عربي
Thursday 25th of April 2024
0
نفر 0

المُناظرة الحادية والسبعون/مناظرة(1)مع بعض فضلاء حلب في أمر الصحابة -2

وهذا معاوية وبنو أُميّة لعنوا علياً(35)ثمانين سنة(36)ولم يفعل شيئاً من ذلك ، فلا لوم علينا في السب بعد أن رأينا مثل هذه الاَُمور بعضها في القرآن ، وبعضها في كتب أهل السنة منقولة مصححة ، وأما حقائق الاَُمور فهي موكولة إلى الله تعالى وهو يحكم بين عباده يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون.
تنبيه نبيه يقضي على جملة ما تكلمنا فيه ، لا شك ولا ريب أنَّ لنا مرجعاً إلى
الله وأننا هنا مسئولون كما ذكر في كتابه المجيد ، فإذا قال الباري جل وعز: لِمَ اتّبعتم أهل البيت عليهم السلام ولم تّتبعوا أبا حنيفة ؟
قلنا: لاَنّك طهَّرتهم في كتابك وجعلت ودَّهم أجر الرسالة ، وأمرنا رسولك المبلّغ عنك الذي لا ينطق عن الهوى باتباعهم ، وهم أقرب الناس إليه وأعلمهم بسنته وفي بيوتهم نزل الوحي ، وقد أجمع الكل على علمهم وطهارتهم ، ولم تأمرنا في كتابك ولا على لسان نبيك ولا قام الدليل على وجوب اتباع غيرهم.
وليت شعري إذا سألكم الباري بمثل ذلك هل يكون جوابكم سوى أنّه مجتهد ؟ فيقول الباري: أهل بيت نبيّي أيضاً كانوا مجتهدين ، فما وجه العدول عنهم بعدما أخبرتكم أنّهم مطهّرون ، وخبَّركم رسولي أن المتمسك بهم وبكتابي لن يضل أبداً ، ولم آمركم ولا رسولي باتباع غيرهم ، فلا يكون العدول عنهم إلاّ للتعصب من أوائلكم واتباع للهوى وميل إلى الحياة ، وركون منكم إلى التقليد المألوف، ولا شبهة أن الحق ثقيل ، واتباعه يحتاج إلى مزيد إنصاف وترك للهوى والتقليد المألوفين ، اللهم اكفنا شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ووفقنا للعلم والعمل بما تحبه وترضاه إنّك قريب مجيب.
تمت في سنة خمس وتسعين وتسعمائة على يد أفقر عباد
الله صالح بن محمد بن عبد الاِله السلامي غفر الله ذنوبهما آمين رب العالمين .


