيقة‌ أن‌ّ الارض‌ هي‌ مصدر الحياة‌ الاساسية‌؛ حيث‌ أودع‌ الله تعالي‌فيها من‌ خزائنه‌ المتنوّعة‌ ما لا يُعدّ ولا يُحصي‌'.

أمّا الدم‌ فهو الاصل‌ الذي‌ يُديم‌ حياة‌ الاءنسان‌، فالاءثنان‌ يرتبطان‌ فيمابينهما بخصوصية‌ اءدامة‌ الحياة‌، اءن‌ لم‌ يُصبْهما شي‌ء ما يغير من‌ تكوينتهماالخاصة‌.

فكثيراً ما سالت‌ الدماء علي‌ الارض‌ دفاعاً عنها ضد معتدٍ أثيم‌
يريد أن‌ يعبث‌ بها، أو يستثمرها بطريق‌ٍ غير مشروع‌، أويستعبدساكنيها.

فالحرية‌ والكرامة‌ والمبادي‌ لا تصان‌ اءلاّ بالتضحية‌، وهذه‌ التضحية‌مهما كانت‌ صورتها فهي‌ لا تصل‌ اءلي‌ الجود بالنفس‌، وما أكثر الارواح‌التي‌ اُزهقت‌ من‌ أجل‌ الحفاظ‌ علي‌ الارض‌ وما عليها!

فاكتسبت‌ الارض‌ بذلك‌ قدسية‌ً ممّيزة‌ً في‌ نفوس‌ الكثير، فأصبح‌الاءنسان‌
يجاهد وتسيل‌ دماؤه‌ ويموت‌ وهو مرتاح‌ الضمير، لكي‌ تبقي‌ أرضه‌منيعة‌ً بوجه‌ المعتدي‌ الغادر، ولا يسمح‌ لاي‌ِّ معتدٍ أن‌ يُسي‌ء اءلي‌ قدسية‌أرضه‌ في‌ نظره‌.

فهو يشم‌ّ رائحتها، ويرويها اءن‌ ظمئت‌، ويقلّب‌ تُرابها لزيادة‌خصوبتها، وتهيئتها للزرع‌، ويجني‌ ثمارها وينتفع‌ به‌ فينفع‌ به‌.

وتفتخر التربة‌ التي‌ تروي‌' بالدماء علي‌ غيرها؛ بأنّها اكتسبت‌ شرفاًرفيعاً وقيمة‌ً معنوية‌ً لا تقدَّر بثمن‌، فما بالك‌ بالتربة‌ التي‌ تروي‌' بدم‌الحسين‌ بن‌ علي‌ بن‌ أبي‌ طالب‌ وفاطمة‌ بنت‌ محمد رسول‌ الله صلوات‌ اللهعليهم‌، وهو «أبو عبدالله ريحانة‌ النبي‌6، وشبْهُه‌ من‌ الصدر الي‌' ماأسفل‌ منه‌؟ فاءنّه‌ ولمّا ولد أَذّن‌ النبي‌ في‌ اُذنه‌، وهو سيّد شباب‌ أهل‌ الجنّة‌،وخامس‌ أهل‌ الكساء»، ورافع‌ راية‌ الاءسلام‌ الحقيقي‌، والمضحِّي‌ بكل‌ّشي‌ءٍ حتي‌ طفله‌ الرضيع‌ من‌ أجل‌ أن‌ تبقي‌ كلمة‌ الله هي‌ العليا، والاءسلام‌محفوظاً من‌ التحريف‌ الاُموي‌ البغيض‌، مستقيماً في‌ نهجه‌.

لكل‌ّ هذا وغيره‌ جعل‌ الله لتربة‌ كربلاء المروية‌ بدم‌ الحسين‌(ع) وأهل‌بيته‌ كرامة‌ً عظيمة‌، وقدسية‌ً كريمة‌، ولتبقي‌' هذه‌ التربة‌ الطاهرة‌ رمزاً حيّاًلقُوي‌ الحق‌ّ والعدل‌ من‌ المسلمين‌ وغيرهم‌ أمام‌ قُوي‌ الظلم‌ والشرِّوالانحراف‌، ولتكون‌ أيضاً محرّكاً عملاقاً لدماء أبناء الاءسلام‌ عامة‌،وأتباع‌ أهل‌ البيت‌: خاصة‌، ورموز الخير في‌ العالم‌ ضد كل‌ِّ بغي‌ٍواستعباد، ومن‌ يحاول‌ دَرْس‌َ هذا الدين‌ علي‌ مدي‌ التاريخ‌.

