عربي
Thursday 25th of April 2024
0
نفر 0

طبعاً في المسائل الفقهية التي تتولى تقسيم العمل وتشرح المسائل التنفيذية ، هناك يذكرون أي الأعمال شرطها الذكورة. والأنوثة مانعة ، ولكن هذا يتعلق بالأعمال التنفيذية . أما في البحوث التفسيرية ، الكلامية ، الفلسفية والعرفانية ، فليس هناك أي بحث عن الذكورة أو

طبعاً في المسائل الفقهية التي تتولى تقسيم العمل وتشرح المسائل التنفيذية ، هناك يذكرون أي الأعمال شرطها الذكورة. والأنوثة مانعة ، ولكن هذا يتعلق بالأعمال التنفيذية . أما في البحوث التفسيرية ، الكلامية ، الفلسفية والعرفانية ، فليس هناك أي بحث عن الذكورة أو الأنوثة ، بل هي تتعلق بإنسانية الإنسان .
بناء على هذا ، إذا كان الكلام هو عن تهذيب الروح ، فالروح ليست مذكراً ولا مؤنثاً ، فالكلام هو عن عدم الذكورة والأنوثة ، ولذا لا يأتي بحث التساوي ويبين بسهولة وذلك الجزء من القرآن الذي تشعر كلماته بالذكورة عدة طائفة من الآيات :
بناء على هذا تقسم آيات القرآن الكريم إلى عدة طوائف :
الطائفة الأولى : هي الآيات التي لا تختص بصنف خاص مثل الآيات التي طرح فيها الناس أو الإنسان ، أو ذكرت بلفظ ( من ) .
الطائفة الثانية : هي الآيات التي تتكلم على الرجل ، مثل الآيات التي استعمل فيها ضمير جمع المذكر السالم ، والآيات التي استفيد المذكر فيها من لفظ ( ناس ) ، وأمثال ذلك ، كأن يقول : ( يعلمكم ، يعلمهم ) .
ولكن هذا هو على أساس لغة الحوار . فحين يريدون التكلم يقولون : ان الناس يقولون كذا ، الناس يتوقعون ، الناس في الساحة الناس يصوتون . هؤلاء الـ ( ناس ) ليسوا في مقابل النساء ، بل الناس يعني ( جماهير الناس ) .
____________
(1) فروع الكافي ، ج 3 ، ص 85 .


( 83 )


فيجب عدم الاستنتاج إن القرآن له قاموس مذكري من كيفية التعبير الرائجة في قاموس الحوار والأدب .
الطائفة الثالثة : هي الآيات التي استعمل فيها لفظ الرجل والمرأة ، وهي تصرح بانه في هذه الناحية ليس في الأمر امرأة ورجل او لا يختلفان ، مثل قوله تعالى :
( من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ) (1) .
إن القرآن نزل لأجل تهذيب الروح . حين العبادة والتقرب حكم ذلك العامل ، سواء كان بدنه امرأة ، أو رجلاً ، حكمه لا يختلف ، طبعاً حين العمل والتنفيذيات ، البدن دخيل ، ويقسم البدن بشكل امرأة ورجل ، ولكن الذي يؤمن في مقام المعرفة ، ويؤمن في مقام الإرادة واخلاص النية ، في محل المعرفة والعزيمة ، في محل الجزم والعزم ، ليس هو مذكراً ولا مؤنثاً .
بناء على هذا اتضح ان هذه الأصناف ليس لها دور في المناهج التعليمية ومناهج التزكية في القرآن الكريم ، ولذا يقول تعالى بأن بدنكم هذا ( البشر الأولي ) من التراب .
( إني خالق بشراً من طين ) (2) .
أحياناً يقول من التراب ، وأحياناً يقول : من ( حمأ مسنون ) ، وأحياناً من ( من صلصال ) ، وأحياناُ ( طين ) وأمثال ذلك ، وأحياناً يقول بأن امرأة ورجلاً دخيلان في ظهروكم ( البشر الثانوي ) ، بناء على هذا ، بماذا تفخرون ؟ وإذا أردتم ان تتفاخروا ، فان فخركم هو في اللاّفخر . عامل الفخر هي التقوى فقط التي ترافق عدم الفخر وعدم التفاخر ، هذه الآية المعروفة في
____________
(1) سورة النحل ، الآية : 97 .
(2) سورة ص ، الآية : 71 .


( 84 )


