عربي
Thursday 25th of April 2024
0
نفر 0

دعاؤه يوم عرفة:

وقد غدوا في نعمته يأكلون رزقه ، ويعبدون غيره وقد حادوه ونادوه ( 1 ) وكذبوا رسله ، يا الله يا الله يا بدئ يا بديع لا ندلك ، يا دائما لا نفاد لك ( 2 ) يا حيا حين لا حي يا محي الموتى ، يا من هو قائم على كل نفس بما كسبت ، يا من قل له شكري فلم يحرمني ، وعظمت خطيئتي فلم يفضحني ، ورآني على المعاصي فلم يشهرني ، يا من حفظني في صغري ، يا من رزقني في كبرى ، يا من أياديه عندي لا تحصى ونعمه لا تجازى ، يا من عارضني بالخير والاحسان وعارضته بالاسائة والعصيان ، يا من هداني للايمان من قبل أن أعرف شكر الامتنان ، يا من دعوته مريضا فشفاني ، وعريانا فكساني ، وجائعا فاشبعني ، وعطشانا فأرواني وذليلا فاعزني ، وجاهلا فعرفني ، ووحيدا فكثرني ، وغائبا فردني ، ومقلا فاغناني ، ومنتصرا فنصرني ، وغنيا فلم يسلبني ، وأمسكت عن جميع ذلك فابتدأني فلك الحمد والشكر ، يا من أقال عثرتي ونفس كربتي ، وأجاب دعوتي ، وستر عورتي ، وغفر ذنوبي ، وبلغني طلبتي ، ونصرني على عدوي ، وان أعد نعمك ومننك وكرائم منحك لا أحصيها ، أنت الذي أجملت ، أنت الذي أفضلت ، أنت الذي أكملت ، أنت الذي رزقت ، أنت الذي وفقت ، أنت الذي أعطيت ، أنت الذي اغنيت ، أنت الذي اقنيت ( 3 ) ، أنت الذي آويت ، أنت الذي كفيت ، أنت الذي هديت ، أنت الذي عصمت أنت الذي سترت ، أنت الذي غفرت ، أنت الذي أقلت ، أنت


( 1 ) حاده : غضبه وأظهر العداوة له ، نادوه : أي جعلوا له ندا وشريكا.

( 2 ) النفاد : الفناء والانقطاع.

( 3 ) أقناه الله : أي أعطاه بقدر ما يكفيه . ( * )

[176]

الذي مكنت ، أنت الذي أعززت ، أنت الذي أعنت ، أنت الذي عضدت أنت الذي أيدت ، أنت الذي نصرت . أنت الذي شفيت ، أنت الذي عافيت ، أنت الذي أكرمت ، تباركت وتعاليت فلك الحمد دائما ، ولك الشكر واصبا أبدا ثم أنا - يا إلهي - المعترف بذنوبي فاغفرها لي ، أنا الذي أسأت ، أنا الذي أخطأت ، أنا الذي هممت ، أنا الذي جهلت ، أنا الذي غفلت ، أنا الذي سهوت ، أنا الذي اعتمدت ، أنا الذي تعمدت أنا الذي وعدت ، أنا الذي أخلفت ، أنا الذي نكثت ، أنا الذي أقررت أنا الذي اعترفت بنعمتك علي وعندي ، وأبوء بذنوبي فاغفرها لي ( 1 ) يا من لا تضره ذنوب عباده وهو الغني عن طاعتهم ، والموفق من عمل صالحا منهم بمعونته ورحمته ، فلك الحمد إلهي وسيدي ، إلهي أمرتني فعصيتك ونهيتني فارتكبت نهيك ، فاصبحت لا ذا براءة ( لي - خ ل - ) فاعتذر ولا ذا قوة فانتصر فبأي شئ استقبلك ( استقيلك - خ ل - ) يا مولاي ابسمعي أم ببصري أم بلساني أم بيدي أم برجلي ، أليس كلها نعمك عندي وبكلها عصيتك ؟ يا مولاي فلك الحجة والسبيل علي يا من سترني من الآباء والامهات أن يزجروني ، ومن العشائر والاخوان أن يعبروني ومن السلاطين أن يعاقبوني ، ولو اطلعوا يا مولاي على ما اطلعت عليه مني إذا ما انظروني ، ولرفضوني وقطعوني ، فها أنا ذا يا إلهي بين يديك يا سيدي خاضع ذليل حصير حقير ، لا ذو برائة فاعتذر ولا ذو قوة فانتصر ، ولا حجة فاحتج بها ، ولا قائل لم اجترح ( 2 ) ولم أعمل سوء ، وما عسى الجحود ولو جحدت يا مولاي ينفعني ، كيف وانى ذلك ، وجوارحي كلها شاهدة علي بما قد علمت وعلمت يقينا غير ذي شك انك سائلي من عظائم الامور


( 1 ) باء يبوء : بالذنب : اعترف وتكلم به.

