عربي
Thursday 18th of April 2024
0
نفر 0

سماع واسماع صوت المرأة

سماع واسماع صوت المرأة :
يطرح بهذه المناسبة سؤال وهوهل ان سماع صوت المراة جائز ؟ أم لا ؟ وقد طرح هذا السؤال بشكل إجمالي في بحث سابق ولتتميمه يجب رعاية نكتتين ، الأولى هي انه هل ان سماع صوت المرأة جائز أم لا ؟ والثانية : هل يجوز للمرأة ان تسمع صوتها للآخرين أم لا ؟ فهناك بحث يتعلق بالسماع وبحث آخر يتعلق بالاسماع ، هناك ناحية مشتركة في هاتين المسألتين حيث ان كليهما ممنوع في تلك الناحية المشتركة ، وهناك ناحية مختصة حيث ان كليهما مأذون فيها وفي الحقيقة ان البحث له ثلاث حالات :
الحالة الأولى : ان الرجل إذا أراد سماع صوت المرأة بقصد التلذذ


 


والريبة فقد ارتكب معصية ، ولكن لأن المرأة لم تتكلم بهذا القصد وتتكلم للقيام بعمل عادي لذا فالاسماع ليس له حرمة عليها . فما هو حرام هو السماع بتلذذ أو ريبة . والاسماع ليس حراماً . إلا أن تفهم المرأة ان الرجل يسمع كلامها بقصد التلذذ حيث يجب ان تتجنب المرأة من باب حرمة التعاون على الاثم .
الحالة الثانية : هي أن تريد المرأة ان تتكلم بقصد تهييج وتحريك الأجنبي . فاسماعها حرام ، وإذا سمع الرجل بهذا القصد يصبح مبتلى بالحرمة أيضاً .
الحالة الثالثة : هي ان تتكلم المراة بشكل عادي وليس قصدها تحريك وتهييج ، والرجل يسمع بشكل عادي وليس قصده التلذذ والريبة ، هنا السماع جائز والاسماع ليس ممنوعاً .
وقال عدد في حرمة الاسماع : إذا أرادت المراة أن توصل صوتها إلى أجنبي بقصد التهييج والتحريك ، فقد ارتكبت حراماً واستدلوا بهذه الآية :
( فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض ) (1) .
هذا الاستدلال فيه اشكالان أحدهما وارد والآخر غير وارد .
اما الاشكال غير الوارد فهو ان صدر هذه الآية خاص بنساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وفي صدر الآية هناك :
( يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض ) .
حيث يتضح من صدر الآية ان هذا الحكم من مختصات نساء
____________
(1) سورة الأحزاب ، الآية : 32 .


 


النبي صلى الله عليه وآله وسلم . طبعاً لعله يمكن الأجابة بسهولة عن هذا الاشكال بأن هذا هو لتأكيد المسالة ، وإلا فهذا الحكم ليس خاصاً بنساء النبي ويشمل جميع النساء .
اما الاشكال الوارد فهو ان النبي له دلالة على الحرمة ( فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض ) وفي موضع آخر قال :
( وقلن قولاً معروفاً ) (1) .
أي تكلمن كلاماً جيداً ، وفي موضع آخر يقول : ( فلا تخضعن بالقول ) أي أدين الكلام جيداً بحيث لا يكون محتوى كلامكن محركاً ولا تكون كيفية أداء كلامكن مهيجة .
لا شك ان الاسماع أي ايصال الصوت إلى سمع الرجل إذا كان بقصد التهييج والتحريك فهو حرام ، والفتوى أيضاً على هذا ، ولكن هذه المسألة خارجة عن محل البحث ، لأن البحث ليس في ان تقرأ المرأة ، أو ان امرأة توصل صوتها إلى سمع الناس بقصد التهييج والتحريك ، بل إن البحث في أن امرأة تريد ان تدرس أو تريد أن تعظ .
إن المرأة تستطيع ان تدريس المسألة الاقتصادية والحقوقية فيصبح طلابها قضاة ، وان كانت لا تستطيع هي ان تكون قاضياً ، المرأة تستطيع ان تدرس الفقه في مستوى عالٍ فيصبح طلابها مراجع تقليد وان كانت لا تستطيع ان تكون مرجع تقليد . وهو بناء على أن الذكورة تكون شرط في المرجعية وإلا إذا قيل ان تكون المرأة مرجع تقليد للنساء فهذا ليس فيه محذور ، إن إذا أرادت ان تكون مرجع تقليد للعموم ، في حالة ان لا يكون هناك اختلاط عمومي أو أمثال ذلك فذلك له محل بحث الغرض هو رغم ان
____________
(1) سورة الأحزاب ، الآية : 32 .


