عربي
Friday 19th of April 2024
0
نفر 0

تحرير اءرادة‌ الاُمة‌

1 ـ تحرير اءرادة‌ الاُمة‌:

يستخدم‌ الطغاة‌ عادة‌ سلاحين‌ مؤثرين‌ في‌وجه‌ تحرّك‌ الاُمة‌ وتمردهاورفضها للظلم‌ .

وهما سلاح‌ (الاءرهاب‌) و (الاءفساد)، ومن‌ خصائص‌ هذين‌السلاحين‌، انهما يسلبان‌ الاُمة‌ الاءرادة‌ والقدرة‌ علي‌ التحرك‌ والوعي‌والاءدراك‌.

ومن‌ اولي‌ مستلزمات‌ كل‌ حركة‌ (الوعي‌) و(الاءرادة‌)، وعندما يفقدالاءنسان‌ بصيرته‌ واءرادته‌ يفقد كل‌ قدرة‌ للتحرّك‌، ويستسلم‌ للواقع‌ الفاسد،ويتكيّف‌ معه‌، وعند ذلك‌ يسيطر الطاغية‌ وفئته‌ علي‌ اءرادة‌ الاُمة‌ ووعيهاومصيرها، وحتي‌ علي‌ ذوقها واخلاقها واعرافها، ويتم‌ مسخ‌ شخصية‌الاُمة‌ بصورة‌ كاملة‌ في‌كل‌ ابعادها، ويتحكّم‌ الطاغية‌ في‌ كل‌ شي‌ء في‌ حياة‌الاُمة‌، ولا تملك‌ الاُمة‌ تجاه‌ الطاغية‌ غير الطاعة‌ والانقياد والاستسلام‌.

والي‌ هذه‌ الحقيقة‌ يشير القرا´ن‌ الكريم‌ في‌ علاقة‌ فرعون‌ بقومه‌وعلاقتهم‌ بفرعون‌: (فَاسْتَخَف‌َّ قَوْمَه‌ُ فَأَطَاعُوه‌ُ اءِنَّهُم‌ْ كَانُواْ قَوْماً فاسقِين‌َ).

اءن‌ّ فرعون‌ تمكّن‌ من‌ ان‌ يستخف‌ّ قومه‌، وان‌ يسلبهم‌ وعيهم‌واءرادتهم‌ وقيمهم‌ بالاءرهاب‌ والاءفساد؛ وبذلك‌ تمكّن‌ من‌ ان‌ يمسخ‌شخصيتهم‌ مسخاً كاملاً، واستاصل‌ من‌ نفوسهم‌ كل‌ قدرة‌ علي‌ الوعي‌والتفكير، فضلاً عن‌ الاءرادة‌ والمقاومة‌ والرفض‌. وبهذه‌ الصورة‌ استطاع‌فرعون‌ ان‌ يكسب‌ طاعتهم‌، (فاطاعوه‌).

وهذه‌ الطريقة‌ هي‌ الطريقة‌ المفضّلة‌ لائمة‌ الضلال‌ في‌ اكتساب‌ طاعة‌الناس‌ وولائهم‌، ويقوم‌ هذا الولاء والطاعة‌ عادة‌ علي‌ حطام‌ شخصية‌ الاُمة‌.

عند ذلك‌ يعيش‌ الحكّام‌ من‌ ائمة‌ الضلال‌ في‌ راحة‌ تامة‌ من‌ ناحية‌الرعيّة‌، لايقلقهم‌ شي‌ء من‌ جانبهم‌، ويتحول‌ الناس‌ الي‌ قطيع‌ من‌المتملقين‌ والمتزلفين‌ والراضخين‌، وينقلب‌ في‌ نفوسهم‌ الوعي‌ والاءرادة‌الي‌ الاتجاه‌ الذي‌ يطلبه‌ الحكّام‌، فيحبّون‌ ما احبّوا ويريدون‌ ما ارادوا،وهكذا تتم‌ عملية‌ المسخ‌ والانقلاب‌ في‌ شخصية‌ الاُمة‌. وبهذه‌ الصورة‌تتكون‌ في‌ الاُمة‌ طبقتان‌:

