عربي
Thursday 28th of March 2024
0
نفر 0

السؤال : تقام هذه الأيّام مراسم احتفالات بعيد الزهراء (عليها السلام) ، وحيث إنّه معلوم أنّ بضعة الرسول الأكرم توفّيت بعد أبيها بستّة أشهر على أكثر الروايات ، ولكن يقال إنّه هذا اليوم هو وفاة الخليفة الثاني ، الذي اغتصب حقّها من أبيها ، لذلك نحن نحتفل بهذا

الاحتفال في اليوم التاسع من ربيع الأوّل :

السؤال : تقام هذه الأيّام مراسم احتفالات بعيد الزهراء (عليها السلام) ، وحيث إنّه معلوم أنّ بضعة الرسول الأكرم توفّيت بعد أبيها بستّة أشهر على أكثر الروايات ، ولكن يقال إنّه هذا اليوم هو وفاة الخليفة الثاني ، الذي اغتصب حقّها من أبيها ، لذلك نحن نحتفل بهذا اليوم ، نرجو التوضيح في هذه المسألة .

أفيدونا جزاكم الله خيراً .

الجواب : إنّ الاحتفال في اليوم التاسع من ربيع الأوّل جاء لورود روايات عن أهل البيت (عليهم السلام) في فضل هذا اليوم ، وثّقها بعض وضعّفها آخرون ، وقد تكون جاءت لتنصيب الإمام الحجّة المنتظر(عليه السلام) للإمامة بعد وفاة أبيه الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) في الثامن من ربيع الأوّل .

وهناك روايات تاريخية تنصّ على مصادفة هذا اليوم مع يوم مقتل عمر بن الخطّاب .

( فراس . الأردن . ... )

ما ورد من رثائه في نهج البلاغة :

السؤال : كيف يتّفق ما عرفناه مع ما يلي وهو مقتبس من نهج البلاغة شرح محمّد عبده : " لله بلاء فلان ، فلقد قوّم الأود ، وداوى العمد ، وأقام السنّة ، وخلف الفتنة ، ذهب نقي الثوب ، قليل العيب ، أصاب خيرها ، وسبق شرّها ، أدّى إلى الله طاعته ، واتقاه بحقّه ، رحل وتركهم في طرق متشعّبة ، لا يهتدي فيها الضالّ ، ولا يستيقن المهتدي " (1) .

أفتونا مأجورين .

الجواب : للجواب على هذا السؤال نذكر وباختصار عدّة مطالب :

1ـ لم يقل أحد من علماء الشيعة بصحّة كُلّ ما جاء في نهج البلاغة ، بل وحتّى الشريف الرضي ـ مؤلّف كتاب نهج البلاغة ـ لم يدعّ صحّة كُلّ ما جاء في كتابه نهج البلاغة ، ولم يصرّح بأنّه ما روى إلاّ ما صحّ عنده سنده ، وكما

____________

1- شرح نهج البلاغة 12 / 3 .


الصفحة 408


هو المعلوم من المبنى عند الشيعة ، أن يخضع كُلّ حديث إلى البحث في السند والدلالة .

2ـ الخطبة وردت من دون تعيين شخص بعينه .

3ـ لو سلّمنا كُلّ هذا ، فإنّ بعض المصادر (1) ذكرت : أنّ أصل هذا الكلام حكاه الإمام علي (عليه السلام) عن النادبة أو الباكية لهذا البعض من الأصحاب ، وفي آخره قال الإمام علي (عليه السلام) : " أما والله ما قالت ولكنّها قوّلت " (2) .

ولتوضيح المطلب نقول : إنّ الإمام (عليه السلام) حكى هذا القول عن النادبة أو الباكية لهذا البعض من الأصحاب ، وربما يشكل بأنّ حكايته لهذا الكلام دليل على قبوله ؟ فالجواب يكون بأنّه (عليه السلام) قال بعد أن استشهد بكلام النادبة : " والله ما قالت ولكنّها قوّلت " ، ممّا يشعر بردّه لكلام النادبة وعدم قبوله لـه .

