عربي
Wednesday 24th of April 2024
0
نفر 0

السؤال : ما مدى صحّة الحديث : " خير القرون قرني ، ثمّ الذين يلونهم ، ثمّ الذين يلونهم " ؟ (1) وما هي دلالته ؟ جزاكم الله خيراً ، ونفعنا بكم .

حديث خير القرون قرني :

السؤال : ما مدى صحّة الحديث : " خير القرون قرني ، ثمّ الذين يلونهم ، ثمّ الذين يلونهم " ؟ (1) وما هي دلالته ؟ جزاكم الله خيراً ، ونفعنا بكم .

الجواب : في الجواب نشير إلى نقاط :

1ـ إنّ هذا الحديث وأمثاله لم يرد من طرق الشيعة ، وإنّما ورد من طرق أهل السنّة ، وهو لا يمكن أن يكون حجّة علينا ، لأنّ قانون المناظرة والمحاججة أن تذكر المسائل المتّفق عليها بين الطرفين ، أو أن يحتجّ بما وافق عليه الطرف الآخر ، " ألزموهم بما ألزموا به أنفسهم " (2) .

2ـ بعد الإغماض عمّا في سند هذا الحديث عند أهل السنّة ، فإنّه لا دلالة لهذا الحديث على ما يقصده أهل السنّة منه ، وذلك بادعائهم خيرية جميع الناس الموجودين في قرن النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، لأنّ قولنا : إنّ قريش أفصح العرب

____________

1- أحكام القرآن للجصّاص 1 / 615 ، تفسير القرآن العظيم 3 / 331 و 4 / 305 ، الإصابة 1 / 21 ، البداية والنهاية 6 / 283 .

2- تهذيب الأحكام 9 / 322 .


الصفحة 149


وأكرمهم ، لا يقتضي لغة وعرفاً أن يكون كُلّ واحد من آحاده كذلك ، لظهور وجود الآحاد المتّصفة بأضداد ذلك .

3ـ هذا الحديث معارض بما رواه أهل السنّة عن عمر ، قال (صلى الله عليه وآله) : " أتدرون أيّ الخلق أفضل إيماناً " ؟ قالوا : الملائكة ، قال : " وحقّ لهم بل غيرهم " ، قالوا : الأنبياء ، قال : " وحقّ لهم بل غيرهم " ، ثمّ قال : " أفضل الخلق إيماناً قوم في أصلاب الرجال يؤمنون بي ولم يروني ، فهم أفضل الخلق إيماناً " (1).

4ـ وكذلك هذا الحديث معارض بأحاديث أُخرى مثل : " مثل أُمّتي مثل المطر ، لا يدرى أوّله خير أم آخره " (2) ، وقولـه : " ليدركن المسيح أقواماً ، إنّهم لمثلكم أو خير ثلاثاً " (3) .

5ـ إن مظلومية أهل بيت النبيّ (صلى الله عليه وآله) أمر متسالم عليه ، وكُلّ ما ذكرته كتب الحديث والتاريخ ممّا جرى على فاطمة (عليها السلام) ، وعلي أمير المؤمنين والحسنين (عليهم السلام) ، كُلّ هذا كان في تلك البرهة من الزمن ، وكُلّ الفتن كانت في تلك البرهة من الزمن !!

فكيف يعبّر رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن تلك الفترة بأنّها ... ، وفيها سفكت دماء أهل بيته (عليهم السلام) ، وظلمت ابنته ، وقتل الحسن والحسين (عليهما السلام) ؟!

كُلّ ذلك ، وقد أخبر الرسول (صلى الله عليه وآله) عن ما يجري على أهل بيته بأحاديث كثيرة .

ولا تنس عزيزي القارئ فترة بني أُمية التي كانوا يسبّون فيها أمير المؤمنين علي (عليه السلام) ، ويلعنونه على المنابر .

____________

1- فيض القدير 4 / 369 ، كنز العمّال 12 / 182 ، الجامع لأحكام القرآن 4 / 172 .