1 ـ طبقة‌ المستكبرين‌: وهم‌ الحكّام‌ من‌ ائمة‌ الضلال‌ ومن‌ يرتبط‌ بهم‌ومن‌ ينتفع‌ منهم‌ من‌ «الملا»، الذين‌ يستعلون‌ علي‌ الناس‌، ويستكبرون‌في‌ الارض‌، ويتحكّمون‌ في‌ حياة‌ الناس‌ واءرادتهم‌ ومصيرهم‌، وحتي‌اذواقهم‌ واخلاقهم‌، ويضعون‌ انفسهم‌ في‌ مركز السيادة‌ والحاكمية‌ من‌حياة‌ الاءنسان‌ من‌ دون‌ الله، ويستعلون‌ علي‌ الناس‌ ويفسدون‌ في‌ الارض‌،وهؤلاء هم‌ الطاغوت‌، الذين‌ يتجاوزون‌ حدود العبودية‌ والطاعة‌ للهتعالي‌ الي‌ الاستكبار والسيادة‌ والحاكمية‌ من‌ دون‌ الله، والاءفساد في‌حياة‌الناس‌.

2 ـ طبقة‌ المستضعفين‌: الذين‌ يستخفّهم‌ الطاغوت‌ (يسلبهم‌ ثقلهم‌في‌موازين‌ الاءنسانية‌)، ويستضعفهم‌ (يسلبهم‌ القدرات‌ والاءمكانات‌والكفاءات‌ التي‌ منحهم‌ الله تعالي‌ لهم‌)، وتتحول‌ هذه‌ الطبقة‌ الواسعة‌ الي‌طبقة‌ تابعة‌، ومنقادة‌، ومستسلمة‌ للامر الواقع‌، وتفقد خصائصها وقيمهاالاءنسانية‌ كافة‌، وتتحول‌ الي‌ اداة‌ طيّعة‌ لتنفيذ كل‌ ما يمليه‌ عليها الطاغوت‌.

واوّل‌ ما تفقد هذه‌ الطبقة‌ وعيها واءرادتها، ومن‌ ثم‌ تفقد كل‌ شي‌ء في‌حياتها مما منحها الله تعالي‌ من‌ القيم‌ والكفاءات‌.

(خَتَم‌َ اللَّه‌ُ عَلَي‌' قُلُوبِهِم‌ْ وَعَلَي‌' سَمْعِهِم‌ْ وَعَلَي‌' أَبْصَارِهِم‌ْ غِشَاوَة‌ٌ).

ولاءنقاذ هؤلاء لابد من‌ تحرير وعيهم‌ واءرادتهم‌ من‌ اسر الطاغوت‌، اءن‌الطاغوت‌ يسلبهم‌ (الوعي‌) و(الاءرادة‌) عن‌ طريق‌ (الاءرهاب‌)و(الاءفساد)، ولاءنقاذهم‌ من‌ قبضة‌ الطاغوت‌ واسره‌ لابدّ من‌ اءعادة‌ (الوعي‌)و(الاءرادة‌) اءليهم‌ قبل‌ كل‌ شي‌ء، حتي‌ ينظروا الي‌ الاُمور والاشخاص‌بوعيهم‌ الذي‌ اعطاهم‌ الله، لا من‌ خلال‌ ما يحبّه‌ الطاغوت‌ ويكرهه‌، وحتي‌يتمكّنوا من‌ ان‌ ياخذوا القرار لانفسهم‌ بانفسهم‌، لا ان‌ يتخذ الطاغوت‌القرار بالنيابة‌ عنهم‌ ولهم‌.

