عربي
Thursday 25th of April 2024
0
نفر 0

السؤال : أُعلّق على شيء واحد : لا تصحّ قصّة قطع سيّدنا عمر لشجرة بيعة الرضوان عند المحقّقين من أهل السنّة ، والحافظ ابن حجر لو رجعتم إلى كلامه في فتح الباري ، لوجدتم أنّه قال : " ثمّ وجدت عند سعد بإسناد صحيح عن نافع أنّ عمر بلغه ... " (5) ، فالحافظ لم يصح

تعليق على الجواب السابق وجوابه :

السؤال : أُعلّق على شيء واحد : لا تصحّ قصّة قطع سيّدنا عمر لشجرة بيعة الرضوان عند المحقّقين من أهل السنّة ، والحافظ ابن حجر لو رجعتم إلى كلامه في فتح الباري ، لوجدتم أنّه قال : " ثمّ وجدت عند سعد بإسناد صحيح عن نافع أنّ عمر بلغه ... " (5) ، فالحافظ لم يصحّح إلاّ إسناد

____________

1- تاريخ اليعقوبي 2 / 160 .

2- الدرّ المنثور 1 / 21 ، تنوير الحوالك : 216 ، الجامع لأحكام القرآن 1 / 40 .

3- الطبقات الكبرى 6 / 7 ، البداية والنهاية 8 / 115 ، تذكرة الحفّاظ 1 / 7 ، الأم 7 / 358، كنز العمّال 2 / 285 ، المستدرك 1 / 102 .

4- المصنّف لابن أبي شيبة 2 / 269 ، الدرّ المنثور 6 / 73 ، شرح نهج البلاغة 12 / 101 ، فتح القدير 5 / 52 ، فتح الباري 7 / 345 ، سبل الهدى والرشاد 5 / 50 .

5- فتح الباري 7 / 345 .


الصفحة 396


القصّة إلى نافع ، لكن يبقى أنّ هناك انقطاعاً بين نافع وعمر فلا تصحّ القصّة ، هذا من حيث السند ، وقد ضعّفها غير واحد .

ومن حيث المتن : فإنّ هذه الحادثة لا يمكن أن تكون صحيحة ، لمخالفتها ما ثبت في الصحيحين ، من أنّ مكان الشجرة قد خُفي على الصحابة ، وأنّ التابعين كانوا يبحثون عنها بعد وفاة سيّدنا عمر ، ولو كان قد قطعها لانتشر خبر ذلك بينهم .

ففي صحيح البخاري : " حدّثنا محمّد بن رافع حدّثنا شبابة بن سوار أبو عمرو الفزاري ، حدّثنا شعبة عن قتادة عن سعيد بن المسيّب عن أبيه قال : لقد رأيت الشجرة ، ثمّ أتيتها بعد فلم أعرفها ، قال محمود : ثمّ أنسيتها بعد " (1) .

وفيه أيضاً : " حدّثنا محمود ، حدّثنا عبيد الله عن إسرائيل عن طارق بن عبد الرحمن قال : انطلقت حاجّاً فمررت بقوم يصلّون قلت : ما هذا المسجد ؟ قالوا : هذه الشجرة حيث بايع رسول الله (صلى الله عليه وآله) بيعة الرضوان ، فأتيت سعيد بن المسيّب فأخبرته ، فقال سعيد : حدّثني أبي أنّه كان فيمن بايع رسول الله (صلى الله عليه وآله) تحت الشجرة ، قال : فلمّا خرجنا من العام المقبل نسيناها فلم نقدر عليها ، فقال سعيد : إنّ أصحاب محمّد (صلى الله عليه وآله) لم يعلموها ، وعلمتموها أنتم فأنتم أعلم " (2) .

وفيه أيضاً : " حدّثنا موسى حدّثنا أبو عوانة ، حدّثنا طارق عن سعيد بن المسيّب عن أبيه : أنّه كان ممّن بايع تحت الشجرة ، فرجعنا إليها العام المقبل فعميت علينا " (3) .

يقول الطبري : " وزعموا أنّ عمر بن الخطّاب مر بذلك المكان بعد أن ذهبت الشجرة فقال : أين كانت ؟ فجعل بعضهم يقول : هنا ، وبعضهم يقول :

____________

1- صحيح البخاري 5 / 64 .

2- المصدر السابق 5 / 65 .

3- نفس المصدر السابق .


الصفحة 397


ههنا ، فلمّا كثر اختلافهم قال : سيروا ، هذا التكلّف فذهبت الشجرة ، وكانت سمرة ، إمّا ذهب بها سيل ، وإمّا شيء سوى ذلك " (1) .

ولم يرتض الحافظ إنكار سعيد حيث قال : " لكن إنكار سعيد بن المسيّب على من زعم أنّه عرفها معتمداً على قول أبيه ، إنّهم لم يعرفوها في العام المقبل لا يدلّ على رفع معرفتها أصلاً ، فقد وقع عند المصنّف من حديث جابر الذي قبل هذا : لو كنت أبصر اليوم لأريتكم مكان الشجرة ، فهذا يدلّ على أنّه كان يضبط مكانها بعينه ، وإذا كان يضبط موضعها ففيه دلالة على أنّه كان يعرفها بعينها ، لأنّ الظاهر أنّها حين مقالته تلك كانت هلكت إمّا بجفاف أو بغيره ، واستمر هو يعرف موضعها بعينه " (2) .