2- مسند أحمد 3 / 130 و 143 و 4 / 319 ، مجمع الزوائد 10 / 68 ، مسند أبي داود : 90 و 270 ، مسند أبي يعلى 6 / 380 .

3- فتح الباري 7 / 5 ، المصنّف لابن أبي شيبة 4 / 567 و 8 / 548 .


الصفحة 150


6ـ كُلّ ما جرى من محن على أهل بيت النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، وكذلك ما جرى من فتن عمياء ، كُلّ ذلك جرى من أناس شاهدوا الرسول (صلى الله عليه وآله) ، أو شاهدوا من شاهد الرسول (صلى الله عليه وآله) ، فتكون الحجّة عليهم أكمل ، والعقاب أشدّ بكثير ممّن لم تتمّ عليهم الحجّة .

وأخيراً : فإنّ هذا الحديث وأمثاله لا يمكن أن يستند عليه باحث متجرّد عن أيّ تعصّب ، هدفه إصابة الحقّ .

إضافة إلى أنّ اختلاف الأئمة نشأ نتيجة اختلاف القرن الأوّل الذي وقعت فيه الحروب ، وسفكت الدماء وقتل بعضهم بعضاً .

( ... . ... . سنّي )

الرسول لم يصلحهم :

السؤال : لقد قرأت الكثير عن الشيعة أو الرافضة ، ولكن عندي ملاحظة على موضوع الصحابة ، واتهامكم لهم ، ألم يستطع الرسول (صلى الله عليه وآله) أن يصلح الصحابة ؟ ألم يستطع أن يحذّرنا منهم ؟ وهم من حملوا لنا رسالة الإسلام والقرآن ، وأوصلوه لنا بعد النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، ألم يستطع علي (رضي الله عنه) أن يخلّصنا منهم ؟ وهو أشجع الرجال وأقواهم .

الجواب : إنّ الشيعة ليس لها عداء شخصي وخصومة مع الصحابة ، بل وبعبارة واضحة : لا تعتقد ولا تلتزم بما سمّوه الآخرين بـ" عدالة الصحابة " ، أي لم تر أصلاً موضوعياً ـ من الكتاب والسنّة والعقل والإجماع ـ في المقام يطهّر الصحابة بأجمعهم عن الخطأ والزلل ، وهذا لم يكن اتهاماً منّا لهم ، بل هو نتيجة متابعة الدليل والعقل .

وأمّا الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) ، فهو وإن كان يستطيع أن يصلح المنحرف منهم بالقدرة الإلهية والمعجزة ، ولكن ليس هذا دأب الرسل ، ولم تكن وظيفته


الصفحة 151


تفرض عليه أن يعالج كافّة الانحرافات بالقهر والغلبة : { فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ } (1) ، وإلاّ فأين دور الامتحان والاختبار ؟!

وهكذا كان معاملة الإمام علي (عليه السلام) معهم ، فكان يداريهم ما لم يقفوا في وجه الحكومة ، ثمّ عندما أقدموا على محاربته تصدّى لهم .

وأمّا أنّ رسالة الإسلام والقرآن قد وصلت إلينا بواسطة المنحرفين من الصحابة ، فهذا بهتان عظيم ، بل أنّ المعارف والأحكام كانت لها حملة لا تأخذهم في الله لومة لائم ، وهم أهل البيت (عليهم السلام) ، والخطّ الموالي لهم في مختلف العصور والفترات دون انقطاع ، وحاش للإسلام أن يحتاج لبعض المنحرفين والمنافقين والظلمة ـ وإن تلبّسوا بزيّ الصحابة ـ في نقل ثقافته وفكره إلى الأجيال .

وهنا نشير إلى نكتة مهمّة في مقام النقض وهي : إنّ الكثير من الأنبياء والرسل السابقين على نبيّنا محمّد (صلى الله عليه وآله) ، لم يستطيعوا أن يبلّغوا رسالات ربّهم ، بل قُتلوا وشرّدوا ، فهل يصحّ لنا أن نعترض ونقول : ألم يستطيعوا أن يصلحوا أُمّتهم ؟!