ولقد واجه‌ الحسين‌(ع) واقعاً اجتماعياً وسياسياً سيّئاً من‌ مثل‌ هذاالواقع‌، تمكن‌ فيه‌ بنو اُمية‌ من‌ مسخ‌ شخصية‌ الاُمة‌ مسخاً كاملاً، ومصادرة‌قيمها وقدراتها ووعيها واءرادتها. واسوا ما كان‌ في‌ هذا المسخ‌ والتحويل‌ان‌ القدرة‌ والقوّة‌ التي‌ منحهم‌ الاءسلام‌ اءيّاها تحوّلت‌ في‌ نفوس‌ هؤلاء،وبفعل‌ بني‌ اُمية‌ الي‌ قوة‌ للقضاء علي‌ الاءسلام‌، والسيف‌ الذي‌ سلّحهم‌ به‌رسول‌ الله لقتال‌ اعداء الاءسلام‌، تحوّل‌ في‌ ايديهم‌ اءلي‌ اداة‌ لمحاربة‌ ابناءرسول‌ الله واوليائهم‌ دون‌ اعدائهم‌.

وكان‌ هذا هو جوهر المسخ‌ الحضاري‌، الذي‌ تم‌ّ علي‌ يد بني‌ اُمية‌في‌حياة‌ هذه‌ الاُمة‌.

والي‌ هذا المعني‌ يشير الاءمام‌ الحسين‌(ع) في‌ خطبته‌ الثانية‌ يوم‌عاشوراء امام‌ جمهور جيش‌ ابن‌ سعد:

«سللتم‌ علينا سيفاً لنا في‌ ايمانكم‌، وحششتم‌ علينا ناراً  اقتدحناها علي‌ عدوّناوعدوّكم‌، فاصبحتم‌ الباً لاعدائكم‌ علي‌ اوليائكم‌ بغير عدل‌ افشوه‌ فيكم‌ ولا امل‌ اصبح‌لكم‌ فيهم‌».

فكيف‌ جرت‌ ـ ياتري‌ ـ هذه‌ الانتكاسة‌ الخطيرة‌ في‌ نفوس‌ هؤلاءالناس‌، حتي‌ عادت‌ سيوفهم‌ التي‌ مكّنهم‌ الاءسلام‌ منها لمحاربة‌ البغاة‌الظالمين‌ في‌ وجه‌ ابن‌ رسول‌ الله (ص)، الزكي‌ الطاهر الامين‌، ولصالح‌سلطان‌ ابن‌ معاوية‌ الفاسق‌ السكّير، الذي‌ كان‌ لا يشك‌ في‌ فجوره‌ وفسقه‌وشربه‌ وفحشه‌ احد من‌ المسلمين‌؟

وكيف‌ جرت‌ ـ ياتري‌ ـ هذه‌ الانتكاسة‌ الخطيرة‌ في‌ حياة‌ الناس‌، حتي‌تخالفت‌ قلوب‌ هؤلاء الناس‌ وسيوفهم‌، كما قال‌ الفرزدق‌ الشاعر؛للحسين‌(ع): (اءن‌ قلوبهم‌ معك‌ وسيوفهم‌ عليك‌)؟ ثم‌ توافقت‌ قلوبهم‌وسيوفهم‌ علي‌ ابن‌ رسول‌ الله، واهل‌ بيته‌ واصحابه‌ المقيمين‌ للصلاة‌،والا´مرين‌ بالمعروف‌ والناهين‌ عن‌ المنكر.