قلت : حاصل ما ذكره الحافظ أن يقال : بأنّ مكان الشجرة كان خافياً على جماهير الصحابة ، وليس هناك ما يدلّ على علم سيّدنا عمر بمكانها .

الجواب : نودّ أن نذكّركم بأنّ المقام مقام بحث وردّ وبدل ، وقرع الحجّة بالحجّة ، وليس المقام مقام إدلاء الكلام ، ورميه كيف ما كان ، فالبدء بالدليل جزء من البدء بغيره ، لأنّ الزمن أصبح زمن الدليل ، وولّى عصر الدعاوى التي لا تقوم على سند .

بالنسبة لشجرة بيعة الرضوان ، فالمروي عن نافع بسند صحيح : أنّ عمر بن الخطّاب هو الذي قطعها .

يبقى الكلام في كون نافع ـ الذي لا يعرف لـه أب ولا أُمّ ولا رسم ـ مولىً لابن عمر ، وأنّ ابن عمر هو الذي أسره في بعض الغزوات ، فالرواية مرسلة هذا ملخّص الإشكال ؟

والجواب أوّلاً : الحديث المرسل لم يقل أحد بأنّه لا يصحّ مطلقاً ، فهناك من فرّق بين إرسال كبار التابعيين وبين غيرهم ، فقد احتجّ بالمرسل مالك وأبو

____________

1- جامع البيان 26 / 112 .

2- فتح الباري 7 / 344 .


الصفحة 399


حنيفة ، وأحمد بن حنبل (1) ، ونافع من أئمّة التابعين فيمكن الاحتجاج بقولـه .

وثانياً : إنّ نافعاً لم يسند الرواية إلى عمر بن الخطّاب حتّى نقول بأنّها مرسلة ، وإنّما جزم بأنّ عمر بن الخطّاب هو الذي قطعها ، وهذا لا يعني الإرسال ، لأنّ نافعاً معاصر لابن عمر بن الخطّاب ـ وهو مولاه ـ ولكثير من الصحابة ، فيكون هذا الأمر معلوم عنده بواسطة الصحابة الذين عاصروا عمر ابن الخطّاب .

ومن خلال معاصرته لزمن قريب من زمن عمر بن الخطّاب ، فقواعد الحديث أشبهت في تطبيقها هنا ، وإنّما هو قول لنافع مولى ابن عمر في أنّ عمر بن الخطّاب هو الذي قطع الشجرة .

وثالثاً : على كُلّ تقدير ، فقد قال الإمام مالك في حقّ نافع : " إذا قال نافع شيئاً فاختم عليه " (2) .

وقال الخليلي : " نافع من أئمّة التابعين بالمدينة ، إمام في العلم متّفق عليه صحيح الرواية ، منهم من يقدّمه على سالم ، ومنهم من يقارنه به ، ولا يعرف لـه خطأ في جميع ما رواه " (3) .

وأمّا ما روي عن سعيد بن المسيّب فهو مطروح لعدّة أُمور .

أوّلاً : إنّ المبايعين تحت الشجرة بشهادة ابن المسيّب نفسه 1600 نفر ، أو 1500 نفر ، فكيف تعقل أنّ هؤلاء جميعاً نسوا مكان شجرة بيعة الرضوان ، مع أنّ مكان الشجرة يقع في الحديبية ، وهي تبعد مرحلة عن مكّة ، أي مسير

____________

1- الباعث الحثيث : 57 .

2- سير أعلام النبلاء 5 / 98 .

3- تهذيب الكمال 29 / 306 .


الصفحة 400


نصف يوم (1) ، وفي هؤلاء المبايعين كثير من المهاجرين ، الذين هم من أهل مكّة ، وهم سكنة تلك المناطق .

أقول : مع هذا كُلّه ، كيف نتصوّر أنّهم أضاعوا المكان ولا يعرفوه ؟!

بل أنّنا نجد شخصاً أنصارياً ـ وهو جابر بن عبد الله الأنصاري ـ يقول : لو كنت أبصرت اليوم لأريتكم مكان الشجرة (2) ، مع أنّه كان في زمن بيعة الرضوان شاباً يافعاً ، وهو مدني والحديبية تبعد عن المدينة تسع مراحل (3) ، ومع ذلك يقول : أنا أعرف مكانها ، وأعرف محلّها ، فما بالك بالمهاجرين ، والذين فيهم الكبار ، وهم أهل مكّة ، كيف لا يعرفونها مع هذا العدد الضخم ؟ الذي لا يقل عن 1400 نفر من المبايعين ؟!

