عربي
Wednesday 24th of April 2024
0
نفر 0

السيده زينب ... المرأة العظيمة

يُعترف للمرأة بدورها الخلفي المساعد في صناعة العظماء وإبرازهم ، حيث لاحظ العقلاء حضوراً مميّزاً للمرأة في حياة الكثيرين من العظماء والزعماء الناجحين ، فقالوا : ( خلف كلّ عظيم امرأة ) .

ولكن هل يعني ذلك إنّ حظ المرأة من العظمة هو في حدود دورها الخلفي ( اللّوجستيكي ) ؟ وإنّها غير مؤهلة للعظمة ذاتاً ؟ أم ماذا ؟

إنّ العظمة تعني وجود مواصفات نفسية عالية ، وامتلاك كفاءات ذهنية وعملية متقدّمة ، وإحداث تأثير فعلي هام على ساحة الحياة .

وبهذا المعنى للعظمة لا شيء يقصّر بالمرأة عن بلوغ درجتها . والتاريخ يخلّد لنا ذكرى العديد من النساء اللاتي ارتقين سنام العظمة وبلغن ذروتها ، كما لا يخلو حاضر البشرية من نماذج نسائية عظيمة .

وتأتي السيّدة زينب في طليعة ومقدمة النساء العظيمات في تاريخ الإنسانية .

واقع المرأة في مجتمعاتنا يحكي عمق التخلّف والانحطاط الذي انحدرنا إليه .

صبر وشجاعة

معروف إنّ المرأة تمتاز برقة المشاعر ، وشفافية العواطف ، ممّا يساعدها على القيام بدور الأمومة الحانية ؛ لذلك يكون تأثيرها العاطفي أسرع وأعمق من الرجل غالباً .

وإذا كانت تلك الحالة تمثّل الاستعداد الأولي في نفس المرأة ، فلا يعني ذلك إنّها تأسر المرأة وتقعد بها عن درجات الصمود والصبر العالية .

فبإمكان المرأة حينما تمتلك قوّة الإرادة ، ونفاذ الوعي ، وسمو الهدف أن تضرب أروع الأمثلة في الصبر والشجاعة أمام المواقف الصعبة القاسية .

وهذا ما أثبتته السيّدة زينب في مواجهتها للآلام والأحداث العنيفة التي صدمتها في باكر حياتها ، وكانت هي الختم لسنوات عمرها .

لقد أبدت السيّدة زينب تجلّداً وصبراً قياسياً في واقعة كربلاء ، وما أعقبها من مصائب .

عفّة ومهابة

عفّة المراة لا تعني الانكفاء والانطواء ، ولا تعني الجمود والإحجام عن تحمّل المسؤولية وممارسة الدور الاجتماعي ، وقد رأينا السيّدة زينب وهي تمارس دورها الاجتماعي في أعلى المستويات .

لكنّ العفّة تعني عدم الابتذال ، وتعني حفاظ المرأة على رزانتها وجدّية شخصيتها أمام الآخرين .


الصفحة (2)

فإذا استلزم الأمر أن تخرج المرأة إلى ساحة المعركة فلا تتردّد في ذلك ، وإذا كانت هناك مصلحة في التخاطب مع الرجال فلا مانع ، وهكذا في سائر المجالات النافعة والمفيدة .

أمّا الابتذال واستعراض القوام والمفاتن أمام الرجال فهو مناف للعفّة والحشمة .

وبعد أن استقرأنا دور السيّدة زينب ومواقفها العلمية والسياسية والاجتماعية ، فلنتأمل الآن ما يقوله أحد المعاصرين لها ، والمجاورين لمنزلها برهة من الزمن ؛ ليتّضح لنا معنى العفّة والاحتشام عند السيّدة زينب .

حدّث يحيى المازني قال : كنت في جوار أمير المؤمنين في المدينة مدّة مديدة ، وبالقرب من البيت الذي تسكنه زينب ابنته ، فلا والله ما رأيت لها شخصاً ولا سمعت لها صوتاً ، وكانت إذا أرادت الخروج لزيارة جدّها رسول الله تخرج ليلاً ، والحسن (عليه السلام) عن يمينها والحسين (عليه السلام) عن شمالها وأمير المؤمنين (عليه السلام) أمامها ، فإذا قربت من القبر الشريف سبقها أمير المؤمنين (عليه السلام) فأخمد ضوء القناديل ، فسأله الحسن (عليه السلام) مرّة عن ذلك ، فقال (عليه السلام) : (( أخشى أن ينظر أحد إلى شخص أختك زينب )) .

زهد وعطاء

كانت زينب تعيش في كنف زوجها عبدالله بن جعفر في المدينة ، وهو رجل موسر غني ، وباذل كريم ـ كما سبق الحديث عنه ـ لكن حياة الراحة والرفاه حيث البيت الواسع والخدم والحشم ، والمال والثروة ، لم تتمكن من قلب السيّدة زينب ، فتخلّت عن كلّ تلك الأجواء المريحة ، واختارت السفر مع أخيها الحسين حيث المصاعب والمشاق والآلالم المتوقّعة لم يكن قلب زينب متعلّقاً بشيء من متاع الدنيا ، بل كانت نفسها منشدّة إلى آفاق السمو والرفعة .

وروي عن الإمام زين العابدين إنّه قال عنها : (( إنّها ما ادّخرت شئياً من يومها لغدها أبداً ))

، ونقل عنها إنّها كانت أثناء سفر الأسر إلى الشام تتنازل في غالب الأيّام عن حصّتها من الطعام لصالح الأطفال الجائعين والجائعات من الأسارى ، وتطوي يومها جائعة ، حتى إنّ الجوع كان يقعد بها عن التمكّن من أداء صلاة الليل قياماً فتؤديها وهي جالسة .

وقد مرّ علينا سابقاً إنّها حينما رجعت إلى المدينة مع قافلة السبايا نزعت حليّها وحليّ أختها لتقدّمه هدية للنعمان بن بشير ؛ مكافأة له على حسن صحبته ورفقته .

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

ادخال ما لیس من الدین فی الدین
مرقدها (زينب الکبري سلام الله عليها)
السعادة في النظام الاخلاقي الاسلامي
تنشيط نظام المناعة بالصيام
المقام العلمي للإمام الباقر عليه السلام
البرمجيات القرآنية المتعددة اللغات بإمكانها أن ...
طبیعة التشریع الإسلامی
الدلالات في القرآن، وفي العهد القديم (قصة يوسف)
ما تنبأ به الامام!
حج فی احادیث الامام الخمینی قدس سره (1)

 
user comment