وكيف‌ تحوّلت‌ هذه‌ القوة‌ التي‌ منحهم‌ الاءسلام‌ اءيّاها، والمركزية‌والسيادة‌، والموقع‌ الممتاز الذي‌ اكتسبوه‌ بالاءسلام‌، الي‌ قوة‌ ضاربة‌ لصالح‌اعدائهم‌ ضد اوليائهم‌؟

فقد جعل‌ منهم‌ الاءسلام‌ قوة‌ كبري‌ بين‌ الاُمم‌، ومنحهم‌ موقعاً ممتازاًعلي‌ وجه‌ الارض‌، واخرجهم‌ من‌ دائرة‌ الخمول‌، وسلّط‌ عليهم‌ الضوء.ولكن‌ لست‌ ادري‌ ماذا حل‌ّ بهذه‌ الاُمة‌ من‌ سوء حتي‌ تحوّلت‌ هذه‌ القوة‌والمركزية‌، كلها لصالح‌ اعدائهم‌ علي‌ اوليائهم‌؟ وعاد من‌ جديد اُولئك‌الذين‌ كانوا يحاربون‌ هذا الدين‌ الي‌ مراكزهم‌ القيادية‌ في‌ المجتمع‌،مستفيدين‌ من‌ كل‌ هذه‌ القوة‌، والمركزية‌ والنفوذ، والسلطان‌، الذي‌ جاء به‌الاءسلام‌، واصبح‌ دعاة‌ هذا الدين‌ وقادته‌، الذين‌ حملوا هذا الدين‌ في‌موضع‌ الاتهام‌ والمحاربة‌ من‌ قبل‌ الاُمة‌، تقاتلهم‌ بالسيف‌ الذي‌وضعه‌الاءسلام‌ في‌ ايديهم‌.

وما اروع‌ تعبير الاءمام‌ واصدقه‌ بهذا الصدد «سللتم‌ علينا سيفاً لنا في‌ايمانكم‌!».

وذلك‌ كلّه‌ من‌ غير ان‌ ينقلب‌ هؤلاء الذين‌ كانوا يحاربون‌ الاءسلام‌ في‌الامس‌ القريب‌، عن‌ مواقعهم‌ العدائية‌ من‌ الاءسلام‌ ومن‌ هذه‌ الاُمة‌. فلا زالوايحملون‌ بين‌ جنبيهم‌ روح‌ الجاهلية‌، ويمارسون‌ اخلاقها وعاداتهاويعملون‌ علي‌ استئصال‌ القيم‌ الاءسلامية‌، في‌ هذه‌ الاُمة‌ الناشئة‌، ونشر الظلم‌والرعب‌ والفساد في‌ اوساطها «بغير عدل‌ افشوه‌ فيكم‌، ولا امل‌ اصبح‌ لكم‌فيهم‌».

وكانت‌ هذه‌ الاُمة‌ في‌ جاهليتها ضعيفة‌، خاملة‌ الذكر، منسيّة‌، راكدة‌، لاتكاد تجد في‌ حياتها حركة‌ او عزماً او قوّة‌ علي‌ المواجهة‌، فاستثار الاءسلام‌كوامن‌ الحركة‌، والقوة‌، والعزم‌، والانطلاق‌ والبناء في‌نفوس‌ هؤلاء الناس‌،واستخرج‌ الاءسلام‌ كنوز القدرة‌ والحركة‌والثورة‌ في‌ نفوسهم‌.

وتحوّلت‌ هذه‌ الاُمة‌ الراكدة‌ الي‌ حركة‌ حضارية‌ علي‌ وجه‌ الارض‌ في‌التاريخ‌، تحرق‌ الجبابرة‌ والطغاة‌، ولكن‌ ما اسرع‌ ما انتكست‌ هذه‌ الاُمة‌؛فتحوّلت‌ هذه‌ الحركة‌، والقوة‌، والانطلاقة‌ التي‌ استثارها الاءسلام‌ باتّجاه‌عكسي‌ تماماً، للقضاء علي‌ حَمَلة‌ هذا الدين‌، ودعاته‌، واوليائه‌، ولصالح‌الطبقة‌ المترفة‌ التي‌ كانت‌ تحارب‌ هذا الدين‌ بالامس‌ القريب‌، وتحمل‌حتي‌ اليوم‌، معها الي‌ الاءسلام‌ رواسب‌ الجاهلية‌، وافكارها، وعاداتها،وسلوكها!