 

الشفاء والتبرّك‌ عند المسلمين‌:

كان‌ المسلمون‌ ولا يزالون‌ يتبرّكون‌ بتراب‌ قبور الانبياء والائمة‌والاولياء الصالحين‌ والشهداء، وهذا الامر ليس‌ محصوراً لدي‌ المسلمين‌دون‌ غيرهم‌.

فلا يزال‌ محل‌ّ قدم‌ اءبراهيم‌ الخليل‌ النبي‌(ع) في‌ مقامه‌ ببيت‌ الله الحرام‌موضع‌ تقديس‌ المسلمين‌ كافّة‌.

والحجر الاسود في‌ ركن‌ الكعبة‌ المشرَّفة‌ يتزاحم‌ عليه‌ الحُجّاج‌ لتقبيله‌وشمّه‌، بل‌ وتتعلّق‌ أيادي‌ الحجّاج‌ بأستار الكعبة‌ ويتمسّح‌ الا´خرون‌ بحجرالبيت‌ الحرام‌ رغبة‌ً بالرحمة‌ الاءلهية‌ والاستشفاء، وكيف‌ لا وهو بيت‌ اللهالحرام‌، وبما خصّه‌ الله بالكرامة‌ والقدسية‌؟

أمّا ماء زمزم‌ فليس‌ هناك‌ من‌ زائرٍ للبيت‌ العتيق‌ اءلاّ ويأخذ منه‌ شيئاًيشربه‌ او يغتسل‌ ليستشفي‌ ويتبرّك‌ به‌ رغم‌ أنّه‌ ماء لا يختلف‌ في‌ خواصّه‌الكيمياوية‌ عن‌ المياه‌ الاُخري‌، اءلاّ أن‌ الله جل‌ّ شأنه‌ أودع‌ فيه‌ البركة‌ والخيروالاستشفاء.

ولا يغرب‌ عن‌ بالنا البصاق‌ الطاهر لرسول‌ الله6، وكيف‌ أن‌ّ الله ـعظمت‌ قدرته‌ ـ قد جعل‌ فيه‌ الشفاء والبركة‌، فبصاقه‌6 عولج‌ فيه‌ كثيرمن‌ المسلمين‌، وأوَّلهم‌ اءمام‌ المتقين‌ علي‌ بن‌ أبي‌ طالب‌(ع) حينما كان‌أرمد في‌ معركة‌ فتح‌ خيبر، وأمر الله سبحانه‌ وتعالي‌ نبيه‌ الكريم‌6 بأن‌يعطي‌ الراية‌ في‌ اليوم‌ التالي‌ لعلي‌ٍّ(ع) بعد أن‌ نكس‌ بعض‌ الصحابة‌ عن‌تقدمهم‌، وأدركوا أنّهم‌ غير قادرين‌ علي‌ الفتح‌.

فاستدعي‌ علياً(ع) فجاءه‌ أرمد العينين‌، فبصق‌ في‌ عينيه‌ فشُفي‌ باءذن‌الله سبحانه‌ وتعالي‌ كأن‌ لم‌ يكن‌ فيهما شي‌ء، وسلّمه‌ الراية‌ وفتح‌ الله ـ جل‌ّشأنه‌ ـ علي‌ يديه‌، وهذه‌ الحادثة‌ مثبّتة‌ في‌ أغلب‌ كتب‌ الحديث‌ والسيرة‌والتاريخ‌؛ فقد ورد في‌ صحيح‌ البخاري‌ في‌ باب‌ مناقب‌ علي‌ٍّ(ع) عدّة‌أحاديث‌ بشأنها وبأسانيد مختلفة‌ٍ، مع‌ اختلاف‌ٍ يسيرٍ بالالفاظ‌ نقتطف‌بعضاً منها:

سأل‌ رسول‌ الله6 قائلاً: «أين‌ علي‌ٌّ؟ فقيل‌: يشتكي‌ عينيه‌، فبصق‌ في‌عينيه‌، ودَعَا لَه‌ُ فَبَرأ كأن‌ لم‌ يكن‌ به‌ وَجَع‌».