( موسى . السعودية . ... )

نصحه الإمام علي بعدم غزو الروم :

السؤال : قرأت في نهج البلاغة : ومن كلام لـه (عليه السلام) ، وقد شاوره عمر بن الخطّاب في الخروج إلى غزو الروم : " وَقَدْ تَوَكَّلَ اللهُ لأَهْلِ هَذا الدِّينِ بِإِعْزَازِ الْحَوْزَةِ ، وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ ، وَالَّذِي نَصَرَهُمْ ـ وَهُمْ قَلِيلٌ لاَ يَنْتَصِرُونَ ، وَمَنَعَهُمْ وَهُمْ قَلِيلٌ لاَ يَمتَنِعُونَ ـ حَيٌّ لاَ يَمُوتُ .

إِنَّكَ مَتَى تَسِرْ إلى هذَا الْعَدُوِّ بِنَفْسِكَ ، فَتَلْقَهُمْ بِشَخْصِكَ فَتُنْكَبْ ، لاَ تَكُنْ لِلْمُسْلِمِينَ كَانِفَةٌ دُونَ أَقْصَى بِلاَدِهِمْ ، وَلَيْسَ بَعْدَكَ مَرْجِعٌ يَرْجِعُونَ إِلَيْهِ ، فَابْعَثْ إِلَيْهِمْ رَجُلاً مِجْرَباً ، وَاحْفِزْ مَعَهُ أَهْلَ الْبَلاَءِ وَالنَّصِيحَةِ ، فَإِنْ أَظْهَرَ اللهُ

____________

1- تاريخ الأُمم والملوك 3 / 285 ، تاريخ مدينة دمشق 44 / 458 ، البداية والنهاية 7 / 158 .

2- شرح نهج البلاغة 12 / 5 .


الصفحة 409


فَذَاكَ مَا تُحِبُّ ، وَإِنْ تَكُنِ الأُخْرَى ، كُنْتَ رِدْءاً للنَّاسِ وَمَثَابَةً لِلْمُسْلِمِينَ " (1) .

فهل المقصود من ذلك اعترافه بخلافة عمر ؟ وأنّه المرجع الوحيد للناس في زمن خلافته ؟

الجواب : الحكومة في نظر الأنبياء والأئمّة (عليهم السلام) ليست هدفاً ، وإنّما وسيلة ، والهدف هو رضى الله تعالى ، والتمكّن من تطبيق أوامر الله ونواهيه ، والحكومة هي إحدى مهامّهم ، وليست كُلّ مهامّهم .

ولأجل هذا ، تجد أنّ أكثر الأنبياء والرسل والأئمّة (عليهم السلام) لم يصلوا إلى الحكومة ، لأنّها لم تكن الهدف ، ولم يكونوا (عليهم السلام) كسائر السلاطين والحكّام الذين كرّسوا كُلّ جهودهم للوصول إلى الحكم ، وبأيّ وسيلة كانت .

فإذا تبيّن هذا ، فإنّ الحفاظ على أصل الإسلام وكيانه من أهمّ واجبات الإمام (عليه السلام) ، ولمّا رأى الإمام علي (عليه السلام) أنّ الناس جديدو عهد بالإسلام ، وأنّ أيّ منازعة منه للخلفاء ستؤدّي إلى ارتداد الكثيرين ، وبالتالي سيكون الإسلام في خطر ، فكان (عليه السلام) كما وصف هو حاله : " فصبرت وفي العين قذى ، وفي الحلق شجا ، أرى تراثي نهبا " (2) .

وكذلك بالنسبة إلى هذه الخطبة ، فإنّه (عليه السلام) ليس لـه همّ إلاّ الحفاظ على أصل الإسلام ، فلمّا كان في شخوص عمر بن الخطّاب بنفسه إلى الحرب ، ممّا سيؤدّي إلى تضعيف الإسلام ، وذلك للأسباب التي وضّحها (عليه السلام) في هذه الخطبة ، وجّه (عليه السلام) نصحه إلى عمر بأن لا يخرج ، وهذا ليس اعتراف منه (عليه السلام) بصحّة خلافة عمر ، كما أنّ صبره (عليه السلام) ليس اعتراف بصحّة خلافة أبي بكر وعمر وعثمان .

____________

1- شرح نهج البلاغة 8 / 296 .

2- المصدر السابق 1 / 151 .

 


الصفحة 410


هذا ، وإن نصح الإمام وخطابه ليس موجّهاً إلى عمر بن الخطّاب بشخصه ، بل إلى عمر بما يستحلّه من مقام زعامة المسلمين ، وإن كان هذا المقام قد اغتصبه عمر وليس هو حقّ لـه ، ولكن الآن يحتلّ هذا المقام ، وفي شخوصه تضعيف للإسلام ، ومن أهمّ وظائف الإمام حفظ بيضة الإسلام .