 


البعض ادعوا الاجماع أو الشهرة ، ولكن هناك محل لبحث تحليلي ـ أما ما مر سابقاً فكان ان الاسماع إذا لم يكن يقصد التهييج او التحريك . فهو جائز ، كما أن السماع إذا لم يكن بقصد التلذذ والريبة فهو جائز .

رأي الشهيد الأول :
بعض الفقهاء كالمرحوم الشهيد الأول ـ رضوان الله تعالى عليه ـ لديهم كلام حاد في هذا المجال فقد قال في متن اللمعة ـ باب النكاح ـ :
( وكذا يحرم على المرأة ان تنظر إلى الأجنبي أو تسمع صوته إلا لضرورة ـ كالمعاملة والطب ) (1) ـ .
لذا احتمل بعض فقهائنا ان تكون هذه النسخة من اللمعة غلطاً وقال : ( والمظنون ان نسخة اللمعة غلط ) وإلا فمن المستبعد ان تصدر مثل هذه الفتوى من فقيه كالشهيد الأول .

الحجاب حق إلهي :
هناك شبهة في أذهان بعض الأشخاص وهي أنهم يتصورون أن الحجاب هو محدودية للمرأة وحصار أوجدته لها العائلة والارتباط بالزوج . وعلى هذا فالحجاب علامة ضعف وتحديد للمرأة (2) .
ان حل هذه الشبهة وتبيين الحجاب في رؤية القرآن الكريم هو ان المرأة يجب ان تدرك بشكل كامل ان حجابها لا يتعلق بها فقط حتى تقول إنني صرفت النظر عن حقي ، حجاب المراة لا يتعلق بالرجل حتى يقول الرجل انني راضٍ ، حجاب المرأة ليس مالك العائلة حتى يعطي اعضاء العائلة موافقة ، حجاب المرأة هو حق إلهي ، لذا نرى في العالم الغربي والمناطق
____________
(1) شرح اللمعة ، ج 5 ، ص 99 .
(2) مستمسك العروة الوثقى ، مبحث جواز النظر في النكاح .


 


المبتلية بالقانون الغربي إذا تلوثت المرأة المتزوجة وأعطى زوجها رضى ، تعلن قوانينهم ان الملف أغلق ، أما في الإسلام فليس هكذا ، حرمة المرأة لا تختص بالمرأة نفسها وليست هي للزوج ولا هي خاصة بأخيها وأبنائها . كل هؤلاء إذا وافقوا فالقرآن لا يرضى ، لأن حرمة المرأة وحيثية المرأة مطروحة بوصفها حق الله ، والله سبحنه خلق المرأة برأسمال العاطفة ، حتى تكون معلمة للرقة وتأتي بدعوة العاطفة ، إذا ترك مجتمع ما درس الرقة و العاطفة هذا وذهب وراء الغريزة والشهوة يبتلى بنفس الفساد الذي ظهر في الغرب ، لذا ليس لشخص حق أن يقول انني وافقت على عدم الحجاب ، يتضح مما يقوله القرآن الكريم أن عصمة المرأة ، هي حق الله ، وجميع أعضاء العائلة وأعضاء المجتمع وخاصة المرأة نفسها هم أمناء أمانة إلهية . المرأة مطروحة بنظر القرآن بوصفها أمينة حق الله . أي ان هذا المقام وهذه الحرمة والحيثية التي هي حق الله ، أعطاه للمرأة وقال لها ان تحفظ حقه هذا بوصفه أمانة ، عند ذلك يظهر المجتمع بالشكل الذي ترونه في إيران ، صبرت إيران حتى آخر لحظة ولم تقم بالعمل الذي يكون على خلاف العاطفة والرقة والرأفة والرحمة . مع أن أعداءنا اعتبروا قتل الأبرياء والمدنيين مشروعاً منذ اللحظة الأولى للهجوم على المناطق السكنية .
ان المجتمع الذي يحكم فيه القرآن ، هو مجتمع العاطفة ، وسرّه هو أن نصف المجتمع يتولاه معلموا العاطفة ، والأمهات هن اللاتي يدرسن الرأفة والرقة سواء شئنا أم أبينا ، وسواء عرفنا أم لم نعرف . والرأفة والرقة مؤثرة في جميع المسائل (1) .
____________
(1) بحار الأنوار ، ج 103 . ص 238 .


