عربي
Thursday 28th of March 2024
0
نفر 0

دور أهل البيت(ع) في تصحيح الفكر والعقيدة-2

 

 2 - ردّ خبر الواحد.
لمّا بلغ فاطمةالزهراءعليها السلام اجماع أبي بكر على منعها فَدَكَ، وانصرف عاملها منها، لاثت خمارها على رأسها، واشتملت بجلبابها، وأقبلت في لُمّةٍ من حفدتها ونساء قومها، تطأ ذيولها، ما تخرم مشيتها مشية رسول اللَّه صلى الله عليه وآله، فدخلت عليه وهو في حشدٍ من المهاجرين والأنصار وغيرهم، وكان مما قالت عليها السلام: أيُّها المسلمون، أأُغلب على إرثي؟! يا ابن أبي قحافة، أفي كتاب اللَّه أن ترث أباك ولا أرث أبي. لقد جئت شيئاً فرياً، أفعلى عمدٍ تركتم كتاب اللَّه، ونبذتموه وراء ظهوركم؟! إذ يقول: (وورث سليمان داود) 1 وقال فيما اقتصّ من خبر يحيى بن زكرياعليه السلام إذ يقول: (فهب لي من لدنك وليّاً* يرثني ويرث من آل يعقوب) 2 ، وقال: (وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب اللَّه ) 3 ، وقال: (يوصيكم اللَّه في أولادكم للذكر مثل حظّ الانثيين ) 4 ، وقال: (إن ترك خيراً الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقاً على المتقين ) 5 . وزعمتم أن لاحظوة لي ولا إرث من أبي، ولا رحم بيننا. أفخصّكم اللَّه بآية أخرج منها أبي صلى الله عليه وآله وسلم؟! أم تقولون أهل ملّتين لا يتوارثان؟! أولست أنا وأبي من أهل ملّة واحدة؟! أم أنتم أعلم بخصوص القرآن وعمومه من أبي وابن عمي؟!
وجاء في جواب أبي بكر:
إنّي أُشهد اللَّه، وكفى به شهيداً أنّي سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم يقول:نحن معاشر



1) النمل: 27/ 16
2) مريم: 19/ 5 و 6
3) الأنفال: 8/ 75
4) النساء: 4/ 11
5) البقرة: 2/ 180 

الأنبياء لا نورّث ذهباً ولا فضة، ولا داراً ولا عقاراً، وإنما نورّث الكتاب والحكمة والعلم والنبوة، وما لنا من طعمة فلولي الأمر بعدنا أن يحكم فيه بحكمه 1 . وقد جعلنا ما حاولته في الكراع والسلاح، يقاتل به المسلمون، ويجاهدون الكفار، ويجالدون المَرَدَة الفُجّار.
فجاء في جواب الزهراءعليها السلام:
سبحان اللَّه! ما كان أبي رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم عن كتاب اللَّه صادفاً، ولا لأحكامه مخالفاً، بل كان يتبع أثره، ويقفو سوره، أفتجمعون على الغدر اعتلالاً عليه بالزور؟! وهذا بعد وفاته، شبيه بما بُغي له من الغوائل في حياته. هذاكتاب اللَّه حَكَماًعدلاً،وناطقاًفصلاً،يقول: (يرثني ويرث من آل يعقوب ) 2



1) وجاء - أيضاً - أنّه قال: «إنّا معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة». ولم تقبل الزهراءعليها السلام حديث الخصم لأنّه يناقض كتاب اللَّه، وجاء به متفرّداً. قالت عائشة: إنّ الناس اختلفوا في ميراث رسول اللَّه، فما وجدوا عند أحدٍ من ذلك علماً، فقال أبو بكر: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم يقول: إنّا معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة. الصواعق المحرقة :34، كنز العمال 7:226 و235 و236. وقال ابن أبي الحديد: إنّ أكثر الروايات أنّه لم يروِ هذا الخبر إلّا أبو بكر وحده، ذكر ذلك معظم المحدثين، حتى إنّ الفقهاء في اصول الفقه أطبقوا على ذلك في احتجاجهم في الخبر برواية الصحابي الواحد. وقال شيخنا أبو علي: لا تقبل في الرواية إلّا رواية اثنين كالشهادة.شرح ابن أبي الحديد 16: 227.. وقال السيد المرتضى : إنّ الخبر لا يخرج من أن يكون غير موجب للعلم، وهو في حكم أخبار الآحاد، وليس يجوز أن يرجع عن ظاهر القرآن بما يجري هذا المجرى ، لأنّ المعلوم لا يُخَصّ إلّا بمعلوم، وإذا كانت دلالة الظاهر معلومة لم يجز أن يرجع عنها بأمر مظنون. الشافي 4: 66.. وقال الشيخ الطوسي: إنّ هذا الخبر خبر واحد، لم يروه إلّا أبو بكر، وخبر الواحد لا يجوز قبوله عندنا في موضع من المواضع، ولو قبلناه لما قبلناه في تخصيص القرآن وترك عمومه. تلخيص الشافي 3: 137 - 138.
2) مريم: 19/ 6

