عربي
Wednesday 17th of April 2024
0
نفر 0

مصرع طلحة :

مصرع طلحة :

وخاض طلحة المعركة ، وهو يحرض جيشه على الحرب فبصر به مروان بن الحكم فرماه بسهم طلبا بثار عثمان ، فوقع على الارض يتخبط بدمه ، وكان مروان يقول لبعض ولد عثمان لقد كفيتك ثار أبيك من طلحة .

وأمر طلحة مولاه أن ياوي به الى مكان ينزل فيه فاوى به بعد مشقة الى دار خربة من دور البصرة فهلك فيها بعد ساعة.

قيادة عائشة للجيش :

وتولت عائشة قيادة الجيش بعد هلاك الزبير وطلحة ، وقد تفانت بنو ضبة والازد ، وبنو ناجية في حمايتها ، ويقول المؤرخون انهم هاموا بحبها فكانوا ياخذون بعر جملها ويشمونه ، ويقولون : بعر جمل أمنا ريحه ريح المسك . وكانوا محدقين به لا يريدون فوزا ولا انتصارا سوى حمايتها وان راجزهم يرتجز :

يا معشر الازد عليكم امكم *** فانها صلاتكم وصومكم


( 1 ) تاريخ ابن الاثير 3 / 97 . ( * )

[47]

والحرمة العظمى التي تعمكم *** فاحضروها جدكم وحزمكم

لا يغلبن سم العدو سمكم *** إن العدو ان علامكم زمكم

وخصكم بجوره وعمكم *** لا تفضحوا اليوم فداكم قومكم ( 1 )

وكانت تحرض على الحرب كل من كان على يمينها ومن كان على شمالها ، ومن كان أمامها قائلة : انما يصبر الاحرار .

وكان أصحاب الامام يلحون على أصحاب عائشة بالتخلى عنها وراجزهم يرتجز :

يا أمنا أعق أم نعلم *** والام تغذو ولدها وترحم

أما ترين كم شجاع يكلم *** وتختلي منه يد ومعصم

وكان أصحاب عائشة يردون عليهم ويقولون :

نحن بني ضبة أصحاب الجمل *** ننازل القرن اذا القرن نزل

والقتل أشهى عندنا من العسل *** نبغي ابن عفان باطراف الاسل

ردوا علينا شيخنا ثم بجل

واشتد القتال كاشد وأعنف ما يكون القتال ، وكثرت الجرحى وملئت أشلاء القتلى وجه الارض.

عقر الجمل :

وراى الامام ان الحرب لاتنتهي ما دام الجمل موجودا ، فصاح ( ع ) باصحابه اعقروا الجمل فان في بقائه فناء العرب ، وانعطف عله الحسن فقطع يده اليمنى وشد عليه الحسين فقطع يده اليسرى ( 2 ) فهوى الى جنبه وله عجيج منكر لم يسمع مثله ، وفر حماة الجمل في البيداء فقد تحطم صنمهم


( 1 ) شرح النهج 2 / 81.

( 2 ) وقعة الجمل ( ص 44 ) لمحمد بن زكريا . ( * )

[48]

الذي قدموا له هذه القرابين ، وأمر الامام بحرقه وتذرية رماده في الهواء لئلا تبقى منه بقية يفتتن بها السذج والبسطاء ، وبعد الفراغ من ذلك قال :

" لعنه الله من دابة فما أشبهه بعجل بني اسرائيل ! ! ".

ومد بصره نحو الرماد الذي تناهبه الهواء فتلا قوله تعالى : " وانظر الى الهك الذي ظلت عليه عاكفا لنحرقنه ثم لنفسنه في اليم نسفا ".

وبذلك فقد وضعت الحرب أوزارها ، وكتب النصر للامام وأصحابه وباءت القوى الغادرة بالخزي والخسران.

وأوفد الامام للقيا عائشة الحسن والحسين ومحمد بن أبي بكر ( 1 ).

فانطلقوا اليها فمد محمد يده في هودهجها فجفلت منه ، وصاحت به.

- من أنت ؟

- ابغض أهلك اليك.

- ابن الخثعمية ؟

- نعم أخوك البر.

- عقوق

- هل اصابك مكروه ؟

- سهم لم يضرني.

فانتزعه منها ، وأخذ بحطام هودجها ، وأدخلها في الهزيع الاخير من الليل الى دار عبد الله بن خلف الخزاعي على صفية بنت الحارث فاقامت فيه أياما.

العفو العام :

وسار علي في أهل البصرة سيرة رسول الله ( ص ) في أهل مكة


( 1 ) وقعة الجمل ( ص 45 ) . ( * )

[49]

- كما قال ( ع ) - فامن الاسود والاحمر - على حد تعبير اليعقوبي - ( 1 ) ولم ينكل باي أحد من خصومه ، وجلس للناس فبايعه الصحيح منهم والجريح ثم عمد الى بيت المال فقسم ما وجد فيه على الناس بالسواء .

وسار ( ع ) الى عائشة فبلغ دار عبد الله بن خلف الخزاعي الذي أقامت فيه عائشة ، فاستقبلته صفية بنت الحارثة شر لقاء فقالت له : يا علي يا قاتل الاحبة ايتم الله بنيك كما أيتمت بني عبد الله ، وكان قد قتلوا في المعركة مع عائشة فلم يجبها الامام , ومضى حتى دخل على عائشة ، فامرها أن تغادر البصرة وتمضي الى يثرب لتقر في بيتها كما أمرها الله .