 


فلسفة الحجاب في القرآن :
بناء على هذا فليس هناك فرق بين المرأة والرجل في أي قسم وأي بعد من الإبعاد للسير إلى مدارج الكمال ، ولكن يجب أن تكو الأفكار قرآنية ، أي كما ان القرآن جمع بين الكمال والحجاب والفكر والعفاف ، نجمع نحن أيضاً في النظام الإسلامي بين الكتاب والحجاب ، أي ان تعظمة المرأة هي في :
( ان لا يرين الرجال ولا يراهن الرجال ) .
عندما يتكلم القرآن الكريم بشان الحجاب يوقل إن الحجاب عبارة عن نوع من الاحترام والحرمة للمرأة في ان لا ينظر إليها غير المحارم بنظرة حيوانية ، لذا يرى النظر إلى النساء غير المسلمات بدون قصد الفساد جائزاً وعلة ذلك هي ان النساء غير المسلمات ليس لهن حظ من هذه الحرمة .
إذا كان شخص عاجزاً عن تشخيص قواعد القيم ، من الممكن ان يعتبر الحجاب قيداً ـ معاذ الله ـ في حين ان القرآن الكريم عندما يذكر مسألة لزوم الحجاب يقول :
( ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ) (1) .
إنما يبين علة وفلسفة ضرورة الحجاب هكذا :
( ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين ) (2) .

نتيجة البحث :
إن المرأة والرجل متساويان في المعايير الأساسية ، وهناك مجموعة
____________
(1) سورة النور ، الآية : 31 .
(2) سورة الأحزاب ، الآية : 59 .


 


مزايا للرجل وهي مزايا تنفيذية وفي مقابلها مسؤوليته اكثر أيضاً ، فلو لم يقم بتلك المسؤولية يكو وزره أكثر . بناء على هذا نستنتج أولاً : أن التهم التي لصقوها بالإسلام وقالوا ان الإسلام حرم نصف المجتمع من كثير من الحقوق ، غير صحيحة ، ثانياً : إن ذكر المرأة على أنها مظهر ضعف وحقارة هي تعصبات وتقاليد جاهلية انتشرت في ثقافة المجتمعات الإسلامية منذ القديم ، وهذه يجب أن ترفع . ثالثاً : إذا شعر شخص بأن المراة يجب أن لا تستفيد من العلوم والوسائل التربوية وأمثالها التي تقدم للمجتمع خدمات قابلة للعرض ، فيجب صرف النظر عن هذا الاعتقاد ولتحصل الرغبة بأن تتعلم المرأة كالرجل هذه العلوم والمعارف ، وتخدم المجتمع ، إلا في المحل الذي جعل للرجل بشكل استثنائي . رابعاً : أن ( وعاشروهن بالمعروف ) ليس لها اختصاص بالمسائل داخل المنزل ، بل هي جارية في كل المجتمع ، والمسألة الخامسة هي ان المرأة في مقابل الرجل غير المرأة في مقابل الزوج ، أي أن المرأة يجب أن تمكن في مقابل الزوج ، أما المرأة في مقابل المجتمع ، فهي مثل أي فرد من أفراد المجتمع ، وفي المسائل العائلية تكون المرأة احياناً قواماً وقيوماً والرجل يجب أن يطيع ، فالابن يجب ان يطيع الأم ولو كان في مستوى عالٍ من التخصص العلمي .
ملاحظة : رغم ان هناك شبهات قابلة للطرح في مسألة تساوي المراة والرجل ، ولكن بملاحظة القواعد العامة المذكورة ومعرفة الخطوط الاساسية لنظام القيم في الإسلام ، وتبيين محور السعادة والشقاء ، يكون جوابها واضحاً .

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

آداب المجلس
كيف تجلب المحبة الزوجية
الانهزام والتراجع
الشيخ علي سلمان يدعو الشعب البحريني الى استمرار ...
صيدلية كاملة اسمها.. الفلفل!!
في رحاب نهج البلاغة (التّاريخ في مجال السّياسة) – ...
الملح يتلف خلايا الجسم
الحر.. قد يؤذي القلب
المرأة في الإسلام ومن خلال نهج البلاغة – الأول
شهر رمضان شهر الألفة وموسم تناسي الأحقاد وجمع ...

 
user comment