( موسى . السعودية . ... )

تعقيب على الجواب السابق :

أشكركم على هذا الردّ الوافي ، وأتمنّى لكم دوام الصحّة والعافية ، وأن ينفع الله بعلمكم الأُمّة الإسلامية .

( عبد الله . ... . ... )

اعتراضاته :

السؤال : تحية طيّبة وبعد ، أنا من الذين يتعرّضون لبعض المواجهات مع بعض الأشخاص من العامّة والوهّابية ، وحيث إنّه يوجّهون بعض الإشكالات على مذهب الحقّ ، ورغبتنا منّا في الحصول على الردّ المناسب وعدم الرد المتسرّع ، أوجّه لكم هذه الرسالة من أحد أهل السنّة ، والتي سوف أكون شاكراً لكم ، لو حصلت على الردّ المناسب على هذه الرسالة .

أمّا أنّ عمر ابن الخطّاب اعترض على أمر الرسول (صلى الله عليه وآله) في حياته ، فاعلم أنّ الرسول (صلى الله عليه وآله) لـه أمران : أمر في شؤون الدين والتشريع ، فلا يسع أحداً أن يشاور فيها ، ولا يقدّم بين يدي الله ورسوله ، وأمر في شؤون الحياة ، وهو الذي تطبّق فيه الشورى .

في غزوة بدر نزل الرسول (صلى الله عليه وآله) بالصحابة في مكان ، وأشار الحباب بن المنذر بمكان أخر فاختير مكان الحباب .

في غزوة أُحد كان رأي الرسول(صلى الله عليه وآله) المكوث في المدينة ، وكان رأي شباب الصحابة الخروج ، وكان الخروج ... .


الصفحة 411


هنا يقول : أنّه لم يصدر أيّ حديث بذمّ عمر بن الخطّاب من الرسول (صلى الله عليه وآله) ، ولا أيّ قول أثر عن علي بن أبي طالب يذمّ فيه عمراً ، إذا كان لديك قول ممّا سبق فإلينا به .

ثالثاً : إذا حكمت بعدم عدالة عمر ، فهذا يعني أنّه ليس بكفؤ للزواج من بنت علي بن أبي طالب ، فلماذا زوجّه إذن ؟ إن قلت : بسبب التهديد ، فهذا قول مردود ، لأنّه لا اعتقد أنّ الفارس يرضخ لتهديد عمر ، الذي ذكرتم في جبنه الأقاويل .

وإن قلت : بسبب التهديد ، فكيف يحلّ لمعصوم أن يتنازل عن أمر فاضل إلى مفضول تحت التهديد ، وهو المعصوم من الله عصمتين ، عصمة من الخطأ في أمر الدين ، وعصمة من أن يقتله أحد من البشر ، قال تعالى : { وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى } (1) ، وقال تعالى : { وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ } (2) .

فإن أسقطت هاتين العصمتين على الإمام علي بن أبي طالب ، فهذا يتنافى تماماً مع رضوخه للتهديد ، وإن لم تسقطها عليه ، فهذا يناقض عقيدة العصمة عندكم ، وإن قلت بالأُولى دون الثانية ، فهذا يعني أنّ كلام الإمام هو وحي من الله ، فهل أنت تقول بهذا القول ؟ وإن قلت بالثانية دون الأُولى ، فالإمام علي مات شهيداً مقتولاً .

إن قلت : إنّ الرسول (صلى الله عليه وآله) زوّج ابنته بأحد المشركين قبل الهجرة ، فأقول لك : إنّ ذلك قبل اكتمال شرائع الدين ، ولكن بعد اكتمال شرائع الدين لا يحلّ ذلك ، وإن قلت : إنّ الإمام زوّج عمر عن رضى منه ، فهذا يعني كفاءة وعدالة عمر ، وهو عكس ما أنت عليه الآن .

وإن قلت بالقول الشائع ، إنّه هناك ملابسات خاصّة ، فعليك بذكر تلك الملابسات .

____________

1- النجم : 3 .

2- المائدة : 67 .


الصفحة 412


وإن قلت : إنّ الإمام زوّجها خطأً ، فذلك ينافي العصمة ، وهل صحيح أنّه هناك من اجتهد مقابل قول الرسول في حياته ، ولم يصدر من الرسول أيّ شيء حيال هذا الاجتهاد ؟

انتظر الردّ بفارغ الصبر ، وأرجو أن يكون سريعاً .