سورة الحجرات تتولى قسم البدن وقسم الروح أيضاً ، ان قوله تعالى (
يا أيها الناس ) أي الناس الذين جاء القرآن لهدايتهم .
( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى ) (1) .
أي انكم إذا أردتم الفخر بالبدن فان الرجل خلق من امرأة ورجل والمرأة أيضاً ولدت من امرأة ورجل ، لا ان خلق بدن الرجل أفضل من خلق بدن المرأة ولا بالعكس . حيث انه إذا أراد شخص أو صنف أو عرق التفاخر على عرق آخر ، يقال له أيضاً ان كل فريق منكم هو من امرأة ورجل .
من حيث مسألة العرق واللغة أيضاً قال : بانها عامل للتعارف والهوية الطبيعية ، فالإنسان لا يستطيع ان يحمل معه هوية بلده إلى أي مكان يذهب ، الوجوه . الهياكل ، اللغات واللهجات هي هوية طبيعية للإنسان وهي تعود إلى البدن أيضاً ، وإلا فالروح لا شرقية ولا غربية ، لا عرب ولا عجم و ...
( وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا ) (2) .
والهوية ليست عامل فخر أيضاً ، فإذا أراد شخص ان يتفاخر لا محل لذلك ، لأن الجميع هم من ذكر وأنثى ، والشعوب والقبائل تتعلق بالبدن ، والأرواح لها حساب منفصل « الأرواح جنود مجندة » (3) . لها واد آخر ليس فيه كلام عن الهوية وأمثالها ، ثم إذا أراد شخص ان يرتفع يجب أن يرتفع بدون تفاخر ، وذلك :
( ان أكرمكم عند الله أتقاكم ) (4) .
____________
(1) سورة الحجرات ، الآية : 13 .
(2) المصدر السابق .
(3) بحار الأنوار ، ج 61 ، ص 31 .
(4) سورة الحجرات ، الآية : 13 .


( 85 )


والآيات من هذا القبيل كثيرة سوف يشار إلى بعضها .

ذكر شواهد قرآنية (1) :
الملائكة لا مذكرة ولا مؤنثة :
المقدمة الأولى : ذكر في القرآن الكريم كمالات للملائكة ، وذكرت هذه الكمالات أيضاً للناس العلماء والواعين ـ سواء كمالات علمية أو كمالات عملية . المقدمة الثانية : إذا ثبت ان الملائكة ليست جسماً ومنزهة عن الذكورة والأنوثة يتضح الوجه المشترك للملائكة والإنسان ، وانه روح الإنسان ، لا جسمه ولا مجموع الجسم والروح .
بهاتين المقدمتين ، يتضح كما بين سابقاً ان في المسائل القيمية ليس هناك كلام عن الذكورة والأنوثة ، بل ان هذين الصنفين متساويان ، لذا فأساس القضية سالب بانتفاء الموضوع ، ولكن يرى الماديون أن هذه القضية سالبة بانتفاء المحمول . لأنهم يتصورون حقيقة الإنسان هي البدن ، والبدن أما مذكر أو مؤنث ثم يقولون : ان المرأة والرجل لا يختلفان في المسائل القيمية ، ولكن الإسلام يرى روح الإنسان تمام الحقيقة وفي نفس الوقت الذي يعد البدن ضرورياً ، يعرفّه كأداة ، لا بصفة تمام الذات ، ولا جزء الذات ، وهي يقول : إن المرأة والرجل لا يختلفان ، يعني في المسائل القيمية ليس هناك كلام عن الذكورة والأنوثة أساساً ، لا أنهما صنفان ولا يختلفان .
لأجل تأييد هذه المسألة نرى ان القرآن الكريم عندما يذكر المسائل العلمية يعرف الملائكة والعلماء بنحو واحد ويقول :
( شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائماً بالقسط لا إله


( 86 )

إلا هو العزيز الحكيم ) (1) .
في هذه الآية يسند الشهادة بوحدانية الله إلى الله سبحانه أولاّ وبعد ان ينهي الجملة الأولى يذكر الملائكة والعلماء في محل واحد ، والملائكة لا مذكر ولا مؤنث ، وفي هذه المسائل العلمية يثمن الله سبحانه شهادة الملائكة بحيث ذكر شهادتهم بعد شهادته بوحدانيته ، ثم ذكر العلماء إلى جانب الملائكة ، من هنا يتضح ان المقصود من ( أولوا العلم ) هذه ، ليس الرجال العلماء ، كما انه لا يخص النساء العالمات .
فالعالم هو الروح . والروح لا مذكر ولا مؤنث ، الروح هي التي تستطيع ان تكون كالملائكة شاهدة بوحدانية الله لا الجسم ولا مجموع الجسم والروح والوجه المشترك للملائكة والعلماء هو مقام تجرد الروح .
وقال حول ( الكمال العملي ) أيضاً في تأييد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم :
( فان الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير ) .
في هذه الآية إذا كان هناك توقف على صالح المؤمنين ، أو لم يكن فان معنى جامعاً يستفاد من هذا الآية ، وهو ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تحت ولاية الله ، والصالحون من المؤمنين أولياؤه ، الملائكة أيضاً ظهيره ، وهذا عمل صالح يصدر من مؤمن صالح . في مثل هذه الحالات يذكر المؤمنين الصالحين قبل الملائكة أحياناً ، وأحياناً يذكر الملائكة قبل العلماء ، فحين الكلام عن علم التوحيد ذكرت الملائكة قبل العلماء ( والملائكة وأولوا العلم ) ولكن حين يوجد ، العمل الصالح بالإضافة إلى العلم ، أو تذكر مساندة الرسالة ، وبعبارة أخرى حين يوجد المقام العملي بالإضافة إلى المقام العلمي ، هناك تذكر
____________
(1) سورة آل عمران ، الآية : 18 .


