عربي
Friday 29th of March 2024
0
نفر 0

المعنى اللغوي للصحبة

الفصل الاَول


المعنى اللغوي للصحبة


قال الخليل الفراهيدي : (كلّ شيء لاءَم شيئاً فقد استصحبه ، والصحابة : مصدر صاحَبَكَ ، الصاحب يكون في حالٍ نعتاً ولكنّه عمّ في الكلام فجرى مجرى الاسم) (1).
وقال الجوهري : (كلّ شيء لاءَم شيئاً فقد استصحبه . اصطحب القوم : صَحِبَ بعضهم بعضاً . أصحب : إذا انقاد بعد صعوبة) (2).
وقال الراغب الاَصفهاني : (الصاحب : الملازم... ولا فرق بين أن تكون مصاحبته بالبدن وهو الاَصل والاَكثر ، أو بالعناية والهمة .
ويقال لمالك الشيء : هو صاحبه ، وكذلك لمن يملك التصرّف فيه .
والمصاحبة والاصطحاب أبلغ من الاجتماع ، لاَجل أنّ المصاحبة تقتضي طول لبثة، فكل اصطحاب اجتماع، وليس كل اجتماع اصطحاباً)(3).

____________
1) ترتيب كتاب العين ، للفراهيدي : 440 مؤسسة النشر الاِسلامي قم 1414 هـ ط1 .
2) الصحاح ، للجوهري 1 : 162 دار العلم للملايين 1407 هـ ط2 .
3) مفردات ألفاظ القرآن ، للراغب الاصفهاني : 275 المكتبة المرتضوية 1373 هـ .


( 10 )

وعلى نحو هذا سار معظم أصحاب اللغة ، ومن خلاله يكون معنى الصاحب هو : الملائم والمعاشر والملازم والمتابع ، ولا يتم ذلك إلاّ باللقاء والاجتماع .
الصحبة في القرآن الكريم :
المعنى اللغوي للصحبة كما تقدم ورد في القرآن الكريم في ألفاظ متعددة تشترك في معنى متقارب ، وهو المعاشرة والملازمة المتحققة بالاجتماع واللقاء واللبث ، دون النظر إلى وحدة الاعتقاد أو وحدة السلوك ، فقد أطلقها القرآن الكريم في خصوص المعاشرة بين مؤمن ومؤمن ، وبين مؤمن وكافر ، وبين كافر وكافر ، وقد أشار إلى ذلك ابن كثير في تفسيره (1) .
أولاً : الصحبة بين مؤمن ومؤمن
قال الله تعالى حكاية عن موسى عليه السلام في حديثه مع العبد الصالح : (قالَ إن سألتُكَ عن شيءٍ بعدَها فلا تُصاحِبني ) (2).
فقد أطلق القرآن الصحبة على الملازمة بين موسى عليه السلام والخضر عليه السلام .
ثانياً : الصحبة بين ولد ووالدين مختلفين بالاعتقاد
قال تعالى : ( وإن جاهَدَاكَ على أن تُشرِكَ بي ما ليسَ لَكَ بهِ عِلمٌ فلا تُطعهما وصاحِبهُما في الَّدُنيا معرُوفاً ) (3).

____________
1) تفسير القرآن الكريم ، لابن كثير راجع تفسير الآيات المذكورة .
2) سورة الكهف 18 : 76 .
3) سورة لقمان 31 : 15 .


( 11 )