الجواب : يمكنكم أن تبعثوا بهذه الرسالة إلى من ذكر لكم هذه الإشكالات لتكون جواباً على استفساراته :

أودّ في البداية أن الفت انتباهكم إلى أنّ المشكلة تكمن في أنّكم في مقام الاستشهاد والاستدلال تحاولون التمسّك بالأخبار والتاريخ الوارد في كتبكم ، وتجعلون ذلك حجّة علينا ، أمّا حينما تصل النوبة إلينا فلا حقَّ لنا أن نستشهد بما ورد في كتبنا ، فلماذا باؤكم تجرُّ دون بائنا ؟ وهل هذا من العدل والإنصاف ؟!

وعلى أيّ حال ما أشرتم إليه أوّلاً من انقسام الأمر إلى قسمين فهذا وجيه ، ولكن ماذا نفعل إذا كانت المخالفة في شؤون الدين ، فتعال واقرأ :

1ـ عن ابن عباس : لما حضر رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطّاب ، قال النبيّ (صلى الله عليه وآله): " هلمَّ اكتب لكم كتاباً لن تضلّوا بعده " ، قال عمر : إنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) قد غلب عليه الوجع ، وعندكم القرآن ، حسبنا كتاب الله.

فاختلف أهل البيت فاختصموا ، فمنهم من يقول : قربّوا يكتب لكم النبيّ (صلى الله عليه وآله) كتاباً لن تضلّوا بعده ، ومنهم من يقول ما قال عمر ، فلمّا اكثروا اللغو والاختلاف عند النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، قال رسول الله : " قوموا " (1) .

وينقل البخاري نفسه أنّه (صلى الله عليه وآله) قال : " آتوني بكتاب اكتب لكم كتاباً لن تضلّوا بعده أبداً " ، فتنازعوا ولا ينبغي عند نبيّ تنازع ، فقالوا : هجر رسول الله (صلى الله عليه وآله) (2) .

____________

1- صحيح البخاري 7 / 9 و 8 / 161 ، صحيح مسلم 5 / 76 ، المصنّف للصنعاني 5 / 438 ، مسند أحمد 1 / 324 .

2- صحيح البخاري 4 / 31 .


الصفحة 413


إنّه ما أعظمه من اعتراض ! وهل يوجد اعتراض أكبر من هذا يوجّه إلى النبيّ ؟ ويقابل به بهذا الشكل من الوقاحة ؟ إنّه (صلى الله عليه وآله) يطلب أن يكتب لهم كتاباً لن يضلّوا بعده أبداً ، وهل يوجد كتاب أعظم من هذا الكتاب الذي لا يضلّ بعده المسلمون ؟ ويأتي الاعتراض والردّ على النبيّ (صلى الله عليه وآله) بأنّه غلبه الوجع أو هجر ، وهل تعلم ما معنى ذلك ؟ أي أنّه يتكلّم بلا شعور ولا إدراك ، في الوقت الذي يقول عنه تعالى : { وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى } (1) ، ماذا يتصوّر من جريمة أعظم من هذه الجريمة ؟

واقبح من هذا أن يأتي المرقّع فيقول : إنّ المقصود الاستفهام ، أي أهَجَر ، وهل الاستفهام أقلّ قبحاً من نسبة الهجر إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله) من دون الاستفهام .

2ـ عن أبي وائل قال : " قام سهل بن حنيف يوم صفّين فقال : أيّها الناس اتهموا أنفسكم ، لقد كنّا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم الحديبية ، ولو نرى قتالاً لقاتلنا ، وذلك في الصلح الذي كان بين رسول الله (صلى الله عليه وآله) وبين المشركين ، فجاء عمر بن الخطّاب ، فأتى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال : يا رسول الله ألسنا على حقّ وهم على باطل ؟

قال : " بلى " ، قال : أليس قتلانا في الجنّة وقتلاهم في النار ؟ قال : " بلى " ، قال : ففيم نعطي الدنية في ديننا ونرجع ، ولمّا يحكم الله بيننا وبينهم ؟ فقال : " يا بن الخطّاب إنّي رسول الله ، ولن يضيعني الله أبداً " .

قال : فانطلق عمر فلم يصبر متغيّظاً ، فأتى أبا بكر ، فقال : يا أبا بكر ألسنا على حقّ وهم على باطل ؟ قال : بلى ، قال : أليس قتلانا في الجنّة وقتلاهم في النار ؟ قال : بلى ، قال : فعلامَ نعطي الدنية في ديننا ونرجع ، ولمّا يحكم الله بيننا وبينهم ؟

____________

1- النجم : 3 ـ 4 .