( 2 ) الاجتراح : الارتكاب والاكتساب . ( * )

[177]

وأنك الحكم العدل الذي لا تجور ، وعدلك مهلكي ، ومن كل عدلك مهربي فان تعذبني - يا إلهي - فبذنوبي بعد حجتك علي ، وإن تعف عني فبحلمك وجودك وكرمك ، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الوجلين لا إله إلا أنت سبحانك أني كنت من الراجين ، لا اله الا انت سبحانك إني كنت من الراغبين ، لا إله إلا أنت سبحانك اني كنت من المهللين ، لا إله إلا أنت سبحانك اني كنت من السائلين ، لا إلا أنت سبحانك اني كنت من المسبحين لا اله الا أنت سبحانك اني كنت من المكبرين ، لا اله الا أنت سبحانك ربي ورب آبائي الاولين ، اللهم هذا ثنائي عليك ممجدا واخلاصي لذكرك موحدا ، واقراري بآلائك معددا وان كنت مقرا أني لم أحصها لكثرتها وسبوغها وتظاهرها وتقادمها إلى حادث ما لم تزل تتعهدني به معها منذ خلقتني وبرأتني من أول العمر من الاغناء بعد الفقر ، وكشف الضر ، وتسبيب اليسر ، ودفع العسر ، وتفريج الكرب ، والعافية في البدن والسلامة في الدين ولو رفدني على قدر ذكر نعمتك جميع العالمين من الاولين والآخرين ما قدرت ولا هم على ذلك تقدست وتعاليت من رب كريم عظيم رحيم لا تحصى آلاؤك ، ولا يبلغ ثناؤك ، ولا تكافي نعماؤك ، صل على محمد وآل محمد واتمم علينا نعمك واسعدنا بطاعتك ، سبحانك لا اله الا أنت . اللهم انك تجيب المضطر وتكشف السوء ، وتغيث المكروب ، وتشفي السقيم وتغني الفقير ، وتجبر الكسير ، وترحم الصغير ، وتعين الكبير ، وليس دونك ظهير ، ولا فوقك قدير ، وأنت العلي الكبير يا مطلق المكبل الاسير يا رازق الطفل الصغير ، يا عصمة الخائف المستجير ، يا من لا شريك له ولا وزير صل على محمد وآله محمد ، وأعطني في هذه العشية أفضل ما أعطيت وأنلت

[178]

أحدا من عبادك ، ومن نعمة توليها ، وآلاء تجددها ، وبلية تصرفها ، وكربة تكشفها ، ودعوة تسمعها ، وحسنة تتقبلها ، وسيئة تتغمدها ، انك لطيف بما تشاء خبير ، وعلى كل شئ قدير ، اللهم انك أقرب من دعي وأسرع من أجاب وأكرم من عفا وأوسع من أعطى ، وأسمع من سئل ، يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما ، ليس كمثلك مسؤول ، ولا سواك مأمول دعوتك فاجبتني ، وسألتك فأعطيتني ، ورغبت اليك فرحمتني ، ووثقت بك فنجيتني ، وفزعت اليك فكفيتني اللهم فصل على محمد عبدك ورسولك ونبيك وعلى آله الطيبين الطاهرين أجمعين وتمم لنا نعماءك وهنئنا عطاءك واكتبنا لك شاكرين ولآلائك ذاكرين آمين آمين رب العالمين اللهم يا من ملك فقدر ، وقدر فقهر وعصي فستر ، واستغفر فغفر يا غاية الطالبين الراغبين ، ومنتهى أمل الراجين ، يا من أحاط بك شئ علما ، وسع المستقيلين رأفة ورحمة وحلما ، اللهم انا نتوجه اليك في هذهه العشية التي شرفتها وعظمتها ، بمحمد نبيك ورسولك ، وخيرتك من خلقك ، وأمينك على وحيك البشير النذير ، السراج المنير الذي أنعمت به على المسلمين ، وجعلته رحمة للعالمين ، اللهم فصل على محمد وآله محمد ، كما محمد أهل لذلك منك يا عظيم ، فصل وعلى آله المنتجبين الطيبين الطاهرين أجمعين ، وتغمدنا بعفوك عنا ، فاليك عجت ( 1 ) الاصوات بصنوف اللغات فاجعل لنا اللهم في هذه العشية نصيبا من كل خير تقسمه بين عبادك ونورا تهدي به ، ورحمة تنشرها وبركة تنزلها ، وعافية تجللها ورزقا تبسطه يا أرحم الراحمين ، اللهم إقبلنا في هذا الوقت منجحين مفلحين ، مبرورين غانمين ( 2 )


( 1 ) عج : صاح وارتفع صوته.