ثالثاً : الصحبة بين رفيقي سفر
قال تعالى: (... والجارِ ذي القُربى والجارِ الجُنُب والصَّاحِبِ بالجَنبِ...)(1)
رابعاً : الصحبة بين تابع ومتبوع
قال تعالى : (... ثاني اثنين إذ هُما في الغارِ إذ يقُولُ لصاحِبِهِ لا تَحزَن إنّ اللهَ معنَا ) (2) .
خامساً : الصحبة بين مؤمن وكافر
قال تعالى : (... فقالَ لصاحبهِ وهوَ يُحاوِرُهُ أنا أكثرُ مِنكَ مالاً وأعزُّ نفراً... قالَ لهُ صاحبُهُ وهو يُحاورُهُ أكفَرتَ بالّذي خَلَقَكَ مِن تُرابٍ ) (3).
سادساً : الصحبة بين النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقومه وإن كانوا كافرين
قال تعالى : ( ما ضَلَّ صاحِبُكُم وما غَوى ) (4).
وقال تعالى: ( أولَمْ يَتَفَكَّرُوا مابصاحِبِهِم مِن جِنَّةٍ إن هوَ إلاّ نذيرٌ مُبينٌ )(5).
سابعاً : الصحبة بين كافر وكافرين
قال تعالى : ( فنادَوا صاحِبَهُم فَتَعاطى فَعَقَر ) (6).

____________
1) سورة النساء 4 : 36 .
2) سورة التوبة 9 : 40 .
3) سورة الكهف 18 : 34 ـ 37 .
4) سورة النجم 53 : 2 .
5) سورة الاَعراف 7 : 184 .
6) سورة القمر 54 : 29 .


( 12 )

ووردت كلمة (أصحاب) في القرآن الكريم تدل على معنى اللبث والمكوث ومنها : أصحاب الجنة ، وأصحاب النار ، وأصحاب الكهف ، وأصحاب القرية ، وأصحاب مَدْين ، وأصحاب الاَيكة .
ووردت في العلاقة الاضطرارية الوقتية كما في خطاب يوسف عليه السلام لصاحبيه في السجن : ( يا صاحِبَي السِجنِ ) (1).
فالصاحب كما ورد في الآيات الكريمة المتقدمة يعني المعاشر والملازم ، ولا تصدق المعاشرة والملازمة إلاّ باللقاء والاجتماع واللبث معاً .
وبالتوفيق بين المعنى اللغوي عند علماء اللغة ، وبين الآيات القرآنية ، يكون معنى الصاحب هو : من كثرت ملازمته ومعاشرته ، وهذا ما نصّ عليه بعضهم كصدّيق حسن خان حيث قال : (اللغة تقتضي أنَّ الصاحب هو من كثرت ملازمته) (2).
الصحبة في الحديث النبوي :
أُطلق لفظ الصحابي ـ في الروايات ـ على كلِّ من صحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من المسلمين، سواء كان مؤمناً به واقعاً وحقيقة ، أو ظاهراً ، فكان اللفظ شاملاً للمسلم المؤمن وللمسلم المنافق ، سواء كان مشهوراً بنفاقه أو غير مشهور.

____________
1) سورة يوسف 12 : 39 .
2) قواعد التحديث ، محمد جمال الدين القاسمي : 200 دار الكتب العلمية 1399 هـ ط1 ـ بيروت ـ عن كتاب : حصول المأمول لصديق حسن خان : 65 .


( 13 )

فحينما طلب عمر بن الخطّاب من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يقتل عبدالله بن أُبي بن سلول ـ المنافق المشهور ـ قال صلى الله عليه وآله وسلم : « فكيف يا عمر إذا تحدَّث الناس أنَّ محمّداً يقتل أصحابه ؟ » (1).
وحينما طلب عبدالله بن عبدلله بن أُبي من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يقوم بنفسه بقتل والده أجابه صلى الله عليه وآله وسلم بالقول: « بل نترفق به ، ونحسن صحبته ما بقي معنا »(2).
فقد أطلق صلى الله عليه وآله وسلم لفظ الصحابي ليشمل حتّى من اشتهر بفسقه كعبدالله ابن أُبي بن سلول ، وأطلقه أيضاً على المستور نفاقهم ، فقال صلى الله عليه وآله وسلم : « إنَّ في أصحابي منافقين » (3).
المعنى الاصطلاحي للصحابي :
وردت عدّة آراء في خصوص المعنى الاصطلاحي لصحابي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
الرأي الاَوّل : لا يشترط أصحاب هذا الرأي كثرة الملازمة والمعاشرة مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في إطلاق لفظ الصحابي ، بل يكتفون بها ولو كانت ساعة أو كانت مجرد رؤية .
ففي رواية عبدوس بن مالك العطّار عن أحمد بن حنبل أنّه قال :
____________
1) السيرة النبوية ، لابن هشام 3 : 303 . والسيرة النبوية ، لابن كثير 3 : 299 . وبنحوه في : صحيح البخاري 6 : 192 . وأسباب نزول القرآن ، للواحدي : 452 .
2) السيرة النبوية ، لابن هشام 3 : 305 . والسيرة النبوية ، لابن كثير 3 : 301 . وبنحوه في : الطبقات الكبرى ، لابن سعد 2 : 65 . وأسباب نزول القرآن : 453 .
3) مسند أحمد 5 : 40 . وتفسير القرآن العظيم ، لابن كثير 2 : 399 .