«وحششتم‌ علينا ناراً اقتـدحناها علي‌ عدوّنا وعدوّكم‌».

ولا نعرف‌ فيما يصيب‌ الاُمم‌ من‌ الما´سي‌، ماساة‌ ا´لم‌ وافجع‌ من‌ ان‌ينقلب‌ الاءنسان‌ علي‌ نفسه‌؛ فيؤثر ضرّه‌ علي‌ نفعه‌، وفساده‌ علي‌ صلاحه‌،ويحارب‌ اولياءه‌ ويتحبّب‌ الي‌ اعدائه‌.

ولقد اصاب‌ المسلمين‌ في‌ هذه‌ الفترة‌ ماساة‌ من‌ مثل‌ هذه‌ الماساة‌.

والاءمام‌ يعبّر عن‌ المه‌ العميق‌ بهذه‌ الكلمة‌ المشجية‌:

«وَيْحَكم‌! اهؤلاء تعضدون‌، وعنّا تتخاذلون‌؟»

اءنّنا  لا نشك‌ في‌ ان‌ الاُمة‌ قد تعرّضت‌ في‌ هذه‌ الفترة‌ لردّة‌ٍ حضارية‌عجيبة‌، من‌ قبيل‌ ما يقول‌ تعالي‌: (أَفَاءن‌ مَّات‌َ أَوْ قُتِل‌َ انقَلَبْتُم‌ْ عَلَي‌' أَعْقَابِكُم‌ْ).

وا´ية‌ هذه‌ الردّة‌ الحضارية‌ التي‌ تنتكس‌ فيها الاُمة‌ هو ان‌ يتحول‌الاولياء في‌ حياة‌ الاُمة‌ الي‌ موضع‌ الاعداء، ويتحوّل‌ الاعداء الي‌ موضع‌الاولياء.

وعندما يتبادل‌ هذان‌ القطبان‌: (الولاية‌ والبراءة‌) في‌حياة‌ الناس‌مواضعهما، وياخذ كل‌ منهما موضع‌ الا´خر، فاءن‌ هذه‌ الاُمة‌ تواجه‌ امراًيختلف‌ عن‌ اي‌ امر ا´خر، وهذا الامر هو الانقلاب‌ الحضاري‌ الشامل‌ (اوالردّة‌ الحضارية‌ اءذا كان‌ هذا الانقلاب‌ باتّجاه‌ رجعي‌).

والاُمة‌ في‌ هذه‌ تتنكر لنفسها وتنقلب‌ عمّا هي‌ عليه‌ الي‌ شي‌ء ا´خر؛فاءن‌ هوية‌ الاُمة‌ وشخصيتها بالولاء والبراءة‌، وعندما يتحول‌ الولاء الي‌موضع‌ البراءة‌ والبراءة‌ الي‌ موضع‌ الولاء؛ فاءن‌ هذه‌ الاُمة‌ تواجه‌ حالة‌انتكاسة‌ خطيرة‌.

وهذا هو ما يشير اءليه‌ الاءمام‌ في‌ خطابه‌ لجيش‌ بني‌ اُمية‌ يوم‌ عاشوراء:«فاصبحتم‌ الباً لاعدائكم‌ علي‌ اوليائكم‌».

وهذه‌ الحالة‌ التي‌ يصح‌ ان‌ نعبّر عنها بان‌ّ الاءنسان‌ يتنكّر فيها لنفسه‌، اويعادي‌ نفسه‌. فاءن‌ الاءنسان‌ عندما يتودّد الي‌ عدوّه‌، ويساعده‌ ويعينه‌ فاءنمايعينه‌ علي‌ نفسه‌، ولا يمكن‌ ان‌ يقدم‌ الاءنسان‌ علي‌ مثل‌ ذلك‌، اءلا اءذا تنكّرلنفسه‌ ونسي‌ نفسه‌.

