الولاء والبراءة بالموقف والعمل وليس بالنيّة:
و«الولاء» و «البراءة» ليس بمعني ان يضمر الاءنسان الحبّوالبغض والاءقبال والاءدبار، واءنّما هما موقفان بكلّ ما في الموقفمنمعني.
ولربّما يكون اصدق كلمة في التعبير عن هذين الموقفين هذهالجملة القوية والمؤثّرة في زيارة عاشوراء: «اءنّي سلم لمن سالمكم وحربلمن حاربكم وولي لم والاكم وعدوّ لمن عاداكم».
ومساحة هذا «السلم» و «الحرب» من اولياء الحسين(ع) واعداءالحسين(ع) ليست عاشوراء او كربلاء فقط، واءنّما مساحة التاريخوالمجتمع... وعامل هذا البسط والسعة هو «الرضا» و«السخط»، فنفهممن زيارة عاشوراء، هذا الوعي الدقيق للموقف من التاريخ والمجتمع.
«لعن الله اُمّةً قتلتكم ولعن اللهالممهّدين لهم بالتمكين».
وهاتان طائفتان تمتدان علي مساحة واسعة من المجتمع. وتضيفزيارة وارث طائفة ثالثة اءلي دائرة اللعن والبراءة.
«ولعن الله اُمّة سمعت بذلك فرضيت به».
فلا يبقي بعد هذه التوسعة مساحة من التاريخ او المجتمع لا يشملهاموقف «السلم» و «الحرب» و «الولاء» و «البراءة» الذي تحدثنا عنه.
«عاشوراء» اءذن بطاقة اءنتهاء اءلي كلّ من هاتين الجبهتينالمتصارعين علي اءمتداد التاريخ، جبهة الحقّ وجبهة الباطل، وجبهةالتوحيد وجبهة الشرك.
والاءنتهاء اءلي كل من هاتين الجهتين يتمّ من خلال عاملين، هما«العمل» و «الرضا».
الرضا الضحل والرضا العميق:
هذا كلّ اءذا كان «الرضا» صادقاً، فان الاُمنية الكاذبة، والرغبة الكاذبة،والحبّ الضحل لا يُدخل الاءنسان في دائرة الولاء ولا يخرجه عن دائرةالبراءة.
ولا يكون الرضا السخط صادقين اءلاّ اءذا اقترنا بالعزم والعمل.
اما عند ما يكون «الرضا» و «السخط» مجردين عن الموقفوالعزم والعمل فلا قيمة لمثل هذا الرضا والسخط.
وكان الشاعر الفرزدق ؛ دقيقاً في وعي هذه الحقيقة عندما سالهالحسين(ع) عما وراءه في العراق بعد ان غادر الحسين(ع) الحجاز اءليالعراق في ذي الحجة سنة ستين هجرية، فاجابه علي الخير وقعت«قلوبهم معك، وسيوفهم عليك».
فان القلوب اءذا افترقت عن السيوف. فكانت القلوب في جانبالحسين(ع) والسيوف في جانب بني اُمية وخاضعة لاءرادتهم وسلطانهم..فسوف لن يكون بوسع هذه القلوب.
ان تُخرج اصحابها من دائرة «اعداء الله» وتُدخلهم في دائرة«اولياءالله».
وقد وجدنا انّ هذا الحبّ الضحل والضعيف الذي كان يضمره الناسفي العراق يومئذٍ للحسين(ع) لم يخرجهم من جبهة بني اُمية ولم يُدخلهميومئذٍ في جبهة الحسين(ع).
وليس بوسعنا نحن ان نضع (ولاءنا) في التاريخ والمجتمع في مثلهذا الموضع الضحل من الرضا والسخط والحبّ والبغض، واءنّما نواليالذين صدقوا في رضاهم وحبّهم لاولياء الله وصدقوا في سخطهم وبغضهملاعداء الله.
نسال الله تعالي ان يرزقنا حبّ اوليائه والرضا بمواقفهم وبغضاعدائه، والسخط عليهم، وان يرزقنا الصدق في هذا الرضا والسخطوالحبّ والبغض جميعاً.