( 14 )

(أفضل الناس بعد أهل بدر القرن الذي بعث فيهم ، كل من صحبه سنة أو شهراً أو يوماً أو ساعة أو رآه ، فهو من أصحابه) (1).
ومن القائلين بهذا الرأي البخاري : (ومن صحب النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو رآه من المسلمين فهو من أصحابه) (2).
وقال علي بن المديني : (من صحب النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو رآه ولو ساعة من نهار فهو من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم ) (3).
وقال ابن حجر العسقلاني : (الصحابي من لقي النبي صلى الله عليه وآله وسلم مؤمناً به ومات على الاِسلام ، فيدخل فيمن لقيه من طالت مجالسته له أو قصرت ، ومن روى عنه أو لم يرو ، ومن غزا معه أو لم يغز ، ومن رآه رؤية ولو لم يجالسه ، ومن لم يره لعارض كالعمى) (4).
وذهب ابن حزم الاندلسي إلى هذا الرأي ، ولكنّه قيّده بعدم النفاق ، فقال: (أمّا الصحابة رضي الله عنهم فهو كلّ من جالس النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولو ساعة ، وسمع منه ولو كلمة فما فوقها ، أو شاهد منه عليه السلام أمراً يعيه ، ولم يكن من المنافقين الذين اتصل نفاقهم واشتهر حتى ما توا على ذلك ، ولا مثل من نفاه عليه السلام باستحقاقه ، كهيت المخنّث ، ومن جرى مجراه ، فمن كان كما وصفنا أولاً فهو صاحب... ووفد عليه جميع البطون من جميع القبائل
____________
1) العدّة في أُصول الفقه ، للفرّاء الحنبلي 3 : 988 ـ الرياض 1410 هـ ط2 .
2) فتح الباري 7 : 3 .
3) فتح الباري 7 : 3 .
4) الاِصابة ، لابن حجر العسقلاني 1 : 4 دار الكتب العلمية .


( 15 )

وكلهم صاحب) (1) .
وقيد (لم يكن من المنافقين الذين اتصل نفاقهم واشتهر) مخالف لما ورد من روايات أطلق فيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إسم الصحابي على المنافق المشهور وغيره .
وتابع زين الدين العاملي رأي المشهور من المحدِّثين فقال : (الصحابي: من لقي النبي صلى الله عليه وآله وسلم مؤمناً به ومات على الاِسلام ، وإن تخللت ردّته بين كونه مؤمناً وبين كونه مسلماً على الاَظهر ، والمراد باللّقاء ما هو أعم من المجالسة والمماشاة ووصول أحدهما إلى الآخر ، وإن لم يكالمه...) (2) .
ووزّع الحاكم النيسابوري الصحابة على طبقات ، وذكر في الطبقة الثانية عشرة : (صبيان وأطفال رأوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم الفتح وفي حجة الوداع... ومنهم أبو الطفيل عامر بن واثلة) (3).
ومن خلال هذه الاَقوال يصدق معنى الصحابي على كلِّ من صحب النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولو ساعة من الزمان ، ورآه وإن لم يكلّمه ، سواء كان رجلاً كبيراً أو امرأة أو طفلاً صغيراً ، ويشترط فيه الاِسلام الظاهري فيشمل المؤمن والمنافق .
الرأي الثاني : الصحابي من عاصر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وإن لم يره .