وحديث‌ آخر: «... فقال‌: أين‌ علي‌ٌّ بن‌ أبي‌ طالب‌؟ فقالوا: يَشْتَكي‌عَينيه‌ يا رسول‌ الله، قال‌: (فأرسلوا اءليه‌ فاتوني‌ به‌) فَلَمّا جاء بصق‌ في‌ عينيه‌ودعا له‌ فبري‌ حتي‌ كأن‌ لم‌ يكن‌ به‌ وجع‌، فأعطاه‌ الرّاية‌..».

«وعن‌ علي‌ٍّ(ع) أنّه‌ قال‌: قال‌ رسول‌ الله6 بعد فتح‌ خيبر: لولا أن‌ْ تقول‌فيك‌ طوائف‌ من‌ أُمّتي‌ ما قالت‌ النصاري‌ في‌ عيسي‌ بن‌ مريم‌ لقلت‌ُ اليوم‌ فيك‌ مقالاً لاتمرّ علي‌ ملاٍ من‌ المسلمين‌ اءلاّ أخذوا من‌ تراب‌ رجليك‌ وفضل‌ طَهورك‌ يستشفون‌ به‌،ولكن‌ حسبك‌ أنَّك‌ منّي‌ وأنا منك‌».

وعن‌ اءسماعيل‌: أن‌ ابن‌ المنكدر يصيبه‌ الصمَّات‌، فكان‌ يقوم‌ويضع‌ خَدَّه‌ُ علي‌ قبر النبي‌6 فعُوتب‌َ في‌ ذلك‌، فقال‌: يستشفي‌' بقبرالنبي‌ّ6 والاستشفاء اعظم‌ من‌ التبرك‌».

ناهيك‌ عما يقوم‌ به‌ المسلمون‌ من‌ التبرك‌ والاستشفاء بما يفضل‌ من‌وضوء النبي‌ المتساقط‌ من‌ وجهه‌ الكريم‌ ويديه‌ المباركتين‌.

بل‌ الاقوي‌ من‌ هذا وذاك‌ فاءن‌ لباس‌ النبي‌ وجسده‌ الشريف‌ يحفظان‌من‌ الا´فات‌ والاهوال‌، فقد لف‌ّ جسد فاطمة‌ بنت‌ أسد (اُم‌ّ الاءمام‌ علي‌(ع))حينما توفّيت‌ بقميصه‌ حماية‌ً لها من‌ أهوال‌ ما بعد الموت‌، ووفاءً لها لِماقامت‌ به‌ من‌ تربيته‌ في‌ طفولته‌، بل‌ أكثر من‌ ذلك‌ نزل‌ في‌ قبرها حتي‌يوَسَّع‌ عليها ولا تضغط‌ في‌ لحدها.

وتبرَّك‌ المسلمون‌ بتراب‌ قبر حمزة‌ سيد الشهداء2 عم‌ِّ النبي‌6فقد قال‌ ابن‌ جبير في‌ رحلته‌ (ص‌153): «وحول‌ الشهداء بجبل‌ اُحدٍ تربة‌حمراء، وهي‌ التربة‌ التي‌ تنسب‌ اءلي‌ حمزة‌، ويتبرّك‌ الناس‌ بها».

أردت‌ من‌ هذا العرض‌ المختصر أن‌ اُوضّح‌ منزلة‌ وعظمة‌ النبي‌ّ وآله‌الاطهار صلوات‌ الله عليهم‌، وحجم‌ الكرامات‌ التي‌ خصّهم‌ الله سبحانه‌وتعالي‌ بها كمقدّمة‌ٍ بسيطة‌ٍ للحديث‌ عن‌ التربة‌ الحسينية‌ وقُدسيّتهاواهمّيتها في‌ شفاء المؤمنين‌.

 

التربة‌ الطاهرة‌ بين‌ الشفاء والامان‌:

ورد عن‌ أئمتنا:: أن‌ّ تربة‌ سيد الشهداء الحسين‌(ع) هي‌ شفاء من‌كل‌ داءٍ وأمان‌ من‌ كل‌ّ خوف‌.

لقد شاع‌ بين‌ أتباع‌ مذهب‌ أهل‌ البيت‌ : وغيرهم‌: أن‌ّ لهذه‌ التربة‌مفعولاً عظيماً في‌ علاج‌ الامراض‌ والاسقام‌، وكذلك‌ فهي‌ تُضفي‌ الامن‌والامان‌ من‌ كل‌ رعب‌ٍ باءذن‌ الله سبحانه‌ وتعالي‌.