فهذا كُلّه يشهد لصحّة كلام نافع مولى ابن عمر ، من أنّ عمر بن الخطّاب هو الذي قطعها ، ويبطل قول سعيد بن المسيّب ، بل لا يمكن تصحيح كلام سعيد بن المسيّب بتاتاً ، والقضية مشهورة عند علماء المسلمين ، وإليك بعض كلماتهم :

قال ابن أبي الحديد : " قد وجدنا في الآثار والأخبار في سيرة عمر أشياء تناسب قولـه هذا في الحجر الأسود ، كما أمر بقطع الشجرة التي بويع رسول الله (صلى الله عليه وآله) تحتها بيعة الرضوان في عمرة الحديبية ، لأنّ المسلمين بعد وفاة النبيّ (صلى الله عليه وآله) كانوا يأتونها فيقيلون تحتها ، فلمّا تكرّر ذلك أوعدهم عمر فيها ، ثمّ أمر بها فقطعت " (4) .

واثبت هذا القول ابن الجوزي في " زاد المسير " (5) ، وذكرها السيوطي في " الدرّ المنثور " (6) ، والشوكاني في " فتح القدير " (7) .

____________

1- معجم البلدان 2 / 229 .

2- صحيح البخاري 5 / 63 .

3- معجم البلدان 2 / 229 .

4- شرح نهج البلاغة 12 / 101 .

5- زاد المسير 7 / 167 .

6- الدرّ المنثور 6 / 73 .

7- فتح القدير 5 / 52 .


الصفحة 401


وأمّا ما نقلته عن الطبري فلا ربط لـه بالمقام ، إذ إنّ عمر مرّ بالمكان بعد أن ذهبت الشجرة ، والكلام هو فيمن أذهب الشجرة ؟ لا بعد ذهاب الشجرة ، ولا يوجد أيّ مستند على ذهاب السيل بها ، أو شيء آخر ، وإنّما هو كلام بلا سند .

ثمّ إنّ في رواية سعيد بن المسيّب عن أبيه عبارة وهي : " أنسيناها " أو " نسيناها "، والبخاري أورد " أتيناها " ، أي أن فعل الانساء خارج عن إرادتهم ، ولم يكن منهم ، فكأنّما الله أنساهم مكان الشجرة ، وهذا شيء فيه استفهام كبير ، إذ ما السر في انسائهم مكان شجرة التي بايعوا تحتها بيعة الحديبية .

وأمّا قولك أخيراً : " قلت : حاصل ما ذكره ... " ، فقد اتّضح ما فيه بعد وضوح كون الصحابة الذين بايعوا أكثر من أربعة عشر مائة ، ومنهم من المهاجرين ، والمكان لا يبعد عن مكّة إلاّ نصف يوم ، فكيف خفي عليهم ؟!

وكيف لم يخف على جابر بن عبد الله الأنصاري الحدث السن في تلك الأيّام ، والذي يبعد عن مكّة أربعة أيّام ونصف ، ويخفى على المهاجرين أهل البلد ؟!

هذا ملخّص ما جال في البال ، وإلاّ فللمقام كلام يطول به ، أعرضنا عنه اختصاراً .

( إبراهيم . البحرين . ... )

اعتداؤه بالقول على الرسول :

السؤال : هل وردت في كتب أهل السنّة حادثة اعتداء عمر بن الخطّاب بالقول على الرسول محمّد (صلى الله عليه وآله) قبل وفاته ؟ وبالتحديد عندما أراد الرسول (صلى الله عليه وآله) أن يكتب وصيّته .

الجواب : قد ورد اعتداء عمر بالقول على الرسول (صلى الله عليه وآله) ، ومنعه من كتابة وصيّته قبيل ارتحاله (صلى الله عليه وآله) بعبارات مختلفة ، ومضمون واحد ، يدلّ على مواجهته مع الرسول (صلى الله عليه وآله) ، وإليك نماذج تلك الأقاويل :


الصفحة 402


أ ـ إنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) يهجر (1) .

ب ـ¬ اعتراف عمر بصدّه الرسول (صلى الله عليه وآله) عن كتابة الكتاب ، حتّى لا يجعل الأمر لعلي (عليه السلام) (2) .

ج ـ¬ إنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) قد غلب عليه الوجع ، حسبنا كتاب الله (3) .

( غانم النصّار . الكويت . ... )

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

السؤال: ما معنى الإرادة التكوينية ؟ والإرادة ...
ظهور اهل التسنن
هل نزل القرآن على سبعة أحرف؟!!
السؤال : قوله (صلى الله عليه وآله) : ( علي مع الحقّ ، ...
من هو شيخ الأنبياء ومن هو سيد البطحاء وشيخ ...
السؤال: ما هو حكم الخيرة أو الاستخارة ؟ فنرى ...
السؤال : أُودّ أن افهم مدى الغلوّ في الإمام علي ، ...
السؤال : هل الإمام يعلم بالموضوعات الخارجية ...
السؤال : لماذا يعتبر المسلمون بأنّ الكلب نجس حين ...
السؤال: من هو أنس بن مالك الأنصاري ، خادم الرسول ...

 
user comment