ويقول: (وورث سليمان داود ) 1 فبيّن عزّ وجل فيما وزّع من الأقساط، وشرّع من الفرائض والميراث، وأباح من حظّ الذُّكران والإناث، ما أزاح علّة المبطلين، وأزال التظنّي والشُّبهات في الغابرين، كلا بل سوّلت لكم أنفسكم أمراً فصبرٌ جميل واللَّه المستعان على ما تصفون 2 .
3 - بيان ما كان معلّقاً بشرط.
عن محمد بن موسى بن نصر الرازي، عن أبيه، قال: سئل الرضاعليه السلام عن قول النبي صلى الله عليه وآله:أصحابي كالنجوم، بأيّهم اقتديتم اهتديتم.وعن قوله صلى الله عليه وآله: دعوا لي أصحابي. فقال عليه السلام: هذا صحيح، يريد من لم يغيّر بعده ولم يبدّل. قيل: وكيف نعلم أنّهم قد غيّروا وبدّلوا ؟ قال: لما يروونه من أنّه صلى الله عليه وآله قال: ليذادنّ رجال من أصحابي يوم القيامة عن حوضي، كما تذاد غرائب الإبل عن الماء، فأقول: يا ربّ أصحابي أصحابي؛ فيقال لي: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فيؤخذ بهم ذات الشمال، فأقول: بعداً لهم وسحقاً. أفترى هذا لمن لم يغيّر ولم يبدّل؟ 3 .



1) النمل: 27/ 16
2) راجع تفصيل ذلك في خطبة الزهراءعليها السلام، وقد رواها ابن طيفور في بلاغات النساء: 21. والسيد المرتضى في الشافي 4: 69 - 77. والشيخ الطوسي في تلخيص الشافي 3: 139 - 143، والطبري في الدلائل: 109/ 36، والخوارزمي في مقتل الحسين 7 1: 77، وابن الأثير في منال الطالب في شرح طوال الغرائب: 501 - 507، والسيد ابن طاوُس في الطرائف: 263/ 268، والاربلي في كشف الغمة 1: 480، والطبرسي في الاحتجاج: 97. وابن أبي الحديد في شرح النهج 16: 211 - 213 و 249 و 252، والمجلسي في بحار الأنوار 29: 220/ 8، وكحّالة في أعلام النساء: 3: 1208. وروى بعض مقاطعها الشيخ الصدوق في علل الشرائع: 248/ 2 و 3 و 4، وأشار إليها المسعودي في مروج الذهب 2: 304
3) عيون أخبار الرضاعليه السلام 2: 87/33

4 - بيان الخاصّ والعامّ والمفصّل والمجمل.
عن مهران بن أبي نصر، عن أخيه رباح، قال: قلت لأبي عبد اللَّه عليه السلام: إنّا نروي بالكوفة أنّ علياً صلوات اللَّه عليه قال: إنّ من تمام الحجّ والعمرة أن يحرم الرجل من دويرة أهله. فهل قال هذا علي عليه السلام؟ فقال: قد قال ذلك أمير المؤمنين عليه السلام لمن كان منزله خلف المواقيت، ولو كان كما يقولون، ما كان يمنع رسول اللَّه صلى الله عليه وآله أن لا يخرج بثيابه إلى الشجرة 1 . وعن سماعةبن مهران، قال:سألت أباعبداللَّه عليه السلام عن المأكول من الطير والوحش، فقال: حرّم رسول اللَّه صلى الله عليه وآله كلّ ذي مخلبٍ من الطير، وكلّ ذي نابٍ من الوحش. فقلت: إنّ الناس يقولون: من السبع؟ فقال لي: يا سماعة، السبع كلّه حرام، وإن كان سبع لا ناب له، وإنّما قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله هذا تفصيلاً 2 .
5 - بيان مفهوم الحديث أو شرح غريبه.
عن عبد المؤمن الأنصاري، قال: قلت لابي عبد اللَّه عليه السلام أنّ قوماً يروون أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله قال: اختلاف أمتي رحمة؟ فقال: صدقوا، فقلت:إن كان اختلافهم رحمة، فاجتماعهم عذاب؟! قال:ليس حيث تذهب وذهبوا، وإنما أراد قول اللَّه عزوجل: (فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِ ّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِى الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) 3 فأمرهم أن ينفروا إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وآله ويختلفوا إليه فيتعلّموا، ثمّ يرجعوا إلى قومهم فيعلّموهم.إنّما أراد اختلافهم من البلدان، لا اختلافاً في دين اللَّه، إنّما الدين واحد، إنّما الدين واحد 4 .