لقد حث‌َّ الاءمام‌ الصادق‌(ع) تلاميذه‌ وأتباعه‌ من‌ شيعته‌ علي‌ أهمّية‌التداوي‌ بهذه‌ التربة‌، ففي‌ رواية‌ ابن‌ قولويه‌ قال‌: حدّثني‌ محمد بن‌ عبدالله،عن‌ أبيه‌، عن‌ عبدالله البرقي‌، عن‌ بعض‌ أصحابنا، قال‌: «دفعت‌ اءلي‌َّ امرأة‌غزلاً وقالت‌: اءدفعه‌ اءلي‌ حَجَبة‌ مكة‌ ليخاط‌ به‌ كسوة‌ للكعبة‌، قال‌: فكرهت‌أن‌ ادفعه‌ اءلي‌ الحجبة‌ وأنا أعرفهم‌، فلما أن‌ صرنا الي‌ المدينة‌ دخلت‌ علي‌أبي‌ جعفر(ع) وقلت‌ له‌: جعلت‌ فداك‌، اءن‌ّ امرأة‌ً أعطتني‌ غزلاً فقالت‌: اءدفعه‌اءلي‌ حجبة‌ مكة‌ ليخاط‌ به‌ كسوة‌ للكعبة‌، فقال‌: «اشترِ به‌ عسلاً وزعفراناً، وخُذْ من‌طين‌ قبر الحسين‌(ع) واعجنه‌ بماء السماء، واجعل‌ فيه‌ شيئاً من‌ العسل‌ والزعفران‌ وفرّقه‌علي‌ الشيعة‌ ليداووا به‌ مرضاهم‌».

وعن‌ محمد بن‌ مسلم‌ ـ في‌ حديث‌ٍ ـ أنّه‌ كان‌ مريضاً فبعث‌ اءليه‌ أبوعبدالله(ع) بشراب‌ٍ فشربه‌ فكأنّما نشط‌ من‌ عقال‌، فدخل‌ عليه‌ فقال‌: كيف‌وجدت‌ الشراب‌؟ فقال‌: كنت‌ آيساً من‌ نفسي‌ فشربته‌ فأقبلت‌ اءليك‌ كأنّمانشطت‌ من‌ عقال‌، فقال‌: يا محمّد، اءن‌ّ الشراب‌ الذي‌ شربته‌ كان‌ فيه‌ من‌طين‌ قبور آبائي‌، وهو أفضل‌ ما نستشفي‌ به‌، فلا تعدل‌ به‌ فاءنّا نسقيه‌صبياننا ونساءنا فنري‌ منه‌ كل‌ّ خير».

وفي‌ رواية‌ أبي‌ بكر الحضرمي‌ عن‌ الصادق‌(ع) قال‌: «لو أن‌ّ مريضاً من‌المؤمنين‌ يعرف‌ حق‌ّ أبي‌ عبدالله(ع) وحرمته‌، أخذ له‌ من‌ طين‌ قبر الحسين‌(ع) مثل‌رأس‌ الانملة‌ كان‌ له‌ دواءً وشفاء».

وقال‌ الصادق‌(ع): «في‌ قبر الحسين‌(ع) شفاء من‌ كل‌ّ داء، وهو الدَّواءالاكبر».

وعنه‌(ع) قال‌: «من‌ أصابته‌ علّة‌ فبدأ بطين‌ قبر الحسين‌(ع) أشفاه‌ الله من‌ تلك‌العلة‌، اءلاّ أن‌ تكون‌ علّة‌ السام‌».

 

 

تربة‌ الاءمام‌ الحسين‌(ع) والامن‌ من‌ الخوف‌:

اءن‌ّ أغلب‌ الروايات‌ التي‌ طالعناها في‌ كتبنا المعتبرة‌ ربطت‌ ظاهرة‌الشِفائية‌ مع‌ الامان‌ في‌ أحاديث‌ الائمة‌:، وقد ازدادت‌ اعتقادات‌المسلمين‌ بتربة‌ الحسين‌(ع) ؛ حتي‌ أصبح‌ أتباع‌ أهل‌ البيت‌: يوصون‌قبل‌ موتهم‌ بأن‌ يدفن‌ معهم‌ عند الموت‌ تربة‌ الاءمام‌ الحسين‌(ع)، اعتقاداًمنهم‌ بالامن‌ من‌ أهوال‌ تلك‌ الحفرة‌ الضيقة‌ وضغطة‌ القبر، فالرجل‌ الذي‌يسأل‌ الاءمام‌ الصادق‌(ع) عن‌ دواءٍ، وأشار عليه‌ بالتربة‌ الحسينية‌، قال‌:«قلت‌: قد عرفت‌ الشفاء من‌ كل‌ّ داء، فكيف‌ الامان‌ من‌ كل‌ّ خوف‌؟

