عربي
Friday 29th of March 2024
0
نفر 0

الثورة الحسينية المقدسة مبدأ وسلوك

قضية الإمام الحسين (عليه السلام) قضية كونية

 إنّ قضية الإمام الحسين (عليه السلام) قضية استثنائية وكونية ، بل هي ربّانية . فهي وفق قوانين الطبيعة وقوانين الكون استثنائية ، فعلى سبيل المثال الشيخ الطبراني (وهو من إخواننا السنة) ، لديه كتاب اسمه ( مقتل الحسين (عليه السلام) ) يذكر فيه أمور غريبة حدثت عند مقتل الحسين (عليه السلام) ، من قبيل أنّ السماء مطرت دماً ، وإنّه لم يرفع حجر من بيت المقدس إلاّ ووجد تحته دم عبيط .

كذلك يذكر فريد وجدي في دائرة معارف القرن العشرين أموراً كونية حدثت ، منها تغيّر السماء ، وماء أحمر ظهر على الأرض وغيرها ، فلولا إنّها قضية ربّانية لما تغيّر الكون بذلك .

فقضية الإمام الحسين (عليه السلام) هي استثنائية عالمية ، بل كونية ربّانية ، فهكذا أراد الله سبحانه ورسوله (صلّى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام) أن تبتدئ قضية الإمام الحسين (عليه السلام) ولا تنتهي ، فهي مشروع ثوري إصلاحي لا تتوقّف إلى يوم القيامة .

 

الكرم يجسد ثورة الإمام الحسين (عليه السلام)

إنّ مواكب الطبخ وإكرام زوار الإمام الحسين تمثّل قيمة إنسانية مطلوبة في المجتمع ؛ فإنّها قيمة نبعت من ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) ، وتأصّلت وأصبحت من القيم العشائرية في المجتمع ، فهنالك الكثير من الروايات التي تحبب إطعام الطعام ، وإفشاء تلك القيمة في المجتمع حتى أصبحت عرفاً دارجاً لدى الشيعة خاصة والمسلمون عامّة .

فنرى على سبيل المثال إنّ مَنْ لديه شخص قد مات فإنّه يطعم الطعام ، ويرجو أن يبعث ثواب ذلك إلى روح الميت ، كذلك نجد إنّ المسلمين يزورون المقابر مستصحبين معهم مختلف من أنواع الطعام من فواكه وغيرها ويوزعونها ؛ بغية تحصيل الثواب لميّتهم ، وقد أكدّت الروايات على استحباب ذلك حتى وإن كان المعطى له غني .

يذكر المحدّث القمي في (الكنى والألقاب) المجلد الثالث رجل اسمه عبد الله بن جدعان يسكن مكّة ، وبعد هجرة الرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله) كان الرسول (صلّى الله عليه وآله) جالس مع مجموعة من الأصحاب وعلموا بوفاة عبد الله بن جدعان ، فقال النبي (صلّى الله عليه وآله) : (( إنّ النار لا تمس جسد عبد الله بن جدعان )) ، قالوا : لماذا يا رسول الله؟ قال : (( لأنّه كان يحبّ إطعام الطعام )) .

 

المسير إلى الحسين (عليه السلام) مسيرٌ إلى الكمال

إنّ الإنسان في المنظورة الفكرية الربّانية ، وفي شرائع السماء قاطبة هو خليفة الله في الكون ، فالله سبحانه وتعالى هو الخالق وهو الكمال المطلق ، فلقد كرّم الإنسان وأعطى له صلاحية الكمال .

قال في الحديث القدسي : ( عبدي أطعني تكن


الصفحة (2)

مِثْلي ، أو مَثَلي تقول للشيء كن فيكون ) ، فالإنسان باعتباره خليفة الله يجب أن يكون في قمّة مكارم الأخلاق ، وفي قمّة السموّ الروحاني والنفسي ، وكما قيل في الحديث الشريف : (( تخلّقوا بأخلاق الله )) ، فالله سبحانه وتعالى له الكمال المطلق فهو في قمّة السموّ ، وهذا يفوق تفكيرنا .