1) الكافي 4:322 /5
2) الكافي 6:247
3) التوبة:9/122
4) علل الشرائع: 85/4

وعن أبي إسحاق، قال: قلت لعلي بن الحسين عليهما السلام: ما معنى قول النبي صلى الله عليه وآله: من كنت مولاه فعليّ مولاه؟ قال: أخبرهم أنّه الامام بعده 1 . وعن أبان بن تغلب قال: سألت أبا جعفر محمد بن علي عليه السلام عن قول النبي صلى الله عليه وآله:من كنت مولاه فعلي مولاه. فقال: يا أبا سعيد، تسأل عن مثل هذا ؟! أعلمهم أنّه يقوم فيهم مقامه 2 . وعن المفضل بن عمر، قال: قلت لأبي عبد اللَّه عليه السلام: أخبرني عن قول رسول اللَّه صلى الله عليه وآله في فاطمةعليها السلام: إنّها سيدة نساء العالمين، أهي سيدة نساء عالمها؟ فقال: ذاك لمريم، كانت سيدة نساء عالمها، وفاطمة سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين 3 . وعن سليمان بن خالد، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام أنّه سئل عن قول رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: أعوذ بك من شرّ السامة والهامة والعامة واللامة. فقال: السامة: القرابة، والهامة: هوام الأرض، واللامة: لمم الشياطين، والعامة: عامة الناس 4 . وعن غياث بن إبراهيم، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي عليهم السلام قال: سئل أمير المؤمنين عليه السلام عن معنى قول رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: إنّي مخلّف فيكم الثقلين؛ كتاب اللَّه وعترتي. من العترة؟ فقال: أنا والحسن والحسين والأئمّة التسعة من ولد الحسين، تاسعهم مهديهم



1) معاني الأخبار: 65/1
2) معاني الأخبار: 66/2
3) معاني الأخبار: 107، بحار الانوار 43: 26/25
4) معاني الأخبار: 173، بحار الأنوار 95:141

وقائمهم، لا يفارقون كتاب اللَّه ولا يفارقهم حتى يردوا على رسول اللَّه حوضه 1 . وعن حماد بن عثمان، قال: قلت لأبي عبد اللَّه عليه السلام: جعلت فداك، ما معنى قول رسول اللَّه صلى الله عليه وآله:إن فاطمة أحصنت فرجها فحرّم اللَّه ذريتها على النار؟ فقال:المعتَقون من النار هم ولد بطنها: الحسن، والحسين، وزينب، وأُمّ كلثوم 2 . وعن مسمع أبي سيار، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام أنّ رجلاً قال له: إنّ من قبلنا يروون أنّ اللَّه عزّوجلّ يبغض بيت اللّحم؟ فقال: صدقوا، وليس حيث ذهبوا، إنّ اللَّه عزّوجلّ يبغض البيت الذي تؤكل فيه لحوم الناس 3 . والأمثلة في هذا المجال كثيرة، وقد أفرده الشيخ الصدوق بكتاب سمّاه (معاني الأخبار).


 

 

 

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

وتسلّط‌ ارباب‌ السوء
اليقين والقناعة والصبر والشکر
القصيدة التائية لدعبل الخزاعي
في رحاب أدعية الإمام الحسين (عليه السلام)
أقوال أهل البيت عليهم السلام في شهر رمضان
آيات ومعجزات خاصة بالمهدي المنتظر
علي الأكبر شبيه الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)
أوصاف جهنم في القرآن الكريم
ألقاب الإمام الرضا عليه السلام
التميميّون من أصحاب الحسين (عليه السّلام)

 
user comment