قال‌: اءذا خفت‌ سلطاناً أو غير ذلك‌ فلا تخرج‌ من‌ منزلك‌ اءلاّ ومعك‌ من‌طين‌ قبر الحسين‌(ع)، وقل‌ اءذا أخذته‌: (اللهم‌ّ اءن‌ّ هذه‌ طينة‌ قبر الحسين‌وليّك‌ وابن‌ وليّك‌، اتخذتها حرزاً لِمَا أخاف‌ ولِمَا لا أخاف‌) فاءنّه‌ يرد عليك‌ما لا تخاف‌.

قال‌ الرجل‌: فأخذتها كما قال‌ لي‌ فأصح‌ الله بدني‌، وكانت‌ لي‌ أماناً من‌كل‌ّ ما خفت‌ُ وما لم‌ أخف‌ كما قال‌، فما رأيت‌ بحمد الله بعدهامكروهاً».

وورد في‌ نصوص‌ بعض‌ الادعية‌ عن‌ الاءمام‌ الصادق‌(ع) التي‌ تُقرأ مع‌التربة‌ حيث‌ قال‌: «..ونجاة‌ً من‌ كل‌ّ آفة‌، وحرزاً ممّا أخاف‌ وأحذر».

وعن‌ الحسين‌ ابن‌ أبي‌ العلاء قال‌: سمعت‌ أبا عبدالله(ع) يقول‌: «حنِّكواأولادكم‌ بتربة‌ الحسين‌(ع) فاءنّها أمان‌».

 

آداب‌ الاستشفاء:

اءن‌ّ التداوي‌ بتراب‌ قبر الاءمام‌ الحسين‌(ع) يتلازم‌ مع‌ أدعية‌ٍ خاصّة‌ٍ بها،وقد أرشدنا الائمة‌ الاطهار: اءلي‌ الدعاء واءليك‌ بعضاً من‌ هذه‌ الادعية‌:

جاء رجل‌ اءلي‌ الاءمام‌ الصادق‌(ع) وقال‌ له‌: «اءنّي‌ رجل‌ٌ كثير العلل‌والامراض‌، وما تركت‌ دواءً اءلاّ وتداويت‌ به‌، فقال‌ لي‌: فأين‌ أنت‌ عن‌تربة‌ الحسين‌(ع)؟ فاءن‌ّ فيها الشفاء من‌ كل‌ّ داء، والامن‌ من‌ كل‌ّ خوف‌ وقل‌اءذا أخذته‌:

اللّهم‌ّ اءنّي‌ أسألك‌ بحق‌ّ هذه‌ الطينة‌، وبحق‌ّ الملك‌ الذي‌ أخذها، وبحق‌ّبيته‌، اجعل‌ لي‌ فيها شفاءً من‌ كل‌ داء، وأماناً من‌ كل‌ خوف‌ٍ.

قال‌: ثم‌ قال‌: اءن‌ّ الملك‌ الذي‌ أخذها جبرئيل‌، وأراها النبي‌6 فقال‌:هذه‌ تربة‌ ابنك‌ ـ هذا ـ تقتله‌ اُمتك‌ من‌ بعدك‌، والنبي‌ الذي‌ قبضها فهومحمد6، وأمّا الوصي‌ الذي‌ حل‌ّ بها فهو الحسين‌ بن‌ علي‌ سيدالشهداء».

وقال‌ الصادق‌(ع): «اءذا أكلته‌ ـ أي‌ طين‌ قبر الحسين‌(ع) ـ فقل‌: «اللهم‌ّرب‌َّ التربة‌ المباركة‌، ورب‌َّ الوصي‌ِّ الّذي‌ وارته‌ صل‌ِّ علي‌ محمدٍ وآل‌ محمد، واجعله‌عاماً نافعاً ورزقاً واسعاً وشفاء من‌ كل‌ِّ داء».

