عربي
Thursday 25th of April 2024
0
نفر 0

السؤال : جاء في نهج البلاغة : " دعوني والتمسوا غيري ، فإنّا مستقبلون أمراً له وجوه وألوان ، لا تقوم له القلوب ، ولا تثبت عليه العقول ، وإنّ الآفاق قد أغامت ، والمحجّة قد تنكّرت .

قول علي : دعوني والتمسوا غيري :

السؤال : جاء في نهج البلاغة : " دعوني والتمسوا غيري ، فإنّا مستقبلون أمراً له وجوه وألوان ، لا تقوم له القلوب ، ولا تثبت عليه العقول ، وإنّ الآفاق قد أغامت ، والمحجّة قد تنكّرت .

واعلموا إنّي إن أجبتكم ركبت بكم ما أعلم ، ولم أصغ إلى قول القائل ، وعتب العاتب ، وإن تركتموني فأنا كأحدكم ، ولعلّي أسمعكم وأطوعكم لمن ولّيتموه أمركم ، وأنا لكم وزيراً ، خير لكم منّي أميراً " (2) .

ما مدى صحّة هذه الرواية ؟ نرجو منكم شرح الرواية ، وفّقكم الله لكلّ خير .

الجواب : هذه الخطبة مع تفاوت يسير نقلها الطبري في تاريخه (3) عن سيف ، وروايات سيف كلّها كذب وافتعال ، وخلاف أهل السير ، أمّا كلاً وإمّا جزءً .

وعليه قد تكون هذه الخطبة لا صحّة لها ، ولا واقع ؛ لضعف راويها سيف .

وعلى فرض صحّة هذه الخطبة نقول : كان غرض الطالبين لبيعته (عليه السلام) أن

____________

1- النجم : 9 ـ 8 .

2- شرح نهج البلاغة 7 / 33 .

3- تاريخ الأُمم والملوك 3 / 456 .


الصفحة 367


يسير (عليه السلام) فيهم مثل سيرة من سبق عليه ، وكان (عليه السلام) تفرّس ذلك منهم ، وعرفه من وجنات حالهم ؛ لذلك خاطبهم بقوله : " وإن الآفاق قد أغامت والمحجّة قد تنكّرت " .

فخاطبهم بهذا الكلام إتماماً للحجّة ، وإعلاماً لهم بأنّه (عليه السلام) إن قام فيهم بالأمر لا يجيبهم إلى ما طمعوا فيه من الترجيح والتفضيل ، أي تفضيل العربي على الأعجمي ، والموالي على العبيد ، والرؤساء على السفلة .

وأنّه (عليه السلام) مبدأه العدل بين الرعية ، والتسوية في القسمة ، وهذا ممّا لا تقوم له القلوب ـ أي لا تصبر عليه ـ ولا تثبت عليه العقول ، بل تنكره وترفضه .

" واعلموا إنّي إن أجبتكم ركبت بكم ما أعلم " ، أي جعلتكم راكبين على محض الحقّ ، وأسير فيكم بسيرة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، " ولم أصغ إلى قول القائل وعتب العاتب " ، أي لم يأخذني في الله لومة لائم " وإن تركتموني فأنا كأحدكم ولعلّي أسمعكم وأطوعكم لمن وليتموه أمركم " لعله (عليه السلام) أراد أنّه إذا تولّى الغير أمر السلطة ، ولم تتوفّر الشرائط في خلافته (عليه السلام) لم يكن ليعدل عن مقتضي التقية ، فيكون أكثر الناس إطاعة لوالي الأمر ، بخلاف سائر الناس ، فإنّه يجوز عليهم الخطأ .

وإنّما قال (عليه السلام) : " ولعلّي " لأنّه على تقدير أن يولّوا أحداً يخالف أمر الله فلا يكون (عليه السلام) أطوعهم له بل أعصاهم .

( الشيخ باسم الموصلي . العراق . طالب علم )

أدلّتها من كتب أهل السنّة :

السؤال : ما هو الدليل على إمامة الأئمّة من ذرّية الحسين (عليه السلام) ؟ أرجو أن يكون الدليل من كتب إخواننا أهل السنّة ، ودمتم سالمين .

الجواب : إنّ الأدلّة على إمامة الأئمّة الاثني عشر كثيرة ، نقتصر على ذكر بعضها، ومن مصادر أهل السنّة المعتبرة عندهم :


الصفحة 368


1ـ حديث الثقلين ، ومؤداه التمسّك بالعترة وهم أهل البيت تمسّكاً مطلقاً .

2ـ حديث الغدير ، وهو ينصّ على وصيّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، فيتعيّن تشريع الوصاية .

3ـ حديث الأئمّة الاثني عشر ، وقد رواه البخاريّ ومسلم وغيرهم .