( 2 ) البر بالكسر : الصلاح والطاعة ، والغانم : هو الذي يفوز وينال الغنيمة . ( * )

[179]

ولا تجعلنا من القانطين ( 1 ) ولا تخلنا من رحمتك ، ولا تحرمنا ما نؤمله من فضلك ، ولا تجعلنا من رحمتك محرومين ولا لفضل ما نؤمله من عطائك قانطين ولا تردنا خائبين ، ولا من بابك مطرودين ، يا أجود الاجودين ، وأكرم الاكرمين ، إليك أقبلنا موقنين ، ولبيتك الحرام آمين قاصدين ( 2 ) فاعنا على مناسكنا ، واكمل لنا حجنا ، واعف عنا ، وعافنا فقد مددنا اليك أيدينا ، فهي بذلة الاعتراف موسومة ، اللهم فاعطنا في هذه العشية ما سألناك واكفنا ما استكفيناك ، فلا كافي لنا سواك ، ولا رب لنا غيرك نافذ فينا حكمك محيط بنا علمك ، عدل فينا قضاؤك ، أقض لنا الخير ، واجعلنا من أهل الخير ، اللهم أوجب لنا بجودك عظيم الاجر ، وكريم الذخر ، ودوام اليسر ، واغفر لنا ذنوبنا أجمعين ، ولا تهلكنا مع الهالكين ولا تصرف عنا رأفتك ورحمتك يا أرحم الراحمين ، اللهم اجعلنا في هذا الوقت ممن سألك فأعطيته وشكرك فزدته ، وتاب اليك فقبلته وتنصل ( 3 ) اليك من ذنوبه كلها فغفرتها له ياذا الجلال والاكرام ، اللهم تضرعنا ( وفقنا - خ ل - ) وسددنا ( واعصمنا - خ ل - ) واقبل تضرعنا ، يا خير من سئل ، ويا أرحم من استرحم ، يا من لا يخفى عليه اغماض الجفون ولا لحظ العيون ، ولا ما استقر في المكنون ولا ما أنطوت عليه مضمرات القلوب ، ألا كل ذلك قد أحصاه علمك ووسعه حلمك ، سبحانك وتعاليت عما يقول الظالمون علوا كبيرا ، تسبح لك السموات السبع ، والارضون ومن فيهن ، وان من شئ الا يسبح بحمدك ، فلك الحمد والمجد ، وعلو الجد ، ياذا الجلال والاكرام والفضل والانعام ، والايادي الجسام ، وأنت


( 1 ) القنوط بالضم : اليأس.

( 2 ) آمين بالتشديد : قاصدين.

( 3 ) تنصل : خرج وتبرأ . ( * )

[180]

الجواد الكريم ، الرؤوف الرحيم ، اللهم أوسع علي من رزقك الحلال ، وعافني في بدني وديني ، وآمن خوفي واعتق رقبتي من النار ، اللهم لا تمكر بي ولا تستدرجني ( 1 ) ولا تخدعني ، وادرأ عني شر فسقة الجن والانس ( ثم رفع بصره إلى السماء وقال برفيع صوته ) : يا أسمع السامعين ، يا أبصر الناظرين ويا أسرع الحاسبين ، ويا أرحم الراحمين ، صلى على محمد وآل محمد السادة الميامين ( 2 ) وأسألك اللهم حاجتى التي ان اعطيتنيها لم يضرني ما منعتني ، وان منعتنيها لم ينفعني ما أعطيتني ، اسألك فكاك رقبتي من النار لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك لك الملك ولك الحمد ، وأنت على كل شئ قدير يا رب يا رب ".

وأثر هذا الدعاء تأثيرا عظيما في نفوس من كان مع الامام ، فاتجهوا بقلوبهم وعواطفهم نحوه يستمعون دعاءه ، وعلت أصواتهم بالبكاء معه ، وذهلوا عن الدعاء لانفسهم في ذلك المكان الذي يستحب فيه الدعاء ، ويقول الرواة : ان الامام استمر يدعو حتى غربت الشمس ، فأفاض إلى ( المزدلفة ) وفاض الناس معه ( 3 ).

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

احتجاج الإمام علي(ع) بحديث الغدير
الاسرة والحقوق الزوجية
الملهوف على قَتلى الطفوف
نساء يأكلن من خبز النفايات لإشباع بطونهن ، في ...
بعث الإسلام مجدداً وتعميم نوره على العالم:
خروج الحسين: سؤال الحرية؟
اليهود ودورهم في عصر الظهور:
الإخباريون وتدوين التراث التأريخي
كيفيّة‌ نزول‌ التوراة‌ علی النبيّ موسى‌، و ...
ثورة الحسين (عليه السلام) ... أهدافها ودوافعها

 
user comment