والشريعة المقدّسة وضعت مختلف الأساليب ؛ لتهذيب الإنسان والسير به نحو الكمال ، ومن تلك الطرق طريقة القدوة ، فالإمام الحسين (عليه السلام) الذي بلغ مراتب سامية من الكمال أصبح قدوة لمَنْ أراد السلوك إلى الله سبحانه وتعالى .

ونجد ذلك واضحاًَ في زيارات الإمام الحسين (عليه السلام) ، والتي تعتبر مدرسة سلوكية للإنسان ، فنجد عباراتها تجعل من الزائر متأثّراً بالمزور (القدوة) ، فعلى سبيل المثال يقول الزائر في الزيارات ( أشهد أنّك طهر طاهر مطّهر ، من طهر طاهر مطّهر ، طُهرت وطهرت بك البلاد ) ، فهذه العبارات تجعل الزائر يشعر بأهمية الطهارة الروحية والمادية .

كذلك نجد عبارة ( أشهد أنّك أقمت الصلاة ، وآتيت الزكاة ، وأمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر ) فيشعر الزائر بأهمية الصلاة ووجوب الزكاة ، وأن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر .

 

ثورة الحسين (عليه السلام) نشاط للأمة

إنّ طرق تنشيط الأمّة كثيرة ، إلاّ إنّ أقربها إلى الشريعة المقدّسة ، وإلى روح التشريع الإسلامي هو الطريق الأسرع والأقرب إلى روح الأمّة .

فظاهرة المسير إلى الحسين (عليه السلام) والتي تتكرّر كلّ عام ، بل في العام مرتين ، لهي من أقرب الطرق إلى تنشيط الأمّة وعدم خمولها ، فهي طريق سلوك روحاني تربط الأمّة بقيم الحسين (عليه السلام) الذي يمثّل بدوره مجمل السلوك الربّانية ؛ لذلك نجد كثير من الروايات التي حثّت على استحباب المسير إلى الحسين (عليه السلام) ، فهناك من الروايات أعطت بكلّ خطوة ثواب حجّة وعمرة ، فرغم إنّ زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) مستحبة إلاّ إنّها تحتاج إلى جهد نفسي عظيم ؛ لذلك أعطيت ذلك الثواب .

 

ثورة الإمام الحسين ثورة سياسية

إنّنا نجد وعلى مرّ العصور أنّ أعداء الثورة الحسينية من الطواغيت يحاولون إطفاء تلك الثورة ، فكانوا يرغبون في عدم التأثر بالحسين (عليه السلام) ؛ لذا حاولوا مراراً وتكراراً منع زيارة الحسين ، بل وإلغائها حتى وصل الأمر إلى محاولة هدم وإلغاء قبر الحسين (عليه السلام) ، كما فعل المتوكّل العباسي (لعنه الله)  ، فلولا إنّها تمثّل معنى سياسي وهو رفض للطغاة ، ومعنى ثوري وهو استنكار للظالمين لما منعوا الزيارة ، فزيارته (عليه السلام) تمثّل مظهر من مظاهر التمرّد ضدّ الظالمين والأئمّة (عليهم السلام) كانوا يحثّون شيعتهم على زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) والتأثر بثورته ومبادئه رغم كلّ الظروف .

فقد روي إنّ رجلاً جاء إلى الإمام الصادق (عليه السلام) وقال له : إنّنا في مدينة نأتي إلى زيارة الحسين (عليه السلام)


الصفحة (3)

عبر البحر ، وفي بعض الأحيان يكون البحر هائجاً ، فهل نذهب إلى زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) ، وبخاصة وإنّنا نخاف انقلاب السفينة . قال لهم الإمام الصادق (عليه السلام) : (( اخرجوا لزيارة جدّي الحسين ؛ فإن انقلبت (أي السفينة) فإنّما تنقلب في الجنة)) .

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

صلاة ألف ركعة
العلاقة بين المصحف العلوي والقرآن المتداول اليوم
في رحاب نهج البلاغة – الأول
حد الفقر الذی یجوز معه اخذ الزکاة
ومن وصيّة له لولده الحسن (عليهما السلام): [يذكر ...
شبهات حول المهدي
الدفن في البقيع
ليلة القدر خصائصها وأسرارها
آداب الزوجین
مفاتيح الجنان(600_700)

 
user comment