فرواية البخاريّ بعد الاختصار والاقتطاع : عن جابر بن سمرة قال : سمعت النبيّ (صلى الله عليه وآله) يقول : " يكون اثنا عشر أميراً " ، فقال كلمة لم أسمعها ، فقال أبي : إنّه قال : " كلّهم من قريش " (1) .

أمّا روايات مسلم ، فكلّها عن جابر بن سمرة قال : سمعت النبيّ (صلى الله عليه وآله) يقول : " لا يزال أمر الناس ماضياً ما وليهم اثنا عشر رجلاً " ، ثمّ تكلّم النبيّ (صلى الله عليه وآله) بكلمة خفيت عليّ ، فسألت أبي : ماذا قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) ؟ فقال : " كلّهم من قريش " (2) .

وفي رواية أُخرى لمسلم أيضاً : عن جابر قال : سمعت النبيّ (صلى الله عليه وآله) يقول : " لا يزال الإسلام عزيزاً إلى اثني عشر خليفة " ، ثمّ قال كلمة ... (3) .

وفي رواية له : " لا يزال هذا الأمر عزيزاً إلى اثني عشر خليفة " ... .

وأيضاً : " لا يزال هذا الدين عزيزاً منيعاً إلى اثني عشر خليفة " ، فقال كلمة صمنيها الناس ، فقلت لأبي : ما قال ؟ قال : " كلّهم من قريش " .

وفي رواية أخرى : " لا يزال الدين قائماً حتّى تقوم الساعة ، أو يكون عليكم اثنا عشر خليفة كلّهم من قريش " (4) .

وفي رواية الطبراني : " اثنا عشر قيّماً من قريش لا يضرّهم عداوة من عاداهم " (5) .

قال ابن حجر العسقلاني : " قال ابن بطال عن المهلّب : لم ألقَ أحداً يقطع في هذا الحديث ، يعني بشيء معيّن .

وقال أيضاً : وقد لخّص القاضي عياض ذلك ... ثمّ قال : إنّه ـ أي النبيّ (صلى الله عليه وآله) ـ لم يقل : لا يلي إلاّ اثنا عشر ، وإنّما قال : " يكون اثنا عشر " ، وقد ولي هذا

____________

1- صحيح البخاريّ 8 / 127 .

2- صحيح مسلم 6 / 3 .

3- المصدر السابق 6 / 3 .

4- المصدر السابق 6 / 4 .

5- المعجم الكبير 2 / 256 .


الصفحة 369


العدد ، ولا يمنع ذلك الزيادة عليهم ، قال : وهذا إن جُعل اللفظ واقعاً على كلّ من ولي ، وإلاّ فيحتمل أن يكون المراد : من يستحقّ الخلافة من أئمّة العدل " (1).

ثمّ قال ابن حجر ردّاً على من يفسّر الحديث : بأنّ الأئمّة الاثني عشر سيكونون في زمن واحد ، قال : ويؤيّد ما وقع عند أبي داود " كلّهم تجتمع عليه الأُمّة " ، ما أخرجه أحمد والبزار من حديث ابن مسعود بسند حسن ، أنّه سُئل كم يملك هذه الأُمّة من خليفة ؟ فقال : سألنا عنها رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال : " اثنا عشر كعدّة نقباء بني إسرائيل " .

وقال ابن الجوزيّ في كشف المشكل : قد أطلت البحث عن معنى هذا الحديث ، وتطلبتُ مظانَّه ، وسألتُ عنه فلم أقع على المقصود به ... ، وعن كعب الأحبار : يكون اثنا عشر مهديّاً ، ثمّ ينزل روح الله فيقتل الدجّال ، قال: والوجه الثالث أنّ المراد وجود اثني عشر خليفة في جميع مدّة الإسلام إلى يوم القيامة يعملون بالحقّ ، وإن لم تتوالَ أيامهم ... .

قال ابن حجر : انتهى كلام ابن الجوزيّ ملخّصاً " (2) .

وأقول : أُنظر يا أخي عظمة الإسلام وعظمة النبيّ الأعظم (صلى الله عليه وآله) ، الذي بلّغ الرسالة ، وأدّى الأمانة على أتمّ وجه { فَلِلّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ } ، وسدَّ كلّ الأبواب على المحرّفين والمبطلين ، والمنحرفين عن أهل البيت (عليهم السلام) ، وعن الدين الصحيح ، فأنظر كيف تخبّطوا وخلطوا ، وحرّفوا واختلفوا ، وعجزوا عن تفسير وفهم كلام رسول الله (صلى الله عليه وآله) الواضح البليغ على الوجه الصحيح ، لأنّهم لم يجعلوا ما فهمه الشيعة رأياً من الآراء ، وتفسيراً من التفاسير للحديث الشريف ، فتاهوا واختلفوا ، ولم يصلوا إلى المراد بنصّهم أبداً .