____________
1) الاِحكام في أصول الاَحكام ، لابن حزم الاندلسي 5 : 86 دار الجيل ـ بيروت 1407 هـ ط2 .
2) الدراية ، زين الدين العاملي : 120 مطبعة النعمان ـ النجف الاَشرف .
3) معرفة علوم الحديث ، للحاكم النيسابوري : 24 دار الكتب العلمية 1397 هـ ط2 .


( 16 )

وذهب إلى هذا الرأي يحيى بن عثمان بن صالح المصري ، فقال : (إنّ الصحابي من عاصره فقط) ، وقال : (وممن دفن : أي بمصر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ممن أدركه ولم يسمع به : أبو تميم الجيشاني ، واسمه عبدالله بن مالك ، كان صغيراً محكوماً بإسلامه تبعاً لاَحد أبويه) (1)
وعلى هذا الرأي فإنّ الصحابي يطلق على جميع من عاصر النبي صلى الله عليه وآله وسلم من المسلمين كباراً وصغاراً وإن لم يروه ، وبعبارة اُخرى ، إنّ جميع المسلمين في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم هم من الصحابة ، وكذا من يحكم بإسلامهم تبعاً لاَحد الاَبوين .
الرأي الثالث : رأي الاصوليين .
الصحابي في رأي الاصوليين : هو من رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم واختص به ، واتبعه أو رافقه مدة يصدق معها اطلاق (صاحب فلان) عليه بلا تحديد لمقدار تلك الصحبة .
نقل هذا الرأي محمد أمين المعروف بأمير بادشاه ونسبه إلى جمهور الاَصوليين (2) .
ونسب الآمدي هذا الرأي إلى عمر بن يحيى وآخرين لم يذكر أسماءهم (3) .
وذهب إلى هذا الرأي الغزالي ، فقال : (لا يطلق إلاّ على من صحبه ، ثم
____________
1) تيسير التحرير ، لمحمد أمير بادشاه 3 : 67 ـ دار الفكر .
2) تيسير التحرير 3 : 66 .
3) الاِحكام في أصول الاَحكام 2 : 321 .


( 17 )

يكفي للاسم من حيث الوضع الصحبة ولو ساعة ، ولكن العرف يخصص الاسم بمن كثرت صحبته) (1).
لكن سعيد بن المسيب جعل حدّاً معلوماً في أحد شرطين ، إذ كان لايعدّ في الصحابة إلاّ من أقام مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم سنة فصاعداً أو غزا معه غزوة فصاعداً (2) .
وقد اعترض البعض على هذا الرأي ، ومنهم ابن حجر العسقلاني ، فقال : (والعمل على خلاف هذا القول ، لاَنّهم اتفقوا على عدّ جمعٍ جمٍّ في الصحابة لم يجتمعوا بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم إلاّ في حجة الوداع) (3).
واعترض ابن حزم الاَندلسي على هذا الرأي فقال : (... وهذا خطأ بيقين ، لاَنّه قول بلا برهان ، ثم نسأل قائله عن حد التكرار الذي ذكر وعن مدة الزمان الذي اشترط) (4).
وعند متابعة الكتب المؤلفة في الصحابة نجد أنّ كثيراً من المذكورين فيها لم يروا أو يصحبوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلاّ ساعات أو أيام معدودة ، بل أنّ بعضهم كان طفلاً صغيراً كجرير بن عبدالله وغيره .
الرأي الرابع : أنّ الصحابي هو : من صحب النبي صلى الله عليه وآله وسلم وطالت صحبته وأخذ عنه العلم .
نسب أبو يعلى الفرّاء الحنبلي إلى عمرو بن بحر الجاحظ أنّه قال : (إنّ
____________
1) المستصفى ، للغزالي 2 : 261 المدينة المنورة 1413 هـ .
2) فتح الباري 7 : 2 .
3) فتح الباري 7 : 2 .
4) الاِحكام في أُصول الاَحكام 5 : 86 .