«وعن‌ الحسن‌ بن‌ محمّد الطوسي‌ في‌ الاَمالي‌، عن‌ أبيه‌، عن‌ خُنَيسن‌،عن‌ محمّد بن‌ عبدالله، عن‌ محمّد بن‌ محمّد بن‌ مفضل‌، عن‌ اءبراهيم‌ بن‌اءسحاق‌ الاَحمري‌، عن‌ عبدالله بن‌ حماد، عن‌ زيد الشحّام‌، عن‌ الصادق‌(ع)قال‌: «اءن‌ّ الله جعل‌ تربة‌ الحسين‌ شفاءً من‌ كل‌ّ داء، وأماناً من‌ كل‌ خوف‌،فاذا أخذها أحدكم‌ فليقبّلها وليضعها علي‌ عينه‌، وليمرّها علي‌ سائر جسده‌،وليقل‌: اللّهم‌ّ بحق‌ّ هذه‌ التربة‌، وبحق‌ّ من‌ حل‌ّ بها وثوي‌' فيها، وبحق‌ّ أبيه‌واُمه‌ وأخيه‌ والائمة‌ من‌ ولده‌، وبحق‌ّ الملائكة‌ الحافّين‌ به‌ اءلاّ جعلتها شفاءًمن‌ كل‌ّ داء، وبرءاً من‌ كل‌ّ مرض‌، ونجاة‌ً من‌ كل‌ّ آفة‌، وحرزاً ممّا أخاف‌وأحذر، ثم‌ يستعملها، قال‌ أبو اُسامة‌: فاءنّي‌ استعملها من‌ دهري‌ الاطول‌كما قال‌ ووصف‌ أبو عبدالله(ع) فما رأيت‌ بحمد الله مكروهاً».

ورُوي‌: أن‌ّ رجلاً سأل‌ الصادق‌(ع) فقال‌: اءنّي‌ سمعتك‌ تقول‌: اءن‌ّ تربة‌الحسين‌(ع) من‌ الادوية‌ المفردة‌، واءنّها لا تمرّ بداءٍ اءلاّ هضمته‌، فقال‌: قدكان‌ (أو قد قلت‌ ذلك‌) فما بالك‌؟ فقال‌: اءنّي‌ تناولتها فما انتفعت‌ بها، قال‌:أما اءن‌ّ لها دعاءً فمن‌ تناولها ولم‌ يَدع‌ُ به‌ واستعملها لم‌ يكد ينتفع‌ بها: قال‌:فقال‌ له‌: ما يقول‌ اءذا تناولها؟ قال‌: تُقبِّلها قبل‌ كل‌ شي‌ءٍ وتضعها علي‌عينيك‌، ولا تناوَل‌ منها أكثر من‌ حُمّصة‌، فاءن‌ّ من‌ تناول‌ منها أكثر فكأنّماأكل‌ من‌ لحومنا ودمائنا. فاءذا تناولت‌، فقل‌: ]اللَّهُم‌َّ اءِنِّي‌ أسْأَلُك‌َ بِحَق‌ِّ المَلَك‌ِالَّذِي‌ قَبَضَهَا وبحق‌ِّ الملك‌ الَّذي‌ خَزَنها، وأَسْأَلُك‌َ بِحَق‌ِّ الوَصِي‌ِّ الذي‌ حَل‌َّفيها أن‌ تُصَلِّي‌ علي‌ محمدٍ وآل‌ محمد، وأن‌ تجعلها شِفاءً مِن‌ْ كُل‌ِّ داء،وأماناً من‌ كل‌ِّ خوف‌، وحفظاً من‌ كل‌ سوء. فاءذا قلت‌ ذلك‌ فاشدُدْها في‌شي‌ءٍ واقرأ عليها اءنَّا أنزلناه‌ في‌ ليلة‌ القدرِ، فاءن‌ّ الدّعاء الّذي‌ تقدم‌ لاخذها هوالاستئذان‌ عليها، واقرأ اءنّا أنزلناه‌ُ ختمها[).

 

حرمة‌ أكل‌ الطين‌ اءلاّ طينة‌ الاءمام‌ الحسين‌(ع):

وقد وصلتنا روايات‌ عديدة‌ من‌ طريق‌ أهل‌ البيت‌: تؤكّد حرمة‌أكل‌ الطين‌ ما عدا تربة‌ سيد الشهداء الحسين‌(ع)، وقد أوردنا الروايات‌التي‌ تؤكّد ذلك‌.

