عربي
Friday 19th of April 2024
0
نفر 0

مع اعرابي:

4 - مع اعرابي:

وقصده اعرابي فسلم عليه وسأله حاجته ، وقال : سمعت جدك يقول:

إذا سألتم حاجة فاسألوها من أربعة : أما عربي شريف ، أو مولى كريم ، أو حامل القرآن ، أو صاحب وجه صبيح ، فأما العرب فشرفت بجدك ، وأما الكرم فدأبكم وسيرتكم ، وأما القرآن ففي بيوتكم نزل ، وأما الوجه الصبيح فاني سمعت رسول الله ( ص ) يقول : إذا أردتم أن تنظروا الي فانظروا إلى الحسن والحسين.


( 1 ) عقد الآل في مناقب الآل للبحراني . ( * )

[131]

فقال له الحسين ( ع ) : ما حاجتك ؟

فكتبها الاعرابي على الارض .

فقال له الحسين ( ع ) : سمعت أبي عليا يقول : المعروف بقدر المعرفة فأسألك عن ثلاث مسائل إن أجبت عن واحدة فلك ثلث ما عندي ، وان أجبت عن اثنين فلك ثلثا ما عندى وان أجبت عن الثلاث فلك كل ما عندي ، وقد حملت الي صرة من العراق .

الاعرابي : سل ولا حول ولا قوة إلا بالله.

الامام الحسين : أي الاعمال أفضل ؟

- الايمان بالله.

- ما نجاة العبد من الهلكة ؟

- الثقة بالله.

- ما يزين المرء ؟

علم معه حلم.

- فان أخطأه ذلك ؟

- مال معه كرم.

- فان أخطأه ذلك؟

- فقر معه صبر.

- فان أخطأه ذلك؟

- صاعقة تنزل من السماء فتحرقه.

فضحك الامام ورمى اليه بالصرة ( 1 ).

5 - مع سائل:

ووفد عليه سائل فقرع الباب وأنشاء يقول:

لم يخب اليوم من رجاك ومن *** حرك من خلف بابك الحلقه


( 1 ) فضائل الخمسة من الصحاح الستة 3 / 268 . ( * )

[132]

أنت ذو الجود أنت معدنه *** أبوك قد كان قاتل الفسقه

وكان الامام واقفا يصلي فخف من صلاته ، وخرج إلى الاعرابي فرأى عليه أثر الفاقة ، فرجع ونادى بقنبر فلما مثل عندهه قال له : ما تبقى من نفقتنا ؟

قال : مائتا درهم أمرتني بتفرقتها في أهل بيتك .

فقال : هاتها فقد أتى من هو أحق بها منهم ، فاخذها ودفعها إلى الاعرابي معتذرا منه وهو ينشد هذه الابيات:

خذها فاني اليك معتذر *** واعلم بأني عليك ذو شفقة

لو كان في سيرنا عصا تمد اذن *** كانت سمانا عليك مندفقة

لكن ريب المنون ذو نكد *** والكف منا قليلة النفقة

فاخذها الاعرابي شاكرا وداعيا له بالخير ، وانبرى مادحا له:

مطهرون نقيات جيوبهم *** تجري الصلاة عليهم أينما ذكروا

وأنتم أنتم الاعلون عندكم *** علم الكتاب وما جاءت به السور

من لم يكن علويا حين تنسبه *** فما له في جميع الناس مفتخر ( 1 )

هذه بعض بوادر كرمه وسخائه وهي تكشف عن مدى تعاطفه وحنوه على الفقراء ، وأنه لم يبغ أي مكسب سوى ابتغاء مرضاة الله والتماس الاجر في الدار الآخرة . . . وبهذا ينتهي بنا الحديث عن بعض نزعاته وصفاته التي بلغ بها ذروة الكمال المطلق ، واحتل بها قلوب المسلمين فهاموا بحبه والولاء له.

عبادته وتقواه:

واتجه الامام الحسين ( ع ) بعواطفه ومشاعره نحو الله فقد تفاعلت


( 1 ) تاريخ ابن عساكر 4 / 323 - 324 . ( * )

[133]

جميع ذاتياته بحب الله والخوف منه ، ويقول المؤرخون : إنه عمل كل ما يقر به إلى الله فكان كثير الصلاة والصوم والحج والصدقة وأفعال الخير ( 1 ).

ونعرض لبعض ما أثر عنه من عبادته واتجاهه نحو الله:

أ - خوفه من الله :

كان الامام ( ع ) في طليعة العارفين بالله ، وكان عظيم الخوف منه شديد الحذر من مخالفته حتى قال له بعض أصحابه:

" ما أعظم خوفك من ربك ؟ ! ! "

فقال ( ع ) : " لا يأمن يوم القيامة الا من خاف الله في الدنيا . . . " ( 2 ).

وكانت هذه سيرة المتقين الذين أضاؤا الطريق ، وفتحوا آفاق المعرفة ، ودللوا على خالق الكون وواهب الحياة.

