عربي
Thursday 25th of April 2024
0
نفر 0

تطابق الحقيقة التاريخية والحقيقة الوجودية في شخص الإمام المهدي ع

تطابق الحقيقة التاريخية والحقيقة الوجودية في شخص الإمام المهدي ع

 القرآن يقول (إنما وليكم الله ورسوله والذين أمنوا الذين يقيمون الصلاة ويوتون الزكاة وهم الراكعون، ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله همة الغالبون)

 (الله نور السموات والأرض) (هو الأول والآخر والظاهر والباطن) (لا إله إلاّ هو..) (كل من عليها فان) (ونفخت فيه من روحي) (ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد) (اينما تولوا فثم وجه الله) (ومن لم يجعل الله له نوراً فماله من نور) ( قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤا أحدا) ( أنتظروا فإني معكم من المنتظرين).

كل هذه الآيات تدل على عمق وجودي لطبيعة العلاقة التي تربطنا مع مصيرنا الغائي والأصلي المتمثلة في الآية : إنا لله وإنا إليه راجعون.

فهذه الآية تنقسم إلى قسمين الشطر الأول هو إنا لله وهو يطابق الحقيقة التاريخية والإنسان الظاهر ومفهوم الشخصية والمكانة الاجتماعية.

والشطر الثاني هو إنا إليه راجعون وهو يطابق الحقيقة الوجودية والإنسان الباطن ومفهوم الفردانية والنيابة عن الحق.

الإنسانية عاشت الشطر الأول إنا لله عبر الرسالات السماوية وصولا إلى آخر النبيين  محمد صلى الله عليه وآله وعرفت في كل ذلك  أنها مدعوة من طرف خالقها وبارئها لعبادته وتعمير أرضه وتطبيق شرائعه، ذلك أن رسالة الرسل كانت عبارة عن شرائع ظاهرية مكتوبة ومقروءة، تقوم ظاهر الإنسان وتجعله يحيا الخلافة الإلهية على الأرض كما ارتضاها الخالق له.لكن الخلافة ليست هي الوجه الوحيد للأمانة ، حيث أن للأمانة وجه آخر سوف يختبره الإنسان المؤمن، في الشطر الثاني من الآية وهو إنا إليه راجعون عن طريق أئمة أهل البيت عليهم السلام جميعا ابتداءا، من مولانا علي عليه السلام إلى آخر أولاد الحسين عليه السلام التسعة قائم آل محمد في آخر الزمان المدعو بالمهدي عليه السلام.

يقول أمير المؤمنين عليه السلام معرفا بنفسه ودوره الوجودي وقيمته المعنوية

أَنَا وَجْهُ اللَهِ ؛ أَنَا جَنْبُ اللَهِ ؛ أَنَا يَدُ اللَهِ ؛ أَنَا الْقَلَمُ الاْعلی ؛ أَنَا اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ؛ أَنَا الْكِتَابُ الْمُبِينُ ؛ أَنَا الْقُرآنُ النّاطِقُ ؛ أَنا كهيعص‌ ؛ الم‌ ذَلِكَ الْكِتَابُ؛ أَنَا طَاءُ  الطَّوَاسِيمِ ؛ أَنَا حَاءُ الْحَوامِيم‌ ؛ أَنَا الْمُلَقَّبُ بِيَاسِينِ ؛ أَنَا صادُ الصَّافَّاتِ؛ أَنا سِينُ الْمُسَبِّحَاتِ ؛   أَنا النُّونُ وَالْقَلَمِ ؛ أَنَا مَايِدَةُ الْكَرَمِ ؛ أَنا خَلِيلُ جَبْرَئِيلَ؛ أَنَا صِفْوَةُ مِيكَائِيلَ ؛ أَنا الْمَوصُوفُ بِ «لا فَتَي‌» ؛ أَنَا الْمَمْدُوحُ فِي‌ «هَلْ أَتَي‌» ؛ أَنَا النَّبَأُ الْعَظِيمُ ؛ أَنَا الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ ؛ أَنَا الاْوَّلُ ؛ أَنَا الآخِرُ؛ أنَا الظَّاهِرُ ؛ أَنَا الْبَاطِنُ ؛  إلی‌ آخِرِهِ .