ولما انصرف اعادت عليه صفية القول الذي استقبلته به فقال لها : لو كنت قاتل الاحبة لقتلت من في هذا البيت ، وهو يشير الى أبواب الحجرات المقفلة ، وكان فيها كثير من الجرحى ، وغيرهم من أعضاء المؤامرة ، قد آوتهم عائشة ، فسكتت صفية ، وأراد من كان مع الامام أن يبطشوا بهم فزجرهم زجرا عنيفا ، وبذلك فقد منح العفو لاعدائه وخصومه.

وسرح الامام عائشة تسريحا جميلا ، وأرسل معها جماعة من النساء بزي الرجال لتقر في بيتها حسب ما أمرها الله ، وقد رحلت عائشة من البصرة وأشاعت في بيوتها الثكل والحزن والحداد ، يقول عمير بن الاهلب الضبي وهو من أنصارها :

لقد أورثتنا حومة الموت أمنا *** فلم تنصرف الا ونحن رواء

اطعنا بني تميم لشقوة جدنا *** وما تيم الا أعبد واماء ( 2 )

لقد أوردت أم المؤمنين ابناءها حومة الموت ، فقد كان عدد الضحايا من المسلمين فيما يقول بعض المؤرخين عشرة آلاف نصفهم من أصحابها ،


( 1 ) تاريخ اليعقوبي 2 / 159.

( 2 ) مروج الذهب 2 / 256 . ( * )

[50]

والنصف الاخر من اصحاب الامام ( 1 ) وكان من اعظم الناس حسرة الامام لعلمه بما تجر هذه الحرب من المصاعب والمشاكل.

متارك الحرب :

واعقبت حرب الجمل افدح الخسائر ، واعظم الكوارث التي ابتلي بها المسلمون ومن بينها ما يلي.

1 - انها مهدت السبيل لمعاوية لمناجزة الامام ، والتصميم على قتاله ، فقد تبنى شعار معركة الجمل وهو المطالبة بدم عثمان ولولا حرب الجمل لما استطاع معاوية أن يعلن العصيان والتمرد على حكم الامام.

2 - انها اشاعت الفرقة والاختلاف بين المسلمين ، فقد كانت روح المودة والالفة سائدة فيهم قبل حرب الجمل ، وبعدها انتشرت البغضاء بين افراد الاسر العربية فقبائل ربيعة واليمن في البصرة اصبحت تكن اعمق البغض والكراهية لاخوانهم من ربيعة وقبائل اليمن في الكوفة وتطالبها بما اريق من دماء ابنائها بل اصبحت الفرقة ظاهرة شائعة حتى في البيت الواحد فبعض ابنائه كانوا شيعة لعلي والبعض الاخر كانوا شيعة لعائشة ، ويقول المؤرخون :

ان البصرة بقيت محتفظة بولائها لعثمان حفنة من السنين ، وان الامام الحسين ( ع ) انما لم ينزح إليها لما عرفت به من الولاء لعثمان.

3 - انها اسقطت هيبة الحكم ، وجرات على الخروج عليه ، فقد تشكلت الاحزاب النفعية ، التي لاهم لها الا الاستيلاء على السلطة والظفر بخيرات البلاد ، حتى كان التطاحن على الحكم من ابرز سمات ذلك العصر.


( 1 ) تاريخ الطبري 5 / 224 وفي رواية ابى العلاء في نساب الاشراف ج 1 ق 1 ص 180 ان عدد الضحايا عشرون الفا . ( * )

[51]

4 - انها فتحت باب الحرب بين المسلمين ، وقبلها كان المسلمون يتحرجون أشد ما يكون التحرج في سفك دماء بعضهم بعضا.

5 - انها عملت على تاخير الاسلام ، وشل حركته ، وايقاف نموه ، فقد انصرف الامام بعد حرب الجمل الى مقاومة التمرد والعصيان الذي اعلنه معاوية وغيره من الطامعين في الحكم مما ادى الى افدح الخسائر التي مني بها الاسلام ، يقول الفيلسوف ( ولز ) : ان الاسلام كان ان يفتح العالم اجمع لو بقي سائرا سيرته الاولى ، لو لم تنشب في وسطه من اول الامر الحرب الداخلية ، فقد كان هم عائشة ان تقهر عليا قبل كل شئ . " ( 1 ) 6 - واستباحت هذه الحرب حرمة العترة الطاهرة التي قرنها النبي ( ص ) بمحكم التنزيل ، وجعلها سفن النجاة ، وامن العباد ، فمنذ ذلك اليوم شهرت السيوف في وجه عترة النبي ( ص ) واستحل الاوغاد اراقة دمائهم ، وسبي ذراريهم فلم يرع بنو أمية في وقعة كربلا اي حرمة للنبي ( ص ) في ابنائه ، وانتهكوا معهم جميع الحرمات.

هذه بعض متارك حرب الجمل التي جرت للمسلمين افدح الخسائر في جميع فترات التاريخ.

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

الإمام [الباقر (عليه السلام )] في كلمات علماء ...
ظلال من غزوة بدر الكبرى
مناظرة هشام مع أبي عبيدة المعتزلي
مواصلة التشيع في خراسان .
الشيعة في أفغانستان
التشيّع في شرق أفريقية
السلاجقة والتشيع .
حكومة العلويين في طبرستان .
حتمية القتل في القيام الحسيني
خروج مسلم بن عقيل (عليه السلام) إلى الكوفة

 
user comment