ب - كثرة صلاته وصومه:

كان ( ع ) أكثر أوقاته مشغولا بالصلاة والصوم ( 3 ) وكان يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة - كما حدث بذلك ولده زين العابدين - ( 4 ) وكان يختم القرآن الكريم في شهر رمضان ( 5 ) وتحدث ابن الزبير عن عبادة الامام فقال : " أما والله لقد قتلوه طويلا بالليل قيامه كثيرا في النهار صومه " ( 6 ).


( 1 ) تهذيب الاسماء 1 / 163.

( 2 ) اعيان الشيعة 4 / 104 ، ريحانة الرسول ( ص 85 ).

( 3 ) تهذيب الاسماء 1 / 163 ، خطط المقريزي 2 / 285.

( 4 ) تاريخ اليعقوبي 2 / 219 ، تاريخ ابن الوردي 1 / 173.

( 5 ) سير اعلام النبلاء 3 / 193.

( 6 ) تاريخ الطبري 6 / 273 . ( * )

[134]

ج - حجه:

كان الامام ( ع ) كثير الحج وقد حج خمسا وعشرين حجة ماشيا على قدميه ( 1 ) وكانت نجائبه تقاد بين يديه ( 2 ) وكان يمسك الركن الاسود ويناجي الله ويدعو قائلا:

" إلهي أنعمتني فلم تجدني شاكرا ، وابتليتني فلم تجدني صابرا ، فلا أنت سلبت النعمة بترك الشكر ، ولا أدمت الشدة بترك الصبر ، إلهي ما يكون من الكريم إلا الكرم . . . " ( 3 ).

وخرج ( ع ) معتمرا لبيت الله فمرض في الطريق فبلغ ذلك أباه أمير المؤمنين ( ع ) وكان في يثرب فخرج في طلبه فأدركه في ( السقيا ) وهو مريض فقال له:

" يا بني ما تشتكي ؟ ".

" أشتكي رأسي ".

فدعا أمير المؤمنين ببدنة فنحرها وحلق رأسه ورده إلى المدينة ، فلما أبل من مرضه قفل راجعا إلى مكة واعتمر ( 4 ) هذا بعض ما أثر من طاعته وعبادته.


( 1 ) تاريخ ابن عساكر 13 / 254 ، سير أعلام النبلاء 3 / 193 مجمع الزوائد 9 / 201 ، تهذيب الاسماء 1 / 163 ، مناقب ابن المغازلي رقم الحديث 64 ، مختصر صفوة الصفوة ( ص 62 ).

( 2 ) صفوة الصفوة 1 / 321 ، طبقات الشعراني 1 / 23 ، تاريخ ابن عساكر 13 / 54.

( 3 ) الكواكب الدرية 1 / 58.

( 4 ) دعائم الاسلام 1 / 395 . ( * )

[135]

د - صدقاته:

كان ( ع ) كثير البر والصدقة ، وقد ورث أرضا وأشياء فتصدق بها قبل أن يقبضها ( 1 ) وكان يحمل الطعام في غلس الليل إلى مساكين أهل المدينة ( 2 ) لم يبتغ بذلك إلا الاجر من الله ، والتقرب اليه ، وقد المعنا - فيما سبق - إلى كثير من الوان بره واحسانه.

مواهبه العلمية:

ولم يدان الامام الحسين ( ع ) أحد في فضله وعلمه فقد فاق غيره بملكاته ومواهبه العلمية ، وقد انتهل وهو في سنه المبكر من نمير علوم جده التي أضاءت آفاق هذا الكون ، كما تتلمذ على يد أبيه الامام أمير المؤمنين باب مدينة علم النبي ( ص ) وأعلم الامة ، وأفقهها بشؤون الدين ، وورد في الحديث " كان الحسن والحسين يغران العلم غرا " ( 3 ) وقال حبر الامة عبد الله بن عباس : " الحسن من بيت النبوة وهم ورثة العلم " ( 4 ).

وقال بعض من ترجمه : " كان الحسن أفضل أهل زمانه في العلم والمعرفة بالكتاب والسنة " ( 5 ) ونعرض - بايجاز - لبعض شؤونه العلمية


( 1 ) دعائم الاسلام 2 / 337.

( 2 ) تذكرة الخواص ( ص 264 ).

( 3 ) النهاية لابن الاثير مادة : غر.

( 4 ) الثائر الاول في الاسلام ( ص 10 ).

( 5 ) الكواكب الدرية 1 / 58 . ( * )

[136]

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

المقال الذي سبب أزمة فى مصر
مناظرة الشيخ المفيد مع أبي القاسم الداركي في حكم ...
الليلة الوحيدة في التأريخ
الحكومة البويهية والتشيع .
تاريخٌ يلازم الناشئة العراقية
ما المقصود بليلة الهرير؟
عید الاضحی المبارك
المحاولات اليهودية لعرقلة انتشار الإسلام
في رحاب نهج البلاغة (الإمام علي عليه السلام ...
لماذا هاجر الحسين (ع) من المدينة ؟

 
user comment