فأمير المؤمنين عليه السلام يمثل إذن جميع حالات ومقامات الإنسانية الإلهية في مسيرها العروجي إلى رب الأرباب، لذا وجب إتباعه.

فالإنسان الظاهري + الإنسان الباطني = الوجود كله

والإنسان الأزلي + الإنسان الأبدي = الدهر كله

إذن فعلي عليه السلام  خبر الوجود كله وكان هو الدهر كله، وكان بكل شيء عليم

وبما أن أئمة أهل البيت عليهم السلام كلهم واحد أولنا محمد وآوسطنا محمد وأخرنا محمد يكون الإمام الغائب هو المقصود بهذا المعنى الذي وصف به أمير المؤمنين  وهو قوله أَنَا الآخِر.ُ

يقول الإما النفري ذلك العارف المجهول الهوية في وصف مولانا الحجة ع: كذلك يقول الرب إنما أخبرتك لظهور الأبد فاكشفي البراقع عن وجهك واركبي الدابة السياحة على الأرض وارفعي قواعدي المدروسة واحمليهم إلي على يديك من وافقك على اليمين ومن خالفك من الشمال وابتهجي أيتها المحزونة وتفسحي أيتها المكنونة وتشمري أثوابك وارفعي إزارك على عاتقك، إني أنتظرك على كل فج فانبسطي كالبر والبحر وارتفعي كالسماء المرتفعة، فإني أرسل النار بين يديك ولا تدر ولا تستقر، إن في ذلك لأية تظهر كلمة الله فيظهر الله وليه في الأرض يتخذ أولياء الله أولياء، يبايع له المؤمنون بمكة، أولئك أحباء الله ينصرهم الله وينصرونه وأولئك هم المستحفظون عدة من شهدوا بدراً يعملون ويصدقون ثلثمائة وثلاثة عشر أولئك هم الظاهرون

فلنتأمل جميعا قوله : أرسل النار بين يديك ولا تدر ولا تستقر، إن قوله هذا يشير إلى زمننا هذا بالضبط زمن العولمة والحروب وتضارب المصالح وضياع الكرامات والشعوب، في مستنقع الجهل واللامبالات.

المدرسة الإطلاقية وشباب الطالقان والعرفان الذاتي الإلهي

 لا يوجد ارتباط لغوي لكلمة الإطلاقية وكلمة الطالقان لكل كلمة معنى يختلف عن الأخرى، لكن الارتباط الوحيد هو في الدور الذي سوف تلعبه المدرسة الإطلاقية المهدوية في طلق الحقائق الإلهية والعيش فيها زمن ظهور الحجة المنتظر ع.

فعندما تكشف الأسرار وتنكشف للجميع ويظهر الإنسان الظاهر بقوته وضعفه ومكره ويظهر الإنسان الباطن بانحرافاته وإدراكاته وعمقه، يأتي دور آدم الهداية الإمام المهدي عليه السلام، فآدم أبونا علم الأسماء وآدم المهدي علم الهداية وهكذا تتحقق الدائرة الوجودية من حيث انطلقت، ويتصل الأول بالآخر، فالإنسان لا يتجاوز نفسه وهو في فعل وجودي مع المجهول بقدر ما يكشف نفسه التي تستبط هذا الوعي المكنون لذا جاء في الأثر من عرف نفسه عرف ربه.

وهكذا أقول فبعدما عرفت الإنسانية دورها الوجودي وقوامها الكينوني حان الوقت لتعيش ما كانت تتأمل العيش فيه دائما وهو حقيقة المحبة والعشق الإلهيين، عشق الوجود المطلق، عشق المطلق اللآمتناهي المرسول إلينا عبر المواقف الإلهية السرمدية.