والتعبير القرا´ني‌ بهذا الصدد دقيق‌ ومعبّر:

(وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِين‌َ نَسُوا اللَّه‌َ فَأَنسَاهُم‌ْ أَنفُسَهُم‌ْ).

اءن‌ّ الذي‌ ينسي‌ الله يُنسيه‌ نفسه‌، والذي‌ يتنكّر لله ينكر الله نفسه‌ عليه‌.

والاءنسان‌ في‌ هذه‌ الحالة‌، من‌ السقوط‌ والتردّي‌، اءنّما يخسر نفسه‌،وشر انواع‌ الخسارة‌ ان‌ يخسر الاءنسان‌ نفسه‌. فاءذا خسر الاءنسان‌ نفسه‌ يفقدكل‌ راس‌ ماله‌، ولا يبقي‌ له‌ شي‌ء بعد ذلك‌ يرجو منه‌ خيراً.

يقول‌ تعالي‌: ( وَمَن‌ خَفَّت‌ْ مَوَازِينُه‌ُ فَأوْلَئك‌َ الَّذِين‌َ خَسِرُواْ أَنفُسَهُم‌ بِمَا كَانُواْبِـَا´يَاتِنَا يَظْلِمُون‌َ).

ويقول‌ عزّ شانه‌: (قُل‌ْ اءِن‌َّ الْخَاسِرِين‌َ الَّذِين‌َ خَسِرُوا أَنفُسَهُم‌ْ وَأَهْلِيهِم‌ْ يَوْم‌َالْقِيَامَة‌ِ).

وخسارة‌ النفس‌ تختلف‌ عن‌ ايّة‌ خسارة‌ اُخري‌، فاءن‌ الربح‌ والخسارة‌هما الزيادة‌ والنقصان‌ فيما يملك‌ الاءنسان‌ مع‌ بقاء المحور: (الانا). فكلمايكتسب‌ الاءنسان‌ من‌ فائدة‌ مادية‌ او معنوية‌ يدخل‌ في‌ حساب‌ (الربح‌)،وكلما يفقد الاءنسان‌ من‌ المواهب‌ المادية‌ والمعنوية‌ التي‌ ا´تاه‌ الله تعالي‌يدخل‌ في‌ حساب‌ (الخسارة‌)، وتزيد الخسارة‌ كلما تهبط‌ درجة‌ الخسارة‌اكثر تحت‌ الصفر.

ولكن‌ في‌هذه‌ الاحوال‌ جميعاً يحتفظ‌ الاءنسان‌ بـ (الانا) الذي‌ هوالمحور الذي‌ تدور حوله‌ الارباح‌ والخسائر.

فاءذا خسر الاءنسان‌ هذا المحور اي‌: خسر نفسه‌، لا ما يملك‌ من‌مواهب‌ مادية‌ ومعنوية‌، وسقط‌ هذا المحور كان‌ هو الخسران‌ الاكبر، الذي‌لا تشبهه‌ خسارة‌ اُخري‌.

والي‌ هذا المعني‌ من‌ الخسارة‌ يشير القرا´ن‌ الكريم‌ بكلمة‌ (وخَسِرُواأَنفُسَهُم‌ْ) في‌ اكثر من‌ ا´ية‌ ونلتقي‌ في‌ القرا´ن‌ تعبيراً  ا´خر عن‌ هؤلاء الناس‌الذين‌ يخسرون‌ انفسهم‌ في‌ الحياة‌ الدنيا وهو (ظلم‌ النفس‌).

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

الحجّ في نصوص أهل البيت(عليهم السلام)
وصول الامام الحسین(ع) الى کربلاء
دعاء الامام الصادق عليه السلام
الصلوات الكبيرة المروية مفصلا
الشفاعة فعل الله
أخلاق أمير المؤمنين
اللّيلة الاُولى
قال الإمام الحسين (عليه السلام): (اللهم إني لا ...
دروس من مواقف أبي ذر (رضوان الله علیه)
الإمام الصادق (ع)

 
user comment