5 - ونسب الاعشى هذه الابيات للامام الحسين ( ع ):
كلما زيد صاحب المال مالا *** زيد في همه وفي الاشتغال
قد عرفناك يا منغصة العيش *** ويا دار كل فان وبال
( 1 ) تاريخ ابن عساكر 4 / 324 ( 2 ) البداية والنهاية 8 / 208 . ( * )
[188]
ليس يصفو لزاهد طلب الزهد *** اذا كان مثقلا بالعيال ( 1 )
وتحدث الامام بهذه الابيات عن ظاهرة خاصة من ظواهر الحياة وهي أن الانسان كلما اتسع نطاقه المادي ازدادت آلامه وهمومه ، وازداد جهدا وعناءا في تصريف شؤون أمواله ، وزيادة أرباحه ، كما تحدث الامام عمن يرغب في الزهد في الحياة فانه لا يجد سبيلا إلى ذلك ما دام مثقلا بالعيال فان شغله بذلك يمنعه عن الزهد في الدنيا.
6 - روى الاربلي أن الامام قال هذه الابيات في ذم البغي:
ذهب الذين أحبهم *** وبقيت فيمن لا أحبه
في من أراه يسبني *** ظهر المغيب ولا أسبه
يبغي فسادي ما استطا *** ع وأمره مما أربه ( 2 )
حنقا يدب لي الضرا *** ء وذاك مما لا أدبه
ويرى ذباب الشر من *** حولي يطن ولا يذبه
واذا خبا ( 3 ) وغر الصدو *** ر فلا يزال به يشبه
أفلا يعيج بعقله ( 4 ) *** أفلا يثوب إليه لبه ( 5 )
أفلا يرى من فعله *** ما قد يسور اليه غبه ( 6 )
حسبى بربى كافيا *** ما أختشي والبغي حسبه
( 1 ) تاريخ ابن عساكر 4 / 324 ( 2 ) أربه : أصلحه.
( 3 ) خبا : سكن.
( 4 ) يعيج : ينتفع.
( 5 ) اللب : العقل.
( 6 ) يسور : يرجع . ( * )
[189]
ولقل من يبغى عليه *** فما كفاه الله ربه ( 1 )
وتحدث الامام ( ع ) بهذه الابيات عن احدى النزعات الشريرة في الانسان وهي البغي فان من يتلوث به يسعى دوما إلى سب أخيه والاعتداء عليه وافساده أمره ، وانه اذا سكن وغر الصدور فانه يسعى لاثارتها انطلاقا منه في البغي والاعتداء ، وقد وجه ( ع ) اليه النصح فانه اذا رجع عقله وفكر في أمره فان غيه على حيه يرجع اليه ، وتلحقه أضراره وآثامه ومن الطبيعي انه اذا أطال التفكير في ذلك فانه يقلع عن نفسه هذه الصفة الشريرة حسب ما نص عليه علماء الاخلاق.
7 - وزعم أبوالفرج الاصبهاني ان الامام الحسين ( ع ) قال: هذين البيتين في بنته سكينة وامها الرباب:
لعمرك أنني لاحب دارا *** تكون بها سكينة والرباب
أحبهما وأبذل جل مالي *** وليس لعاتب عندي عتاب ( 2 )
وزاد غيره هذا البيت :
فلست لهم وان غابوا مضيعا *** حياتي أو يغيبني التراب ( 3 )
وهذه الابيات فيما نحسب من المنتحلات والموضوعات فان الامام الحسين عليه السلام أجل شأنا وأرفع قدرا من أن يذيع حبه لزوجته وابنته بين الناس ، فليس هذا من خلقه ، ولا يليق به ، ان ذلك - من دون شك - من المفتريات التى تعمد وضعها للحط من شأن أهل البيت ( ع ).
8 - ومما قاله:
الله يعلم أن ما *** بيدي يزيد لغيره
( 1 ) كشف الغمة . ريحانة الرسول ( ص 48 ).
( 2 ) الاغاني.
( 3 ) ذكرى الحسين 1 / 139 ، البداية والنهاية 8 / 209 . ( * )
[190]
وبأنه لم يكتسبـ *** ـه بخيره وبميره
لو انصف النفس الخؤو *** ن لقصرت من سيره
ولكان ذلك منه أد *** نى شره من خيره ( 1 )
وبهذا ينتهي بنا المطاف عن بعض مثل الامام الحسين ( ع ) ونزعاته التي كان بها فذا من أفذاذ العقل الانساني ومثلا رائعا من أمثلة الرسالة الاسلامية بجميع قيمها ومكوناتها.
( 1 ) ريحانة الرسول ( ص 49 ) . ( * )
[191]