قد يتساءل المنتظرين للإمام المهدي عليه السلام من هم شباب الطالقان، وما هو دورهم الوجودي؟ جاء في الأثر أنهم من خواص أصحاب الإمام المهدي عليه السلام والذين يحملون معه علوما إلى الإنسانية في مسيرة عودتها إلى رب الأرباب، هذه العلوم هي علوما لدنية مرتبطة بالهداية دائما فهذا الدور الوجودي هو دور الهداية الكونية والوجودية والفطرية.

فكل مكاشف للعوالم الحياتية يكون له خلل في هذه الهدايات لا يستطيع أن يكون له وعي وإدراك وجوديين يجعل منه إنسانا حقيقيا كما أٍرادت مشيئة الله وإرادته السارية في الآفاق وفي الأنفس.

يصرح الدكتور سامي مكارم في مؤتمر العرفان الذي نظمه المعهد الإسلامي للمعارف الحكمية حول الإمام الخميني قدس ، فيقول أنا الحق الحلاجية ليست هي أنا الحق الخمينية، وتابع قوله بأن أنا الحق الحلاجية كانت شهودية بينما أنا الحق الخمينية كانت بالله وكانت تحمل صفات المحبوب في ذاتها.

وأرد عليه بقولي لماذا كانت أنا الحق الخمينية بالله ولم ترى فصلا بين اللامحدود والمحدود ذلك أنها كانت- أنا الهداية.-

فالإمام الخميني كان يحمل أربعة معصوما ويحملونه، فمن يحمل المعصومين ويحملونه في ذاته كانت له كل تلك الهدايات التي ذكرناها سابقا وهي الهداية في الوجود والهداية في الكون والهداية في الفطرة وهكذا يمكننا القول أن شخص الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم يحمل أمانة الهداية الوجودية ( لولاك لما خلقت الأفلاك)، كما أن الأئمة الإثنى عشر يحملون أمانة الهداية الكونية (("...إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السموات  والأرض  .....) الآية 36 ، أما سيدة نساء العالمين فهي تحمل كل هذه الهدايات وهي هداية الفطرة، (فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون) الروم:30

فالمدرسة الإطلاقية أقصد بها مدرسة المعارف المهدوية الكونية فالإنسان المؤمن السالك عندما يقرأ القرآن ويطبقه في نفسه تطبيقا، يفتح الله له به أبوابا للعروج في درجات الله ( هم درجات عند الله) وهكذا يكون فتحه في الأول قريب ثم يصير مبين وفي آخر المطاف يصبح فتحه مطلق وفي الآفاق الأنفسية والكونية.

 لذا فتفسير بعض الأيات القرآنية سوف يكون متزامنا ومترابطا مع ظهور ولي الأمر الأعظم الحامل لكل سر وجودي وفهم إلهي  أرواحنا فداه السيد الغائب المراقب الذي يغيب عنا بجسده لكن نعيش في حضرته ونحس بوجوده معنا وفينا سيدي ومولاي أبا صالح المهدي عج.

فالمسلمين لحد الساعة لم يعرفوا ماذا تعني عدة آيات قرآنية وتفسيرها يبقى في أكثر الأحوال احتمالي، مثل آية ( هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم ) الموجودة في سورة الحديد كما هو الشأن في سورة الإخلاص.

فحتى الذين هم اليوم متعمقون في العرفان يصرحون أننا لا نعرف  شيئا عن الذات الصمدية لأننا محجوبون بالذات الأحدية ، كما أن أغلب العباد لا يصلون بإدراكاتهم إلى الذات الأحدية (وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون) يوسف 106، وكما يؤكد سيد العابدين عليه السلام في دعاء له (يا مؤمن بلا نهاية) فإيماننا له نهاية وإيمانه هو ليس له نهاية لذا وجب الشرك على أكثرهم.