( 18 )

هذا الاسم إنّما يُسمى به من طالت صحبته للنبي صلى الله عليه وآله وسلم واختلاطه به ، وأخذ عنه العلم) (1) .
والذي قيل في هذا الرأي : إنّ طول الصحبة ليس شرطاً في إطلاق التسمية على من صحبه ، لاَنّه يلزم إخراج كثير من الذين سُموا صحابة عن الصحبة ، واشتراط أخذ العلم أيضاً يستلزم تضييق عدد الصحابة وإخراج الكثير منهم لاَنّهم لم يأخذوا العلم منه (2).
تقييم الآراء :
قد عرفنا أن المعنى اللغوي ـ الذي عليه استعمالات مادة «صحب» في الكتاب والسُنّة ـ لا يصدق إلاّ حيث تصدق «المعاشرة» و «الملازمة» ، ومن الواضح عدم صدق هذه المعاني على مجرّد «المعاصرة» أو «الرؤية» .
فالمفهوم اللغوي لهذه اللفظة مقيَّد بأنْ تكون «المصاحبة» في زمان تصدق فيه «المعاشرة» ، كما أنه مطلق من حيث الاِيمان وعدمه ، إذ يصدق على كلّ من لازم شخصاً أنّه صاحبه ، وإنْ لم يكن مثله أو تابعاً له في الفكر والعقيدة ، وكذا من حيث التعلّم منه والاَخذ عنه ، وعدمه ، نعم طول الملازمة وكثرة المعاشرة مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقتضيان الايمان به واقعاً والاَخذ عنه والتعلّم منه ، إلاّ أن تكون المعاشرة والملازمة لاَغراضٍ اُخرى.
وأمّا ما أصطلح عليه الجمهور من أنّ مجرّد الرؤية كافٍ في اطلاق
____________
1) العدة في أصول الفقه 3 : 988 .
2) راجع العدة في أصول الفقه 3 : 989 .


( 19 )

الصحبة فيحتاج إلى دليلٍ مقبول .
وقد يشهد بما ذكرنا ما روي عن أنس بن مالك ، وقد سُئل : (هل بقي من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم غيرك ؟ قال : ناس من الاَعراب رأوه ، فأما من صحبه فلا) وإنْ حاول ابن كثير توجيهه قائلاً : (وهذا إنّما نفى الصحبة الخاصة ، ولا ينفي ما اصطلح عليه الجمهور من أنّ مجرد الرؤية كافٍ في إطلاق الصحبة) (1).
إنّ ما اصطلح عليه الجمهور يحتاج إلى دليلٍ مقبول ـ كما أشرنا ـ وإلاّ فإنّ مجرّد عدّهم جماعةً لم يروا النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلاّ رؤيةً في الصحابة لا يكون دليلاً ، ودعوى الاتفاق منهم على ذلك غير مسموعة مع وجود الخلاف والاَقوال العديدة في المسألة .
وعلى الجملة ، فإنّه بناءً على أن يكون للمسألة أثر في العمل ، فلا بدّ من الاقتصار على ما ذكرناه حتى يقوم الدليل الصحيح على خلافه فيكون هو المتّبع ، والله العالم .

____________
1) الباعث الحثيث في شرح اختصار علوم الحديث ، للحافظ ابن كثير : 175 دار الكتب العلمية 1403 هـ ط1 .

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

عصر ظهور المذاهب الاسلامية
واقع ﺍﻏﺘﻴﺎﻝ ﻋﺎﺋﺸﺔ
أمير المؤمنين شهيد المحراب
كربلاء ؛ حديث الحق والباطل
الشيعة وإحياؤهم ليوم عاشوراء
في تقدم الشيعة في علم الصرف ، وفيه صحائف -2
تأملات وعبر من حياة أيوب (ع)
تاريخ الثورة -6
من مناظرات الامام الصادق(عليه السلام)
من خير الناس بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله ...

 
user comment