الصفحة 414


فقال : يا بن الخطّاب إنّه رسول الله ، ولن يضيعه الله أبداً ، قال : فنزل القرآن على رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالفتح ، فأرسل إلى عمر فأقرأه إيّاه ، فقال : يا رسول الله أو فتح هو ؟ قال : " نعم " فطابت نفسه ورجع " (1) .

ولا ندري ما هو الاعتراض إذا لم تكن مواجهة النبيّ (صلى الله عليه وآله) بهذه الشدّة اعتراضاً .

وقد يقول قائل : هل في المشورة بأس ؟ وهل من القبيح أن يدلي بعض الصحابة برأيه في موضوع معيّن ؟ ولماذا لا نحمل هذين الخبرين على ذلك ؟

والجواب واضح ، فإنّ التشاور يعني إبداء الرأي من دون رفض ومعارضة بخلاف الاعتراض ، فإنّه يعني الرفض والإنكار دون مجرد إبداء الرأي ، وواضح أنّه في هذين الحديثين نجد الرفض والإنكار بأعلى درجاته ، إنّه إلى حدِّ نسبة الهجر إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، وإلى حدٍّ لا يكتفي عمر بجواب الرسول (صلى الله عليه وآله) حتّى يذهب إلى أبي بكر ، وينزل القرآن بعد ذلك ، وتطيب آنذاك نفس الخليفة ، إنّه إلى حدٍّ يتغيّض على النبيّ (صلى الله عليه وآله) .

وأمّا ما أشرتم إليه من أنّه هل هناك ذمّ من الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) ؟ فجوابه : إنّ الشخص الذي تصدر منه مثل هذه المواجهة للنبي (صلى الله عليه وآله) ـ الذي هو أعظم شخصية إسلامية ـ ويسكت النبيّ (صلى الله عليه وآله) خوفاً على الإسلام من أن يصاب بثلمة بسبب الاختلاف ، فكيف بالإمام علي (عليه السلام) ؟

هل تتوقّعون منه الاعتراض والذمّ ؟ وقد صدر أكبر ذمّ منه (عليه السلام) للخليفة الثاني ، وذلك بعد موت الخليفة في الخطبة الشقشقية المعروفة ، التي من أجلها أنكرتم وأنكر أصحابكم نسبة نهج البلاغة إلى الإمام علي (عليه السلام) ، ولكن ليس وراء الحقّ إلاّ الضلال .

____________

1- صحيح مسلم 5 / 175 ، صحيح البخاري 4 / 70 و 6 / 45 ، مسند أحمد 3 / 486 .


الصفحة 415


وأمّا ما أشرتم إليه من أنّه إذا حكمت بعدم عدالة عمر فكيف زوجّه الإمام (عليه السلام) بابنته ، بعد عدم كونه كفؤاً ، فهو مضحك حقّاً ، حيث ليس لكم اطلاع على أنّ المسلم كفؤ المسلمة ، وليس العادل كفؤ العادلة ، إنّ التكافؤ لابدّ أن يكون بالإسلام وليس بالعدالة ، وبهذا تبطل جميع المقدّمات والشقوق المنطقية أو العقلية ، التي سوّدتم صحيفتكم بها .

نسأله تبارك وتعالى الهداية والتوفيق .


الصفحة 416


العولمة والحداثة :

( خليفة الرحمن . السعودية . ... )

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

السؤال : ما الفرق بين الشيعة والسنّة ؟
السؤال: اسم الله الأعظم اسم يستودعه عند خاصّة ...
هل ورد هذا الحديث بما معناه ( أن الله تعالى ينزل ...
السؤال: كيف يمكن إقناع أحد المادّيين بوجود الله ...
السؤال : لماذا يعتبر المسلمون بأنّ الكلب نجس حين ...
السؤال : هل توجد رواية في كتب أهل السنّة تبيّن ...
السؤال : ما الأدلّة على عصمة أهل البيت (عليهم ...
امرأة تحكمت بتجارة مكة وكانت مكة تتحكم بتجارة ...
السؤال : سؤالي متعلّق بالحديث الوارد عن الإمام ...
السؤال : هذه شبهة وردت في إحدى مواقع الوهّابية في ...

 
user comment