فالحاملون للعرفان الذاتي الإلهي هم المهدي وأصحابه عليهم السلام حيث أنهم سوف يفتحون آفاق كونية ووجودية لفهم مراتب القرآن والدرجات الرفيعة الإلهية، فالله سبحانه وتعالى رفيع الدرجات، لذا فزمن وجود كلمة الله الباقية مولانا المهدي عج هو زمن سيطلب فيه المؤمنين المخلصون هذه الدرجة الرفيعة بشفاعة الإمام المهدي عليه السلام.

الخلاصة:

 في زمن الإمبراطورية الرومانية الظالمة، ثار أحد الرجال  إسمه سبارطكيس مريدا تحرير العبيد من قبضة هذه الدولة المستعلية، فكانت نهايته هي الشهادة في سبيل هذا الهدف الأسمى، هذا  نجده اليوم عند الأخ أحمدي نجاد والرئيس الفينزويلي تشافيز والسيد حسن نصر الله يعني هذا أن تاريخ الإنسانية كله صراع من أجل الحرية، لكن بأي مقاييس اليوم نفهم هذه الحرية؟ هذا سؤال وجب طرحه؟

فحرية الغرب هي حرية من أجل الحرية فتصبح عبودية للحرية فيكون الدور،وتقدمهم من أجل التقدم فيكون بدون هدف وبلا معنى.

نعم الحرية المطلوبة اليوم ونحن ننتظر مولانا المهدي عج هي حرية الحريات وهي الكرامة الإنسانية وهي العودة إلى أنفسنا الحقيقية ( نسوا الله فأنساهم أنفسهم) فنسيان الله هو الذي جعلنا ننسى أنفسنا أهل البيت عليهم السلام، فنسيان أهل البيت والميثاق الإلهي الأول هو ذاته نسيان الله فعندما ننسى أنفسنا الحقيقة أهل البيت ننسى في ذلك الله،لذا تقتل الشيعة اليوم على مشارف العتبات المقدسة ذلك أنهم يذكرون الإنسانية جمعاء الميثاق الإلهي الذي حمله الحسين بن علي سيد الشهداء ففدى به الناس جميعا ففداء الحسين عليه السلام هو الذي جعل النار بردا وسلاما على نبينا إبراهيم عليه السلام وهو الذي جعل السيد المسيح عليه السلام حيا لحد الساعة، حاملا إلينا في عودة خبرته مع جماعته الأسينيين، اليهود الذي هربوا هم الآخرين من بطش الظالمين في عصر ما قبل ظهوره كنبي على مسرح الحياة. فجماعة الآسينين كانت لهم خبرة في جميع أنحاء الحياة الشيء الذي سوف ينقله لنا السيد المسيح بنفسه مع أخيه وحبيبه المهدي والحسين بن علي عليهم السلام وهذا تأويل آية قرآنية أنه من يعلم سر الآية الموجودة في سورة الحديد (هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم) هم ثلاثة أشخاص في آخر الزمان وهم الحسين الذي يمثل الإنسان الأزلي والمهدي الذي يمثل الإنسان الأبدي والسيد المسيح صاحب الخبرة الحياتية الوجودية.

والسلام عليكم ورحمته وبركاته.

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

عالمية حكومة الإمام المهدي عليه السلام
الامام الهادي عليه السلام وقضاة عصره
کتابة رقعة الحاجة إلی مولانا صاحب العصر والزمان ...
لمحة إجمالية في أدلة انقطاع النيابة الخاصة في ...
الملامح الشخصية للامام المهدي عليه السلام
عظمة الإمام المهدي (عج) عند الأئمة (ع) والصالحين
امام مہدی علیہ السلام اولادعلی (ع)سے ہیں
انعقاد مؤتمرالقضية المهدوية في مدينة قم
الإمام المهدي عجّل الله فَرَجه والعلم الحديث
المدينة الفاضلة

 
user comment