فالحديث واضح وصريح بوجود خلافة لله وللرسول ، وهي خلافة محدّدة بعدد معيّن وصفات معيّنة ، وأنّهم هادون مهديّون ، كما وصفهم النبيّ الأعظم (صلى الله عليه وآله) في حديث الخلفاء الراشدين المهديّين ، وأمرنا باتباع سنّتهم ـ يعني

____________

1- فتح الباري 13 / 182 .

2- المصدر السابق 13 / 184 .


الصفحة 370


تشريعهم ـ ، فكيف نؤمر بإتباعهم لولا الخلافة الإلهيّة ، والتسديد الربّاني لهم ؟ وعصمتهم التي نصّ عليها حديث الثقلين ، وجعلهم عدلاً للقرآن ، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، ووصفهم النبيّ (صلى الله عليه وآله) بعدم الافتراق ، أي الملازمة والمصاحبة للقرآن .

وكما دلّ على العصمة آية التطهير ، وحصر إرادة الله بتطهير أهل البيت فقط دون غيرهم ، لعلمه بأهليتهم لذلك .

4ـ حديث الخلفاء الراشدين لا نراه ينطبق إلاّ على حديث الأئمّة الاثني عشر، ويؤيّده ويفسّره .

ونصّ الحديث : عن العرباض بن سارية قال : وعظنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) موعظة، ذرفت منها العيون ، ووجلت منها القلوب ، قلنا يا رسول الله : إنّ هذه لموعظة مودّع ، فماذا تعهد إلينا ؟ قال : " قد تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها ، لا يزيغ عنها بعدي إلاّ هالك ، ومن يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً ، فعليكم بما عرفتم من سنّتي وسنّة الخلفاء الراشدين المهديّين ، وعليكم بالطاعة وإن عبداً حبشياً ، عضوّا عليها بالنواجذ ، فإنّما المؤمن كالجمل الأنف ، حيثما انقيد انقاد " (1) .

وقال الترمذيّ في سننه : " هذا حديث حسن صحيح " (2) .

فهذا الحديث يدلّ على وجود خلفاء راشدين مهديين يجب التمسّك بهم وبطريقتهم وسنّتهم ـ أقوالهم وأفعالهم ـ وهذا الإطلاق في التمسّك مع هذه التسمية لهم لا تنطبق إلاّ على معصوم ، لا يجوز التمسّك برأي الخليفة المخالف للكتاب، أو لسنّة النبيّ (صلى الله عليه وآله) بالإجماع .

وكذلك إن وافق هذا الخليفة الكتاب أو السنّة النبوية فالاتباع سيكون للكتاب أو السنّة النبوية لا للخليفة ، وكذلك لو اختلف هؤلاء الخلفاء فيما بينهم ، فكيف يجوز التمسّك بسنّتهم جميعاً مع هذا الاختلاف ؟ وهو حاصل على تفسير أهل السنّة لهذا الحديث .

فلم يبق إلاّ أنّ المراد بهذا الحديث هو ما فهمه الشيعة من وجود خلفاء

____________

1- مسند أحمد 4 / 126 ، سنن الدارمي 1 / 44 ، سنن ابن ماجة 1 / 16 سنن أبي داود 2 / 393، المستدرك 1 / 96 ، كتاب السنّة : 19 ، و 482 ، صحيح ابن حبّان 1 / 178 ، المعجم الكبير 18 / 249 و 257 ، مسند الشاميين 1 / 402 و 2 / 298 ، العلل 1 / 21 ، الثقات 1 / 4 ، تاريخ مدينة دمشق 40 / 178 ، أُسد الغابة 3 / 399 ، تهذيب الكمال 5 / 473 و 17 / 306 ، سير أعلام النبلاء 3 / 420 و 17 / 482 .

2- الجامع الكبير 4 / 150 .


الصفحة 371


0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

السؤال : ما هو المقصود بالتشيّع ؟ ومن هم الشيعة ؟
السؤال : هل كانت الشيعة في زمن الرسول ؟ وما رأي ...
السؤال: ما معنى الإرادة التكوينية ؟ والإرادة ...
ظهور اهل التسنن
هل نزل القرآن على سبعة أحرف؟!!
السؤال : قوله (صلى الله عليه وآله) : ( علي مع الحقّ ، ...
من هو شيخ الأنبياء ومن هو سيد البطحاء وشيخ ...
السؤال: ما هو حكم الخيرة أو الاستخارة ؟ فنرى ...
السؤال : أُودّ أن افهم مدى الغلوّ في الإمام علي ، ...
السؤال : هل الإمام يعلم بالموضوعات الخارجية ...

 
user comment