القضية ليست قضية استطاعة وعدمها ، وإنّما اختبار وامتحان ، فالأنبياء والرسل بعثوا ليوضّحوا للناس البينات ، { وَلَقَدْ جَاءكُم مُّوسَى بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ ... } (2) ، { وَلَقَدْ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلاَّ الْفَاسِقُونَ } (3) ، وذلك : { لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ } (4) .

____________

1- الغاشية : 21 ـ 22 .

2- البقرة : 92 .

3- البقرة : 99 .

4- الأنفال : 42 .


الصفحة 152


وثمّة مسألة أُخرى وهي : إنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) نوّه إلى مسألة ما سيحدث بعده من الاختلاف بين الصحابة ، وأن بعضهم سيضرب رقاب بعض ، وأنّهم سيرجعون بعدّه مرتدّين .

قال(صلى الله عليه وآله): إنّكم محشورون إلى الله تعالى ... ، ويؤخذ بقوم منكم ذات الشمال ، فأقول : يا ربّ أصحابي ! فيقال لي : إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك ، لم يزالوا مرتدّين على أعقابهم مذ فارقتهم ، فأقول كما قال العبد الصالح : { كُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا توفّيتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ ... } (1) .

وقال(صلى الله عليه وآله): " ليردن عليّ الحوض رجال ممّن صحبني ورآني ، حتّى إذا رفعوا إليّ ورأيتهم اختلجوا دوني ، فلأقولن : ربّ أصحابي أصحابي ؟ فيقال : إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك " (2) .

وقال(صلى الله عليه وآله): " بينا أنا قائم فإذا زمرة ، حتّى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال : هلمّ ، فقلتُ : أين ؟ قال : إلى النار والله ، قلتُ : ما شأنهم ؟ قال : إنّهم ارتدّوا بعدك على أدبارهم القهقري ، ثمّ إذا زمرة ... فلا أراهم يخلص منهم إلاّ مثل همل النعم ، فأقول : أصحابي أصحابي ، فقيل : إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك ، فأقول : بُعداً بُعداً ـ أو : سحقاً سحقاً ـ لمن بدّل بعدي " (3) .

____________

1- المائدة : 117 ، مسند أحمد 1 / 235 و 253 ، صحيح البخاري 4 / 110 و 143 و 5 / 192 و 240 و 7 / 195 ، صحيح مسلم 8 / 157 .

2- مسند أحمد 5 / 48 ، صحيح البخاري 7 / 208 ، صحيح مسلم 7 / 70 ، المصنّف لابن أبي شيبة 7 / 415 ، مسند ابن راهويه 1 / 379 .

3- صحيح البخاري 7 / 208 ، كنز العمّال 11 / 132 ، تاريخ مدينة دمشق 8 / 108 .


الصفحة 153


( السيّد يوسف البيومي . لبنان . 25 سنة . طالب جامعة وحوزة )

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

من هو شيخ الأنبياء ومن هو سيد البطحاء وشيخ ...
السؤال: ما هو حكم الخيرة أو الاستخارة ؟ فنرى ...
السؤال : أُودّ أن افهم مدى الغلوّ في الإمام علي ، ...
السؤال : هل الإمام يعلم بالموضوعات الخارجية ...
السؤال : لماذا يعتبر المسلمون بأنّ الكلب نجس حين ...
السؤال: من هو أنس بن مالك الأنصاري ، خادم الرسول ...
السؤال: يقول المعصوم (عليه السلام) : " لولا الحجّة ...
السؤال : متى يظهر الإمام المهديّ (عليه السلام) ؟ ...
السؤال: إذا كان الله في كُلّ مكان ، كما قال الإمام ...
السؤال : أُريد أن تتفضّلوا عليّ بذكر الأحاديث من ...

 
user comment