عربي
Tuesday 16th of April 2024
0
نفر 0

في قول شعيب ( ع ) استغروا ربكم ثم توبوا

 

شعيب عليه السلام

في قول شعيب ( ع ) استغروا ربكم ثم توبوا :

( مسألة ) : فان قيل : ما معنى قوله تعالى في الحكاية عن شعيب عليه السلام : ( واستغفروا ربكم ثم توبوا اليه ) ( 1 ) والشئ لا يعطف على نفسه لا سيما بالحرف الذي يقتضي التراخي والمهلة وهو ( ثم ) واذا كان الاستغفار هو التوبة فما وجه هذا الكلام ؟ .
( الجواب ) : قلنا في هذه الآية وجوه :
اولها : ان يكون المعنى اجعلوا المغفرة غرضكم وقصدكم الذى فيه تجئرون ونحوه يتوجهون ، ثم توصلوا اليها بالتوبة اليه ، فالمغفرة أول في الطلب وآخر في السبب .
وثانيها : انه لا يمتنع ان يريد بقوله : ( استغفروا ربكم ) أي اسألوه التوفيق للمغفرة والمعونة عليها ثم توبوا اليه ، لان المسألة للتوفيق ينبغي ان يكون قبل التوبة .
وثالثها : انه أراد بثم الواو ، والمعنى استغفروا ربكم وتوبوا اليه ، وهذان الحرفان قد يتداخلان فيقوم احدهما مقام الآخرة .
ورابعها : أن يريد استغفروه قولا ونطقا ثم توبوا إليه لتكونوا بالتوبة فاعلين لما يسقط العقاب عنده .
وخامسها : انه خاطب المشركين بالله تعالى فقال لهم : استغفروه من الشرك بمفارقته ثم توبوا اليه ، أي ارجعوا إلى الله تعالى بالطاعات وافعال الخير ، لان الانتفاع بذلك . لان ذلك لا يكون إلا بتقديم الاستغفار من الشرك ومفارقته . والتائب والآئب والنايب والمنيب بمعنى واحد .
وسادسها : ما أومى اليه أبوعلي الجبائي في تفسير هذه الآية لانه قال أراد بقوله ( استغفروا ربكم ثم توبوا اليه ) اي اقيموا على التوبة اليه ، لان التائب إلى الله تعالى من ذنوبه يجب ان يكون تائبا إلى الله في كل وقت يذكر فيه ذنوبه بعد توبته الاولى ، لانه يجب ان يكون مقيما على الندم على ذلك ، وعلى العزم على ان لا يعود إلى مثله . لانه لو نقض هذا العزم لكان عازما على العود ، وذلك لا يجوز . وكذلك لو نقض الندم لكان راضيا بالمعصية مسرورا بها وهذا لا يجوز . وقد حكينا الفاظه بأعيانها ، حمله على هذا الوجه انه أراد التكرار والتأكيد والامر بالتوبة بعد التوبة . كما يقول احدنا لغيره : " اضرب زيدا ثم اضربه " " وافعل هذا ثم افعل " . وهذا الذي حكينا عن ابي علي اولى مما ذكره في صدر هذه السورة ، لانه قال هناك وان استغفروا ربكم ثم توبوا اليه ، ان معناه استغفروا ربكم من ذنوبكم السالفة ثم توبوا اليه بعد ذلك من كل ذنب يكون منكم او معصية ، وهذا ليس بشئ ، لانه اذا حمل الاستغفار المذكور في الآية على التوبة فلا معنى لتخصيصه بما سلف دون ما يأتي ، لان التوبة من ذلك اجمع واجبة ، ولا معنى ايضا لتخصيص قوله ثم توبوا اليه بالمعاصي المستقبلة دون الماضية ، لان الماضي والمستقبل مما يجب التوبة منه . فالذي حكيناه اولا عنه اشفى وأولى .

حول إنكاح إبنته ( ع ) :

( مسألة ) : فان قيل فما الوجه في عدول شعيب عليه السلام عن جواب ابنته في قولها ( يا ابت استأجره ان خير من استأجرت القوي الامين ) ( 2 ) إلى قوله لموسى عليه السلام ( اني اريد ان انكحك احدى ابنتي هاتين ) وهي لم تسأل النكاح ولا عرضت به ، فترك اجابتها عن كلامها وخرج إلى شئ لم يجر ما يقتضيه .
( الجواب ) : انها لما سألته ان يستأجره ومدحته بالقوة والامانة ، كان كلامها دالا على الترغيب فيه والتقريب منه والمدح له بما يدعو إلى إنكاحه ، فبذل له النكاح الذي يقتضي غاية الاختصاص ، فما فعله شعيب ( ع ) في غاية المطابقة لجوابها ولما يقتضيه سؤالها .

في قول شعيب ( ع ) فإن أتممت عشرا فمن عندك :

( مسألة ) : فإن قيل فما معنى قول شعيب عليه السلام : ( اني اريد ان انكحك احدى ابنتي هاتين على ان تأجرنى ثماني حجج فإن اتممت عشرا فمن عندك وما اريد ان اشق عليك ستجدني انشاء الله من الصالحين ) ( 3 ) وكيف يجوز في الصداق هذا التخيير والتفويض ، وأي فايدة للبنت فيما شرط هولنفسه وليس يعود عليها من ذلك نفع ؟ .
( الجواب ) : قلنا : يجوز ان تكون الغنم كانت لشعيب ( ع ) ، وكانت الفايدة باستيجار من يرعاها عائدة عليه ، إلا انه أراد ان يعوض بنته عن قيمة رعيها فيكون ذلك مهرا لها . وأما التخيير فلم يكن إلا ما زاد على الثمانى حجج ولم يكن فيما شرطه مقترحا تخيير ، وإنما كان فيما تجاوزه وتعداه . ووجه آخر انه يجوز ان تكون الغنم كانت للبنت وكان الاب المتولي لامرها والقابض لصداقها ، لانه لا خلاف ان قبض الاب مهر بنته البكر البالغ جايز ، وأنه ليس لاحد من الاولياء ذلك غيره ، واجمعوا ان بنت شعيب ( ع ) كانت بكرا .
ووجه آخر : وهو ان يكون حذف ذكر الصداق ، وذكر ماشرطه لنفسه مضافا إلى الصداق ، لانه جائز أن يشترط الولي لنفسه ما يخرج عن الصداق . وهذا الجواب يخالف الظاهر ، لان قوله تعالى ( اني اريد ان انكحك احدى ابنتي هاتين على ان تأجرني ثماني حجج ) يقتضي ظاهره ان احدهما جزاء على الآخر .
ووجه آخر : وهو انه يجوز ان يكون من شريعته عليه السلام العقد بالتراضي من غير صداق معين ، ويكون قوله ( على ان تأجرنى ) على غير وجه الصداق . وما تقدم من الوجوه أقوى .


( 1 ) هودالآية 90
( 2 ) القصص الآية 26
( 3 ) القصص الآية 27

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

الرؤية العقلية
ما هو صبر أيوب ؟
البدعة 8
هل يمكن اطلاق صفة المُدرك على الله تعالى؟
صفات اللّه الجمالية و الجلالية
هل فی القرآن توجد آیه تدلّ على جواز زیاره قبور ...
أحكام الدماء الثلاثة
الأدلة على عصمة الأنبياء
المهدي المنتظر في كلمات محي الدين بن عربي (ق1)
فصل: في ذكر العلة المانعة لصاحب الامر عليه السلام ...

 
user comment