( 87 )


الملائكة بعد المؤمنين ، لأن هذه المجموعة من المؤمنين هي معلّمة الملائكة ، والمعلم له مقام أفضل ، لذا يذكر المتعلم بعد المعلم ، قال تعالى : (
والملائكة بعد ذلك ظهير ) (1) . هنا أيضاً جهة جامعة بين الملائكة والناس الصالحين ، وتلك الجهة الجامعة بين المؤمنين الصالحين ( ومثالها الكامل هم العترة عليهم السلام ) والملائكة ، هي الروح المجردة ، لا الروح بالإضافة إلى الجسم ولا خصوص الجسم ، وهذان نموذجان أحدهما في مسألة ( الكمال العلمي ) والآخر ( الكمال العملي ) ، ان الملائكة والناس متساويان ، والمقصود من الناس أيضاً ، تلك الكمالات الروحية والمجردات العقلية .

الملائكة منزهة عن الذكورة والأنوثة :
يطرح القرآن الكريم أحياناً كلاماً عن أنوثة الملائكة ، ولكن هذا كلام بلغة الآخرين ، في سورة النساء يقول :
( ان يدعون من دونه إلا إناثاً وان يدعون إلا شيطاناً مريداً ) (2) .
هذا ليس بمعنى ان الملائكة مؤنثة ، ان قوله تعالى : إنهم يعبدون إناثاً ، أي ان الوثنيين يتصورون الملائكة إناثاً ، أولاً . وثانياً ، انهم ـ يرون الملائكة واسطة في الفيض بشكل مستقل ، ثالثاً ، من أثر تصور الاستقلال قاموا بعبادة الملائكة ، رابعاً ، هذه هي دسيسة ووسوسة شيطان ، لذا ذكر حصرين إلى جانب بعضهما البعض وقال ( ان يدعون من دونه إلا إناثاً وان يدعون إلا شيطاناً مريداً ) ويدل هذان الحصران على انهما في طول بعضهما لا في العرض ؛ لأنه لا يمكن القبول بحصرين في عرض بعضهما البعض قال : إن
____________
(1) سورة التحريم ، الآية : 4 .
(2) سورة النساء ، الآية : 117 .


( 88 )


هؤلاء يعبدون ويدعون إناثاً فقط . بعد ذلك قال : إن هؤلاء يريدون ويدعون الشيطان فقط أي ان توهم أنوثة الملائكة مثل توهم شفاعة الملائكة ، وتوهم تأثير عبادة الملائكة ، كل هذه الثلاثة هي من شيطنة الشيطان (
وان يدعون إلا شيطاناً ) ، وهذا الشيطان هو مريد أيضاً ، أي هو متمرد ومارد ، ولأنه متمرد على الحق لذا تكون وساوسه باطلة أيضاً . فعندما ذكرت الملائكة بصفة إناث في القرآن الكريم ، أوضح إلى جانبه فوراً توهم وسوسة الشيطان ، وعندما ذكر الملائكة بصفة إناث في آية اُخرى أيضاً ، وذلك بصفة فرض حين قال :
( ألكم الذكر وله الأنثى ) (1) .
( أمّ اتّخذ ممّا يخلق بنات وأصفاكم بالبنين ) (2) .
إن هذا ليس معنى ان الملائكة إناث وأعطيتم الإناث إلى الله ، وتحبون الذكور لأنفسكم بل هو على أساس الفرض والتسليم . فحين قال ( ألكم الذكر وله الأنثى ) هذا لا يعني صحة انوثة الملائكة ، بل هو بصفة فرض وتقدير ؛ لأن القرآن الكريم أبطل صريحاً مسألة أنوثة الملائكة في آيات كثيرة :
( أم خلقنا الملائكة إناثاً وهم شاهدون ) (3) .
وفي آية أخرى :
( وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثاً اشهدوا خلقهم ستكتب
____________
(1) سورة النجم ، الآية : 21 .
(2) سورة الزخرف ، الآية : 16 .
(3) سورة الصافات ، الآية : 150 .


( 89 )


شهادتهم ويسألون ) (1) .
فهو يشجب كلتا المسألتين ، أي ان الله تعالى يقول : انه لم يخلق الملائكة إناثاً ، كما ان أولئك لم يكونوا شاهدين خلق الملائكة ( أم خلقنا الملائكة إناثاً ) والذين ( جعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثاً ) هم يظنون ذلك . ثم يقول تعالى : إن جعلهم هذا هو ظن نشأ من أثر إنكار المعاد والربوبية .
( إن الذين لا يؤمنون بالآخرة ليسمّون الملائكة تسمية الأنثى ) (2) .

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

السيد أبو الحسن جلوة الزواري
الاسرة والغزو الثقافي
هل يمكن أن نكون سعداء في حياتنا؟
الإمام الصادق عليه السلام والتفسير العرفاني
تكوين الأسرة المسلمة
ماذا يحب الرجل في المرأه ..
كلامه عليه السلام في النساء – الثاني
الغناء والرقص زمن الدولة الاموية
قصة مريم في القرآن
فصل (انقسام حقيقة الإنسان و حالاته بالاعتبار)

 
user comment