أمّا الروايات‌ التي‌ تحرّم‌ أكل‌ الطين‌: فمنها: ما ذكره‌ الشيخ‌ الطوسي‌،عن‌ حنان‌ بن‌ سدير، عن‌ الصادق‌ قال‌: «من‌ أكل‌ من‌ طين‌ قبر الحسين‌(ع)، غيرمستشف‌ به‌ فكأنّما أكل‌ من‌ لحومنا، فاءذا احتاج‌ أحدكم‌ للاكل‌ منه‌ ليستشفي‌ به‌، فليقل‌:بِسْم‌ِ الله وَبالله، اللَّهُم‌َّ رَب‌َّ ه'ذِه‌ِ التُرْبَة‌ِ المُبارَكَة‌ِ الطَّاهَرِة‌ِ، وَرَب‌َّ النُّورِ الَّذي‌ أُنْزِل‌ِ فيه‌ِ وَرَب‌َّالجَسَدِ الَّذي‌ سَكَن‌َ فيه‌ِ وَرّب‌َّ المَلائِكَة‌ِ المُوكَّلين‌َ به‌ اجعَلْه‌ُ لي‌ شفَاءً مِن‌ْ داءِ كذا وكذا،واجرَع‌ْ من‌ الماء جرعة‌ً خلفه‌، وقل‌: اللَّهُم‌َّ اجْعَلْه‌ُ رِزْقاً واسعاً وَعِلْماً نافعاً وشِفَاءً مِن‌ْ كُل‌ِّداءٍ وَسُقْم‌ٍ. فاءن‌ الله تعالي‌' يدفع‌ عنك‌ بها كل‌ّ ما تجدُ من‌ السّقم‌ والهم‌ّ والغم‌ّ اءن‌ شاء اللهتعالي‌'».

وبسندٍ أيضاً عن‌ الرضا(ع) قال‌: «كل‌ّ طين‌ٍ كالميتة‌ وما أهِل‌َّ لغير الله به‌، ماخلا طين‌ قبر الحسين‌(ع) فاءنّه‌ شفاء من‌ كل‌ّ داء».

 

حدود حريم‌ قبر الحسين‌(ع):

اختلفت‌ الروايات‌ في‌ تحديد حريم‌ القبر الطاهر، فقد وردت‌ أبعادمتباينة‌ بعض‌ الشي‌ء، كما جاء ذلك‌ في‌ مستدرك‌ الوسائل‌: 10/320، وقدورد في‌ كتاب‌ من‌ لا يحضره‌ الفقيه‌: أن‌ّ الصادق‌(ع) قال‌: «حريم‌ قبرالحسين‌(ع) خمسة‌ فراسخ‌ من‌ أربعة‌ جوانب‌ القبر».

وروي‌ عن‌ ابي‌ عبدالله(ع) أنّه‌ قال‌: «يؤخذ طين‌ قبر الحسين‌(ع) علي‌ سبعين‌ذراعاً من‌ عند القبر».

وهناك‌ من‌ قال‌ أكثر أو أقل‌ّ من‌ ذلك‌ حسب‌ الروايات‌ الواردة‌ اءلينا، بل‌اءن‌ّ بعض‌ علمائنا ـ أعلي‌ الله مقامهم‌ ـ أكّدوا علي‌ أن‌ّ طين‌ التداوي‌ يجب‌ أن‌يؤخذ من‌ عند الرأس‌ الشريف‌، نقل‌ ابن‌ قولويه‌ عن‌ أبي‌ عبدالله(ع) قال‌:«اءن‌ّ عند رأس‌ الحسين‌ بن‌ علي‌(ع) لتربة‌ حمراء فيها شفاء من‌ كل‌ّ داءٍ اءلاّ السام‌».

 

 

 

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

الإمام الحسن العسكري (ع) والتمهيد لولادة وغيبة ...
إنّ الحسين (عليه السلام) مصباح الهدى وسفينة ...
الإمام موسى الكاظم عليه السلام والثورات العلوية
زيارة السيدة زينب الكبرى (عليها السلام)
الصلاة من أهم العبادات
علة الإبطاء في الإجابة و النهي عن الفتور في ...
ألقاب الإمام الرضا عليه السلام
كلام محمد بن علي الباقر ع
منهج القرآن لإحداث التغيير
برهان على صحة الرسالة

 
user comment