____________

(1) وجدنا مخطوطة هذه المناظرة ضمن مجموعة تحت رقم: 6896 في مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي قدس سره.
(2) راجع : كنز العمّال: ج10 ص 572 ح30266 ، الملل والنحل: ج1 ص29 ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج6 ص52 ، بحار الاَنوار: ج22 ص 466 ، بتفاوت.
(3) سورة النجم: الآية 3 و 4 .
(4) تقدَّمت تخريجاته .
(5) سورة الشعراء: الآية 214 .
(6) راجع : الاِحتجاج للطبرسي: ج1 ص 91 ـ 92 ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج16 ص 274 ، فتوح البلدان للبلاذري : ص 44 ، بحار الاَنوار : ج 85 ص 266.
(7) صحيح البخاري: ج5 ص 177 ، الاِمامة والسياسة لابن قتيبة: ج1 ص 19 ـ 20.
(8) راجع: صحيح البخاري: ج5 ص 177 ، أُسد الغابة: ج5 ص 524 ، الاِستيعاب: ج4 ص 1898، الاِصابة في تمييز الصحابة لابن حجر : ج 8 ص 268 ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج16 ص 214 .
(9) راجع: صحيح البخاري: ج5 ص26 ، شرح السنّة للبغوي: ج8 ص120 ح3956 ، السنن الكبرى للبيهقي: ج10 ص201 ـ 202 (كتاب الشهادات)، فضائل الصحابة لابن حنبل: ج2 ص 755 ح1324 ، كشف الغمّة للاَربلي: ج1 ص 466 .
(10) سورة الاَحزاب : الآية 57 .
(11) راجع: صحيح مسلم: ج3 ص 1259 ح 21 و 22، الملل والنحل للشهرستاني: ج1 ص 29، مسند أحمد بن حنبل: ج1 ص 222 و293 و355 ، صحيح البخاري: ج1 ص39 وج4 ص 85 و121، الكامل في التاريخ لابن الاَثير: ج2 ص 320 ، الطبقات الكبرى لابن سعد: ج2 ص 242 ـ 245، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج2 ص 55 وج6 ص51 ، بحار الاَنوار للمجلسي: ج22 ص 468 .
(12) راجع : كشف اليقين في فضائل أمير المؤمنين للحلّي : ص 462 ـ 463 ح 562 ، كشف الغمّة : ج 2 ص 46 ، بحار الاَنوار : ج 38 ص 156 ـ 157 .
وممن روى ذلك أيضاً ابن أبي الحديد المعتزلي في شرح النهج : ج 12 ص 21 و ص 78 ـ 79 : في قول الخليفة لابن عبّاس عن أمير المؤمنين عليه السلام : أظنّه لا يزال كئيباً لفوت الخلافة ، فقال له ابن عبّاس : هو ذاك ، إنه يزعم أن رسول
الله أراد الاَمر له ! فقال : يا بن عباس وأراد رسول الله صلى الله عليه وآله الاَمر له فكان ماذا ؟ إذا لم يرد الله تعالى ذلك ، إن رسول الله صلى الله عليه وآله أراد أمراً وأراد الله غيره ، فنفذ مراد الله تعالى ولم ينفذ مراد رسوله ، أو كلّما أراد رسول الله صلى الله عليه وآله كان؟!!
أقول : كيف ينسب إلى رسول
الله مخالفته لاِرادة الله تعالى ، والحال أن النبيّ صلى الله عليه وآله نفسه يدعو الناس إلى عدم مخالفة أمر الله وإرادته ، فكيف يعمل على خلاف إرادة الله، فعلى هذا يكون الخليفة أحرص من النبي صلى الله عليه وآله على تحقيق مراد الله تعالى في الاَُمة ، وهل يلتزم بذلك أحد ، هذا والقرآن ينص صريحاً في رسول الله صلى الله عليه وآله ( وَمَا ينطق عن الهوى إن هو إلاّ وحي يوحى ) النجم | 3 ، وقال تعالى: ( ولو تقول علينا بعض الاَقاويل لاَخذنا منه باليمين، ثم لقطعنا منه الوتين ) الحاقة | 46.
قال ابن أبي الحديد : وقد روي معنى هذا الخبر بغير هذا اللفظ ، وهو قوله : إن رسول
الله صلى الله عليه وآله أراد أن يذكره للآمر في مرضه ـ يعني عليّاً عليه السلام ـ فصددتُه عنه خوفاً من الفتنة ، وانتشار أمر الاِسلام ، فعلم رسول الله صلى الله عليه وآله ما في نفسي وأمسك ، وأبى الله إلاّ إمضاء ما حتم!! وهذا أيضاً مثل سابقه إن لم يكن أعظم فهل كان رسول الله لا يعلم بما يصلح المسلمين ، بحيث كان يعين لهم خليفة يكون في تنصيبه لهم فتنة تضر بالاِسلام والمسلمين، مع أنّ أمر الخلافة والاِمامة بيد الله تعالى والنبي صلى الله عليه وآله ليس هو إلاّ مبلغ كما في قوله تعالى: (يا أيّها الرسول بلّغ ما أنزل إليك من ربّك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس) ، وثانياً من أين علم أنّ الله تعالى أمضى ما حتم ؟ فإن كان يقصد بالاِمضاء الاِمضاء التكويني فالله تعالى لا يجبر العباد على أفعالهم ، وإن كان ذلك في علمه تعالى وعلى خلاف أمره وإن كان مراده بالاِمضاء الاِمضاء التشريعي فهذا يحتاج إلى علم الغيب والاِطلاع على ما في اللوح المحفوظ ، وثانياً كيف يمضي الله تعالى أمراً هو على خلاف أمره ويُعد عصياناً في حقّه ، تعالى الله عن ذلك ، فيكون الاِمام مأموماً والمأموم إماماً بين عشية وضحاها.
(13) راجع: صحيح مسلم (في آخر كتاب الوصية): ج3 ص 1259 ح22، الطبقات الكبرى لابن سعد : ج 2 ص 244 ، صحيح البخاري: ج 1 ص 39، وج7 ص 155 ـ 156 (ك المرض ب قول المريض قوموا عني)، الملل والنحل للشهرستاني : ج 1 ص 29 ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج2 ص 55 وج6 ص 51 ، بحار الاَنوار للمجلسي : ج 22 ص 473 ـ 474.
(14) راجع: التفسير الكبير للرازي: ج10 ص 50، كنز العمّال: ج16 ص 519 ح45715 وص 521 ح 45722، المحلى لابن حزم: ج7 ص 107 ، أحكام القرآن للجصاص: ج2 ص 152 ، الدر المنثور للسيوطي: ج2 ص 487 ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج1 ص 182 وج12 ص 251 ، نهج الحق وكشف الصدق: ص 281 ، الغدير للاميني: ج6 ص 211 .
(15) راجع: صحيح البخاري: ج2 ص 176 ، مسند أحمد بن حنبل: ج4 ص 438 ، نهج الحق وكشف الصدق: ص 283 .
(16) راجع: مروج الذهب للمسعودي: ج2 ص 334 ـ 336 ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج2 ص 129 .
ذكر المسعودي في مروج الذهب ج 2 ص 334 : كان السبب في صرف الوليد بن عقبة وولاية سعيد ـ على ما روي ـ انّ الوليد بن عقبة كان يشرب مع ندمائه ومغنيه من أول الليل إلى الصباح ، فلما أذنه المؤذنون بالصلاة خرج متفضلاً في غلائله ، فتقدم إلى المحراب في صلاة الصبح ، فصلى بهم أربعاً ، وقال : أتريدون أن أزيدكم ؟ وقيل : إنه قال في سجوده وقد أطال ، إشرب واسقني ، فقال له بعض من كان خلفه في الصف الاَول : ما تزيد لا زادك
الله من الخير ، والله لاَعجب إلاّ ممن بعثك إلينا والياً وعلينا أميراً ، وكان هذا القائل عتاب بن عيلان الثقفي .

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

الموت ليس إبطالاً للشخصية
أدلّة جمع القرآن القرآن في زمان الرسول ...
التجسيم عند ابن تيمية وأتباعه ق (2)
أصل فى بيان الغرض من ايجاد الخلق
بعض اقوال علماء اهل السنة والجماعة في يزيد ابن ...
مساءلة منكر ونكير
أصحاب الخمس هم أصحاب الفيء
اسلوب التفسير بالرأي
الشهادة الثالثة وجوب ام استحباب
هذا هو الرِّفْق في الإسلام

 
user comment